الطيور المهاجرة في رحلة آمنة بالكويت

الطيور  المهاجرة  في رحلة آمنة بالكويت

‭ ‬هجرة‭ ‬الطيور‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬عجائب‭ ‬العالم‭ ‬الطبيعي‭. ‬تهاجر‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬موسمية‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أسراب،‭ ‬قاطعة‭ ‬مسافات‭ ‬هائلة‭ ‬عبر‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬والصحارى‭ ‬وقمم‭ ‬الجبال‭ ‬العالية،‭ ‬ليلًا‭ ‬ونهارًا‭ ‬ولأيام‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توقّف،‭ ‬مع‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الاتجاهات‭ ‬بدقّة‭ ‬عالية،‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬البيئات‭ ‬المناسبة‭ ‬للعيش‭ ‬والتكاثر‭ ‬وتربية‭ ‬صغارها‭. ‬وعندما‭ ‬تصبح‭ ‬الظروف‭ ‬في‭ ‬موطنها‭ ‬الأصلي‭ ‬ملائمة،‭ ‬يحين‭ ‬الوقت‭ ‬للعودة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

لكن‭ ‬كيف‭ ‬تجد‭ ‬هذه‭ ‬الطيور‭ ‬الصغيرة‭ ‬طريقها،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬قدراتها‭ ‬الملاحية؟‭ ‬وهل‭ ‬رحلاتها‭ ‬آمنة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تعود‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬سماء‭ ‬الكويت‭ ‬بأعداد‭ ‬أقل؟‭ ‬تساؤلات‭ ‬كثيرة‭ ‬سنتوجه‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭.‬

 

‭ ‬تعد‭ ‬أسراب‭ ‬الطيور‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الكويت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬أشاهدها‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬فصلَي‭ ‬الربيع‭ ‬والخريف‭. ‬وهي‭ ‬أكثر‭ ‬المخلوقات‭ ‬تنقّلًا‭ ‬ذهابًا‭ ‬وإيابًا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض،‭ ‬أبطال‭ ‬صغيرة‭ ‬بقوى‭ ‬خارقة،‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلقيح‭ ‬الزهور‭ ‬ونشر‭ ‬البذور،‭ ‬وتجديد‭ ‬الغابات‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الآفات،‭ ‬ووجودها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬سلامته،‭ ‬وأنه‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬للعيش‭ ‬فيه‭.‬

‭ ‬وهناك‭ ‬أنواع‭ ‬مختلفة‭ ‬وهائلة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬تجتمع‭ ‬معًا‭ ‬للسفر‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬متشابهة،‭ ‬لا‭ ‬تختارها‭ ‬الطيور‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي،‭ ‬إنما‭ ‬تتبع‭ ‬طرقًا‭ ‬محددة‭ ‬تتضمن‭ ‬موائل‭ ‬مناسبة‭ ‬للتوقف‭ ‬فيها‭ ‬مرات‭ ‬عدّة‭ ‬للراحة‭ ‬والتزود‭ ‬بالوقود‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الطريق‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬هجرة‭ ‬الطيور‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬رحلة‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬وتواجهها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التهديدات،‭ ‬فطيرانها‭ ‬لمسافات‭ ‬طويلة‭ ‬يحتّم‭ ‬عليها‭ ‬عبور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬السياسات‭ ‬البيئية‭ ‬المختلفة‭. ‬وتواجهها‭ ‬تهديدات‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬الطيور‭ ‬الجائعة‭ ‬المنهكة‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬التوقف،‭ ‬لتجد‭ ‬أنها‭ ‬دمّرت‭ ‬كليًّا‭. ‬أو‭ ‬تصطدم‭ ‬بمعوقات‭ ‬مثل‭ ‬المباني‭ ‬العالية‭ ‬والمدن‭ ‬الجديدة‭ ‬وخطوط‭ ‬الكهرباء،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬تغيّر‭ ‬المناخ‭ ‬واختفاء‭ ‬الموائل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬قتل‭ ‬ملايين‭ ‬الطيور‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬وعشوائي‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬بعض‭ ‬الصيادين‭.‬

‭ ‬

‭ ‬ممرات‭ ‬آمنة

توجهنا‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر‭ ‬شمالًا‭ ‬إلى‭ ‬محمية‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد،‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬60‭ ‬كم‭ ‬عن‭ ‬العاصمة‭ ‬الكويت،‭ ‬لمراقبة‭ ‬أكثر‭ ‬الطيور‭ ‬ندرة‭ ‬وأجملها،‭ ‬والتي‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭. ‬هذه‭ ‬المحمية‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬النظم‭ ‬الأيكولوجية‭ ‬الأرضية‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬تتغيّر‭ ‬ملامحها‭ ‬مع‭ ‬تغيّر‭ ‬الوقت‭ ‬وتبدّل‭ ‬الفصول،‭ ‬يكسوها‭ ‬اللون‭ ‬الأخضر‭ ‬ربيعًا،‭ ‬وتتعرى‭ ‬تمامًا‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬الحار‭. ‬فصول‭ ‬السنة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬سيرَ‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المتناقضة،‭ ‬وهذا‭ ‬التغيّر‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مختلفة‭ ‬لتحمّل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬البرودة‭ ‬والرطوبة‭ ‬إلى‭ ‬الحرارة،‭ ‬فلكلّ‭ ‬فصل‭ ‬شخصيته‭ ‬المميزة‭.‬

‭ ‬أنشئت‭ ‬المحمية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬تبلغ‭ ‬330‭ ‬كم2،‭ ‬وهي‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬مركز‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬برئاسة‭ ‬الشيخة‭ ‬أمثال‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭. ‬تحتوي‭ ‬مساحاتها‭ ‬على‭ ‬تضاريس‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬سهول‭ ‬وتلال‭ ‬ومنخفضات‭ ‬ومسطحات‭ ‬طينية‭ ‬وشواطئ‭ ‬بطول‭ ‬16‭ ‬كيلومترًا‭. ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬السبخات‭ ‬بكثرة،‭ ‬وينمو‭ ‬في‭ ‬سهولها‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬الشجيرات‭ ‬المعمّرة‭ ‬المقاومة‭ ‬للملوحة،‭ ‬مثل‭ ‬الغردق‭ ‬والهرم‭ ‬والعجرم‭ ‬والثليث‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬الحولية‭.‬

‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬تتّخذ‭ ‬المحمية‭ ‬استراتيجية‭ ‬سريعة،‭ ‬حيث‭ ‬تنمو‭ ‬الأوراق‭ ‬على‭ ‬شجيرات‭ ‬القرضي‭ ‬والعوسج‭ ‬والأرطي‭ ‬والثند،‭ ‬وتزدهر‭ ‬الأرض‭ ‬بالأعشاب‭ ‬النضرة‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬الحولية‭ ‬كالنوير‭ ‬والربلة‭ ‬والكحيل،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬لجميع‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬والمستوطنة‭ ‬بالعيش‭.‬

