الطبابة والرقمنة... آمال وتحديات مؤتمر علمي في دولة الكويت

الطبابة والرقمنة... آمال وتحديات مؤتمر علمي في دولة الكويت

شهدت العاصمة الكويتية، في ديسمبر الماضي، انعقاد مؤتمر «الصحة الرقمية»، وهو موضوع جديد على الساحة البحثية والأكاديمية، والأول من نوعه في البلاد. أوراق علمية وورش تخصصية وطاولات حوارية مستديرة خلال 16 جلسة، ناقش فيها المؤتمرون المستجدات العلمية في مجال الطب الرقمي والتحديات التي يفرضها على مقدّمي الخدمة الصحية ومستقبليها، وشارك في أعمال المؤتمر ثلّة من المختصين في الخدمة الطبية من مختلف دول العالم.

 

من‭ ‬الثابت‭ ‬أن‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬قد‭ ‬أضافت‭ ‬بُعدًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لمختلف‭ ‬ميادين‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬ترقية‭ ‬العمل‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬البساط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لإنسان‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬سواء‭ ‬المؤسسات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬الطبية‭ ‬أو‭ ‬التربوية،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬اتصل‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬العمل‭ ‬الإداري‭ ‬ونماذج‭ ‬الحوكمة‭ ‬المستحدثة‭. ‬

ولا‭ ‬ريب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬اندماج‭ ‬التقنيات‭ ‬الرقمية‭ ‬بالحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬كافة،‭ ‬وتداخل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬بالثورة‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬الرقمية،‭ ‬أثار‭ ‬جدلاً‭ ‬واسعًا،‭ ‬وأفرز‭ ‬تحديات‭ ‬وصعوبات‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬عنه‭ ‬تبسيط‭ ‬وسهولة‭ ‬في‭ ‬مجريات‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬صعيد‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬المتصلة‭ ‬بالإنسان‭ ‬اتصالًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬الطبابة‭ ‬والصحة،‭ ‬إذ‭ ‬بات‭ ‬مفهوم‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬يشهد‭ ‬ذيوعًا‭ ‬وانتشارًا‭ ‬في‭ ‬الأروقة‭ ‬العلمية‭ ‬للأكاديميات‭ ‬الغربية،‭ ‬نظرًا‭ ‬لما‭ ‬تشكّله‭ ‬التقنيات‭ ‬الرقمية‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬يرفد‭ ‬الخدمة‭ ‬الصحية،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تجويدها‭ ‬وتيسيرها‭. ‬

غير‭ ‬أنَّ‭ ‬تلك‭ ‬التقنيات‭ ‬تخلق‭ ‬واقعًا‭ ‬يتطلب‭ ‬مواكبته‭ ‬بالأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬العلمية،‭ ‬فالتحديات‭ ‬كثيرة‭ ‬والتبيئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ضرورية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬

ولئن‭ ‬كان‭ ‬للتقنيات‭ ‬الرقمية‭ ‬حضور‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الإداري‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بترتيب‭ ‬زيارات‭ ‬المريض‭ ‬وحجز‭ ‬المواعيد‭ ‬وما‭ ‬شابه،‭ ‬فإن‭ ‬دخول‭ ‬تلك‭ ‬التقنيات‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬الممارسة‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬القيام‭ ‬ببعض‭ ‬المهام‭ ‬العلاجية‭ ‬الدقيقة‭ ‬كفحص‭ ‬الأمراض‭ ‬ومراقبة‭ ‬المريض‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬وتوافره‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬عبر‭ ‬تطبيقات‭ ‬صحية‭ ‬خاصة،‭ ‬يشكّل‭ ‬تحديًا‭ ‬على‭ ‬مستويين‭ ‬متكاملين؛‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬المستوى‭ ‬الأكاديمي‭ ‬العلمي‭ ‬والنظري،‭ ‬لمّا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يستوجب‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬لا‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬الكليات‭ ‬الطبية،‭ ‬وإنما‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬كليات‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والإنسانية‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬نحت‭ ‬مفاهيم‭ ‬نظرية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬المتسارعة‭ ‬ودراسة‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تحكم‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭.‬

أما‭ ‬التحدي‭ ‬الآخر‭ ‬فيتمثّل‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬المؤسساتية‭ ‬والحكومية‭ ‬بالإدارة‭ ‬الصحية،‭ ‬وكيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬أمثل‭ ‬استفادة‭ ‬من‭ ‬مجريات‭ ‬التطور‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭.  

إن‭ ‬دخول‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭ ‬المختلفة‭ ‬يفرض‭ ‬توجيه‭ ‬الجهود‭ ‬نحو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تجويد‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬المنافع‭ ‬الممكنة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الذكاء،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬سمته‭ ‬القلق‭ ‬المستمر‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬الواقع‭ ‬العالمي‭ ‬المعاصر‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬كافة،‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وبيئية‭ ‬وأخلاقية،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الأمراض‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يأتي‭ ‬مؤتمر‭ ‬الكويت‭ ‬الأول‭ ‬للصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬ليكون‭ ‬بمنزلة‭ ‬مساحة‭ ‬فسيحة‭ ‬للنقاش‭ ‬وتبادل‭ ‬الآراء‭ ‬والأفكار‭ ‬وزوايا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بموضوع‭ ‬علاقة‭ ‬الطب‭ ‬والصحة‭ ‬بالثورة‭ ‬الرقمية‭. ‬

حضر‭ ‬المؤتمر،‭ ‬الذي‭ ‬نظّمته‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬لفيف‭ ‬من‭ ‬المختصين‭ ‬والخبراء‭ ‬والمهتمين‭ ‬من‭ ‬بقاع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬ولعلّ‭ ‬ما‭ ‬ميز‭ ‬المؤتمر‭ ‬اتخاذه‭ ‬جلسات‭ ‬العمل‭ ‬الحوارية‭ ‬والورش‭ ‬العملية‭ ‬شكلًا‭ ‬أساسيًّا‭ ‬لجلساته،‭ ‬حيث‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬المحاور‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬أعمدة‭ ‬المؤتمر‭ ‬وأرضيته،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬محاضرات‭ ‬تقليدية‭ ‬مهمة،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬المحاضرات‭ ‬الخمس‭.‬

المؤتمر‭ ‬الذي‭ ‬تواصل‭ ‬ليومين‭ ‬حافلين‭ ‬بنشاط‭ ‬مستمر،‭ ‬افتتحه‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬الكويتي‭ ‬الشيخ‭ ‬د‭. ‬باسل‭ ‬الصباح،‭ ‬بحضور‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭. ‬

وفي‭ ‬كلمة‭ ‬له،‭ ‬شدد‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬لما‭ ‬تتيحه‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬واعدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬أداء‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬وتحقيق‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬ومؤشرات‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬الشاملة،‭ ‬التزامًا‭ ‬بالأهداف‭ ‬والغايات‭ ‬العالمية‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالصحة‭ ‬وبرؤية‭ ‬الكويت‭ ‬2035‭.‬

وعبّر‭ ‬الوزير‭ ‬عن‭ ‬ثقته‭ ‬بأن‭ ‬المناقشات‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬ستشهدها‭ ‬فعاليات‭ ‬المؤتمر‭ ‬وخلاصة‭ ‬الأوراق‭ ‬العلمية‭ ‬ستمثّل‭ ‬أحد‭ ‬الروافد‭ ‬الخصبة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لتحديث‭ ‬ومتابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬وخطط‭ ‬العمل‭ ‬وبرامج‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭.‬

وتناولت‭ ‬المحاضرات‭ ‬مواضيع‭ ‬متباينة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬النظر‭ ‬لذات‭ ‬الموضوع،‭ ‬فقد‭ ‬ناقشت‭ ‬المحاضرة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬شكل‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬سيادة‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية،‭ ‬وألقى‭ ‬المحاضرة‭ ‬كبير‭ ‬المستشارين‭ ‬العلميين‭ ‬بمعهد‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬التابع‭ ‬لكلية‭ ‬إمبريال‭ ‬لندن،‭ ‬البروفيسور‭ ‬هتان‭ ‬أشرفيان،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قدّم‭ ‬البروفيسور‭ ‬شافي‭ ‬أحمد،‭ ‬وهو‭ ‬جراح‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬ورقة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬االفرص‭ ‬والابتكارات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬الرقميةب‭.‬

وكان‭ ‬االاتجاهات‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬الصحة‭ ‬الرقميةب‭ ‬هو‭ ‬عنوان‭ ‬ورقة‭ ‬ألقاها‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬وإدارة‭ ‬المعلومات‭ ‬بجامعة‭ ‬كارولينا‭ ‬الشرقية،‭ ‬البروفيسور‭ ‬شاوبينج‭ ‬تسنغ‭. ‬ومن‭ ‬الأوراق‭ ‬العلمية‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬جانبًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية،‭ ‬وهو‭ ‬الجانب‭ ‬القانوني‭ ‬والأمن‭ ‬المعلوماتي‭ ‬تلك‭ ‬المعنونة‭ ‬بـ‭ ‬االخصوصية‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحيةب‭ ‬كشف‭ ‬فيها‭ ‬المحامي‭ ‬والقانوني‭ ‬نديم‭ ‬شوين،‭ ‬المختص‭ ‬بالممارسات‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي،‭ ‬التقاطعات‭ ‬بين‭ ‬المدونات‭ ‬القانونية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬والتقنيات‭ ‬الرقمية‭ ‬المستحدثة‭. ‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬استعرضت‭ ‬المديرة‭ ‬التنفيذية‭ ‬للمعهد‭ ‬الرقمي‭ ‬التابع‭ ‬لهيئة‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬راتشيل‭ ‬دنكومب،‭ ‬تجربة‭ ‬المعهد‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬المرقمنة‭.‬

