الثقافة في زمن «كورونا»

الثقافة في زمن «كورونا»

كشفت‭ ‬تداعيات‭ ‬الأحداث‭ ‬والوقائع‭ ‬التي‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬تفشّي‭ ‬وباء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ - ‬19‭) ‬مدى‭ ‬حجم‭ ‬الأضرار‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالقطاع‭ ‬الثقافي‭ ‬بكلّ‭ ‬مكوناته‭ ‬وجوانبه‭ ‬المتعددة،‭ ‬وامتدت‭ ‬النتائج‭ ‬والآثار‭ ‬السلبية‭ ‬والخسائر‭ ‬الباهظة‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬التنموية‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭.‬

وغني‭ ‬عن‭ ‬الذكر‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬ترتبط‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بقطاعات‭ ‬التنمية‭ ‬الحيوية‭ ‬المهمة،‭ ‬مثل‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬والصحية‭ ‬والنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وثراء‭ ‬السياحة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وجميعها،‭ ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬تأثّرت‭ ‬سلبًا‭ ‬بأضرار‭ ‬بالغة،‭ ‬وتكبّدت‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة‭. ‬

 

أدى‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الرّعب‭ ‬وهول‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬كافة،‭ ‬إنها‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية‭ ‬جسّدت،‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬أهوال‭ ‬نكبات‭ ‬الأوبئة‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬الأرض‭ ‬وفتكت‭ ‬بالشعوب‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭ ‬الحديث،‭ ‬ولأكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬عام‭ ‬مضت،‭ ‬وقد‭ ‬وثّقتها‭ ‬مجلدات‭ ‬ومؤلفات‭ ‬سجّلت‭ ‬وقائع‭ ‬الأحداث‭ ‬والتاريخ‭ ‬الطويل‭ ‬للأوبئة‭ ‬الفتّاكة‭. ‬

ولا‭ ‬تقلّ‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬ضررًا‭ ‬عن‭ ‬الأوبئة‭ ‬الأكثر‭ ‬إزهاقًا‭ ‬للأرواح،‭ ‬بالرغم‭ ‬مما‭ ‬تحقّق‭ ‬للبشرية‭ ‬من‭ ‬التقدّم‭ ‬والتطور‭ ‬العلمي‭ ‬والطبي‭ ‬العالمي‭ ‬الهائل،‭ ‬والارتقاء‭ ‬الذي‭ ‬بلغته‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والوقائية،‭ ‬والعناية‭ ‬المرتفعة‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬المعايير‭ ‬البيئية‭ ‬الدولية،‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬صحة‭ ‬وسلامة‭ ‬المجتمعات‭ ‬من‭ ‬شرور‭ ‬الأمراض‭ ‬السارية‭.‬

لكنّ‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬جديد،‭ ‬حيث‭ ‬هزّ‭ ‬معظم‭ ‬المنظومات‭ ‬الصحية،‭ ‬وانهار‭ ‬البعض‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬متقدّمة‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية،‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬واستدعى‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭ ‬استنفارًا‭ ‬متواصلًا‭ ‬وحشودًا‭ ‬مكثّفة‭ ‬لقوات‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬المدني‭ ‬والحرس‭ ‬الوطني،‭ ‬لتشكّل‭ ‬في‭ ‬مجموعها‭ ‬مع‭ ‬الفرق‭ ‬الطبية،‭ ‬بجميع‭ ‬طواقمها،‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬لمواجهة‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭ ‬ومكافحته،‭ ‬وانتشاره‭ ‬الفظيع‭ ‬في‭ ‬عدواه‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيره‭ ‬الواسع‭ ‬بانتقاله‭ ‬السريع‭ ‬بين‭ ‬الناس‭.‬

 

أرقام‭ ‬قياسية

إن‭ ‬حجم‭ ‬الأرقام‭ ‬القياسية‭ ‬المسجلة‭ ‬يوميًا‭ ‬وتفاقمها‭ ‬عالميًا،‭ ‬يؤكد‭ ‬فداحة‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬البشرية،‭ ‬فمع‭ ‬صدور‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬مجلتنا‭ (‬العربي‭) ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬إصابة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الوفيات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائتي‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭.‬

