«الأثر... كيف يؤثر القانون في السلوك»؟

«الأثر... كيف يؤثر القانون في السلوك»؟

رغم‭ ‬الاعتراف‭ ‬لكل‭ ‬حقلٍ‭ ‬معرفيٍ‭ ‬أكاديميٍ‭ ‬بالتفرّد‭ ‬والخصوصية،‭ ‬فإن‭ ‬الفكر‭ ‬الأبستمولوجي‭ ‬ما‭ ‬فتئ‭ ‬يقرّ‭ ‬بالمنطلق‭ ‬التاريخي‭ ‬لهذه‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬والمستند‭ ‬إلى‭ ‬مبدأ‭ ‬وحدة‭ ‬المعرفة‭ ‬أو‭ ‬‮«‬تكامل‭ ‬العلوم‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬بقدرِ‭ ‬محدود‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬للحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الجامعات‭ ‬وكأنها‭ ‬معزولةٍ‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭. ‬ويبدو‭ ‬هذا‭ ‬القصور‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬علاقة‭ ‬القانون‭ ‬بعداه‭ ‬من‭ ‬الحقول،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يتلقى‭ ‬القانونيون‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أيّ‭ ‬دراسة‭ ‬ممنهجة‭ ‬كمقدمة‭ ‬في‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬المباشرة‭ ‬بالقانون،‭ ‬وأهمها‭ ‬الدراسات‭ ‬الإنسانية‭.‬‭ ‬

لمّا‭ ‬كنتُ‭ ‬طالما‭ ‬آمنت‭ ‬بوجود‭ ‬علاقاتٍ‭ ‬تاريخيةٍ‭ ‬وموضوعيةٍ‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الحقــول‭ ‬المعرفيــة،‭ ‬لا‭ ‬سيّما‭ ‬الإنسانية‭ ‬منها،‭ ‬فإنني‭ ‬أعرض،‭ ‬فيما‭ ‬يلي،‭ ‬مراجعتي‭ ‬لكتابٍ‭ ‬قانوني‭ ‬يتنقل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الحقول‭ ‬بسلاسة،‭ ‬وهو‭ ‬الكتاب‭ ‬المعنون‭ ‬بـ‭ ‬االأثــر‭... ‬كيــف‭ ‬يؤثــر‭ ‬القانــون‭ ‬فــي‭ ‬السلــوك؟ب،‭ ‬والذي‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬نسخته‭ ‬الإنجليزية‭ ‬الأصلية‭ ‬عنوان‭ ‬Impact‭: ‬How Law affects Behavior‭.‬

ويتمثّل‭ ‬العرض‭ ‬الآتي‭ ‬بمراجعة‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬محتواه،‭ ‬ومنهجه،‭ ‬والجمهور‭ ‬المُخاطَب‭ ‬به‭. ‬وعليه،‭ ‬أورد‭ ‬بيانًا‭ ‬تفصيليًّا‭ ‬برأيي‭ ‬حول‭ ‬الكتاب‭ ‬موضوع‭ ‬المراجعة،‭ ‬معروضًا‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬من‭ ‬الأغراض‭ ‬أعلاه،‭ ‬ومفصّلًا‭ ‬وفق‭ ‬منظوري‭ ‬لمحتويات‭ ‬فصوله‭.‬

 

الكاتــب‭ ‬والكتــاب

وضع‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الكاتب‭ ‬لورنس‭ ‬فريدمان،‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬University of Stanford‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأستاذ‭ ‬كرسيّ‭ ‬فيها‭. ‬وفريدمان‭ ‬هو‭ ‬باحثُ‭ ‬مبرّز‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬القانون‭ ‬ومحاضرٌ‭ ‬معروفٌ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدراسات‭ ‬القانونية‭ - ‬الاجتماعية،‭ ‬وله‭ ‬إنتاجٌ‭ ‬علميٌ‭ ‬خصب‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينشر‭ ‬فيه‭ ‬منذ‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم،‭ ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬كتبه‭ ‬A‭ ‬History of American Law‭ ‬وTotal Justice‭ ‬وThe American Legal Experience،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كتب‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القانون‭. ‬والكتاب‭ ‬موضوع‭ ‬العرض،‭ ‬كما‭ ‬نشر‭ ‬بالإنجليزية،‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬Impact‭: ‬How Law affects Behavior،‭ ‬وصدر‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬نشر‭ ‬Harvard University Press،‭ ‬والطبعة‭ ‬المقصودة‭ ‬هي‭ ‬الطبعة‭ ‬الأولى‭ (‬2016‭).‬

وفي‭ ‬نسخته‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬ورد‭ ‬متن‭ ‬الكتاب‭ (‬مادته‭ ‬الرئيسية‭) ‬في‭ ‬252‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬المتوسّط،‭ ‬وحوى‭ ‬تمهيداً‭ ‬و10‭ ‬فصول‭ (‬منها‭ ‬مقدمة‭ ‬وخاتمة‭). ‬وانتظمت‭ ‬تحت‭ ‬كلّ‭ ‬بابٍ‭ ‬عدة‭ ‬عناوين‭ ‬فرعيّة،‭ ‬وخُتِم‭ ‬الكتاب‭ ‬بقائمة‭ ‬مراجع‭ ‬وملاحظات‭ ‬ختامية‭ ‬جامعة‭ ‬وغنية،‭ ‬تراوح‭ ‬محتواها‭ ‬بين‭ ‬الإضافة،‭ ‬الاستطراد،‭ ‬الإحالة‭ ‬والإشارات‭ ‬المرجعية‭. ‬

أما‭ ‬عن‭ ‬النسخة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬فكعادتها‭ ‬في‭ ‬استباق‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭ ‬باختيار‭ ‬العناوين‭ ‬الأجنبية‭ ‬المهمة‭ ‬وترجمتها‭ ‬إلى‭ ‬القارئ‭ ‬العربي‭ ‬وطرحها‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬طبعةٍ‭ ‬جيدة‭ ‬وذات‭ ‬سعرٍ‭ ‬رمزي،‭ ‬فقد‭ ‬ترجمت‭ ‬سلسلة‭ ‬اعالم‭ ‬المعرفةب‭ ‬التابعة‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬اللّغة‭ ‬العربية،‭ ‬وطرحته‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2020‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬االأثر‭... ‬كيف‭ ‬يؤثر‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬السلوك؟ب‭ (‬383‭ ‬صفحة‭). ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬المترجم‭ ‬مصطفى‭ ‬ناصر‭ ‬قد‭ ‬قام‭ ‬بعملٍ‭ ‬جيدٍ‭ ‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬وهو‭ ‬يُحسب‭ ‬لها‭ ‬بلا‭ ‬شكّ‭.‬

ويتبع‭ ‬الكتاب‭ ‬منهجًا‭ ‬تحليليًا،‭ ‬يعرض‭ ‬فيه‭ ‬الكاتب‭ ‬لموقف‭ ‬القانون‭ ‬معالجًا‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬عبر‭- ‬تخصصي‭ ‬خصب‭ (‬interdisciplinary approach‭)‬،‭ ‬فيستقي‭ ‬مناقشاته‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬المتخصّصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القانون‭ ‬وفي‭ ‬عداه‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإنسانيات،‭ ‬مثل‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬والفلسفة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬وعلوم‭ ‬الإدراك‭. ‬وتقسّم‭ ‬موضوعات‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬فصول،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الآتي‭:‬

تمهيد‭ ‬مختصر‭ ‬جدًا

1‭. ‬الفصل‭ ‬الأول‭: ‬مقدمة

2‭. ‬الفصل‭ ‬الثاني‭: ‬توصيل‭ ‬الرسالة

3‭. ‬الفصل‭ ‬الثالث‭: ‬تشريح‭ ‬الالتزام

4‭. ‬الفصل‭ ‬الرابع‭: ‬طبوغرافيّة‭ ‬الاستجابة

5‭. ‬الفصل‭ ‬الخامس‭: ‬الثواب‭ ‬والعقاب‭: ‬جانب‭ ‬العقوبات

6‭. ‬الفصل‭ ‬السادس‭: ‬الثواب‭ ‬والعقاب‭: ‬الدوافع‭ ‬والجانب‭ ‬المدني

7‭. ‬الفصل‭ ‬السابع‭: ‬ضغط‭ ‬الأقران

8‭. ‬الفصل‭ ‬الثامن‭: ‬الصوت‭ ‬الداخلي

9‭. ‬الفصل‭ ‬التاسع‭: ‬عوامل‭ ‬متوافقة‭ ‬وأخرى‭ ‬متصارعة

10‭. ‬الفصل‭ ‬العاشر‭: ‬كلمة‭ ‬ختامية

وأعرض‭ ‬هنا‭ ‬منظوري‭ ‬ذ‭ ‬كقارئة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬ذ‭ ‬لمحتويات‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭.‬

 

أطروحة‭ ‬الكتاب‭ ‬وموضوعاته

الاتصال‭ ‬هو‭ ‬شرط‭ ‬لتحقيق‭ ‬فعالية‭ ‬القانون،‭ ‬فالقاعدة‭ ‬القانونية‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬لها‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬جمهورها‭. ‬من‭ ‬هنا،‭ ‬فإنّ‭ ‬المخزون‭ ‬المجتمعي‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬القانونية،‭ ‬وضوح‭ ‬القانون،‭ ‬وحضور‭ ‬سماسرة‭ ‬المعلومات‭ ‬القانونية‭ ‬تعتبر‭ ‬جميعها‭ ‬عوامل‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬تدفق‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬المشرّعين‭ ‬إلى‭ ‬المواطنين‭. ‬بذا،‭ ‬فإن‭ ‬القوانين‭ ‬واللوائح‭ ‬هي‭ ‬أدواتٌ‭ ‬تشريعيةٌ‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار،‭ ‬حاضرة،‭ ‬وتمسّ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الاشتراطات‭ ‬التي‭ ‬تضفي‭ ‬عليها‭ ‬الفعالية؟‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الأطروحة‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬يدور‭ ‬حولها‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬موضوع‭ ‬العرض‭.‬

وفي‭ ‬تمهيد‭ ‬مختصر‭ ‬جدًّا،‭ ‬يشير‭ ‬الكاتب‭ ‬الى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تكريس‭ ‬جانب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬البحثي‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬كالعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬وعلم‭ ‬الاجتماع‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والقانون،‭ ‬وعلم‭ ‬الإجرام،‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭ ‬لدراسة‭ ‬أثر‭ ‬التشريعات،‭ ‬ويعطي‭ ‬عقوبة‭ ‬الإعدام‭ ‬مثالًا‭. ‬وقد‭ ‬خرج‭ ‬فريدمان‭ ‬بنظامٍ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭. ‬فكتابه‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭ ‬المتناثرة‭ ‬في‭ ‬تحليلٍ‭ ‬واحدٍ،‭ ‬فيمهّد‭ ‬الأرضية‭ ‬لكلٍّ‭ ‬متجانس‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭  ‬ما‭ ‬يُسميه‭ ‬فريدمان‭ ‬ادراسات‭ ‬التأثيرب‭.‬

ويبيّن‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬كثرة‭ ‬الدراسات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬هي‭ ‬عائقٌ‭ ‬للباحث،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الأبحاث‭ ‬تتقاطر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والإنسانية‭. ‬لذلك،‭ ‬يسرد‭ ‬الباحث‭ ‬هنا‭ ‬منهجيّته‭ ‬فيشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬هيكلٍ‭ ‬للمسألة،‭ ‬ثم‭ ‬عرضها‭ ‬بطريق‭ ‬تبسيطي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيان‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مهمّ‭ ‬وأساسي،‭ ‬وترك‭ ‬ما‭ ‬عداه‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬ولكن‭ ‬غير‭ ‬مؤثّرة،‭ ‬للخروج‭ ‬بتطبيق‭ ‬يتضمن‭ ‬فئات‭ ‬أساسية‭ ‬تصلح‭ ‬للمعالجة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭. ‬ويناقش‭ ‬الكتاب‭ ‬صور‭ ‬الفعاليّة‭ ‬القانونيّة‭ ‬والعناصر‭ ‬المحقّقة‭ ‬لها‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬3‭ ‬عوامل‭ ‬تضفي‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬فعاليّته‭:‬

1‭. ‬الثواب‭ ‬والعقاب‭.‬

2‭. ‬تأثير‭ ‬الجماعات‭ ‬القرينة‭ ‬أو‭ ‬النظيرة‭.‬

3‭. ‬اعتبارات‭ ‬المشروعية‭ ‬والضمير‭ ‬والأخلاق‭.‬

وعندما‭ ‬تتحرّك‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬ذاته،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للقانون‭ ‬تأثيرٌ‭ ‬قوي،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬تعارضت‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬فإن‭ ‬النتائج‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬متوقّعة‭. ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬فريدمان،‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬دراسات‭ ‬القانون‭ ‬والمجتمع‭ ‬كانت‭ ‬معنيّة‭ ‬أكثر‭ ‬بدراسة‭ ‬مصدر‭ ‬القانون،‭ ‬لكنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تنبّه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أثر‭ ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬أمرٌ‭ ‬له‭ ‬أهميته‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدراسات‭ ‬القانونية‭ - ‬الاجتماعية‭.  ‬والملاحظة‭ ‬الدارجة‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬القانون‭ ‬كما‭ ‬يُدرّس‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬كما‭ ‬يُطبّق‭ ‬هي‭ ‬ملاحظة‭ ‬مُستحقّة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬تتعلّق‭ ‬بأثر‭ ‬القانون،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تُسمّى‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬موضوعات‭ ‬مثل‭ ‬علم‭ ‬الإجرام،‭ ‬دراسات‭ ‬الخضوع‭ ‬التنظيمي،‭ ‬وتأثير‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستوريّة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬جميعها‭ ‬أمثلة‭ ‬على‭ ‬دراسات‭ ‬الأثر،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬مع‭ ‬أيّة‭ ‬محاولة‭ ‬لاستكشاف‭ ‬وتحليل‭ ‬أيّ‭ ‬قانون‭ ‬سارٍ‭.‬

 

دوافع‭ ‬مهمة

في‭ ‬كتابه‭ ‬هذا،‭ ‬يلخص‭ ‬فريدمان‭ ‬الأبحاث‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القانون‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأثر‭ ‬بطريقة‭ ‬سهلة،‭ ‬سلسة‭ ‬وشاملة‭. ‬ولعلّ‭ ‬أحد‭ ‬الدوافع‭ ‬المهمة‭ ‬وراء‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬هو‭ ‬ملاحظة‭ ‬الكاتب‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬اإن‭ ‬كوب‭ ‬البحث‭ ‬قد‭ ‬امتلأ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فاض‭. ‬هناك‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬حول‭ ‬الردع،‭ ‬ومئات‭ ‬الدراسات‭ ‬حول‭ ‬تنظيم‭ ‬العمل‭ ‬التجاري،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فالنتائج‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬غير‭ ‬قاطعة‭. ‬هناك‭ ‬تغيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ - ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬القلق‭ ‬ذ‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬اطّراد‭ ‬بحثيب‭.‬

وفي‭ ‬الفصل‭ ‬الأول،‭ ‬وهو‭ ‬المقدّمة،‭ ‬يبدأ‭ ‬فريدمان‭ ‬كتابه‭ ‬بالقول‭ ‬إننا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نختصر‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬والمجتمع‭ ‬برمّته‭ ‬في‭ ‬سؤالين؛‭ ‬أما‭ ‬الأول‭ ‬فهو‭ ‬معنيّ‭ ‬بالتساؤل‭ ‬عن‭ ‬مصدر‭ ‬القوانين‭ ‬وإلى‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬فيها‭ ‬نتاجًا‭ ‬للقوى‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأما‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬موضوع‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬وهو‭ ‬أثر‭ ‬القوانين،‭ ‬ويسرد‭ ‬الكاتب‭ ‬هنا‭ ‬خطّة‭ ‬الكتاب،‭ ‬وهي‭ ‬تغطي‭ ‬الآتي‭: ‬دراسة‭ ‬متطلبات‭ ‬الأثر،‭ ‬وأنواع‭ ‬الأثر‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬مباشر،‭ ‬وحجم‭ ‬الأثر،‭ ‬ونتائجه‭.‬

 

توصيل‭ ‬الرسالة

في‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬أسماه‭ ‬اتوصيل‭ ‬الرسالةب،‭ ‬يبيّن‭ ‬الكاتب‭ ‬للقارئ‭ ‬أنه‭ ‬يُواجَه‭ ‬ببركانٍ‭ ‬ثائرٍ‭ ‬من‭ ‬الأبحاث،‭ ‬لكنها‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُعتبر‭ ‬ذات‭ ‬طبيعةٍ‭ ‬تراكمية‭.‬

لذا،‭ ‬يبدأ‭ ‬فريدمان‭ ‬بمحاولة‭ ‬إضفاء‭ ‬شيءٍ‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الانفجار‭ ‬البركاني‭. ‬فيفحص‭ ‬متطلّبات‭ ‬التأثير؛‭ ‬أي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يرسل‭ ‬بها‭ ‬القانون‭ ‬رسائله،‭ ‬وهنا‭ ‬يناقش‭ ‬فريدمان‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تفحص‭ ‬طبيعة‭ ‬الجمهور‭ ‬المخاطب‭ ‬وما‭ ‬يعرفه‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬وكيف‭ ‬عرفه،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يؤديه‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬أو‭ ‬تشويه‭ ‬رسالة‭ ‬القانون،‭ ‬وعن‭ ‬تأثير‭ ‬أو‭ ‬صياغة‭ ‬القاعدة‭ ‬أو‭ ‬الحكم‭ ‬نفسه،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تصورات‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬تطابق‭ ‬فعلًا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬بالواقع‭.‬

وكما‭ ‬يشير‭ ‬فريدمان،‭ ‬فإن‭ ‬الاتصال‭ - ‬بشكلٍ‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ - ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬ولازم،‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬كافٍ‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬للقانون‭ ‬تأثير‭ ‬فعّال‭. ‬ويعرض‭ ‬الكاتب‭ ‬لحالاتٍ‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المقارن‭ (‬ألمانيا‭ / ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭) ‬تُصدِر‭ ‬الدولة‭ ‬فيها‭ ‬القانون‭ ‬ويظل‭ ‬الكثيرون‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬يجهلونه‭. ‬

ويذهب‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬المحتوى‭ ‬الموضوعي‭ ‬للقانون،‭ ‬وأنهم‭ - ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الفروض‭ - ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬معرفة‭ ‬مشتتة‭ ‬وغير‭ ‬ممنهجة‭ ‬به،‭ ‬كما‭ ‬أنّهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬عن‭ ‬الأحكام‭ ‬القضائية‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬فاز‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬ومَن‭ ‬خسر‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفهموا‭ ‬منطق‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام،‭ ‬أو‭ ‬تركيب‭ ‬الحِجاج‭ ‬القضائي،‭ ‬أو‭ ‬قيمة‭ ‬السابقة‭ ‬القضائية‭ ‬أو‭ ‬دلالتها،‭ ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬القانون‭ ‬أرضًا‭ ‬مجهولة‭ ‬وغير‭ ‬مكتشفة‭ ‬للكثيرين‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الجهل‭ ‬بالقانون‭ ‬مفهوم‭ ‬ومبرّرٌ‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬الأدبيات‭ ‬القانونية،‭ ‬والتشريعات،‭ ‬والأحكام‭ ‬القضائية،‭ ‬والدوريات‭ ‬الفقهية،‭ ‬ومذكرات‭ ‬المحامين،‭ ‬وعداها،‭ ‬بما‭ ‬ينتهي‭ ‬الأمر‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬أطنانٍ‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬المتراكمة،‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سوء‭ ‬فهمٍ‭ ‬واضح‭ ‬للقانون،‭ ‬وإن‭ ‬تكرّرت‭ ‬تعاملات‭ ‬المرء‭ ‬معه‭.‬

‭ ‬

تشريح‭ ‬الالتزام

وفي‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬تُرجِم‭ ‬إلى‭ ‬اتشريح‭ ‬الالتزامب،‭ ‬يهدم‭ ‬الكاتب‭ ‬فكرة‭ ‬الأثر‭ ‬ذاتها‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدراسات‭ ‬القانونية‭ ‬معنيّة‭ ‬بالأثر‭ ‬الداخلي‭ ‬للقانون‭ ‬ذاته،‭ ‬فإنّ‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية‭/ ‬القانونية‭ ‬تعنى‭ ‬بتأثير‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي‭. ‬ويميز‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬التأثير‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬مباشر‭ ‬للقانون،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يقدّم‭ ‬تفرقة‭ ‬مفيدة‭ ‬بين‭ ‬تقييم‭ ‬أثر‭ ‬القانون‭ ‬وتقييم‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يحقق‭ ‬فعلًا‭ ‬النتيجة‭ ‬المرجوة‭ ‬منه‭ (‬وهو‭ ‬تمييز‭ ‬دقيقٌ‭ ‬وغير‭ ‬سهل‭). ‬ويظهر‭ ‬الكاتب‭ ‬شكوكًا‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يذهب‭ ‬إليه‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬لبعض‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القانونية‭ ‬تأثيرات‭ ‬رمزيّة‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬رصد‭ ‬أي‭ ‬أثرٍ‭ ‬مباشر‭.‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تطرح،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬أسئلة‭ ‬جادة‭ ‬بشأن‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬القوانين‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬فعالة‭ ‬مجتمعيًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬السلوك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬تستهدفه،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تخفق‭ ‬قوانين‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الإشكالية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تصنيف‭ ‬الخيوط‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬حقول‭ ‬معرفية‭ ‬متباينة‭ ‬نظريًا‭ ‬وتطبيقيًا،‭ ‬وذلك‭ ‬بقصد‭ ‬دراسة‭ ‬قدرة‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬المجتمع‭.‬

ويتعلّق‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬بدراسة‭ ‬الآثار‭ ‬القانونية‭ ‬وتلك‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬للتشريع‭. ‬فأمّا‭ ‬الآثار‭ ‬القانونية‭ ‬فيُراد‭ ‬بها‭ ‬الآثار‭ ‬المباشرة‭ (‬امتثال،‭ ‬دعاوى‭ ‬قضائية،‭ ‬وعداها‭)‬،‭ ‬وأما‭ ‬الآثار‭ ‬غير‭ ‬المباشرة،‭ ‬فهي‭ ‬ما‭ ‬يتعدى‭ ‬دائرة‭ ‬القانون‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬عداه‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭. ‬وفي‭ ‬فصلٍ‭ ‬رابعٍ‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬اطبوغرافيّة‭ ‬الاستجابةب،‭ ‬يناقش‭ ‬الكاتب‭ ‬أنماط‭ ‬استجابات‭ ‬الناس‭ ‬تجاه‭ ‬القوانين،‭ ‬فيعرض‭ ‬لبعض‭ ‬صور‭ ‬هذه‭ ‬الأنماط،‭ ‬ومنها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭:‬

 

المواءمة

‭ ‬قوانين‭ ‬الضرائب‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬المواءمة‭ ‬مع‭ ‬إملاءاتها،‭ ‬فرغم‭ ‬عدم‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬متطلباتها‭ ‬فإنهم‭ ‬يعدّلون‭ ‬ظروفهم‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بالاستفادة‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬تقدّمها‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الامتثال‭ ‬بالطريقة‭ ‬الأكثر‭ ‬ملاءمة‭ (‬تحويل‭ ‬الملكية‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬الشركات‭ ‬إلى‭ ‬سندات‭ ‬الخزينة‭ / ‬تحويل‭ ‬النقود‭ ‬إلى‭ ‬الجنات‭ ‬الضريبية‭ ‬مثل‭ ‬جزر‭ ‬كايمان‭ / ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الإعفاءات‭ ‬والتخفيضات‭ ‬الضريبية‭ / ‬التبرع‭ ‬للجهات‭ ‬الخيرية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الناس‭ ‬يكيّفون‭ ‬سلوكهم‭ ‬وفقًا‭ ‬لمتطلبات‭ ‬القانون،‭ ‬فالتكاليف‭ ‬الموسمية‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬للسلوك‭ ‬القانوني،‭ ‬وجزء‭ ‬حيوي‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬القانون‭.‬

 

التهرّب‭ ‬

تمثّل‭ ‬كل‭ ‬جريمة‭ ‬شائعة‭ ‬نظامًا‭ ‬قائمًا‭ ‬بذاته،‭ ‬ولفهم‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ينبغي‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬فهم‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬يخرقه‭ ‬المجرمون‭ ‬وسبب‭ ‬خرقهم‭ ‬له،‭ ‬وإنما‭ ‬فهم‭ ‬كيف‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا،‭ ‬أي‭ ‬فهم‭ ‬خرقهم‭ ‬للقانون‭ ‬كعمليةٍ‭ ‬متكاملة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أنماط‭ ‬هذا‭ ‬الخرق‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التي‭ ‬يتبعونها‭ ‬لتفادي‭ ‬ضبطهم‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الخامس‭ ‬المسمى‭ ‬االثواب‭ ‬والعقاب‭... ‬جانب‭ ‬العقوباتب،‭ ‬فيبين‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬القوانين‭ ‬تراوح‭ ‬ذ‭ ‬كالبندول‭ ‬ذ‭ ‬بين‭ ‬فكرتَي‭ ‬العقاب‭ ‬والثواب‭. ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬الأخيرة‭ ‬أقل‭ ‬وضوحًا‭ ‬من‭ ‬الأولى،‭ ‬إلّا‭ ‬أنّ‭ ‬المنظومة‭ ‬القانونية‭ ‬مليئة‭ ‬بها‭ (‬تعويضات‭ ‬عن‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وترقيات،‭ ‬وأوسمة،‭ ‬وتقاعد،‭ ‬ونقاط‭ ‬المرور،‭ ‬وعداها‭ ‬من‭ ‬استحقاقات‭ ‬مقررة‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬المختلفة‭).‬

يناقش‭ ‬الكاتب‭ ‬صور‭ ‬أغراض‭ ‬القانون‭ ‬بين‭ ‬العقاب‭ ‬والثواب،‭ ‬مع‭ ‬تركيز‭ ‬خاص‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬الردع‭. ‬فهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحوافز‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬القانوني،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يركّز‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬إلّا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يرتبط‭ ‬بالردع‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬هناك‭ ‬الردع‭ ‬الخاص‭ ‬المتمثل‭ ‬بالجزاء‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬بعينه،‭ ‬ثم‭ ‬هناك‭ ‬الردع‭ ‬العام،‭ ‬وهو‭ ‬الأثر‭ ‬الذي‭ ‬يؤمّل‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬بعد‭ ‬توقيع‭ ‬الجزاء‭ ‬على‭ ‬شخصٍ‭ ‬ما،‭ ‬والتهديد‭ ‬بتوقيعه‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬يرتكب‭ ‬فعلًا‭ ‬مماثلًا‭.‬

ويبيّن‭ ‬الكاتب‭ ‬أنّ‭ ‬فاعلية‭ ‬العقوبات‭ ‬تقاس‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭ ‬امنحنى‭ ‬الردعب،‭ ‬وهو‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬للعقوبات‭ ‬مستوى‭ ‬للفعالية‭ ‬بالردع‭ ‬يمكن‭ ‬بعده‭ ‬ذ‭ ‬لدواعٍ‭ ‬مختلفة‭ ‬ذ‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الردع‭ (‬لأسبابٍ‭ ‬تتعلّق‭ ‬بنوع‭ ‬العقوبة،‭ ‬وفداحتها،‭ ‬ودرجة‭ ‬تطبيقها،‭ ‬والثقافة‭ ‬المحلية،‭ ‬والعامل‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للشخصية،‭ ‬ومدى‭ ‬الاضطرار‭ ‬السلوكي‭ ‬أو‭ ‬الحاجة‭ ‬إليه،‭ ‬وعداها‭). ‬فمن‭ ‬يواجَهون‭ ‬بعقوبة‭ ‬الإعدام‭ ‬لا‭ ‬يخيفهم‭ ‬شيء،‭ ‬ومن‭ ‬يعتادون‭ ‬الحبس‭ ‬لا‭ ‬يوقفهم‭ ‬التهديد‭ ‬به،‭ ‬ومن‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬ما‭ ‬يخسره‭ ‬يغامر‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬لديه‭.‬

وعلى‭ ‬كل،‭ ‬فإنّ‭ ‬الثابت‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬الردع‭ ‬هو‭ ‬وضوح‭ ‬رسالة‭ ‬القانون‭: ‬فكلما‭ ‬كانت‭ ‬رسالة‭ ‬القانون‭ ‬واضحة‭ ‬ومحددة،‭ ‬كان‭ ‬الخوف‭ ‬منه‭ ‬غالبًا،‭ ‬والخوف‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬الردع‭ ‬وليس‭ ‬فداحة‭ ‬العقوبة‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬المخالفة‭.‬

 

الثواب‭ ‬والعقاب

وفي‭ ‬الفصل‭ ‬السادس،‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ ‬االثواب‭ ‬والعقاب‭: ‬الدوافع‭ ‬والجانب‭ ‬المدنيب،‭ ‬يورد‭ ‬الكاتب‭ ‬أنه‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تدور‭ ‬القوانين‭ ‬حول‭ ‬العقوبات،‭ ‬لكن‭ ‬قليلًا‭ ‬منها‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬حوافز،‭ ‬فمثلًا‭ ‬كان‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬كولورادو‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬يقضي‭ ‬بدفع‭ ‬1.25‭ ‬دولار‭ ‬لكل‭ ‬صيادٍ‭ ‬يُحضِر‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬فراء‭ ‬ثعلبٍ‭ ‬مع‭ ‬أذنيه،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬حافزًا،‭ ‬فالمال‭ ‬إذًا‭ ‬حافزٌ‭ ‬جيد‭. ‬لكن‭ ‬الحوافز‭ ‬قد‭ ‬تأتي‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أشكال‭ ‬أخرى‭ (‬أوسمة‭ ‬للجنود‭ ‬الذين‭ ‬يُظهرون‭ ‬شجاعةً‭ ‬في‭ ‬القتال،‭ ‬أو‭ ‬تخفيض‭ ‬ضريبي‭ ‬للملتزمين‭ ‬بدفع‭ ‬ضرائبهم،‭ ‬أو‭ ‬إعفاء‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬للمستثمرين،‭ ‬أو‭ ‬جوائزٌ‭ ‬للعلماء،‭ ‬أو‭ ‬شهادات‭ ‬تقديرٍ‭ ‬لموظفي‭ ‬الشهر،‭... ‬إلخ‭).‬

ولعل‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬الجيدة‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬اإطلاق‭ ‬الصافرةب،‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬قيام‭ ‬الموظفين‭ ‬بالإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الممارسات‭ ‬الفاسدة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬شخصياتهم،‭ ‬مع‭ ‬إمكان‭ ‬منحهم‭ ‬مكافآت‭ ‬مالية‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭. ‬فوفقًا‭ ‬لقانون‭ ‬Federal False Claims‭ ‬Act،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬منح‭ ‬الموظف‭ ‬المبلّغ‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬فساد‭ ‬تتعلق‭ ‬بمقاولٍ‭ ‬ينفّذ‭ ‬مشروعاً‭ ‬للحكومة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬للموظف‭ ‬المبلّغ‭ ‬نسبةً‭ ‬من‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬تسترجعها‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬المقاول‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬تكافئ‭ ‬على‭ ‬شكاوى‭ ‬المواطنين‭ ‬الجادة‭ ‬والفعالة‭ ‬ضد‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭.  ‬ففي‭ ‬الصين‭ ‬مثلًا،‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬السلطات‭ ‬المحلية‭ ‬بمكافأة‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬يبلّغون‭ ‬عن‭ ‬الممارسات‭ ‬الملوّثة‭ ‬للبيئة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬والمصانع‭ ‬هناك‭ ‬لا‭ ‬تحترم‭ ‬قوانين‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬قوانين‭ ‬الغذاء،‭ ‬وحماية‭ ‬المياه،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬تعوّل‭ ‬على‭ ‬إفادات‭ ‬المواطنين‭ ‬وتنبيههم‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬تستدلّ‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬فتكافحها‭. ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬سلوفاكيا‭ ‬دعمت‭ ‬خطط‭ ‬تقديم‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعوة‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬مشترياتهم‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬تسجيل‭ ‬مركزي‭ ‬مقابل‭ ‬وعدهم‭ ‬بالجوائز،‭ ‬وذلك‭ ‬لحمل‭ ‬التجار‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬والإفصاح‭ ‬عنها‭.‬

 

ضغط‭ ‬الأقران

أما‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬السابع‭ ‬المعنون‭ ‬اضغط‭ ‬الأقرانب،‭ ‬فيرى‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬سياسات‭ ‬الثواب‭ ‬والعقاب‭ ‬تمثّل‭ ‬تفسيرًا‭ ‬مهمًا‭ ‬وراء‭ ‬المواقف‭ ‬من‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تفسر‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فهناك‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬تحمل‭ ‬المرء‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬أو‭ ‬خرقه،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬الاعتبار‭ ‬الذي‭ ‬يوليه‭ ‬الشخص‭ ‬لرأي‭ ‬أقرانه‭ ‬والأشخاص‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬ونظرتهم‭ ‬له‭ (‬الأصدقاء‭ / ‬الزملاء‭ / ‬الأسرة‭ / ‬القبيلة‭ / ‬المجتمع‭ / ‬الحي‭ / ‬النادي‭ / ‬الجمعية‭ / ‬المدرسة‭ / ‬العمل‭) ‬والخِشية‭ ‬من‭ ‬الإحراج‭ ‬أو‭ ‬الفضيحة‭ ‬أو‭ ‬العار‭.‬

وقد‭ ‬بُنِيَت‭ ‬فرضيّات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬النظريّات‭ ‬الاقتصاديّة‭ ‬المعاصرة،‭ ‬على‭ ‬أساسٍ‭ ‬من‭ ‬اعتبار‭ ‬الإنسان‭ ‬كائنًا‭ ‬عاقلًا‭ ‬ذا‭ ‬اختياراتٍ‭ ‬عقلانية،‭ ‬لكنه‭ ‬مهما‭ ‬انتشر‭ ‬هذا‭ ‬الفرض،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لدى‭ ‬الإنسان‭ ‬آلة‭ ‬حاسبة‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬يحسب‭ ‬بموجبها‭ ‬مدى‭ ‬عقلانية‭ ‬سلوكه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تصرفاتنا‭ ‬لا‭ ‬تُمليها‭ ‬حساباتنا‭ ‬العقلانية‭ ‬دائمًا‭ ‬بالضرورة،‭ ‬فالإنسان‭ ‬كائن‭ ‬اجتماعي‭ ‬يتحدد‭ ‬إدراكه‭ ‬وتنتقل‭ ‬له‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬معارفه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العادات‭ ‬والأفكار‭ ‬والأعراف‭ ‬والتقاليد‭ ‬والتوقعات‭ ‬التي‭ ‬يجمعها‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والمدرسة‭ ‬والجيران‭ ‬والإعلام‭ ‬والعمل‭ ‬ودور‭ ‬العبادة‭. ‬

والحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أنّ‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحديثة‭ ‬كيان‭ ‬عضويٌ‭ ‬معقّد،‭ ‬فجميع‭ ‬المجتمعات‭ ‬المعاصرة‭ ‬هي‭ ‬مجتمعاتٌ‭ ‬تعدّدية‭ ‬وليست‭ ‬كتلةٌ‭ ‬أخلاقيةٌ‭ ‬صمّاءٌ‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬عنصرٍ‭ ‬واحد‭. ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬تنحدر‭ ‬من‭ ‬مجتمعاتٍ‭ ‬فرعيةٍ،‭ ‬ولهذه‭ ‬معاييرها‭ ‬ونُظُمها‭ ‬الخاصة‭ (‬قبيلة‭ / ‬طائفة‭ / ‬مهنة‭).‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬تخضع‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفرعية‭ ‬لقواعد‭ ‬الأغلبية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬للقانون،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬يمكن‭ ‬ذ‭ ‬بدورها‭ ‬ذ‭ ‬أن‭ ‬تصطدم‭ ‬بالثقافة‭ ‬الفرعيّة،‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭.‬

 

الصوت‭ ‬الداخلي

ثم‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الثامن،‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬االصوت‭ ‬الداخليب،‭ ‬يستعرض‭ ‬الكاتب‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تضفي‭ ‬فعالية‭ ‬على‭ ‬القوانين‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أهميةٍ‭ ‬خاصة‭. ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تشكيلة‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الشخصية‭ ‬الداخلية‭ ‬والدوافع‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬نسمّيه‭ ‬بـ‭ ‬االضميرب‭.  ‬والضمير‭ ‬هو‭ ‬مسألةٌ‭ ‬صعبة‭ ‬التحديد،‭ ‬وتمثل‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الناس‭ ‬يلتزمون‭ ‬بالقانون،‭ ‬ويدفعون‭ ‬الضرائب،‭ ‬ويمتنعون‭ ‬عن‭ ‬رمي‭ ‬القاذورات‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬ويصفّون‭ ‬سياراتهم‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬الأماكن‭ ‬المخصّصة‭ ‬للمعاقين‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬للشرعيّة‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬الناس‭ ‬للقانون،‭ ‬وهذه‭ ‬مسألةُ‭ ‬تُعتبر‭ ‬حجر‭ ‬أساسٍ‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬القانوني‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬صدرت‭ ‬الدراسة‭ ‬المهمة‭ ‬والشهيرة‭ ‬لعالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬Max weber‭.  ‬ويمكن‭ ‬تعريف‭ ‬الشرعيّة‭ ‬بأنها‭ ‬اخلق‭ ‬إدارة‭ ‬عامة‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭ ‬لقبول‭ ‬قراراتٍ‭ ‬ذات‭ ‬محتوى‭ ‬لم‭ ‬يتحدّد‭ ‬بعدب‭.‬

فوفقًا‭ ‬لهذا‭ ‬التعريف،‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬للشرعيّة‭ ‬الحديثة‭ ‬صفة‭ ‬إجرائية‭ ‬قوية‭ ‬وقاطعة،‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬أثر‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬للقواعد‭ ‬والمعايير‭ ‬والقوانين؛‭ ‬لا‭ ‬بفضل‭ ‬محتواها‭ ‬الموضوعي،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬شخصيات‭ ‬المرشحين،‭ ‬وإنما‭ ‬بسبب‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬أو‭ ‬تصويت‭ ‬الأغلبية،‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬طريقةٍ‭ ‬قانونيةٍ‭ ‬صحيحةٍ‭ ‬أخرى‭. ‬وسؤال‭ ‬الشرعية‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬للوسط‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فالأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإجراءات‭ ‬فقط‭ (‬كالانتخابات‭ ‬الديمقراطية‭)‬،‭ ‬وإنما‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬لهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬شرعيةٌ‭ ‬في‭ ‬ذاتها‭ ‬أصلًا‭. ‬

 

دور‭ ‬مهمّ

أما‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬الشرعية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أسسٍ‭ ‬مختلفةٍ‭ ‬تمامًا‭: ‬كالحق‭ ‬الإلهي‭ ‬لسلطة‭ ‬الملوك،‭ ‬الحق‭ ‬الوراثي‭ ‬في‭ ‬تولّي‭ ‬العرش‭ ‬أو‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬اللقب‭ ‬الإقطاعي،‭ ‬أو‭ ‬اختيار‭ ‬البابا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجمّع‭ ‬الكرادلة‭.‬

إن‭ ‬صور‭ ‬الشرعية‭ ‬تتغير‭ ‬وتتبدّل‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الهويّة‭ ‬المدنية‭ ‬تؤدي‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬القوانين‭ ‬وفاعليتها‭. ‬فحتى‭ ‬يكون‭ ‬للقانون‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬قيمة‭ ‬معتبرة‭ ‬بالنفوس‭ ‬وتأثير‭ ‬فعّال‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬الناس‭ ‬أنه‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬إراداتهم‭ ‬وأنهم‭ ‬طرف‭ ‬فيه،‭ ‬وأنّ‭ ‬للعبة‭ ‬قواعد‭ ‬عادلة‭ ‬تجعلها‭ ‬مستحقة‭ ‬للاحترام‭. ‬

أما‭ ‬الفصل‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬الكتاب،‭ ‬وهو‭ ‬المعنون‭ ‬بـ‭ ‬اعوامل‭ ‬متوافقة‭ ‬وأخرى‭ ‬متصارعةب،‭ ‬فهو‭ ‬يحلّل‭ ‬التدخّلات‭ ‬التشريعية،‭ ‬فيقرّر‭ ‬أنها‭ ‬جميعاً‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافٍ‭ ‬معيّنة،‭ ‬وهذه‭ ‬الأهداف‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يستخدم‭ ‬لتحقيقها‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬أو‭ ‬كلّ‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬والقاصدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أثرٍ‭ ‬للقانون‭ (‬العقوبات‭ ‬والمكافآت،‭ ‬وضغط‭ ‬الأقران،‭ ‬والأخلاق،‭ ‬والشعور‭ ‬الوطني،‭ ‬وعداها‭).‬

وربما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬التشريعات‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالتدخين‭ ‬مثالاً؛‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬التدخين‭ ‬ذ‭ ‬لمئات‭ ‬السنين‭ ‬ذ‭ ‬سلوكًا‭ ‬اعتياديًا‭ ‬سائدًا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجتمعات،‭ ‬لجأت‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشريعاتها‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬النظرة‭ ‬المجتمعيّة‭ ‬عنه‭ ‬فصار‭ ‬ممارسةً‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬غير‭ ‬مرحّب‭ ‬بها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصدار‭ ‬تشريعات‭ ‬الحدّ‭ ‬من‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬ومنع‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬الطائرات،‭ ‬وفرض‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬السجائر،‭ ‬ومنع‭ ‬بيع‭ ‬السجائر‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬سنّ‭ ‬معيّنة،‭ ‬وإلزام‭ ‬مُصنّعي‭ ‬السجائر‭ ‬بوضع‭ ‬ملصقات‭ ‬التحذير‭ ‬على‭ ‬العبوّات،‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭.‬

 

تشييد‭ ‬الهيكل

إن‭ ‬نتيجة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدّم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المدخنين‭ ‬صاروا‭ ‬يشعرون‭ ‬أنهم‭ ‬مُدانون،‭ ‬وغير‭ ‬مرحّبٍ‭ ‬بهم‭ ‬ومعزولين‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فهذا‭ ‬النجاح‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬التدخين‭ ‬لا‭ ‬يقابله‭ ‬نجاح‭ ‬مساوٍ‭ ‬بالضرورة‭ ‬على‭ ‬جبهاتٍ‭ ‬مُقارَنة‭ ‬أخرى،‭ ‬كالحرب‭ ‬ضد‭ ‬السمنة‭ ‬مثلًا‭ ‬باعتبارها‭ ‬أيضًا‭ ‬مسألة‭ ‬متعلقةٌ‭ ‬بالصحة‭ ‬العامة،‭ ‬لأن‭ ‬القانون‭ ‬لم‭ ‬يدخل‭ ‬بكل‭ ‬ثقله‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة‭ ‬بعد‭ ‬مثلما‭ ‬تدخّل‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬التدخين‭ ‬فغيّر‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬صورته‭ ‬الاجتماعية‭. ‬ويحدث‭ ‬أحيانًا‭ ‬أن‭ ‬تتزاحم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أداةٍ‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬القانون،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إضاعة‭ ‬الهدف‭ ‬المرجو‭ ‬منه‭ ‬ابتداء‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تعوّل‭ ‬تشريعات‭ ‬إطلاق‭ ‬الصافرة‭ ‬Whistle Blowing‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأخلاقي‭ ‬لدى‭ ‬الموظّف‭ ‬الذي‭ ‬يرصد‭ ‬المخالفات‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬عمله،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬منح‭ ‬المكافآت‭ ‬لمن‭ ‬يقومون‭ ‬بالإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬المخالفات‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سيلٍ‭ ‬من‭ ‬البلاغات‭ ‬الكاذبة‭ ‬أو‭ ‬المُفبرَكة‭. ‬ويأتي‭ ‬الفصل‭ ‬العاشر،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عنوانه‭ ‬هو‭ ‬اكلمة‭ ‬ختاميةب،‭ ‬ليكون‭ ‬بمنزلة‭ ‬محاولة‭ ‬للربط‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬ناقشتها‭ ‬الفصول‭ ‬المتقدمة‭. ‬وهو‭ ‬يشير،‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬إلى‭ ‬المعضلات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬كثرة‭ ‬الدراسات‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬والتي‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬خوض‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬بـ‭ ‬اتشييد‭ ‬الهيكلب‭ ‬فكريًا‭.‬

وتزايد‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬المتعارضة‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مهمًا‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ -  ‬بالطبع‭ - ‬لا‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬المهمة‭ ‬أسهل‭. ‬وعلى‭ ‬أيةّ‭ ‬حال‭ ‬فالأمر‭ ‬يتعلّق،‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬الكاتب،‭ ‬بالخروج‭ ‬بقانون‭ ‬للسلوك‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬لا‭ ‬محال‭ ‬من‭ ‬تركها‭ ‬لأجيال‭ ‬المستقبل‭.‬

 

الهوامش‭ ‬والإشارات‭ ‬المرجعيّة

للكتاب‭ ‬موضوع‭ ‬الاستعراض‭ ‬هوامش‭ ‬منتظمة‭ ‬ومستوفاة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإشارات‭ ‬المرجعية،‭ ‬وقد‭ ‬حرص‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬سرده‭ ‬على‭ ‬الإحالة‭ ‬إلى‭ ‬المراجع‭ ‬التي‭ ‬استند‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬بحثه،‭ ‬باطّرادٍ‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬انقطاع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬طريقة‭ ‬كتابة‭ ‬بيانات‭ ‬المراجع‭ ‬في‭ ‬الهوامش‭ ‬مُرضية،‭ ‬راعى‭ ‬فيها‭ ‬الكاتب‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الببليوغرافية‭ ‬الفنية‭ ‬عند‭ ‬كتابة‭ ‬الهوامش‭ ‬وتدوين‭ ‬البيانات‭ ‬المرجعية،‭ ‬وفق‭ ‬الأصول‭ ‬الأكاديمية‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬الكتابات‭ ‬القانونية‭.‬

وتلحق‭ ‬بالكتاب‭ ‬قائمة‭ ‬مراجع‭ ‬موسّعة‭ ‬ومستفيضة‭ ‬فعلًا،‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الإشارات‭ ‬والهوامش‭ ‬المفيدة‭ ‬جدًّا‭ ‬للباحثين‭ ‬وللراغبين‭ ‬في‭ ‬الاستزادة‭.‬

التقييم‭ ‬الشخصي‭ ‬للكتاب

الكتاب‭ ‬موضوع‭ ‬العرض‭ ‬هو‭ ‬بمنزلة‭ ‬مدخلٍ‭ ‬عامٍ‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬القانون،‭ ‬لذلك‭ ‬أجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجمهــور‭ ‬المُخاطَـب‭ ‬بالكتـاب،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬الكتاب‭ ‬يوجّه‭ ‬خطابه‭ ‬إلى‭ ‬الكافة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬قراءته‭ ‬خلفيةً‭ ‬علميةً‭ ‬حقوقيّة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مساحة‭ ‬الخطاب‭ ‬فيه‭ - ‬وتطبيقاتها‭ ‬ذ‭ ‬لا‭ ‬تتركز‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬جغرافية‭ ‬بعينها‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬نظامٍ‭ ‬قانونيٍ‭ ‬بذاته،‭ ‬بل‭ ‬يلتزم‭ ‬منظورًا‭ ‬مقارنًا‭ ‬واسعًا‭ ‬ومفيدًا‭.‬

وبعد،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬كتاب‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬فكرةٍ‭ ‬مركزيةٍ‭ ‬محددة،‭ ‬واضحة،‭ ‬وصلبة،‭ ‬وهو‭ ‬غنيٌ‭ ‬بالأمثلة‭ ‬وخصبٌ‭ ‬بالتطبيقات،‭ ‬كما‭ ‬أنه،‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬ممتع‭.  ‬لذلك،‭ ‬أجد‭ ‬أنه‭ ‬يمثّل‭ ‬قراءة‭ ‬عامة‭ ‬ممتعة‭ ‬ومفيدة‭ ‬للقراء‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬مشاربهم‭ ‬وتخصصاتهم‭. ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬تقدّم،‭ ‬أوصي‭ ‬المهتمين‭ ‬بالقانون‭ ‬عامة‭ ‬ودارسيه‭ ‬خاصة‭ ‬بقراءة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬كُتِبَ‭ ‬بطريقةٍ‭ ‬ممتعةٍ‭ ‬وعميقة‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته،‭ ‬وهذه‭ ‬سمةٌ‭ ‬نادرةٌ‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬القانونية،‭ ‬التي‭ ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬تتّسم‭ ‬بالجفاف‭ ‬بسبب‭ ‬جديّة‭ ‬تناول‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تناقشها‭  ■ ‬