مرافق الرعاية الصحية في زمن الجائحة كيف يعيد الوباء تشكيل بنية المستشفيات وتصميمها؟

مرافق الرعاية الصحية في زمن الجائحة كيف يعيد الوباء تشكيل بنية المستشفيات وتصميمها؟

لا شك في أن الحديث المستقبلي عن آثار الجائحة، سوف يتجاوز الأزمة الصحية التي تسبب بها فيروس كوفيد - 19، يجب تحليل الأزمة من الزوايا الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وحتى المعمارية، فالأوبئة وما يليها من تغييرات على النسيج الحضري لمدننا، ليست بالأمر الجديد على عالمنا، فإنّ شكّلت دومًا كوارث مأساوية، فقد أجبرت أيضًا الهندسة المعمارية وتخطيط المدن على التطور، إذ ساعدت الحلول المُتخذة على مستوى المدن والعمارة بشكل عام، على الحد من انتشار الأوبئة.

في‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬أعلنت‭ ‬جامعة‭ ‬بيتسبرغ‭ ‬بولاية‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬نتائج‭ ‬الجائزة‭ ‬العالمية‭ ‬للهندسة‭ ‬المعمارية،‭ ‬حول‭ ‬المساواة‭ ‬الحضرية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة،‭ ‬حيث‭ ‬فُزت‭ ‬برفقة‭ ‬زميلين‭ ‬لي‭ ‬هما‭ ‬اليزيد‭ ‬بودراع‭ ‬وعبدالكبير‭ ‬نعناعي،‭ ‬بمرتبتها‭ ‬الأولى،‭ ‬كأول‭ ‬فريق‭ ‬عربي‭ ‬وإفريقي‭ ‬يتوّج‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الجائزة‭.‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬اكتسحت‭ ‬العالم‭ ‬واخترقت‭ ‬مختلف‭ ‬الميادين؟

‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬عبر‭ ‬القارات،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬يتطلّب‭ ‬أفكارًا‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬المستشفيات‭ ‬وبنائها‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬الجائزة‭ ‬العالمية،‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬منصة‭ ‬بيتسبرغ،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جامعتي‭ ‬تشالمرز‭ ‬وكارنيجي‭ ‬ميلون،‭ ‬بهدف‭ ‬خلق‭ ‬نقاش‭ ‬فعّال‭ ‬حول‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية،‭ ‬حيث‭ ‬وُجهت‭ ‬المسابقة‭ ‬للشباب‭ ‬المعماريين‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬لتقديم‭ ‬مشاريع‭ ‬عملية،‭ ‬تضمن‭ ‬المساواة‭ ‬بالصحة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ - ‬19،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفقيرة‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬غير‭ ‬صحية‭ ‬وأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغنــية،‭ ‬فقـــد‭ ‬زادت‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬حدّة‭ ‬هذه‭ ‬التفاوتات‭ ‬الصحية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬عديدة،‭ ‬فطُلب‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬تقديم‭ ‬مشروع‭ ‬معماري‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالجائحة،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬المشروع‭ ‬العدالة‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬بيئته‭.‬

شهدت‭ ‬المسابقة‭ ‬مشاركة‭ ‬المهندسين‭ ‬المعماريين‭ ‬الشباب‭ ‬والطلاب‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬واختارت‭ ‬لجنة‭ ‬تحكيم‭ ‬دولية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬مهندسين‭ ‬معماريين‭ ‬وأكاديميين،‭ ‬3‭ ‬فائزين،‭ ‬مُنوهة‭ ‬بالمشروع‭ ‬المغربي‭ ‬المُتوج،‭ ‬وقائلة‭ ‬إنه‭ ‬مبنيّ‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬حضرية‭ ‬وفكرة‭ ‬تصميمية‭ ‬أصلية‭ ‬تلبّي‭ ‬شروط‭ ‬المسابقة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬الصحية‭.‬

 

الوباء‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬بنية‭ ‬المستشفيات‭ ‬

في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬سُجلت‭ ‬أول‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬بمدينة‭ ‬ووهان‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الصين،‭ ‬والتي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سرَّع‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬بالمدينة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬انتشاره‭ ‬بسرعة‭ ‬مماثلة‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬تركيبه‭ ‬البيولوجي،‭ ‬فقد‭ ‬وفّرت‭ ‬المدن‭ ‬أيضًا،‭ ‬بيئة‭ ‬مثالية‭ ‬لانتشار‭ ‬العدوى،‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬إحصاءات‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدن،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬البوادي‭ ‬والقرى،‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬الأماكن‭ ‬تضررًا‭ ‬بالفيروس،‭ ‬حيث‭ ‬تعدّ‭ ‬موطنًا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭.‬

‭ ‬يقع‭ ‬المشروع‭ ‬الفائز‭ ‬بمدينة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬وهي‭ ‬العاصمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للمغرب،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬أكبر‭ ‬مُدنه،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬سجلت‭ ‬أول‭ ‬حالة‭ ‬إصابة‭ ‬بالفيروس‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬حطّمت‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬لعدد‭ ‬حالات‭ ‬الإصابة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني،‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬مريض‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬المنصرم‭.‬

هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬الهائل‭ ‬لعدد‭ ‬الحالات‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬سببين‭ ‬رئيسيين،‭ ‬أولهما‭ ‬أن‭ ‬المدينة‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬العواصم‭ ‬الأكثر‭ ‬كثافة‭ ‬سكانية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمستوطنات‭ ‬البشرية،‭ ‬وتأتي‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الخامسة‭ ‬لأكثر‭ ‬المدن‭ ‬كثافة‭ ‬سكانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬دكا‭ ‬ومومباي‭ ‬وميديلين‭ ‬ومانيلا،‭ ‬أما‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬يعود‭ ‬بالأساس‭ ‬إلى‭ ‬هشاشة‭ ‬البنية‭ ‬الصحية‭ ‬بالمدينة،‭ ‬إذ‭ ‬يعد‭ ‬تفشي‭ ‬الفيروس‭ ‬بهذه‭ ‬القوة،‭ ‬مثالًا‭ ‬ممتازًا‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الهشّ‭ ‬والمخاطر‭ ‬التي‭ ‬يعكسها‭ ‬على‭ ‬السكان،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أكبر‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬تتمركز‭ ‬وسط‭ ‬المدينة،‭ ‬فيصعب‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬الأحياء‭ ‬الهامشية‭ ‬بالعاصمة‭. ‬هذا‭ ‬التمركز‭ ‬غير‭ ‬العادل‭ ‬لمرافق‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬يُعرّض‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأحياء‭ ‬لتهديدات‭ ‬الوباء‭ ‬والظلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والصحي‭. ‬

 

تحدٍّ‭ ‬كبير

وفقًا‭ ‬لإحصاءات‭ ‬وطنية،‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬المناطق‭ ‬ذات‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬العالية‭ ‬بالمدينة‭ ‬كانت‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا‭ ‬بالوبــاء،‭ ‬خـاصــة‭ ‬المهمّشـــة‭ ‬منـــها،‭ ‬مثـــل‭ ‬دور‭ ‬الصفيـح‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬ضواحي‭ ‬المدينة،‭ ‬والتي‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬شروط‭ ‬العيش،‭ ‬مــــن‭ ‬صــــرف‭ ‬صحــي،‭ ‬ومساحات‭ ‬عيش‭ ‬كافية‭ ‬وحتى‭ ‬مستوصف‭ ‬حي،‭ ‬فشكّلت‭ ‬هذه‭ ‬الأحياء‭ ‬بؤرًا‭ ‬خطيرة‭ ‬لانتشار‭ ‬العدوى‭. ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬والإحصاءات،‭ ‬مثّلت‭ ‬مدينة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬تحديًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لنا‭ ‬كمعماريين‭ ‬شباب،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬معمارية‭ ‬للمدينة،‭ ‬بشكل‭ ‬يساعدها‭ ‬على‭ ‬تخطّي‭ ‬الأزمة؟‭ ‬

هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬أجبرتنا‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬العام‭ ‬لمرافق‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬وطريقة‭ ‬تصميمها،‭ ‬خصوصًـــا‭ ‬أن‭ ‬منشـــآت‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬لا‭ ‬تلبي‭ ‬معاييــر‭ ‬الصحة‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬تحديدًا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الأزمة،‭ ‬إذ‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬أن‭ ‬المدينة‭ (‬كما‭ ‬في‭ ‬جلّ‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭) ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستعدة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬جائحة‭ ‬عالمية،‭ ‬لأنّه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تصميم‭ ‬أنظمة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬لدينا‭ ‬ولا‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لمنشآتنا‭ ‬الطبية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التدفق‭ ‬الهائل‭ ‬للمرضى‭ ‬ذوي‭ ‬الحالات‭ ‬الحرجة‭.‬

ترتكز‭ ‬الفكرة‭ ‬التصميمية‭ ‬للمشروع‭ ‬الفائز‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬أسطول‭ ‬الحافلات‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تخلّت‭ ‬عنها‭ ‬المدينة‭ ‬أخيرًا،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تملك‭ ‬أيّة‭ ‬فكرة‭ ‬مستقبلية‭ ‬لاستغلالها،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬هذه‭ ‬الحافلات‭ ‬تشكّل‭ ‬تهديدًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬وهنا‭ ‬يُطرح‭ ‬السؤال‭: ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬الحافلات‭ ‬بشكل‭ ‬مُستدام‭ ‬وإيكولوجي؟‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أتت‭ ‬الفكرة‭ ‬لإعادة‭ ‬استغلال‭ ‬الأسطول‭ ‬المُتخلّى‭ ‬عنه،‭ ‬لكن‭ ‬بوظيفة‭ ‬جديدة‭ ‬تمامًا،‭ ‬تتمثّل‭ ‬في‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬الأولية‭ ‬المتنقلة،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬نقلها‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬وفعّال‭ ‬إلى‭ ‬شتى‭ ‬أرجاء‭ ‬المدينة‭.‬

 

بؤر‭ ‬حساسة

عكس‭ ‬المنشآت‭ ‬الصحية‭ ‬التقليدية،‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المريض‭ ‬التنقل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬اكتظاظ‭ ‬سيئة‭ ‬وبيئة‭ ‬تشجّع‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬العدوى،‭ ‬ينتقل‭ ‬المشروع‭ ‬الفائز‭ ‬صوب‭ ‬المريض‭ ‬حتى‭ ‬مكان‭ ‬إقامته،‭ ‬ليقدّم‭ ‬له‭ ‬الرعاية‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الظروف،‭ ‬بفضل‭ ‬ميزة‭ ‬التنقل‭ ‬للحافلات‭ ‬الصحيــة،‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬الانتقال‭ ‬لمواقع‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬احتياجات‭ ‬كــــل‭ ‬حـــــيّ،‭ ‬حيــــث‭ ‬إن‭ ‬الأحيــــاء‭ ‬الهامشية‭ ‬وضواحي‭ ‬المدينـــة،‭ ‬سجّلــــت‭ ‬ومازالــــت‭ ‬تسجل‭ ‬بؤرًا‭ ‬حساسة‭ ‬للفيروس‭.‬

‭ ‬باستخدام‭ ‬شبكة‭ ‬الحافلات‭ ‬القديم‭ ‬والمتخلّى‭ ‬عنه،‭ ‬يقدّم‭ ‬المشروع‭ ‬استخدامًا‭ ‬بديلًا‭: ‬شبكةً‭ ‬صحية‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬أرجاء‭ ‬المدينة،‭ ‬فالمشروع‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التنقل‭ ‬حسب‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الأحياء‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬بؤرًا‭ ‬للفيروس،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحضرية‭ ‬الكثيفة،‭ ‬والأحياء‭ ‬المهمشة‭ ‬في‭ ‬ضواحي‭ ‬المدينة،‭ ‬حيث‭ ‬تنعدم‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية،‭ ‬تحقيقًا‭ ‬للعدالة‭ ‬الصحية‭ ‬والمســاواة‭ ‬الاجتماعــية‭ ‬فــي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الرعايـــة‭. ‬وهـــو‭ ‬سهـــل‭ ‬التجميع‭ ‬وسريع‭ ‬الانتقال،‭ ‬وبيئي،‭ ‬ومستدام‭ ‬وغير‭ ‬مكلّف‭.‬

من‭ ‬أهم‭ ‬ميزات‭ ‬المشروع‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬تكييفه‭ ‬مع‭ ‬سيناريوهات‭ ‬ومواقف‭ ‬مختلفة،‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أماكن‭ ‬وأحياء‭ ‬بالمدينة،‭ ‬مثل‭ ‬الساحات‭ ‬أو‭ ‬المتنزهات‭ ‬وأزقة‭ ‬الأحياء،‭ ‬بشكل‭ ‬يضمن‭ ‬سهولة‭ ‬الدخول‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬السكان‭.‬

يقــول‭ ‬سانــــدر‭ ‬شــــور‭ (‬معماري‭ ‬وباحث‭ ‬من‭ ‬نيويورك‭ ‬وعضو‭ ‬بلجنــة‭ ‬تحكيــــم‭ ‬الجائزة‭)‬،‭ ‬إن‭ ‬مـــا‭ ‬أثــــار‭ ‬إعجاب‭ ‬اللجنة،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬يمثّل‭ ‬استجابة‭ ‬سريعة‭ ‬وفعالة‭ ‬للأزمة‭ ‬الحالية،‭ ‬علاوة‭ ‬علـــى‭ ‬ذلـــك،‭ ‬سيقلــل‭ ‬من‭ ‬‮«‬البصمة‭ ‬البيئية‮»‬‭ ‬للحافلات‭ ‬القديمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تدويرها‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬عملي،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬لهذا‭ ‬المَعْلم‭ ‬المتنقل‭ ‬الذي‭ ‬حرَّك‭ ‬أفق‭ ‬المدينة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬عامًا‭.‬

 

دور‭ ‬المشروع‭ ‬بعد‭ ‬زمن‭ ‬الجائحة‭ ‬

تــــم‭ ‬تصميـــم‭ ‬المشــــروع‭ ‬ليعمل‭ ‬كوحدات‭ ‬تلقيح‭ ‬متنقلةـــ،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬جــــلّ‭ ‬بلـــدان‭ ‬العالم‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬ومن‭ ‬المرتقب‭ ‬أن‭ ‬يُسرع‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬وعلى‭ ‬أكبر‭ ‬نطاق،‭ ‬لأنّ‭ ‬المراكز‭ ‬المتنقلة‭ ‬تعني‭ ‬أنّ‭ ‬الناس‭ ‬لن‭ ‬يحتاجـــوا‭ ‬إلــــى‭ ‬التنقـــل‭ ‬مــن‭ ‬أجل‭ ‬تلقي‭ ‬اللقاح،‭ ‬وهو‭ ‬الشــيء‭ ‬الـــذي‭ ‬سيخفــــف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬الكبرى‭ ‬الموجودة‭ ‬بالمدينة‭.‬

‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬ينبغي‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬فيروس‭ ‬كوفيد‭ - ‬19‭ ‬قد‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬مشاكل‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحيــة‭ ‬لديــنا،‭ ‬والتــي‭ ‬يجب‭ ‬ألّا‭ ‬ننساها‭ ‬بمجــــرد‭ ‬أن‭ ‬يمرّ‭ ‬الوبــــاء،‭ ‬إن‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬تسلط‭ ‬الضـــــوء‭ ‬علـــى‭ ‬الحاجــــة‭ ‬إلــى‭ ‬التفكيـــر‭ ‬النــقــدي‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬المدن‭ ‬والعمارة‭ ‬وكيفية‭ ‬إدارتها،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬نتعلّم‭ ‬مـــن‭ ‬الجائحة‭ ‬الحالية،‭ ‬ونستخلص‭ ‬منها‭ ‬دروسًا‭ ‬كافية،‭ ‬مــــن‭ ‬أجل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاكل‭ ‬أخرى‭ ‬تهدد‭ ‬مدنـــنا‭ ‬مثــــل‭ ‬التغيّر‭ ‬المناخي،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬تهديدات‭ ‬كبرى‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬■

 

 

 

الصورة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمشروع‭ ‬الفائز‭ ‬بالجائزة‭ ‬