أي نموذج تنموي لما بعد جائحة كورونا؟
شكلت جائحة كورونا (كوفيد 19) المستجد، إحدى الجائحات الأكثر خطورة في وقتنا المعاصر، فبعدما تخلصت البشرية من الآثار السلبية للأوبئة والجائحات في القرن الماضي، ها هي تعيش على وقع كارثة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالجائحة لها آثار على العديد من الأصعدة، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية، و على التنمية بصفة عامة. ولا غرابة إذا ما بدأ العديد من الباحثين، يتحدثون عن كون الوباء/ الجائحة، سيشكل انعطافة في البراديغمات التنموية السائدة، سواء بمحور الشمال أو محور الجنوب.
إذا كانت بعض النماذج التنموية والتي تسمى دولة الرعاية (Welfare State)، قد استطاعت - في حدود معينة - أن تتعامل مع الجائحة وتداعياتها الاقتصادية بمرونة عالية، بما تتوفر عليه من سياسات اجتماعية وأنظمة ضمان اجتماعي وتغطية صحية وما إلى ذلك، هذا على الرغم من كون بعض الدول التي كانت تصنف على أنها دولة رعاية (إيطاليا)، نجدها هي الأخرى قاصرة عن احتواء تداعيات الوباء، فإن هناك دولا أخرى فشلت في التصدي لتبعات الوباء، وذلك بما خلفته من أضرار على المستوى المادي والمعنوي، وعلى رأس هذه الدول، نجد الولايات المتحدة الأمريكية، مما يشكل مفارقة محيرة. بينما وجدت العديد من الدول في المنطقة العربية، نفسها، محاصرة بسبب الجائحة وبمخلفاتها وتبعاتها، إما بسبب النقص الحاد في بنياتها التحتية، أو نظرا لقلة الكوادر الطبية المؤهلة لمواجهة الوباء، أو بسبب نقص الخبرة في مثل هذه الجوائح، بينما على المستوى الاقتصادي والمالي، فقد لجأت العديد منها إلى الاقتراض، بما فيها تلك التي كانت مستبعدة من ذلك، والبعض الآخر تدبر أزمته بطريقة أو بأخرى.
انطلاقًا من ذلك نتساءل: ألا تشكل جائحة كورونا لحظة مفصلية للتساؤل عن طبيعة النموذج التنموي بكل أبعاده الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية؟ ألا تشكل هذه الجائحة فرصة للتأمل واستخلاص الدروس والعبر من النماذج التنموية السابقة، سواء من خلال نموذج دولة الرعاية أو من خلال النموذج النيوليبرالي؟ وكيف يمكن للدول العربية أن تجعل من لحظة الأزمة، نقطة انطلاق جديدة في بلورة نموذج تنموي يقوم على فلسفة الاعتماد على الذات اقتصاديا وتكنولوجيا، وعلى تعزيز منظومة جديدة من القيم، كقيم المواطنة والعدالة والحرية والكرامة والتضامن والحفاظ على البيئة؟
أولًا: في إعادة النظر لمفهوم «دولة الرعاية»
يصعب من الناحية المنهجية تحديد تاريخ لميلاد نموذج دولة الرعاية، لكن وبنوع من التعميم المجازف، يمكن القول بأن نهاية الحرب العالمية الثانية، شكلت الانطلاقة الفعلية لهذا النموذج في الدول الأوربية تحديدًا، والتي أمنت العديد من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والبنيات التحتية لمدة تجاوزت الثلاثين سنة، أي منذ 1945 إلى حدود 1973 والتي تصادفت مع الأزمة الأولى النفطية. وقد أطلق على هذه المرحلة من تاريخ دولة الرعاية (الثلاثين سنة الذهبية)، والتي تميزت ببناء أوربا التنموية وفي قلبها بناء الإنسان، وبناء قيم المواطنة والكرامة والحرية والمساواة والإنصاف. كما أنها عرفت مرحلة بناء منظومة سياسية وبيروقراطية تمتح من القيم الديمقراطية والعقلنة الشيء الكثير، مما ساعد أغلب دول أوربا الغربية، باستثناء الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي السابق، على تجاوز أعطاب التحكم الاستبدادي والاستفراد بالقرار والرشوة والمحسوبية وما إلى ذلك. بيد أن هذه المرحلة الذهبية ستتأثر بدءًا من سنة 1973 (أزمة النفط الأولى)، وهي التي ستخلف الكثير من الصعوبات الاقتصادية والمالية، والتي ستضع عدة تحديات أمام دولة الرعاية.
وهذا يعني عمليا التخفيف من الدعم الحكومي للقطاعات الاجتماعية والحمائية والبنيات التحتية، والارتماء في لهيب السوق والخصخصة والشركات المتعددة الجنسيات، والتي لا يهمها سوى الربح والإنتاج وفتح الأسواق لمزيد من الاستهلاك. ويشير (آلان تورين، 2016) إلى أن تاريخ 1973 يمثل انعطافة في تاريخ أوربا، بما يعني مزاحمة النموذج النيوليبيرالي للأسواق الأوربية، بل وخلخلة دور الدولة في التنمية. لعل خير مثال يمكن بسطه في هذا السياق، هو الصراع السياسي الذي حصل في فرنسا في عهد اإمانويل ماكرونب، حيث إنه بحكم توجهه الاقتصادي، وبحكم تشبعه بأفكار المقاولة والبعيد عن الحس الاجتماعي الاشتراكي كما كان سابقوه، فإنه قرر مجموعة القوانين التي كادت أن تجهز على القدرة الشرائية وعلى سحب دعم الدولة لمجموعة من القطاعات، من بينها القطاع الصحي، الذي عرف في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات والتوقف عن العمل، بسبب غياب التجهيزات الطبية أو بسبب ضعف التعويضات التي يتقاضاها العاملون في هذا القطاع، أو بسبب النقص الحاد في الأطر البشرية للتكفل بالعلاجات الضرورية، إلا أنه مع مداهمة جائحة كورونا لفرنسا، اعترف الرئيس الفرنسي بضرورة إعادة الاعتبار لدولة الرعاية، قائلا: اما يكشفه هذا الوباء بالفعل هو أن الرعاية الصحية المجانية، بغض النظر عن الدخل أو المكانة أو المهنة أو المسار المهني، فإن دولة الرعاية لدينا، ومهما كانت تكاليفها أو أعباؤها، فإنها تعبر عن أصولنا الثمينة و الأساسية، خصوصا عندما يصبح مصيرنا معرضًا للهجومب (MARILZA DE MELO FOUCHER,2020،). وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الدول الأوربية أقرت بدور الدولة في الحماية الاجتماعية والصحية، بدليل أنها قامت بإجراءات مماثلة لفرنسا، أو تفوقها، كما هي الحال في دول ألمانيا والنمسا، والدول الاسكندنافية. ومن ثم نتوقع أن يكون لجائحة كورونا أثر في إعادة النظر في دور الدولة في التنمية وإعادة النقاش في مسألة بل وجدلية الاجتماعي والاقتصادي؟ والتنموي والسياسي؟
ثانيًا: في مفهوم النموذج النيوليبرالي
وحدوده التنموية
يصعب من الناحية المنهجية، الوقوف عند تأريخ بداية النموذج النيوليبرالي، على اعتبار أن (بورديو، 1999)، توصل في مقالة إلى أن البدايات الأولى ارتبطت مع نشوء الرأسمالية، والتأثر الكبير الذي حملته القيم البروتستانتية الكالفينية تحديدًا، و التي كانت تزرع في نفوس أتباعها مبدأ اأن الله لا يساعد إلا أولئك الذين يساعدون أنفسهمب. و لعل أهم مبدأ في هذا النموذج، هو تقديس الحرية الفردية (دعه يمر دعه يعمل)، وأن تحقيق السعادة الفردية مقدم على السعادة الجماعية. بيد أن هذا النموذج االتنمويب والذي تخلق، في الثقافة الأمريكية الحديثة، إلى حد القول بكون االعقلية الأمريكيةب هي عقلية لا تقبل سوى الحسابات المادية والعقلانية المفرطة، وتشكل رؤية في العالم. و قد تساوق ذلك مع وجود سياق تاريخي لهذا البلد، كان مهيئًا أكثر من أي تجربة أخرى لتطوير هذا النموذج. وهذا النموذج يقوم - حسب بورديو - على ثلاثة مبادئ: أولًا، فصل الاقتصادي عن الاجتماعي، بما يعني أن القوانين المتحكمة في الاقتصاد هي قوانين كونية وطبيعية ولا دخل فيها للحسابات الاجتماعية ولتكاليفها ولإكراهاتها. المبدأ الثاني، هو فلسفة السوق، والتي تعني أن قوانين النموذج النيوليبرالي تقوم على كون السوق هو مجال التبادل وفق نظرية العرض والطلب بدون تدخل أي أحد. ويكفي أن نصور مشهد تحول الخدمات العمومية كالصحة والتعليم والثقافة إلى خدمات تجارية تخضع لقوانين العرض والطلب، مثلما هي الحال في نظام السوق، والنتيجة من يدفع يستفيد من هذه الخدمات ومن لا يدفع يموت.
وثالثًا المبدأ المتعلق بموضوع ورقتنا، هو الكوكبة أو العولمة (Globalization)، والتي تعني تخلي الدولة أو التخفيف من دعمها للقطاعات الاجتماعية والصحية والحمائية وتوفير الشغل ودعم الفئات الهشة والمهمشة والفقيرة (بوردو، 1999، بتصرف كبير). ويمكن أن نضيف مبدأً رابعًا تولد عن تلك المبادئ، وهو مجتمع الاستهلاك، والذي يعني استهلاك وتسليع كل شيء بما فيها القيم الثقافية، فعند الحديث عن قيمة الاستهلاك، والتي تختلف عن الاستهلاك الذي كان سائدًا في الماضي-، يمكن القول إنه أصبح من دون هدف ومن دون معنى, الأن مجتمع ما بعد الحداثة يفعل طاقات أعضائه باعتبارهم مستهلكين لا منتجينب (زيغموند باومان، 2016)، بالطبع هذا النموذج المتوحش في التنمية، أو كما يسمى في بعض الأدبيات (النيو-دوينية Néo-darwenisme)، أفرز العديد من المظاهر الاقتصادية، أن 20 في المئة من سكان العالم يستهلكون وينتجون 82.7 في المئة من الثروة، في حين الباقي، أي حوالي 80 في المئة من مجموعة سكان العالم، لا ينتج ولا يستهلك سوى 17.3 في المئة. وهو ما يعمق اللامساواة الاجتماعية ويزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرًا، هذا علاوة على تقلص دور الفاعلين السياسيين، وتراجع التزامات الدولة في القطاعات الاجتماعية، وابتلاع الشركات المتعددة الجنسيات للسيادة الوطنية، بما يهدد سيادة الدول واستقلالها.
إن سياق هذا التحليل يجعلنا نفهم كيف تعاملت اأقوىب دولة في العالم مع تبعات جائحة كورونا، حيث تشير الإحصائيات المؤقتة وغير النهائية إلى أن عدد الوفيات قد تجاوز 70 ألف وفاة، هذا فضلًا عن تفاقم عدد الفقراء والذي وصل إلى أزيد من 30 مليون مواطن، والذي يمس الأقليات الأفرو - أمريكية، والمهمشة، التي لا تتوفر على مهن عليا ومهن مستقرة.
وهناك بعض الإحصائيات التي تتحدث عن كون الأمريكيين من أصول إفريقية هم أكثر عرضة للوفاة من البيض، فمثلًا في ولاية ميشتغان، تجاوزت نسبة الوفيات في صفوف الأمريكيين من أصول إفريقية 40 في المئة، رغم أنهم لا يشكلون سوى 14 في المئة من مجموع السكان. إن هذا المثال، يصدق عليه ما ذكره تشومسكي: العبة النيوليبرالية... حيث تضع الربح فوق الشعبب. ربما من خلال هذا المثال، - والذي لا يشكل سوى عينة بسيطة من واقع مركب -، نفهم كيف تسابق الأمريكيون لشراء الأسلحة والتموين، فالتموين الغذائي يبدو معقولًا ومقبولًا، ولأنه يعكس تخوفات السكان من فقدانها، بينما التهافت على شراء الأسلحة يبدو مفارقًا، ففي دراسة (بورديو السابقة: THE SOCIAL PHILOSOPHY OF NEO-LIBERALISM،1999)، أشار إلى أن عدد الأمريكيين الذين يتوفرون على أسلحة (70 مليونًا)، وهو رقم مقلل من عدة أوجه، لكنه مخيف من حيث أنه ينزع عن الدولة صفتها الاحتكارية للعنف.
اعتبارًا لكل ما سبق، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن يدور في فلكها ومن يتشبث بالنظام النيوليبيرالي في التنمية، سيجد نفسه أمام عدة مفارقات بل وإشكالات ستؤثر على مستقبل الانتخابات في هذا البلد تحديدًا، حيث يمكن توقع أن تجربة اترامبب في الحكم، بينت وجهًا متوحشًا لهذه الدولة، لا في التعاطي مع جائحة كورونا ولا في ملفات أخرى، وهو ما يدفع في اتجاه بروز حركات اجتماعية وفاعلين سياسيين معارضين لهذا النموذج اللاتنموي والمدمر للإنسان والبيئة والجميع.
ثالثًا: أي نموذج تنموي للمنطقة
العربية لمواجهة تداعيات ما بعد «كورونا»؟
كاختيار منهجي إجرائي، يمكن تصنيف الدول العربية إلى ثلاثة مستويات من التنمية، ليس حسب مؤشرات التنمية البشرية الرسمية، بل حسب تصنيفي الخاص والشخصي، هناك دول الخليج التي تستفيد من عائدات النفط، وهي على العموم في وضعية اأحسنب من بقية دول المنطقة، وهناك دول المتوسطة، كالمغرب وتونس ومصر والجزائر (هناك مفارقة حيث هي من الدول المصدرة للنفط والغاز لكنها لا تتمتع بمستوى تنموي رائد)، وهناك الدول التي تعاني من حروب ومجاعات كالسودان واليمن وسورية، والتي تعيش ظروفًا صعبة جدًا، ليس بسبب الوباء المستجد كوفيد 19، ولكن بسبب الحروب الأهلية أو الإقليمية. على أي فكل صنف من هذه الأصناف له نموذجه التنموي الخاص به، قد يقترب أو يبتعد من مفهوم دولة الرعاية أو من مفهوم النيوليبرالية، مما يدفع بالقول إلى وجود ضبابية في المشروع التنموي حتى الساعة. بدليل أن بعض التجارب التي كانت قد جربت صيغة التخفيف من تدخل الدولة في القطاعات الاجتماعية، وأدى بها إلى تداعيات كارثية على مؤشراتها التنموية (مثلًا المغرب، 123 في سلم التنمية البشرية). ولفهم ذلك نجد المقولة التالية: اكلما كان حضور الدولة أقل، كان ذلك أحسن (Moins dصEtat mieux dصEtat)، لكنه لم ينجح أيضًا في النهوض بأعباء ومتطلبات التنمية، وربما بسبب ذلك يمكن أن نفهم إعادة الاعتبار لدور الدولة، باعتباره محوريًا لتحقيق النمو المستديم في إطار ما يعرف بنظريات النمو الداخلي، التي تعتمد ميكانيزمات اقتصادية لتفسير النمو في الأمد الطويلب (الغوث ولد الطالب، 2010).
لكن من المؤكد أن أغلب الدول ستكون بعد أزمة اكوروناب مدعوة للبحث والتساؤل عن أي نموذج تنموي تواجه به التحديات والتطلعات الكثيرة لشعوبها. في هذا السياق يقدم لنا تقرير التنمية البشرية الصادر سنة 2013، نموذجًا عمليًا وأكاديميًا عن مفهوم جديد للدولة، حيث يتحدث التقرير عن التجارب الناجحة في مجالات التنمية، في دول الجنوب، معززًا معطياته بإطار نظري ونموذج تفسيري، يقوم على فلسفة الدولة الإنمائية، التي تقود عملية التحول التنموي. في هذا الصدد نقرأ في التقرير ما يلي: اظهرت الأدبيات الحديثة حول الدولة الإنمائية، على إثر تجارب اقتصادات شرق آسيا التي حققت المعجزات، اليابان قبل الحرب العالمية الثانية، ومقاطعة تايوان الصينية وسنغافورة وجمهورية كوريا ومنطقة هونغ كونغ - الصين (منطقة إدارية) في النصف الثاني من القرن العشرين. وأخيرًا تعتبر الصين وفيتنام (وكذلك كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية) من الدول الإنمائيةب (تقرير التنمية البشرية، 2013).
أما عن مميزات هذا المفهوم، فهو ما يمكن قراءته في التفسير التالي: اوسمات الدول الإنمائية: تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال المعاملة التفضيلية الواضحة لبعض القطاعات، ووجود قيادة ذات كفاءة، ووضع المؤسسات العامة والقوية في صلب الاستراتيجيات الإنمائية، ووضوح الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، واكتساب الشرعية السياسية من الأداء في التنميةب. وحتى لا يفهم البعض أن الدولة الإنمائية دولة تقليدية ـــــــ عندما تركز على دور الدولة المحوري ــــــ أو حتى تسلطية (كما هو الشأن في بعض التجارب الآسيوية التي حققت نواتج تنموية مقدرة)، أو دولة الرعاية اlصÉtat-providenceب، فإن الدولة الإنمائية تقوم على فلسفة للتنمية واضحة تستحضر كل الأبعاد، سواء المادية أو اللامادية أو ما يسمى بالرأسمال اللامادي.
وهكذا نجد في التوضيح التالي ما يزيل الكثير من التشويش: اففي العديد من البلدان النامية ذات الأداء المتميز، تضطلع الدولة بدور مختلف عن دور دول الرعاية التقليدية، التي تكتفي بتصحيح إخفاقات السوق وبناء شبكات أمان اجتماعي، بينما تشجع النمو بفعل قوى السوق. أما الدولة الإنمائية الفاعلة، فهي المعنية بإطلاق عملية التحول في حياة المواطنين وبرصدها، وبدلًا من أن تكــون هذه الدولة صديقة للسوق فحسب، تكون صديقة للتنمية، والبلدان التي لديها برامج اجتماعية مبتكرة وقوية، تكون في أحيان كثيرة صديقة للمواطن أيضًا. وهذا التطور ضروري في الواقع، للانتقال من التركيز على النمو إلى التركيز على التنمية البشريةب.
لذا نعتقد أن أهم درس يمكن أن تستفيد منه الدول العربية، هو بلورة نموذج تنموي يقيم توازنًا خلاقًا بين السوق وبين التنمية، بين مجتمع الوفرة وفلسفة التقشف، بين الانفتاح على العالم وبناء القدرات الذاتية، بين تعزيز الحريات الفردية وضمان الحريات الجماعية بما فيها ترسيخ قيم التضامن، وأخيرًا تنمية مستدامة لا تهلك لا الحرث ولا النسل، أي تنمية محافظة على البيئة ■
دول الخليج العربي أمنت العديد من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والبنيات التحتية