مجمّع الشيخ جابر العبدالله الجابر الصباح الدولي للتنس حُلمٌ يتحقّق في الكويت

صرحٌ رياضي وبيئة متكاملة من جميع الجوانب لتنمية ودعم المواهب الرياضية الشابّة في المنطقة، ولخلق أجيال جديدة من اللاعبين والجماهير في رياضة التنس الأرضي، ولجعل بطولاتها أكثر جذبًا وتميُّزًا، ويُعد من بين أجمل مجمّعات التنس في العالم. كان حلمًا يراود لاعبي «التنس» وجمهورها في الكويت طوال عقود مضت، وها هو الآن مجمّع الشيخ جابر العبدالله الجابر الصباح الدولي للتنس يرى النور.

مجمع الشيخ جابر العبد الله الجابر الصباح الدولي للتنس منشأة رياضية ترفيهية، وهو أحد المشاريع التي تم إنشاؤها حديثًا في دولة الكويت.
وقد أتاح لنا كل من الاتحاد الكويتي للتنس ومجموعة التمدين فرصة رائعة للقيام بجولة استطلاعية داخل المجمع، بصحبة المسؤولين عن تنفيذ المشروع قبل الافتتاح الرسمي، لإلقاء نظرة مباشرة على الملاعب وجميع المرافق المحيطة به لاستكشافه بتفاصيله الجميلة. وإن كنتَ من عشّاق هذه اللعبة الأنيقة، فسوف تعني هذه اللحظات لك الكثير.
يعدّ مجمّع الشيخ جابر العبدالله الدولي للتنس قطعة فنية مصممة بشكل انسيابي مميز، هذا ما ستشعر به من أوّل نظرة. ومن الخطوة الأولى إلى بوابات المجمّع يتكوّن لديك انطباع عن روعة المكان، وتتلمّس الكثير من التفاصيل المتشعّبة التي تُظهر براعة الفن المعماري. وقد حظي المجمّع بالفعل، فور الانتهاء من أجزاء كبيرة منه، بكثير من الإشادات والدعم من الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي للتنس، وذلك لتصميمه الفريد من نوعه، وشكله الهندسي الرائع، المجمع يتبع الهيئة العامة للرياضة في دولة الكويت من حيث الإشراف، ومجموعة التمدين لجهة التشغيل والاستثمار والصيانة، ويعدّ شراكة بين القطاعين الخاص والحكومي.
يحمل المجمع الرياضي اسم الشيخ جابر العبدالله الجابر الصباح، وهو الرئيس الفخري للاتحاد الكويتي للتنس وللعديد من الرياضات في الكويت، وذلك تقديراً لدوره الكبير في دعم لعبة التنس بالكويت ولإسهامه في دعم وتطوير الرياضة الكويتية بشكل عام.
تبلغ مساحة البناء في المجمع 263430 متراً مربعاً، بتكلفة تزيد على 160 مليون دينار كويتي، ويحتوي على العديد من الخدمات والمرافق الخارجية والداخلية والتكميلية، وهي مرافق عالية المستوى وذات طراز عالمي.
يضمّ المجمّع المقر الرئيسي للاتحاد الكويتي للتنس، و18 ملعباً للعبة التنس، وملعبين للإسكواش، منها الملعب الرئيسي، وهو المكان الذي ابتدأنا به جولتنا. الملعب الرئيس متعدّد الاستخدامات يتّسع لأكثر من خمسة آلاف متفرّج، مغطّى بسقف لضمان استمرارية اللعب في ظل ظروف الطقس القاسية. ومجهّز بمقاعد متحركة وثابتة للتحكم بمساحة الملعب، ومصمم ليتناسب مع آخر ما وصلت إليه التقنيات الحديثة، حيث زوّد بتقنية معالجة ارتدادات الصوت وصداه، سواء بامتصاص الصدى، أو بتضخيم الارتدادات لكي تتناسب مع الفعاليات المتنوعة التي ستقام عليه، كذلك خاصية العزل الصوتي من الملاعب وإليها، ومجهّز من الناحية التقنية للأحداث الرياضية وللبث المباشر، ومزود بكاميرات لرصد أدق اللحظات في البثّ الحي.

