إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

الحرية..

الحرية كلمة مقدسة، لا يوجد شعب على وجه الخليقة إلا وناضل من أجلها، ولا يوجد كائن ما كان إلا وتراه يجاهد بشتى السبل، ومختلف الوسائل من أجل أن ينال حريته سواء كان بشرا أم أيا من مخلوقات الله عز وجل، فها نحن نـرى الطير لا يكف عن الاصطدام بحواجز القفص الذي قيدنا حريته فيـه، محاولا إيجاد (مخرج) وها هو الأسد لا يكف عن الزئير عند احتجازه معلنا غضبه وسخطه، وها هي القطة تبرز مخالبها استعدادا للمعركة عند اعتراض بني البشر لطريقها، وها هو الإنسان أكرم المخلوقات يقدم روحه من أجل أن ينال حريته، فلا طعم للحياة من دون الحرية.

شعوب كثيرة ناضلت وجاهدت وبذلت الغالي والنفيس من أجل أن تنال حريتها.. فالحرية أسمى المعاني، وأغلى الأمنيات، وأثمن المكاسب. والحرية لا تكون في حرية الجسد والتحرك فقط، بل هي حرية الدين والسياسة والفكر والتصرف والعمل، والمأوى، والتنقل.. إلى غير ذلك من الأنواع العديدة للحريات.

فالحرية غاية يستعذب بنو البشر شتى أنواع العذاب، للحصول عليها، كما أنها من أسس قيام الدساتير، وضمان بقاء الأمم. الحرية تاج يتحلى به بنو البشر ويفتخرون بارتدائه، وكم من شخصيات خلدها التاريخ في أنصع صفحاته، لا لشيء إلا لأنهم ناضلوا وكافحوا من أجل حرية بلادهم وبني وطنهم. والتاريخ العربي حافل بأسماء عديدة خلدها بين طياته، وجعل سيرتها العطرة، نبراسا ينير الطريق أمام المسترشدين بسبل الأوائل.

إن القوانين تقفيى بتقييد حرية من أذنب، عقابا له على ما ارتكبه من ذنب، وتقييد الحرية، هو أقسى وأشد أنواع العقاب، فما أصعب أن تقضي وقتك محاطا بحوائط لا تفقه شيئا. ما أقسى أن يسلب الإنسان حريته، وما أجمل أن يناضل الإنسان من أجل الحصول على حقه المشروع، فلا يحق لبشر أن يسلب بشرا حقه، ويقيد حريته.

ولقد أبدع الأستاذ مصطفى لطفي المنفلوطي في الجزء الأول من "النظرات" عندما تحدث عن الحرية قائلا: "الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس".

فمن عاش محروما منها عاش في ظلمة حالكة، يتصل أولها بظلمة الرحم، وآخرها بظلمة القبر.

الحرية هي الحياة ولولاها لكانت حياة الإنسان أشبه شيء بحياة اللعب المتحركة في أيدي الأطفال بحركة صناعية. ليست الحرية في تاريخ الإنسان حادثا جديدا، أو طارئا غريبا، وإنما هي فطرته التي فطر عليها عندما كان وحشا يتسلق الصخور، ويتعلق بأغصان الأشجار".

ما أروع الحرية وما أحلى أن يعيش الإنسان حرا في كل شيء..، لا أعتقد أن تعليقا أو تعقيبا، قد يضفي شيئا على ما قاله المنفلوطي، ولا أظن أن هناك وصفا للحرية، أرق وأجمل وأعذب..

اللهم أتمم نعمتك وصن لنا حريتنا، وأدم علينا فضلك وجودك وإحسانك.. اللهم آمين.

.. إلى أن نلتقي.. ودمتم في حفظ الله ورعايته أحرارا سالمن غانمين.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات