«خارج الإطار» في السينما فيلم «كيليكيس... دوار البوم» نموذجًا

«خارج الإطار» في السينما  فيلم «كيليكيس... دوار البوم» نموذجًا

تعني لفظة كيليكيس التي تمثّل عنوان الفيلم تلك الكلمة المشفرة التي ابتدعها السجناء لتمرير خطاب معيّن دون أن يدرك الحراس الأمر، ولكنْ للكلمة جذور في اللغة اليونانية، وفي الميثولوجيا الإغريقية، فكلمة كيليكيس، باليونانية، تعني نوعًا من الكؤوس التي كان اليونانيون القدامى يستخدمونها لاحتساء الخمر، وكانت تتميز بشكلها الدائري المجوف، وبمقبضيها المربعين للمساعدة على الإمساك بها من الجانبين، كما كانت الألوان الطاغية عليها متمثلة في الأسود والأحمر، فضلًا عن زركشتها بتطريزات ورسومات تحيل على الثقافة الإغريقية المتوارثة، وقد تطورت الكلمة إلى أن صارت «كيليكيس»، وتعني الكأس في اليونانية.

يحيل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬كيليكيس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬سيلكس‮»‬‭ ‬في‭ ‬موسوعة‭ ‬الأساطير‭ ‬الإغريقية‭ ‬إلى‭ ‬ابن‭ ‬الملك‭ ‬آجينور‭ ‬وتيليفاسا،‭ ‬وهو‭ ‬أخو‭ ‬قدموس‭ ‬وفينيكس‭ ‬وأوربا،‭ ‬التي‭ ‬خطفها‭ ‬زيوس،‭ ‬فأرسل‭ ‬الأب‭ ‬آجينور‭ ‬أبناءه‭ ‬الثلاثة‭ ‬للبحث‭ ‬عنها‭ ‬واسترجاعها،‭ ‬محذرًا‭ ‬إياهم‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬دونها،‭ ‬لكنّهم‭ ‬سيفشلون‭ ‬في‭ ‬المهمة،‭ ‬فقرر‭ ‬كيليكيس‭ ‬اختيار‭ ‬البقاء‭ ‬أو‭ ‬المنفى‭ ‬الاضطراري‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأناضول‭ ‬التي‭ ‬سميت‭ ‬قيليقية‭ ‬تَيَمُّنًا‭ ‬باسمه،‭ ‬فتزوج‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬ابن‭ ‬يدعى‭ ‬ثاسوس‭. ‬ما‭ ‬يهمنا‭ ‬من‭ ‬الإحالة‭ ‬على‭ ‬هاته‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬واردة‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬مؤلف‭ ‬الفيلم‭ ‬أو‭ ‬لا،‭ ‬هو‭ ‬سياقها‭ ‬التثاقفي‭ ‬المتداخل،‭ ‬بوصفه‭ ‬يرمي‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬غياهب‭ ‬عالم‭ ‬أسطوري‭ ‬غني‭ ‬يسوده‭ ‬الصراع‭ ‬والمغامرة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬كونية‭ ‬مرجعيته‭ ‬الرمزية،‭ ‬فاللفظة‭ ‬كيليكيس،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬شقها‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬كأس‭ ‬الخمر‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬شقها‭ ‬الأسطوري‭ ‬المتعلق‭ ‬بصراع‭ ‬الآلهة،‭ ‬لا‭ ‬تنفكّ‭ ‬عن‭ ‬ذاك‭ ‬الصراع‭ ‬الأنطولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يميّز‭ ‬الوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬علاقته‭ ‬بالانتشاء‭ ‬والانهزام،‭ ‬والخير‭ ‬والشر،‭ ‬والتضحية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الآخر،‭ ‬ولعنة‭ ‬التحمل‭.‬