روعة التصميم
تم اختيار أرضيات أكريليك الكوشون المرنة، وهي الأحدث في عالم رياضة التنس، والتي يفضّلها اللاعبون، وهي تتميّز بأنها تحدّ من إصابات الملاعب، حيث يتّسم هذا النوع بالنعومة، لأنها ذات طبقات مبطّنة وملساء، مما يقلّل من احتمالات الإصابة، كما يتحمّل أيضًا درجات الحرّ القاسية. وقد صمم الملاعب وجهّزها المصمم العالمي نورمان فوستر، وصنّعتها شركة فيغوراس العالمية.
حقيقة، لم تكن لديّ أيّ فكرة مسبقة عن المجمّع، لكن ما رأيته فاق كلّ توقّعاتي. التجول في الملعب الرئيس للمرة الأولى وفي بعض المناطق المحظورة على الجمهور؛ من غرفة ملابس اللاعبين وغرفة الصحافة ومركز الإعلام، مرورًا بالممرات، حيث يخرج اللاعبون إلى وسط الملعب، قد يُشعرك بالدهشة من درجة الإتقان وروعة التصميم التي لن تراها إلّا في ملاعب البطولات الكبرى.
شاهدتُ الكثير من مباريات التنس في ملاعب عالمية عدة، مثل ويمبلدون ورولان غاروس، وملعب آرثر إش في نيويورك، وإن كانت تجربة حضور مباراة نهائية في ويمبلدون بين روجر فيدرر ورافائيل نادال قبل 10 أعوام واحدة من أكثر تجارب حياتي المدهشة في عالم التنس، وهي الراسخة حتى الآن في ذهني.
بطولة ويمبلدون قصة خيالية بالفعل، مليئة بالجمال، وتعني الكثير لكلّ محب للعبة التنس. فهي البطولة الأشهر والأعرق في عالم الكرة الصفراء، حيث التاريخ والتقاليد العريقة في اللعبة والحضور العالي المستوى المتمثّل بالعائلة المالكة البريطانية والشخصيات الإنجليزية الشهيرة التي تجلس جنبًا إلى جنب الجماهير في المدرّجات.
والدخول إلى ملاعب ويمبلدون ليس بالأمر الهيّن، فهي لا تشبه أيّ بطولة أخرى أو أي حدث رياضي في عالم التنس، لكنّ هذه اللحظات الباهرة في مجمع الشيخ جابر العبدالله لا تقلّ قيمة عمّا رأيت حول العالم من ملاعب التنس، وجعلتني أستعيد كل هذه الذكريات الجميلة.

لحظات باهرة
وكما هي الحال مع أيّ مكان جديد، هناك دائمًا رغبة عارمة لديّ في الاستكشاف، فأكملنا جولتنا في الملاعب الأخرى الملاصقة للملعب الرئيسي، وهي ثمانية ملاعب تنس فرعية مغطاة، وثمانية أخرى مكشوفة، ثم انتهينا بالملعب الثانوي الملاصق لمبنى الاتحاد الكويتي للتنس، وهو ملعب مشابه مكشوف يتّسع لـ1500 متفرج، الملاعب جميعها تضاء ليلًا، وبالتالي تسمح باللعب الليلي، وهو ما سيتيح للاعبين، خصوصًا صغار السن، فرصة للتدريب طوال العام ولساعات طويلة، مما سيعمل على تحسين مستوياتهم الفنية، ويمكّنهم من المنافسة بالبطولات الدولية.