أما‭ ‬الجلسات‭ ‬الحوارية‭ ‬فشملت‭ ‬جلسة‭ ‬مخصصة‭ ‬لعلم‭ ‬البيانات‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬إذ‭ ‬تشهد‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬تطورًا‭ ‬هائلًا،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬تحديًا‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نظم‭ ‬المعلومات‭ ‬لابتداع‭ ‬أنظمة‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬ضمان‭ ‬تيسير‭ ‬وإدارة‭ ‬البيانات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تحليلات‭ ‬دقيقة‭ ‬للمعطيات‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحية‭. ‬

وهناك‭ ‬جلسة‭ ‬تناولت‭ ‬تعزيز‭ ‬سلامة‭ ‬المرضى‭ ‬عبر‭ ‬التقنيات‭ ‬الرقمية،‭ ‬مثل‭ ‬البوابات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬للمرضى‭ ‬وحجز‭ ‬المواعيد‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭ ‬والوصفات‭ ‬الدوائية‭ ‬وغيرها،‭ ‬وكذلك‭ ‬ناقشت‭ ‬المنافع‭ ‬الكبيرة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المبتكرات‭ ‬الرقمية‭.‬

ولم‭ ‬يغب‭ ‬عن‭ ‬الجلسات‭ ‬تناول‭ ‬أهمية‭ ‬بناء‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬للصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬والمعلوماتية،‭ ‬وضرورة‭ ‬تبنّي‭ ‬المبتكرات‭ ‬ودعم‭ ‬المبتكرين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬سيشهد‭ ‬تغيّرًا‭ ‬جذريًا‭ ‬لمفهوم‭ ‬الخدمة‭ ‬الطبية‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬من‭ ‬علاماتها‭ ‬إشراك‭ ‬المرضى‭ ‬وتمكينهم‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬العلاج،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬الشفاء،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬دور‭ ‬المريض‭ ‬مجرد‭ ‬متلقّ‭ ‬سلبي‭ ‬للخدمة،‭ ‬بل‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التطبيب‭ ‬عبر‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة‭ ‬الطبية‭ ‬الصحيحة‭ ‬والممارسة‭ ‬التطبيبية‭ ‬ذاتها‭. ‬

ولا‭ ‬ريب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬شكل‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬يعِدُ،‭ ‬هو‭ ‬الآخر،‭ ‬بتغييرات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬استخدام‭ ‬الروبوتات‭ ‬الذكية‭ ‬المعيّنة‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬واعتماد‭ ‬التطبيقات‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬لقياس‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬وفحص‭ ‬مستوى‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الدم،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬كثير‭ ‬مما‭ ‬سيجعل‭ ‬من‭ ‬نظرتنا‭ ‬للمستشفى‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما‭ ‬عما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الراهن‭. ‬

وللمؤتمر‭ ‬أهداف‭ ‬عديدة‭ ‬مُعلنة‭ ‬في‭ ‬برنامجه‭ ‬الافتتاحي،‭ ‬منها‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬بدور‭ ‬المعلوماتية‭ ‬الصحية‭ ‬والصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬العاملين‭ ‬بمختلف‭ ‬المستويات‭ ‬الوظيفية‭ ‬ومن‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات،‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات،‭ ‬بل‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬توصيات‭ ‬سياسية‭ ‬لتمكين‭ ‬تنمية‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتوفير‭ ‬منصة‭ ‬للتبادل‭ ‬والتفاعل‭ ‬لدعم‭ ‬تطوير‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬وتبادل‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬وتقنيات‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭.‬

وفي‭ ‬يومه‭ ‬الختامي،‭ ‬خلص‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬المؤتمر‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬الهادفة‭ ‬لتعزيز‭ ‬بيئة‭ ‬مناسبة‭ ‬للصحة‭ ‬الرقمية،‭ ‬فشدّدوا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتواءم‭ ‬استراتيجية‭ ‬ورؤية‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬والمعلوماتية‭ ‬مع‭ ‬استراتيجية‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬وكذلك‭ ‬رؤية‭ ‬الكويت‭ ‬الرقمية،‭ ‬ووجوب‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجية‭ ‬للصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬ومواءمتها‭ ‬مع‭ ‬المعايير‭ ‬المفتوحة‭ ‬والمعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليًا‭.‬

واقترحت‭ ‬التوصيات‭ ‬إنشاء‭ ‬أكاديمية‭ ‬للصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬وحوكمة‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تبنّي‭ ‬القوانين‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتطبيق‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية‭ ‬

د‭. ‬محمد‭ ‬الخشتي‭ ‬الوكيل‭ ‬المساعد‭ ‬لشؤون‭ ‬التخطيط‭ ‬والجودة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بالكويت‭ ‬مكرماً‭ ‬عبدالله‭ ‬الرقادي‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬بحضور‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والباحثين‭ ‬المختصين‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬الرقمية