قلعة أمركو أو طائر السمّان.. من مآثر العمارة الحربية للمرابطين في شمال إفريقيا

قلعة أمركو أو طائر السمّان..  من مآثر العمارة الحربية للمرابطين  في شمال إفريقيا

تدلُّ‭ ‬المآثرُ‭ ‬التاريخيةُ‭ ‬على‭ ‬عُمقٍ‭ ‬تاريخيّ‭ ‬وثقافيّ‭ ‬متنوع‭ ‬ضارب‭ ‬في‭ ‬الأصالة‭ ‬والعراقة،‭ ‬وتعبّر‭ ‬عن‭ ‬حضارة‭ ‬أمم‭ ‬مرّت‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأماكن‭ ‬وتركت‭ ‬بصماتها،‭ ‬وتُعَدُّ‭ ‬مداخل‭ ‬المدن‭ ‬وقمم‭ ‬الجبال‭ ‬الأماكن‭ ‬المفضلة‭ ‬لبناء‭ ‬الحصون‭ ‬والقلاع،‭ ‬ومنها‭ ‬قلعة‭ ‬أمركو‭ ‬وسط‭ ‬المغرب،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تصنيفها‭ ‬تراثًا‭ ‬عالميًا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1930،‭ ‬وسنتناول‭ ‬قيمتها‭ ‬التاريخية‭ ‬وأهم‭ ‬خصائصها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭. ‬

    ‬قلعة‭ ‬أمركو،‭ ‬وتعني‭ ‬بالأمازيغية‭ ‬طائر‭ ‬السمّان،‭ ‬وقد‭ ‬سميّت‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬نظرًا‭ ‬لوجود‭ ‬القلعة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬عبور‭ ‬هذا‭ ‬الطائر‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الهجرة‭ ‬من‭ ‬أوربا‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬وتعدّ‭ ‬واحدةً‭ ‬من‭ ‬الحصون‭ ‬التي‭ ‬بناها‭ ‬المرابطون‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬دورًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬في‭ ‬صد‭ ‬عدوان‭ ‬الثوار‭ ‬والمتمردين،‭ ‬ومواجهة‭ ‬هجوم‭ ‬الموحدين،‭ ‬سنة‭ ‬1145‭ ‬هجرية،‭ ‬حيث‭ ‬احتمى‭ ‬بها‭ ‬المرابطون‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬عبدالمؤمن‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬عـــلى‭ ‬حاضــــرة‭ ‬فاس،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تستسلم‭ ‬هذه‭ ‬القلعـــة‭ ‬المنيـــعـــة‭ ‬إثر‭ ‬حصار‭ ‬عنيف،‭ ‬وقد‭ ‬استعادت‭ ‬دورها‭ ‬الدفاعي،‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي‭ ‬للمغرب،‭ ‬حيث‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬الفرنســـيون‭ ‬ضد‭ ‬ثوار‭ ‬المجـــاهد‭ ‬عــــبدالكريم‭ ‬الخطابي،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬أنوال‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬1921‭.‬

‭ ‬ذُكِرَت‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ،‭ ‬ومنها‭ ‬كتاب‭ ‬وصف‭ ‬إفريقيا‭ ‬للحسن‭ ‬الوزان،‭ ‬حيث‭ ‬يذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬تأسيسها‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬الرومان،‭ ‬مستدلًا‭ ‬بوجود‭ ‬بعض‭ ‬الكتابات‭ ‬اللاتينية‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬القلعة‭ ‬وأسوارها،‭ ‬

كما‭ ‬أنَّ‭ ‬الشكل‭ ‬الهنـــدسـيّ‭ ‬الـعام‭ ‬يأخــــذ‭ ‬الطابــع‭ ‬الرومــاني،‭ ‬ولا‭ ‬يختـــلـف‭ ‬كثيــــــرًا‭ ‬عن‭ ‬مدينة‭ ‬وليـــلي‭ ‬فــي‭ ‬منطقة‭ ‬مكناس‭ ‬وسط‭ ‬المغرب‭.‬

  ‬ومع‭ ‬تطوّر‭ ‬الدراســات‭ ‬الأركيولوجية‭ ‬الجديدة،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬أثبتوا‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬الحضارة‭ ‬الرومانية‭ ‬أو‭ ‬البرتغالية‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬مــن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عهود‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام،‭ ‬وإنّما‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬العهد‭ ‬المرابطــــي‭ ‬الــــذي‭ ‬حكَــم‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1056‭ ‬و1147‭ ‬للميلاد،‭ ‬وامتدت‭ ‬أطرافها‭ ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬واسعة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلــسي‭ ‬غربًا‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬شنقيط‭ ‬وحوض‭ ‬نهر‭ ‬السنغال‭ ‬جـــنوبًا،‭ ‬وقد‭ ‬تجاوزت‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬لتشمل‭ ‬مناطق‭ ‬في‭ ‬الأندلس‭.‬

‭ ‬وتعدّ‭ ‬قلعة‭ ‬أمركو‭ ‬أحد‭ ‬معالم‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬القوية،‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشــر‭ ‬الميلادي،‭ ‬وهكذا‭ ‬بعدما‭ ‬كان‭ ‬يُعتَقَدُ‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬الحضارات‭ ‬السابقة،‭ ‬لما‭ ‬قبل‭ ‬انتشار‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بسبب‭ ‬هندسة‭ ‬أبراجها‭ ‬الدائرية‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬العمارة‭ ‬اللاتينية،‭ ‬تبيّنَ‭ ‬أنها‭ ‬إرثٌ‭ ‬حضاريّ‭ ‬وإسلاميّ‭ ‬أصيل،‭ ‬لعلّه‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬السابقة‭ ‬وطوّر‭ ‬أدواته‭ ‬لتصميم‭ ‬بناء‭ ‬عسكري‭ ‬يستجيب‭ ‬لحاجة‭ ‬البقاء‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭.‬

 

قلعة‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬قمة‭ ‬جبلية

  ‬تقع‭ ‬قلعة‭ ‬أمركو‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬قمة‭ ‬جبلية‭ ‬بإقليم‭ ‬تاونات،‭ ‬وسط‭ ‬المغرب،‭ ‬حيث‭ ‬تطلّ‭ ‬على‭ ‬هضبة‭ ‬ورغة،‭ ‬على‭ ‬بُعد‭ ‬50‭ ‬كيلومترًا‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬مدينة‭ ‬فاس،‭ ‬وغير‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬قبر‭ ‬أحد‭ ‬الصالحين،‭ ‬وهو‭ ‬الولي‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى‭ ‬الخمار،‭ ‬قرب‭ ‬قرية‭ ‬بامحمد،‭ ‬وهو‭ ‬موقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬يحظى‭ ‬بأهمية‭ ‬عسكرية‭ ‬كبيرة،‭ ‬نظرًا‭ ‬لوجوده‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬مرتفع‭ ‬وقريب‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المدن،‭ ‬حيث‭ ‬يوفّر‭ ‬الحماية‭ ‬ويردّ‭ ‬العدوان،‭ ‬كما‭ ‬يستطيع‭ ‬الجنود‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الغذاء‭ ‬الوفير‭ ‬لقرب‭ ‬الموقع‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬والبساتين‭ ‬ومنابع‭ ‬الماء‭ ‬العذب‭ ‬ومسالك‭ ‬الطريق‭.‬

    ‬تشْغَلُ‭ ‬هذه‭ ‬المعلمة‭ ‬العسكرية‭ ‬كامل‭ ‬مساحة‭ ‬أعلى‭ ‬الجبل،‭ ‬حيث‭ ‬تلتصق‭ ‬أسوار‭ ‬القلعة‭ ‬بجوانب‭ ‬الجبل‭ ‬المرتفع‭ ‬وانحداراته‭ ‬الشديدة،‭ ‬مما‭ ‬يذكِّرنا‭ ‬ببعض‭ ‬القلاع‭ ‬المُشابهة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الأندلس،‭ ‬وتمتدّ‭ ‬مساحة‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬تقريبًا‭ ‬1.4‭ ‬هكتار،‭ ‬تأخذ‭ ‬شكلًا‭ ‬مستطيلًا،‭ ‬طوله‭ ‬225‭ ‬مترًا،‭ ‬وعرضه‭ ‬حوالي‭ ‬62‭ ‬مترًا،‭ ‬لها‭ ‬ثلاثةُ‭ ‬أبواب،‭ ‬ويُحيط‭ ‬بها‭ ‬سورٌ‭ ‬مبنيّ‭ ‬من‭ ‬الحِجارة،‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬14‭ ‬برجًا‭ ‬دائريًا،‭ ‬ويضمُّ‭ ‬أربعةَ‭ ‬أبوابٍ‭.‬

والملاحظ‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬تتوفّرُ‭ ‬على‭ ‬تحصينين؛‭ ‬الأول‭ ‬داخلي‭ ‬وهو‭ ‬القصبة‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬الأصلية‭ ‬القديمة،‭ ‬وتحتوي‭ ‬على‭ ‬مخازن‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬لتخزين‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬وتجميع‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار،‭ ‬وبها‭ ‬كذلك‭ ‬آثار‭ ‬بنايات‭ ‬قديمة‭ ‬متهدّمة،‭ ‬أما‭ ‬التحصين‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬خارجي‭ ‬يبلغ‭ ‬سُمك‭ ‬سوره‭ ‬حوالي‭ ‬1,45‭ ‬مترًا،‭ ‬وقد‭ ‬بُنِيَ‭ ‬فيه‭ ‬الباب‭ ‬الرئيسي‭ ‬للقلعة‭ ‬بمادة‭ ‬الآجور،‭ ‬وهذا‭ ‬المدخل‭ ‬عبارةٌ‭ ‬عن‭ ‬قوسٍ‭ ‬مُحَدّب‭ ‬الشّكل،‭ ‬يشبه‭ ‬العمارة‭ ‬الرومانية‭ ‬القديمة،‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬قاعة‭ ‬رئيسة‭ ‬مستطيلة‭ ‬الشكل،‭ ‬تنفتح‭ ‬على‭ ‬قاعة‭ ‬أخرى‭ ‬مربّعة،‭ ‬وفي‭ ‬الوسط،‭ ‬توجد‭ ‬قاعة‭ ‬ثالثة‭ ‬كانت‭ ‬مخصصة‭ ‬لسكن‭ ‬قائد‭ ‬الجيش،‭ ‬وتوجد‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬أيضًا‭ ‬آثار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المطامير‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مُعدّة‭ ‬لإخفاء‭ ‬الأسلحة‭ ‬وغيرها‭ ‬مما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬القلعة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬حياة‭ ‬سكانها‭.‬

 

القيمة‭ ‬التاريخية‭ ‬والاستثمار‭ ‬السياحي

  ‬نظرا‭ ‬لأهمية‭ ‬موقع‭ ‬القلعة‭ ‬المرتفع‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬قمة‭ ‬الجبل،‭ ‬فإنَّ‭ ‬ذلك‭ ‬يسمحُ‭ ‬بمنعِ‭ ‬كل‭ ‬اقتحام‭ ‬أو‭ ‬تهديد،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬حصنًا‭ ‬منيعًا،‭ ‬وإرثًا‭ ‬حضاريًا‭ ‬يؤرّخ‭ ‬لحقبة‭ ‬مهمّة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬العسكري‭ ‬والجهاد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬البلاد‭ ‬واستقرارها‭.‬

‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬عدة‭ ‬قرون‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬المَعْلمة‭ ‬التاريخية،‭ ‬فإنها‭ ‬ظلت‭ ‬صامدةً‭ ‬بوجه‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الصّعبة‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الجبل،‭ ‬حيث‭ ‬شدّة‭ ‬الرياح‭ ‬وكثافة‭ ‬عوامل‭ ‬التعرية‭ ‬وآثار‭ ‬التخريب‭ ‬والدمار‭ ‬الذي‭ ‬تعرّضت‭ ‬له‭ ‬عبر‭ ‬الزمن،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬تفكّر‭ ‬في‭ ‬ترميمها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شرعت‭ ‬فيه‭ ‬بالفعل،‭ ‬بانطلاق‭ ‬أشغال‭ ‬صيانة‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬هذه‭ ‬القلعة،‭ ‬بإنجاز‭ ‬ترميمات‭ ‬شملت‭ ‬الأسوار‭ ‬والجدران‭ ‬والأبواب‭ ‬والأبراج‭ ‬وكل‭ ‬مرافق‭ ‬هذا‭ ‬الحصن‭ ‬التاريخي،‭ ‬ليستعيد‭ ‬بعض‭ ‬مجده‭ ‬القديم‭. ‬

    ‬واليوم،‭ ‬تعدّ‭ ‬قلعة‭ ‬أمركو‭ ‬أو‭ ‬طائر‭ ‬السمان،‭ ‬حَسَبَ‭ ‬اللسان‭ ‬الأمازيغي‭ ‬المحلّي،‭ ‬فضاءً‭ ‬أثيرًا‭ ‬للسياح،‭ ‬نظرًا‭ ‬لقربه‭ ‬من‭ ‬مدينتي‭ ‬فاس‭ ‬وتاونات،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬جغرافيّ‭ ‬يسمح‭ ‬برؤية‭ ‬الأفق‭ ‬البعيد،‭ ‬حيث‭ ‬مدّ‭ ‬البصر‭ ‬السّاحر،‭ ‬الذي‭ ‬يطلّ‭ ‬على‭ ‬سدّ‭ ‬الوحدة،‭ ‬أكبر‭ ‬سدّ‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬وثاني‭ ‬أكبر‭ ‬سد‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بعد‭ ‬السد‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬حيث‭ ‬يُرى‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬مشهد‭ ‬بحيرة‭ ‬شاسعة‭ ‬الأطراف‭ ‬تمتد‭ ‬على‭ ‬عشرات‭ ‬الكيلومترات‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬وسماء‭ ‬زرقاء،‭ ‬وحقول‭ ‬خضراء،‭ ‬مما‭ ‬يؤهل‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬لاستقبال‭ ‬آلاف‭ ‬الزوار‭ ‬والمستكشفين‭ ‬والمغامرين،‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬وخارجه،‭ ‬حيث‭ ‬شموخ‭ ‬التاريخ‭ ‬وصمود‭ ‬العمران‭ ‬المتين‭ ‬أمام‭ ‬جبروت‭ ‬الطبيعة‭ ‬وقوة‭ ‬الإرادة‭ ‬البشرية‭.‬

  ‬أخيرًا،‭ ‬إن‭ ‬صيانة‭ ‬المآثر‭ ‬التاريخية‭ ‬للحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬تُعتَبرُ‭ ‬حمايةً‭ ‬للذاكرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬ولمجدِ‭ ‬أمّةٍ‭ ‬مُجاهِدة،‭ ‬وكفاح‭ ‬شعب‭ ‬ضد‭ ‬الاستعباد،‭ ‬فلا‭ ‬يخفى‭ ‬أنَّ‭ ‬عظمة‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تقاس‭ ‬بحاضرها‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضًا‭ ‬بما‭ ‬تختزنه‭ ‬أرضها‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬التراث‭ ‬والآثار‭ ‬التي‭ ‬تُذكّر‭ ‬بأحداث‭ ‬ومفاخر‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬الإحسان،‭ ‬وسيادة‭ ‬قيم‭ ‬الإتقان‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسلامي،‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬بفضل‭ ‬التزامه‭ ‬بأخلاق‭ ‬الإسلام‭ ‬التي‭ ‬تحثّ‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الأوطان‭ ‬وإشاعة‭ ‬قيم‭ ‬العمل‭ ‬والبناء،‭ ‬فكانت‭ ‬نهضة‭ ‬الفنون‭ ‬والصنائع‭ ‬والحرف‭ ‬والأعمال‭ ‬اليدوية‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬العمران،‭ ‬بفضل‭ ‬إنسانٍ‭ ‬أبدع‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬وبالَغ‭ ‬في‭ ‬الجودة‭ ‬والإتقان،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬مكّنته‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬قلعة‭ ‬في‭ ‬أصعب‭ ‬مكان‭ ‬للبناء،‭ ‬وهو‭ ‬قمة‭ ‬جبل‭ ‬معرَّض‭ ‬للرياح‭ ‬الدائمة‭ ‬وانجرافات‭ ‬التربة‭ ‬وعوامل‭ ‬الهدم‭ ‬والدمار،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬والتحديات،‭ ‬استطاع‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬بناء‭ ‬حصن‭ ‬منيع،‭ ‬بقيت‭ ‬معالمه‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬السواعد‭ ‬عندما‭ ‬تريد‭ ‬إعلاء‭ ‬كلمة‭ ‬الله،‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬ينصرُ‭ ‬مَنْ‭ ‬ينصره■

قلعة‭ ‬أمركو‭ ‬أعلى‭ ‬قمة‭ ‬جبلية‭ ‬بإقليم‭ ‬تاونات‭ ‬وسط‭ ‬المغرب