بيئة احترافية
خلال لقائنا مع رئيس الاتحاد الكويتي والاتحاد العربي للتنس الشيخ أحمد الجابر، أكد أنه «مع هذا النوع من البنية التحتية ستحقق الرياضة الكويتية في لعبة التنس نجاحًا كبيرًا في المستقبل، وسوف تعطي فائدة كبيرة أيضًا لجميع لاعبي التنس في الخليج العربي وفي غرب آسيا، فهو مكان سيسمح لإقامة معسكرات تدريبية ودورات دراسات دولية للمدربين والحكّام».
وأضاف أن «المجمع الجديد سيساعد على زيادة عدد بطولات الفرق بين دول غرب آسيا، كما سيضع الكويت في مقدمة دول هذه المنطقة، فهي بيئة رياضية احترافية وجوّ مناسب وآمن لممارسة رياضة التنس الأرضي في جميع المواسم».
يملك المجمّع مقرًا استراتيجيًا يقع في قلب دولة الكويت، وقريب من كل الخدمات ويوجد بجواره استثمارات كبيرة لا يمكن أن تجدها في أي موقع آخر، فهو قريب من المطار الدولي، وهنالك فندق ملاصق للمجمع لإقامة اللاعبين، من فئة الخمس نجوم، تابع لمجموعة غراند حياة العالمية للفنادق.
ويحتوي المجمع على مجموعة منّوعة من المتاجر والمطاعم والمرافق الترفيهية التي ستجذب المقيمين والسيّاح من جميع أنحاء المنطقة، إضافة إلى اتصاله المباشر بأشهر المجمعات التجارية الكويتية، وهو مجمّع 360 الذي يستقطب أكثر من 11 مليون زائر سنويًا، ويرتبط بالمجمّع بجسر خاص. وحتمًا سيستفيد المجمع من حركة الزوار تلك، وهي ميزة لا تجدها في البطولات الكبرى بالمنطقة، مما سيعزز من خلالها زيادة وعي الشباب واهتمامهم بالتنس كرياضة عريقة، هذا إضافة إلى جذب أجيال جديدة من الجماهير والمشجعين.

مواصفات عالمية
يمتلك المجمع جميع المواصفات والقياسات التي تتناسب مع شروط ومتطلبات الاتحاد الدولي لاستضافة أي بطولة دولية كبرى. ومن المقرر أن تقام عليه قريبًا إحدى بطولاتATP، وهي جزء من سلسلة بطولات رابطة محترفي التنس، ومن المقرر أن تكون في بداية شهر فبراير من كل عام، حيث الطقس الأمثل في دولة الكويت، الذي يفضّله معظم لاعبي التنس.
الممرات بين المرافق الرياضية والترفيهية والمساحات شبه المفتوحة وصوت المياه المتدفقة من النوافير وأنواع الأشجار الوفيرة في داخل المجمّع، كل ذلك خلق أجواء ساحرة ومثالية للتجول بين أروقتها.
الجزء المغطى في المجمع يتمتع أيضًا بضوء النهار من خلال الأسقف الزجاجية، مما أعطى المكان الكثير من سمات الاتساع والإضاءة. ويحتوي المجمع على حديقة مائية دائرية تبلغ مساحتها 1550 مترًا مربعًا، وجدران خضراء على امتداد الممرات، وهي من تصميم عالم النّبات الفرنسي باتريك بلان.

مجموعة التمدين
حرصت مجموعة التمدين، وهي الشركة المنفذة والمشغلة للمشروع، على العمل وفق أعلى درجات الإتقان، بما يتواكب مع جميع الشروط لتحقيق معايير التصاميم المقترحة، وليخرج المجمّع بهذا الشكل المبدع، وقال لنا رئيس مجلس إدارة المجموعة محمد المرزوق «إن المجمع نقلة نوعية للمنشآت الرياضية في المنطقة، وسيكون بيئة رياضية مثالية متكاملة وفق أحدث الطرز العالمية، وذلك لتمكين اللاعبين والاتحاد من رفع درجة التأهيل والتدريبات الرياضية، ورفع درجة الاستعداد لمختلف المشاركات الدولية. فالمشروع يهدف إلى تمكين الكويت من استضافة بطولات التنس الإقليمية والدولية».
وبدا أن الإبداع والابتكار سمتان مميزتان لمجموعة التمدين، عبر العديد من المشاريع العقارية والمشاريع المتعددة الاستخدامات في الكويت، فإضافة إلى الجوانب المعمارية تولي الشركة اهتمامًا كبيرًا بالجوانب الفنية والجمالية.
ويعتبر المجمع أكبر مشروع رياضي نفّذته مجموعة التمدين تحت مظلة الهيئة العامة للرياضة بدولة الكويت، كما يعد ثمرة التعاون البنّاء بين القطاعين الخاص والحكومي، وهو ما سيمهّد لتحقيق نقلة نوعية ستشهدها أسرة التنس في الكويت مستقبلًا. وسيكون له حتمًا التأثير الإيجابي على اللعبة، وسيُسهم في الارتقاء بها ويحقّق المزيد من الإنجازات للرياضة الكويتية.