وتصل‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬أعداد‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬سنويًا،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬بلد‭ ‬صحراوي‭ ‬مساحته‭ ‬صغيرة‭ ‬نسبيًا‭ (‬حوالي‭ ‬18000‭ ‬كم‭ ‬2‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬الطيور‭ ‬تعتبرها‭ ‬أحد‭ ‬الممرات‭ ‬الآمنة،‭ ‬وهي‭ ‬غنيّة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬بالحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬وبموائل‭ ‬للطيور‭. ‬

ووفق‭ ‬إحصائية‭ ‬حديثة‭ ‬قدّمتها‭ ‬لي‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للبيئة‭ ‬بالكويت،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬415‭ ‬نوعًا،‭ ‬وهناك‭ ‬أعداد‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬تتكاثر‭ ‬بانتظام‭ ‬في‭ ‬المحميات‭ ‬والجزر‭ ‬الكويتية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬حظيت‭ ‬الكويت‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بالحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬وعلماء‭ ‬الطيور،‭ ‬وأصبحت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬وجهة‭ ‬جغرافية‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬استكشاف‭ ‬ودراسة‭ ‬حياة‭ ‬الطيور‭ ‬ومراقبتها‭.‬

‭ ‬يرجع‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬والمتنوع‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬الموجودة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬هجرة‭ ‬الطيور‭ ‬المهمّة،‭ ‬ومنها‭ ‬الخط‭ ‬الشرقي‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬أوراسيا‭ ‬بإفريقيا،‭ ‬الذي‭ ‬تسلكه‭ ‬الطيور‭ ‬في‭ ‬رحلتين؛‭ ‬هما‭ ‬رحلة‭ ‬الخريف‭ ‬التي‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الشمالية‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬وتركيا،‭ ‬والعراق،‭ ‬مرورًا‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬تجاه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬ووسط‭ ‬شرق‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬حتى‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬الرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬الربيعية‭ ‬عكس‭ ‬ذلك؛‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬إلى‭ ‬الشمال،‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬التكاثر‭ ‬والتفريخ،‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬موائل‭ ‬آمنة‭ ‬ومناسبة‭ ‬للراحة‭ ‬والتزود‭ ‬بالوقود،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬مايو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

‭ ‬

‭ ‬جال‭ ‬الزّور

‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مختلف‭ ‬هنا،‭ ‬مشاهد‭ ‬لم‭ ‬أعتد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬بالكويت‭. ‬وأجملها‭ ‬هي‭ ‬جال‭ ‬الزور،‭ ‬أكبر‭ ‬التلال‭ ‬داخل‭ ‬المحمية،‭ ‬وهي‭ ‬محاطة‭ ‬بسهول‭ ‬ذات‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬ومنخفضات‭ ‬تتجمع‭ ‬فيها‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬بحيرات،‭ ‬وتنمو‭ ‬فيها‭ ‬شجيرات‭ ‬الرمث،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬شجيرات‭ ‬القتات‭ ‬التي‭ ‬توفّر‭ ‬المأوى‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬الصغيرة‭ ‬كالفراش‭ ‬والعناكب‭ ‬والخنافس‭. ‬وتحتوي‭ ‬المحمية‭ ‬على‭ ‬برك‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المعالَجة،‭ ‬ومجاميع‭ ‬نباتية‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭ ‬العرفج،‭ ‬والشنان،‭ ‬والهرم‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية‭. ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬المحمية‭ ‬أيضًا‭ ‬واد‭ ‬يسمّى‭ ‬وادي‭ ‬الرمم،‭ ‬ويشتمل‭ ‬على‭ ‬جرف‭ ‬صخري‭ ‬يرتفع‭ ‬إلى‭ ‬116‭ ‬مترًا‭ ‬عن‭ ‬المسطحات‭ ‬الطينية‭ ‬الساحلية،‭ ‬وهو‭ ‬ذو‭ ‬انحدار‭ ‬شديد‭.‬

‭ ‬تعد‭ ‬شجرة‭ ‬اطلحةب‭ ‬أكبر‭ ‬الأشجار‭ ‬المعمّرة‭ ‬في‭ ‬المحمية،‭ ‬ويتجاوز‭ ‬عمرها‭ ‬100‭ ‬عام،‭ ‬ولها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬لأنها‭ ‬تؤوي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة،‭ ‬وتعتبر‭ ‬ملجأ‭ ‬آمنًا‭ ‬لها‭ ‬لبناء‭ ‬أعشاشها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬والحيوانات‭ ‬المفترسة‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬رصد‭ ‬تفريخ‭ ‬طيور‭ ‬عديدة‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬الأشجار‭ ‬القريبة‭ ‬منها،‭ ‬كطائر‭ ‬الزرزور‭ ‬الأندلسي‭. ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬الطيور‭ ‬البرية‭ ‬التي‭ ‬تستوطن‭ ‬السهول‭ ‬المنبسطة‭ ‬بالمحمية‭ ‬للتكاثر‭ ‬وبناء‭ ‬الأعشاش‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬كطائر‭ ‬القبّرة‭ ‬المتوجة‭ ‬والقبّرة‭ ‬الهدهدية‭ ‬والقبرة‭ ‬قصيرة‭ ‬الأرجل،‭ ‬وفي‭ ‬سماء‭ ‬المحمية‭ ‬تنتشر‭ ‬الجوارح‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أسراب‭ ‬تحوم‭ ‬فوق‭ ‬المنطقة،‭ ‬باحثةً‭ ‬عن‭ ‬غذائها‭ ‬في‭ ‬السهول،‭ ‬ومن‭ ‬أشهرها‭ ‬عقاب‭ ‬السهول‭ ‬ومرزة‭ ‬البطائح‭ ‬والنسر‭ ‬الرمادي‭.‬

‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬المحمية‭ ‬أيضًا‭ ‬طائر‭ ‬السمان،‭ ‬وهو‭ ‬طير‭ ‬مهاجر‭ ‬غير‭ ‬شائع،‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬المحمية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر،‭ ‬والحذف‭ ‬الصيفي،‭ ‬وهو‭ ‬طائر‭ ‬يهاجر‭ ‬بأعداد‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬وطائر‭ ‬اللقلق‭ ‬الأسود‭ ‬الذي‭ ‬يعدّ‭ ‬طائرًا‭ ‬مهاجرًا‭ ‬نادرًا‭ ‬جداً،‭ ‬وأبو‭ ‬منجل‭ ‬الأسود،‭ ‬وهو‭ ‬طائر‭ ‬يهاجر‭ ‬بأعداد‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬فصلي‭ ‬الخريف‭ ‬والربيع،‭ ‬والواق‭ ‬الصغير،‭ ‬والبلشون‭ ‬الذهبي،‭ ‬وأبوقردان،‭ ‬وصقر‭ ‬العسل‭ ‬الحوام‭ ‬والحدأة،‭ ‬والنسر‭ ‬الأسود‭ ‬والنسر‭ ‬الأصلع‭ ‬والباشق‭ ‬وعقاب‭ ‬البادية،‭ ‬وأبلق‭ ‬أوربي،‭ ‬وخاطف‭ ‬الذباب‭ ‬شبه‭ ‬المطوق،‭ ‬والذعرة‭ ‬الصفراء‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬المحمية‭ ‬البومة،‭ ‬والباشق،‭ ‬والعقاب‭ ‬الامبراطوري،‭ ‬وعقاب‭ ‬السهوب‭. ‬وتضم‭ ‬المحميّة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬طيور‭ ‬الكروان،‭ ‬وحمام‭ ‬النخيل،‭ ‬والمينا،‭ ‬والبلابل،‭ ‬والبومة،‭ ‬والقبّرة‭ ‬المتوّجة،‭ ‬وزقزاق‭ ‬السرطان،‭ ‬وأنواع‭ ‬أخرى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬151‭ ‬نوعًا‭ ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬الطيور،‭ ‬منها‭ ‬14‭ ‬نوعًا‭ ‬مستوطنًا‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬مقيم،‭ ‬و21‭ ‬نوعًا‭ ‬مختلفًا‭ ‬من‭ ‬الزواحف‭ ‬منها‭ ‬الضبّ‭ ‬والورل،‭ ‬و22‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الثدييات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬7‭ ‬أنواع‭ ‬مهددة‭ ‬بالانقراض،‭ ‬مثل‭ ‬ثعلب‭ ‬الفنك‭ ‬وغرير‭ ‬العسل‭.‬

‭ ‬

‭ ‬المحميات‭ ‬الطبيعية

‭ ‬تشكّل‭ ‬المحميات‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الطيور،‭ ‬وهي‭ ‬أيضًا‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقّى‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬بتنوّعها‭ ‬البيولوجي،‭ ‬سواء‭ ‬النباتي‭ ‬أو‭ ‬الحيواني،‭ ‬كي‭ ‬تعود‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهدها‭. ‬خلال‭ ‬زيارتي‭ ‬للهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للبيئة،‭ ‬أخبرني‭ ‬عمر‭ ‬الشاهين‭ (‬من‭ ‬إدارة‭ ‬التنوع‭ ‬الأحيائي‭) ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬11‭ ‬محمية‭ ‬أنشأتها‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للبيئة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬ساحلية‭ ‬وبريّة‭ ‬لتوطين‭ ‬الحيوانات‭ ‬والنباتات‭ ‬المعرضة‭ ‬للانقراض‭ ‬بسبب‭ ‬الصيد‭ ‬والرعي‭ ‬الجائر،‭ ‬وبسبب‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وللحفاظ‭ ‬على‭ ‬جمال‭ ‬البيئة‭ ‬الطبيعيّة‭ ‬للكويت،‭ ‬ولتكون‭ ‬مخزونًا‭ ‬استراتيجيًّا‭ ‬للنباتات‭ ‬والحيوانات،‭ ‬وبيئة‭ ‬ملائمة‭ ‬لتكاثرها،‭ ‬ولأجل‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬والتنوع‭ ‬الحيويّ‭. ‬

وتعمل‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للبيئة‭ ‬وجهات‭ ‬بيئية‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬بجهود‭ ‬جبارة،‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة،‭ ‬بإعادة‭ ‬استصلاح‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬والأراضي‭ ‬الرطبة،‭ ‬وحظر‭ ‬الرعي،‭ ‬ومراقبة‭ ‬المحميات،‭ ‬وإزالة‭ ‬المخلّفات‭ ‬والأنقاض،‭ ‬وزيادة‭ ‬التوعية‭ ‬البيئية‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور،‭ ‬والتشديد‭ ‬على‭ ‬قوانين‭ ‬منع‭ ‬الصيد‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬محددة‭.‬

‭ ‬

‭ ‬هجرة‭ ‬الخريف

  ‬تلتقي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الكويت‭ ‬ثلاث‭ ‬مناطق‭ ‬بيئية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وهي‭ ‬صحراء‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬وساحل‭ ‬الخليج‭ ‬شبه‭ ‬الاستوائي‭ ‬ودلتا‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النهرين،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬بيئة‭ ‬غنيّة‭ ‬بالموائل‭ ‬المتنوعة‭ ‬بيولوجيًّا‭. ‬وتعدّ‭ ‬سواحل‭ ‬المد‭ ‬والجزر‭ ‬وأحواض‭ ‬القصب‭ ‬والسبخات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬محطات‭ ‬معالجة‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬إنتاجًا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيولوجية،‭ ‬ومواقع‭ ‬تفضّلها‭ ‬وتعيش‭ ‬فيها‭ ‬أنواع‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أسراب،‭ ‬خاصةً‭ ‬في‭ ‬طين‭ ‬المد‭.‬

توجد‭ ‬أيضًا‭ ‬بعض‭ ‬الواحات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬بالكويت‭ ‬تفضّلها‭ ‬الطيور،‭ ‬مثل‭ ‬العبدلي‭ ‬والجهراء‭ ‬والوفرة‭ ‬وأبرق‭ ‬الخباري،‭ ‬وهي‭ ‬توفّر‭ ‬مناطق‭ ‬شجرية‭ ‬خضراء‭ ‬تروى‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬جوفية‭ ‬أو‭ ‬مصادر‭ ‬مياه‭ ‬خارجية‭. ‬

ومن‭ ‬أشهر‭ ‬طيور‭ ‬رحلة‭ ‬الخريف‭ ‬الخراشن‭ ‬وطيور‭ ‬أبو‭ ‬ملعقة‭ ‬وزقزاق‭ ‬السرطان‭ ‬وطائر‭ ‬الفلامنغو،‭ ‬والعقبان،‭ ‬والنسور،‭ ‬واللوهة،‭ ‬وبعض‭ ‬أنواع‭ ‬البط‭ ‬التي‭ ‬تمكث‭ ‬طوال‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭.‬

‭ ‬

‭ ‬رحلة‭ ‬الربيع

  ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬هو‭ ‬الفصل‭ ‬الأكثر‭ ‬ألوانًا‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬فيه‭ ‬تصبح‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬أكثر‭ ‬اعتدالًا،‭ ‬ويرتفع‭ ‬معدل‭ ‬الرطوبة‭ ‬وتنمو‭ ‬النباتات‭ ‬بكثرة،‭ ‬ويتزايد‭ ‬النشاط‭ ‬البيولوجي‭ ‬للكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬إنّه‭ ‬نظام‭ ‬بيئي‭ ‬مشجّع‭ ‬للطيور‭ ‬التي‭ ‬هاجرت‭ ‬جنوبًا‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬للتزاوج‭ ‬وبناء‭ ‬الأعشاش،‭ ‬لتستقر‭ ‬فيها‭ ‬طوال‭ ‬فصل‭ ‬الربيع،‭ ‬ومع‭ ‬تفريخ‭ ‬معظم‭ ‬الأنواع‭ ‬تبدأ‭ ‬الطيور‭ ‬الصغيرة‭ ‬بالنمو،‭ ‬وترتدي‭ ‬ريشها‭ ‬الملوّن‭ ‬استعدادًا‭ ‬للانطلاق‭ ‬في‭ ‬أولى‭ ‬رحلاتها‭.‬

تبدأ‭ ‬هجرة‭ ‬الربيع‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬لمعظم‭ ‬الطيور‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‭ ‬في‭ ‬فبراير،‭ ‬وتستمر‭ ‬حتى‭ ‬أواخر‭ ‬مايو،‭ ‬وبعد‭ ‬عبور‭ ‬الطيور‭ ‬بحر‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء‭ ‬القاحلة‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬تكون‭ ‬البقع‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬يجدونها‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬أول‭ ‬موائل‭ ‬مناسبة‭ ‬للراحة‭ ‬والطعام‭ ‬وبناء‭ ‬الأعشاش‭ ‬والتكاثر‭ ‬بعد‭ ‬معاناتها‭ ‬الطويلة‭.‬

وأبرز‭ ‬طيور‭ ‬الرحلة‭ ‬الربيعية‭ ‬هي‭ ‬العقبان،‭ ‬والمغردات،‭ ‬والصرد‭ ‬والطيور‭ ‬المائية،‭ ‬والخواضون،‭ ‬والطيور‭ ‬الجارحة،‭ ‬والجيران‭.‬

‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬العابرة‭ ‬يمكن‭ ‬مشاهدتها‭ ‬أيضًا‭ ‬داخل‭ ‬المدن‭ ‬والمناطق‭ ‬المأهولة‭ ‬بالسكان‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الطيور‭ ‬أسراب‭ ‬الطيور‭ ‬المائية،‭ ‬مثل‭ ‬النوار،‭ ‬وخرشوف‭ ‬البحر،‭ ‬وفاختة‭ ‬النخيل،‭ ‬والحمام‭ ‬المطوق،‭ ‬وحمام‭ ‬الجبل،‭ ‬والمينا‭ ‬الاعتيادية،‭ ‬وبلبل‭ ‬أبيض‭ ‬الخد،‭ ‬وبلبل‭ ‬أحمر‭ ‬العجز،‭ ‬والدرّة‭ ‬الهندية‭ ‬المطوقة،‭ ‬والعصفور‭ ‬الدوري،‭ ‬وهي‭ ‬طيور‭ ‬مقيمة‭ ‬وتتكاثر‭ ‬بانتظام،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬أعدادها‭ ‬إلى‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬واحد‭.‬

‭ ‬وخارج‭ ‬المناطق‭ ‬السكنية‭ ‬نشاهد‭ ‬القبّرة‭ ‬المتوّجة،‭ ‬وهي‭ ‬أكثر‭ ‬الطيور‭ ‬المستوطنة‭ ‬مشاهدةً،‭ ‬وفي‭ ‬الواجهات‭ ‬البحرية‭ ‬والشواطئ‭ ‬نشاهد‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المواسم‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬النوارس‭ ‬والخطاطيف‭ ‬والطيور‭ ‬الخواضة‭ ‬وطائر‭ ‬النحام‭.‬

‭ ‬

‭ ‬جزيرة‭ ‬أمّ‭ ‬النمل

  ‬توجّهنا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬إلى‭ ‬جزيرة‭ ‬أم‭ ‬النمل‭ ‬إحدى‭ ‬الجزر‭ ‬الكويتية‭ ‬التسع‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬جون‭ ‬الكويت،‭ ‬لمشاهدة‭ ‬أسراب‭ ‬طيور‭ ‬النحام‭ (‬الفلامنغو‭) ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬الكويت‭. ‬

هذا‭ ‬الطائر‭ ‬المهاجر‭ ‬يصل‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو،‭ ‬ويبدأ‭ ‬في‭ ‬المغادرة‭ ‬أواخر‭ ‬مارس‭. ‬ويستطيع‭ ‬الفلامنغو‭ ‬الطيران‭ ‬بسرعة‭ ‬60‭ ‬كيلومترًا‭ ‬في‭ ‬الساعة،‭ ‬وخلال‭ ‬هجرته‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬480‭ ‬كيلومترًا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1878،‭ ‬ترصد‭ ‬باحثون‭ ‬إنجليز‭ ‬تفريخ‭ ‬طيور‭ ‬الفلامنغو‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الجزر‭ ‬الكويتية،‭ ‬لكنّ‭ ‬الفلامنغو‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يفرّخ‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬مجددًا،‭ ‬وفق‭ ‬الرصد‭ ‬والمتابعة‭ ‬السنوية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬عامًا‭. ‬

‭ ‬تم‭ ‬إخلاء‭ ‬الجزيرة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬والعشرين‭ ‬الماضية،‭ ‬وتمت‭ ‬إزالة‭ ‬جميع‭ ‬المخلفات‭ ‬البيئية‭ ‬فيها‭. ‬واختيرت‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الصغيرة‭ (‬647‭.‬264‭ ‬مترًا‭ ‬مربعًا‭)‬،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الكويت‭ ‬للأبحاث‭ ‬وبتمويل‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬كمشروع‭ ‬للدراسة‭ ‬وللتقييم‭ ‬البيئي‭ ‬للتنوع‭ ‬الحيوي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬التنوع‭ ‬الفطري‭ ‬في‭ ‬الجزيرة‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيلها‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬متنزهًا‭ ‬بيئيًا‭ ‬آمنًا،‭ ‬فهي‭ ‬تتميز‭ ‬بغطاء‭ ‬نباتي‭ ‬وحيواني‭ ‬فطري‭ ‬كثيف،‭ ‬وتمتاز‭ ‬أيضًا‭ ‬بإرث‭ ‬تاريخي‭ ‬متنوع،‭ ‬لاحتوائهما‭ ‬على‭ ‬آثار‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬حضارة‭ ‬دلمون‭. ‬

‭ ‬تقدّر‭ ‬المسافة‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬الجزيرة‭ ‬والساحل‭ ‬بـ‭ ‬650‭ ‬مترًا،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشجّع‭ ‬الكثيرين‭ ‬على‭ ‬ارتياد‭ ‬الجزيرة‭ ‬سيرًا‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭ ‬عند‭ ‬الجزر،‭ ‬مما‭ ‬ينذر‭ ‬بخطر‭ ‬تدمير‭ ‬ذلك‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬الفطري،‭ ‬ويهدد‭ ‬بفقدان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الحيوانية‭ ‬في‭ ‬الجزيرة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬قربها‭ ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬تعرّضها‭ ‬للضرر‭.‬

وفي‭ ‬زيارة‭ ‬قمت‭ ‬بها‭ ‬لمعهد‭ ‬الكويت‭ ‬للأبحاث،‭ ‬أخبرتني‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الزراعة‭ ‬والبيئة‭ ‬بمعهد‭ ‬الكويت‭ ‬للأبحاث،‭ ‬رئيسة‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لحماية‭ ‬الطبيعة،‭ ‬د‭. ‬مطرة‭ ‬المطيري،‭ ‬أن‭ ‬معهد‭ ‬الأبحاث‭ ‬اعمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬البيئة‭ ‬الصحراوية‭ ‬للجزيرة‭ ‬بعد‭ ‬دراسة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬لمدة‭ ‬عامين،‭ ‬تم‭ ‬خلالها‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬لقاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬متعلّقة‭ ‬بمسح‭ ‬التنوع‭ ‬الفطري‭ ‬للجزيرة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تقسيمها‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬أجزاء،‭ ‬وتحديد‭ ‬نقطة‭ ‬مركزية‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬كلّ‭ ‬منطقة‭ ‬بغرض‭ ‬تنظيم‭ ‬عملية‭ ‬جمع‭ ‬البيانات‭ ‬المطلوبة‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالتربة‭ ‬والنباتات‭ ‬والحياة‭ ‬الفطرية،‭ ‬وتبع‭ ‬ذلك‭ ‬تحديد‭ ‬هذه‭ ‬المواقع‭ ‬وتثبيتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نظام‭ ‬الملاحة‭ ‬العالمي‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعيةب‭.‬

‭ ‬وعن‭ ‬أهم‭ ‬مشاهدات‭ ‬معهد‭ ‬الأبحاث‭ ‬في‭ ‬الجزيرة،‭ ‬قالت‭ ‬لنا‭ ‬المطيري‭ ‬إن‭ ‬اطائر‭ ‬القطقاط‭ ‬الإسكندراني‭ ‬يتكاثر‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الجزيرة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬رصد‭ ‬أعشاش،‭ ‬بيض‭ ‬وفروخ‭ ‬هذا‭ ‬الطائر‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬متفرقة‭ ‬من‭ ‬الجزيرة،‭ ‬مع‭ ‬تركّز‭ ‬الأعشاش‭ ‬في‭ ‬الوسط‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬مناطق‭ ‬تكاثر‭ ‬هذا‭ ‬الطائر‭ ‬حول‭ ‬جون‭ ‬الكويت،‭ ‬فإن‭ ‬التدهور‭ ‬المنتشر‭ ‬في‭ ‬جون‭ ‬الكويت‭ ‬والفقدان‭ ‬السريع‭ ‬للموائل‭ ‬الطبيعية‭ ‬يضفي‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬للجزيرة،‭ ‬مما‭ ‬يؤهلها‭ ‬لتكون‭ ‬محمية‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭. ‬وتزداد‭ ‬أهمية‭ ‬حماية‭ ‬الجزيرة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬إلى‭ ‬يونيو،‭ ‬وهي‭ ‬أشهر‭ ‬التكاثر‭ ‬لهذا‭ ‬الطائرب‭.‬

  ‬وتم‭ ‬رصد‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬طائر‭ ‬اللوهة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬أم‭ ‬النمل‭ ‬بعدد‭ ‬يتجاوز‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬طائر،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الجزيرة‭ ‬تعتبر‭ ‬معبرًا‭ ‬ومكانًا‭ ‬آمنًا‭ ‬لهذا‭ ‬الطائر‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬هجرته‭ ‬ومكوثه‭ ‬بالكويت‭. ‬وطائر‭ ‬اللوهة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تزور‭ ‬الجزر‭ ‬الكويتية‭ ‬شتاء‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬وحتى‭ ‬مارس،‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬ماهر‭ ‬في‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك،‭ ‬ويستطيع‭ ‬الغوص‭ ‬20‭ ‬مترًا‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭. ‬

ورصد‭ ‬معهد‭ ‬الأبحاث‭ ‬الكويتية‭ ‬أيضًا‭ ‬أحافير‭ ‬الديدان‭ ‬الأنبوبية‭ ‬المتحجرة‭ (‬ستروماتوليتس‭) ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬تنتشر‭ ‬هذه‭ ‬الأحافير‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬المد‭ ‬والجزر‭ ‬حول‭ ‬الجزيرة‭. ‬

وترجع‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الأحافير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬أثرية‭ ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭. ‬ونظرًا‭ ‬للطبيعة‭ ‬المتميزة‭ ‬للجزيرة،‭ ‬فقد‭ ‬أوصى‭ ‬معهد‭ ‬الأبحاث‭ ‬بأن‭ ‬توضع‭ ‬تحت‭ ‬الحماية‭ ‬الكاملة‭ ‬مدة‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬لإعطاء‭ ‬فرصة‭ ‬للموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬كي‭ ‬تنتعش‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬وضعها‭ ‬الطبيعي،‭ ‬مع‭ ‬مراقبة‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬سنويًّا‭.‬

‭ ‬

‭ ‬الملّاح‭ ‬الصغير

‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬أسرار‭ ‬الهجرة،‭ ‬محاولة‭ ‬معرفة‭ ‬كيف‭ ‬تجد‭ ‬الطيور‭ ‬طريقها‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭. ‬وقد‭ ‬أجريت‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الطيور‭ ‬وفقًا‭ ‬لجمعية‭ ‬الطيور‭ ‬العالمية‭ ‬Birdlife International،‭ ‬وتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬الملاحية‭ ‬المختلقة‭ ‬للطيور،‭ ‬وكان‭ ‬أهمها‭ ‬الاستشعار‭ ‬المغناطيسي‭. ‬فالعديد‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬تمتلك‭ ‬تركيبات‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أدمغتها،‭ ‬وعيونها‭ ‬تساعدها‭ ‬على‭ ‬استشعار‭ ‬المجال‭ ‬المغناطيسي‭ ‬للأرض،‭ ‬وهذا‭ ‬يساعد‭ ‬الطيور‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬للرحلات‭ ‬الطويلة،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثل‭ ‬البوصلة‭ ‬الداخلية‭. ‬ولأنّ‭ ‬الطيور‭ ‬تتّبع‭ ‬طرق‭ ‬الرحلات‭ ‬نفسها‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فإنّ‭ ‬قوة‭ ‬ذاكرتها‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬تحديد‭ ‬رحلتها‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬الأشكال‭ ‬الأرضية‭ ‬والميزات‭ ‬الجغرافية‭ ‬المختلفة،‭ ‬مثل‭ ‬الأنهار‭ ‬والسواحل‭ ‬والأودية‭ ‬والسلاسل‭ ‬الجبلية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬اتجاه‭ ‬الطيور‭ ‬بالاتجاه‭ ‬الصحيح‭. ‬وأيضًا‭ ‬اتجاه‭ ‬النجوم‭ ‬بالنسبة‭ ‬للطيور‭ ‬التي‭ ‬تهاجر‭ ‬في‭ ‬الليل،‭ ‬وخلال‭ ‬النهار،‭ ‬تستخدم‭ ‬الطيور‭ ‬الشمس‭ ‬للتنقل‭. ‬وتتعلّم‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬الطيور‭ ‬الصغيرة‭ ‬طرق‭ ‬الهجرة‭ ‬من‭ ‬والديها‭ ‬والطيور‭ ‬البالغة‭ ‬الأخرى‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬السرب‭. ‬وفور‭ ‬أن‭ ‬تتعلّم،‭ ‬يمكنها‭ ‬السفر‭ ‬بنجاح‭ ‬في‭ ‬الرحلات‭ ‬القادمة‭ ‬بأنفسها‭. ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬التقنيات‭ ‬الملاحية‭ ‬الأساسية،‭ ‬قد‭ ‬تستخدم‭ ‬الطيور‭ ‬أيضًا‭ ‬أدلة‭ ‬أخرى‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬طريقها،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الترحال‭ ‬بنجاح،‭ ‬مثل‭ ‬رائحة‭ ‬الموائل،‭ ‬والأصوات‭ ‬المحيطة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الطريق‭.‬

‭ ‬

‭ ‬استعدادات‭ ‬الرحلة

  ‬تتأثر‭ ‬الطيور،‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬بالظروف‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وتجبرها‭ ‬أحيانًا‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬نمط‭ ‬حياتها‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مختلفة‭ ‬للبقاء،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬القارص،‭ ‬لذلك‭ ‬تتنقل‭ ‬وتهاجر‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬المأوى‭ ‬والمأكل،‭ ‬وترفرف‭ ‬أجنحتها‭ ‬الصغيرة‭ ‬600‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الدقيقة‭ ‬الواحدة‭. ‬

وهي‭ ‬تتبع‭ ‬عمومًا‭ ‬خطوط‭ ‬الهجرة‭ ‬الآمنة‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬سلاسل‭ ‬الجبال‭ ‬أو‭ ‬السواحل،‭ ‬مع‭ ‬تجنّب‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬الكبيرة‭ ‬كالمحيطات‭. ‬وللابتعاد‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬الصيد‭ ‬والافتراس،‭ ‬تفضّل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬الطيران‭ ‬ليلًا،‭ ‬لأنها‭ ‬تعلم‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬فريسة‭ ‬سهلة‭ ‬في‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭.‬

واستعدادًا‭ ‬للرحلة‭ ‬تتناول‭ ‬الطيور‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬لتخزينه‭ ‬تحت‭ ‬جلدها،‭ ‬وبعضها‭ ‬يكتسب‭ ‬نصف‭ ‬وزنه،‭ ‬وتسمّى‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬لزيادة‭ ‬الوزن‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالهجرة‭ ‬افرط‭ ‬البلعب،‭ ‬إذ‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬الدهون‭ ‬في‭ ‬الطير‭ ‬مرتفعة،‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬نجاحه‭ ‬في‭ ‬إكمال‭ ‬رحلته‭ ‬والنجاة‭ ‬عالية‭.‬

والطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬لديها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الجسدية‭ ‬الأخرى‭ ‬لتساعدها‭ ‬على‭ ‬الهجرة‭ ‬بأمان‭ ‬لمسافات‭ ‬طويلة‭. ‬وأهمها‭ ‬تبديل‭ ‬ريشها،‭ ‬فالطائر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ريش‭ ‬جديد‭ ‬عندما‭ ‬يطير،‭ ‬لأن‭ ‬الريش‭ ‬القديم‭ ‬المتهالك‭ ‬يعيقه‭ ‬إذ‭ ‬يكون‭ ‬ضعيفًا‭ ‬لمقاومة‭ ‬الهواء‭ ‬والرياح،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬استخدام‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬الطيران،‭ ‬لذلك‭ ‬تعمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬قبل‭ ‬الهجرة‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الريش‭ ‬الجديد‭ ‬الأقوى‭ ‬كفاءة،‭ ‬والذي‭ ‬يجعل‭ ‬الرحلة‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬لي‭ ‬عالِم‭ ‬الطيور‭ ‬مايكل‭ ‬ماكغريدي‭.‬

‭ ‬

‭ ‬خطر‭ ‬الانقراض

‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين،‭ ‬رصد‭ ‬العلماء‭ ‬انخفاضًا‭ ‬سريعًا‭ ‬ومتزايدًا‭ ‬لأعداد‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة،‭ ‬والذي‭ ‬سيهدد‭ ‬حتمًا‭ ‬استقرار‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭. ‬فقلّة‭ ‬أنواع‭ ‬الطيور‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬مشكلات‭ ‬إزالة‭ ‬الغابات،‭ ‬فهي‭ ‬تعمل‭ ‬كمشتتات‭ ‬للبذور‭ ‬والملقحات،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬أزيلت‭ ‬منها‭ ‬الغابات‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭. ‬ووفقًا‭ ‬لمنظمة‭ ‬CMS‭ ‬قدّر‭ ‬العلماء‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬الطيور‭ ‬التي‭ ‬انقرضت
‭ ‬بـ‭ ‬187‭ ‬نوعًا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1500‭.‬

‭ ‬وكانت‭ ‬الأنواع‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬الجزر‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للخطر،‭ ‬فحوالي‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخسائر‭ ‬وقعت‭ ‬فيها،‭ ‬ووجد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬الانقراض‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر،‭ ‬وأن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬مليون‭ ‬طائر‭ ‬يتم‭ ‬أسرها‭ ‬أو‭ ‬قتلها‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي،‭ ‬وهناك‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬ثمانية‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬مهدد‭ ‬بالانقراض،‭ ‬والموجة‭ ‬في‭ ‬تزايد،‭ ‬وتجتاح‭ ‬جميع‭ ‬القارات،‭ ‬ويعود‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الموائل‭ ‬وتدهورها‭ ‬بسبب‭ ‬الزراعة‭ ‬وقطع‭ ‬الأشجار‭ ‬غير‭ ‬المستدامين‭.‬

‭ ‬وتشير‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬والمشاهدات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للبيئة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬الطيور‭ ‬قد‭ ‬تغيّر‭ ‬أنماط‭ ‬هجرتها‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب،‭ ‬أهمها‭ ‬تغيّر‭ ‬المناخ،‭ ‬وتغيّر‭ ‬الطعام،‭ ‬مثل‭ ‬نمو‭ ‬النباتات‭ ‬الجديدة،‭ ‬أو‭ ‬قلّة‭ ‬الغذاء‭ ‬أو‭ ‬اختفائه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الموائل،‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬أنواعًا‭ ‬كثيرة‭ ‬بالانقراض‭.‬

كما‭ ‬أصبحت‭ ‬الموائل‭ ‬الشتوية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬لمسافات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أقل‭ ‬جذبًا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تطهير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬الطبيعية‭ ‬لإفساح‭ ‬المجال‭ ‬للزراعة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬الريف‭ ‬ذو‭ ‬المساحات‭ ‬البرية‭ ‬بمنزلة‭ ‬مصدر‭ ‬غذائي‭ ‬وفير‭ ‬للطيور‭.‬

وعن‭ ‬خطر‭ ‬انقراض‭ ‬الطيور،‭ ‬قالت‭ ‬مديرة‭ ‬برنامج‭ ‬نشر‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬د‭. ‬ليلى‭ ‬الموسوي‭ ‬إن‭ ‬االاهتمام‭ ‬بحياة‭ ‬الطيور‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬ضمن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬التوعية‭ ‬بأهمية‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬ستحدد‭ ‬نجاحنا‭ ‬أو‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬استمرار‭ ‬الحياة‭ ‬كما‭ ‬نعرفها‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬المدهش‭ ‬في‭ ‬تنوّعه‭. ‬ففي‭ ‬خضمّ‭ ‬انشغال‭ ‬العالم‭ ‬بتداعيات‭ ‬التغيّر‭ ‬المناخي،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬قد‭ ‬نغفل‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬تناقص‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬يثير‭ ‬قلق‭ ‬العلماء‭ ‬والناشطين‭ ‬في‭ ‬الحركات‭ ‬المطالبة‭ ‬بصون‭ ‬الطبيعة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬أنّنا‭ ‬نعيش‭ ‬حقبة‭ ‬من‭ ‬انقراض‭ ‬جماعي‭ ‬بفعل‭ ‬الآثار‭ ‬البشريةب‭.‬

‭ ‬وتتّبع‭ ‬مؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬استراتيجيات‭ ‬عديدة‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬عبر‭ ‬مبادرات‭ ‬مهمة‭ ‬وبرامج‭ ‬محلية‭ ‬ودولية‭ ‬ترعاها‭ ‬المؤسسة‭ ‬وتموّلها،‭ ‬وتهدف‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬الثقافي‭ ‬وبرنامج‭ ‬نشر‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية،‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الثقافة‭ ‬العلمية‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي،‭ ‬يخصص‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬جهوده‭ ‬وموارده‭ ‬لدعم‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬ولتعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬البيئي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬قدرات‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬المختلفة‭ ‬لنشر‭ ‬العلوم‭ ‬ورسالة‭ ‬صون‭ ‬الطبيعة‭ ‬كسفراء‭ ‬للعلوم‭ ‬وللطبيعة،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬د‭. ‬الموسوي‭ ‬خلال‭ ‬لقائي‭ ‬بها‭.‬

‭ ‬

‭ ‬عدسة‭ ‬‮«‬البيئة‮»‬

يغري‭ ‬سحر‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعة‭ ‬والفطرية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المصورين،‭ ‬لالتقاط‭ ‬أجمل‭ ‬اللحظات،‭ ‬لكن‭ ‬كاميرات‭ ‬التصوير‭ ‬المتطورة‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬صورة‭ ‬جيدة‭. ‬فتصوير‭ ‬الطبيعة‭ ‬هو‭ ‬إبداع‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬موهبة‭. ‬

وقال‭ ‬لي‭ ‬رئيس‭ ‬فريق‭ ‬عدسة‭ ‬البيئة،‭ ‬راشد‭ ‬الحجي،‭ ‬الذي‭ ‬رافقني‭ ‬وزملاؤه‭ ‬بعدساتهم‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة،‭ ‬إن‭ ‬االصبر‭ ‬واحترام‭ ‬الطبيعة‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعلّمها‭ ‬الإنسان‭ ‬لتصوير‭ ‬الحياة‭ ‬البرية،‭ ‬وأخذ‭ ‬اللقطة‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وقد‭ ‬يحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الجلوس‭ ‬لساعات‭ ‬أو‭ ‬أيام‭ ‬وأسابيع‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدفب‭. ‬

‭ ‬وقدّم‭ ‬فريق‭ ‬عدسة‭ ‬البيئة‭ ‬الكويتي‭ ‬التطوعي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬بالتعاون‭ ‬والتمويل‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬حكومية‭ ‬كويتية،‭ ‬وهي‭ ‬مبادرات‭ ‬بيئية‭ ‬تقدّم‭ ‬كخدمة‭ ‬مجتمعية‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية،‭ ‬فبإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬مصورون‭ ‬محترفون‭ ‬ومدربون‭ ‬متحمسون‭ ‬لتعليم‭ ‬الآخرين‭ ‬كيفية‭ ‬التقاط‭ ‬الصور‭ ‬الاحترافية‭ ‬في‭ ‬الطبيعة،‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هواية‭ ‬محفزة‭ ‬تدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬أكثر‭ ‬بالحياة‭ ‬البرية،‭ ‬يقوم‭ ‬الفريق‭ ‬أيضًا‭ ‬بتسجيل‭ ‬أفلام‭ ‬وثائقية‭ ‬تقدّم‭ ‬للباحثين‭ ‬والمهتمين‭ ‬بحياة‭ ‬الطيور‭ ‬كمصدر‭ ‬علمي‭ ‬موثّق‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭ ‬الكويتية‭. ‬

ويقدّم‭ ‬الفريق‭ ‬أيضًا‭ ‬دورات‭ ‬تدريب‭ ‬للصغار‭ ‬لتعريفهم‭ ‬بأنواع‭ ‬الطيور‭ ‬والحيوانات‭ ‬البرية‭ ‬وكيفية‭ ‬المحافظة‭ ‬عليها‭.‬

وعن‭ ‬تعلّقه‭ ‬بالطيور‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬الحجي‭: ‬اأحببت‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬ومراقبة‭ ‬الطيور‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬وتعلّقت‭ ‬بها،‭ ‬وبدأت‭ ‬أحمل‭ ‬كاميرتي‭ ‬معي‭ ‬أثناء‭ ‬التنزه‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬عامًا،‭ ‬وبعد‭ ‬تأسيسنا‭ ‬أنا‭ ‬وزملائي‭ ‬فريق‭ ‬عدسة‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬بدأنا‭ ‬نأتي‭ ‬بشكل‭ ‬مكثّف‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬فصلي‭ ‬الخريف‭ ‬والربيع،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬جون‭ ‬الكويت‭ ‬لتوثيق‭ ‬ورصد‭ ‬حركة‭ ‬هجرة‭ ‬الطيورب‭.‬

وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام‭ ‬وثّق‭ ‬الفريق‭ ‬ظواهر‭ ‬عديدة‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬منها‭ ‬حضور‭ ‬البجع‭ ‬الأبيض‭ ‬الكبير‭ ‬الحجم‭ ‬في‭ ‬جون‭ ‬الكويت،‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬منذ‭ ‬مئة‭ ‬عام‭. ‬واستطاع‭ ‬الفريق‭ ‬أن‭ ‬يوثّق‭ ‬سرب‭ ‬اللقلق‭ ‬الأبيض‭ ‬الذي‭ ‬يقارب‭ ‬200‭ ‬طائر،‭ ‬وهو‭ ‬يعتبر‭ ‬طائرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬يهاجر‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬وشرق‭ ‬أوربا‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وكذلك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬النادرة،‭ ‬مثل‭ ‬الوز‭ ‬واللقلق‭ ‬الأسود‭. ‬

ورصد‭ ‬الفريق‭ ‬أيضًا‭ ‬طائر‭ ‬الخرشنة‭ ‬النورسية‭ ‬المنقار،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬نادراً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬حيث‭ ‬لايفرّخ‭ ‬إلّا‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬بوبيان،‭ ‬ويفرّخ‭ ‬بشكل‭ ‬منفرد،‭ ‬وتشاهد‭ ‬طيور‭ ‬الخرشنة‭ ‬النورسية‭ ‬المنقار‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬الكويت‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬طوال‭ ‬العام،‭ ‬بينما‭ ‬تكون‭ ‬نادرة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الخليج‭.‬

ومن‭ ‬الطيور‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬رصدها‭ ‬الفريق‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬بوبيان‭ ‬طائر‭ ‬البلشون،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أشجار‭ ‬في‭ ‬الجزيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬البلشون‭ ‬لوضع‭ ‬الأعشاش،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬3‭ ‬أنواع‭ ‬تفرّخ‭ ‬على‭ ‬الجزيرة،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنها‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬لها‭ ‬ولتوافر‭ ‬الغذاء‭ ‬فيها‭.‬

وأخبرني‭ ‬الحجي‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬طائر‭ ‬الحنكور‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬100‭ ‬طائر‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والذي‭ ‬يفرخ‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬شواطئ‭ ‬جزيرة‭ ‬بوبيان،‭ ‬ويضع‭ ‬البيض‭ ‬في‭ ‬أنفاق‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬وهي‭ ‬تتغذى‭ ‬على‭ ‬السرطانات‭ ‬البحرية‭ ‬الموجودة‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬الجزيرة‭.‬

وأضاف‭: ‬اقضينا‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬كمصورين‭ ‬وموثقين‭ ‬للحياة‭ ‬البرية،‭ ‬والآن‭ ‬لدينا‭ ‬رسالة‭ ‬أكبر‭ ‬ومشاريع‭ ‬ومبادرات‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية،‭ ‬ومنها‭ ‬مبادرتنا‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الطيور‭ ‬النادرة‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الانقراض،‭ ‬وهي‭ ‬تتبُّع‭ ‬العقبانب‭.‬

‭ ‬

‭ ‬تتبُّع‭ ‬العقبان

  ‬طيور‭ ‬العقبان‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬الجارحة‭ ‬المهاجرة‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الكويت،‭ ‬وتستقر‭ ‬في‭ ‬فصلي‭ ‬الخريف‭ ‬والشتاء‭.‬

هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬دخل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬وأصبح‭ ‬مهددًا‭ ‬بالانقراض،‭ ‬وفقًا‭ ‬لقائمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لحفظ‭ ‬البيئة‭. ‬وبمبادرة‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬عدسة‭ ‬البيئة‭ ‬الكويتية،‭ ‬ودعم‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي،‭ ‬وتحت‭ ‬إشراف‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للبيئة،‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬إطلاق‭ ‬مشروع‭ ‬تتبّع‭ ‬طيور‭ ‬العقبان‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬وقد‭ ‬تمكّن‭ ‬فريق‭ ‬عدسة‭ ‬البيئة‭ ‬والخبير‭ ‬العالمي‭ ‬مايكل‭ ‬ماكغريدي‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬أول‭ ‬جهاز‭ ‬تعقّب‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬طيور‭ ‬العقبان‭ ‬النادرة،‭ ‬وإطلاقها‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬بهدف‭ ‬دراسة‭ ‬هجرة‭ ‬هذا‭ ‬الطائر‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬لجمع‭ ‬معلومات‭ ‬عنه،‭ ‬والتعرف‭ ‬بشكل‭ ‬أدقّ‭ ‬على‭ ‬اتجاهات‭ ‬حركة‭ ‬هذا‭ ‬الطائر‭ ‬النادر،‭ ‬والمدى‭ ‬الجغرافي‭ ‬لنطاق‭ ‬حركته‭ ‬والمناطق‭ ‬والبيئات‭ ‬المفضلة‭ ‬لديه‭ ‬وأماكن‭ ‬التكاثر،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الضرورية‭ ‬لوضع‭ ‬خطط‭ ‬لحماية‭ ‬الطيور‭. ‬

‭ ‬

‭ ‬العالم‭ ‬يحتفل‭ ‬بالطيور‭ ‬

‭ ‬شارف‭ ‬الربيع‭ ‬على‭ ‬نهايته،‭ ‬ومع‭ ‬انتهاء‭ ‬هذا‭ ‬الفصل،‭ ‬سيهاجر‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬4000‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الطيور،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬للعودة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬مواطنها‭. ‬وستدخل‭ ‬مليارات‭ ‬الطيور‭ ‬السماء‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬طاحنة‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭. ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بقاء‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬نفسها،‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬بقاء‭ ‬صغارها‭ ‬التي‭ ‬ترعاها،‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬أغنى‭ ‬للغذاء،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬موائل‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا،‭ ‬وتجنّب‭ ‬الحيوانات‭ ‬المفترسة‭. ‬

كلها‭ ‬سلوكيات‭ ‬هجرة‭ ‬مصممة‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬التكاثر،‭ ‬لذلك‭ ‬خصصت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬من‭ ‬مايو،‭ ‬ليكون‭ ‬يومًا‭ ‬عالميًا‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالطيور‭ ‬المهاجرة،‭ ‬كحملة‭ ‬توعية‭ ‬لتعريف‭ ‬الأشخاص‭ ‬بأهمية‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية،‭ ‬وللمحافظة‭ ‬على‭ ‬أنواع‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬الانقراض،‭ ‬ولزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بالتهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬وضرورة‭ ‬التعاون‭ ‬للاعتناء‭ ‬بها‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لصون‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬الـ‭ (‬إيو‭). ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تبادل‭ ‬المعرفة‭ ‬وتنسيق‭ ‬جهود‭ ‬الحفظ،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬الهجرة‭ ‬الجيدة‭ ‬للطيور‭ ‬بالبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬لجيل‭ ‬آخر،‭ ‬وتتيح‭ ‬للطيور‭ ‬الصغيرة‭ ‬متعة‭ ‬مشاهدة‭ ‬هجرة‭ ‬سنة‭ ‬جديدة‭ ‬آمنة‭ ■

الفنك‭... ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الثعالب‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬الصحراء

‮«‬القحافي‮»‬‭ ‬الدغناش‭ ‬الشامي

‮«‬بو‭ ‬الخصيف‮»‬‭ ‬الغرنوق‭ ‬الأبيض‭ ‬الصغير

عقرب‭ ‬سوداء

لقلق‭ ‬أسود

‮«‬الرفراف‭ ‬الأبقع‮»‬‭ ‬صياد‭ ‬السمك

عقاب‭ ‬السهول‭ ‬‮«‬عقاب‭ ‬البادية‮»‬

بلشون‭ ‬صخور