فالفيلم‭ ‬يطرق‭ ‬باب‭ ‬معاناة‭ ‬المعتقلين‭ ‬السياسيين‭ ‬داخل‭ ‬أقبية‭ ‬سجنية‭ ‬انفرادية،‭ ‬مقفرة‭ ‬ومعتمة،‭ ‬في‭ ‬أقاصي‭ ‬مغرب‭ ‬‮«‬سنوات‭ ‬الرصاص‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عزلة‭ ‬مدبرة‭ ‬مقصودة،‭ ‬وسكوت‭ ‬مطبق‭ ‬حول‭ ‬المآل‭ ‬والمصير،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الوحدة‭ ‬تفترسهم،‭ ‬والموت‭ ‬يتربص‭ ‬بهم،‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬رمزية‭ ‬‮«‬البوم‮»‬‭ ‬الملحقة‭ ‬بالعنوان،‭ ‬والدالة‭ ‬على‭ ‬الحزن‭ ‬والظلام‭ ‬والانزواء‭ ‬الانفرادي‭ ‬والكآبة‭.‬

 

جمالية‭ ‬فريدة

يفتح‭ ‬هذا‭ ‬الشق‭ ‬شهية‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬التناول‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬استنباطه‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬الامتداد‭ ‬الإيتيمولوجي‭ ‬لمحتوى‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬كيليكيس‭.. ‬دوار‭ ‬البوم‮»‬‭ ‬للمخرج‭ ‬عزالعرب‭ ‬العلوي‭ ‬لمحارزي،‭ ‬وحسبانه‭ ‬مدخلا‭ ‬مُمَهِّدًا‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬مجال‭ ‬الصورة‭ ‬‮«‬Le hors champs‮»‬‭ ‬وداخله،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬السينمائية‭ ‬القليلة‭ ‬في‭ ‬الفيلموغرافيا‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تُعْنَى‭ ‬كليًا‭ ‬بهاته‭ ‬الجمالية‭ ‬الفريدة‭ ‬في‭ ‬السينما،‭ ‬والتي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬تخيّل‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة،‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬وربطه‭ ‬بالعناصر‭ ‬التي‭ ‬تكتسح‭ ‬مجال‭ ‬الشاشة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفسح‭ ‬مساحة‭ ‬مضاعفة‭ ‬للتأمل‭ ‬والتفكير‭ ‬والتخييل‭ ‬والتأويل،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬للبنية‭ ‬التأطيرية‭ ‬العامة‭ ‬للفيلم‭. ‬يتأسس‭ ‬المبدأ‭ ‬الجمالي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬عليه‭ ‬تأويل‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬‮«‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭ ‬السينمائية‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإطار‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬اختياره‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬المخرج‭ ‬لا‭ ‬يوضح‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬بداخله‭ ‬فحسب،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يحجب‭ ‬عنّا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬الإطار‭ ‬في‭ ‬توتّر‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يكمن‭ ‬خارج‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وهي‭ ‬فكرة‭ ‬فلسفية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المجاز‭ ‬الأفلاطوني‭ ‬في‭ ‬نظرية‭ ‬الكهف‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬تجاوز‭ ‬خداع‭ ‬الحواس،‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬جدل‭ ‬عقلي،‭ ‬صاعد‭ ‬وهابط،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬تحبسنا‭ ‬إياها‭ ‬الحواس‭.  ‬هكذا،‭ ‬يمكن‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬كيليكيس‭... ‬دوار‭ ‬البوم‮»‬‭ ‬ينبني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التهديد‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬ما‭ ‬تصوره‭ ‬الكاميرا‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التأثير،‭ ‬ورفع‭ ‬درجة‭ ‬الإحساس‭ ‬بالتعاطف‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نراه‭ ‬داخل‭ ‬الزنازين‭ ‬لدى‭ ‬المتفرج‭. ‬

يتخيل‭ ‬المتفرج‭ ‬وضعية‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬الأبواب،‭ ‬ومن‭ ‬يقبع‭ ‬في‭ ‬الظلال‭ ‬والظلام،‭ ‬فيتولد‭ ‬لديه‭ ‬الإحساس‭ ‬بأن‭ ‬التهديد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬التهديد‭ ‬بالفعل،‭ ‬وهي‭ ‬تقنية‭ ‬تبعدنا‭ ‬عن‭ ‬معاودة‭ ‬رؤية‭ ‬مناظر‭ ‬وأشكال‭ ‬التعذيب‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬معهودة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ (‬ما‭ ‬تتناقله‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون‭ ‬عن‭ ‬المعتقلات‭)‬،‭ ‬وبرع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أفلام‭ ‬السجون‭ ‬في‭ ‬تصويرها‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة؛‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬العالمية‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬المغربية‭.‬

نفهم‭ ‬أن‭ ‬فن‭ ‬التأطير‭ ‬يتأسس‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬التخلي،‭ ‬أي‭ ‬إقصاء‭ ‬عناصر‭ ‬معيّنة‭ ‬يتركها‭ ‬خارج‭ ‬الإطار،‭ ‬وانتقاء‭ ‬عناصر‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬يختارها‭ ‬المخرج‭ ‬لتثبيت‭ ‬حدود‭ ‬مرئية‭ ‬معيّنة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬الحدود‭ ‬اقتراح‭ ‬آخر‭ ‬لتجاوزها،‭ ‬فيصبح‭ ‬ذلك‭ ‬المجال‭ ‬المحدود‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬الموضوع‭ ‬الفيلمي‭ ‬على‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تضاعف‭ ‬معناه‭. ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬بنية‭ ‬الإطارات‭ ‬الفيلمية‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬فضاء‭ ‬السجن‭ ‬والقرية،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬أو‭ ‬الخارجي‭ ‬للمناظر‭ ‬والديكورات،‭ ‬وهي‭ ‬تكشف‭ ‬في‭ ‬عمقها‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬التجزيئي‭ ‬والوظيفي‭ ‬لعملية‭ ‬التقطيع،‭ ‬وإسهامه‭ ‬في‭ ‬إغناء‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭: ‬يفتح‭ ‬المخرج‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬النوافذ‭ ‬التي‭ ‬نرى‭ ‬عبرها،‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الفيلم،‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ (‬ما‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭)‬،‭ ‬وأخرى‭ ‬جانبية‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬واحدة‭ (‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬تفصل‭/‬تجمع‭ ‬المكان‭ ‬والإطار،‭ ‬فيصير‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الآخر‭. ‬وبهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬ووفقًا‭ ‬للزاوية‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬الكاميرا،‭ ‬يمكن‭ ‬إخفاء‭/ ‬إبراز‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬المخرج‭.‬

 

تهديد‭ ‬لامرئي

لم‭ ‬يقتصر‭ ‬الاهتمام‭ ‬بما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭ ‬على‭ ‬السينما‭ ‬والفنون‭ ‬السمعية‭ ‬البصرية‭ ‬الأخرى،‭ ‬بل‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬الفوتوغرافيين‭ ‬والتشكيليين‭ ‬أيضا،‭ ‬وهي‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬تمتح‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المَشَاهِد‭ ‬واللقطات؛‭ ‬إذ‭ ‬نستشف‭ ‬بسرعة‭ ‬أن‭ ‬الجنود‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬السجن‭ ‬ليسوا‭ ‬وحدهم،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬ظلالًا‭ ‬تلتصق‭ ‬بهم،‭ ‬وأشباحًا‭ ‬عالقة‭ ‬بأذهانهم،‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬صلاتهم‭ ‬بالمعتقلين‭ ‬إلا‭ ‬أثناء‭ ‬‮«‬الإطعام‮»‬‭ ‬البائس،‭ ‬أو‭ ‬سحب‭ ‬من‭ ‬يموت‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬‮«‬غرفته‮»‬‭ ‬النتنة‭. ‬هكذا،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الجنود‭ ‬الموجودين‭ ‬داخل‭ ‬السجن‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مداخل‭ ‬القرية‭ (‬الدَّوَّارْ‭) ‬المعزولة‭ ‬يتطلعون‭ ‬نحو‭ ‬يمين‭ ‬أو‭ ‬يسار‭ ‬الإطار‭ ‬لترقّب‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬محيط‭ ‬السجن‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬أو‭ ‬الخارج‭.‬

ويتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬اللامرئي‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬مرئي‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬عليها‭ ‬الانعكاسات‭ ‬المقرونة‭ ‬ببعض‭ ‬الأصوات،‭ ‬وهي‭ ‬مؤشرات‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تذهب‭ ‬إليه‭ ‬الكاميرا‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يثير‭ ‬مشاعر‭ ‬قوية‭ ‬للغاية‭ (‬التشويق،‭ ‬الخوف،‭ ‬القلق‭...) ‬لدى‭ ‬المتلقي‭.‬

من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الصورة‭ ‬المعروضة‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬تحدد‭ ‬الفضاء‭ ‬أو‭ ‬المساحة‭ ‬الفيلمية‭ ‬التي‭ ‬تمثّل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬افتراضية‭ ‬أو‭ ‬وهمية‭ ‬أو‭ ‬متخيلة‭ ‬يريد‭ ‬المخرج‭ ‬إعادة‭ ‬بنائها‭ ‬عبر‭ ‬التأطير‭ ‬والتركيب،‭ ‬فيصير‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭ ‬شاملًا‭ ‬لفضاء‭ ‬متحقق‭ ‬وآخر‭ ‬متخيل‭.‬

بناء‭ ‬عليه،‭ ‬فالفضاء‭ ‬الفيلمي‭ ‬المتحقق‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬كيليكيس‭... ‬دوار‭ ‬البوم‮»‬‭ ‬يشمل‭ ‬تلك‭ ‬القرية‭ ‬النائية‭ ‬وما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالفاعلين‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬وعلاقات‭ ‬يومية،‭ ‬وهو‭ ‬حاضن‭ ‬للمرتبطين‭ ‬بشخوص‭ ‬الفيلم‭ ‬وحركاتهم‭ ‬داخل‭ ‬القرية،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمهامهم‭ ‬داخل‭ ‬السجن‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬فيها؛‭ ‬لكن‭ ‬المفارقة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬جلّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفاعلين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬هواية‭ ‬من‭ ‬يقبع‭ ‬داخل‭ ‬السجن،‭ ‬ولا‭ ‬يعلمون‭ ‬عنهم‭ ‬شيئًا،‭ ‬ويجهلون‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬بالداخل‭ ‬باستثناء‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬السجن‭ ‬وأحد‭ ‬المقربين‭ ‬منه‭ ‬الذي‭ ‬يحفظ‭ ‬سجل‭ ‬المعتقلين،‭ ‬لكن‭ ‬المأساة‭ ‬ستنكشف‭ ‬ببعض‭ ‬المؤشرات‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬كقدوم‭ ‬الأم‭ (‬الممثلة‭ ‬نعيمة‭ ‬لمشرقي‭) ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬ابنها،‭ ‬مستعينة‭ ‬بالفقيه‭ (‬الممثل‭ ‬محمد‭ ‬الرزين‭) ‬الذي‭ ‬يتكفل‭ ‬بتغسيل‭ ‬ودفن‭ ‬الموتى‭ ‬من‭ ‬المساجين،‭ ‬والذي‭ ‬سيصاب‭ ‬بصدمة‭ ‬عظمى،‭ ‬ومعه‭ ‬بعض‭ ‬الحراس‭ (‬الممثل‭ ‬حسن‭ ‬بديدة‭)‬،‭ ‬حينما‭ ‬يكتشف‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الموتى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬ابنه‭ ‬المختفي،‭ ‬فيصاب‭ ‬بأزمة‭ ‬حزن‭ ‬شديد‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ستقوده‭ ‬نحو‭ ‬الموت‭... ‬والنتيجة،‭ ‬أن‭ ‬قساوة‭ ‬ما‭ ‬تخفيه‭ ‬الزنازين‭ ‬المغلقة‭ ‬يتم‭ ‬كشفه‭ ‬عبر‭ ‬مآسي‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬الذين‭ ‬يتحولون‭ ‬إلى‭ ‬سجناء‭ ‬مع‭ ‬وقف‭ ‬التنفيذ،‭ ‬أو‭ ‬وفق‭ ‬تنفيذ‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭.‬

 

يدعم‭ ‬الاشتغال‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬الخارجي‭ ‬للصورة‭ ‬المحتوى‭ ‬الفيلمي،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتوسيع‭ ‬المنظور‭ ‬كي‭ ‬يتم‭ ‬توسيع‭ ‬النطاق‭ ‬الافتراضي‭ ‬لحدود‭ ‬الإطار،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬تفجير‭ ‬مَعَالِم‭ ‬الفيلم‭ ‬الخفية،‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬المخرج‭ ‬اختار‭ ‬الترميز‭ ‬والتلميح‭ ‬بدل‭ ‬التصريح‭. ‬وتلك‭ ‬ميزة‭ ‬تقود‭ ‬العين‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬الشاشة،‭ ‬حيث‭ ‬يضاعف‭ ‬‮«‬المجال‭ ‬الخارجي‭ ‬للصورة‮»‬‭ ‬تراكبات‭ ‬الصور‭ ‬في‭ ‬الذهن،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬يسمح‭ ‬بالقيام‭ ‬بعملية‭ ‬مسح‭ ‬بصري‭ ‬شاملة‭ ‬للفيلم‭.‬

 

بيئة‭ ‬حاضنة

يختلق‭ ‬سيناريو‭ ‬الفيلم‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخروج‭ ‬بنا‭ ‬بشكل‭ ‬رومانتيكي‭ ‬خارج‭ ‬القرية‭ ‬المحاصرة‭ ‬والمراقبة‭ ‬كي‭ ‬يجعلنا‭ ‬نكتشف‭ ‬محيطها‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬خشونة‭ ‬الطبيعة‭ ‬وليونتها،‭ ‬بين‭ ‬التنوع‭ ‬والشحّ‭ ‬البيئي،‭ ‬وذلك‭ ‬لرسم‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التباين‭ ‬بين‭ ‬السجن‭ ‬ومحيطه،‭ ‬وإيجاد‭ ‬البيئة‭ ‬الحاضنة‭ ‬لتوقّعاتنا‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تربط‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬للفيلم‭ ‬بما‭ ‬يستدعيه‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬تجعل‭ ‬المتلقي‭ ‬يتساءل‭ ‬عن‭ ‬الدوافع‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬أولئك‭ ‬القابعين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القلعة‭ ‬السجنية‭ ‬الحصينة‭ ‬يعاقبون‭ ‬بتلك‭ ‬الطريقة،‭ ‬وحول‭ ‬المنظومة‭ ‬الجزائية‭ ‬التي‭ ‬رمت‭ ‬بهم‭ ‬هناك،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّة‭ ‬طرح‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭... ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الفيلم‭ ‬بالغ‭ ‬الذكاء‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬طرح‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭.‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القصة‭ ‬الرومانتيكية‭ ‬بين‭ ‬الشاب‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ (‬الممثل‭ ‬أمين‭ ‬الناجي‭) ‬والشابة‭ ‬الداعمة‭ ‬له‭ (‬الممثلة‭ ‬أسماء‭ ‬ساوري‭)‬،‭ ‬تنتهي‭ ‬بطريقة‭ ‬تَخَلُّصِيَّة‭ ‬عشوائية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬لدغة‭ ‬أفعى‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬العَاشق،‭ ‬فالهدف‭ ‬من‭ ‬التضحية‭ ‬قد‭ ‬تحقق،‭ ‬وانكشف‭ ‬المستور‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬تبعاته‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب‭ ‬الراهن‭.‬

تساهم‭ ‬العناصر‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬الإطار،‭ ‬وذلك‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬تخيل‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬مجال‭ ‬الصورة،‭ ‬والذي‭ ‬يمكن‭ ‬تصور‭ ‬حدوده‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كونه‭ ‬المتلقي‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬وعلاقات‭ ‬على‭ ‬فضاء‭ ‬الفيلم‭ ‬ومجتمعه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬نسج‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭ ‬الوهمية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬المحيط‭ ‬بالوجوه‭ ‬التي‭ ‬تمثّل‭ ‬البناء‭ ‬الهرمي‭ ‬لشخصيات‭ ‬الفيلم‭ (‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬السجن‭ ‬وآمره‭ ‬الأعلى‭ ‬إلى‭ ‬خدّامه‭ ‬والتابعين‭ ‬إليه،‭ ‬وسكان‭ ‬القرية،‭ ‬ومن‭ ‬يرتبط‭ ‬بهم‭). ‬

فضلًا‭ ‬عما‭ ‬سبق،‭ ‬يمكن‭ ‬تخيّل‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬تمثّل‭ ‬هندسي‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬‮«‬خلف‭ ‬الكاميرا‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرتبط‭ ‬بكل‭ ‬عنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الديكور،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬القلعة‭ ‬أم‭ ‬القرية،‭ ‬مرورًا‭ ‬بتلك‭ ‬القنطرة‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬تشييدها،‭ ‬والرامزة‭ ‬إلى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬تجاوز‭ ‬الآثار‭ ‬المؤلمة‭ ‬للماضي‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يتطلبه‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬جرأة‭ ‬وشجاعة‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نضيف‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬العناصر،‭ ‬أن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬‮«‬المعلوم‭/ ‬المجهول‮»‬‭ - ‬ليس‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬القلعة‭ ‬يعرف‭ ‬أسرارها‭ - ‬إلى‭ ‬الأفق‭ ‬الخارجي‭ ‬قد‭ ‬يمر‭ ‬حتمًا‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تجاوز‭ ‬حدود‭ ‬القرية‭ ‬أو‭ ‬الاختباء‭ ‬بها،‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬يظل‭ ‬منغلقًا‭ ‬ومنفتحًا‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬المغامرة‭ ‬التأويلية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تزودنا‭ ‬بها‭ ‬وضعية‭ ‬شخصية‭ ‬معيّنة‭ ‬كمأساة‭ ‬الفقيه‭ (‬الممثل‭ ‬محمد‭ ‬الرزين‭) ‬التي‭ ‬ترحل‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬فضاء‭ ‬القلعة‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬الحدود‭ ‬الممكنة‭ ‬مما‭ ‬يقع‭ ‬داخل‭ ‬فضاء‭ ‬الفيلم،‭ ‬والسفر‭ ‬وراء‭ ‬الأفق‭ ‬المفتوح‭ ‬على‭ ‬المآسي‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬بالداخل‭ ‬والخارج‭.‬

 

خاتمة

يحيل‭ ‬المجال‭ ‬الافتراضي‭ (‬الخارجي‭) ‬لما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬كيليكيس‭... ‬دوار‭ ‬البوم‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نسمعه‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نراه،‭ ‬لكنّه‭ ‬يظل‭ ‬حاضرًا‭ ‬بالقوة‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي،‭ ‬سواء‭ ‬بطريقة‭ ‬منغلقة‭ ‬أو‭ ‬منفتحة،‭ ‬واضحة‭ ‬أو‭ ‬مضببة،‭ ‬وهنا‭ ‬يمكن‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬الفيلسوف‭ ‬جيل‭ ‬دولوز‭ ‬بأن‭ ‬درجات‭ ‬انغلاق‭ ‬منظومة‭ ‬معيّنة،‭ ‬قد‭ ‬يزيل‭ ‬المظهر‭ ‬الخارجي‭ ‬فقط‭ ‬ويمنحه‭ ‬بطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬أهمية‭ ‬أكبر‭ ‬وأقوى،‭ ‬فكل‭ ‬تأطير‭ ‬يحدد‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬خارج‭ ‬الإطار‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬جدل‭ ‬بين‭ ‬داخل‭ ‬إطار‭ ‬الصورة‭ ‬وخارجها،‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عمّا‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬أندري‭ ‬بازان،‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مفهومين‭ ‬للإطار‭: ‬فهو‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬كذاكرة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تخزين‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وكإطار‭ ‬حاضن‭ ‬للأحداث‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

فالإطار‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬بمنزلة‭ ‬الذاكرة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬متجانسة‭ ‬تتواصل‭ ‬مختلف‭ ‬عناصرها،‭ ‬المرئية‭ ‬واللامرئية،‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وهو‭ ‬يعمل،‭ ‬أيضًا،‭ ‬كصورة‭ ‬لعزل‭ ‬النظام‭ ‬وتحييد‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬فيها‭ ‬الأحداث‭ ‬والوقائع‭ ‬الفيلمية‭. ‬ونجد‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المرجعية‭ ‬أصداء‭ ‬في‭ ‬فيلموغرافيا‭ ‬بعض‭ ‬المخرجين‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬رونوار‭ ‬وهيتشكوك،‭ ‬حيث‭ ‬يتجاوز‭ ‬لديهما‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الإطار‭ ‬حدود‭ ‬المجال،‭ ‬وهو‭ ‬المنطق‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬تشتغل‭ ‬به‭ ‬المنظومة‭ ‬الحبسية‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬بمختلف‭ ‬المكونات‭ ‬التي‭ ‬تؤطر‭ ‬النسيج‭ ‬العام‭ ‬للفيلم‭ ‬■