أكاديمية نادال
لعبة التنس لعبة عقلية لا يمكنك تركها للمصادفة، وكمنافس يجب أن تكون قادرًا على التعامل مع الضغوط بفعالية. ومن المهم أن تفهم كيفية التعامل مع المشاعر والمخاوف عندما تظهر، وبشكل خاص تحت الضغط. ويمكنك التدريب وضبط هذه المهارات تمامًا مثلما تفعل مع مهاراتك البدنية للتأكد من أنها تعمل من أجلك. وقد لا يكون أحد لاعبي التنس المحترفين أقوى اللاعبين، لكنّه يستطيع أن يتفوق عقليًا على أيّ خصم في الملعب ويفوز بالمباراة.
من أجل ذلك، تفتتح أكاديمية اللاعب الإسباني رافائيل نادال للتنس فرعها الوحيد في آسيا والشرق الأوسط في مجمع الشيخ جابر للتنس، وهي الأكاديمية الأولى والأفضل على مستوى العالم، وكان نادال قد افتتحها بمدينة مايوركا الإسبانية في عام 2016م، وينتمي إليها حاليًا أكثر من 2000 لاعب، لتقديم برامج تدريبية لرياضة التنس للزائرين والمقيمين في الكويت، الذين يرغبون في اللعب والتعلّم وفقًا لطرق احترافية رفيعة المستوى، وهي طرق تدريب منهجية على مستوى عالمي في جو أكاديمي ممتع، سواء كان اللاعب صغيرًا مبتدئًا، أو لاعب التنس الذي يرغب في إتقان اللعبة وفهم كيف يمكن للمهارات العقلية تغيير أدائه وحياته.
نادال يؤكد دائمًا شيئين في لعبة التنس، العمل الجاد وتهيئة الأشخاص المناسبين من حوله لتدريبه.
ويقول: «لم أكن مختلفًا عن غيري من الأطفال عندما بدأت باللعب، وإذا كان بإمكاني تحقيق النجاح والاستمتاع به على أعلى المستويات، فيمكن للآخرين كذلك».
والشيء الذي دائمًا ما ينصح به اللاعبين هو ممارسة اللعبة كل يوم بحماس وشغف، ومحاولة تطويق نفسه بالأشخاص المناسبين، الذين يعرفون عن الرياضة جيدًا، ويدعمونه ويحاولون مساعدته في الوصول إلى أفضل مستوياته.
تقدّم الأكاديمية في مجمع الشيخ جابر للتنس للجميع مجموعة متنوعة من برامج التنس بإشراف متخصصين ومدربين عالميين. و«البرامج تنظر في كل شيء بدءًا من التقنيات والاستراتيجيات في اللعبة والإعداد البدني والتدريب العقلي والتغذية، إضافة إلى أنها تعتمد على الفلسفة الخاصة لرافائيل نادال ومجموعة من القيم، مثل التواضع واحترام الخصم والانضباط الذاتي والتغلّب على الشدائد، وهي برامج وأساليب تدريبية جعلت من نادال المصنّف الأول عالميًا وواحدًا من أعظم اللاعبين في تاريخ التنس».
هذا ما أخبرني به نونو ماركيز، الذي سيتولى إدارة التدريب في أكاديمية نادال بالكويت، وهو مشروع قام به نادال يهدف من خلاله إلى تطوير اللعبة وزيادة الخبرات والجانب المعرفي للاعبين داخل أكاديميته. وسوف تساهم الأكاديمية بكل إمكاناتها في تطوير شعبية لعبة التنس ونشرها في الكويت.

