أدب الكويت وثقافتها في الهند

أدب الكويت وثقافتها  في الهند

تسعى الأمم المختلفة لنشر لغاتها وثقافتها في العالم عن طريق المؤتمرات العلمية وترجمة أعمالها الفنية والأدبية، لذا عرف العالم علماء الدول وأدباءها، فعرفنا أدب أوربا وأمريكا وعلماءها، والكويت تحاول نشر ثقافتها عبر المؤتمرات والترجمة، لذا نظمّت سفارة الكويت بالهند في 18 و19 أكتوبر 2001، مؤتمرًا في حيدر آباد (الهند) حول أدب الكويت وثقافتها، حيث تم عقد مؤتمر «الأدب العربي الحديث في الكويت» بجامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية، وتحدث فيه سفير الكويت هناك عبدالله المراد، وكان مدير المكتب الإعلامي في الهند خالد الرزني، وكانت السفارة شعلة من النشاط، وحضر من الكويت فاطمة يوسف العلي وكاتب هذه السطور، وكان معظم المتحدثين من أساتذة اللغة العربية في الجامعات الهندية. 

في الهند مئات الجامعات، منها الحكومية والأهلية، وفي بعض هذه الجامعات أقسام للغة العربية، وقد تزيد على مئة، جامعةٌ تُدرس اللغة العربية، بل وتمنح طلابها شهادتي الماجستير والدكتوراه في اللغة العربية وآدابها. 
يتصدى طلاب الماجستير والدكتوراه في موضوعاتهم العربية من مصر وسورية والعراق، فكانت كتاباتهم حول هذه الدول فقط، وموضوعات أطروحاتهم لا تتعدّى أدب هذه البلدان لنيل تلك الشهادات، ولا يعرف الهنود أدبًا عربيًا خلافًا لأدب تلك الدول، لكن عندما تم عقد مؤتمر عن أدب الكويت وثقافتها تنبّه أساتذة اللغة العربية في الهند إلى ثقافة دول الخليج العربي، وما تحويه من شعر ونثر جديرين بالقراءة والاطلاع عليهما، وبدأت الأقلام تكتب عن ذلك الأدب، وتلك الثقافة المجهولة لديهم. 
تحدث في ذاك المؤتمر د. سيد راشد نسيم، عن تاريخ الكويت، ود. ك. م. محمد عن أحمد البِشر الرّومي، ود. أسلم إصلاحي عن المجتمع الكويتي من خلال مسرحياته، ود. شفيق أحمد الندوي عن قضايا اجتماعية تعالجها القصة القصيرة في الكويت. 
وكان حديث د. فرحانة صديقي عن دور المرأة في الأدب الكويتي، في حين تناول د. محمد حسان في حديثه حياة وفن صقر الشبيب.
أما د. سيد جهانغير فقد تحدّث عن الشعر الكويتي... ملامحه ومحتواه. 
وهناك أساتذة كرام تناولوا موضوعات كثيرة عن مجتمع الكويت وثقافـتهــم، وكان ذلك المؤتمر فاتحة خير لتعريف المجتمع الهندي على أدب الكويت وتاريخها وثقافتها. 

بحث عن المصادر
برز اهتمام أحد أساتذة اللغة العربية في جامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية، وهو د. سيد جهانغير، لتعريف أدب الكويت وثقافتها لعموم الهند، فجاءت اقتراحاته في توجيه طلبة الماجستير والدكتوراه للكتابة عن الكويت وثقافتها، لكنّه اصطدم بعدم وجود المصادر والمراجع الكافية لأيّ باحث، كما برز أيضًا اختيار الموضوع للكتابة، فماذا يعمل الأستاذ في هذه الحالة؟ 
اتصل د. جهانغير بي مرّات عدّة، طالبًا أسماء موضوعات كويتية لكتابة أطروحات الماجستير والدكتوراه، فأعددت قائمة بأسماء أدباء الكويت ومثقّفيها، أما المصادر فقد لجأت إلى رابطة الأدباء في الكويت، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومؤسسة البابطين الثقافية، لتزويدي بكل ما يخص ثقافة الكويت في الشعر والنثر، وحصلت عليها، وأرسلت مجموعة من الكتب والمقالات بالبريد الجوي إلى د. جهانغير، لكن ماذا حدث لتلك الشحنة؟ 
بعد أكثر من شهر على إرسال شحنة الكتب، لم تصل الكتب إلى حيدر آباد، وضلّت طريقها، ولم نعثر لها على أيّ أثر، عندها قررت الذهاب إلى حيدر آباد بالطائرة، حاملًا معي مجموعة كبيرة من الكتب، بعد أن طلبتُها مرة أخرى من رابطة الأدباء والمجلس الوطني ومن مؤسسة البابطين، واستمرت رحلاتي إلى الهند مرتين أو ثلاث مرات في السنة حاملًا معي كتبًا كثيرة لطلبة الهند للكتابة عن الكويت وثقافتها. 

تسويق أدب الكويت
بدأ طلاب الماجستير والدكتوراه اختيار موضوعات من ثقافة الكويت لكتابة رسائلهم العلمية للحصول على ما يرغبون به من درجات علمية في الأدب العربي، لكن صادفهم شحّ المصادر، وقلّة المراجع، فكان د. جهانغير يطلب تزويده بكل ما يحتاج إليه الطالب من مصادر ومراجع لكل باحث. 
تكررت زياراتي للهند حاملًا مجموعات كبيرة من الكتب، وأحيانًا أدفع نقودًا لشركة الطيران عن الوزن الزائد في أمتعتي، لكنّ الهدف كان أكبر من ذلك، وهو تسويق أدب الكويت وثقافتها. 
وعندما اطّلعت على بعض كتابات الطلبة الهنود، رأيت خللًا في طريقة البحث العلمي! لذا كنت أضطر إلى إلقاء محاضرة، أو أكثر، حول طريقة البحث العلمي، وأخرى عن طريقة استعمال المصادر والمراجع الخاصة بكل بحث. 
بدأ الطلاب يكتبون أطروحاتهم، فخرجت أبحاث جديدة عن أدب الشخصيات الكويتية، ومنها أول دراسة هندية عن ثقافة الكويت خرجت من نيودلهي، بعنوان إسهامات الكويت في الثقافة العربية (1950 - 2000) للباحث شفيع أحمد الندوي، سنة 2002م، وكان تحت إشراف 
د. أسلم الإصلاحي، من جامعة جواهر لال نهرو، ثم بدأت سلسلة من الرسائل من حيدر آباد، حيث كتب الباحث سيد عبدالجبار أطروحته «دراسة نقدية للقصة القصيرة في الكويت»، سنة 2004م، وجاء بحث «الوطنية في الشعر الكويتي» للباحث عبدالغفور كي. إي. وبحث «تطور أدب المقالة في الكويت» للباحث محمد إقبال، وبحث «الزمكانية والبيئة في أدب الكويت» للباحث محمد كليم الدين بن عبدالحميد. 

نماذج لرسائل الباحثين 
كان هذا العرض للرسائل الجامعية حول أدب الكويت بشكل عام، أما من تناول أدباء الكويت وشعراءها فقد جاء الباحث حنظلة ك. وي. ليكتب عن «عبدالعزيز السريع والمسرح في الكويت»، ثم كتب الباحث سيد افتخار حسين عن «مساهمة خالد سعود الزيد في إثراء الشعر الكويتي»، أما الباحث محمد رئيس الدين عالم، فقد كان بحثه عن «مساهمة ليلى العثمان في القصة القصيرة بالكويت»، وأما الباحث محمد تسليم يم. يم. فقد كان بحثه «البيئة والوطن في شعر محمد الفايز». وعن «الحداثة في شعر خليفة الوقيان» كتب الباحث عبدالرحيم إم. أي. 
وبحث «الغزل والألم في شعر فهد العسكر» كتبه حنظلة. ك. و، أما الشيخ إبراهيم فقد تناول «دور عبدالعزيز البابطين في نشر الشعر العربي والثقافة».
وكتب بحثه عن «القومية في قصص ثريا البقصمي» مرزا عبدالرحيم بيغ، أما بحث «المكان والبيئة عند حمد الحمد» فقد كتبه محمد كليم الدين. 
وعن «العروبة في شعر أحمد السقاف» كتب سجاد أحمد بث. أمّا محمد أمين تانتري فكان بحثه بعنوان «علي السبتي ومساهمته الشعرية»، وهناك أيضًا أبحاث أخرى كتبها الباحثون الهنود، وهذه نماذج فقط من الأبحاث. 
وفي مجال النقد الأدبي، تناول بعض الباحثين أدب الكويت من منظور النقد الأدبي الحديث، أمثال ذلك ما كتبه معتصم بالله تي. بي، وكان بحثه «دراسة نقدية لمقالات محمد مساعد الصالح». أما سيد مجاهد الهاشمي فقد كتب «دراسة نقدية لأعمال سعاد الصباح الشعرية».
وأما بحث «الملامح الفنية في شعر عبدالله العتيبي» فقد كتبه الباحث محمد شاكر رضا. 
هذه نماذج فقط لأعمال وأبحاث الطلبة الهنود حول أدب الكويتيين، ويوجد الآن أكثر من ثلاثين باحثًا كتبوا عن الكويت، انتهى بعضهم من أبحاثهم، والبعض الآخر مازال يكتب في أطروحته. 

إسهامات الطلبة الهنود
بنظرة سريعة على أبحاث الطلبة الهنود يتّضح مدى إسهامات هؤلاء في نشر ثقافة الكويت وأدبها في المجتمع الهندي، ومدى حرص المسؤولين الهنود على تذليل الصعاب أمام هؤلاء لكي يبذلوا الجهد الصادق في إبراز حبّهم للكويت وشعبها، ولكن... أين دورنا نحن في تشجيع هؤلاء على طباعة هذه الأبحاث، وتشجيع غيرهم في الكتابة عن الكويت؟ فهناك الكثير من الطلبة والباحثين يتشوقون لمعرفة المزيد عن أدب الكويت وثقافتها. 
هذه جهود كبيرة من باحثين تعلّموا اللغة العربية واستخدموها لنيل درجات عليا من الماجستير والدكتوراه في اللغة العربية والأدب العربي، لكنّ هؤلاء لديهم مجموعة من الأخطاء اللغوية والنحوية تحتاج إلى مصحّح عربي يعيد قراءة الأطروحة لتستقيم لغة البحث، وهذا ما يطمح إليه أساتذة الهند. 
ولأجل هذا الهدف تم إنشاء مكتبة بالجامعة المليّة الإسلامية في نيودلهي تحمل اسم سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لتكون منارًا لبثّ ثقافة الكويت وحضارتها في الهند، وتم تزويد المكتبة بمجموعة كبيرة عن تاريخ الكويت وحضارتها وثقافتها. 
ونتطلع لبناء مكتبة أخرى في حيدر آباد، موازية لمكتبة نيودلهي، ونسأل الله أن يوفقنا لتحقيق هذا الهدف، كما نتطلع إلى مد أنشطتنا إلى دول شرق آسيا لتحقيق حلم امتداد ثقافة الكويت وأدبها في العالم■