أبطال الصف الثاني

أبطال الصف الثاني

فنانان عظيمان من أبطال الصف الثاني، لم يلتقيا في أي عمل فني، لكن جمع ذكرتيهما شهر سبتمبر، ذكرى ميلاد شفيق نور الدين، وذكرى رحيل إبراهيم الشامي، فنانان مصريان محيران يؤديان كل الأدوار، هما أشبه بالقبائل الرحّل الذين يرحلون إلى أي جهة، مؤمنان بأن مهنة الفن لا تختلف عن مهنة أي حرفي، أو صنايعي ماهر، مسؤول عن تقديم ما هو جيد وباق.

بدأ‭ ‬شفيق‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬الفن‭ ‬كهواية،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬صبيًا‭ ‬في‭ ‬قريته‭ ‬بجيرم‭ ‬بمحافظة‭ ‬المنوفية،‭ ‬كون‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أصدقائه‭ ‬فرقة‭ ‬تمثيلية،‭ ‬تقدم‭ ‬فصول‭ ‬سمر‭ ‬في‭ ‬الأفراح‭ ‬والمناسبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬قريته،‭ ‬وحين‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الصنايع،‭ ‬انفتح‭ ‬أمامه‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬رحابة‭ ‬على‭ ‬الفن،‭ ‬فترك‭ ‬مدرسة‭ ‬الصنايع‭ ‬ليلتحق‭ ‬بمعهد‭ ‬التمثيل‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1933،‭ ‬بعدما‭ ‬انتظم‭ ‬في‭ ‬المحاضرات‭ ‬المسرحية‭ ‬وتتلمذ‭ ‬على‭ ‬يدي‭ ‬جورج‭ ‬أبيض‭ ‬وزكي‭ ‬طليمات‭.‬

كانت‭ ‬مدرسته‭ ‬الثانية‭ ‬لتعلم‭ ‬أصول‭ ‬التمثيل‭ ‬هي‭ ‬"الكمبوشة"،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬شفيق‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬ملقنًا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسرحيات،‭ ‬بعدما‭ ‬التحق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1936‭ ‬بالفرقة‭ ‬القومية‭ ‬بلا‭ ‬أجر،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اختبره‭ ‬المخرج‭ ‬عزيز‭ ‬عيد،‭ ‬فتقررت‭ ‬له‭ ‬مكافأة‭ ‬شهرية‭ ‬قدرها‭ ‬ثلاثة‭ ‬جنيهات‭. ‬فجمع‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬ملقنًا‭ ‬وبين‭ ‬الأدوار‭ ‬الثانوية‭ ‬في‭ ‬مسرحيات‭ ‬الفرقة‭ ‬القومية،‭ ‬ثم‭ ‬جاءته‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المخرج‭ ‬فتوح‭ ‬نشاطي،‭ ‬فأسند‭ ‬إليه‭ ‬دور‭ ‬الكاهن‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬اتوت‭ ‬عنخ‭ ‬آمونب‭ ‬عام‭ ‬1942،‭ ‬وبنجاح‭ ‬أدائه‭ ‬للدور‭ ‬بدأت‭ ‬تتوالى‭ ‬عليه‭ ‬الأعمال‭ ‬المسرحية،‭ ‬وأسند‭ ‬إليه‭ ‬المخرج‭ ‬زكي‭ ‬طليمات‭ ‬دور‭ ‬اأبو‭ ‬شوالب‭ ‬في‭ ‬الأوبريت‭ ‬الشهير‭ ‬اعزيزة‭ ‬ويونسب،‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬بيرم‭ ‬التونسي‭. ‬ويلتفت‭ ‬صنّاع‭ ‬السينما‭ ‬إليه،‭ ‬ويكون‭ ‬أول‭ ‬ظهور‭ ‬لشفيق‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬مرابي‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬طاقية‭ ‬الإخفاء‭ ‬للمخرج‭ ‬نيازي‭ ‬مصطفى‭ ‬عام‭ ‬1944،‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬نفس‭ ‬الدور‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أفلام،‭ ‬منها‭ ‬رجل‭ ‬لا‭ ‬ينام‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬والمليونير‭ ‬عام‭ ‬1950،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬أعطى‭ ‬لدور‭ ‬المرابي‭ ‬فيها‭ ‬بعدًا‭ ‬آخر‭ ‬يحمل‭ ‬الجد‭ ‬والهزل‭ ‬معًا‭.‬

وكما‭ ‬كان‭ ‬المخرج‭ ‬فتوح‭ ‬نشاطي‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬أول‭ ‬فرصة‭ ‬لشفيق‭ ‬نور‭ ‬الدين،‭ ‬فهو‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬انتدب‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬القومي‭ ‬ليشارك‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسرحيات،‭ ‬ليبدأ‭ ‬ابن‭ ‬قرية‭ ‬أبو‭ ‬صير‭ ‬بمحافظة‭ ‬الغربية‭ ‬رحلته‭ ‬الاحترافية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الفن،‭ ‬الذي‭ ‬بدأه‭  ‬كأحد‭ ‬المؤسسين‭ ‬للمسرح‭ ‬العسكري،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬حصل‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬على‭ ‬الدبلوم‭ ‬الصناعي،‭ ‬عمل‭ ‬بسلاح‭ ‬الصيانة‭ ‬بالجيش‭ ‬المصري،‭ ‬وظهر‭ ‬شغفه‭ ‬بالمسرح،‭ ‬فبدأ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المسرح‭ ‬الديني‭ ‬ثم‭ ‬المسرح‭ ‬العسكري‭ ‬بالقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬ليحصل‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ ‬على‭ ‬وسام‭ ‬التفوق‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الفنون‭ ‬المسرحية‭ ‬وقتها‭. ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬مسيرة‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬ستتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬عندما‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬ليحارب‭ ‬مع‭ ‬المقاومة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وتم‭ ‬أسره،‭ ‬وحُكم‭ ‬عليه‭ ‬بالإعدام‭ ‬مع‭ ‬الممثل‭ ‬الكبير‭ ‬حسن‭ ‬عابدين،‭ ‬لكن‭ ‬تم‭ ‬تحريرهما‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭.‬

 

البداية‭ ‬الحقيقية

لم‭ ‬يبدأ‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬العمل‭ ‬بالسينما‭ ‬إلا‭ ‬عام‭ ‬1952‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اأمالب‭ ‬للمخرج‭ ‬يوسف‭ ‬معلوف،‭ ‬وتأليف‭ ‬هنري‭ ‬بركات،‭ ‬ويوسف‭ ‬عيسى،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬المسرح‭ ‬هو‭ ‬بدايته‭ ‬الحقيقية،‭ ‬بداية‭ ‬قدم‭ ‬فيها‭ ‬مسرحيات‭ ‬عديدة،‭ ‬منها‭ ‬اقمبيزب،‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬أمير‭ ‬الشعراء‭ ‬أحمد‭ ‬شوقي،‭ ‬ثم‭ ‬توالت‭ ‬الأدوار،‭ ‬التي‭ ‬أداها‭ ‬بروح‭ ‬مولعة‭ ‬بالنقاط‭ ‬والتفاصيل‭. ‬ما‭ ‬بين‭ ‬حاجبيه‭ ‬لوزة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تفارقه،‭ ‬أعطت‭ ‬له‭ ‬وجهًا‭ ‬صارمًا،‭ ‬ليقع‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ ‬البداية،‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬مدهش،‭ ‬وما‭ ‬يقرأه‭ ‬على‭ ‬تغضنات‭ ‬الجبين،‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬أحد‭ ‬صاحب‭ ‬الحضور‭ ‬المميز‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬البدوي‭ ‬الشيخ‭ ‬مساعد‭ ‬الطوبي،‭ ‬والد‭ ‬الخائن‭ ‬الجاسوس‭ ‬منصور،‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬إعدام‭ ‬ميت‭ ‬للمخرج‭ ‬علي‭ ‬عبدالخالق‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬وقصاصه‭ ‬العادل‭ ‬لوطنه‭ ‬وهو‭ ‬يطعن‭ ‬ابنه‭ ‬الوحيد‭ ‬قائلاً‭ ‬ابإيدي‭ ‬أطهرك‭ ‬من‭ ‬الخيانة‭ ‬يا‭ ‬ولديب،‭ ‬ودور‭ ‬سيد‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬كتيبة‭ ‬الإعدام‭ ‬للمخرج‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬عام‭ ‬1989‭.‬

أدوار‭ ‬وطنية‭ ‬وأعمال‭ ‬تتسم‭ ‬بالرصانة‭ ‬والوقار،‭ ‬لا‭ ‬إراديًا‭ ‬كان‭ ‬الشامي‭ ‬يوظف‭ ‬حسّه‭ ‬الأخلاقي‭ ‬بوصفه‭ ‬أداة‭ ‬تمثيلية،‭ ‬فتشحن‭ ‬المشهد‭ ‬وتمده‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬المصداقية‭ ‬والإمتاع‭. ‬إمتاعٌ‭ ‬زاد‭ ‬عليه‭ ‬شفيق‭ ‬نورالدين،‭ ‬والذي‭ ‬ترك‭ ‬بصمة‭ ‬لا‭ ‬تُنسى،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬لدقائق‭ ‬معدودة،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬ينسى‭ ‬المزور‭ ‬مقلد‭ ‬التوقيع‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬نظارته‭ ‬تحت‭ ‬قدم‭ ‬العملاق‭ ‬برعي‭ ‬شناكل‭ ‬ارياض‭ ‬القصبجيب‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬االأستاذة‭ ‬فاطمةب‭ ‬عام‭ ‬1952،‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالستار‭ ‬المخلص‭ ‬الوفي‭ ‬لجاره‭ ‬صاحب‭ ‬العزبة‭ ‬عمر‭ ‬الشريف‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اسيدة‭ ‬القصرب‭ ‬عام‭ ‬1958‭.‬

تألق‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأدوار،‭ ‬الكوميدية‭ ‬منها‭ ‬والتراجيدية،‭ ‬دور‭ ‬الأب‭ ‬المصدوم‭ ‬في‭ ‬ابنه‭ ‬صدقناه‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬االقاهرة‭ ‬30ب،‭ ‬كما‭ ‬صدقناه‭ ‬كموظف‭ ‬يحترمه‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬امراتي‭ ‬مدير‭ ‬عامب،‭ ‬أتقن‭ ‬جميع‭ ‬أدواره‭ ‬خاصة‭ ‬الموظف‭ ‬الأب‭ ‬المكافح،‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬واجهته‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته،‭ ‬فقد‭ ‬تزوج‭ ‬وأنجب‭ ‬من‭ ‬الأبناء‭ ‬ستة،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬مادية‭ ‬قاسية‭ ‬ترك‭ ‬الفن،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬قريته‭ ‬ليفتح‭ ‬محلًا‭ ‬لبيع‭ ‬الألبان‭ ‬والخبز‭ ‬لمدة‭ ‬عام‭ ‬ونصف،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يحتمل‭ ‬البعاد‭ ‬عن‭ ‬المسرح،‭ ‬فعاد‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬ليمارس‭ ‬عمله‭ ‬الذي‭ ‬يعشقه‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

 

عطاء‭ ‬غير‭ ‬محدود

كانت‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات‭ ‬هي‭ ‬قمة‭ ‬عطاء‭ ‬شفيق‭ ‬نورالدين‭ ‬ونضجه‭ ‬الفني،‭ ‬رفض‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬الخاص‭ ‬بكل‭ ‬مغرياته‭ ‬المادية،‭ ‬وقدم‭ ‬أدواره‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬القومي،‭ ‬أدوار‭ ‬علقت‭ ‬في‭  ‬الذاكرة،‭ ‬كسائق‭ ‬الأتوبيس‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬اسكة‭ ‬السلامةب،‭ ‬وكروان‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬احلاوة‭ ‬زمانب،‭ ‬والشاويش‭ ‬حسن‭ ‬في‭ ‬االسبنسةب،‭ ‬وعبدالموجود‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬االصفقةب،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬المسرحية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬المسرح‭. ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬السينما‭ ‬قدم‭ ‬شفيق‭ ‬نورالدين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي،‭ ‬تتنوع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التاريخية‭ ‬والكوميدية‭ ‬والرومانسية،‭ ‬حتى‭ ‬الغنائية‭ ‬مع‭ ‬أنور‭ ‬وجدي‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬أفلامه‭ ‬ليلى‭ ‬بنت‭ ‬الفقراء،‭ ‬ودهب‭ ‬وأربع‭ ‬بنات‭ ‬وظابط‭ ‬وياسمين‭.‬

