مجلةُ العربيّ فِي الذَّاكرةِ الثَّقافيةِ للـعلاَّمة التَّازي

مجلةُ العربيّ فِي الذَّاكرةِ الثَّقافيةِ للـعلاَّمة التَّازي

مَعَ بدايةِ شهرِ أبريل من هذا العام، تحلُّ الذِّكْرَى السَّادِسَةِ لرحيلِ العلاّمةِ والدِّبلوماسيِّ والمؤرخِ والسّفيرِ والسّياسيِّ المغربيِّ د. عبدالهادي التّازي (15 يونيو 1921م ـ 2 أبريل 2015م)، الّذي يعدُّ واحدًا منْ أهمِّ الوجوهِ المُشْرقةِ فِي الثّقافةِ العربيّةِ المَغْرِبيّةِ الحَديثةِ والمُعَاصِرةِ في العَالمِ العَرَبيِّ نظرًا لما قدمهُ من اجتهاداتٍ وكتاباتٍ مُهمَّةٍ فِي الكَثِيرِ منْ صُنُوفِ المَعْرِفَةِ والثَّقَافَةِ؛ أهمّها الدّينُ والتّاريخُ والرّحلةُ والعمرانُ والتّفسيرُ والتّرجمةُ والدِّبْلُومَاسيةُ والتّواصُلُ الثَّقَافِيُّ.  ترك التازي مَا يزيدُ على 60 كتابًا فِي شتى صُنُوفِ المعرفةِ، فضلًا عن التّرجمةِ منَ الفرنسيةِ والإنجليزيةِ والتّقاريرِ والاستطلاعاتِ الّتِي قَدَّمَهَا للعديدِ منَ الهيئاتِ والمُنظمَاتِ والمَجلاتِ الثّقافيّةِ والأدَبيّةِ، ومنْ بينهَا مَجلةُ العَرَبِيِّ الّتِي تُعدُّ أَعْرقَ مَجَلَةٍ عَرَبِيَّةٍ. 

الحديث‭ ‬عن‭ ‬مجلةِ‭ ‬العربيِّ‭ ‬فِي‭ ‬الذَّاكِرةِ‭ ‬العَرَبيِّةِ‭ ‬عامة،‭ ‬والذّاكرة‭ ‬المغربيّة‭ ‬خاصة،‭ ‬أولى‭ ‬بالحديثِ‭ ‬عنْها‭ ‬في‭ ‬الذّاكرةِ‭ ‬الثّقافيّةِ‭ ‬للعلامةِ‭ ‬التّازي‭ ‬على‭ ‬الأخص،‭ ‬هو‭ ‬الأجدر‭ ‬به‭ ‬دون‭ ‬غيره؛‭ ‬ذلك‭ ‬أنّهَا‭ ‬فاعليةٌ‭ ‬ثقافيّةٌ‭ ‬لها‭ ‬سطوتها‭ ‬التّاريخيّة‭ ‬والثّقافيّة‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬باعتباره‭ ‬أول‭ ‬مراسلٍ‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬العربيّ،‭ ‬ولأنّ‭ ‬علاقتهُ‭ ‬بها‭ ‬راسخةٌ‭ ‬ومتجذرةٌ‭ ‬فِي‭ ‬الزّمنِ،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬تأسيسها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الكويت،‭ ‬حيثُ‭ ‬يقولُ‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭: ‬‮«‬سمعتُ‭ ‬بميلادِ‭ ‬مجلةِ‭ ‬العربيِّ‭ ‬وأنا‭ ‬بمدينةِ‭ ‬فاس،‭ ‬عندما‭ ‬التقيتُ‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬مؤتمرٍ‭ ‬دوليٍّ‭ ‬لليونسكو‭ ‬مع‭ ‬أخينا‭ ‬وزميلنا‭ ‬الراحل‭ ‬د‭. ‬أحمد‭ ‬زكي،‭ ‬الّذي‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬فارس‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ (‬العربيّ‭)‬،‭ ‬وهناك‭ ‬سمعتُ‭ ‬بمشروعهِ‭ ‬عن‭ ‬إصدار‭ ‬المجلة،‭ ‬واستمعت‭ ‬إلى‭ ‬مقترحاته‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬تتطلع‭ ‬إليه‭ ‬المجلة‭ ‬من‭ ‬مستقبل‮»‬‭. ‬

