مساحة ود

مساحة ود

ليس جمودا.. ولكن لن أبيع

راحت صديقتي تحكي لي حكايات تافهة عن أثواب جديدة اشترتها.. وكأنما لاحظت عدم انبهاري بأحاديثها فأخذت تلوح بيدها وهي تستطرد.. ألم تلاحظي أيضا السوار الذهبي الجديد في معصمي؟، وأجبت كالبلهاء، حقيقة أنا ضعيفة الملاحظة ولكنه جميل على أية حال، واستطردت: إنه هدية من زوجي.. ووجدتني أقول: مبروك.. يا ترى عيد ميلادك أم عيد زواجك.. ضحكت.. بدون مناسبة إنه دائما يجيب طلباتي ولا يتردد.

وكيف تطلبين تلك الهدايا الثمينة؟ بشيء من الدلال.

وكنت أعرف أن صديقتي هذه لم تكمل تعليمها واختصرت الطريق وتزوجت.

ودعتني مرة أخرى إلى الغداء في منزلها.. ويوم الدعوة حرصت على أن استيقظ مبكرا وجهزت مطالب المنزل وبسرعة قمت بنظافة وإزالة الأتربة وغسلت أوراق النباتات التي أجمل بها الشرفة والحجرات وجهزت بعض المأكولات وذهبت إلى عملي وأنجزته.. وهرعت إليها ربما أساعدها في تجهيز الطعام.. وفوجئت ونحن قرب الظهيرة أنها ما زالت في حجرة النوم على وشك الاستيقاظ وقلت لنفسي: عظيم سيكون غداء بسيطا صحيا أو ربما يكون عشاء! وبعد الترحيب وتناول الشراب رفعت سماعة التليفون لتحدث زوجها واستمعت وكأنني أتعلم ما لم أكن أعلم.. حبيبي.. ممكن وأنت قادم أن تحضر معك كبابا وحماما مشويا مع السلطات وأي نوع من الحلوى فصديقة عمري ستتناول معنا الغداء.. وبعد قليل قدم الزوج وقابلته بابتسامة عريضة.. تعيش يا حبيبي.. تسلم لي يا روحي.. يا حبي.. يا عيني.. يا سيد الرجال.

انتهت زيارتي وأنا أتساءل: هل الرجل.. أي رجل.. ساذج إلى هذا الحد؟

ولو أني أرفض هذه السذاجة. فإني أرفض أن أبيع كلماتي لقاء أي شيء حتى لو كان ذهبا.

هل مفهوم الأنوثة أن تكون المرأة جوفاء العقل تنثر الكلمات والعبارات دون مضمون؟

أرجو قبل أن تجيب عن سؤالي أن تدرك أن تصرفي هذا ليس جمودا بل هو احترام لكيان المرأة ووجودها في الحياة. هو احترام لفكرها ولعقلها. إنه سمو بأرقى المشـاعر والعواطف والأحاسيس.

أرفض أن تبتذل المضامين عندما تتحول إلى كلمات وتصبح سلعة يتاجر بها.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات