الاستثمار في الثقافة مؤسسة سلطان العويس... إرث ثقافي مستمر

الاستثمار في الثقافة مؤسسة سلطان العويس... إرث ثقافي مستمر

حضارات المدن في ثقافتها، يؤسّسها الإنسان ويبنيها وينتج فيها ويطورها، وتأخذ أشكالًا متعددة، من الجامعات والمراكز التعليمية والمكتبات بأنواعها، والإنترنت ومحتواه اللانهائي، وكذلك الصحف والمجلات، والقنوات التلفزيونية الفضائية والإذاعية، والأندية الاجتماعية الثقافية، التي تتصارع فيها النقاشات عبر حلبات حوارية مختلفة، وغيرها، وهي عادة ما تُديرها الهيئات والحكومات أو بعض المؤسسات الخاصة والمراكز الاجتماعية والوسائل الإعلامية. وتستثمر الدول المتحضرة الثقافة في أشكال عدّة، حيث تستقطب شريحة من المهتمين بالثقافة من أصحاب المهن الاستشارية والاجتماعية، عن طريق الإعلانات والترويج لها، وتقديم أنشطة ثقافية متنوعة تعدّ مصدر جذب للمستثمرين، باستهداف تلك الشرائح بطرق محفّزة وذكية، تضمن للمستثمر استمرار تدفّق الأموال. وهو سوق وليد جديد وحضاري يفتح فيه أفق أوسع للمجتمع والمستثمر. فاستثمارات الدول هي محرّك اقتصادها، وهي أيضًا ديمومة استمراريتها. 

 

  ‬من‭ ‬بين‭ ‬أزقة‭ ‬البيوت‭ ‬الطينية‭ ‬القديمة،‭ ‬نراه‭ ‬صبيًا‭ ‬يعدو‭ ‬قادمًا‭ ‬من‭ ‬شاطئ‭ ‬الشارقة،‭ ‬حيث‭ ‬ترسو‭ ‬سفن‭ ‬العائلة‭ ‬التي‭ ‬صارعت‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬لتنتقي‭ ‬منها‭ ‬أجمل‭ ‬اللآلئ‭ ‬المخبأة‭ ‬في‭ ‬جوفها‭ ‬وأندرها،‭ ‬متوجهًا‭ ‬للكُتَاب‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الصغير،‭ ‬حيث‭ ‬يتعلّم‭ ‬القرآن‭ ‬ومبادئ‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬والحساب،‭ ‬فاشتبك‭ ‬أريج‭ ‬الكتب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الولد‭ ‬اليافع‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬العويس،‭ ‬وتشرب‭ ‬من‭ ‬أسفاره‭ ‬البحرية‭ ‬للهند‭ ‬وغيابه‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬عن‭ ‬الوطن،‭ ‬وصراخ‭ ‬الحنين‭ ‬والشوق‭ ‬ولّد‭ ‬رقّة‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬ترجمها‭ ‬بعذب‭ ‬الكلمات‭ ‬الشعرية،‭ ‬فأبحر‭ ‬من‭ ‬مراسيها‭ ‬يجوب‭ ‬ويلتقي‭ ‬الشعراء‭ ‬أينما‭ ‬كانوا‭.‬

‭ ‬انبهر‭ ‬بالهند،‭ ‬لكونها‭ ‬مركزًا‭ ‬مدنيًا‭ ‬وتجاريًا‭ ‬وثقافيًا‭ ‬مليئًا‭ ‬بالبشر‭ ‬والصخب‭ ‬والتطور‭ ‬والعجائب،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يره‭ ‬من‭ ‬قبلُ‭ ‬في‭ ‬بيئته‭ ‬الصحراوية،‭ ‬ولَد‭ ‬لديه‭ ‬شغف‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والسّفر‭ ‬والترحال‭. ‬فكانت‭ ‬أحلام‭ ‬هذا‭ ‬الصبي‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الحيرة‭ ‬بالشارقة‭ ‬بعام‭ ‬1925،‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬الهطول‭ ‬في‭ ‬عقل‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬المغامر‭ ‬البحار‭ ‬والتاجر‭ ‬الشاعر،‭ ‬فنبتت‭ ‬فكرة‭ ‬العمل‭ ‬للآخرين‭ ‬مع‭ ‬بناء‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬بالحيرة،‭ ‬ومع‭ ‬مشاهدة‭ ‬الصف‭ ‬الدراسي‭ ‬ذي‭ ‬العشرين‭ ‬طالبًا‭ ‬تحفز‭ ‬لديه‭ ‬حب‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬لبناء‭ ‬مشروع‭ ‬يفيد‭ ‬الآخرين،‭ ‬فابتعث‭ ‬لاحقًا‭ ‬الطلبة‭ ‬لمصر‭ ‬وبيروت‭ ‬عبر‭ ‬البحر،‭ ‬ثم‭ ‬السودان‭ ‬والمغرب‭ ‬لاستكمال‭ ‬دراستهم‭ ‬هناك،‭ ‬وتطورت‭ ‬الشارقة‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬بإنشاء‭ ‬مركز‭ ‬طبي‭ ‬وشركة‭ ‬كهرباء‭ ‬محلية‭ ‬وهاتف‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬حضوره‭ ‬للملتقيات‭ ‬والندوات‭ ‬الفكرية‭ ‬وعيش‭ ‬السجالات‭ ‬وصراع‭ ‬الأفكار‭ ‬ولقاءات‭ ‬مع‭ ‬المفكرين‭ ‬والأدباء‭ ‬والشعراء‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬ودمشق‭ ‬والقاهرة‭ ‬والهند‭. ‬تمخّض‭ ‬من‭ ‬ثقافات‭ ‬المدن‭ ‬شاعر‭ ‬مرهف‭ ‬الحس‭ ‬عاشق‭ ‬للجمال،‭ ‬فنشر‭ ‬أولى‭ ‬قصائده‭ ‬بمجلة‭ ‬ورود‭ ‬في‭ ‬بيروت‭. ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬ردّد‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬قصائده‭:‬

دعوا‭ ‬ذا‭ ‬العقل‭ ‬منطلقًا‭ ‬ليرقى

فكلّ‭ ‬قيودنا‭ ‬رمز‭ ‬انحطاط

أتينا‭ ‬للحياة‭ ‬بلا‭ ‬شروط

بأي‭ ‬حق‭ ‬نُوضع‭ ‬في‭ ‬الرباط؟

‭ ‬كاللؤلؤة‭ ‬في‭ ‬المحار‭ ‬قاوم‭ ‬البدائية‭ ‬والبساطة‭ ‬والرجعية،‭ ‬واتّجه‭ ‬نحو‭ ‬التطور‭ ‬والعلياء،‭ ‬زاده‭ ‬الشغف‭ ‬والعلم‭. ‬وبتراجع‭ ‬تجارة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬آنذاك‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬كله،‭ ‬وظهور‭ ‬شركات‭ ‬بترولية‭ ‬ومصارف‭ ‬واستثمارات،‭ ‬آثر‭ ‬العمال‭ ‬العمل‭ ‬بها،‭ ‬كان‭ ‬لزامًا‭ ‬على‭ ‬أسرة‭ ‬العويس‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬بالدخول‭ ‬بالتجارة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬فأسس‭ ‬مصرفًا،‭ ‬واتجه‭ ‬لبناء‭ ‬سدود‭ ‬في‭ ‬الفجيرة،‭ ‬ثم‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬بشكل‭ ‬أوسع‭.‬

‭ ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الثروة‭ ‬تحقّق‭ ‬جانبًا‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬والحرية،‭ ‬والجانب‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬مشروع‭ ‬إنمائي‭ ‬إبداعي،‭ ‬وأن‭ ‬السعادة‭ ‬الذاتية‭ ‬مقرونة‭ ‬بفعل‭ ‬إنساني،‭ ‬وكان‭ ‬يقول‭ ‬اما‭ ‬نفع‭ ‬الثروة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬السعادة‭ ‬للآخرين،‭ ‬وبلوغ‭ ‬الحريّة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬بالعلمب‭.. ‬ويردد‭: ‬اكل‭ ‬المبدعين‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬مات‭ ‬جسد‭ ‬منهم،‭ ‬لكنّ‭ ‬الموت‭ ‬ما‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يلغي‭ ‬عطاءهم‭ ‬أو‭ ‬يفني‭ ‬إبداعهم،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬الخلودب‭.‬

 

صرح‭ ‬ثقافي‭ ‬شامخ

    ‬تجولت‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الثقافي‭ ‬الشامل‭ ‬ذي‭ ‬الواجهة‭ ‬الزجاجية‭ ‬الضخمة،‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬النور‭ ‬والضياء‭ ‬للمستويين‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬من‭ ‬المبنى،‭ ‬مما‭ ‬يضفي‭ ‬جوًا‭ ‬من‭ ‬الانشراح‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬المساحة‭ ‬والحركة،‭ ‬كما‭ ‬اشتملت‭ ‬أدواره‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬ببيئة‭ ‬العمل،‭ ‬فاحتوى‭ ‬على‭ ‬بهو‭ ‬كبير‭ ‬تقام‭ ‬فيه‭ ‬المعارض‭ ‬السنوية،‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬كافيه‭ ‬وإنترنت‭ ‬للزائرين‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الأدوار‭ ‬العلوية،‭ ‬فقد‭ ‬افترش‭ ‬المسرح‭ ‬الكبير‭ ‬مكانه‭ ‬حاضنًا‭ ‬350‭ ‬مقعدًا،‭ ‬مع‭ ‬آلية‭ ‬مرنة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬فيها‭ ‬عدد‭ ‬المقاعد‭ ‬فتكمل‭ ‬الخمسمئة‭ ‬مقعد،‭ ‬مرفقة‭ ‬بتقنيات‭ ‬عرض‭ ‬بتكنولوجيا‭ ‬حديثة‭ ‬متقدمة،‭ ‬وفي‭ ‬الركن‭ ‬الآخر‭ ‬كانت‭ ‬قاعة‭ ‬مخصصة‭ ‬لاجتماعات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمناء،‭ ‬ومكاتب‭ ‬للموظفين‭ ‬والإداريين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مكتبة‭ ‬للقراء‭ ‬تضمّ‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬25‭ ‬كتابًا‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭. ‬

واستثمرت‭ ‬بقية‭ ‬البناية‭ ‬سكنًا‭ ‬خاصًا‭ ‬للموظفين‭ ‬وسكان‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬نتاج‭ ‬الاستثمار‭ ‬التجاري‭ ‬للمرحوم‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬العويس،‭ ‬الذي‭ ‬ينفق‭ ‬من‭ ‬ريعه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬الضخمة،‭ ‬التي‭ ‬سُميت‭ ‬بـ‭ ‬انوبل‭ ‬العربب،‭ ‬وذلك‭ ‬لقيمة‭ ‬الجائزة‭ ‬وتنوّع‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬والصفوة‭ ‬من‭ ‬الفائزين‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وكذلك‭ ‬لفريق‭ ‬عملها‭ ‬المؤتمن‭.‬

 

أمانة‭ ‬عامة‭ ‬ومجلس‭ ‬أمناء

تعد‭ ‬جائزة‭ ‬السلطان‭ ‬عويس‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬أسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬وتقام‭ ‬كل‭ ‬سنتين،‭ ‬جائزة‭ ‬مستقلة‭ ‬ومحايدة،‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬في‭ ‬معايير‭ ‬منحها‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الإبداعي،‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الاتجاهات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬المعتقدات‭ ‬الفكرية‭ ‬للمرشحين،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬تميّز‭ ‬بين‭ ‬لون‭ ‬أو‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬جنس،‭ ‬لذلك‭ ‬جاءت‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬محكّمًا،‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬بعضهم‭ ‬إلا‭ ‬قبل‭ ‬انعقادها،‭ ‬ويتغيرون‭ ‬كل‭ ‬دورة،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬عربية‭ ‬مختلفة،‭ ‬يقيّمون‭ ‬الأعمال‭ ‬الإبداعية‭ ‬باستقلالية‭ ‬تامة،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬ضغوط‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وبعيدة‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬معتقدات‭ ‬فكرية‭ ‬للمرشحين‭. ‬

وتهدف‭ ‬الجائزة‭ ‬البالغة‭ ‬قيمتها‭ ‬الإجمالية‭ ‬الحالية‭ ‬600‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬بواقع‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حقل‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬وتكريم‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬والمفكرين‭ ‬والعلماء‭ ‬العرب،‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬الإثراء‭ ‬الفكري‭ ‬والعلمي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬والعلوم‭ ‬بالوطن‭ ‬العربي‭.‬

وتنقسم‭ ‬الجائزة‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬حقول،‭ ‬هي‭ ‬الشعر،‭ ‬القصة‭ ‬والرواية‭ ‬والمسرحية،‭ ‬والدراسات‭ ‬الأدبية‭ ‬والنقد،‭ ‬الدراسات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬جائزة‭ ‬الإنجاز‭ ‬الثقافي‭ ‬والعلمي‭ ‬التي‭ ‬يختار‭ ‬فيها‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬المؤسسة‭ ‬شخصية‭ ‬ثقافية‭ ‬أو‭ ‬علمية‭ ‬أو‭ ‬عامة،‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬تركت‭ ‬بصمة‭ ‬وأثرًا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الثقافية‭.‬

‭ ‬ويتم‭ ‬الترشيح‭ ‬لنيل‭ ‬الجائزة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الاتحادات‭ ‬والروابط‭ ‬والأسر‭ ‬الأدبية‭ ‬والأندية‭ ‬الثقافية‭ ‬والجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭. ‬وترسل‭ ‬الترشيحات‭ ‬عند‭ ‬زيارة‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬عبر‭ ‬الرابط‭ ‬www.alowais.com‭ ‬

 

مجلة‭ ‬العربي‭... ‬أولى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المكرّمة

‭ ‬دليل‭ ‬صريح‭ ‬وجليّ‭ ‬على‭ ‬سمو‭ ‬أهداف‭ ‬مؤسسة‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية،‭ ‬وهو‭ ‬الإيمان‭ ‬بدور‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬احتضان‭ ‬الأدباء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والعلماء‭ ‬والنشر‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬مطبوعة‭ ‬تطوف‭ ‬أرجاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬الأزمنة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬عليها،‭ ‬فساهمت‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬الشأن‭ ‬العربي‭ ‬واللحمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستنارة‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬رحلتها‭ ‬الممتدة‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الخمسينيات،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬عبر‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬والهادف‭ ‬للنهوض‭ ‬الفكري‭ ‬بالأمة‭ ‬العربية،‭ ‬متخطية‭ ‬بذلك‭ ‬كل‭ ‬الانكسارات‭ ‬والتحولات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬وهبوط‭ ‬وانقسام،‭ ‬متكئة‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬ووحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬أساسًا‭ ‬لبنيانها،‭ ‬فكانت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬فاز‭ ‬بجائزة‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬تتويجًا‭ ‬وتكريمًا‭ ‬لمسيرتها‭ ‬الثقافية،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬وربط‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬بأرضه‭ ‬وعروبته،‭ ‬فأصبحت‭ ‬استطلاعاتها‭ ‬نافذة‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬والعالم‭ ‬بأسره،‭ ‬وحشدت‭ ‬المصورين‭ ‬والمحررين‭ ‬والفنيين‭ ‬المتميزين‭ ‬لقيادتها‭ ‬إلى‭ ‬برّ‭ ‬الأمان،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬متغيرات‭ ‬كثيرة‭ ‬هوجاء‭ ‬واستقرار‭ ‬متأمل،‭ ‬فكان‭ ‬اختيار‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬مؤسسة‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬االعربيب‭ ‬اعترافًا‭ ‬أيضًا‭ ‬بدور‭ ‬المؤسسات‭ ‬العلمية‭ ‬والثقافية‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الفكر‭ ‬التوعوي‭ ‬والحضاري‭ ‬والمستقبلي‭.‬

 

حفل‭ ‬توزيع‭ ‬الجوائز

وبترحيب‭ ‬من‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬عبدالإله‭ ‬عبدالقادر،‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬لها،‭ ‬عبدالحميد‭ ‬أحمد،‭ ‬أقيمت‭ ‬احتفالية‭ ‬الدورة‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ (‬2018‭ - ‬2019‭)‬،‭ ‬بحضور‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬جائزة‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬د‭. ‬أنور‭ ‬قرقاش،‭ ‬ورئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الاتحادي،‭ ‬صقر‭ ‬غباش،‭ ‬ووزير‭ ‬الدولة‭ ‬الإماراتي‭ ‬أحمد‭ ‬الصايغ،‭ ‬وحشد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والإعلاميين‭.‬

‭ ‬تم‭ ‬تكريم‭ ‬الفائزين‭ ‬بجائزة‭ ‬سلطان‭ ‬العويس،‭ ‬حيث‭ ‬نالها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بجائزة‭ ‬الإنجاز‭ ‬الثقافي‭ ‬والعلمي‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والشاعر‭ ‬العراقي‭ ‬علي‭ ‬جعفر‭ ‬العلاق‭ ‬عن‭ ‬حقل‭ ‬الشعر،‭ ‬والروائية‭ ‬اللبنانية‭ ‬عَلَوية‭ ‬صبح‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬القصة‭ ‬والرواية‭ ‬والمسرحية،‭ ‬والمفكر‭ ‬السوداني‭ ‬حيدر‭ ‬إبراهيم‭ ‬علي‭ ‬عن‭ ‬الدراسات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬والناقد‭ ‬التونسي‭ ‬محمد‭ ‬لطفي‭ ‬اليوسفي‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬الأدبية‭ ‬والنقد،‭ ‬ووصل‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬المتقدمين‭ ‬لنيل‭ ‬الجوائز‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬إلى‭ ‬1745،‭ ‬وتخللت‭ ‬الحفل‭ ‬أمسية‭ ‬شعرية‭ ‬للشاعر‭ ‬علي‭ ‬العلاق‭.‬

‭ ‬ولفت‭ ‬الانتباه‭ ‬وجود‭ ‬معرض‭ ‬للوحات‭ ‬نظمته‭ ‬المؤسسة‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬الحفل‭ ‬للفائزين،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬رسمها‭ (‬بورتريه‭) ‬للفائزين‭ ‬بريشة‭ ‬فنانين‭ ‬معروفين‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬

‭ ‬كما‭ ‬أقامت‭ ‬المؤسسة‭ ‬حفلًا‭ ‬غنائيًا‭ ‬كبيرا‭ ‬بعنوان‭ ‬اسهرة‭ ‬مع‭ ‬النغم‭ ‬الجميلب‭ ‬أحيته‭ ‬الفنانة‭ ‬الأردنية‭ ‬نداء‭ ‬شرارة‭.‬

 

إعلاء‭ ‬كلمة‭ ‬الثقافة

‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬د‭. ‬قرقاش،‭ ‬بعد‭ ‬كلمة‭ ‬ترحيبية‭ ‬للضيوف،‭ ‬توجيه‭ ‬الشكر‭ ‬لمؤسس‭ ‬الجائزة‭ ‬سلطان‭ ‬العويس،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬تقديرًا‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬إعلاء‭ ‬كلمة‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬والأنشطة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬وإيصال‭ ‬رسالة‭ ‬شكر‭ ‬للذين‭ ‬أعطوا‭ ‬أعمارهم‭ ‬للنهوض‭ ‬بحاضر‭ ‬أمّتهم،‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بماضي‭ ‬أجدادهم،‭ ‬وإضاءة‭ ‬الطريق‭ ‬للأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬لتنهل‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬وترتوي‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭. ‬

    ‬وأضاف‭: ‬اأن‭ ‬مؤسسة‭ ‬سلطان‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬تواكب‭ ‬التطورات‭ ‬الثقافية‭ ‬العربية‭ ‬وتختبر‭ ‬أمزجة‭ ‬الثقافة‭ ‬المنفتحة‭ ‬على‭ ‬زمن‭ ‬جديد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬المؤسسة‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬أبوابها‭ ‬للتجارب‭ ‬الشابة،‭ ‬واحتضان‭ ‬أنشطة‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بالثقافة‭ ‬المعاصرة،‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬الهوية‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حقولها،‭ ‬مشجعة‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العمل،‭ ‬لتظل‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬متوهجة‭ ‬ببريق‭ ‬الشباب‭ ‬وعزمهم‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬أمّتهم‭ ‬بلغة‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬العصر‭ ‬وتراعي‭ ‬قيم‭ ‬الأمس‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬مكتسبات‭ ‬الحضارة‭ ‬العربية‭. ‬وإننا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمناء‭ ‬حريصون‭ ‬على‭ ‬المكاسب‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬مسيرة‭ ‬المؤسسة،‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها،‭ ‬التي‭ ‬تستمد‭ ‬حيويتها‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬الإمارات‭ ‬الرائدة،‭ ‬وهي‭ ‬الخيمة‭ ‬الأساسية‭ ‬والآمنة‭ ‬التي‭ ‬تترعرع‭ ‬في‭ ‬ظلها‭ ‬مؤسسة‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية،‭ ‬بفضل‭ ‬السياسة‭ ‬الحكيمة‭ ‬للقيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدةب‭.‬

 

الثقافة‭ ‬ﻣﻧﺑت‭ ‬اﻹﻧﺳﺎن‭ ‬

من‭ ‬ﻛﻠﻣﺔ‭ ‬المكرمين‭ ‬التي‭ ‬ألقتها‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ﻟﺣﻔل‭ ‬ﺟواﺋز‭ ‬ﻣؤﺳّﺳﺔ‭ ‬سلطان‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬عمقت‭ ‬فيه‭ ‬جمال‭ ‬التعمق‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬فقالت‭: ‬

اإن‭ ‬ﻛﺎن‭ ‬ﻣن‭ ‬ﺻوت‭ ‬يؤمن‭ ‬أن‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬تحرر‭ ‬إﻟﻰ‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم‭ ‬الجمال‭ ‬والمحبة،‭ ‬فهو‭ ‬ﺑﻛل‭ ‬تأكيد‭ ‬ﻛﺎن‭ ‬يبصر‭ ‬بعيداً‭: ‬كيف‭ ‬ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬قدرتها‭ ‬ﻋﻠﻰ‭ ‬أن‭ ‬ﺗﺻﻧﻊ‭ ‬الطريق،‭ ‬وأن‭ ‬ﺗﻣﻧﺢ‭ ‬للحياة‭ ‬صفاتها‭ ‬وملامحها‭. ‬إن‭ ‬ﻛﺎنَ‭ ‬لهذا‭ ‬اﻟﺻوت‭ ‬اﺳم،‭ ‬ﻓﻼ‭ ‬ﺑد‭ ‬أﻧﮫ‭ ‬يحاول‭ ‬النجاة‭ ‬ﺑﺎﻟﻔﻛرة‭ ‬ﻣن‭ ‬حضنها‭ ‬اﻷول‭ ‬إﻟﻰ‭ ‬ﺣﺿن‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم،‭ ‬حيث‭ ‬اﻷﺣﻼم‭ ‬ﺗﻛﺑر‭ ‬سريعاً،‭ ‬ويصير‭ ‬لها‭ ‬وﺟﮫ‭ ‬واﺳم‭ ‬وﻣﻌﻧﻰ‭. ‬وحيث‭ ‬اﻟﺛقافة‭ ‬هي‭ ‬اﻟﺑﺎطن‭ ‬اﻟﺧﻔﻲ‭ ‬لقطعة‭ ‬الحياة‭ ‬اﻟﺗﻲ‭ ‬نعيش‭. ‬وهي‭ ‬حافظة‭ ‬اﻟﻣﻌﻧﻰ‭ ‬وﻣﻠﻣس‭ ‬اﻟذاﻛرة‭. ‬وﻋﻠﻰ‭ ‬سبيل‭ ‬اﻟﺟﻣﺎل،‭ ‬ﻓﻛل‭ ‬ﻓﻛرة‭ ‬تحدثها‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬تصير‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬اللاﺣقِ‭ ‬نهراً‭. ‬ﻗد‭ ‬ﻻ‭ ‬يعرف‭ ‬الاتجاهات‭ ‬كلها،‭ ‬ﻟﻛﻧّﮫ‭ ‬يصنع‭ ‬الطريق‭. ‬وفيه‭ ‬ﺗﺗوﻏّلُ‭ ‬اﻟﺳّﻔﺎﺋنُ‭ ‬ﺑﺎﺗّﺟﺎهِ‭ ‬البعيد‭ ‬رﺑﻣﺎ‭ ‬أو‭ ‬المجهول،‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬سبيل‭  ‬أن‭ ‬تزهر‭ ‬الناحية‭ ‬اﻷﺧرى‭ ‬ﻣن‭ ‬اﻟﻘﻠب‭ ‬واﻟوﻗت‭.‬

وﻋﻠﻰ‭ ‬سبيل‭ ‬اﻟﻣﺣﺑﺔ،‭ ‬ﻓﺎﻟﻔﻌل‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ‭ ‬ﻣﺎ‭ ‬يمنح‭ ‬ﻟﻺﻧﺳﺎنِ‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬ﻣرّﺗﮫ‭ ‬اﻷوﻟﻰ‭ ‬عينا،‭ ‬ﺛم‭ ‬ﺑﺻرًا،‭ ‬وبعدها‭ ‬بصيرة،‭ ‬ﻟذا‭ ‬وإن‭ ‬ﺟﻠﺑت‭ ‬ﻣـــن‭ ‬ﺧـــﻼل‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬ﻣن‭ ‬أﺟل‭ ‬اﻹﻧﺳﺎن‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم‭/ ‬ﻛل‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم،‭ ‬سيدرك‭ ‬سحيقا‭ ‬أﻧﮫ‭ ‬اﻟﻧﺎﺟﻲ‭ ‬اﻟذي‭ ‬ﺗطﺎرده‭ ‬اﻟﻔﻛرة،‭ ‬وأﻧﮫ‭ ‬المتمهل‭ ‬اﻟذي‭ ‬يستوقفه‭ ‬الجمال،‭ ‬وأﻧﮫ‭ ‬اﻟﻣﺻﺎب‭ ‬بشغف‭ ‬اﻻﻛﺗﺷﺎف‭ ‬وﻛﺄﻧﮫ‭ ‬يتحسس‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم‭ ‬ﺑﻘﻠﺑﮫ،‭ ‬وأﻧﮫ‭ ‬اﻟذي‭ ‬يقول‭ ‬ﻣﺎ‭ ‬يرى‭ ‬ويشعر‭ ‬وليس‭ ‬ﻓﻘط‭ ‬ﻣﺎ‭ ‬يعرف‭. ‬

فالثقافة‭ ‬هي‭ ‬منبت‭ ‬اﻹﻧﺳﺎن‭ ‬ﻋﻠﻰ‭ ‬وﺟﮫ‭ ‬اﻟﻣﻌرﻓﺔ،‭ ‬وهي‭ ‬ﺷﺟﺎﻋﺔ‭ ‬الحالمين‭ ‬للنجاة‭ ‬بأحلامهم‭ ‬ﺷﻌرًا،‭ ‬وأدﺑًﺎ،‭ ‬وﻣﻌﻣﺎرًا،‭ ‬وﻣﻌرﻓﺔً،‭ ‬وﻓﻧًّﺎ،‭ ‬وﻧﻘدًا‭ ‬ووهجا‭. ‬اليوم،‭ ‬وﻣؤﺳﺳﺔ‭ ‬سلطان‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية،‭ ‬ﺗﺳﻣّﻲ‭ ‬المثقفين‭ ‬ﺑﻣﺎ‭ ‬يمنحون،‭ ‬وﺗﻌطﻲ‭ ‬ﻣن‭ ‬اﻟﻣﺣﺑﺔ‭ ‬نصيباً‭ ‬ﻷوﻟﺋك‭ ‬الذين‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬أيديهم‭ ‬ﻗدرة‭ ‬إيقاظ‭ ‬اﻟﺟﻣﺎل‭ ‬ﻣن‭ ‬ﺟذر‭ ‬الأشياء‭. ‬هنا،‭ ‬معها‭ ‬ﻧﻠﺗﻘﻲ،‭ ‬ﻛﻲ‭ ‬نراهن‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬ﻋﻠﻰ‭ ‬اﻷﺻوات‭ ‬اﻟﺗﻲ‭ ‬ﺗﻧزﱡ‭ ‬للحياة‭ ‬حكاياتها‭. ‬

ﻛل‭ ‬ﻣﻌرﻓﺔ‭ ‬ﺗﺻﻧﻊ‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬هذا‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم،‭ ‬ﻋﻠﻰ‭ ‬سبيل‭ ‬اﻟوﻓﺎء‭ ‬ﻟﻠذاﻛرة‭ ‬ستنجو‭. ‬ﻛل‭ ‬قصيدة‭ ‬تطال‭ ‬جهة‭ ‬اﻟﻘﻠب،‭ ‬ستصير‭ ‬ﻗﻠﺑًﺎ‭.‬

ﻛل‭ ‬ﻓن‭ ‬يماثل‭ ‬اﻟﺣب‭ ‬ﻓﻲ‭ ‬ﻛوﻧﮫ‭ ‬غير‭ ‬ﻗﺎﺑل‭ ‬ﻟﻠﻣﺣوِ،‭ ‬سيكبر‭. ‬ﻛل‭ ‬ﺣﻠم‭ ‬يحرسه‭ ‬ﻓﻌل‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬سيطلق‭ ‬ﻧﻔﺳﮫ‭ ‬إﻟﻰ‭ ‬ﺧﺎرج‭ ‬اﻟرأس‭ ‬إﻟﻰ‭ ‬ﻣﺗﺳﻊِ‭ ‬الحياة‭. ‬ﻟذا‭ ‬ﺷﻛرًا‭ ‬عميقة،‭ ‬ﻣن‭ ‬اﻟﻘﻠب،‭ ‬حيث‭ ‬ﺳﺎﻋﻲ‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬ينسج‭ ‬ﻣﻠﻣﺳًﺎ‭ ‬ﻟﻠﺣﻠم‭ ‬العنيد،‭ ‬ﺷﻛرًا‭ ‬ﻟﻣﺣﺑﺔٍ‭ ‬وارﻓﺔٍ،‭ ‬ﻻ‭ ‬زاﻟت‭ ‬ﺗﺻدق‭ ‬وتلهم،‭ ‬أن‭ ‬لهذا‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم‭ ‬سينبت‭ ‬أﻣل‭ ‬ﻣﺎ،‭ ‬رﺑﻣﺎ‭ ‬ﻣن‭ ‬ﺣﻠم‭ ‬أو‭ ‬قصيدة‭ ‬أو‭ ‬ﺟﻣﻠﺔ‭ ‬جميلة‭ ‬ﺗوﻟد،‭ ‬ﺷﻛرًا‭ ‬ﻟﻣؤﺳﺳﺔ‭ ‬سلطان‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬،‭ ‬اﻟﺗﻲ‭ ‬راهنت‭ ‬وتراهن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‭ ‬هي‭ ‬بصيرة‭ ‬اﻟﻌﺎﻟم،‭ ‬ﻛﻲ‭ ‬يدل‭ ‬الطريق‭. ‬وﻷﺟل‭ ‬ذﻟك،‭ ‬ﺳﻧواﺻل‭ ‬خلق‭ ‬الجمال،‭ ‬وإﺑداع‭ ‬اﻟﻔﻛرة،‭ ‬وتصديق‭ ‬اﻟﻣﺣﺑﺔ،‭ ‬اﻟﺗﻲ‭ ‬هي‭ ‬أﺟﻣل‭ ‬ﻣﺎ‭ ‬ﻗد‭ ‬ﻧﻣﻧﺢ‭ ‬ونعطيب‭.‬

 

أيادٍ‭ ‬استثمارية‭ ‬ثقافية‭ ‬

‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬مؤسسة‭ ‬سلطان‭ ‬العويس‭ ‬في‭ ‬ديمومة‭ ‬عطائها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تركه‭ ‬المؤسس،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬تكفي‭ ‬لإدارة‭ ‬أعمالها‭ ‬دون‭ ‬انقطاع،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬بتشجيع‭ ‬الأدباء‭ ‬والعلماء‭ ‬وتكريمهم‭ ‬لإبداعهم‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬والأدبي،‭ ‬وإحياء‭ ‬روح‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬مبدعي‭ ‬الكلمة‭ ‬ومتلقيها‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬الفرص‭ ‬للقاءات‭ ‬وتباحث‭ ‬سائر‭ ‬حقول‭ ‬المعرفة،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬والفكر‭ ‬والعلوم،‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬الإبداعية‭ ‬المعرفية‭.‬

  ‬وكما‭ ‬خطط‭ ‬لها‭ ‬سلطان‭ ‬العويس‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جائزة‭ ‬لتشجيع‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتَاب‭ ‬والمفكرين‭ ‬والعلماء‭ ‬العرب‭ ‬وتكريمهم،‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬إعلاء‭ ‬المستوى‭ ‬الفكري‭ ‬والعلمي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الثقافة‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭.‬

ولنا‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬دار‭ ‬سعاد‭ ‬الصباح‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‭, ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985م‭ ‬وتدعم‭ ‬الكتاب‭ ‬والمبدعين‭ ‬العرب‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬الأدبية‭ ‬والعلمية،‭ ‬وكذلك‭ ‬مؤسسة‭ ‬الشعر‭ ‬العربي‭ ‬لصاحبها‭ ‬د‭. ‬عبدالعزيز‭ ‬سعود‭ ‬البابطين،‭ ‬وتندرج‭ ‬تحتها‭ ‬مكتبة‭ ‬البابطين،‭ ‬ولها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدورات‭ ‬والجوائز‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬سنويًا،‭ ‬وما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬محمد‭ ‬الشارخ‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬في‭ ‬تعريب‭ ‬المحتوى‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬معجم‭ ‬إلكتروني‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬125‭ ‬ألف‭ ‬كلمة،‭ ‬و35‭ ‬ألف‭ ‬مرادف،‭ ‬مع‭ ‬خدمة‭ ‬التصويب‭ ‬والتنقيح،‭ ‬لمواكبة‭ ‬المتطلبات‭ ‬الحياتية‭ ‬نواتجها‭ ‬مجانًا‭ ‬للعامة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭.‬

هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬الحضارية‭ ‬المحمودة‭ ‬تخلّد‭ ‬أصحابها‭ ‬وتنور‭ ‬شعوبًا‭ ‬بأكملها،‭ ‬لذلك‭ ‬وجب‭ ‬تنميتها‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وتطويرها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬الإكثار‭ ‬منها،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬سلوكًا‭ ‬حضاريًا‭ ‬نبيلًا‭ ‬يقتدى‭ ‬به‭ ■‬