تاج مَحلّ أعجوبة من عجائب الدُنيا السبع

تاج مَحلّ أعجوبة من عجائب الدُنيا السبع

تاج‭ ‬محل‭... ‬قصة‭ ‬حُب‭ ‬وجمال،‭ ‬ودمعة‭ ‬على‭ ‬خد‭ ‬الزمن،‭ ‬وموقف‭ ‬فلسفي،‭ ‬وموقع‭ ‬أثري‭ ‬عظيم،‭ ‬وآية‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬والبناء،‭ ‬ودُرّة‭ ‬الفن‭ ‬والتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬الإسلامي‭ ‬الهندي،‭ ‬ومن‭ ‬أعظم‭ ‬وأروع‭ ‬الآثار‭ ‬المغولية‭ ‬الباقية‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬بناه‭ ‬الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬في‭ ‬آغرا‭. ‬ويعتبر‭  ‬اليوم‭ ‬أعجوبة‭ ‬من‭ ‬عجائب‭ ‬الدنيا‭ ‬السبع،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تصنيفه‭ ‬كموقع‭ ‬التراث‭ ‬العالمي‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬اليونسكو‮»‬‭.‬

تقع‭ ‬مدينة‭ ‬آغـرا‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬اُتْرَابَرادِيش،‭ ‬بعيدًا‭ ‬نحو‭ ‬مئتي‭ ‬كيلومتر‭ ‬جنوبًا‭ ‬من‭ ‬نيودلهي‭ ‬عاصمة‭ ‬الهند‭. ‬وأول‭ ‬من‭ ‬اتخذها‭ ‬مقرًا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬حكام‭ ‬الهند‭ ‬المسلمين‭ ‬هو‭ ‬السلطان‭ ‬بهلول‭ ‬اللودهي،‭ ‬مؤسس‭ ‬السلالة‭ ‬اللودهية‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1451م،‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬فيها‭ ‬مدينة‭ ‬جميلة‭ ‬وسماها‭ ‬ابَادَلْ‭ ‬كَدَهْب‭. ‬ثم‭ ‬جعلها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الإمبراطور‭ ‬ظهير‭ ‬الدين‭ ‬محمد‭ ‬بابر‭ ‬مؤسس‭ ‬السلطنة‭ ‬المغولية‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬مقرًا‭ ‬له‭. ‬وغرس‭ ‬فيها‭ ‬الحدائق‭ ‬الغنّاء،‭ ‬وبنى‭ ‬منشآت‭ ‬حيوية‭ ‬مهمّة،‭ ‬ثم‭ ‬اتخذها‭ ‬الإمبراطور‭ ‬جلال‭ ‬الدين‭ ‬أكبر‭ ‬عاصمة‭ ‬للحكومة‭ ‬المغولية‭ ‬الهندية،‭ ‬وبنى‭ ‬فيها‭ ‬قلعة‭ ‬حصينة‭ ‬شامخة‭ ‬عرفت‭ ‬بالقلعة‭ ‬الحمراء،‭ ‬لأنها‭ ‬مبنية‭ ‬بالحجارة‭ ‬الحمراء‭ ‬المنحوتة،‭ ‬وسماها‭ ‬أكبرآباد،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬مدن‭ ‬الهند‭ ‬وأحسنها‭ ‬بعد‭ ‬مدينة‭ ‬دلهي‭ ‬أنذاك‭.‬

 

الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان

وُلد‭ ‬الإمبرطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1592م،‭ ‬وهو‭ ‬ابن‭ ‬الملك‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬محمد‭ ‬سليم‭ ‬المعروف‭ ‬بجهانجير‭ (‬فاتح‭ ‬العالم‭) ‬1628‭ - ‬1658‭. ‬اتصف‭ ‬برحابة‭ ‬العقل‭ ‬والذكاء‭ ‬وقوة‭ ‬العزيمة،‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬جده‭ ‬الإمبراطور‭ ‬جلال‭ ‬الدين‭ ‬أكبر‭ (‬1556‭ - ‬1605‭) ‬شديد‭ ‬الاعتزاز‭ ‬به،‭ ‬وقد‭ ‬عهد‭ ‬إليه‭ ‬أبوه‭ ‬الملك‭ ‬جهانجـيـر‭ ‬بحكومة‭ ‬الدَكَنْ‭. ‬وكان‭ ‬حكمه‭ ‬مليئًا‭ ‬بالأحداث،‭ ‬قد‭ ‬وسّع‭ ‬الحدود‭ ‬المغولية‭ ‬باحتلاله‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬هضبة‭ ‬الدكن،‭ ‬وإقليم‭ ‬الدكن‭ ‬يتضمن‭ ‬مناطق‭ ‬جنوبية‭ ‬وغربية‭ ‬للهند،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬اليوم‭ ‬ولاية‭ ‬كَرْنَاتَــكَا‭ ‬بأكملها‭ ‬وجزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬آنـْدَهْرَا‭ ‬بَرَادِيْش‭ ‬ومَـهَـارَاشْتَرَا‭ ‬وتَامِيلْ‭ ‬نَادُو‭ ‬جنوبًا‭.‬

لما‭ ‬توفّي‭ ‬الملك‭ ‬جهانجير،‭ ‬تولّى‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬سدّة‭ ‬الحكم،‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬تغلّب‭ ‬على‭ ‬المعارضين‭ ‬والثوار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1628‭. ‬تميّز‭ ‬عصره‭ ‬بالرخاء‭ ‬والرفاهية‭ ‬والبناء‭ ‬والازدهار‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬الهند‭ ‬مثيلًا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬وكان‭ ‬حاكمًا‭ ‬متمرسًا‭ ‬يتّسم‭ ‬حكمه‭ ‬بالحزم‭ ‬الشديد‭ ‬مع‭ ‬رجاله‭ ‬وعمّاله‭ ‬والسهر‭ ‬على‭ ‬رعيّته‭. ‬فكان‭ ‬يُراقب‭ ‬أعمالهم‭ ‬ويحاسبهم‭ ‬ولا‭ ‬يتردّد‭ ‬في‭ ‬إنزال‭ ‬العقاب‭ ‬بالمخالف‭ ‬المخطئ‭ ‬منهم‭. ‬كان‭ ‬متدينًا‭ ‬متمسكًا‭ ‬بشعائر‭ ‬الإسلام،‭ ‬يكرّم‭ ‬العلماء‭ ‬والكتّاب‭ ‬ويقرّبهم،‭ ‬وكان‭ ‬يُرسل‭ ‬الهدايا‭ ‬والهبات‭ ‬سنويًا‭ ‬إلى‭ ‬فقراء‭ ‬الحجاز‭ ‬وعلماء‭ ‬الأراضي‭ ‬المقدسة‭ ‬وأشرافها‭. ‬يذكر‭ ‬المؤرخ‭ ‬الهندي‭ ‬الكبير‭ ‬عبدالحئي‭ ‬الحسني‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬اجنة‭ ‬المشرق‭ ‬مطلع‭ ‬النور‭ ‬المشرقب‭ ‬المعروف‭ ‬بـاالهند‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬الإسلاميب‭: ‬اأزال‭ ‬المظالم‭ ‬عن‭ ‬البلاد‭ ‬وعمّرها‭ ‬وأخمد‭ ‬الفتنة‭ ‬والبدعة‭. ‬وأسس‭ ‬المساجد‭ ‬والرباطات،‭ ‬وكان‭ ‬كثير‭ ‬الإحسان‭ ‬إلى‭ ‬السادة‭ ‬وأهل‭ ‬العلم‭. ‬قصده‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬البلدان،‭ ‬فغمرهم‭ ‬بإحسانه،‭ ‬وكان‭ ‬عصره‭ ‬أحسن‭ ‬العصور‭ ‬وزمانه‭ ‬أنضر‭ ‬الأزمنةب‭. ‬يعد‭ ‬عصر‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬عصر‭ ‬ازدهار‭ ‬العمارة‭ ‬والفنون،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬بلاطُه‭ ‬مقصدًا‭ ‬للفنانين‭ ‬والرسامين‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬وأوربا‭. ‬تُنسب‭ ‬إليه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العمائر‭. ‬ومن‭ ‬آثاره‭ ‬الحسنة‭ ‬مدينة‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬آباد،‭ ‬والقلعة‭ ‬الحمراء‭ ‬وشاليمار‭ ‬باغ‭ ‬والمسجد‭ ‬الجامع‭ ‬في‭ ‬دلهي‭ ‬وأبنية‭ ‬فخمة‭ ‬وقصور‭ ‬شامخة‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬لاهور‭ ‬وآغرا‭. ‬وكان‭ ‬محبًا‭ ‬للعلم‭ ‬ومشجعًا‭ ‬على‭ ‬التأليف‭. ‬يذكر‭ ‬العلّامة‭ ‬عبدالكريم‭ ‬السيالكوتي‭ ‬أنه‭ ‬ألّف‭ ‬بأمره‭ ‬كتبًا‭ ‬كثيرة،‭ ‬وكان‭ ‬يعطيه‭ ‬لعام‭ ‬واحد‭ ‬مئة‭ ‬ألف‭ ‬روبية‭ ‬سوى‭ ‬المكافآت،‭ ‬وضمّه‭ ‬إلى‭ ‬مجلسه‭.‬

‭ ‬

قصة‭ ‬الحبّ‭ ‬والزواج

وُلدت‭ ‬الأميرة‭ ‬أَرْجُمَنْد‭ ‬بَانُو‭ ‬بِيْجَمْ‭ ‬في‭ ‬لاهور‭ (‬هي‭ ‬مدينة‭ ‬معروفة‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬باكستان‭ ‬الإسلامية‭ ‬حاليًا‭) ‬عام‭ ‬1593م‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬فارسية‭ ‬نبيلة،‭ ‬وكان‭ ‬أبوها‭ ‬نواب‭ ‬آصف‭ ‬خان‭ ‬كبير‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬المغولي‭ ‬الذي‭ ‬لقّب‭ ‬بـ‭ ‬ايمين‭ ‬الدولةب‭. ‬كانت‭ ‬الأميرة‭ ‬جميلة‭ ‬ونادرة‭ ‬الحُسن‭ ‬ورائعة‭ ‬الجمال‭ ‬وثاقبة‭ ‬الفكر‭.‬

في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬كان‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬يتجوّل‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬الحرّاس،‭ ‬وقد‭ ‬رأى‭ ‬أرجمند‭ ‬بانو‭ ‬بيجم‭. ‬عندما‭ ‬رآها‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬حُبّها‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬وهلة،‭ ‬فخطبها‭ ‬عام‭ ‬1607م،‭ ‬وتزوّجها‭ ‬رسميًا‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1612م،‭ ‬لتبدأ‭ ‬أكثر‭ ‬قصة‭ ‬حُب‭ ‬شعبيّة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬أصبحت‭ ‬الأميرة‭ ‬أرجمند‭ ‬مُفضلة‭ ‬لدى‭ ‬السلطان‭ ‬شاه‭ ‬جهان،‭ ‬حتى‭ ‬منحها‭ ‬اسم‭ ‬امُمْتَازْ‭ ‬مَحَلْب‭ (‬جوهرة‭ ‬القصر‭). ‬وكانت‭ ‬مستشارة‭ ‬سياسية‭ ‬أولى‭ ‬له،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يستشيرها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬ويعمل‭ ‬بنصائحها،‭ ‬كما‭ ‬عهد‭ ‬إليها‭ ‬بحفظ‭ ‬الخاتَم‭ ‬الملكي‭. ‬فكانت‭ ‬رفيقة‭ ‬الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مهماته‭ ‬العسكرية‭ ‬وفي‭ ‬رحلات‭ ‬الصيد‭ ‬والنزهة‭ ‬والاستطلاع‭ ‬عبر‭ ‬الغابات‭ ‬والقفار‭. ‬وهي‭ ‬الزوجة‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬ثقته‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬زوجاته؛‭ ‬فقد‭ ‬سافرت‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬أنحاء‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬المغولية‭ ‬جميعها،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬الزوجة‭ ‬المثالية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬أيّ‭ ‬تصوّر‭ ‬أو‭ ‬تطلُّع‭ ‬للسلطة‭ ‬السياسية‭. ‬أنجبت‭ ‬له‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬ابنًا‭ ‬عاش‭ ‬منهم‭ ‬سبعة‭.‬

 

وفاة‭ ‬الملكة‭ ‬ممتاز‭ ‬محلّ‭ ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1630م‭ ‬رافقت‭ ‬ممتاز‭ ‬محلّ‭ ‬زوجها‭ ‬الإمبراطور‭ ‬سلطان‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬إلى‭ ‬بُرْهَانْ‭ ‬بُورْ‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬رحلة‭ ‬لها‭ ‬قبل‭ ‬وفاتها،‭ ‬وكانت‭ ‬حملة‭ ‬قتالية‭ ‬في‭ ‬هضبة‭ ‬الدكن‭. ‬وكانت‭ ‬حاملًا،‭ ‬فمرضت‭ ‬في‭ ‬إنجاب‭ ‬بنتها‭ ‬الأخيرة‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭. ‬وبدأت‭ ‬ألم‭ ‬الولادة،‭ ‬فطلبت‭ ‬من‭ ‬بنتها‭ ‬الأميرة‭ ‬جهان‭ ‬آراء‭ ‬بيجم‭ ‬أن‭ ‬تبلّغ‭ ‬الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان،‭ ‬فوصل‭ ‬إلى‭ ‬فراشها‭ ‬فورًا،‭ ‬ونظر‭ ‬اليها‭ ‬نظرة‭ ‬عاجزة‭ ‬أخيرة،‭ ‬التمست‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يعطف‭ ‬أولادها‭ ‬ووالديها،‭ ‬ثم‭ ‬لفظت‭ ‬أنفاسها‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬زوجها‭ ‬الوفيّ‭ ‬الحميم‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬17يونيو‭ ‬عام‭ ‬1631م‭ ‬في‭ ‬برهان‭ ‬بور،‭ ‬وقد‭ ‬اشمأز‭ ‬وحزن‭ ‬كثيرًا‭ ‬لموتها‭. ‬

انعزل‭ ‬الملك‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬زوجته‭ ‬ممتاز‭ ‬مدّة‭ ‬عام‭ ‬كامل،‭ ‬وظهر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1632م،‭ ‬وكان‭ ‬الشيب‭ ‬قد‭ ‬غطّى‭ ‬رأسه،‭ ‬وانحنى‭ ‬ظهره،‭ ‬وأصبح‭ ‬وجهه‭ ‬شاحبًا،‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬ابنته‭ ‬الكُبرى‭ ‬الأميرة‭ ‬جهان‭ ‬آراء‭ ‬بيجم،‭ ‬أخرجته‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬الحرجة‭ ‬تدريجيًا‭. ‬دُفنت‭ ‬مُمتاز‭ ‬محل‭ ‬بداية‭ ‬في‭ ‬برهان‭ ‬بور،‭ ‬لكنّ‭ ‬برهان‭ ‬بور‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يُريده‭ ‬زوجها‭ ‬ليخلّد‭ ‬فيه‭ ‬ذِكراها،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬نقلت‭ ‬جثـتها‭ ‬في‭ ‬نعش‭ ‬ذهبي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬12‭ ‬ديسمبر1631‭ ‬من‭ ‬برهان‭ ‬بور،‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬آجرا‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬يناير1632م‭. ‬ووُضِعت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬صغير‭ ‬على‭ ‬ضِفاف‭ ‬نهر‭ ‬يمونا،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬قرّر‭ ‬الملك‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬أفخم‭ ‬ضريح‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬لِيضمّ‭ ‬رفات‭ ‬زوجته‭ ‬مُمْتَازْ‭ ‬مَحَلْ،‭ ‬ويخلّد‭ ‬ذِكراها،‭ ‬ويكون‭ ‬نصبًا‭ ‬تذكاريًا‭ ‬للحب‭ ‬والجمال‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬

 

عمارة‭ ‬تاج‭ ‬محلّ

تاج‭ ‬محلّ‭ ‬ضريح‭ ‬رائع‭ ‬ومبنى‭ ‬عملاق،‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬نهر‭ ‬يمونا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬آغرا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عاصمة‭ ‬السلاطين‭ ‬المغول‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭. ‬يعدّ‭ ‬جوهرة‭ ‬العمارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الهندية،‭ ‬واستعرض‭ ‬الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬العمارات‭ ‬الإسلامية‭ ‬كثيرًا‭ ‬عندما‭ ‬أراد‭ ‬بناءه،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬الحضارة‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬شبه‭ ‬القارة‭ ‬الهندية‭. ‬وقد‭ ‬عبّر‭ ‬عن‭ ‬آماله‭ ‬وفكرته‭ ‬بشأن‭ ‬مبنى‭ ‬الضريح‭ ‬المقترح‭ ‬قائلًا‭: ‬اإذا‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬شخص‭ ‬غارق‭ ‬في‭ ‬الذنوب،‭ ‬فسيتطهّر‭ ‬من‭ ‬ذنوبه،‭ ‬كالمغفور‭ ‬له‭ ‬خطاياه،‭ ‬وإذا‭ ‬لجأ‭ ‬الآثم‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬القصر،‭ ‬فسَتنمحي‭ ‬جميع‭ ‬خطاياه‭ ‬السابقة‭. ‬إن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬القصر‭ ‬يترك‭ ‬بين‭ ‬حنايا‭ ‬القلب‭ ‬شعورًا‭ ‬بالحزن‭. ‬لقد‭ ‬شيّد‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬ليعرضَ‭ ‬عظمة‭ ‬الخالق‭ ‬وقدرتهب‭.‬

  ‬وصف‭ ‬شاعر‭ ‬الهند‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل،‭ ‬رابندرنات‭ ‬طاغور،‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬ذلك‭ ‬النصب‭ ‬التذكاري‭ ‬قائلًا‭: ‬اأنت‭ ‬تعرف‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭! ‬راحت‭ ‬حياته‭ ‬وشبابه‭ ‬وماله‭ ‬ومجده‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمان‭... ‬أنت‭ ‬تكافح‭ ‬وتجعل‭ ‬قلبك‭ ‬حزينًا‭... ‬زال‭ ‬لمعان‭ ‬الجوهرة‭ ‬واللؤلؤ‭ ‬والمرجان،‭ ‬لكنّ‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬دمعة‭ ‬على‭ ‬خدّ‭ ‬الزمن‭ ‬للأبدب‭. ‬

‭ ‬استغرق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬اثنين‭ ‬وعشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬واستهلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬خزانة‭ ‬الدولة،‭ ‬وقد‭ ‬أسماه‭ ‬الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ (‬تاج‭ ‬القصر‭)‬،‭ ‬ليحمل‭ ‬اسم‭ ‬زوجته‭ ‬ممتاز‭ ‬محل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬قصة‭ ‬حبّهما‭ ‬بوفاة‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1631م‭. ‬ولمّا‭ ‬توفي‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1666م،‭ ‬وضعت‭ ‬جثته‭ ‬في‭ ‬ضريح‭ ‬جانب‭ ‬ضريح‭ ‬زوجته‭ ‬ممتاز‭ ‬محل‭. ‬هكذا‭ ‬تجسّدت‭ ‬قصتهما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬الضخم،‭ ‬لتكون‭ ‬مثالًا‭ ‬حيًّا‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬الأبدي‭.‬

 

‭ ‬التصميم‭ ‬والبناء

‭ ‬استغرقت‭ ‬مرحلة‭ ‬التخطيط‭ ‬لبناء‭ ‬مبنى‭ ‬الضريح‭ ‬عامين‭ ‬كاملين،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬العظيم‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬المهندسين‭ ‬المعماريين‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الإمبراطور‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭ ‬نفسه،‭ ‬والمُهندس‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬صمّم‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬هو‭ ‬المُهندس‭ ‬الهندي‭ ‬أحمد‭ ‬لاهوري،‭ ‬ومنهم‭ ‬إسماعيل‭ ‬أفندي‭ ‬مصمم‭ ‬القبّة‭ ‬الرئيسيّة،‭ ‬وعيسى‭ ‬محمد‭ ‬أفندي‭ ‬اللذان‭ ‬كان‭ ‬لهما‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬الفارسيّ‭ ‬المعماري،‭ ‬أما‭ ‬الخطّاط‭ ‬الرئيسي‭ ‬فهو‭ ‬أمانة‭ ‬علي‭ ‬خان‭ ‬شيرازي،‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬آيات‭ ‬قرآنية‭ ‬بأسلوب‭ ‬بديع‭ ‬رائع‭. ‬ويذكر‭ ‬المؤرخ‭ ‬الهندي‭ ‬الكبير‭ ‬عبدالحئي‭ ‬الحسني‭ ‬اآيات‭ ‬القرآن‭ ‬منقوشة‭ ‬في‭ ‬الفسيفساء‭ ‬الفاخرة‭ ‬على‭ ‬الجدران‭ ‬الداخلية‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يُحصى‭ ‬من‭ ‬النقوش‭ ‬البديعةب‭. ‬

فقد‭ ‬بُني‭ ‬من‭ ‬الرخام‭ ‬الأبيض‭ ‬الذي‭ ‬يتغيّر‭ ‬لونه‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬انعكاس‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬أو‭ ‬ضوء‭ ‬القمر‭ ‬على‭ ‬سطحه،‭ ‬وهذا‭ ‬الرّخام‭ ‬مُطعّم‭ ‬بالأحجار‭ ‬شبه‭ ‬الكريمة،‭ ‬مثل‭: ‬الفيروز،‭ ‬واللازورد،‭ ‬والليس،‭ ‬واليشم،‭ ‬والكريستال‭. ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬التقاليد‭ ‬الإسلامية‭ ‬يتكوّن‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬القِباب‭ ‬والمنارات،‭ ‬وقد‭ ‬وصل‭ ‬ارتفاع‭ ‬القبة‭ ‬المركزية‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬73‭ ‬مترًا،‭ ‬تحيطها‭ ‬أربع‭ ‬قباب‭ ‬صغيرة،‭ ‬وأربع‭ ‬منارات‭ ‬في‭ ‬الزوايا،‭ ‬وقد‭ ‬كُتبت‭ ‬آيات‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬على‭ ‬المداخل‭ ‬المحرابية‭ ‬المُقوَّسة‭ ‬للضريح‭. ‬أمّا‭ ‬البوابة‭ ‬الرئيسية‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬الحجر‭ ‬الرمليّ‭ ‬الأحمر‭. ‬وفي‭ ‬الداخل‭ ‬توجد‭ ‬غرفة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬قبر‭ ‬ممتاز‭ ‬محل‭ ‬وضريح‭ ‬زوجها‭ ‬الملك‭ ‬شاه‭ ‬جهان‭. ‬وهي‭ ‬غرفة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحديقة‭ ‬مبنيّة‭ ‬من‭ ‬الرخام،‭ ‬ومزيّنة‭ ‬بالنقوش‭ ‬والأحجار‭ ‬شبه‭ ‬الكريمة‭. ‬

وما‭ ‬يُميّز‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬هو‭ ‬أنّ‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬إنشائه‭ ‬جُلِبت‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬المختلفة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬فقد‭ ‬جُلب‭ ‬الرخام‭ ‬الأبيض‭ ‬الشفاف‭ ‬من‭ ‬راجستان،‭ ‬واليشم‭ ‬من‭ ‬البنجاب،‭ ‬والكريستال‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬والفيروز‭ ‬من‭ ‬التبت،‭ ‬والليس‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬أما‭ ‬الياقوت‭ ‬فمن‭ ‬سريلانكا،‭ ‬والعقيق‭ ‬من‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربيّة،‭ ‬والواقع‭ ‬قد‭ ‬دمج‭ ‬الرخام‭ ‬الأبيض‭ ‬مع‭ ‬28‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬وشبه‭ ‬الكريمة‭ ‬التي‭ ‬استُخدم‭ ‬في‭ ‬نقلها‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬1000‭ ‬فيل،‭ ‬أما‭ ‬التّكلفة‭ ‬الإجمالية‭ ‬لبناء‭ ‬تاج‭ ‬محلّ‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬31‭ ‬مليون‭ ‬روبية‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬ذاك‭ ‬الوقت‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬بعض‭ ‬المرافق‭ ‬والمباني‭ ‬ذات‭ ‬الوظائف‭ ‬المختلفة‭ ‬حول‭ ‬تاج‭ ‬محل،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حديقة‭ ‬ومسجد‭ ‬وسكن‭ ‬الضيوف‭.‬

 

حديقة‭ ‬تاج‭ ‬محل

هي‭ ‬حديقة‭ ‬مُربعة‭ ‬مُقسَّمة‭ ‬إلى‭ ‬أرباع‭ ‬طويلة‭ ‬مُمتلئة‭ ‬بالمياه‭ ‬تسمى‭ ‬بحديقة‭ ‬تشار‭ ‬باغ،‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬البوابة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لموقع‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬إلى‭ ‬الضريح‭. ‬وفي‭ ‬منتصف‭ ‬الحديقة‭ ‬بين‭ ‬الجهة‭ ‬الشمالية‭ ‬والجنوبية‭ ‬بحيرات،‭ ‬تعكس‭ ‬صورة‭ ‬الضريح‭. ‬وسمّى‭ ‬خزان‭ ‬المياه‭ ‬الرخامي‭ ‬بالكوثر،‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬حوض‭ ‬الكوثر‭. ‬وقد‭ ‬تغيّرت‭ ‬تصاميم‭ ‬مناظر‭ ‬الحديقة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬الهندية‭.‬

‭• ‬المسجد‭: ‬يقع‭ ‬المسجد‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬تاج‭ ‬محل،‭ ‬وبُني‭ ‬بالحجر‭ ‬الرملي‭ ‬الأحمر،‭ ‬وهو‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬حجمه،‭ ‬لكنّه‭ ‬عظيم‭ ‬في‭ ‬جماله‭ ‬وبهائه‭ ‬ويشبه‭ ‬بالجامع‭ ‬في‭ ‬دلهي‭. ‬

‭• ‬سكن‭ ‬الضيوف‭: ‬يقع‭ ‬هذا‭ ‬المبنى‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬مقابل‭ ‬المسجد‭. ‬يُسمّى‭ ‬سكن‭ ‬الضيوف‭ ‬أو‭ ‬دار‭ ‬الاستراحة‭ ‬المعروفة‭ ‬بجماعت‭ ‬خانا‭ ‬في‭ ‬لهجة‭ ‬محليّة‭. ‬وقد‭ ‬يتسبب‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬المبنى‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬العمارة‭ ‬والمباني‭ ‬في‭ ‬مجمع‭ ‬تاج‭ ‬محل‭. ‬من‭ ‬حيث‭ ‬البناء‭ ‬يتشابه‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬مع‭ ‬بناء‭ ‬المسجد‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يستخدم‭ ‬للعبادة‭. ‬

‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬عشرون‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬وقد‭ ‬انعكس‭ ‬تنوعهم‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬النقوش‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬البناء،‭ ‬حيث‭ ‬جاؤوا‭ ‬من‭ ‬أنحاء‭ ‬الهند‭ ‬المختلفة‭ ‬وبلاد‭ ‬فارس‭ ‬وأوربا‭ ‬والإمبراطورية‭ ‬العثمانية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬وسورية‭ ‬وتركيا‭ ‬وآسيا‭ ‬الوسطى‭. ‬فهو‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الفن‭ ‬الهندي‭ ‬والفارسي‭ ‬والإسلامي‭. ‬ويُعدّ‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬الضخم‭ ‬أحد‭ ‬الأمثلة‭ ‬الأكثر‭ ‬تميزًا‭ ‬في‭ ‬العمارة‭ ‬المغولية‭. ‬وقد‭ ‬عُثر‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬تضمّ‭ ‬671‭ ‬اسمًا‭ ‬محفورًا‭ ‬في‭ ‬جدار‭ ‬رملي‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الشمالي‭ ‬من‭ ‬النهر،‭ ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القائمة‭ ‬حفرت‭ ‬بأيدي‭ ‬النحاتين‭ ‬بأنفسهم‭ ‬الذين‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإنشاء‭ ‬وتخليدًا‭ ‬لأسمائهم‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭.‬

 

تاج‭ ‬محل‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬البريطاني

‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭ ‬على‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتناء‭ ‬به،‭ ‬انهارت‭ ‬أجزاء‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬التّاسع‭ ‬عشر‭. ‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬والفني‭ ‬للهند‭ ‬أصدر‭ ‬اللورد‭ ‬كيرزون‭ ‬الحاكم‭ ‬العام‭ ‬نائب‭ ‬الملك‭ ‬البريطانيّ‭ ‬للهند‭ (‬1905‭ - ‬1899‭) ‬مرسومًا‭ ‬لترميم‭ ‬الضريح،‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬حالته‭ ‬السابقة،‭ ‬وأشرف‭ ‬على‭ ‬تصميم‭ ‬ونصب‭ ‬المصباح‭ ‬الكبير‭ ‬بالحجرة‭ ‬الداخلية‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1983م‭ ‬وضعته‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتربية‭ ‬والعلم‭ ‬والثقافة‭ (‬اليونيسكو‭) ‬ضمن‭ ‬مواقع‭ ‬التراث‭ ‬العالمي،‭ ‬فقد‭ ‬عُدّ‭ ‬تاج‭ ‬محل‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬أحد‭ ‬الهياكل‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬أجمل‭ ‬نماذج‭ ‬التراث‭ ‬العالمي،‭ ‬ودرّة‭ ‬الفن‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬الهند‭. ‬

  ‬تاج‭ ‬محلّ‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المعالم‭ ‬الأثرية‭ ‬التي‭ ‬تجذبُ‭ ‬السياح‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الهند‭ ‬وخارجها؛‭ ‬حيث‭ ‬يزوره‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬سائح‭ ‬سنويًا‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الهند،‭ ‬وما‭ ‬يُقارب‭ ‬2‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬زائر‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ■‬

قبرا‭ ‬ممتاز‭ ‬محل‭ ‬وشاه‭ ‬جهان