الدرابيل حلوى الشتاء في الكويت

الدرابيل حلوى الشتاء  في الكويت

مع بداية شروق شمس صباح كويتي مملوء بالحماس والشوق لعبق الماضي الأصيل، امتشقتُ كاميرتي العزيزة على قلبي وصاحبتي في كل تجوالي، واتجهتُ إلى مصنع «حلويات الوطن»، المختص بصناعة الحلويات الكويتية التقليدية، لمشاهدة كيفية صناعة حلوى «الدرابيل» الطيبة المذاق، التي تشتهر بها دولة الكويت من ضمن قائمة حلويات رائعة ولذيذة.

 الدرابيل عبارة عن رقائق خفيفة ومطوية؛ تعد من الدقيق والسكر الناعم ومسحوق (القرفة)، ويتم تقديمها أغلب الأحيان بجانب الحليب أو الشاي الساخنين، خاصة أننا في فصل الشتاء؛ ذلك الفصل الحميمي الذي تبحث العائلة فيه عن الدفء في مسكنهم ومأكلهم، وجاءت تسميتها بذلك؛ بسبب شكلها الأسطواني الذي يشبه «الدربيل»، أي المنظار، الذي غالبًا ما يستعمله البحارة في رحلاتهم وأسفارهم، وأقوم بتصويرها بطريقة احترافية تليق بهذه الحلوى التي مازال الكويتيون مرتبطين بها عاطفيًا بكل أوقات يومهم، ويقبلون على شرائها بكل الأوقات وفي مختلف المواسم، ويهتمون بأن تكون من ضمن أصناف الحلويات بتنوعها التي تقدم في المناسبات الاجتماعية والاحتفاليات السنوية، وأيضًا يحرصون على أن تكون من ضمن هداياهم لأصدقائهم من خارج البلاد، وهي تستحق بالفعل أن يطلق عليها مسمى سفيرة الحلويات الكويتية الأصيلة.
وعند وصولي استقبلني صاحب مصنع «حلويات الوطن» خليل عبدالله الحلواجي، بابتسامة مشرقة كصباح هذا اليوم، وجلس معي ليحدثني عن كيفية صناعة «الدرابيل»؛ وفوجئت بأنها لازالت تصنع يدويًا كعهدها، وكانت تلك المعلومة إضافة جديدة لمعلوماتي عن إعداد الأطعمة المرتبطة بالتراث الكويتي العريق، وطلب مني أن أنتظر قليلًا حتى تجهز عجينتها لأرى كيفية خبزها، وما إن انتهينا من حديثنا عما يقدمه المصنع من حلويات شعبية، حتى أخبرونا بأن العجينة قد جهزت، وحملت كاميرتي وأنا كلي فضول وسعادة لالتقاط صور توثق هذا العمل الرائع، ورائحة الحلويات الشهية المخبوزة تعبق من المكان وتتسلل إلى أنفي، رأيت كيف يتم تسطيحها يدويًا باستخدام أسطوانة خشبية ومن ثم توضع على «التاوة» وهي عبارة عن سطح معدني ساخن، ثم تلف ويضاف إليها السكر والقرفة الناعمان، وبعد ذلك يتم تقطيعها بشكل أسطواني، وهنا تكون حلوى «الدرابيل» قد جهزت. وبما أنني كنتُ أشرف على إعدادها وتصويرها بطريقة تليق بمكانتها عندنا ككويتيين، فقد قدموا لي إصبعًا من أصابع تلك «الدرابيل» الطازجة الساخنة؛ وكانت بسبب سخونتها طرية وناعمة كالخبز اللذيذ الشهي. وبعد ذلك صفت بطريقة مرتبة في علب كرتونية سجل عليها اسم المصنع ومكونات هذه الحلوى، وبعد ذلك جمعت تلك العلب استعدادًا لتوزيعها على المحلات والأسواق المركزية؛ وبيعها طازجة محتفظة بنكهتها وروعة طعمها الذي يعرفه جميع محبيها.
وقد لاح لي سؤال وجهته لأحد العاملين المصنع وأنا أشاهد تلك الخلطة التقليدية، إن كان مع تطور الزمن قد أضيفت لها بعض اللمسات الجديدة ابتسم وقال إنهم يحرصون على أن تكون بمكوناتها الأصيلة، ولكن مع تغير نمط الحياة؛ تم إعداد خلطات جديدة مناسبة للحمية ومرضى السكر، فهناك «درابيل النخالة» الغنية بالألياف، وأيضًا «درابيل قليلة السكر»، كما أضيفت الشوكولاتة الطازجة لمحبيها، وذلك لتواكب التطور الاجتماعي والزمني، بجانب الخلطة التقليدية التي اشتهرت بها تلك الحلوى.
وما يلفت النظر؛ أن كثيرًا من زوار الكويت يهتمون بشرائها بجانب الحلويات الكويتية التراثية الأخرى، كحلوى «الرهش» وأصابع «البقصم» وكعكة «قرص العقيلي» وإلى آخرها من حلويات مختلفة اشتهرت بها بلادي، وقد سمعت تصريحًا منذ فترة عن إعجاب السفير الفرنسي وحبه «للدرابيل»، وهذا لا شك يجعلني أفخر بأن هذه الحلوى قد نالت استحسان حتى غير العرب. ختمت هذا اللقاء الرائع المفيد الموثق بكاميـــرتي، محملاً بهـــدايــا من علــب منـــوعة من الدرابيل الشهيــة، شاكرًا صاحب المصنع والقائمين عليه حسن الاستضافة واللقاء■

من مراحل تجهيز عجين حلوى الدرابيل