منذ‭ ‬نشأة‭ ‬المرض‭ ‬وتفشّيه‭ ‬خارج‭ ‬منطقة‭ ‬ظهوره‭ ‬الأول‭ ‬ومنبع‭ ‬انتشاره‭ ‬الأول،‭ ‬بمدينة‭ ‬ووهان‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2020،‭ ‬اتّضح‭ ‬للعالم‭ ‬بجلاء‭ ‬أن‭ ‬متغيرات‭ ‬جديدة‭ ‬ظهرت‭ ‬إلى‭ ‬دنيا‭ ‬الوجود‭ ‬الإنساني،‭ ‬تغيّر‭ ‬فيها‭ ‬تمامًا‭ ‬ما‭ ‬ساد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬ثوابت‭ ‬قد‭ ‬بادت،‭ ‬ومسلّمات‭ ‬فُقدت‭  ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وحلّت‭ ‬مكانها‭ ‬أفكار‭ ‬جديدة،‭ ‬بأن‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانات‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والطبي‭ ‬والأبحاث‭ ‬ذات‭ ‬النتائج‭ ‬المذهلة‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬البيولوجيا‭ ‬والكيمياء‭ ‬الحيوية،‭ ‬أصبحت‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬اختراع‭ ‬وإيجاد‭ ‬لقاح‭ ‬طبّي‭ ‬ودواء‭ ‬لهذا‭ ‬الداء‭ ‬المحيّر،‭ ‬واتّضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحديًا‭ ‬جديدًا‭ ‬أمام‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صارت‭ ‬شبه‭ ‬عاجزة،‭ ‬وبانت‭ ‬بوضوح‭ ‬عظمة‭ ‬الخالق‭ ‬عزّ‭ ‬وجل‭ ‬وحكمته،‭ ‬سبحانه،‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬مدى‭ ‬ضعف‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأنه‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬علمه‭ ‬وابتكاره‭ ‬واكتشافاته،‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يقوى‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬وقدرته‭ ‬وبلائه‭ ‬على‭ ‬عباده،‭ ‬أمام‭ ‬أكثر‭ ‬سبب‭ ‬ضآلة؛‭ ‬وهو‭ ‬وجود‭ ‬مخلوق‭ ‬فيروسي،‭ ‬تتغيّر‭ ‬بظهوره‭ ‬مفاهيم‭ ‬وتتبدّل‭ ‬معتقدات،‭ ‬مبرهنةً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬الكمال‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يغيّر‭ ‬شيئًا‭ ‬إلّا‭ ‬بإرادة‭ ‬الله‭ ‬العليّ‭ ‬القدير‭ ‬ومشيئته‭ ‬سبحانه‭.‬

وقد‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬مبينًا‭ ‬قدرته‭ ‬الإلهية‭: {‬وما‭ ‬تشاءون‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬يشاء‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬عليمًا‭ ‬حكيمًا‭} (‬سورة‭ ‬الإنسان‭ - ‬الآية‭ ‬30‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬تبارك‭ ‬وتعالى‭: ‬‭{‬إنما‭ ‬قولنا‭ ‬لشيء‭ ‬إذا‭ ‬أردناه‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬له‭ ‬كُن‭ ‬فيكون‭}‬‭ (‬سورة‭ ‬النحل‭ - ‬الآية‭ ‬40‭).‬

‭ ‬إذن،‭ ‬مهما‭ ‬يبلغ‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬علوّ‭ ‬وتقدّم‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والاختراعات‭ ‬والإنجازات،‭ ‬تبقى‭ ‬هناك‭ ‬نقاط‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬ما‭ ‬حبانا‭ ‬الله‭ ‬بفضله‭ ‬بنعمة‭ ‬خلقه‭ ‬للعقل‭ ‬الذي‭ ‬أوصلنا،‭ ‬بإرادته‭ ‬جلّ‭ ‬وعلا،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬عليه‭ ‬وما‭ ‬آتانا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬العلم،‭ ‬وبفضله‭.‬

 

جوانب‭ ‬إيجابية

كشفت‭ ‬تداعيات‭ ‬تفشي‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬جوانب‭ ‬إيجابية‭ ‬تركت‭ ‬أثرها‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬المحليّة‭ (‬الوطنية‭) ‬والعربية‭ ‬والعالمية،‭ ‬أهمها‭: ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬ليسا‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬المسمّى‭ ‬بالمتقدم،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬عقار‭ ‬طبّي‭ ‬فعال،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الفيروس‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تقدّمهم‭ ‬العلمي‭ ‬والطبي،‭ ‬وأثبتت‭ ‬الوقائع‭ ‬أن‭ ‬الأغنياء‭ ‬ليسوا‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأمراض‭ ‬السارية‭ ‬ومعالجتها‭ ‬والوقاية‭ ‬منها،‭ ‬وأن‭ ‬عظمة‭ ‬الخالق‭ ‬تتجدّد‭ ‬بأحداث‭ ‬وأوبئة،‭ ‬لتعيد‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬صحوة‭ ‬جديدة،‭ ‬لذا‭ ‬تقاربت‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬وأقبلت‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬الإنساني‭ ‬لمواجهة‭ ‬الوباء،‭ ‬حيث‭ ‬أثبتت‭ ‬جائحة‭ ‬اكوروناب‭ ‬مدى‭ ‬الحاجة‭ ‬العالمية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬إلى‭ ‬التضامن‭ ‬والتعايش‭ ‬والتعاون‭ ‬الإنساني‭ ‬والحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬المسؤول،‭ ‬وقبول‭ ‬التنوع‭ ‬والتعدد‭ ‬الثقافي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬المُثلى‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬الثقافية‭ ‬للشعوب‭ ‬وخبراتها‭.‬

ومن‭ ‬الانعكاسات‭ ‬والتأثيرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الثقافي‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الحظر‭ ‬وتوخّي‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بعدوى‭ ‬كورونا،‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬فرصة‭ ‬للكثيرين‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والمؤلّفين‭ ‬والفنانين‭ ‬للعمل‭ ‬والإنتاج،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬الفراغ‭ ‬الطويل،‭ ‬مما‭ ‬ينبئ‭ ‬بظهور‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الثقافية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬موضوعاتها،‭ ‬والخاصة‭ ‬بتوثيق‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وقد‭ ‬شجّعت‭ ‬ظروف‭ ‬ملازمة‭ ‬البيوت‭ ‬الأطفال‭ ‬والناشئة‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬والمطالعة،‭ ‬والوعي‭ ‬بالثقافة‭ ‬الوقائية‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬لشغل‭ ‬أوقات‭ ‬أبنائنا‭ ‬بما‭ ‬يفيدهم‭ ‬ويحصّنهم‭ ‬ثقافيًا‭ ‬عند‭ ‬استثمار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭. 

 

الثقافة‭ ‬الرقمية

استمر‭ ‬العطاء‭ ‬الثقافي‭ ‬زاخرًا‭ ‬متدفقًا‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬ولا‭ ‬يتوقف،‭ ‬وثبت‭ ‬أن‭ ‬للثقافة‭ ‬ونشر‭ ‬المعرفة‭ ‬وسائلها‭ ‬الجديدة‭ ‬والفعالة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬والانتشار‭ ‬والتأثير‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الأممي‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الأزمات‭ ‬والمحن‭ ‬والأوبئة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬الرقمية‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬التباعد،‭ ‬إلى‭ ‬التمكين‭ ‬من‭ ‬التواصل،‭ ‬فنشطت‭ ‬الفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬عبر‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬الفضائية‭ ‬الافتراضية‭ ‬لإقامة‭ ‬المحاضرات‭ ‬وعقد‭ ‬الندوات‭ ‬وتنظيم‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الكبرى،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬مؤتمر‭ ‬وزراء‭ ‬الثقافة‭ ‬العرب‭ ‬الافتراضي‭ ‬الذي‭ ‬سيقام‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬مايو‭ ‬الجاري،‭ ‬والمؤتمر‭ ‬الاستثنائي‭ ‬لوزراء‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬لمنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬للتربية‭ ‬والعلوم‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬يونيو‭ ‬المقبل،‭ ‬وأثبت‭ ‬التواصل‭ ‬الرقمي‭ ‬والإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬والنشاط‭ ‬المزدهر‭ ‬للتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الهادف‭ ‬بين‭ ‬المثقفين‭ ‬والأدباء‭ ‬وجمهورهم،‭ ‬جدواه‭ ‬ونجاحه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العملي،‭ ‬وأن‭ ‬الاستثمار‭ ‬التقني‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والمعرفة‭ ‬الرقمية‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬واستفدنا‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬اكوروناب،‭ ‬الذي‭ ‬اعتمد‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬المكتبات‭ ‬الرقمية‭ ‬والنشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الفضائي،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬الى‭ ‬ارتفاع‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬القراءة‭ ‬والبحث‭ ‬والتأليف‭ ‬والنشر‭ ‬عبر‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬الرقمي،‭ ‬وفتح‭ ‬بوابات‭ ‬المخزون‭ ‬الضخم‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬المكتبات‭ ‬الوطنية‭ ‬والعالمية‭ ‬الكبرى‭ ‬ذات‭ ‬الرصيد‭ ‬الرقمي‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬أوعية‭ ‬المعلومات‭ ‬ومصادر‭ ‬المعرفة‭.‬

إنّ‭ ‬حق‭ ‬الحصول‭ ‬الإنساني‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬وإتاحتها‭ ‬ونشرها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬يعدّ‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬المؤشرات‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ضمن‭ ‬المؤشرات‭ ‬الأممية‭ ‬لإرساء‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2035‭ (‬المؤشر‭ ‬رقم‭ ‬16‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬يرتبط‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬مع‭ (‬المؤشر‭ ‬رقم‭ ‬12‭) ‬حول‭ ‬تمكين‭ ‬الأمم‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المنتجات‭ ‬الثقافية‭ ‬بحرّية‭ ‬أينما‭ ‬كانت‭ ‬وسائل‭ ‬نشرها‭ ‬أو‭ ‬بثّها‭ ‬عالميًا،‭ ‬دعمًا‭ ‬للتنمية‭ ‬الثقافية‭ ‬الحياتية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الظروف‭ ‬القاهرة‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬تصدير‭ ‬الثقافة‭ ‬التقليدية‭. ‬

 

رسائل‭ ‬هادفة‭ ‬

إن‭ ‬الثقافة‭ ‬الحيّة‭ ‬عند‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بها‭ ‬وتقدّر‭ ‬دورها‭ ‬لا‭ ‬تُهزم‭ ‬ولا‭ ‬تتقهقر،‭ ‬بل‭ ‬تزيدها‭ ‬الأزمات‭ ‬والمحن‭ ‬عزمًا‭ ‬وإصرارًا‭ ‬على‭ ‬تجاوزها‭ ‬بالعطاء‭ ‬والإنتاج‭ ‬بهمم‭ ‬عالية‭. ‬

تواصل‭ ‬رقمي‭ ‬فضائي‭ ‬تجلّت‭ ‬مزاياه‭ ‬وظهرت‭ ‬إيجابياته‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الثقافة‭ ‬ونقل‭ ‬المعرفة‭ ‬وتعزيز‭ ‬التقارب‭ ‬الإنساني‭ ‬على‭ ‬الثقافة،‭ ‬فتمكّن‭ ‬من‭ ‬التحدي‭ ‬لمواجهة‭ ‬إغلاق‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬وكسر‭ ‬القيود‭ ‬بتوزيع‭ ‬منتجات‭ ‬الثقافة‭ ‬التقليدية‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬ولعبت‭ ‬معارض‭ ‬الكتب‭ ‬الافتراضية‭ ‬دورها‭ ‬كزاد‭ ‬متدفّق‭ ‬بالعطاء‭ ‬الثقافي‭ ‬للعقول،‭ ‬وساهمت‭ ‬المعارض‭ ‬الفنية‭ ‬التشكيلية‭ ‬في‭ ‬دورها‭ ‬الفعال‭ ‬لراحة‭ ‬النفوس،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منصات‭ ‬رقمية‭ ‬أبرزت‭ ‬دور‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنّ‭ ‬المؤثر‭ ‬معًا‭ ‬تجاه‭ ‬الجائحة‭ ‬بنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬تذوّق‭ ‬مزايا‭ ‬الفنون‭ ‬التشكيلية،‭ ‬التي‭ ‬تقدّم‭ ‬للجمهور‭ ‬رسائل‭ ‬هادفة‭ ‬بتشخيص‭ ‬الأوضاع‭ ‬وتوعية‭ ‬المجتمعات‭ ‬وإرشادها،‭ ‬بالوقاية‭ ‬وطرق‭ ‬السلامة‭ ‬وبعث‭ ‬روح‭ ‬البهجة‭ ‬والسرور‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بالحياة‭ ‬والأمل‭ ‬باجتياز‭ ‬الجائحة،‭ ‬وبما‭ ‬يكافح‭ ‬فيه‭ ‬الفن‭ ‬والإمتاع‭ ‬بالإبداع‭ ‬الجمالي‭ ‬كل‭ ‬المحبطات‭ ‬المؤدية‭ ‬للقلق‭ ‬والتوتر‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬المجهول‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬للتواصل‭ ‬الثقافي‭ ‬الرقمي‭ ‬دوره‭ ‬وإسهامه‭ ‬البنّاء‭ ‬في‭ ‬تقريب‭ ‬رؤى‭ ‬وأفكار‭ ‬المثقفين‭ ‬والأدباء‭ ‬والفنانين‭ ‬والمفكرين‭ ‬العرب،‭ ‬وقدّمت‭ ‬متاحف‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬جولات‭ ‬لمقتنياتها‭ ‬المتحفية‭ ‬بالعرض‭ ‬الافتراضي‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬قويّة‭ ‬لتحدّي‭ ‬ومواجهة‭ ‬إغلاق‭ ‬المتاحف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬تقريبًا‭ ‬بسبب‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء،‭ ‬وأحدث‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬الدولية‭ ‬الرقمي‭ ‬ثورة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬محليًا‭ ‬وعالميًا‭ ‬منابر‭ ‬فردية‭ ‬وجماعية‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬عززت‭ ‬الحريات‭ ‬الثقافية‭ ‬المفتوحة‭ ‬ونقل‭ ‬المعلومات‭ ‬وتبادلها‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬وأيسر‭ ‬وأكثر‭ ‬كثافة،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عهد‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء‭ ‬عالميًا‭. 

 

نقلة‭ ‬نوعية

ومن‭ ‬الجميل‭ ‬أن‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬والتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬دفعا‭ ‬إلى‭ ‬تحفيز‭ ‬المفكّرين‭ ‬والأدباء‭ ‬وعموم‭ ‬المؤلفين‭ ‬إلى‭ ‬الإنتاج‭ ‬والعطاء‭ ‬الجديد،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬المناخ‭ ‬مهيئًا‭ ‬لهم‭ ‬بوقت‭ ‬فراغ‭ ‬طويل‭ ‬يحسُن‭ ‬استثماره‭ ‬في‭ ‬التفرغ‭ ‬للعمل‭ ‬الثقافي،‭ ‬والأمر‭ ‬نفسه‭ ‬نجده‭ ‬قد‭ ‬تجسّد‭ ‬بوضوح‭ ‬لدى‭ ‬صنّاع‭ ‬الثقافة‭ ‬الإبداعية‭ ‬ومنتجاتهم‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬النقلة‭ ‬النوعية‭ ‬الجديدة‭ ‬للثقافة‭ ‬العصرية،‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬أطياف‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬المقبل،‭ ‬المشغوف‭ ‬بالثقافة‭ ‬الإبداعية‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭. ‬

لقد‭ ‬أُطلق‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬الكبير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الثقافية‭ ‬القيّمة،‭ ‬التي‭ ‬أمّنت‭ ‬وصول‭ ‬المعرفة‭ ‬والمعلومات،‭ ‬وتسخير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لخدمة‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬ورفعتها،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تُوجد‭ ‬قاعدة‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ ‬تعاون‭ ‬واعتماد‭ ‬عربي‭ ‬مشترك‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬لتقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬بشكل‭ ‬ثنائي‭ ‬وجماعي،‭ ‬يحقق‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأمثل‭ ‬والأكثر‭ ‬ديمومة‭ ‬لتجهيزات‭ ‬وبرامج‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬لدعم‭ ‬التواصل‭ ‬الثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬والفني،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬وإطلاق‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬الثقافية‭ ‬الدائمة،‭ ‬مع‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬تُعنى‭ ‬المنظمات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والدولية‭ ‬بتوثيق‭ ‬المبادرات‭ ‬والأنشطة‭ ‬والفعاليات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬بسلاح‭ ‬الثقافة،‭ ‬لتكون‭ ‬مرجعًا‭ ‬مهمًا‭ ‬ومصدرًا‭ ‬ثريًّا‭ ‬لدراسات‭ ‬وأبحاث‭ ‬المستقبل،‭ ‬الذي‭ ‬نأمل‭ ‬في‭ ‬استشرافه‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬والعِبَر‭ ‬التي‭ ‬سيتركها‭ ‬زمن‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬ويدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬همم‭ ‬جديدة‭ ‬واعدة‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الصناعات‭ ‬الإبداعية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المعرفية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بمكونات‭ ‬التنمية‭ ‬الثقافية‭ ‬كافة،‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعزّز‭ ‬الشراكات‭ ‬الأممية‭ ‬وتصون‭ ‬السّلْم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتدعم‭ ‬التعاون‭ ‬والتبادل‭ ‬الثقافي،‭ ‬وتُعنى‭ ‬بحماية‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلفين،‭ ‬وتنمّي‭ ‬طاقات‭ ‬الشباب‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬رهان‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأمل‭ ‬الغد‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭. ‬

إن‭ ‬تكرار‭ ‬الأحداث‭ ‬المؤلمة‭ ‬والأزمات‭ ‬العصيبة،‭ ‬ومنها‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وتداعياته،‭ ‬يؤكد‭ ‬دائمًا‭ ‬أن‭ ‬دور‭ ‬الثقافة‭ ‬كشريك‭ ‬فعّال‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة،‭ ‬باق‭ ‬ومستمر،‭ ‬ويثبت‭ ‬جدواه‭ ‬وفعاليته،‭ ‬ويحقق‭ ‬رسالته‭ ‬وأهدافه‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬حركة‭ ‬التنوير‭ ‬والتوعية،‭ ‬ونشر‭ ‬المعرفة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأمة،‭ ‬كما‭ ‬يعزز‭ ‬مفهوم‭ ‬دور‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬الأزمات،‭ ‬وأنّ‭ ‬أكبر‭ ‬خطر‭ ‬يواجه‭ ‬الثقافة‭ ‬هو‭ ‬وباء‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلّف‭ ‬والأميّة،‭ ‬فلا‭ ‬تنمية‭ ‬ولا‭ ‬ازدهار‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬إلّا‭ ‬بوجود‭ ‬الثقافة‭ ‬الحرّة‭ ‬الرصينة،‭ ‬التي‭ ‬تُظهر‭ ‬منابع‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والعربية‭ ‬ذات‭ ‬القيم‭ ‬الأصيلة،‭ ‬وتحيي‭ ‬الموروث‭ ‬الحضاري‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الشعوب،‭ ‬لتستطيع‭ ‬وتتمكن‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬بقوة‭ ‬العلم‭ ‬والثقافة‭ ‬التي‭ ‬تحصّن‭ ‬الأوطان،‭ ‬وتحمي‭ ‬المكتسبات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬عبر‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬مضت‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬التضامن‭ ‬والتكاتف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للأمم،‭ ‬كما‭ ‬برهنت‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التعايش‭ ‬السّلمي‭ ‬والإنساني‭ ■