الماتادور الإسباني
خلال العقدين الماضيين، سيطر 3 رجال على لعبة التنس، روجر فيدرر، ونوفاك دجوكوفتش ورافائيل نادال.
كل لاعب منهم يُعدّ قصة ملهمة في حدّ ذاتها، لكنّ نادال - ببساطة - أيقونة رياضية وأسطورة من أساطير التنس، وهو الوحيد الذي يتحدّر من عائلة من الرياضيين.
كان عمّه ومدربه توني نادال لاعب تنس محترفًا، وقدّم ابن أخيه إلى اللعبة، ولم يستغرق الوقت طويلًا حتى أصبح نادال بطلًا في عالم التنس.
وفي عامه الـ 15 لعب أوّل بطولة له باتحاد لاعبي التنس المحترفين في عام 2001. ومن بعد هذا التاريخ لم يفُز أحد بألقاب ATP Masters 1000أكثر من هذا اللاعب الإسباني. وهو يمتلك حاليًا أعلى سلسلة انتصارات على مرّ تاريخ لعبة التنس، فقد حصل على 88 بطولة، منها 19 لقبًا فرديًا في بطولات الجراند سلام (2000 نقطة).
ويأتي هذا الرقم بالمرتبة الثانية بعد اللاعب روجر فيدرر الحائز على 20 بطولة، و35 لقبًا في بطولات الماسترز (1000 نقطة)، وهو رقم قياسي يسجل باسمه.
حصل نادال أيضًا على لقب بطولة رولان غاروس إحدى البطولات الكبرى 12 مرة، مسجلًا رقمًا قياسيًا غير مسبوق، وهو الأمر الذي اعتبره المحلّلون الرياضيون أحد أعظم الإنجازات في العصر الحالي للتنس، ولقّبه المحللون الرياضيون بعدها بـ «ملك الملاعب الترابية».
كان نادال أوّل وأصغر لاعب يفوز ببطولة فرنسا المفتوحة في أول محاولة له عندما كان عمره 19 عامًا، وذلك في عام 2005.
وهو واحد من اثنين فقط فازا في جميع ملاعب البطولات الكبرى والذهبية الأولمبية، وعندما كان عمر نادال 12 عامًا فقط، فاز بلقب التنس الإسباني والأوروبي في مجموعته العمرية.
نادال مقاتل شرس في الملعب، استحوذ على قلوب جماهير التنس وعقولهم في العالم. لا يستسلم أبدًا، ولا يفقد التركيز داخل الملعب، هذا ما أحبّه شخصيًا في رافا، يعمل بجدّ لكلّ نقطة، وقادر على التحكّم بالكرة وتغيير اتجاهاتها مرات عدة خلال نقطة واحدة، وهو أمر لا يُصدّق عندما تراه عن قُرب.
لا يمكنني أن أشاهد رافا ولا أتذكّر أجمل مباراة شاهدتها من داخل الملعب.
دعوني أعود بكم مرّة أخرى إلى نهائي ويمبلدون بين روجرر ورافا عام 2008، المباراة التي وصفها اللاعب الإنجليزي والمعلّق الرياضي جون ماكرو بأنها واحدة من أعظم المباريات على الإطلاق، والتي تم إنتاج كتاب وثائقي يتحدث عن تفاصيلها.
الكلمات لا يمكن أن تصف التنافس بين فيدرر ونادال، كان النهائي مشوقًا في كل شيء، سقوط الأمطار في أصعب اللحظات على فيدرر، وهو ما أدى إلى توقّف المباراة مرتين لعدة ساعات بسبب الاستراتيجيات المتغيّرة في الملعب، ثم النهاية المفاجئة بفوز نادال على بطل العالم فيدرر.
وبقدر ما كان من الصعوبة عليّ تقبّل خسارة فيدرر، إلا أنّني كنت سعيدة بفوز نادال للمرة الأولى ببطولة ويمبلدون. لأنّه فوز مستحق وبجدارة. لقد كان هناك فرق بين «مَن هو الأفضل» و«مَن يعرف أكثر». روجر كان رائعًا في مهارات اللعب، لكن كانت لدى نادال استراتيجية بسيطة، وهي التركيز ووضع فيدرر تحت الضغط.
استحقّ نادال أن يرفع كأس البطولة بعد تغلّبه على بطل العالم، واستحق أن نصفّق له نحن جميعًا جماهير فيدرر بالمدرجات طويلًا. استغرقت المباراة أربع ساعات و48 دقيقة، وانتهت في وقت متأخر ليلًا، عند الساعة العاشرة. بعد خمسة أشواط 6-4، 6-4، 6-7 (5)، 6-7 (8)، 9-7.
كانت المباراة أطول مباراة نهائية في تاريخ ويمبلدون (منذ عام 1877)، وكانت المجموعة الحاسمة (9-7) هي الأطول في البطولة.

التنس الأرضي في الكويت
بدأت رياضة التنس الاحترافية في الكويت عند منتصف القرن الماضي كرياضة صغيرة من خلال المباريات الاستعراضية بين اللاعبين ومحبّي اللعبة في عدد من الأندية المحلية، وعامًا بعد عام ازداد عدد ملاعب التنس في الكويت، ونتيجة للتقدم والتطور النسبي الذي حدث في هذه الرياضة، تقرر إنشاء هيئة رسمية في 28 يوليو 1968، وهي «الاتحاد الكويتي للتنس وتنس الطاولة والإسكواش»، للإشراف على رياضة التنس الأرضي.
وفي عام 1971 انضمّ الاتحاد الكويتي إلى الاتحاد الدولي للتنس ثم تحوّل الاتحاد إلى ثلاثة اتحادات مستقلة. وتم إدراج هذه الرياضة ضمن أنشطة الأندية الرياضية الكبرى بالدولة.
وبعد نجاح الاتحاد في تنظيم البطولات المحلية والعربية، زادت أعداد اللاعبين الكويتيين، وازدادت مشاركتهم في مختلف البطولات الدولية وأتيحت لهم الفرصة للّعب والاحتكاك بأفضل اللاعبين المحترفين. واستطاع بعضهم أن يدخل ضمن التصنيف العالمي، كاللاعب محمد الغريب، الذي وصل إلى التصنيف الـ 336 على مستوى العالم، واللاعب عبدالله مقدس، المصنف الـ 18 على مستوى العالم في فئة الناشئين.
يضم الاتحاد 10 أندية، تتنافس فيما بينها بجميع المراحل السنيّة الست، في بطولات مختلفة طوال العام والمنافسة على كأس التفوق العام محصورة بين ثلاثة أندية وهي اليرموك، وخيطان والكويت، وذلك لما تضمّه في صفوفها من لاعبين مميزين في مختلف المراحل السنيّة.
كما تم في ديسمبر 2019، نقل مقر الاتحاد العربي للتنس إلى الكويت، بموافقة الجمعية العمومية وممثلي اتحادات التنس في 21 دولة عربية.

اهتمام مبكّر
على مدى السنوات العشر الماضية، كان تاريخ التنس الكويتي كبيرًا ونشيطاً نوعًا ما، وذلك لاهتمام القائمين على التنس في الكويت بالناشئين. ففي عالم التنس دائمًا ما يكون التركيز على المواهب السنيّة الصغيرة، فهي تعدّ من أهم المراحل، ومتى ما كان الاهتمام مبكرًا بتوفير كل المتطلبات من إعداد وتدريب، يكون أداء اللاعب مميزًا في المستقبل.
وقد استحوذ التنس الكويتي على معظم بطولات الخليج لكل الفئات السنيّة منذ بداية انطلاقها وحتى وقت قريب في آخر بطولة خليجية عام 2019، حيث أحرز المركز الأول في جميع الفئات، وحصلت الكويت على بعض المراكز المتقدمة على المستوى العربي.
أما على المستوى الدولي، فقد وصلت الكويت في العام الماضي إلى المجموعة الثانية في بطولة كأس العالم للتنس للرجال. إضافة إلى أن الاتحاد الكويتي للتنس ينظم بطولتين دوليتين للناشئين تحت 18 سنة و3 بطولات فيوتشرز دولية للمحترفين تشارك فيها مجموعة متميزة من لاعبي التنس من مختلف دول العالم.
واللافت أن لعبة التنس في الكويت لا تحظى بشعبية كبيرة كبقيّة الرياضات والألعاب الجماعية الأخرى، وقد يكون السبب في قلّة المرافق والملاعب المخصصة لرياضة التنس، ولندرة البطولات الدولية التي تستقطب أبطال التنس العالميين. ولأن اللعبة مكلفة نوعًا ما، وبسبب ظروف الطقس على مدار العام، فإنّ معظم ملاعب التنس في الكويت هي ملاعب في الهواء الطلق. لذلك أصبح توفير ملاعب متطورة مطلبًا ملحًا للوسط الرياضي للعبة في الدولة، وأصبحت الحاجة ماسّة لإنشاء مراكز للعبة تستكشف المواهب وتطورها ونشر اللعبة جماهيريًا.

نقلة نوعية
يترقب الجميع ما سيُحدثه مجمع جابر العبدالله للتنس من نقلة نوعية عملاقة في اللعبة، والوسط الرياضي، وجماهير اللعبة على يقين كامل بأن الانطلاقة الحقيقية لتنس الكويت ستبدأ مع افتتاحه، وسيشهد المجمّع نشاطًا تصاعديًّا يستند إلى معالجات لما عاناه تنس الكويت في الفترة السابقة.
هذا ما أكده المعلّق الرياضي لاعب التنس الكويتي السابق، عادل الشطي، الذي أضاف «أن المجمّع مشروع ضخم سيفتخر به كلّ كويتي، ومحطة مهمة في تاريخ التنـــس الكويتـــي، وسيكون مردوده إيجابيًا على اللعبة، حيث بإمكانه تمكين الكويت من استضافة بطولات دولية على مدار العام، وبطولات رابطة محترفي التنس، وإشراك لاعبي الكويت من خلال بطاقة استثنائية».
وفي تعليقه على هذا الإنجاز قال رئيس الاتحاد الكويتي والاتحاد العربي للتنس، الشيخ أحمد الجابر الصباح إن الاتحاد يحرص دائمًا على مواصلة العمل من أجــل رفـــع مكانـــة بطولات الكويت ورياضة التنس على خريطة التنس العالمية، ليستمر الأداء بشكل أكبر وأفضل.
وأضاف أن مشروع مجمع جابر العبدالله سيشكّل نقلة نوعية لرياضة التنس في الكويت، إذ سيمنح اللاعبين خبرات كبيرة ومهمة من خلال احتكاكهم مع لاعبين كبار في البطولات الدولية، وكسب نقاط تُسهم في رفع تصنيفهم الدولي، وتكون أولى عتبات سُلّم الاحتراف الدولي، كما سيتيح لجمهور التنس الأرضي متابعة مباريات لأفضل لاعبي التنس بالعالم من الملعب.

بطولات ATP
يهتم كثيرون من محبي لعبة التنس فقط بأحداث البطولات الأربــــع الكبرى الـ «جراند سلام»، لكن إن كنـــتَ مشــجعًا حقيقيًّا للتنس، فستعلم أن المباريات العظيمة تقام في جميع أنحاء العالم. ويتــــم لعبهـــا طوال الوقـــت، وهناك كثـير من بطولات التنس الأصغر التي تقام على مدار العام.
وبالرغم من أن بطولات الـ «جراند سلام» تقوم بتصفية أفضل الأفضل من اللاعبين، فإنه يمكنك في الحقيقة رؤية بعض الأشياء الرائعة في أي دورة تذهب إليها. فهناك بطولات ATP، التي لا يزال بإمكانها جذب الأسماء الكبيرة، وهي بالتأكيد تخلق كثيرًا من اللحظات التي لا تُنسى. وهذه البطولات هي التي مهّدت الطريق لبطولات جراند سلام في المقام الأول، وساعدت منذ نشأتها على دفع حركة التطوير للتنس العالمي، وهي ذات جداول مزدحمة ومعبأة بإحكام طوال العام.
ويعتمد عدد البطولات التي يشارك فيها اللاعبون المصنّفون على عدد من العوامل، وأهمها أن تلبّي الحدّ الأدنى من متطلبات التصنيف، لذلك يجب أن يشارك كبار اللاعبين في حوالي 18 بطولة سنويًا.
توجد حاليًا 68 دورة للتنس على مستوى اتحاد لاعبي التنس المحترفين للرجال ATP و58 بطولة على مستوى اتحاد لاعبات التنس المحترفات للسيدات WTA.
وعلى الرغم من أن أموال الجوائز تختلف من بطولة لأخرى من عام إلى آخر، فإن أكبر الجوائز المالية هي في بطولات الـ «جراند سلام». وفي آخر بطولة بعام 2019، بلغ مجموع جوائز بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للاعبين وحدها 53 مليون دولار. تلقى أبطال الفردي 3.8 ملايين دولار.

برامج تطوير
يعمل الاتحاد الكويتي للتنس، في الوقت الحالي، وبالتنسيق مع الاتحادين الآسيوي والدولي، على وضع برامجه التطويرية وخططه المستقبلية لتطوير اللعبة.
وتشمل خطط الاتحاد استضافة وتنظيم المزيد من البطولات الدولية للمحترفين ذات الجوائز المالية الكبيرة، وبطولات رابطة اللاعبين المحترفين العالمية (ATP)، ويقول الشيخ أحمد الجابر إن «الاتحاد سيبدأ بالبطولات ذات
الـ 250 نقطة، ومــــن ثمّ ذات الـ 500 نقطة، وصولًا إلى البطولات ذات الـ 1000 نقطة، كالتي تقام في كل من الولايات المتحدة وكندا وموناكو وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والصين، وهذه البطولات ستستقطب أفضل لاعبي التنس في العالم والمصنفين العشرة الأوائل».
في منطقة الخليج العربي تنظم كلّ من قطر والإمارات بطولات ATP، ففي دولة قطر هناك بطــولة قطر إكسون موبيـــل المفتــوحة ذات الـ 250 نقطة، وبطولة دبي للتنس ذات 500 نقطة، التي يشارك بها أفضل اللاعبين والمصنفين العشرة الأوائل في التصنيف العالمي للتنس.ومن المتوقع أن تصبح منطقة الخليج العربي مركزًا جديدًا للتنس في الأعوام المقبلة، لذلك ستواجه البطولات في المنطقة منافسة شرسة، وهي تقام في الفترة نفسها، خاصة بعد أن تم تغيير أرضية بعض ملاعبها إلى الملاعب الصلبة التي يفضّلها معظم اللاعبين، وهي عوامل ستزيد من نجاح البطولات.
لكن بصفة مجمّع جابر الدولي للتنس، المكان الوحيد الذي توجد به ملاعب داخلية مغطاة من الدرجة الأولى في المنطقة، يمكن أن تستضيف الكويت البطولات في أشهر الصيف الحارة، وهو شيء لا تستطيع البطولات الأخرى بالمنطقة تقديمه.

الكرة الصفراء
لعبة التنس هي رياضة لمدى الحياة، ونشاط رياضي اجتماعي رائع. ودائمًا ما توصف بأنها واحدة من أرقى الرياضات، وتعدّ بمنزلة اختبار للقدرة البدنية والعقلية للاعبين، وفي مجال التنس لا يوجد أدنى شكّ بأن العنصر الذهني في اللعب هو شيء مهم، وكلّ لاعب يعمل وفقًا لتكتيكات واستراتيجيات خاصة به. ومشاهدات هذه الرياضة أيضًا محاطة بتقاليد وطرق عريقة طويلة الأمد تحترم الصعوبات التي يتحمّلها هؤلاء اللاعبون.
مجمع جابر الدولي للتنس سيمنحك تجربة رائعة ومتعــة المشاهــــدة، حتــــى لو لم تكن من محبّي رياضة التنس، فهو مكان رائع لحضور بطولات ومتابعة أبطال على مستوى عال جدًا، وسيكون نقطة تحوّل مهمة في لعبة التنس بالمنطقة، حيث ستجلب البطولات الدولية والاحتراف مزيداً من التوسع والإثارة لهذه الرياضة العريقة■