وزارة الخارجية الكويتية النشأة والتطور

وزارة الخارجية الكويتية  النشأة والتطور

تقاس قيمة الأعمال التوثيقية بأهمية الموضوع المراد توثيقه وما يبني عليه الكاتب ويضيف له من وثائق جديدة وقراءة مختلفة للموضوع. أراد المؤلف أن يقدم إضافة جديدة للمكتبة العربية بموضوع لم يخدم من قبل لواحدة من أهم وزارات الدولة - وزارة الخارجية الكويتية - لما قامت به من أدوار إيجابية شهد لها في المحافل الدولية، أراد المجرن لهذا العمل أن يكون مرجعًا شاملًا متكاملًا من جهة، وأن تكون محاولة يوثق بها نشأة وتطور وزارة الخارجية الكويتية من جهة أخرى، حيث أرفق الكاتب العديد من الملاحق التي تحتوي على عدد من المراسيم والوثائق المهمة.  

لعل‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬خبرة‭ ‬الكاتب‭ ‬وعمله‭ ‬سفيرًا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬وزيرًا‭ ‬للخارجية،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الفضل‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬خارطة‭ ‬نمو‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬نحو‭ ‬أهدافها‭ ‬المنشودة،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬إقليمي‭ ‬كبير‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬نشأة‭ ‬اتحاد‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية،‭ ‬مرورًا‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬نشأة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬دوره‭ ‬كعميد‭ ‬لوزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

 

الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭ ‬ونشأة‭ ‬دائرة‭ ‬الخارجية‭ ‬

‮«‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬الأغر‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬وطننا‭ ‬الحبيب‭ ‬الذي‭ ‬ينتقل‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬التاريخ،‭ ‬وتطوى‭ ‬مع‭ ‬انبلاج‭ ‬صبحه‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬وما‭ ‬انطوت‭ ‬عليه،‭ ‬لتفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬التي‭ ‬تقرأونها‭ ‬الآن،‭ ‬والتي‭ ‬نالت‭ ‬بموجبها‭ ‬الكويت‭ ‬استقلالها‭ ‬التام‭ ‬وسيادتها‭ ‬الكاملة‮»‬‭. ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الصباح،‭ ‬يوم‭ ‬الاستقلال‭ ‬19‭ ‬يونيو‭ ‬1961‭.‬

ومع‭ ‬نيل‭ ‬الكويت‭ ‬استقلالها‭ ‬اشترطت‭ ‬اتفاقية‭ ‬الاستقلال‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬بين‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الصباح‭ ‬والسير‭ ‬وليم‭ ‬لوس‭ ‬المقيم‭ ‬السياسي‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬إلغاء‭ ‬معاهدة‭ ‬الحماية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تربط‭ ‬الكويت‭ ‬ببريطانيا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1899،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬بروح‭ ‬الصداقة‭ ‬الوثيقة،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مما‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الاستقلال‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬حكومة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬إذا‭ ‬طلبت‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المساعدة‭.‬

وكان‭ ‬أحد‭ ‬ما‭ ‬فرضته‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة،‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬دائرة‭ ‬الخارجية‭ - ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬تسمى‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ -‬لتقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬إدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬وتوطيد‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬وإنشاء‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬وللبدء‭ ‬في‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬آنذاك‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭.‬

وكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬ترأس‭ ‬هذه‭ ‬الدائرة‭ ‬الجديدة‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬مرسوم‭ ‬إنشائها،‭ ‬هو‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬السالم‭ ‬الصباح،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمله‭ ‬رئيسًا‭ ‬للشرطة‭ ‬والأمن‭ ‬العام‭. ‬وعين‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الصباح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بمرسوم‭ ‬أميري‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الكويتي‭ ‬المؤهل‭ ‬للعمل‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬منهم‭: ‬جاسم‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬القطامي‭ ‬وكيلًا‭ ‬أول‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬السفراء،‭ ‬هم‭: ‬عيسى‭ ‬عبداللطيف‭ ‬العبدالجليل‭ ‬سفيرا‭ ‬لدى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬ملك‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وخالد‭ ‬الغنيم‭ ‬سفيرًا‭ ‬لدى‭ ‬صاحبة‭ ‬الجلالة‭ ‬الملكة‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية‭ ‬ملكة‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى،‭ ‬وعبدالرحمن‭ ‬سالم‭ ‬العتيقي‭ ‬سفيرًا‭ ‬مفوضًا‭ ‬لدى‭ ‬حكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬والسفير‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬سفيرًا‭ ‬لدى‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ (‬مصر‭) ‬ومندوبًا‭ ‬للكويت‭ ‬لدى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭. ‬

كانت‭ ‬الكويت‭ ‬قد‭ ‬رسمت‭ ‬آنذاك‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬عقلانية‭ ‬معتدلة‭ ‬تمسكت‭ ‬والتزمت‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬وهي‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول،‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬الجوار،‭ ‬والتمسك‭ ‬بالشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬وأسس‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬وتسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬عبر‭ ‬الحوار‭ ‬والطرق‭ ‬السلمية‭ ‬والعمل‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬ومبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

 

الكويت‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬

كان‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬هو‭ ‬تشكيل‭ ‬علاقات‭ ‬سياسية‭ ‬قوية‭ ‬تربط‭ ‬الكويت‭ ‬بالدول‭ ‬المحيطة‭ ‬بها‭ ‬أولًا‭ ‬وبالمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ثانيًا،‭ ‬ومما‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬نيل‭ ‬الاعتراف‭ ‬العربي‭ ‬والدولي‭ ‬في‭ ‬استقلالها،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تقدمت‭ ‬بطلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬يتوعد‭ ‬باستعادة‭ ‬الكويت‭ ‬التي‭ ‬اقتطعتها‭ ‬بريطانيا‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬اضطر‭ ‬إلى‭ ‬المواجهة‭ ‬المسلحة‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬ورغم‭ ‬تهديدات‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم‭ ‬انتصرت‭ ‬الكويت‭ ‬دبلوماسيًا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استعانت‭ ‬بالقوات‭ ‬البريطانية‭ ‬لحمايتها‭ ‬من‭ ‬أطماع‭ ‬العراق،‭ ‬وتم‭ ‬قبول‭ ‬طلب‭ ‬انضمامها‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يوليو‭ ‬1961‭.‬

وما‭ ‬أن‭ ‬حققت‭ ‬الكويت‭ ‬هدفها‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حتى‭ ‬بدأت‭ ‬السعي‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬واجهت‭ ‬ذات‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬عند‭ ‬محاولتها‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬استخدم‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭) ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قوات‭ ‬بريطانية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭. ‬ولكن‭ ‬وبعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم‭ ‬عام‭ ‬1963‭ ‬وما‭ ‬تبعه‭ ‬من‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الكويت‭ ‬وحلول‭ ‬القوات‭ ‬العربية‭ ‬مكانها،‭ ‬تغير‭ ‬موقف‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعارض‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتم‭ ‬قبول‭ ‬الكويت‭ ‬رسميًا‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬1963‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

 

إنجازات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الكويتية‭ ‬عربيًا‭ ‬ودوليًا

لعبت‭ ‬الكويت‭ ‬دورًا‭ ‬إيجابيًا‭ ‬ومهمًا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬أحدثت‭ ‬تغييرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬منها‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬الكويت‭ ‬آنذاك‭ ‬والأمير‭ ‬نواف‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬الذي‭ ‬خلفه‭ ‬سعود‭ ‬الفيصل‭ ‬في‭ ‬اتحاد‭ ‬الإمارات‭ ‬السبع‭ ‬والتي‭ ‬تكللت‭ ‬بالنجاح‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭. ‬ومن‭ ‬ثمرات‭ ‬السعي‭ ‬الدائم‭ ‬للكويت‭ ‬في‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬خطًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها،‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬قسم‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬إنشاء‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬فعّال‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬سياسيًا‭ ‬واقتصاديًا‭. ‬

يقول‭ ‬السفير‭ ‬عبدالله‭ ‬يعقوب‭ ‬بشارة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬عن‭ ‬نشأة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭:‬‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬كان‭ ‬للكويت‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬قدما‭ ‬لإنشاء‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬الخليجي؛‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1979م‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬الأردن،‭ ‬اتصل‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬بأشقائه‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وقدم‭ ‬لهم‭ ‬الأفكار‭ ‬الكويتية‭ ‬بشأن‭ ‬قيام‭ ‬وحدة‭ ‬خليجية،‭ ‬وتم‭ ‬النقاش‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬بشأن‭ ‬المقترح‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1980م‮»‬‭. ‬

ودوليًا؛‭ ‬حملت‭ ‬الكويت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬هموم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وكانت‭ ‬خير‭ ‬مدافع‭ ‬عن‭ ‬قضاياهم،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وحرب‭ ‬لبنان‭ ‬الأهلية‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬عضوًا‭ ‬غير‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬عامي‭ ‬1978‭-‬1979،‭ ‬وفوزها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعضوية‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬عامي‭ ‬2018‭-‬2019،‭ ‬لعبت‭ ‬خلال‭ ‬الفترتين‭ ‬الكويت‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬وتهدئة‭ ‬الأمور‭ ‬واستخدام‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬النزاعات‭ ‬سلميًا‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬العسكرية‭.‬

وكان‭ ‬الاختبار‭ ‬الحقيقي‭ ‬لدور‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الكويتية‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬1990‭ ‬حين‭ ‬حملت‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬حمل‭ ‬استعادة‭ ‬وطن‭ ‬كامل،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬العربية‭ ‬والدولية،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬رسالة‭ ‬الوطن‭ ‬التي‭ ‬استجاب‭ ‬لها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬القبول‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬أرضه،‭ ‬وإلزام‭ ‬العراق‭ ‬بنتائج‭ ‬اعتدائه‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الكويتية‭ ‬وانتهاكاته‭ ‬الإنسانية‭.‬

أعطت‭ ‬إنجازات‭ ‬سياسة‭ ‬الكويت‭ ‬الخارجية‭ ‬مساحة‭ ‬دولية‭ ‬أكبر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مساحتها‭ ‬الجغرافية،‭ ‬فقد‭ ‬أدت‭ ‬الكويت‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬عجزت‭ ‬عنها‭ ‬دول‭ ‬عظمى،‭ ‬واستطاعت‭ ‬بفضل‭ ‬دبلوماسيتها‭ ‬أن‭ ‬تنجو‭ ‬من‭ ‬محيط‭ ‬الحيتان‭. ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الكويت‭ ‬بحيادها‭ ‬الإيجابي‭ ‬وسعيها‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الخلافات‭ ‬ومساندتها‭ ‬الدائمة‭ ‬للدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬مركزًا‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني‭ ‬■