‭ ‬‭ ‬وكما‭ ‬قدم‭ ‬شفيق‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬قدم‭ ‬أيضًا‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬وخمسين‭ ‬عملًا‭ ‬بدوره،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مسرح‭ ‬وسينما‭ ‬ومسلسل‭ ‬إذاعي‭ ‬وسهرة‭ ‬تلفزيونية،‭ ‬نشاطه‭ ‬متألق‭ ‬وحسه‭ ‬الديني‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬اختياراته،‭ ‬فقد‭ ‬قدم‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أعمال‭ ‬دينية،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1953‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬ابلال‭ ‬مؤذن‭ ‬الرسولب‭ ‬للمخرج‭ ‬مصطفى‭ ‬جمال‭ ‬الدين،‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬فيه‭ ‬دور‭ ‬والد‭ ‬هند،‭ ‬مرورًا‭ ‬بـ‭ ‬اسهم‭ ‬اللهب‭ ‬واعمر‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيزب،‭ ‬حتى‭ ‬أخر‭ ‬أعماله‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬الا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬اللهب‭ ‬عام‭ ‬1987‭. ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬صوت‭ ‬االغرياني‭- ‬الفضيلب‭ ‬الذي‭ ‬أداه‭ ‬الشامي‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬المدبلج‭ ‬اعمر‭ ‬المختارب‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1981‭.‬

 

ذكرى‭ ‬الميلاد‭ ‬والوداع

وُلد‭ ‬الفنان‭ ‬شفيق‭ ‬نورالدين‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬1911،‭ ‬ورحل‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬فبراير‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬سبعون‭ ‬عامًا‭ ‬عاشها،‭ ‬وحفر‭ ‬خلالها‭ ‬ملامحه‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬المشاهدين،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬المواطن‭ ‬المصري،‭ ‬وملامح‭ ‬صوته‭ ‬الجهوري‭ ‬العميق‭ ‬بأقوال‭ ‬باقية،‭ ‬أقوال‭ ‬تتأرجح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحزن‭ ‬الشديد‭ ‬والبهجة‭ ‬الضاحكة،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬انفسي‭ ‬ألبس‭ ‬جزمة‭ ‬يا‭ ‬سي‭ ‬حسنب،‭ ‬وبين‭ ‬اأبو‭ ‬حنيفة‭ ‬قال‭ ‬تنقض‭ ‬الوضوءب‭. ‬وكما‭ ‬ولد‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬رحل‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشامي‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬منه‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬ووُلد‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬1920،‭ ‬سبعون‭ ‬عامًا‭ ‬أخرى،‭ ‬وكأنهما‭ ‬قد‭ ‬اتفقا‭ ‬على‭ ‬أسْرِنا‭ ‬بأدوارهما‭ ‬المسرحية‭ ‬والسينمائية،‭ ‬يبرهنان‭ ‬على‭ ‬صدقهما‭ ‬الفني،‭ ‬حيث‭ ‬جعلا‭ ‬الرائي‭ ‬يعيش‭ ‬داخل‭ ‬المشهد،‭ ‬ولكونهما‭ ‬مسرحيين،‭ ‬لا‭ ‬يتذوقان‭ ‬فقط‭ ‬تأثير‭ ‬حبكة‭ ‬القصة،‭ ‬وإنما‭  ‬أيضًا‭ ‬تأثير‭ ‬الصوت‭ ‬الذي‭ ‬يستخدماه،‭ ‬فما‭ ‬بين‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬صرختين،‭ ‬صرخة‭ ‬مأمور‭ ‬المركز‭ ‬اإبراهيم‭ ‬الشاميب‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬الأرض‭ ‬عام‭ ‬1970،‭ ‬والذي‭ ‬هجم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬محمد‭ ‬أبوسويلم،‭ ‬صرخة‭ ‬تحمل‭ ‬قسوة‭ ‬وجبروت‭ ‬وهو‭ ‬يأمر‭ ‬الهجانة‭ ‬ااقبضوا‭ ‬على‭ ‬الراجل‭ ‬ده،‭ ‬ومن‭ ‬رجليهب،‭ ‬وصرخة‭ ‬عبدالدايم‭ ‬‭(‬شفيق‭ ‬نور‭ ‬الدين‭) ‬والد‭ ‬محجوب‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬االقاهرة‭ ‬30ب‭ ‬عام‭ ‬1966،‭ ‬صرخة‭ ‬كسيرة‭ ‬وعيناه‭ ‬تتقلبان‭ ‬في‭ ‬الفراغ،‭  ‬قائلًا‭ ‬"محجوب‭ ‬مات"،‭ ‬فيقع‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬وهم‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬بطلين‭ ‬من‭ ‬أبطال‭ ‬الصف‭ ‬الثاني،‭ ‬بطلان‭ ‬وهبانا‭ ‬مشهدًا‭ ‬خضعت‭ ‬العين‭ ‬إلى‭ ‬إيحائه‭ ‬فبقي‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭■‬