كشف أسرار 22 ظاهرة فلكية بمعابد الفراعنة .. الضوء يحدد التشكيل المعماري لآثار مصر القديمة

كشف أسرار 22 ظاهرة فلكية  بمعابد الفراعنة .. الضوء يحدد  التشكيل المعماري  لآثار مصر القديمة

اعتمد قدماء المصريين على ضوء الشمس في حياتهم، وفي عباداتهم أيضًا، وكانوا إذا أرادوا التعبير عن القوة العظيمة للشمس أطلقوا عليها اسم «رع»، وراحوا يصلٌون لـ «آمون رع» ... الذي أسموه «سيد الضوء». وحين قاد الملك أخناتون ثورة دينية غير مسبوقة، وانقلب على عبادة آمون رع، وكهنة طيبة، واتجه إلى تل العمارنة في المنيا بوسط صعيد مصر، ليتخذها مقرًا لحكمه، جعل من قرص الشمس ربًا يُعبَد، واختار له اسم «آتون».

أدى الضوء دورًا مهمًا في تحديد التشكيل المعماري لمعابد قدماء المصريين، وهناك علاقة كبيرة تربط بين علوم الفلك ووجهة كثير من آثار ملوك وملكات قدماء المصريين، نحو الشرق أو الغرب، وتشهد معظم المعابد المصرية، ظواهر فلكية متعددة، مثل تعامد الشمس، وتعامد القمر أيضًا.
وربط قدماء المصريين بين اتجاهاتهم ومبانيهم الدينية، ولعبت ملاحظة السماء دورًا جوهريًا - بحسب علماء الفلك والمصريات - في بناء تلك المباني من معابد ومقاصير وأهرامات، وربطوا بين العمارة وعلوم الفلك، فأقاموا المعابد وفقًا للنجوم والاتجاهات الأرضية الأصلية، واستخدمت المعابد كمراصد للنجوم وتسجيل الوقت.

ريادة قدماء المصريين لعلم الفلك
أثبتت الظواهر الفلكية التي جرى رصدها وتوثيقها داخل المعابد والمقاصير المصرية القديمة، ريادة قدماء المصريين لعلوم الفلك والهندسة، ومدى تمكنهم من تشييد معابدهم، بإعجاز فلكي وهندسي، جعل الشمس تتعامد فوق قدس أقداس كثير من المعابد، وفي أيام محددة من السنة، ليتزامن ذلك التعامد، مع مناسبات دينية وأعياد شعبية، وأحداث تاريخية، بعينها، في كل عام، مثل تعامد الشمس على قدس أقداس بعض المعابد، في يوم عيد الإله حورس، ويوم عيد الربّة حتحور، ويوم الانقلاب الصيفي وعيد الإله آمون، وغير ذلك من الأحداث التي عرفتها مصر الفرعونية.
وتمكّن فريق بحثي مصري، برئاسة الباحث المتخصص في رصد الظواهر الفلكية بالمعابد والمقاصير المصرية القديمة، د. أحمد عوض، وعضوية رئيس الجمعية المصرية للتنمية الأثرية والسياحية، أيمن أبوزيد، والباحث في علوم المصريات، الطيب عبدالله، من رصد 22 ظاهرة فلكية جديدة داخل معبد هابو، ومعبد الدير البحري، الذي شيّدته الملكة حتشبسوت، ومعبد إيزيس، المعروف باسم دير شلويط في الأقصر، ومعابد دير الحجر، وهيبس، وقصر غويطة في الوادي الجديد، ومعابد كلابشة وجبل السلسلة وإدفو في أسوان، ومعبد دندرة في قنا، بجانب الهرم الأكبر في الجيزة.

ظاهرة فلكية بالهرم الأكبر
من أبرز الظواهر الفلكية التي رصدها الفريق، الذي عمل بموافقة من اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار المصرية، أن يوم 27 فبراير من كل عام، يشهد تعامد أشعة شمس الظهيرة مع الهرم الأكبر، وسقوط تلك الأشعة، التي تمثّل طور الفتوة والشباب لمعبود الشمس الإله «رع حور آختي»، بنفس زاوية ميل واجهات الهرم الأكبر، ومنها يتم انعكاس الضوء على الواجهات الأربع للهرم، التي كانت ملساء ومصقولة وبيضاء اللون من الحجر الجيري، ليظهر ككتلة من الضوء المنعكس.
وتظل الواجهة الشمالية للهرم الأكبر، الذي شيّده الملك خوفو بمنطقة أهرامات الجيزة، مظلمة 137 يومًا في العام، وتعود الشمس لتضيئها طوال 228 يومًا.
ووفق الفريق البحثي، فإنّ اقتران الشمس على الهرم الأكبر، يتزامن مع يوم عيد ظهور المعبود حورس في الديانة المصرية القديمة، حيث تظل أشعة الشمس تضيء واجهات الهرم الأربع في وقت الظهيرة مدة 228 يومًا، ثم تظلم الواجهة الشمالية للهرم، نتيجة اختلاف زاوية ميل شعاع شمس الظهيرة، لتصبح أقل من زاوية ميل الواجهة الشمالية للهرم، فتصبح في منطقة الظل، وذلك بداية من يوم 14 أكتوبر الذي يوافق عيد المعبود «أوزير» (سيّد العالم الآخر في الديانات المصرية القديمة)، حيث تظلم الواجهة الشمالية للهرم الأكبر 137 يومًا، ليعود لها الضوء مجددًا بتعامد شمس الظهيرة عليها يوم 27 فبراير.

دلالة مهمة
تم رصد معجزة فلكية وهندسية فريدة، بمعابد هابو الفرعونية، غرب مدينة الأقصر، وهي أن أشعة الشمس تربط بين معابد الكرنك (مركز الكون بحسب المعتقدات الفرعونية) في شرق مدينة الأقصر، ومعابد مدينة هابو في غرب المدينة، ثم تسقط على أعمدة الصالة الثانية بمعابد هابو، لتضيء لوحات تمثّل الملك رمسيس الثالث وهو يقدّم القرابين للآلهة، وهو المشهد المنقوش على 8 أعمدة، حيث تضيء عمودًا تلو الآخر، من الجنوب إلى الشمال، وذلك في يومي الاعتدال الربيعي والخريفي، الموافقين لـ 21 سبتمبر و21 مارس في كل عام، وبالتزامن مع ما يسمى بمواكب الاحتفالات العشرية، التي كان الإله آمون يتحرّك خلالها من مقره بمعابد الكرنك، لزيارة «الأسلاف القدامى» الذين دفنوا في معابد هابو، وتصل أشعة الشمس بين المعبدين بزاوية 90 درجة.
وتحمل الظاهرة الجديدة بمعابد هابو دلالة دينية مهمة لدى المصري القديم، حيث تؤكد الدراسات التي توثّق رحلة الشمس في العالم الآخر، أن رحلة الشمس للعالم الآخر تتم على مدار الـ 12 ساعة، وهو ما يتوافق فلكيًا مع رحلة الشمس في يومي الاعتدالين الربيعي والخريفي، حيث يتساوى عدد ساعات الليل والنهار.

ظواهر معروفة
  تنضم تلك الظواهر الفلكية إلى ما سبقها من ظواهر معروفة، مثل تعامد الشمس على قدس أقداس معبد أبوسمبل جنوبي مدينة أسوان، لتضيء أشعة الشمس تمثال الملك رمسيس الثاني، في حدث فلكي يتكرر في شهري فبراير وأكتوبر من كل عام، وظاهرة تعامد شمس الظهيرة على الهرم الأكبر ومعابد دندرة في غرب مدينة قنا، وهيبس في الوادي الجديد، وإدفو في أسوان، وأبيدوس في سوهاج، ومعبدي بتاح ورمسيس الثالث، بمجموعة معابد الكرنك الشهيرة، بالتزامن مع ما يُعرف باسم الانتقال أو الانقلاب الصيفي للشمس، إيذانًا ببدء فصل الصيف لدى قدماء المصريين.
وتأتي تلك الظواهر الفلكية المتمثلة في تعامد الشمس على معابد الفراعنة في مدن مصر، مثل الأقصر وأسوان وقنا والوادي الجديد وغيرها من المدن التاريخية، بمنزلة تجسيد لـ «فلسفة النور» في مصر القديمة، وتقديس قدماء المصريين للشمس، وتؤكد براعتهم في علوم الفلك، وهي البراعة التي دلّنا عليها أيضًا ما تركوه من خرائط السماء المصورة أو المنحوتة على سقوف المقابر والمعابد، ومن جداول مؤرخة تشير إلى مواقع النجوم ليلًا، كما تشهد تقاويمهم ومعرفتهم الحقيقية بالسنة، بحجم الجهود التي كرّسوها لدراسة حركات الأجرام السماوية، كما رصدوا كسوف الشمس وخسوفها، لكنّه من الثابت أن توجيه المباني من معابد ومقصورات وأهرامات، أدى دورًا مهمًا في حياة قدماء المصريين.
وتدلنا الصور والنقوش التي وجدت على جدران معابدهم ومقابرهم، على أن جميع عمليات بناء المنشآت الدينية، كانت ترتبط بعمليات رصد النجوم، وذلك من أجل معرفة الوجهة الصحيحة للمعبد الذي يريدون تشييده، وقد وجدت جميع الأهرامات والمعابد والمقاصير القديمة التي تنتشر بطول محافظات مصر ذات اتجاهات خاصة.
واستضاف متحف الأقصر للآثار المصرية القديمة ومكتبة الإسكندرية معرضًا بعنوان «مقاصير الأفق المقدس» واحتوى على 28 لوحة توثّق تعامد الشمس على المقاصير والمعابد المصرية القديمة.

العجائب الفلكية السبع لمصر القديمة
اختارت الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية قائمة بأفضل سبعة مواقع أثرية، وأدرجتها ضمن قائمة أطلقت عليها «قائمة بالعجائب الفلكية السبع لمصر القديمة».
وتضمنت القائمة التي اختيرت بمعرفة فريق من علماء المصريات والأثريين وعلماء الفلك والهندسة، سبعة مواقع أثرية مصرية تشهد تعامدًا لأشعة الشمس في أيام محددة على مدار العام، في ظواهر فلكية لافتة.
وجاء الهرم الأكبر بالجيزة في المركز الثاني، ومعبد الكرنك في شرق الأقصر ثالثًا، ثم معبد الملكة حتشبسوت المعروف باسم «معبد الدير البحري»، في البر الغربي للأقصر رابعًا، ومعبد دندرة غرب مدينة قنا خامسًا، ثم معبد هابو غرب الأقصر سادسًا، وأخيرًا معبد إدفو شمال أسوان سابعًا.

الشمس والمعابد 
 في الحادي والعشرين من يونيو كل عام، يتابع الباحثون وعلماء المصريات واحدة من أكبر الظواهر الفلكية التي عرفتها مصر القديمة، حيث تتعامد شمس الظهيرة على ستة معابد مصرية قديمة، هي معابد دندرة في قنا، وهيبس في الوادي الجديد، وإدفو في أسوان، وأبيدوس في سوهاج، ومعبدا بتاح ورمسيس الثالث وسط مجموعة معابد الكرنك الشهيرة بمدينة الأقصر.
وفى ذلك اليوم تضيء التماثيل المقدسة وغرف تقديم القرابين، في مناسبة ما يعرف باسم الانتقال أو الانقلاب الصيفي للشمس، إيذانًا ببدء فصل الصيف لدى قدماء المصريين.
ويعيدنا غروب الشمس في اليوم ذاته من بين البوابتين الشرقيتين لمعابد الكرنك الفرعوني، في شرق مدينة الأقصر، في مشهد لافت، إلى ما عرفته مصر من أسرار وسحر وغموض وعلوم تفرّدت بها بين شعوب الأرض قبيل آلاف السنين.
وتعدّ مصر من أكثر الدول التي تحتوي مقاصدها الأثرية والسياحية على معالم تاريخية تؤرخ لعلوم الفلك عبر التاريخ، مثل منطقة النبطة جنوبي مدينة أبوسمبل، ومعبد دندرة بقنا.

الشمس تضيء ظلمة قدس أقداس 
«سيد النور»
وتضيء أشعة الشمس في يوم قدس أقداس الإله آمون «سيد النور»، وسط معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة في مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر.
وتتسلل أشعة الشمس من البوابة الشرقية للمعابد التي شيدت قبيل آلاف السنين، لينبثق نورها وسط ظلمات قدس الأقداس.
وتزامن ذلك الحدث الفلكي مع بداية فصل الشتاء، وتحل تلك الظاهرة الفلكية تارة في يوم 21 ديسمبر، وتارة في 22 منه، وتتغير من 21 إلى 22 ديسمبر مع حلول كل سنة كبيسة.

معبد سيدة السعادة
قادت المصادفة المصورة البلجيكية كارولينا عاموري، ورفيقتها الباحثة في علوم المصريات، إلى اكتشاف ظاهرة فلكية جديدة، بمعبد دندرة، المكرس لعبادة الربّة حتحور (سيدة السعادة) في مصر القديمة.
وعرضت عاموري، المقيمة بمدينة تورينو الإيطالية، صورًا ترصد ظاهرة تعامد شمس الظهيرة، على لوحة للربة حتحور، داخل معبد دندرة الذي كُرّسَ لعبادتها، في يوم عيد زوجها الإله حورس، بالتزامن مع تعامد شمس الظهيرة، على تمثال حورس، داخل قدس أقداس معبد إدفو، شمالي محافظة أسوان، وهو التعامد الذي يجري في يوم الانقلاب الصيفي كل عام.
وقالت عاموري، إنها كانت تقوم برحلة برفقة مواطنتها الباحثة في علوم المصريات دومينيك أنكور، داخل معالم معبد دندرة، ضمن مشروعها لرصد صور «النور» داخل المعابد المصرية، بصور بالأبيض والأسود، ولاحظت تعامد شمس الظهيرة رويدًا رويدًا على لوحة تمثّل الربّة حتحور في المعبد، ثم انتقلت الأشعة لتضيء لوحات أخرى، على أعمدة المعبد بشكل تدريجي، عبر فتحات في سقف المعبد، تسقط منها أشعة الشمس.
وعادت عاموري مرة أخرى للمعبد، بعد مرور خمسة أعوام من زيارتها الأولى، في توقيت التعامد ذاته الذي شهدته في السابق، ورأت الظاهرة نفسها تتكرر في 22 من يونيو، ثم عادت هذا العام، ورصدت الظاهرة ذاتها مجددًا، في إطار اهتمامها بتتبُّع حركة النور، ودخول الشمس إلى قلب المعابد المصرية القديمة، وهي اللوحات التي أقامت لها معرضًا خاصًا في مدينة تورينو، وحمل عنوان «النور... رع».
والربة حتحور هي زوجة الإله حورس، وفق المعتقدات المصرية القديمة، وكان انتقال حتحور من معبدها في دندرة إلى زوجها الإله حورس، بمعبده في إدفو، لتخليد زواجهما المقدس، مناسبة لاحتفالات عظيمة، ويشهد معبد الملكة حتشبسوت، في منطقة الدير البحري بغرب الأقصر، تعامدًا سنويًا للشمس على قدس أقداس المعبد، تزامنًا مع عيد الربّة حتحور.
و«حتحور» هي سيدة السعادة، وربّة الحب والفرح والموسيقى والخصوبة والولادة، لدى قدماء المصريين، وقد أقيمت مقصورات وصالات عدة لعبادتها داخل كثير من المعابد المصرية.

ظاهرة فلكية جديدة بالهرم الأكبر
في إطار دراسة علماء الفلك والعمارة والمصريات لعلاقة الظواهر الفلكية بوجه عام والشمس بوجه خاص بالعمارة المصرية القديمة وارتباطها بالمعتقدات السائدة لدى الفراعنة، كشفت دراسة حصلنا على نسخة منها من الباحث د. أحمد عوض - الذي تمكّن برفقة فريق بحثي من رصد 22 ظاهرة فلكية بمعابد ومقاصير قدماء المصريين، كما أسلفنا - أن الواجهة الشمالية للهرم الأكبر، الذي شيده الملك خوفو بمنطقة أهرامات الجيزة، تظل مظلمة 137 يومًا في العام، وتعود الشمس لتضيئها طوال 228 يومًا.
وأوضحت الدراسة أن يوم 27 فبراير الماضي، شهد اقتران (تعامد) أشعة شمس الظهيرة، مع الهرم الأكبر، مشيرًا إلى سقوط أشعة شمس الظهيرة، التي تمثّل طور الفتوة والشباب لمعبود الشمس الإله «رع حور آختي» بنفس زاوية ميل واجهات الهرم الأكبر، ومنها تم انعكاس الضوء على الواجهات الأربع للهرم الأكبر التي كانت ملساء ومصقولة وبيضاء اللون من الحجر الجيري، ليظهر ككتلة من الضوء المنعكس.
ويتزامن اقتران الشمس على الهرم الأكبر، مع يوم عيد ظهور المعبود حورس في الديانة المصرية القديمة، حيث تظل أشعة الشمس تضيء واجهات الهرم الأربع في وقت الظهيرة مدة 228 يومًا،  ثم تظلم الواجهة الشمالية للهرم نتيجة اختلاف زاوية ميل شعاع شمس الظهيرة، لتصبح أقل من زاوية ميل الواجهة الشمالية للهرم، فتصبح في منطقة الظل، وذلك بداية من يوم 14 أكتوبر الذي يوافق عيد المعبود «أوزير» (سيد العالم الآخر في الديانات المصرية القديمة)، حيث تظلم الواجهة الشمالية للهرم الأكبر مدة 137 يومًا، ليعود إليها الضوء مجددًا باقتران شمس الظهيرة عليها في يوم 27 فبراير.
ووفق الدراسة، فإن المقابر الملكية التي بنيت على شكل أهرامات، تعد تجسيدًا ماديًا لأشعة شمس الظهيرة التي تمثّل المعبود «رع حور آختي» وتختلف زاوية كل هرم عن الآخر، حسب رغبة كل ملك في الاقتران مع معبود الشمس في يوم عيد مختلف عن الاقتران مع الملوك الآخرين.

أشعة الشمس تربط بين معابد الكرنك وهابو 
من الظواهر الفلكية المثيرة في المعابد المصرية القديمة، تلك الظاهرة التي تشهدها معابد هابو في البرّ الغربي لمدينة الأقصر، الغنية بمئات المقابر وعشرات المعابد الفرعونية، في صعيد مصر، حيث تربط أشعة الشمس بين معابد الكرنك (مركز الكون بحسب المعتقدات الفرعونية) في شرق المدينة، ومعابد مدينة هابو في غرب المدينة، ثم تسقط على أعمدة الصالة الثانية، بمعابد هابو، لتضيء لوحات تمثّل الملك رمسيس الثالث وهو يقدم القرابين للآلهة، وهو المشهد المنقوش على 8 أعمدة، حيث تضيء عمودًا تلو الآخر، من الجنوب إلى الشمال، وذلك في يومي الاعتدالين الربيعي والخريفي، الموافقين لـ 21 سبتمبر و21 مارس في كل عام، وبالتزامن مع ما يسمى، بمواكب الاحتفالات العشرية، التي كان يتحرك خلالها الإله آمون من مقره بمعابد الكرنك لزيارة «الأسلاف القدامى» الذين دفنوا في معابد هابو.
وبحسب باحثين، فإن أشعة الشمس تَصِلُ ما بين المعبدين بزاوية مقدارها 90 درجة.
وتحمل تلك الظاهرة دلالة دينية مهمة لدى المصري القديم، حيث تؤكد الدراسات التي توثق رحلة الشمس في العالم الآخر، أن رحلة الشمس للعالم الآخر، تتم على مدار الـ 12 ساعة، وهو ما يتوافق فلكيًا مع رحلة الشمس، في يومي الاعتدالين الربيعي والخريفي، حيث يتساوى عدد ساعات الليل، مع عدد ساعات النهار.

مناسبة خاصة
تحدث الظاهرة في مناسبة دينية خاصة لدى المصري القديم، حيث تتوافق وأحد الأعياد العشرية، التي كانت تقام كل 10 أيام، والتي يتم فيها الإبحار من الضفة الشرقية إلى الضفة الغربية لزيارة الموتى والاحتفاء بهم، حيث تمثّل معابد هابو المقر الرئيسي لدفن الأسلاف الأولين التي صاحبت الإله آمون رع، في عملية خلق الكون، كما كان يعتقد الفراعنة.
كما تؤكد الظاهرة وجود بُعدٍ ديني وراء مختلف الظواهر الفلكية والهندسية بالمعابد المصرية، حيث يمثّل شعاع شروق الشمس الواصل ما بين معابد الكرنك ومعابد هابو تجسيدًا رمزيًا، لزيارة المعبود الشمسي آمون رع لمقر الموتى الأوائل، وفقًا للشعائر الدينية التي كانت تقام في الأعياد العشرية.
وتتضمّن الظاهرة الفلكية بمعابد هابو، سقوط أشعة الشمس على مناظر للملك رمسيس الثالث، وهو يقدّم القرابين إلى المعبودات المختلفة، وهي المناظر التي تم نُقشت بكل دقة على الأعمدة المقامة على شكل عيدان بنات البردي، الموجودة بالرواق الداخلي لصالة الأعمدة الثانية بمعابد هابو، في تأكيد أن المصري القديم قد شيّد أعمدة هذا الرواق وصور عليها مناظر الملك بنظام معماري دقيق وفقًا لحسابات فلكية تم من خلالها التحكم في مناطق الضوء والظل، حتى يتم إضاءة مناظر الملك على كل عمود من الجنوب إلى الشمال، في تتابع زمني دقيق.
كما تبرز الظاهرة، مدى براعة المصري القديم في علوم الهندسة والعمارة والفلك، حيث تَبعُدُ معابد الكرنك عن معابد هابو، بمسافة 5.5 كيلومترات، وهو ما يَصعُبُ معه تحديد موقع معابد هابو لتتحقق هذه الظاهرة في ظل الإمكانات البسيطة التي كانت بيد قدماء المصريين قبيل آلاف السنين ■

 

تعامد الشمس بمعبد هيبس

 

تعامد الشمس بمعبد دندرة

 

 

 

تعامد الشمس بمعبد الدير البحري

 

تعامد الشمس بمعبد دير الحجر

 

ظاهرة فلكية بمعابد هابو

 

تعامد الشمس بمعبد حتشبسوت

 

فريق رصد الظواهرالفلكية بمعابد الفراعنة