وبعد‭ ‬عودة‭ ‬د‭. ‬زكي‭ ‬مع‭ ‬الوفد‭ ‬المصريّ‭ ‬إلى‭ ‬بلاده،‭ ‬ثمّ‭ ‬سفره‭ ‬إلى‭ ‬الكويت،‭ ‬تمّ‭ ‬تعيينه‭ ‬عام‭ ‬1958م‭ ‬أوّل‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬لهذه‭ ‬المجلة‭ ‬الرّائدة،‭ ‬وبعد‭ ‬مباشرته‭ ‬عمله‭ ‬وصدور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أعداد‭ ‬ناجحة،‭ ‬فكّر‭ ‬في‭ ‬ذلكَ‭ ‬الشّاب‭ ‬الّذي‭ ‬استشاره‭ ‬ضمن‭ ‬خبراء‭ ‬آخرين،‭ ‬فبعثَ‭ ‬لهُ‭ ‬برسالةٍ‭ ‬خطّيةٍ‭ ‬مطولةٍ‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬أرجو‭ ‬أنْ‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أنت‭ ‬مراسلها،‭ (‬يقصد‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭)‬،‭ ‬وسأبذل‭ ‬كلّ‭ ‬الجهد‭ ‬لتخفيف‭ ‬أعبائها‭ ‬عنك،‭ ‬فأنتم‭ -‬‭ ‬لما‭ ‬فيكم‭ ‬من‭ ‬صفاتٍ‭ ‬شخصيةٍ‭ ‬ممتازةٍ‭ ‬ومن‭ ‬علوِّ‭ ‬ثقافةٍ،‭ ‬ومن‭ ‬شباب‭ ‬وقّاد،‭ ‬وفضلًا‭ ‬عن‭ ‬المركز‭ ‬الذي‭ ‬تشغلونه،‭ ‬ولما‭ ‬توطّد‭ ‬بيننا‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬الصّفاء‭ - ‬لكلّ‭ ‬هذا‭ ‬أنتم‭ ‬جديرون‭ ‬بأن‭ ‬تقوموا‭ - ‬عن‭ ‬إخلاص‭ - ‬بنفع‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭ ‬العربيّة‭ ‬الخالصة‮»‬،‭ ‬هكذا‭ ‬تمّ‭ ‬تعيين‭ ‬الشّاب‭ ‬عبدالهادي‭ ‬التّازي‭ ‬أوّل‭ ‬مراسل‭ ‬لمجلة‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬المغرب‭. ‬

ونشرت‭ ‬له‭ ‬أول‭ ‬دراسة‭ ‬علمية‭ ‬رصينة‭ ‬بالعدد‭ ‬السّادس‭ ‬في‭ ‬شوال‭ ‬1387هـ،‭ ‬بداية‭ ‬1959م،‭ ‬وكانت‭ ‬عن‭ ‬جامعته‭ ‬الّتي‭ ‬تخرّج‭ ‬فيها‭ ‬للتوّ،‭ ‬وظلّ‭ ‬يعتز‭ ‬بالانتماء‭ ‬إليها،‭ ‬وكانت‭ ‬الدّراسة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬أطروحته‭ ‬لنيل‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬التّي‭ ‬سينالها‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬بمصر‭ ‬عام‭ ‬1972م،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬المقترح‭ ‬عليّ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ (‬العربي‭) ‬كان‭ ‬طالع‭ ‬يُمنٍ‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ،‭ ‬لأنه‭ ‬سيمسي‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬أطروحتي‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬لنيل‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‮»‬‭. 

 

إلى‭ ‬الأمام

ثمّ‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬المجلة‭ ‬خمسة‭ ‬أعداد،‭ ‬لا‭ ‬ليعود‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بدراسة‭ ‬نقدية‭ ‬أكثر‭ ‬جدة،‭ ‬بل‭ ‬ليفسح‭ ‬المجال‭ ‬للمرأة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬صديقته‭ ‬في‭ ‬الدّراسة،‭ ‬وشريكته‭ ‬في‭ ‬الحياة؛‭ ‬حرمه‭ ‬الأستاذة‭ ‬ثريا‭ ‬بوطالب،‭ ‬لتنجز‭ ‬استطلاعًا‭ ‬بالعدد‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬الأول‭ ‬1379هـ‭/ ‬أكتوبر‭ ‬1959م‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬فتاة‭ ‬مغربية‭ ‬تتحدث‭: ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬حائرة‭ ‬بين‭ ‬حياء‭ ‬العرب‭ ‬وبهارج‭ ‬الغرب‮»‬‭. ‬وإذا‭ ‬دقّقنا‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬العلّامة‭ ‬عبدالهادي‭ ‬التّازي،‭ ‬فإنّنا‭ ‬نجد‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الّذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬زوجته،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬ردّ‭ ‬على‭ ‬رسالةٍ‭ ‬بعثها‭ ‬إليها‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬عقب‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬له‭ ‬لهذا‭ ‬البلد،‭ ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬إليها‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كنتِ‭ ‬تريدين‭ ‬أن‭ ‬تتكهّني‭ ‬بمستقبل‭ ‬الكويت،‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬تكوني‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬حضروا‭ ‬المهرجان‭ ‬الرّياضي‭ ‬الذي‭ ‬أقيم‭ ‬بعد‭ ‬ظهر‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬ثانوية‭ ‬الشويخ‭ ‬الرئيسي،‭ ‬فيه‭ ‬3304‭ ‬تلاميذ‭ ‬وتلميذات،‭ ‬لو‭ ‬رأيت‭ ‬الفتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬اعتدن‭ ‬أن‭ ‬يشاهدن‭ ‬أمهاتهن‭ ‬ملفعّات‭ ‬بالعبايات‭ ‬السود،‭ ‬لو‭ ‬رأيتهن‭ ‬بالشورتات‭ ‬والقمصان‭ ‬ذات‭ ‬الأكمام‭ ‬القصيرة‭ ‬لآمنت‭ ‬بما‭ ‬ينتظر‭ ‬الفتاة‭ ‬الكويتية‭ ‬بالخصوص‭ ‬من‭ ‬تطوّر‭... ‬سألخص‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬قصيرة‭ ‬تتلّخص‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬شعار‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬دائمًا‭: ‬‮«‬إلى‭ ‬الأمام‮»‬‭.   

وبعد‭ ‬هذا‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الذي‭ ‬وقّعته‭ ‬زوجته،‭ ‬سيعود‭ ‬التّازي‭ ‬إلى‭ ‬مجلة‭ ‬العربيّ‭ ‬بحضورٍ‭ ‬قويٍّ‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬أعدادها‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬سنوات‭ ‬طوال‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬النّاطق‭ ‬الرّسمي‭ ‬باسم‭ ‬مدينته‭ ‬فاس‭ ‬والمغرب‭ ‬العربيِّ،‭ ‬وكانت‭ ‬المجلة‭ ‬هي‭ ‬النّافذة‭ ‬التي‭ ‬يطلّ‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬قرائه‭ ‬عبر‭ ‬مقالاته‭ ‬ودراساته‭ ‬واستطلاعاته،‭ ‬فتمّ‭ ‬تعيينه‭ ‬أول‭ ‬مراسل‭ ‬مغربي‭ ‬لهذه‭ ‬المجلة‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬وقد‭ ‬مدّها‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬والأسرار‭ ‬البديعة،‭ ‬حتّى‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬كتّابها‭ ‬ودعائمها‭ ‬ورموزها‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬والعالم‭ ‬العربيّ‭. ‬

 

خير‭ ‬سفير‭ ‬للكويت

تكبر‭ ‬المجلة‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا،‭ ‬وتمضي‭ ‬السّنون،‭ ‬فيغضب‭ ‬حين‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أعدادها‭: ‬‮«‬طنجة‭: ‬تنقلك‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاستطلاع‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬غريبة‭... ‬مدينة‭ ‬فقدت‭ ‬وظيفتها‭ ‬فأصبحت‭ ‬عاطلة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭!!‬‮»‬،‭ ‬فيستغرب‭ ‬التّازي‭ ‬كيف‭ ‬تصبح‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬عاطلة‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬ولو‭ ‬حتّى‭ ‬بالمعنى‭ ‬المجازي؟‭ ‬ثمّ‭ ‬ينتشي‭ ‬ويفتخر‭ ‬حين‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أعدادها‭ ‬الموالية‭: ‬‮«‬فاس‭: ‬ثالث‭ ‬مدن‭ ‬المغرب‭... ‬عقله‭ ‬المفكر‭... ‬عاصمته‭ ‬الثّقافية‭... ‬ومتحفه‭ ‬الحيّ‭... ‬وينبوع‭ ‬العلم‭ ‬والتّفكير‭.. ‬ومهد‭ ‬الصّناعات‭ ‬التّقليدية‮»‬‭. ‬

أما‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬انتباهه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭ ‬فيؤكد‭: ‬‮«‬ما‭ ‬يثير‭ ‬انتباهي‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬أنّها‭ ‬حيّةٌ‭ ‬يقظة‭ ‬تعالج‭ ‬الأمور‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬لحظة‭... ‬إنّها‭ ‬تتميز‭ ‬بمسايرة‭ ‬الموكب‭ ‬العربيّ‭ ‬العالميّ‮»‬‭.‬

‭ ‬ويقول‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬اعترافاته‭ ‬الثقافية‭: ‬‮«‬ظللت‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بها؛‭ ‬سواء‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬أو‭ ‬طرابلس‭ ‬أو‭ ‬الإمارات‭ ‬أو‭ ‬طهران‭... ‬أعدتها‭ ‬وأمست‭ ‬لي‭ (‬نشوة‭)... ‬لقد‭ ‬أخذني‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬فيها‭: ‬توزيع‭ ‬موضوعاتها،‭ ‬وتوازنها،‭ ‬وخصوصيتها،‭ ‬ومبادرتها،‭ ‬وتصيّدها‭ ‬للفرصة‭ ‬المناسبة‭ ‬لتناول‭ ‬الموضوعات‭ ‬المناسبة،‭ ‬ولكأنّها‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬اختيارات‭ ‬القارئ‭ ‬وهواجسه،‭ ‬وإنّي‭ ‬لأعتز‭ ‬أيّما‭ ‬اعتزاز‭ ‬بأنني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬صداها‭ ‬إلى‭ ‬بلادي‭ ‬المغرب‮»‬‭. ‬

 

ذاكرة‭ ‬خصبة

كانت‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬ولا‭ ‬تزالُ‭ ‬ذاكرةً‭ ‬حيّةً‭ ‬خِصبةً‭ ‬حَاضرةً‭ ‬ومتوهجةً‭ ‬في‭ ‬الذّاكرةِ‭ ‬الثّقافيةِ‭ ‬لعبدالهادي‭ ‬التّازي،‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬حضوره‭ ‬القويّ‭ ‬في‭ ‬أعدادها‭ ‬المتجددة،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬ذاكرة‭ ‬حافظة‭ ‬لثقافة‭ ‬المغرب‭ ‬والعالم‭ ‬العربيّ،‭ ‬عبر‭ ‬أبوابها‭ ‬وزواياها‭ ‬وأعمدتها‭ ‬واستطلاعاتها‭ ‬المصورة‭ ‬وملفاتها‭ ‬القيّمة‭ ‬وحواراتها‭ ‬مع‭ ‬نجوم‭ ‬الثّقافة‭ ‬والأدب‭... ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬بوّأها‭ ‬مكانة‭ ‬الصّدارة‭ ‬بين‭ ‬المجلات‭ ‬العربيّة‭ ‬وجعلها‭ ‬في‭ ‬القمّة،‭ ‬متطورة‭ ‬ومتجددة‭ ‬رغم‭ ‬تجدد‭ ‬المواضيع‭ ‬والرّؤى‭ ‬والغزو‭ ‬التّكنولوجيّ‭ ‬والرّقميّ‭.‬

قدّم‭ ‬التّازي‭ ‬لمجلة‭ ‬العربي‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقدّمه‭ ‬لغيرها‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬من‭ ‬الكمّ‭ ‬القيّم‭ ‬والهائل‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬والدّراسات‭ ‬والاستطلاعات‭ ‬المهمة،‭ ‬وكان‭ ‬بحقّ‭ ‬وجهًا‭ ‬ثقافيًا‭ ‬مغربيًا‭ ‬مشرقًا‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬المشرق‭ ‬العربيّ‭ ‬وخير‭ ‬ممثله،‭ ‬وكان‭ ‬أشدّ‭ ‬حرصًا‭ ‬على‭ ‬تتبّعها،‭ ‬وأكثر‭ ‬إيمانًا‭ ‬بدبلوماسيتها‭ ‬الثّقافية‭ ‬ودورها‭ ‬الطّليعيّ‭ ‬في‭ ‬تثقيف‭ ‬القارئ‭ ‬العربيّ‭ ‬وفتح‭ ‬عينيه‭ ‬على‭ ‬مقومّات‭ ‬أمته‭ ‬الدّينية‭ ‬والقومية‭ ‬والعروبية‭ ‬والإنسانيّة‭.‬

كما‭ ‬يرجع‭ ‬له‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬جسور‭ ‬التّواصل‭ ‬الثّقافيّ‭ ‬بين‭ ‬الكويت‭ ‬والمغرب،‭ ‬وتمتين‭ ‬أواصره‭ ‬بين‭ ‬المشرق‭ ‬العربيّ‭ ‬ومغربه،‭ ‬والّذي‭ ‬كانت‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬واسطة‭ ‬عقده‭ ‬وأكاليل‭ ‬محبته،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬مهّد‭ ‬الجسر‭ ‬لهذا‭ ‬التّواصل‭ ‬المشعّ،‭ ‬لتأتي‭ ‬بعده‭ ‬أسماء‭ ‬مغربية‭ ‬جديدة‭ ‬وشابة؛‭ ‬منها‭ ‬أنور‭ ‬المرتجي،‭ ‬وأحمد‭ ‬زنبير،‭ ‬وعبدالرحيم‭ ‬العلام،‭ ‬وحسن‭ ‬المددي،‭ ‬وعبدالكريم‭ ‬الجويطي،‭ ‬وخالد‭ ‬التوزاني،‭ ‬وسعيد‭ ‬بكور،‭ ‬وغيرهم‭.‬

‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬تواصل‭ ‬مسيرتها‭ ‬التّنويرية‭ ‬بكل‭ ‬عزم‭ ‬وجدّ‭ ‬واقتدار‭ ‬■

العلّامة‭ ‬التازي‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬سابق‭ ‬عام 2003‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬إبراهيم‭ ‬المليفي

من‭ ‬مقالات‭ ‬د‭. ‬التازي‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬العربي