صورة الضَرير في السينما المصرية

صورة الضَرير  في السينما المصرية

لم‭ ‬تبتعد‭ ‬السينما‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬تصويرها‭ ‬لشخصية‭ ‬الضرير‭ ‬وفي‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬هواجسه‭ ‬وأحاسيسه،‭ ‬وما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬مختلفة‭ ‬عمّا‭ ‬اعتاده‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬علاقاته‭. ‬واستفادت‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬فاقد‭ ‬البصر،‭ ‬لما‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خصوصية‭ ‬شديدة،‭ ‬يفضي‭ ‬توظيفها‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المفارقات‭ ‬الدرامية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬حسّ‭ ‬إنساني‭ ‬مختلف؛‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬النقيصة‭ ‬اللافتة‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬إصابة‭ ‬بدنية‭ ‬أخرى‭. ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬اهتمام‭ ‬السينما‭ ‬بتوظيف‭ ‬شخصية‭ ‬الضرير‭ ‬لما‭ ‬يفرزه‭ ‬وجودها‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬وأحداث‭ ‬ومفاجآت‭ ‬مدهشة‭.‬

‭ ‬وعبرت‭ ‬الأفلام‭ ‬الروائية‭ ‬عن‭ ‬الشخص‭ ‬المصاب‭ ‬بفقدان‭ ‬البصر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المصداقية،‭ ‬فالكفيف‭ ‬هو‭ ‬المحبوب،‭ ‬والمحبّ،‭ ‬والشاعر،‭ ‬والمعلم،‭ ‬والمغني،‭ ‬والشحاذ،‭ ‬والفقير،‭ ‬والثري،‭ ‬والعفيف،‭ ‬والأديب،‭ ‬والرومانسي‭... ‬إلخ‭. ‬وجسّد‭ ‬شخصية‭ ‬الكفيف‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬النجوم‭ ‬القدامى‭ ‬والمعاصرين،‭ ‬أمثال‭: ‬ليلى‭ ‬مراد،‭ ‬وفاتن‭ ‬حمامة،‭ ‬وعماد‭ ‬حمدي،‭ ‬ومديحة‭ ‬يسري،‭ ‬وسميرة‭ ‬أحمد،‭ ‬وعادل‭ ‬إمام،‭ ‬ومحمود‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬ومحمود‭ ‬ياسين،‭ ‬وأحمد‭ ‬زكي‭... ‬وغيرهم‭. ‬والكفيف‭ ‬هو‭ ‬فاقد‭ ‬البصر،‭ ‬والضرير‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬فقد‭ ‬البصر‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬بينما‭ ‬الأكمه‭ ‬من‭ ‬وُلد‭ ‬فاقد‭ ‬الإبصار‭. ‬

‭ ‬تتناول‭ ‬السينما‭ ‬عادة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬البصر‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬من‭ ‬طرائق‭ ‬الحبكة‭ ‬الدرامية‭ ‬للفيلم،‭ ‬حيث‭ ‬تتعرض‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬لمآزق‭ ‬ومواقف‭ ‬درامية،‭ ‬تقوم‭ ‬حولها‭ ‬الأحداث‭ ‬وتتخاصر‭ ‬حولها‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأخرى‭ ‬داخل‭ ‬السرد‭ ‬الفيلمي،‭ ‬وقد‭ ‬تكشف‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬عن‭ ‬جوهر‭ ‬المقربين‭ ‬ونواياهم،‭ ‬أو‭ ‬حب‭ ‬المحيطين‭ ‬وصدقهم،‭ ‬وقد‭ ‬يكتشف‭ ‬الشخص‭ ‬المصاب‭ ‬بنفسه‭ ‬ولاء‭ ‬الآخرين‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬فسادهم‭ ‬الأخلاقي‭. ‬

‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬شخصية‭ ‬الضرير‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬ليلى‭ ‬في‭ ‬الظلام‮»‬‭ (‬1944‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬توجو‭ ‬مزراحي‭ ‬وبطولة‭ ‬ليلى‭ ‬مراد،‭ ‬وتتعرض‭ ‬ليلى‭ ‬لحادث‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬بصرها،‭ ‬وتُخفي‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬خطيبها‭ ‬حسين‭ (‬حسين‭ ‬صدقي‭) ‬وتسعى‭ ‬جاهدة‭ ‬للابتعاد‭ ‬عنه‭ ‬والظهور‭ ‬بصورة‭ ‬مغايرة‭ ‬للحقيقة،‭ ‬فتوهمه‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحبه‭ ‬وأنها‭ ‬ستتزوج‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬آخر،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتورط‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬منها،‭ ‬لكنه‭ ‬يكتشف‭ ‬حيلتها‭ ‬ويرفض‭ ‬أن‭ ‬يبتعد‭ ‬عنها‭. ‬يطرح‭ ‬الفيلم‭ ‬رؤية‭ ‬متكاملة‭ ‬عن‭ ‬ثيمة‭ ‬الحب‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الإخلاص‭ ‬والارتباط‭ ‬الروحي‭ ‬الذي‭ ‬يستمر‭ ‬مدى‭ ‬الحياة،‭ ‬وتظل‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬بها‭ ‬مجرد‭ ‬اختبار‭ ‬للحبيبين،‭ ‬ويأتي‭ ‬الاختبار‭ ‬الأكبر‭ ‬بفقدان‭ ‬البصر،‭ ‬لذلك‭ ‬فالفيلم‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬الحب‭ ‬والتضحية‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬الظروف،‭ ‬وتم‭ ‬توظيف‭ ‬فكرة‭ ‬فقدان‭ ‬البطلة‭ ‬لبصرها،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصيب‭ ‬المرء‭ ‬هو‭ ‬فقدانه‭ ‬نعمة‭ ‬الإبصار،‭ ‬تأكيدًا‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬المتينة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الشخصين‭. ‬فعبّرت‭ ‬الأحداث‭ ‬عن‭ ‬هُيام‭ ‬المحب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يهجر‭ ‬محبوبه‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬به‭ ‬الظروف‭. ‬

 

الأثر‭ ‬النفسي‭ ‬لفاقد‭ ‬البصر

‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬شمس‭ ‬لا‭ ‬تغيب‮»‬‭ (‬1959‭) ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬وإخراج‭ ‬حسين‭ ‬حلمي،‭ ‬عن‭ ‬الأثر‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصيب‭ ‬فاقد‭ ‬البصر،‭ ‬فتتعرض‭ ‬سهى‭ (‬زبيدة‭ ‬ثروت‭) ‬لحادث‭ ‬إثر‭ ‬وقوعها‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬ربوة‭ ‬عالية‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فقدانها‭ ‬البصر،‭ ‬فيتخلى‭ ‬عنها‭ ‬خطيبها،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تصدم‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬وترفض‭ ‬إجراء‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية‭ ‬التي‭ ‬يقنعها‭ ‬بها‭ ‬الطبيب‭ (‬كمال‭ ‬الشناوي‭)‬،‭ ‬ومما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬صدمتها‭ ‬تعرضها‭ ‬لموقف‭ ‬سيئ‭ ‬من‭ ‬خطيبها‭ ‬السابق،‭ ‬فترفض‭ ‬العملية‭ ‬مجددًا‭ ‬وترفض‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬الطبيب‭ ‬الذي‭ ‬أحبها‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬لها‭ ‬العملية‭ ‬سرًا،‭ ‬وهكذا‭ ‬يسبر‭ ‬الفيلم‭ ‬أغوار‭ ‬الأساة‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬مختلفة،‭ ‬ويلقي‭ ‬النظر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬المصاب‭ ‬بفقدان‭ ‬البصر‭ ‬من‭ ‬أناس‭ ‬معدومي‭ ‬الضمائر‭. ‬

‭ ‬أما‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬قصة‭ ‬حب‮»‬‭ (‬2019‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عثمان‭ ‬أبو‭ ‬لبن،‭ ‬ويعتبر‭ ‬أحدث‭ ‬الأفلام‭ ‬الروائية‭ ‬التي‭ ‬وظّفت‭ ‬شخصية‭ ‬الكفيف،‭ ‬فيتناول‭ ‬قصة‭ ‬يوسف‭ (‬أحمد‭ ‬حاتم‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬شاب‭ ‬ضرير‭ ‬يلتقي‭ ‬جميلة‭ (‬هنا‭ ‬الزاهد‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬به‭ ‬وترعاه،‭ ‬وتبدأ‭ ‬خيوط‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬حقيقية‭ ‬بينهما،‭ ‬وتكشف‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬يتعرضان‭ ‬لها‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬العلاقة،‭ ‬وهو‭ ‬فيلم‭ ‬رومانسي‭ ‬يضع‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ذاتها‭ ‬عبر‭ ‬سؤال‭ ‬فلسفي‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬والحياة،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الحبيب‭ ‬فاقدًا‭ ‬للبصر،‭ ‬هو‭ ‬الاختبار‭ ‬الأكبر‭ ‬لكليهما‭. ‬ويتشكل‭ ‬عالم‭ ‬الفيلم‭ ‬بأجواء‭ ‬الرومانسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الألوان‭ ‬الناعمة‭ ‬وانتشار‭ ‬النباتات‭ ‬التي‭ ‬تفيض‭ ‬تفاؤلًا‭ ‬وحبًا،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬كسب‭ ‬تعاطف‭ ‬المشاهد‭ ‬مع‭ ‬الشخصيات‭ ‬ومصائرها‭.‬

‭ ‬بين‭ ‬الفيلمين،‭ ‬‮«‬ليلى‭ ‬في‭ ‬الظلام‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬و«قصة‭ ‬حب‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬عدة،‭ ‬وما‭ ‬قام‭ ‬عليهما‭ ‬الفيلمان‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬رومانسية‭ ‬تتكئ‭ ‬على‭ ‬فقدان‭ ‬البطل‭ ‬لبصره،‭ ‬كاختبار‭ ‬عميق‭ ‬لمدى‭ ‬جديّة‭ ‬الارتباط‭ ‬وحقيقة‭ ‬الأحاسيس‭ ‬لدى‭ ‬الشخصيات،‭ ‬جاءت‭ ‬الأفلام‭ ‬الأخرى‭ ‬معبّرة‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬عما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬الضرير‭ ‬أو‭ ‬المصاب‭ ‬بفقدان‭ ‬البصر‭ ‬من‭ ‬حب‭ ‬وضغائن،‭ ‬وحنو‭ ‬ومؤامرات،‭ ‬وتعاطف‭ ‬ومكر‭... ‬إلخ،‭ ‬فقد‭ ‬تنوعت‭ ‬الأفلام‭ ‬المعنية‭ ‬بصورة‭ ‬الكفيف‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬القصص‭ ‬الرومانسية،‭ ‬فتوزعت‭ ‬بين‭ ‬الأكشن،‭ ‬والفانتازيا،‭ ‬والصراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المال‭... ‬إلخ‭. ‬وعبرت‭ ‬عن‭ ‬الوجدان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬والصورة‭ ‬والموسيقى‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬صاغت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الشخصيات‭.‬

 

صراع‭ ‬العلم‭ ‬والجهل‭ ‬والمرض‭ ‬

‭ ‬يتناول‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬قنديل‭ ‬أم‭ ‬هاشم‮»‬‭ (‬1968‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬كمال‭ ‬عطية،‭ ‬مشكلة‭ ‬فقدان‭ ‬البصر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬ينشأ‭ ‬بين‭ ‬العلم،‭ ‬والجهل،‭ ‬والمرض،‭ ‬والمعتقد‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬خطأ‭ ‬بالدين،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصية‭ ‬إسماعيل‭ (‬شكري‭ ‬سرحان‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬تعلم‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ويقيم‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬السيدة‭ ‬زينب‭ ‬الشعبي،‭ ‬ويتسم‭ ‬أهل‭ ‬الحي‭ ‬بحب‭ ‬آل‭ ‬البيت،‭ ‬ويجاورون‭ ‬مسجد‭ ‬السيدة‭ ‬زينب‭. ‬يلاحظ‭ ‬إسماعيل‭ ‬كثرة‭ ‬إصابة‭ ‬الأهالي‭ ‬بأمراض‭ ‬الرمد،‭ ‬ويسعى‭ ‬لعلاجهم،‭ ‬فيكتشف‭ ‬أنها‭ ‬بسبب‭ ‬استخدامهم‭ ‬لزيت‭ ‬القنديل‭ ‬الذي‭ ‬يحصلون‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬ويظنونه‭ ‬مبروكًا،‭ ‬وينجح‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬فاطمة‭ (‬سميرة‭ ‬أحمد‭)‬،‭ ‬وإعادة‭ ‬بصرها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يوهمها‭ ‬بعلاجها‭ ‬بهذا‭ ‬الزيت‭. ‬والفيلم‭ ‬مأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬بالاسم‭ ‬نفسه‭ ‬للكاتب‭ ‬يحيى‭ ‬حقي،‭ ‬وتم‭ ‬اختياره‭ ‬ضمن‭ ‬أفضل‭ ‬100‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭. ‬

‭ ‬تعرضت‭ ‬المرأة‭ ‬للاستغلال‭ ‬والانتهازية‭ ‬بسبب‭ ‬فقدان‭ ‬بصرها‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬اليتيمتين‮»‬‭ (‬1948‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬حسن‭ ‬الإمام،‭ ‬وجسدت‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة‭ ‬شخصية‭ ‬نعمة‭ ‬الفتاة‭ ‬البريئة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬خطفها‭ ‬واستخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬امرأة‭ ‬شريرة‭ ‬هي‭ ‬فضة‭ (‬نجمة‭ ‬إبراهيم‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشحاذين‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬وجمع‭ ‬المال‭. ‬والفيلم‭ ‬من‭ ‬روائع‭ ‬المخرج‭ ‬حسن‭ ‬الإمام‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬هنري‭ ‬بركات‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو،‭ ‬ويعتبر‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أفلام‭ ‬سيدة‭ ‬الشاشة‭ ‬العربية‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة،‭ ‬يتناول‭ ‬صراع‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بنية‭ ‬فنية‭ ‬تقليدية،‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تجاور‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وزمان،‭ ‬فهناك‭ ‬شاب‭ ‬ثري‭ ‬أحب‭ ‬فتاة‭ ‬فقيرة‭ ‬ويريد‭ ‬الزواج‭ ‬منها،‭ ‬وهناك‭ ‬امرأة‭ ‬شريرة‭ ‬تخطف‭ ‬الفتاة‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬إذلالها‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬ترضخ‭ ‬لمطالبها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لهذه‭ ‬السيدة‭ ‬ولدين،‭ ‬أحدهما‭ ‬لص‭ ‬وشرير‭ ‬هو‭ ‬عباس‭ (‬محمد‭ ‬علوان‭)‬،‭ ‬والآخر‭ ‬حسونة‭ ‬الطيب‭ (‬فاخر‭ ‬فاخر‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الشر‭ ‬رغم‭ ‬عجزه،‭ ‬ويعطف‭ ‬على‭ ‬نعمة‭ ‬ويحاول‭ ‬مساعدتها‭ ‬على‭ ‬الهرب‭. ‬وحوى‭ ‬الفيلم‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الإحالات‭ ‬والبنى‭ ‬الرمزية‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬فلسفة‭ ‬الحياة‭.‬

 

السينما‭ ‬ومؤامرات‭ ‬غير‭ ‬إنسانية‭ ‬

‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬أيضًا‭ ‬التي‭ ‬عكست‭ ‬استغلال‭ ‬المرأة‭ ‬الضريرة،‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬مؤامرة‮»‬‭ (‬1953‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬كمال‭ ‬الشيخ،‭ ‬وتأليف‭ ‬علي‭ ‬الزرقاني،‭ ‬حيث‭ ‬تتعرض‭ ‬أمينة‭ (‬مديحة‭ ‬يسري‭) ‬لفقدان‭ ‬بصرها‭ ‬نتيجة‭ ‬لورم‭ ‬في‭ ‬المخ،‭ ‬ويتزوجها‭ ‬مراد‭ (‬يحيى‭ ‬شاهين‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يحبها‭ ‬رغم‭ ‬اعتراض‭ ‬والده‭ (‬سراج‭ ‬منير‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬سامية‭ ‬التي‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬الارتباط‭ ‬به‭ ‬طمعًا‭ ‬في‭ ‬ثروته‭ ‬تتآمر‭ ‬ضدها‭ ‬وتنصب‭ ‬فخًا‭ ‬يجعل‭ ‬مراد‭ ‬يتوهم‭ ‬بوجود‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬رشدي‭ (‬رشدي‭ ‬أباظة‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تكيده‭ ‬تستغل‭ ‬فقدان‭ ‬أمينة‭ ‬لبصرها‭. ‬ويُقتل‭ ‬رشدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬سامية،‭ ‬لكنه‭ ‬يعترف‭ ‬بالحقيقة‭ ‬لمراد‭.‬

‭ ‬كذلك‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬أسوار‭ ‬القمر‮»‬‭ (‬2015‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬طارق‭ ‬العريان،‭ ‬حيث‭ ‬تتعرض‭ ‬زينة‭ (‬منى‭ ‬زكي‭) ‬لحالة‭ ‬إغماء‭ ‬تفقدها‭ ‬البصر‭ ‬وتجعل‭ ‬أمورها‭ ‬ملتبسة،‭ ‬فلا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬زوجها‭ ‬السوي‭ ‬رشيد‭ (‬عمرو‭ ‬سعد‭)‬،‭ ‬وزوجها‭ ‬السابق‭ ‬أحمد‭ (‬آسر‭ ‬ياسين‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬انفصلت‭ ‬عنه‭ ‬بسبب‭ ‬إهماله‭ ‬لها‭ ‬وإدمانه‭ ‬المخدرات،‭ ‬وتصبح‭ ‬في‭ ‬مركب‭ ‬بصحبة‭ ‬هذا‭ ‬المدمن‭ ‬الذي‭ ‬استغل‭ ‬فقدانها‭ ‬للبصر‭ ‬وحالة‭ ‬فقدها‭ ‬المؤقت‭ ‬للذاكرة‭ ‬ويقوم‭ ‬بخطفها،‭ ‬فتظن‭ ‬أنها‭ ‬مع‭ ‬زوجها،‭ ‬وتقع‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭ - ‬رشيد‭ ‬وأحمد‭ - ‬مطاردات‭ ‬ومشاجرات،‭ ‬وحينما‭ ‬تختلي‭ ‬بنفسها‭ ‬تحاول‭ ‬استرجاع‭ ‬ما‭ ‬مضى‭ ‬وتسعى‭ ‬أن‭ ‬تتذكر‭ ‬علاقتها‭ ‬بكل‭ ‬منهما‭. ‬أما‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬نور‭ ‬عيني‮»‬‭ (‬2010‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬وائل‭ ‬إحسان،‭ ‬فقد‭ ‬أوقعت‭ ‬الظروف‭ ‬الفتاة‭ ‬الكفيفة‭ ‬سارة‭ (‬منة‭ ‬شلبي‭) ‬في‭ ‬حب‭ ‬أحمد‭ (‬تامر‭ ‬حسني‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعبأ‭ ‬بعجزها‭ ‬وأحبها‭ ‬بكل‭ ‬وجدانه،‭ ‬لكنه‭ ‬تعرض‭ ‬لظروف‭ ‬قهرية‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬وقوع‭ ‬حالة‭ ‬التباس‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬سارة‭ ‬عنه،‭ ‬لتتعرف‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬صديقه‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬أوربا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنهى‭ ‬دراسة‭ ‬طب‭ ‬العيون،‭ ‬ويجري‭ ‬لها‭ ‬عملية‭ ‬جراحية‭ ‬تعيد‭ ‬لها‭ ‬بصرها‭ ‬وترتبط‭ ‬به،‭ ‬ثم‭ ‬تلتقي‭ ‬أحمد‭ ‬الذي‭ ‬أحبته‭ ‬في‭ ‬البداية‭. ‬

‭ ‬وتعد‭ ‬سميرة‭ ‬أحمد‭ ‬أكثر‭ ‬الفنانات‭ ‬اللاتي‭ ‬جسدن‭ ‬شخصية‭ ‬الكفيفة‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬قديمًا‭ ‬وحديثًا،‭ ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬قنديل‭ ‬أم‭ ‬هاشم‮»‬‭ ‬جسدت‭ ‬أيضًا‭ ‬شخصية‭ ‬الكفيفة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬أغلى‭ ‬من‭ ‬عينيه‮»‬‭ (‬1955‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار،‭ ‬وكانت‭ ‬رمزًا‭ ‬للحنو،‭ ‬وأحبت‭ ‬كمال‭ (‬عمر‭ ‬الحريري‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬عندما‭ ‬عاد‭ ‬إليها‭ ‬بصرها‭ ‬خشية‭ ‬أن‭ ‬تبتعد‭ ‬عنه‭ ‬بسبب‭ ‬تشوّه‭ ‬وجهه،‭ ‬لكنها‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬حبها‭ ‬له‭. ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬جسر‭ ‬الخالدين‮»‬‭ (‬1960‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬محمود‭ ‬إسماعيل،‭ ‬و«رجل‭ ‬في‭ ‬حياتي‮»‬‭ (‬1961‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين،‭ ‬والفيلمان‭ ‬مع‭ ‬شكري‭ ‬سرحان،‭ ‬و«العمياء‮»‬‭ (‬1969‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬ظافر‭ ‬داود‭ ‬أوغلو،‭ ‬مع‭ ‬محمد‭ ‬عوض‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬تجسد‭ ‬سميرة‭ ‬أحمد‭ ‬شخصية‭ ‬الفتاة‭ ‬الرومانسية‭ ‬البريئة‭ ‬المحبة‭ ‬للخير،‭ ‬والتي‭ ‬يعود‭ ‬إليها‭ ‬بصرها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭. ‬

‭ ‬

الرجل‭ ‬الضرير‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬

ليست‭ ‬المرأة‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬فقدانها‭ ‬للبصر‭ ‬لأغراض‭ ‬المال،‭ ‬والتسول،‭ ‬والوقيعة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬زوجها،‭ ‬فقد‭ ‬عبرت‭ ‬السينما‭ ‬عن‭ ‬الرجل‭ ‬الضرير‭ ‬أيضًا‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬استغلاله،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬عبيد‭ ‬المال‮»‬‭ (‬1953‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬كمال‭ ‬الشيخ،‭ ‬ويأتي‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصية‭ ‬جلال‭ (‬عماد‭ ‬حمدي‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬ثري‭ ‬كفيف،‭ ‬يثق‭ ‬في‭ ‬وحيد‭ (‬فريد‭ ‬شوقي‭) ‬وهو‭ ‬لص‭ ‬ومحتال‭ ‬يحاول‭ ‬قتل‭ ‬جلال‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استدراجه‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬سطح‭ ‬البيت،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتوجيهه‭ ‬لكي‭ ‬يهوى،‭ ‬لكنه‭ ‬ينجو،‭ ‬ثم‭ ‬يحاول‭ ‬سرقة‭ ‬أمواله‭ ‬ومجوهراته‭ ‬التي‭ ‬ورثها‭ ‬عن‭ ‬أهله‭. ‬لكن‭ ‬جلال‭ ‬يعود‭ ‬إليه‭ ‬بصره‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ويستطيع‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬أسر‭ ‬وحيد‭. ‬

‭ ‬الاستغلال‭ ‬نفسه‭ ‬والانتهازية‭ ‬هما‭ ‬ديدن‭ ‬شخصيات‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬صباحو‭ ‬كدب‮»‬‭ (‬2006‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬محمد‭ ‬النجار،‭ ‬إذ‭ ‬يطرح‭ ‬الفيلم‭ ‬صورة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬استغلال‭ ‬فاقد‭ ‬البصر،‭ ‬فيتعرض‭ ‬نعناع‭ (‬أحمد‭ ‬آدم‭) ‬معلم‭ ‬الموسيقى‭ ‬الكفيف‭ ‬لخداع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬منه،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يبيع‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬يمتلكها‭ ‬بمقابل‭ ‬زهيد‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططهم‭ ‬فإنهم‭ ‬يدفعون‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬فتاة‭ ‬ليل‭ (‬أميرة‭ ‬فتحي‭) ‬توهمه‭ ‬بالحب‭ ‬وتدعي‭ ‬عكس‭ ‬حقيقتها،‭ ‬ويكون‭ ‬عودة‭ ‬بصره‭ ‬كفيلاً‭ ‬بأن‭ ‬يكشف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حوله،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أخفى‭ ‬الخبر‭ ‬عن‭ ‬الجميع،‭ ‬ليدرك‭ ‬ما‭ ‬يحاك‭ ‬حوله،‭ ‬فيكتشف‭ ‬خداع‭ ‬خطيبته‭ ‬المزيفة،‭ ‬وخيانة‭ ‬خادمه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بمنزلة‭ ‬الأخ‭ ‬والصديق‭ ‬والعين‭ ‬التي‭ ‬يرى‭ ‬بها‭ ‬الدنيا‭ ‬كلها،‭ ‬ويستمر‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬الرؤية‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬سرد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الخداع‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الكفيف‭ ‬نظير‭ ‬عجزه‭ ‬البصري‭. ‬

‭ ‬يطرح‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬مرزوقة‮»‬‭ (‬1983‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬سعد‭ ‬عرفة‭ ‬صورة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الرجل‭ ‬الضرير‭ (‬فريد‭ ‬شوقي‭) ‬الذي‭ ‬يستغل‭ ‬عجزه‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬وجمع‭ ‬المال‭ ‬محققًا‭ ‬ثروة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وتكون‭ ‬الفتاة‭ ‬مرزوقة‭ (‬بوسي‭) ‬التي‭ ‬يرعاها‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬هذه‭ ‬الثروة،‭ ‬حيث‭ ‬يحتال‭ ‬عليها‭ ‬سرسق‭ (‬فاروق‭ ‬الفيشاوي‭) ‬ويستولي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬والفيلم‭ ‬يطرح‭ ‬أفكارًا‭ ‬موضوعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طرح‭ ‬ثنائية‭ ‬الحق‭ ‬والباطل،‭ ‬والحقيقي‭ ‬والمزيف‭.‬

