د. مكارم الغمري: الحياة الثقافية في روسيا تأثرت بالقرآن والسنة

الدكتورة مكارم الغمري أستاذ اللغة الروسية والأدب الروسي المقارن بكلية الألسن، جامعة عين شمس، أمضت عشرات السنين من عمرها في ترجمة روائع الأدب الروسي، من شعر ونثر وروايات لكبار الأدباء والكتاب الروس، أظهرت فيها براعة غير عادية في نقل روح النص بأسلوب لا يقل شأنًا من الناحية الأدبية عن النص الأصل. منذ السبعينيات في القرن الماضي، عملت د. مكارم الغمري على ترجمة كنوز أدبية تركها عظماء الأدب الروسي، وحصلت على الدكتوراه في الأدب الروسي المقارن من جامعة موسكو عام 1973، وكانت أول امرأة تتولى منصب عميد كلية الألسن وتجلس على كرسي رفاعة الطهطاوي، مؤسس مدرسة الألسن. قدمت العديد من الإصدارات المشتركة بين الثقافتين العربية والروسية، كما حصلت على جائزة الملك فيصل العالمية في الترجمة عام 1999، وحصلت على ميدالية شاعر روسيا الأكبر بوشكين في العام نفسه، وميدالية أديب نوبل شولخوف عام 2007.
من أعمالها: الرواية الروسية في القرن التاسع عشر، مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي، بوشكين عند نافورة الدموع، الطاجيك في مرآة التاريخ، نافخ البوق الخالد... مختارات قصصية للكاتب شولوخوف، كما ترجمت مسرحيات الكاتب الروسي أوستروفوفسكي، وترجمت للأطفال مجموعة االزهرة القرمزيةب للكاتب الروسي س.أكساكوف... وهنا حوار معها:
• في البداية، لماذا اخترتِ التخصص في الأدب الروسي؟ وما الصعوبات التي واجهتك في بداية هذا التخصص؟
- قرأت في المرحلة الثانوية بعض ترجمات الأدب الروسي، فتكون لدي اهتمام بها، وشدني في كتابات الأدباء الروس العمق الإنساني، والاقتراب من مشكلات الإنسان البسيط، والانحياز للضعفاء والمقهورين. تمنيتُ أن أتعرف أكثر على الأدب الروسي، وأن أقرأه في أصوله، لذا فقد كان اختيار تخصص الأدب الروسي محسومًا بالنسبة لي حين اخترت قسم اللغة الروسية في الألسن. لم تواجهني صعوبات تذكر، فحين تقبل على دراسة تخصص استهواك وتحبه، لا تشعر بصعوبة، بل باستمتاع.
الإسلام في الأدب الروسي
• لديك كتاب بعنوان «مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي»... ما ظلال الإسلام على الأدب الروسي؟ وكيف يرى الأدباء الروس دور الإسلام في النهوض بالحضارة البشرية؟
- تشغل ترجمات القرآن الكريم مكانة الصدارة بين الترجمات الروسية عن العربية، فقد ترجم القرآن الكريم إلى الروسية مرات كثيرة من قبل مترجمين مختلفين، وكانت الترجمات المبكرة للقرآن تتم من خلال لغات أوربية وسيطة، ثم أمكن بعد ذلك ترجمة القرآن إلى الروسية عن الأصل العربي، وقد ظهرت أول ترجمة كاملة للقرآن الكريم عام 1716 في عهد القيصر بطرس الأول، عن الترجمة الفرنسية، وتعاقب صدور العديد من الترجمات الروسية للقرآن الكريم، تماشيًا مع الإقبال الشديد عليه. ومع ازدهار حركة الاستشراق ونمو كوادر المستشرقين أمكن للقرآن الكريم أن يترجم عن الأصل العربي. وقد أثارت ترجمات القرآن الكريم إلى الروسية اهتمامًا كبيرًا، كان له الفضل في ظهور مؤلفات تتناول شرح القرآن الكريم، وفي ظهور التأثيرات الإسلامية في الأدب الروسي على العديد من الأدباء الروس، الذين تعرفوا على القرآن الكريم من خلال الترجمات الروسية. وبشكل عام فقد كان هناك دور كبير للقرآن والسيرة النبوية بالنسبة للحياة الثقافية خاصة في القرن التاسع عشر، في إطار الظروف التاريخية المحددة، فقد أصبح وكما أشار البعض منهم امصدرًا للتعبير عن الأفكار البطولية، والشجاعة الصلبة والنضال المنكر للذات في الفترة التي سبقت حركة الديسمبريين الثوريةب. أما السيرة النبوية فقد صارت بالنسبة لصفوة المثقفين نموذجًا للقدوة الحسنة الصابرة على الرسالة والمكافحة في سبيلها. ويعتبر شاعر روسيا الأكبر أ. بوشكين في مقدمة الشعراء الذين استلهموا القرآن الكريم والسيرة النبوية، حيث تتبوأ قصيدة االرسولب، ومجموعة قصائده اقبسات من القرآنب، مكانة مهمة بين المؤلفات الأدبية الروسية، المستوحاة من التراث الروحي الإسلامي والسيرة النبوية. وتعكس أشعار بوشكين المتأثرة بالإسلام إعجاب بوشكين بسيرة الرسول ([)، كما تعكس مجموعة الأشعار التي حملت العنوان اقبسات من القرآنب إعجاب بوشكين بالقيم الأخلاقية الاسلامية، فقد أشار بوشكين نفسه إلى أن أسباب اهتمامه بالقرآن تكمن في اأن الكثير من القيم الأخلاقية موجزة في القرآن بقوة وشاعريةب. ولذا نجده يستلهم من معاني القرآن بعض القيم الأخلاقية ويضمنها قصائده: الإيمان بالبعث، عفة المرأة ومعاني الوفاء، الدعوة إلى التواضع واحترام كرامة الإنسان، الدعوة بالموعظة الحسنة، دلائل القدرة الإلهية، زوال متع الدنيا، والتذكرة بالآخرة، الدعوة للتأمل في سير الكون ودلائل القدرة الإلهية، الجهاد في سبيل الدعوة، الدعوة للصدقة والتكافل الاجتماعى في الإسلام. لقد لجأ بوشكين إلى القرآن بحثًا عن المثال الأخلاقي الخاص والقومي العام، واتجه إلى تجسيد القيم القرآنية بغية بثها بين مواطنيه، ولا أدل على ذلك من كلمات بوشكين في القصيدة الخامسة من مجموعة اقبسات من القرآنب، التي يدعو فيها إلى السعي نحو انورب القرآن.
استلهام من القرآن
لقد لعب القرآن الكريم دورًا كبيرًا في التطور الروحي لشاعر روسيا ألكسندر بوشكين، كما كان له تأثير كبير في التكوين الروحي والفكري لرواد الحركة الوطنية الروسية إبان الثلث الأول من القرن التاسع عشر، كما كان لـ اقبسات من القرآنب فضل ظهور العديد من المؤلفات الأدبية الروسية التي تستلهم من القرآن القيم الأخلاقية والإيمان وروح البطولة الملهمة. وقد أعجب الشاعر الكبير ليرمونتوف بسيرة الرسول، ومن وحيها استلهم مضمون قصيدته االرسولب، وصور في هذه القصيدة مرحلة الهجرة من مكة إلى المدينة، ووصف إيذاء المشركين لرسول الله ([) وصبره على الدعوة. كذلك عبّر ليرمونتوف عن القرابة الروحية التي صارت تربطه بالإسلام في قصيدة فاليريك، وصرّح برغبته في السفر إلى مكة المكرمة، كما عبّر عن تبجيله للقرآن في قصيدته هبات التركي. وقد انعكست الموتيفات الإسلامية في بعض أشعاره، ومنها قصيدة اثلاث نخلاتب.
كذلك تبوأ الإسلام مكانة مرموقة بين الأديان التي أقبل أديب روسيا الكبير ل. تولستوي على دراستها. وقد احتوت مكتبته الشخصية على العديد من المراجع التي تتناول الإسلام بالشرح والتفسير.
استحوذت معاني القرآن الكريم على اهتمام تولستوي، كما استأثرت أحاديث الرسول بحبه وعنايته، سيما وأنه وجد فيها صدى للكثير من أفكاره التي كان يؤمن بها ويدعو إليها، ومن ثم وجد لزامًا عليه التعريف بالإسلام. قام تولستوي بكتابة مقدمة لكتاب بيرس الذي تناولت فيه سيرة الرسول وكتب في هذه المقدمة معرفًا بالإسلام. كذلك أشرف تولستوي على ترجمة، ومراجعة، والتقديم لمجموعة منتقاة من أحاديث الرسول ([) في كتيب بعنوان اأحاديث مأثورة لمحمدب.
كذلك اقتبس تولستوي الكثير من الأحاديث النبوية، والقيم القرآنية للتأكيد على صدق أفكاره التي كان يدعو إليها في السنوات الأخيرة من عمره، وهي الأفكار التي جاءت بمنزلة محصلة وتتويج لتأملات تولستوي في الحياة والواقع والمستقبل، وضمنها كتبه الأخيرة، منها كتابه اتعاليم موجزة لكل يومب، اطريق الحياةب، وغيرها.
كذلك تأثر أديب نوبل إيفان بونين بالسيرة النبوية والإسلام في العديد من أعماله، مثل قصائده امحمد مطارداب، اإبراهيمب، اعلامات الطريقب، االمقامب، االحاجب، احجر الكعبة الأسودب، االكويرب، االتراب المقدسب وغيرها.
تراث الشرق والغرب
• تأثر بوشكين بالقرآن الكريم تأثرًا حضاريًا وروحيًا، بالرغم من أنه لم يعتنق الإسلام، لكنه تمكن من نقل بعض المواضيع الإنسانية العظيمة التي يزخر بها القرآن ليطرحها شعرًا على أبناء قومه بلغتهم... كيف تفسرين عشق بوشكين للشرق؟
- ثمة أسباب كمنت وراء اهتمام بوشكين بالشرق الإسلامى، منها ثقافته الغزيرة المتنوعة، تعرفه على الثقافة العربية والإسلامية؛ فبوشكين لم يكن يستند إلى الموهبة الأدبية فحسب، بل كان فنانًا مجدًا يكدح في صقل الموهبة الأدبية بالمعرفة، من هذا المنطلق اتجه بوشكين إلى دراسة تراث الشرق والغرب، وقد كان للثقافة العربية والإسلامية حظها من المعرفة، فقد تعرف عليها من خلال إنتاج الأدباء الأوربيين المتأثرين بالشرق: ڤولتير، مونتيسسكو، شاتوبريان. كما قرأ رائعة الأدب العربي األف ليلة وليلةب، وعاصر بوشكين فترة ازدهار حركة الاستشراق في روسيا في مطلع القرن التاسع عشر، فأتيحت له فرصة التعرف على ترجمات نماذج الأدب العربي والحكم والأقوال المأثورة العربية، التي كانت تقدم على صفحات الصحافة ويقبل على قراءتها بوشكين، وذلك مثل مجلة امخبر أورباب، كذلك اهتم بوشكين اهتمامًا كبيرًا بالتعرف على تاريخ مصر القديمة، وكان شغوفًا بمتابعة كتابات الرحالة الروس عن الشرق العربي، بالإضافة إلى ذلك كان بوشكين شغوفًا بتاريخ الخلافة الإسلامية، ويشهد على ذلك توجهه إلى بطرسبرج لسماع محاضرة ألقاها الأديب الروسي الشهير جوجول عن الخليفة المأمون وعصره. وقد عثر في أوراق بوشكين التي تنتمي إلى سنوات متفرقة من عمره على محاولات لتعلم الحروف العربية، ومرفق بها شروح لها، كذلك عثر على ملاحظات حول شكل الأرقام العربية.
وإلى جانب الروافد الأدبية والثقافية التي غذت اهتمام بوشكين بالشرق، كانت هناك أيضًا علامات في السيرة الذاتية للشاعر بوشكين، لعبت دورًا في توجيه اهتمام الشاعر نحو الشرق؛ ألا وهو الاعتزاز الشديد بنسبه لجده إبراهيم الإفريقي الأصل، ولقد لعبت هذه الجذور الشرقية الإفريقية دورًا في تأثر بوشكين بالشرق.
عمالقة الأدب الروسي
• كيف أسهم بوشكين في تأسيس اللغة الأدبية الروسية الحديثة، وبالتالي ظهور عمالقة الأدب الروسي بعد ذلك من أمثال تولستوي ودستويفسكي وتشيخوف؟
- لقد تُوّج بوشكين مؤسسًا للأدب الروسي الحديث، فقد تمكن في إنتاجه من عبور مشكلتين؛ حيث جعل من الأدب مرآة للواقع، وإحدى القوى الروحية الرائدة في حياة الشعب، كما أشبعه بالمضمون الاجتماعي، كذلك كان لبوشكين فضل إرساء أسس اللغة الروسية الحديثة، واجتياز الفجوة التي تفصل بين اللغة الأدبية المكتوبة ولغة الشعب الدارجة، فقد كانت المؤلفات الأدبية تكتب باللغة السلافية الكنائسية المنفصلة عن اللغة الروسية الحية، ثم بدأ تقريب لغة الكتب من لغة الحياة منذ عهد لومونوسوف (ق 18). ويعتبر بوشكين أحد رواد تحديث اللغة الأدبية الروسية، ولعبت التقاليد التي أرساها بوشكين دورًا كبيرًا بالنسبة للأجيال التي أعقبته من عمالقة الأدب الروسي، من أمثال تولستوي ودستويفسكي وتشيخوف.
• أشاد الشيخ محمد عبده في رسالته إلى تولستوي، بانحيازه إلى الفقراء، وعندما مات تولستوي رثاه أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، كيف تقيمين البصمات الأدبية على الأدب العربي والثقافة العربية؟
- لا شك أن تولستوي كروائي ومفكر له مكانته وتأثيره في الثقافة العربية، يشهد على ذلك الظهور المتكرر الذي لا ينقطع حتى يومنا هذا لترجماته، صحيح أن بعض هذه الترجمات لم يراعِ الدقة والأمانة المطلوبة للترجمة الجيدة، ولكن حقيقة الاهتمام بترجمته يؤكد على مكانته. من جهة أخرى فقد كان لتولستوى الروائي والمفكر تأثير كبير على الروائيين والمفكرين العرب، وقد تناولت هذا الموضوع في بعض دراسات لي، يطول هنا تناولها، ونظرًا للبعد الإنساني العام الذي تتمتع به أعمال تولستوي فقد دخلت إلى الثقافات العالمية كأنها جزء منها، ومثال على ذلك روايته اأنا كارينيناب، التي قدمتها السينما في مصر، وفي دول عدة، وتلقتها جماهير المشاهدين في العالم على أنها جزء من ثقافتها القومية.
ظاهرة انتحار الأدباء
• كان موت بوشكين في حادثة المبارزة الشهيرة سنة 1837 قد وسم الشعر بدمغة فاجعة، سوف تزداد مأساوية بعد أربع عشرة سنة، حين لقى الشاعر ميخائيل ليرمونتوف المصير ذاته، وفي العقود التالية انهار ألكسند بلوك جزاء حالة من الصرع المزمن، لتودي كآبة حادة بحياته سنة 1924، وأعدم نيكولاي جومليوف في السنة ذاتها، ودفع سيرجي يسينين قهرًا إلى الانتحار سنة 1925. وانتحر مايكوفسكي بدوره سنة 1930، وكذلك انتحرت مارينا تسفيتافيا... كيف تفسرين ظاهرة الانتحار بين الأدباء الروس؟
- بالنسبة للأسماء المذكورة تتعدد الأسباب، لكنها تلتقي في دائرة واحدة: الظروف السياسية والاجتماعية، فالكلمة الأدبية في روسيا كانت دومًا مؤثرة وفعالة في الحراك الاجتماعي، ولذا كان الحكام سواء في عهود القياصرة أو بعدها في الفترة السوفييتية يعملون لها ألف حساب، وليس صحيحًا أن الحصار حول الكلمة الأدبية ساد في الفترة السوفييتية وحدها، بل كان ذلك موجودًا في عهود القياصرة، وقد عانى بوشكين وليرمونتوف من النفي والمطاردة قبل أن يزج بهما إلى المبارزة، بسبب موقفهما المناهض للظلم الاجتماعي والسلطة القيصرية، وبسبب الدعوة للحرية... أما بالنسبة للشاعر الرمزي الكبير ألكسندر بلوك، فرغم أنه لم يهاجر من روسيا بعد الثورة إلا أنه لم يكن راضيًا تمامًا عمّا كان يحدث من ممارسات عنف وقمع، مما كان يشكّل ضغطًا نفسيًا عليه، وحين اجتمع المرض مع حالة الفقر التي كان يعيشها في آخر عمره جاءت النهاية. بالنسبة لمارينا تسفيتايفا فهي عاشت ضغوطًا نفسية ومادية قاسية، حيث ماتت ابنتها من الجوع في سنوات الحرب الأهلية التي أعقبت ثورة أكتوبر، واضطرت للهجرة من روسيا، وعانت من شظف العيش في فرنسا، ودفعها الحنين للعودة إلى وطنها فعانت من الفقر والجوع. أما بالنسبة للشاعرين يسينين ومايكوفسكي، فقد رحّبا في البداية بثورة أكتوبر، ثم تسلل لديهما اليأس والإحباط إزاء ممارسات التنكيل، ومطاردة الأدباء، والحصار حول الكلمة الأدبية، مما قد يكون السبب في الإقدام على الانتحار، ذلك لأن هناك ثمة روايات أخرى تنفي موتهم انتحارًا، أما جومليوف فقد أعدم بتهمة المشاركة في مؤامرة ضد السلطة السوفييتية، وقد برأ منها بعد وفاته.
كرسي رفاعة الطهطاوي
• كنت أول امرأة تتولى منصب عميد كلية الألسن... حدّثينا عن هذه التجربة وأبرز الإنجازات التي قدمتها خلال ست سنوات هي مدة هذا المنصب الرفيع؟ وما شعورك وأنت تجلسين على كرسي رفاعة الطهطاوي؟
- لم يكن اختياري كأول عميدة امرأة لكلية الألسن بالقرار السهل أمام متخذي القرار، فقد ظلت المناصب الإدارية على امتداد تاريخ كلية الألسن قبل تعييني قاصرة على الأساتذة من الرجال، على الرغم من وجود نسبة كبيرة من أعضاء هيئة التدريس من النساء. وقد يسر اتخاذ القرار عوامل محددة: كنت أقدم الأساتذة المرشحين في وقت اختيار العميد، وحصلت على جائزة دولية (جائزة الملك فيصل)، وأسهمت في أنشطة الكلية، مثل ريادة النشاط الثقافي، ورئاسة لجنة المكتبات، فضلاً عن رصيد كبير في التدريس والإشراف العلمي، كما كنت أول من درس مواد الأدب الروسي في الألسن منذ إنشائها.
وبالطبع كان التحدي كبيرًا كوني أول امرأة تجلس على كرسي رفاعة الطهطاوي، ولذلك بذلت قصارى جهدي في القيام بمسؤوليات العمل الإداري الجسيمة، التي تتطلب التضحية بالوقت والجهد الكبير. ولست ممن يحبّون الحديث عن أنفسهم ولكني سأذكر بعضًا مما قدمت: تأسيس أول قسم للغة الكورية، تدعيم تأسيس قسم اللغة اليابانية، والإشراف على القسمين إلى جانب مسؤولية العمادة نظرًا لخلو القسمين من أعضاء هيئة تدريس من المصريين.
أدخلت اللغات البولندية، والبرتغالية، والمجرية، كلغات ثانية في الألسن، وأسست أول وحدة للجودة وترأست مجلس إدارة أول مشروع للجودة والاعتماد، كما أضفت منشآت مهمة: قاعة ومبنى للمؤتمرات، مكتبة مركزية مكيفة، مدرجات ومعامل جديدة، منها ثلاث معامل حديثة مجانية من اليابان وكوريا، أقمت العديد من اتفاقيات التبادل العلمي والثقافي مع العديد من الدول التي تدرس لغاتها بالكلية، فضلاً عن تنظيم العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية، والنهوض بالأنشطة الطلابية. وأخيرًا إقامة سور يحد مبنى كلية الألسن للحفاظ على النظام والانضباط ■