كوريا تتحدث «العربية» منذ 50 عامًا

كوريا تتحدث «العربية»  منذ 50 عامًا

في هدوء سيمرّ اليوم العالمي للغة العربية في مناطق كثيرة، غير أن الحال لن تكون كذلك في دولة مثل كوريا الجنوبية. 
خمسون عامًا تتعلّم كوريا اللغة العربية في هدوء وتركيز شديدين، تتقرب إليها ربما باعتبارات براجماتية تتصل بتسويق منتجاتها، وتأتي العربية بعد اللغة الإنجليزية من حيث الإقبال على تعلّمها، تشارك العربية منذ المراحل الأولى، ولها امتحان مستقل في المرحلة الثانوية، ينال إعدادًا يصعب وصفه، وبيان النظام الذي يقوم عليه «معسكر» إعداد الامتحان لمدة تقترب من الشهر. 
يدرّس الكوريون - بمساعدة أساتذة عرب - اللغة العربية الآن في 6 أقسام للغة العربية في 5 جامعات كورية، منها جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية. 
ومنذ أُسّس أول قسم لغة عربية على مستوى كوريا في تلك الجامعة عام 1965، وهي تشهد إقبالًا متزايدًا، فقد ارتفع عدد الطلاب ارتفاعًا كبيرًا، وتطورت عمليات الدراسة والتدريس والبحوث، بما أسهم في تحسين صورة اللغة العربية ورفع وعي الجماهير بالثقافة العربية في البلاد.

 

خمسون‭ ‬عامًا‭ ‬مرّت‭ ‬على‭ ‬تعليـــم‭ ‬اللغـــة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ففــــي‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2017‭ ‬احتفل‭ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربيـــة‭ ‬بجامعة‭ ‬هانكوك‭ ‬للدراسات‭ ‬الأجنبية‭ (‬H.U.F.S‭) ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭. ‬

ربما‭ ‬تكون‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أكثر‭ ‬انتشارًا‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬أخرى،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬أشدّ‭ ‬احتفاء‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الكوريين‭ ‬للدرجة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬معها‭ ‬اللغة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬الإنجليزية‭. ‬إن‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬لم‭ ‬تحتل‭ ‬منتجاتها‭ ‬شوارع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وبيوتها‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬المتزايد‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬كان‭ ‬فرعًا‭ ‬عن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬الدراما‭ ‬الكورية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬أنواع‭ ‬الدرامات‭ ‬المقبولة‭ ‬في‭ ‬عالَمنا‭ ‬العربي‭. ‬تعددت‭ ‬المظاهر‭ ‬بالمنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬والاهتمام‭ ‬واحد‭.‬

 

الكوريون‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية

لا‭ ‬ينسى‭ ‬الكوريون‭ ‬فترات‭ ‬نهاية‭ ‬الستينيات‭ ‬مرورًا‭ ‬بالسبعينيات‭ ‬والثمانينيات‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬نهضتها‭ ‬الاقتصادية؛‭ ‬حيث‭ ‬عملوا‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المختلفة،‭ ‬ومن‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬الكثيرين‭ ‬يحدثونك‭ ‬بامتنان‭ ‬بالغ‭ ‬عن‭ ‬ذكرياتهم‭ ‬هناك،‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬فرصة‭ ‬استماعك‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬شوارعها‭ ‬بالغة‭ ‬التواتر‭.‬

تنحني‭ ‬لذكاء‭ ‬الكورييـــن‭ ‬وأصالتهم‭ ‬حين‭ ‬تجدها‭ ‬تقدّم‭ ‬المنح‭ ‬المجانــية‭ ‬لطلاب‭ ‬عرب‭ ‬للدراسة‭ ‬بها،‭ ‬وتوفّر‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬ييسّر‭ ‬معيشتهم‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬ونفقة،‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬الاحتفال‭ ‬بيوم‭ ‬للّغة‭ ‬العربية‭ ‬تدعو‭ ‬إليه‭ ‬السفراء‭ ‬العرب‭ ‬كافة،‭ ‬وأغلبهم‭ ‬لا‭ ‬يهتم‭ ‬بالتفاعل،‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬سفيري‭ ‬الكويت‭ ‬والسعودية‭ - ‬فيما‭ ‬رأيت‭ - ‬وخصوصًا‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬المبتعثَات‭ ‬والمبتعَثين‭ ‬العرب‭ ‬إليها؛‭ ‬ربما‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الأمان‭ ‬الذي‭ ‬تستمع‭ ‬به‭ ‬دون‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوربا‭.‬

يذكر‭ ‬الكوريون‭ ‬بكل‭ ‬خير‭ ‬أساتذةً‭ ‬عملوا‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬والسودان‭ ‬وسورية‭ ‬ومصر،‭ ‬أو‭ ‬تعلّموا‭ ‬على‭ ‬أيديهم‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬وتونس‭ ‬والسودان‭ ‬وسورية‭ ‬والكويت،‭ ‬ويستمرون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الابتعاث‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬تبعًا‭ ‬لنظامهم‭ ‬المعروف‭ ‬بــ‭ (‬7+1‭)‬؛‭ ‬ويعني‭ ‬إرسال‭ ‬الطالب‭ ‬مدة‭ ‬فصل‭ ‬دراسي‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬عربية،‭ ‬بينما‭ ‬يقيم‭ ‬مدة‭ ‬7‭ ‬فصول‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬ذاتها،‭ ‬والأمر‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬الأساتذة‭ ‬الذين‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬الدكتوراه‭. ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬ذواتهم،‭ ‬ففتحوا‭ ‬نوافذ‭ ‬جديدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬سورية‭ ‬ومصر‭ ‬وتونس،‭ ‬وبدأوا‭ - ‬منذ‭ ‬فترة‭ - ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬بُلدان‭ ‬مثل‭ ‬الكويت‭ ‬وقطر‭ ‬والسعودية،‭ ‬واستمر‭ ‬الأردن‭ ‬ربما‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يذهب‭ ‬إليها‭ ‬الطالب‭ ‬الكوري‭.‬

 

مشكلات‭ ‬العربية‭ ‬عند‭ ‬الكوريين

ويحاولون‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬مشكلات‭ ‬صوتية‭ ‬نظرًا‭ ‬لغنى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬وفقر‭ ‬الكورية،‭ ‬ومشكلات‭ ‬دينية،‭ ‬ومعظمهم‭ ‬بلا‭ ‬دين‭ ‬أصلاً،‭ ‬والتفرقة‭ ‬بين‭ ‬المذكر‭ ‬والمؤنث،‭ ‬وطبيعة‭ ‬تركيب‭ ‬الأفعال‭ ‬عندهم،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مشكلات‭ ‬ثقافية‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعتهم‭ ‬الخجولة‭ ‬التي‭ ‬تمنعهم‭ ‬من‭ ‬مجرّد‭ ‬السؤال‭.‬

وتضعك‭ ‬تجربة‭ ‬تدريس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬أجنبية‭ ‬أمــــام‭ ‬نتيــــجـــة‭ ‬مؤداها‭ ‬أن‭ ‬مشكلات‭ ‬تدريس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬لغةً‭ ‬ثانيةً‭ ‬مشكلات‭ ‬ثقافية‭ ‬بالأساس،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تدابير‭ ‬جديدة،‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬ذاتها،‭ ‬وإنما‭ ‬للظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬بها‭. ‬

ليس‭ ‬العيـــب‭ ‬فـــي‭ ‬اللغـــة‭ ‬وصعوبتهـــا،‭ ‬لكــــن‭ ‬في‭ ‬تجمّد‭ ‬الوسائـــل‭ ‬التي‭ ‬يلتزمها‭ ‬الأستاذ‭ ‬العربي،‭ ‬وعدم‭ ‬تطوير‭ ‬نفسه،‭ ‬وافتقاد‭ ‬كتب‭ ‬للتدريبات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬ليس‭ ‬هنا‭ ‬مجال‭ ‬ذكرها‭.‬

يقومون‭ ‬بالتعليم‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬أسميته‭ - ‬حين‭ ‬عملت‭ ‬هناك‭ ‬لفترة‭ - ‬‮«‬حدّ‭ ‬الكفاية»؛‭ ‬فلا‭ ‬يزيدون‭ ‬في‭ ‬الشرح‭ ‬عن‭ ‬حدّ‭ ‬الاتصال،‭ ‬ويركّزون‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬دون‭ ‬أدبها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فالمَهرة‭ ‬منهم‭ ‬قليلون،‭ ‬لكنّهم‭ ‬يغطّون‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬السفارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬من‭ ‬مثل‭: ‬K.B.S،‭ ‬و‮«‬يونهاب‮»‬،‭ ‬وكذا‭ ‬بالسفارات‭ ‬العربية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬مترجمين‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الكورية‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬قِبلة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬العرب،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لعمليات‭ ‬التجميل‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬ذائعة‭ ‬الصيت‭ ‬فيها‭.‬

خمس‭ ‬جامعات‭ ‬بها‭ ‬أقسام‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تدريس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بجامعات‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬عددها‭ ‬إلى‭ ‬6‭ ‬أقسام‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬جامعات‭. ‬الأول‭ ‬في‭ ‬فرع‭ ‬جامعة‭ ‬هانكوكوك‭ ‬بالعاصمة‭ ‬سيول،‭ ‬والثاني‭ ‬في‭ ‬فرع‭ ‬الجامعة‭ ‬نفسها‭ ‬بمنطقة‮ «‬يونج‭ ‬إن‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬العاصمة‭ ‬سيول‭ ‬هناك‭ ‬قسم‭ ‬ثالث‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ميونج‭ ‬جي‭. ‬وهناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقسام‭ ‬خارج‭ ‬العاصمة؛‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بوسان،‭ ‬والثاني‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬دانكوك،‭ ‬والثالث‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬مقاطعة‭ ‬جوانج‭ ‬جو‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬تشوسُن،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بكلـــية‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬للترجمة‮ ‬GSIT‮ ‬في‭ ‬جامعــــة‭ ‬هانكـــوك،‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬درجتي‭ ‬الماجستير‭ ‬والدكـــتوراه‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬العربــية‭ ‬لطلاب‭ ‬يختارهم‭ ‬القسم‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬خريجي‭ ‬أقسام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الـ‭ ‬6‭ ‬بكوريا،‭ ‬مقتصرًا‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬السنوات‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬10‭ ‬طلاب‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الأول‭.‬

 

اللغة‭ ‬الأمّ‭ ‬لغة‭ ‬ثانية

لم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬اللياقة‭ ‬الثقافية‭ ‬والوعي‭ ‬الحضاري‭ ‬أن‭ ‬نناقش‭ ‬الآن‭ ‬دور‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الهوية،‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬تعليم‭ ‬لغتنا‭ ‬بوصفها‭ ‬لغة‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬تدعيم‭ ‬أواصر‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬وسبله،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ - ‬يبدو‭ - ‬قدر‭ ‬ثقافتنا‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬تجتر‭ ‬بديهيات‭ ‬معرفية،‭ ‬وأن‭ ‬تناقش‭ ‬أمورًا‭ ‬صارت‭ ‬معلومة‭ ‬بالضرورة‭.‬

تضعك‭ ‬تجربة‭ ‬تعليم‭ ‬لغتك‭ ‬الأم‭ ‬لغة‭ ‬ثانية‭ ‬أمام‭ ‬تصوّر‭ ‬جديد‭ ‬لها،‭ ‬فتراجع‭ ‬تصوراتك‭ ‬الثابتة‭ ‬عنها،‭ ‬وتروح‭ ‬تحاول‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مداخل‭ ‬جديدة‭ ‬لتدريسها‭ ‬دون‭ ‬طنطنة‭ ‬قومية‭ ‬لا‭ ‬محلّ‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الإعراب،‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬اقتصارك‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬الاعتزاز‭ ‬بها،‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الإعراب‭. ‬

ولا‭ ‬نبالغ‭ ‬إن‭ ‬اعتبرنا‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬مظهرًا‭ ‬لنشر‭ ‬الثقافة،‭ ‬وتجليًّا‭ ‬لسيادتها،‭ ‬وإبرازًا‭ ‬لمسيرة‭ ‬من‭ ‬مقولات‭ ‬تطويرها،‭ ‬وتجسيدًا‭ ‬للاهتمام‭ ‬بها‭. ‬هكذا‭ ‬تقول‭ ‬التجربة‭ ‬حين‭ ‬تكتشف‭ ‬اعتمادك‭ ‬على‭ ‬كتب‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬مطابع‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬ينقصها‭ ‬ما‭ ‬ينقصها،‭ ‬ولا‭ ‬تراعي‭ ‬متطلبات‭ ‬العصر،‭ ‬وكون‭ ‬اللغة‭ ‬كائنًا‭ ‬حيًّا،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬حيوية‭ ‬مما‭ ‬نتصور‭. ‬وإذا‭ ‬انغمست‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬لغة‭ ‬ثانية‭ ‬بان‭ ‬لك‭ ‬تقصيرنا‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬كتب‭.‬

 

مشاكل‭ ‬تعلُّم‭ ‬اللغة

تعاني‭ ‬أقسام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬عدة‭ ‬مشكلات‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تدريس‭ ‬هذه‭ ‬اللغة،‭ ‬تتمثّل‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬عدد‭ ‬الساعات‭ ‬المخصصة‭ ‬لمواد‭ ‬اللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬العربيتين‭. ‬ويرجع‭ ‬السبب‭ ‬أساسًا‭ ‬إلى‭ ‬سياسات‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬تفضّل‭ ‬تبنّي‭ ‬الطالب‭ ‬تخصصين،‭ ‬وهذا‭ ‬لغرض‭ ‬إتاحة‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للطلاب‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭. ‬

‭ ‬وأكثر‭ ‬مقـــــررات‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬مخصصــــة‭ ‬للقـــــواعـــد‭ ‬والمطالعــــة‭ ‬والاستماع‭ ‬والمحادثــــة‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬مواد‭ ‬أساسية‭ ‬لتعلّــــم‭ ‬أية‭ ‬لغة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الساعـــات‭ ‬المخصصــــة‭ ‬لهــــذه‭ ‬المــــواد‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬لتحسين‭ ‬المهارة‭ ‬اللغوية‭ ‬لدى‭ ‬الطالب‭. ‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬يصعب‭ ‬تخصيص‭ ‬ساعات‭ ‬كافية‭ ‬لتدريس‭ ‬الأدب،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تعلُّم‭ ‬اللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬العربيتين‭. ‬تشمل‭ ‬مناهج‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬لجامعتي‭ ‬مقررات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬العربي،‭ ‬والقصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬والشّعر،‭ ‬والمسرحية،‭ ‬والمقالات‭ ‬والمنوعات‭ ‬الأدبية‭. ‬

ويستطيع‭ ‬الطلاب‭ ‬أن‭ ‬يختاروا‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬كلّها،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يأخذون‭ ‬مادتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثًا‭ ‬فحسب،‭ ‬وبعضهم‭ ‬لا‭ ‬يأخذون‭ ‬مادة‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬

في‭ ‬جامعة‭ ‬هانكوك‭ ‬مجلات‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وجمعية‭ ‬للأدب‭ ‬العربي‭ ‬تنقل‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬إلى‭ ‬لغتهم،‭ ‬وهي‭ ‬مجهودات‭ ‬قد‭ ‬تخلـــو‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬أقسام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭.‬

لا‭ ‬تتعجب‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬50‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬البعيد؛‭ ‬فهي‭ ‬لغة‭ ‬مصونة،‭ ‬يكتب‭ ‬لها‭ ‬الله‭ ‬الحفظَ‭ ‬والانتشار،‭ ‬ويسخِّر‭ ‬لاستمرارها‭ ‬عوامل‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬أصحابها،‭ ‬ولعلّ‭ ‬من‭ ‬حظها‭ ‬الحسـن‭ ‬أن‭ ‬حفظــهــا‭ ‬ليــس‭ ‬موكولًا‭ ‬بهم‭ ‬■

داهون‭ ‬كيم‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬يحتفل‭ ‬بتخرجه