محمد ناجي... الفنان الدبلوماسي

محمد ناجي... الفنان الدبلوماسي

  يعدّ الفنان محمد ناجي (1888 - 1956) أحد الروّاد من الجيل الأول للإبداع المصري المعاصر، هذا الجيل الذي حفر عميقًا في مجرى نهر الفن الحديث.
 كان معه مثاّل مصر محمود مختار، ورائد «التأثيرية» المصرية يوسف كامل، وفنان التعبيرية الشعبية راغب عياد، ورائد فن البورتريه أحمد صبري والمصور والمثّال محمد حسن، وجميعهم قدّموا مساحة تواصلت مع المصري القديم واتجاهات الحداثة، وكانوا بداية الحركة التشكيلية التي انطلقت منها مذاهب وتيارات الفن المواكبة لروح العصر.

كان‭ ‬قدَر‭ ‬هذا‭ ‬الفنان‭ ‬الرائد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المؤسس‭ ‬الأول‭ ‬لفن‭ ‬التصوير‭ ‬المصري‭ ‬الحديث‭ ‬قبل‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬للفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬أنشئت‭ ‬عام‭ ‬1908،‭ ‬وأسس‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬لوحات‭ ‬ذات‭ ‬رؤية‭ ‬فنية‭ ‬متميزة،‭ ‬يعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1907‭.‬

في‭ ‬التاسعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬مثّل‭ ‬‮«‬حلم‭ ‬يعقوب‮»‬‭ ‬و‮«‬غار‭ ‬حراء‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬دارس‭ ‬مصري‭ ‬للفن‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬أكاديمية‭ ‬بفلورنسا‭ ‬عاصمة‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭ ‬الإيطالية،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1910‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1914‭ ‬بعد‭ ‬دراسته‭ ‬القانون‭ ‬بجامعة‭ ‬ليون‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ويعدّ‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬عرض‭ ‬أعماله‭ ‬بجدارة‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬الفنانين‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬عندما‭ ‬عرض‭ ‬لوحته‭ ‬الجدارية‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬النهضة‭ ‬المصرية‮»‬‭ ‬في‭ ‬صالون‭ ‬باريس،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬الميدالية‭ ‬الذهبية‭ ‬قبل‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬مختار‭ ‬عليها‭ ‬عن‭ ‬تمثاله‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬نهضة‭ ‬مصر‮»‬‭.‬

 

نشأته‭ ‬

وُلد‭ ‬ناجي‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬يناير‭ ‬1888‭ ‬على‭ ‬ترعة‭ ‬المحمودية‭ ‬في‭ ‬حيّ‭ ‬محرّم‭ ‬بك‭ ‬بمدينة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬كان‭ ‬والده‭ ‬يعمل‭ ‬مديرًا‭ ‬لجمرك‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬اهتمامات‭ ‬سياسية‭ ‬وأدبية‭ ‬وموسيقية‭ ‬تركت‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬الفنان،‭ ‬والدته‭ ‬ابنة‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬أركان‭ ‬حرب،‭ ‬حكمدار‭ ‬عموم‭ ‬شرق‭ ‬السودان،‭ ‬محافظ‭ ‬سواحل‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وقومندان‭ ‬حدود‭ ‬الحبشة،‭ ‬راشد‭ ‬باشا‭ ‬كمال‭. ‬

تأثر‭ ‬ناجي‭ ‬بهذا‭ ‬الجو‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وتلتقي‭ ‬فيه‭ ‬روح‭ ‬المدينة‭ ‬الإغريقية‭ ‬وجوّها‭ ‬الأوربي،‭ ‬الذي‭ ‬ربطه‭ ‬بالثقافة‭ ‬والموسيقى‭ ‬مع‭ ‬نسمة‭ ‬ريفية‭ ‬تحملها‭ ‬المراكب‭ ‬العابرة‭ ‬بترعة‭ ‬المحمودية‭ ‬وجوّ‭ ‬قروي‭ ‬يحيط‭ ‬بضفافها،‭ ‬وارتباطه‭ ‬بحياة‭ ‬القرية،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬أطيان‭ ‬أسرته‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬أبي‭ ‬حمص‭.‬

وتصف‭ ‬شقيقته‭ ‬الفنانة‭ ‬عفّت‭ ‬نشأته‭ ‬فتقول‭: ‬‮«‬عاش‭ ‬طفولته‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الأسرة،‭ ‬وهو‭ ‬بيت‭ ‬فسيح‭ ‬تحيطه‭ ‬حديقة‭ ‬كثيفة‭ ‬متنوعة‭ ‬الأزهار،‭ ‬ويطلّ‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬القناة،‭ ‬حيث‭ ‬يمرّ‭ ‬المتنزهون‭ ‬على‭ ‬شاطئها‭ ‬في‭ ‬عربات‭ ‬تجرّها‭ ‬خيل‭ ‬مزيّنة‭ ‬السّرج،‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬السيّاس‭ ‬في‭ ‬زيّهم‭ ‬المذهّب،‭ ‬ويجلس‭ ‬الشاب‭ ‬ناجي‭ ‬على‭ ‬ضفة‭ ‬القناة‭ ‬تحت‭ ‬شجرة‭ ‬الجميز‭ ‬التي‭ ‬تغنّى‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬أشعاره‮»‬‭. ‬كتب‭ ‬مرّة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬رسائله‭ ‬يصف‭ ‬حياته‭ ‬هذه‭: ‬‮«‬الحياة‭ ‬السائدة‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬القناة‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬لي‭ ‬قصيدة‭ ‬شاعرية‭ ‬وبطولية،‭ ‬نرى‭ ‬فيها‭ ‬الرجال‭ ‬يجرّون‭ ‬المراكب‭ ‬ويتسلّقون‭ ‬الصواري،‭ ‬ويطوون‭ ‬القلاع‭ ‬ويدقّون‭ ‬المجداف‭ ‬في‭ ‬نقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬بقاع‭ ‬القناة،‭ ‬لتدفع‭ ‬مراكبهم‭ ‬المحمّلة‮»‬‭.‬

 

إسكندرية‭ ‬الشعراء

ظلت‭ ‬الإسكندرية‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬ناجي،‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬تعبير‭ ‬الناقد‭ ‬بدرالدين‭ ‬أبوغازي‭: ‬‮«‬إسكندرية‭ ‬الشعراء‮»‬‭ ‬إنجريتي‭ ‬وكفافي‭ ‬ونيكولاييدس‭.‬

عندما‭ ‬انتهى‭ ‬من‭ ‬دراسته‭ ‬الثانوية‭ ‬بالمدرسة‭ ‬السويسرية،‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬ليون‭ ‬لدراسة‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬1906،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬الليسانس‭ ‬عام‭ ‬1910،‭ ‬ثم‭ ‬رحل‭ ‬إلى‭ ‬فلورنسا‭ ‬ودرس‭ ‬فنّ‭ ‬التصوير،‭ ‬وعاد‭ ‬حاملًا‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭ ‬انبهارًا‭ ‬بفن‭ ‬مايكل‭ ‬أنجلو‭ ‬وليوناردو‭ ‬دافنشي،‭ ‬وجاءت‭ ‬أعماله‭ ‬الأولى‭ ‬متأثرة‭ ‬بعمالقة‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭.‬

أدّى‭ ‬شغفه‭ ‬بالحياة‭ ‬الشعبية‭ ‬وارتباطه‭ ‬بصورها‭ ‬الأصيلة‭ ‬إلى‭ ‬اختيار‭ ‬بيت‭ ‬فسيح‭ ‬في‭ ‬مدخل‭ ‬درب‭ ‬‮«‬اللبانة‮»‬‭ ‬أوّل‭ ‬مرسم‭ ‬لفنان‭ ‬مصري،‭ ‬وهو‭ ‬بيت‭ ‬أثري‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬المملوكي‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬قلعة‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬وجبل‭ ‬المقطم،‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬الطراز‭ ‬العثماني‭ ‬المتأثر‭ ‬بالعمارة‭ ‬المملوكية‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويعد‭ ‬ضمن‭ ‬أعظم‭ ‬البيوت‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالقاهرة‭.‬

‭ ‬بعدها‭ ‬أصبح‭ ‬البيت‭ ‬ذائع‭ ‬الصيت،‭ ‬وأطلق‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬الفنانين‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬سكن‭ ‬به‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين؛‭ ‬منهم‭ ‬أستاذ‭ ‬التصوير‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الفنون‭ ‬الجميلة‮»‬‭ ‬الفنان‭ ‬الفرنسي‭ ‬بيبى‭ ‬مارتان،‭ ‬وراغب‭ ‬عياد،‭ ‬ورمسيس‭ ‬يونان،‭ ‬ومنير‭ ‬كنعان،‭ ‬ورؤوف‭ ‬عبدالمجيد،‭ ‬وجمال‭ ‬كامل،‭ ‬وشادي‭ ‬عبدالسلام،‭ ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬سكنه‭ ‬المهندس‭ ‬المعماري‭ ‬الشهير‭ ‬حسن‭ ‬فتحي،‭ ‬كما‭ ‬شهد‭ ‬ميلاد‭ ‬الحركات‭ ‬الفنية‭ ‬الحديثة‭ ‬والمناقشات‭ ‬الصاخبة‭ ‬بين‭ ‬فناني‭ ‬مصر‭ ‬ومثقفيها‭.‬

خلال‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ (‬1914‭ - ‬1918‭) ‬اتّخذ‭ ‬مرسمًا‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬القرنة‭ ‬في‭ ‬طيبة‭ (‬الأقصر‭) ‬عند‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬لنهر‭ ‬النيل‭ ‬بين‭ ‬الآثار‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭ ‬ووادي‭ ‬الملوك،‭ ‬وعاش‭ ‬بمنزل‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالرسول،‭ ‬سعيًا‭ ‬إلى‭ ‬التقاء‭ ‬الفنان‭ ‬بجذوره‭ ‬الفرعونية،‭ ‬وتوحّده‭ ‬مع‭ ‬الطبيعة‭ ‬والفطرة‭ ‬الشعبية‭ ‬هناك،‭ ‬واتصاله‭ ‬بسرّ‭ ‬الآلهة‭ ‬المصرية‭ ‬وأساطيرها‭.‬

وقادته‭ ‬إقامته‭ ‬بجوار‭ ‬مقابر‭ ‬الأجداد‭ ‬ومعابدهم‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬انطلاقه‭ ‬مصورًا‭ ‬معالم‭ ‬تلك‭ ‬الحضارة‭ ‬الزاهرة‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬‮«‬الانطباعية‮»‬‭ ‬ذات‭ ‬اللمسات‭ ‬القصيرة‭ ‬المتجاورة‭ ‬التي‭ ‬استلهمت‭ ‬من‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬والحسّ‭ ‬المعماري،‭ ‬متلمسًا‭ ‬بداية‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬توحّد‭ ‬التراث‭ ‬مع‭ ‬العصر‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬إبداعاته‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬لوحات‭ ‬عديدة؛‭ ‬منها‭ ‬‮«‬مشهد‭ ‬من‭ ‬جبل‭ ‬طيبة‮»‬،‭ ‬و«البركة‭ ‬المقدسة‮»‬،‭ ‬و«معبد‭ ‬الكرنك‮»‬،‭ ‬و«طريق‭ ‬الكباش‮»‬‭.‬

 

في‭ ‬مرسم‭ ‬مونيه

لكن‭ ‬ناجي‭ ‬لم‭ ‬يلبث‭ ‬أن‭ ‬عاود‭ ‬الرحلة‭ ‬إلى‭ ‬الغرب،‭ ‬وكانت‭ ‬رحلته‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬إلى‭ ‬شيخ‭ ‬الانطباعيين‭ ‬كلود‭ ‬مونيه،‭ ‬الذي‭ ‬أقام‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬جيفرني‭ ‬بفرنسا،‭ ‬وعرض‭ ‬عليه‭ ‬لوحاته،‭ ‬واستمع‭ ‬إلى‭ ‬نصائحه‭ ‬وصحبه‭ ‬للرسم‭ ‬معه،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬إعجاب‭ ‬مونيه‭ ‬بطريقته‭ ‬وتشجيعه‭ ‬له‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التحرر‭ ‬والجرأة،‭ ‬فإن‭ ‬ناجي‭ ‬انتابه‭ ‬بعض‭ ‬القلق‭ ‬الذي‭ ‬حال‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬‮«‬الانطباعية‮»‬،‭ ‬فتنقّل‭ ‬من‭ ‬مرسم‭ ‬مونيه‭ ‬إلى‭ ‬مراسم‭ ‬أخرى‭ ‬لفنانين‭ ‬من‭ ‬روّاد‭ ‬الفن‭ ‬الحديث،‭ ‬مثل‭ ‬مرسم‭ ‬سينياك،‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬الصيغة‭ ‬الهندسية‭ ‬والبناء‭ ‬المعماري،‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬التأثير‭ ‬اللحظي‭ ‬أو‭ ‬الانطباعي‭ ‬المتغير‭ ‬للضوء،‭ ‬ويذيب‭ ‬معالم‭ ‬الأشكال‭ ‬وصلابتها،‭ ‬فقد‭ ‬عاش‭ ‬ينشد‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬لوحاته،‭ ‬كما‭ ‬دفعه‭ ‬ولعه‭ ‬بالتصميم‭ ‬إلى‭ ‬المزاوجة‭ ‬بين‭ ‬غنائية‭ ‬اللون‭ ‬ومعمار‭ ‬التكوين،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬انجذب‭ ‬أكثر‭ ‬إلى‭ ‬جوجان‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬استهوته‭ ‬أعمال‭ ‬الانطباعيين‭.‬

 

ناجي‭ ‬وثورة‭ ‬1919‭ ‬

فور‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬1919،‭ ‬قطع‭ ‬ناجي‭ ‬دراسته‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬تلبية‭ ‬لنداء‭ ‬الواجب‭ ‬الوطني،‭ ‬وشرع‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬لوحته‭ ‬الضخمة‭ ‬‮«‬النهضة‭ ‬المصرية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬موكب‭ ‬إيزيس‮»‬،‭ ‬بمرسمه‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬درب‭ ‬اللبانة‭ ‬بالقلعة،‭ ‬وهي‭ ‬اللوحة‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليًا‭ ‬بمجلس‭ ‬الشورى‭ (‬الشيوخ‭)‬،‭ ‬وعبّر‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬المسيرة‭ ‬الحضارية‭ ‬لبلاده،‭ ‬مستوحيًا‭ ‬فيها‭ ‬أسطورة‭ ‬إيزيس‭ ‬وأوزوريس،‭ ‬وعرض‭ ‬تلك‭ ‬اللوحة‭ ‬في‭ ‬صالون‭ ‬باريس‭ ‬للفنانين‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬فكان‭ ‬أول‭ ‬فنان‭ ‬مصري‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭. ‬

وتعرّف‭ ‬ناجي‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬إلى‭ ‬مدام‭ ‬جولييت‭ ‬آدم،‭ ‬الأم‭ ‬الروحية‭ ‬للزعيم‭ ‬مصطفى‭ ‬كامل،‭ ‬وصاحبة‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬إنجلترا‭ ‬في‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أيّدت‭ ‬فيه‭ ‬القضية‭ ‬المصرية‭ ‬العادلة،‭ ‬ودافعت‭ ‬عنها‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي،‭ ‬وقام‭ ‬ناجي‭ ‬بتصويرها‭ ‬بريشته‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬لوحة،‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬تقديره‭ ‬لموقفها‭ ‬من‭ ‬مصر‭.‬

وجاءت‭ ‬الخطوة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬ناجي،‭ ‬رحلته‭ ‬إلى‭ ‬إثيوبيا‭ ‬إلى‭ ‬منابع‭ ‬النيل‭ ‬باتفاق‭ ‬دبلوماسي‭ ‬ضيفًا‭ ‬على‭ ‬القصر‭ ‬الإمبراطوري،‭ ‬وظل‭ ‬هناك‭ ‬عامًا‭ ‬كاملًا،‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬أوائل‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬قتامة‭ ‬ألوان‭ ‬الشمال،‭ ‬وأشاعت‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ ‬الغناء‭ ‬والألوان‭ ‬الدافئة‭ ‬ذات‭ ‬الحس‭ ‬الاستوائي‭.‬

وهنا‭ ‬نتذكر‭ ‬الفنان‭ ‬جوجان‭ ‬عندما‭ ‬ضاق‭ ‬ذرعًا‭ ‬بالمدنيّة‭ ‬الحديثة،‭ ‬وراح‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬البكر‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تلوّثها‭ ‬المدينة،‭ ‬فوجدها‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬تاهيتي،‭ ‬حيث‭ ‬يعيش‭ ‬الناس‭ ‬الفطرة‭ ‬النقية،‭ ‬وأنتج‭ ‬هناك‭ ‬أروع‭ ‬أعماله‭.‬

 

مناخ‭ ‬جديد

بحث‭ ‬ناجي،‭ ‬مثل‭ ‬جوجان،‭ ‬عن‭ ‬مناخ‭ ‬جديد‭ ‬يثير‭ ‬خياله‭ ‬ويحرّك‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭ ‬سطح‭ ‬البحيرة‭ ‬الراكدة،‭ ‬وتطلّعت‭ ‬الريشة‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭ ‬الذي‭ ‬يشقّ‭ ‬الوادي‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬إلى‭ ‬الشمال،‭ ‬وراحت‭ ‬تتخيل‭ ‬الحياة‭ ‬عند‭ ‬منابع‭ ‬هذا‭ ‬النهر‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬رحلته‭ ‬من‭ ‬جبال‭ ‬الحبشة،‭ ‬وتحوّل‭ ‬الحلم‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬والقرار‭ ‬إلى‭ ‬حركة،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الناقد‭ ‬حسين‭ ‬بيكار‭: ‬وسافر‭ ‬ناجي‭ ‬إلى‭ ‬الحبشة،‭ ‬وأصبح‭ ‬أول‭ ‬فنان‭ ‬تطأ‭ ‬قدماه‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬زار‭ ‬النجاشي‭ ‬هيلا‭ ‬سيلاسي،‭ ‬وتوطّدت‭ ‬الصداقة‭ ‬بينهما،‭ ‬وصوّر‭ ‬عدة‭ ‬لوحات‭ ‬للإمبراطور‭ ‬ورجال‭ ‬البلاط،‭ ‬كما‭ ‬أخذ‭ ‬أيضًا‭ ‬صورًا‭ ‬عديدة‭ ‬للناس‭ ‬والمناظر‭ ‬الطبيعية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1933‭ ‬عرضت‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬بالحبشة‭ ‬في‭ ‬معرضين؛‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬بروكسل‭ ‬والثاني‭ ‬بمارسيليا،‭ ‬واستمرت‭ ‬إبداعاته‭ ‬في‭ ‬حماس‭ ‬وتوهّج،‭ ‬وزار‭ ‬اليونان‭ ‬وتعرّف‭ ‬إلى‭ ‬تراثها‭ ‬الفني،‭ ‬ورسم‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الحياة‭ ‬والمناظر‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬رسم‭ ‬عدّة‭ ‬مناظر‭ ‬من‭ ‬مسقط‭ ‬رأس‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬باشا‭ ‬في‭ ‬مقدونيا‭.‬

وظهر‭ ‬اعتداده‭ ‬بتاريخ‭ ‬الطب‭ ‬العربي‭ ‬والمصري،‭ ‬وأنجز‭ ‬مجموعة‭ ‬لوحاته‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬الطب‭ ‬عند‭ ‬العرب‮»‬،‭ ‬و«الطب‭ ‬عند‭ ‬الفراعنة‮»‬،‭ ‬و«الطب‭ ‬في‭ ‬الريف‮»‬،‭ ‬و«الطب‭ ‬ينقذ‭ ‬الطفولة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تزيّن‭ ‬مستشفى‭ ‬المواساة‭.‬

 

لوحة‭ ‬مدرسة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬

في‭ ‬عام‭ ‬1939‭ ‬بدأ‭ ‬ناجي‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬لوحته‭ ‬الكبرى‭ ‬‮«‬مدرسة‭ ‬الإسكندرية‮»‬،‭ ‬بتكليف‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬المعارف‭ ‬آنذاك،‭ ‬د‭. ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬وهي‭ ‬لوحة‭ ‬ضخمة‭ (‬3‭ - ‬7‭ ‬أمتار‭)‬،‭ ‬يذكّرنا‭ ‬نسقها‭ ‬الهندسي‭ ‬بلوحات‭ ‬مبدع‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭ ‬رافائيل،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬لوحته‭ ‬مدرسة‭ ‬أثينا،‭ ‬وجمعت‭ ‬لوحة‭ ‬ناجي‭ ‬حضارة‭ ‬اليونان،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وحضارة‭ ‬العرب‭ ‬والإسلام،‭ ‬ورمزها‭ ‬في‭ ‬ابن‭ ‬رشد‭ ‬يتسلّم‭ ‬الرسالة‭ ‬الحضارية‭ ‬من‭ ‬العالِم‭ ‬اليوناني‭ ‬أرشميدس،‭ ‬والمسيحية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬القديسة‭ ‬كاترين،‭ ‬التي‭ ‬جعلها‭ ‬بملامح‭ ‬شقيقته‭ ‬عفّت،‭ ‬ثم‭ ‬الحضارة‭ ‬الحديثة‭ ‬والتقاء‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬ممثلًا‭ ‬في‭ ‬أشخاص‭ ‬جمال‭ ‬الدين‭ ‬الأفغاني‭ ‬ومحمد‭ ‬عبده‭ ‬ولطفي‭ ‬السيد‭ ‬وطه‭ ‬حسين‭ ‬ومحمود‭ ‬مختار‭ ‬ومحمود‭ ‬سعيد‭ ‬ومصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬وهدى‭ ‬شعراوي،‭ ‬والشعراء‭ ‬أنجريتي‭ ‬وكفافي‭ ‬ونيكولاييدس،‭ ‬وبعض‭ ‬العلماء‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬أسدوا‭ ‬إلى‭ ‬الإسكندرية‭ ‬خيرًا‭ ‬كثيرًا،‭ ‬أمثال‭ ‬سكالارين‭ ‬وكوتسيكا‭.‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬جوّ‭ ‬رومانسي،‭ ‬بل‭ ‬أسطوري،‭ ‬يجمع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬حول‭ ‬الإله‭ ‬السكندري‭ ‬اليوناني‭ ‬ديونيزيس،‭ ‬ويمزج‭ ‬أشخاص‭ ‬التاريخ‭ ‬بعرائس‭ ‬الموسيقى‭ ‬والمسرح،‭ ‬ويجمع‭ ‬قلعة‭ ‬قايتباي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬منارة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وجامع‭ ‬أبي‭ ‬العباس‭ ‬المرسي‭.‬

 

بين‭ ‬البيئة‭ ‬الشعبية‭ ‬والتراث

يقول‭ ‬الناقد‭ ‬مختار‭ ‬العطار‭: ‬‮«‬ارتبط‭ ‬إبداع‭ ‬ناجي‭ ‬بالروح‭ ‬الشعبية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وجذورها‭ ‬الوطنية‭ ‬التاريخية‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭ ‬الفرعونية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬فتغنّى‭ ‬بأمجاد‭ ‬الماضي‭ ‬كما‭ ‬الحاضر،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الرسامين‭ ‬الأوائل‭ ‬الذين‭ ‬طرقوا‭ ‬عدة‭ ‬أنماط‭ ‬موضوعية،‭ ‬منها‭ ‬التاريخية‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬جداريات‭ ‬صرحية‭ ‬مؤلّفة‭ ‬من‭ ‬لوحات‭ ‬سابقة‭ ‬الإعداد‭ ‬والدراسة،‭ ‬وبينها‭ ‬مشاهد‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الريفية،‭ ‬معظمها‭ ‬في‭ ‬قريته‭ ‬أبو‭ ‬حمص،‭ ‬وبها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الأقصر‭ ‬والقرنة‭ ‬والتراث‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬عشقه‭ ‬طوال‭ ‬أيامه‭ ‬ورحلته‭ ‬مع‭ ‬الفن‮»‬‭.‬

من‭ ‬هنا،‭ ‬ومع‭ ‬‮«‬نهضة‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬موكب‭ ‬إيزيس‮»‬،‭ ‬و«مدرسة‭ ‬الإسكندرية‮»‬‭ ‬نراه‭ ‬موغلًا‭ ‬في‭ ‬الروح‭ ‬الشعبية،‭ ‬ومرتبطًا‭ ‬أشد‭ ‬الارتباط‭ ‬بالبيئة‭ ‬المصرية‭.‬

في‭ ‬لوحته‭ ‬‮«‬الخبيز‮»‬،‭ ‬نستشعر‭ ‬هذا‭ ‬الجو‭ ‬الريفي‭ ‬المشبع‭ ‬بالألفة‭ ‬واللمّة‭ ‬بين‭ ‬الفلاحات،‭ ‬وكيف‭ ‬يتشكّل‭ ‬مشهد‭ ‬الرغيف،‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬اللوحة‭ ‬وفي‭ ‬الخلفية،‭ ‬3‭ ‬فلاحات‭ ‬أمام‭ ‬العجين‭ ‬وإعداد‭ ‬الأرغفة،‭ ‬بينهن‭ ‬واحدة‭ ‬تحمل‭ ‬طفلها،‭ ‬وأخرى‭ ‬أمام‭ ‬وهج‭ ‬الفرن،‭ ‬بينما‭ ‬تتوسط‭ ‬اللوحة‭ ‬امرأة‭ ‬جالسة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬الخبز،‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬هنا‭ ‬ارتباط‭ ‬الفنان‭ ‬بالبيئة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭ ‬من‭ ‬الكلب‭ ‬المضّجع‭ ‬في‭ ‬سلام،‭ ‬والسلّم‭ ‬الخشبي‭ ‬والزير،‭ ‬وأعراش‭ ‬الثوم‭ ‬المعلّقة‭ ‬على‭ ‬الحائط،‭ ‬وكلها‭ ‬تعلن‭ ‬فرط‭ ‬تأملاته‭ ‬والتقاطه‭ ‬بوجدانه‭ ‬وإحساسه‭ ‬البصري‭ ‬روح‭ ‬البيئة‭.‬

‭ ‬ساهمت‭ ‬الألوان‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬إشاعة‭ ‬جو‭ ‬الدفء‭ ‬الإنساني‭ ‬بين‭ ‬الفلاحات،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬الإحساس‭ ‬بحرارة‭ ‬ووهج‭ ‬الفرن،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سيطرة‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر‭ ‬باللوحة،‭ ‬مع‭ ‬التدرّج‭ ‬اللوني‭ ‬بين‭ ‬الأصفر‭ ‬والبرتقالي‭.‬

ومن‭ ‬البيئة‭ ‬الداخلية،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬‮«‬الخبيز‮»‬،‭ ‬يخرج‭ ‬ناجي‭ ‬إلى‭ ‬البيئة‭ ‬المصرية‭ ‬الطبيعية،‭ ‬فتتألق‭ ‬أعماله‭ ‬كما‭ ‬لوحته‭ ‬‮«‬الراعي‭ ‬بالأقصر‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يحمل‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭ ‬الرعاة‭ ‬خروفًا‭ ‬على‭ ‬كتفيه‭ ‬ممسكًا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬رجليه،‭ ‬وفي‭ ‬الخلفية‭ ‬يبدو‭ ‬منظر‭ ‬ريفي‭ ‬حافل‭ ‬بالزروع‭ ‬مع‭ ‬دابّة‭ ‬وبيوت‭.‬

 

من‭ ‬عمق‭ ‬البيئة‭ ‬الريفية

للفنان‭ ‬ناجي‭ ‬لوحتان‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬البيئة‭ ‬المصرية‭ ‬الريفية‭ ‬‮«‬الجاموسة‭ ‬والغلام‮»‬،‭ ‬و«قروية‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬جاموسة‮»‬‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الأولى‭ ‬نطلّ‭ ‬على‭ ‬منظر‭ ‬عرضي‭ ‬للجاموسة،‭ ‬بينما‭ ‬يبدو‭ ‬فوقها‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬عار‭ ‬مستغرقًا‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬بسلام،‭ ‬واللوحة‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬لمسات‭ ‬من‭ ‬الأزرق‭ ‬والأسود‭ ‬مع‭ ‬الأصفر‭ ‬الفاتح‭ ‬المضيء،‭ ‬والمشهد‭ ‬العام‭ ‬للصورة‭ ‬يوحي‭ ‬هدوء‭ ‬الطبيعة‭ ‬وبساطتها‭ ‬وصفاءها‭.‬

‭ ‬والوجه‭ ‬المقابل‭ ‬لها‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬قروية‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬جاموسة‮»‬،‭ ‬لكنّ‭ ‬المشهد‭ ‬هنا‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬الظهر،‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬براعة‭ ‬الفنان‭ ‬وقدرته‭ ‬التعبيرية‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬زاوية‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬مع‭ ‬حوارية‭ ‬في‭ ‬تقابُل‭ ‬بين‭ ‬الأحمر‭ ‬الدافئ‭ ‬والأخضر‭ ‬الداكن‭ ‬والزرعي‭.‬

وتظل‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬الفتاة‭ ‬وزهور‭ ‬الفول‮»‬‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬فنّه‭ ‬وارتباطه‭ ‬الكبير‭ ‬بالريف‭ ‬وأهله‭ ‬وناسه،‭ ‬وهو‭ ‬هنا‭ ‬يصوّر‭ ‬فتاة‭ ‬بملامح‭ ‬الجمال‭ ‬الهادئ‭ ‬بوجه‭ ‬جانبي‭ (‬بروفايل‭) ‬في‭ ‬رداء‭ ‬وغطاء‭ ‬أزرق‭ ‬تحمل‭ ‬عيدان‭ ‬الفول‭ ‬ذات‭ ‬الأوراق‭ ‬الخضراء‭ ‬والزهور‭ ‬البيضاء،‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬الترديد‭ ‬اللوني‭ ‬للأحمر،‭ ‬متمثلًا‭ ‬في‭ ‬تطريز‭ ‬الغطاء‭ ‬مع‭ ‬الرداء،‭ ‬وتبدو‭ ‬الخلفية‭ ‬في‭ ‬ألوان‭ ‬فاتحة‭ ‬مشرقة‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬الأزرق‭ ‬والأحمر،‭ ‬في‭ ‬مسطّح‭ ‬صريح‭ ‬يظهر‭ ‬حيوانًا‭ ‬من‭ ‬حيوانات‭ ‬القرية،‭ ‬استكمالًا‭ ‬للمشهد‭ ‬وتأكيد‭ ‬قوته‭ ‬التعبيرية‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬وجوهه‭ ‬التي‭ ‬تشدو‭ ‬بالتعبير‭ ‬من‭ ‬البراءة‭ ‬والنقاء،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬‮«‬وجوه‭ ‬من‭ ‬سويسرا‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الفكر‭ ‬والصمت،‭ ‬وكما‭ ‬في‭ ‬مدام‭ ‬‮«‬جوليت‭ ‬آدم‮»‬،‭ ‬والحكمة‭ ‬والوقار‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬أستاذه‭ ‬الإيطالي‭ ‬بنايوتي‭ ‬مع‭ ‬صورته‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬عكست‭ ‬بقسماته‭ ‬نظرته‭ ‬المتحفزة‭ ‬التي‭ ‬تطلّ‭ ‬من‭ ‬عينيه‭ ‬اللامعتين‭.‬

منظر‭ ‬من‭ ‬النيل

لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قدّمه‭ ‬ناجي‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬المنظر‭ ‬يمثّل‭ ‬مساحة‭ ‬وعلامة‭ ‬في‭ ‬عالمه،‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬في‭ ‬‮«‬منظر‭ ‬من‭ ‬النيل‮»‬،‭ ‬الحافل‭ ‬بالعناصر‭ ‬المفعمة‭ ‬بالحركة‭ ‬وحيوية‭ ‬الألوان‭ ‬من‭ ‬الأزرق‭ ‬الصافي‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬الماء،‭ ‬والأبيض‭ ‬في‭ ‬الأشرعة،‭ ‬والأخضر‭ ‬في‭ ‬تيجان‭ ‬النخيل،‭ ‬والممتد‭ ‬بالأبعاد‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬اللوحة‭ ‬ومقدّمتها‭ ‬إلى‭ ‬عمقها،‭ ‬وغنائيات‭ ‬الأفقي‭ ‬والرأسي‭ ‬وأرابيسك‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬الخلفية‭.‬

كان‭ ‬ناجي‭ ‬يتابع‭ ‬الطقوس‭ ‬والعادات‭ ‬والأفراح‭ ‬والتقاليد‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬مكان‭ ‬يحلّ‭ ‬فيه،‭ ‬بتعبير‭ ‬الناقد‭ ‬غازي‭ ‬الخالدي‭: ‬‮«‬كان‭ ‬كثير‭ ‬التأمل‭ ‬في‭ ‬أصل‭ ‬الحركة،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬بمحيطه،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬عناصر‭ ‬هوية‭ ‬المكان‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الهواجس‭ ‬التي‭ ‬شغلته‭. ‬أمّا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفنية‭ ‬فيبدو‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يرسم‭ ‬بسرعة‭ ‬وجرأة‭ ‬وعفوية،‭ ‬ولاسيّما‭ ‬لوحات‭ ‬الوجوه‭ (‬البورتريه‭) ‬وحركات‭ ‬الفلاح‭ ‬المصري،‭ ‬والفلاحة‭ ‬وهي‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬اللوحة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يضطلع‭ ‬بمسؤولية‭ ‬مهمة‭ ‬توثيقية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فنية‮»‬‭.‬

‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬باللوحة‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬مصرية‭ ‬تحمل‭ ‬أيضًا‭ ‬معنى‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬وعناصر‭ ‬تشكيلية‭ ‬في‭ ‬الإيقاع‭ ‬والتكوين،‭ ‬وأيضًا‭ ‬منظومات‭ ‬لونية،‭ ‬فإن‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬السلّم‭ ‬الموسيقي‭ ‬البصري‭ ‬التناسق‭ ‬والتناغم‭.‬

 

  ‬متحفه‭ ‬ومرسمه‭ ‬

أنشأ‭ ‬ناجي‭ ‬في‭ ‬الإسكندرية‭ ‬جماعة‭ ‬الأتيليه‭ ‬للفنانين‭ ‬والكتّاب‭ ‬1935،‭ ‬وعمل‭ ‬مديرًا‭ ‬لمتحف‭ ‬الفن‭ ‬الحديث،‭ ‬وشغل‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬المدرسة‭ ‬العليا‭ ‬للفنون‭ ‬الجميلة‭ (‬كلية‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬حاليًا‭)‬،‭ ‬ويعدّ‭ ‬أول‭ ‬مدير‭ ‬مصري‭ ‬لهذه‭ ‬المدرسة،‭ ‬وعين‭ ‬مديرًا‭ ‬للأكاديمية‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬كما‭ ‬أنشأ‭ ‬أتيليه‭ ‬القاهرة‭ ‬للفنانين‭ ‬والكتّاب‭ ‬أيضًا،‭ ‬وانتخب‭ ‬رئيسًا‭ ‬له‭ ‬عام‭ ‬1952‭.‬

وتقول‭ ‬شقيقته‭ ‬الفنانة‭ ‬عفّت‭ ‬ناجي‭: ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬أبريل‭ ‬عام‭ ‬1956‭ ‬عاد‭ ‬أخي‭ ‬ناجي‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬إلى‭ ‬مرسمه‭ ‬بحدائق‭ ‬الأهرام،‭ ‬بعد‭ ‬حضور‭ ‬اجتماع‭ ‬مع‭ ‬أصدقائه‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬بجماعة‭ ‬أتيليه‭ ‬القاهرة‭ ‬للفنانين‭ ‬والكتّاب،‭ ‬رأيته‭ ‬مرهقًا،‭ ‬تناول‭ ‬وجبة‭ ‬خفيفة،‭ ‬وراح‭ ‬يمزح‭ ‬مع‭ ‬خادمه‭ ‬مبروك‭ ‬بكلمات‭ ‬رقيقة،‭ ‬ثم‭ ‬استرسل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بلوحته‭ ‬القديمة‭ ‬‮«‬جني‭ ‬البلح‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬يسعى‭ ‬لتطويرها‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة،‭ ‬ويعود‭ ‬رسمها‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1912،‭ ‬واللوحة‭ ‬البيضاوية‭ ‬مخصصة‭ ‬لتثبت‭ ‬في‭ ‬سقف‭ ‬مرسمه،‭ ‬وراح‭ ‬يضيف‭ ‬إليها‭ ‬لمسات‭ ‬فسيحة‭ ‬تجعل‭ ‬النخيل‭ ‬المحمل‭ ‬بثمار‭ ‬البلح‭ ‬أكثر‭ ‬شموخًا،‭ ‬وجعلت‭ ‬ألوان‭ ‬السماء‭ ‬والقرويين‭ ‬الذين‭ ‬يقطفون‭ ‬الثمار‭ ‬أكثر‭ ‬رونقًا‭ ‬وبهاء‭.‬

وهكذا‭ ‬تترابط‭ ‬مفاهيمه‭ ‬هذه‭ ‬الليلة‭ ‬حول‭ ‬الفن‭ ‬والتقائه‭ ‬بخيوطه‭ ‬الدقيقة‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬التي‭ ‬ينطبق‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬يومًا‭: ‬‮«‬إن‭ ‬القيم‭ ‬والمقاييس‭ ‬لن‭ ‬تتغير،‭ ‬وربما‭ ‬أحسسنا‭ ‬بالنهاية‭ ‬القريبة،‭ ‬وأشبعنا‭ ‬ظمأنا‭ ‬للجمال‭!‬‮»‬‭. ‬

وتضيف‭ ‬عفّت‭: ‬‮«‬أتراه‭ ‬حقًا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬يحسّ‭ ‬بقرب‭ ‬النهاية؟‭ ‬فاستبد‭ ‬به‭ ‬الظمأ‭ ‬للجمال‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬الموت‭!‬‮»‬،‭ ‬ليكون‭ ‬رمز‭ ‬البلح‭ ‬إذن‭ ‬رمزًا‭ ‬للارتواء‭ ‬من‭ ‬الجمال،‭ ‬لأنّ‭ ‬ناجي‭ ‬قد‭ ‬دفع‭ ‬ثمنًا‭ ‬له‭ ‬أنفاس‭ ‬الحياة‭!‬‮»‬‭.‬

 

الليل‭ ‬والضحى‭ ‬والنهار

إذا‭ ‬كان‭ ‬رائد‭ ‬مدرسة‭ ‬الفن‭ ‬والحياة،‭ ‬الفنان‭ ‬حامد‭ ‬سعيد،‭ ‬قد‭ ‬اعتبر‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬الفن‭ ‬المعاصر‭ ‬في‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬فن‭ ‬محمود‭ ‬مختار‭ ‬يمثّل‭ ‬شعر‭ ‬الصباح،‭ ‬وفن‭ ‬محمود‭ ‬سعيد‭ ‬يمثل‭ ‬شعر‭ ‬الليل،‭ ‬فإن‭ ‬فنّ‭ ‬ناجي‭ ‬يمثّل‭ ‬الضحى،‭ ‬بما‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬معنى‭ ‬النهار‭ ‬وامتداده،‭ ‬ونلمح‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬الهندسي‭ ‬وإشراق‭ ‬ألوانه‭ ‬وتعبيره‭ ‬الجهير،‭ ‬وفي‭ ‬تطلّعه‭ ‬إلى‭ ‬الأبعاد‭ ‬الكبيرة‭ ‬والجدران‭ ‬الضخمة‭ ‬يخاطب‭ ‬عن‭ ‬طريقها‭ ‬الجموع‭ ‬بوجدانه‭ ‬وفكره‭.‬

عاش‭ ‬ناجي،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬بدرالدين‭ ‬أبوغازي‭ ‬‮«‬حياة‭ ‬عصره،‭ ‬وهو‭ ‬عصر‭ ‬تلاقت‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬حضاراتنا‭ ‬وانبعثت‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬جيل‭ ‬واحد،‭ ‬كان‭ ‬التراث‭ ‬منبعًا‭ ‬من‭ ‬منابع‭ ‬هذا‭ ‬الجيل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المصادر‭ ‬التي‭ ‬غذته‭ ‬بها‭ ‬حضارة‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط،‭ ‬ومنابع‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭.‬‭ ‬وحلّق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الآفاق،‭ ‬وإن‭ ‬ظل‭ ‬مرتبط‭ ‬الأقدام‭ ‬بأرضه،‭ ‬وخرجت‭ ‬لوحاته‭ ‬حاملة‭ ‬معالم‭ ‬المصرية،‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬الفني‭ ‬نابضة‭ ‬بروح‭ ‬العصر‮»‬‭.‬

شيّد‭ ‬ناجي‭ ‬مرسمه‭ ‬بحدائق‭ ‬الأهرام‭ (‬الموقع‭ ‬الحالي‭ ‬لمتحفه‭) ‬عام‭ ‬1952‭ ‬وصمم‭ ‬المبنى‭ ‬ونفّذه‭ ‬صديقه‭ ‬المهندس‭ ‬المعماري‭ ‬رياكوميدس‭ ‬المقيم‭ ‬بالقاهرة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وكانت‭ ‬تكلفته‭ ‬5500‭ ‬جنيه‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬اقتنت‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬المرسم،‭ ‬وحولته‭ ‬إلى‭ ‬متحف،‭ ‬وأهدت‭ ‬شقيقته‭ ‬عفت‭ ‬الدولةَ‭ ‬40‭ ‬لوحة‭ ‬من‭ ‬أعماله،‭ ‬ومجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬رسومه‭ ‬التحضيرية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬متعلّقاته‭ ‬الشخصية،‭ ‬وافتتح‭ ‬للجمهور‭ ‬عام‭ ‬1968،‭ ‬وأعيد‭ ‬تطويره‭ ‬وتجديده‭ ‬عام‭ ‬1991،‭ ‬ووصلت‭ ‬مقتنياته‭ ‬إلى‭ ‬1200‭ ‬لوحة،‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬مراحله‭ ‬المختلفة‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬أعماله‭ ‬الأخيرة‭.‬

وتزيّن‭ ‬المتحف‭ ‬لوحة‭ ‬تعدّ‭ ‬تحفة‭ ‬فنية‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬جوليت‭ ‬آدم‮»‬،‭ ‬الأم‭ ‬الروحية‭ ‬للزعيم‭ ‬مصطفى‭ ‬كامل‭ ‬وراعية‭ ‬دعوته‭ ‬الوطنية‭.‬

ونطالع،‭ ‬مع‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية‭ ‬وملامح‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬الشخصية‭ ‬له‭ ‬وعائلته،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬لوحة‭ ‬زيتية‭ ‬تضمّ‭ ‬عائلته‭ ‬مع‭ ‬الخدم‭ ‬تتوسط‭ ‬المتحف،‭ ‬وبورتريه‭ ‬لشقيقته‭ ‬الفنانة‭ ‬عفّت‭ ‬تحمل‭ ‬قطّتها،‭ ‬والصور‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬لأساتذته‭ ‬ومَن‭ ‬أضافوا‭ ‬إليه‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وتقديره‭ ‬لبعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬جسّدها‭ ‬في‭ ‬صوره،‭ ‬مثل‭ ‬هدى‭ ‬شعراوي‭ ‬وطه‭ ‬حسين‭ ‬وأحمد‭ ‬شوقي‭ ‬وغيرهم‭.‬

تحية‭ ‬إلى‭ ‬ناجي‭ ‬كفنان‭ ‬وإنسان‭ ‬عكس‭ ‬في‭ ‬روائعه‭ ‬الفنية‭ ‬ملامح‭ ‬عصره‭ ‬وصلة‭ ‬الفن‭ ‬بالمجتمع‭ ‬والحياة‭ ‬■

لوحات‭ ‬ناجي‭ ‬رسمت‭ ‬البسطاء‭ ‬والمشايخ‭ ‬والطبيعة‭ ‬على‭ ‬سجيتها‭ ‬كما‭ ‬صور‭ ‬أقاربه‭ ‬ورجال‭ ‬الدولة‭ ‬والزعماء‭ ‬ورجال‭ ‬الدين