‭ ‬ويعد‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الكيت‭ ‬كات‮»‬‭ (‬1991‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬داود‭ ‬عبدالسيد‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬شخصية‭ ‬الضرير،‭ ‬وتم‭ ‬اختياره‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬أفضل‭ ‬100‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬ويطرح‭ ‬صورة‭ ‬للرجل‭ ‬الضرير‭ ‬المتعايش‭ ‬مع‭ ‬عجزه‭ ‬ولا‭ ‬يعطي‭ ‬بالًا‭ ‬للمشكلة‭. ‬وجسد‭ ‬محمود‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬شخصية‭ ‬الشيخ‭ ‬حسني‭ ‬الرجل‭ ‬الضرير‭ ‬الذي‭ ‬يعشق‭ ‬الحياة‭ ‬ويعيشها‭ ‬بطفولة‭ ‬ولامبالاة‭ ‬وحب‭ ‬ومرح،‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬اعتبار‭ ‬لفقدانه‭ ‬البصر،‭ ‬فيمارس‭ ‬حياته‭ ‬بصورة‭ ‬اعتيادية،‭ ‬ويلهو‭ ‬بالدراجة‭ ‬النارية،‭ ‬ويدخل‭ ‬السينما،‭ ‬ويتحدث‭ ‬على‭ ‬الملأ‭ ‬عن‭ ‬أسرار‭ ‬سكان‭ ‬الحي،‭ ‬ويبدو‭ ‬دائمًا‭ ‬شخصية‭ ‬مسالمة‭ ‬ومحبًا‭ ‬للحياة‭. ‬وأظهر‭ ‬الفيلم‭ ‬الشيخ‭ ‬حسني‭ ‬أنه‭ ‬يرى‭ ‬بأذنه‭ ‬وإحساسه،‭ ‬فقد‭ ‬تحدث‭ ‬للعم‭ ‬مجاهد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬عليه‭ ‬غضبًا‭ ‬بعد‭ ‬بيعه‭ ‬للبيت،‭ ‬ثم‭ ‬تحدث‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬آخر‭ ‬ولم‭ ‬يرد‭ ‬عليه‭ ‬أيضًا،‭ ‬لكنه‭ ‬أيقن‭ ‬أن‭ ‬العم‭ ‬مجاهد‭ ‬قد‭ ‬مات‭. ‬أيضًا‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬لابنه‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬يوسف‭ (‬شريف‭ ‬منير‭) ‬وشعر‭ ‬بقدومه‭. ‬الفيلم‭ ‬مليء‭ ‬بالمشاهد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وهو‭ ‬مأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬مالك‭ ‬الحزين‮»‬‭ ‬للكاتب‭ ‬إبراهيم‭ ‬أصلان‭.‬

‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬فقدان‭ ‬البصر‭ ‬بسبب‭ ‬تضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قضية‭ ‬كبرى‭ ‬كالإيمان،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬هجرة‭ ‬الرسول‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‮»‬‭ (‬1964‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬إبراهيم‭ ‬عمارة،‭ ‬حيث‭ ‬جسدت‭ ‬ماجدة‭ ‬شخصية‭ ‬حبيبة‭ ‬الجارية‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬ظهوره‭ ‬وقبل‭ ‬الهجرة‭ ‬وعانت‭ ‬ويلات‭ ‬التعذيب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المشركين‭ ‬حتى‭ ‬فقدت‭ ‬بصرها،‭ ‬ويصوّر‭ ‬الفيلم‭ ‬حبيبة‭ ‬كامرأة‭ ‬فضلت‭ ‬نور‭ ‬التوحيد‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الشِرك‭ ‬وظلمتها‭.‬

‭ ‬

الشاعر‭ ‬الضرير‭ ‬في‭ ‬فيلمين

‭ ‬جاء‭ ‬الإحباط‭ ‬واليأس‭ ‬بسبب‭ ‬المرأة‭ ‬ملاذًا‭ ‬للضرير،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬أسير‭ ‬الظلام‮»‬‭ (‬1947‭) ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬وإخراج‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار،‭ ‬وبطولة‭ ‬سراج‭ ‬منير‭ ‬ومديحة‭ ‬يسري،‭ ‬ثم‭ ‬أعاد‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬تقديم‭ ‬الفكرة‭ ‬نفسها‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الشموع‭ ‬السوداء‮»‬‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬صالح‭ ‬سليم‭ ‬ونجاة‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وتقوم‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬شاعر‭ ‬يتعرض‭ ‬لخداع‭ ‬حبيبته‭ ‬ويكتشف‭ ‬كذبها،‭ ‬ويقع‭ ‬له‭ ‬حادث‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فقدانه‭ ‬بصره،‭ ‬فيعيش‭ ‬منزويًا‭ ‬عن‭ ‬المجتمع،‭ ‬بصحبة‭ ‬أمه‭ ‬وصديقه‭ ‬الوحيد‭ ‬وكلبه‭ ‬كدلالة‭ ‬على‭ ‬الوفاء،‭ ‬وقد‭ ‬تولدت‭ ‬لدى‭ ‬الشاعر‭ ‬عقدة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬وأصبح‭ ‬لا‭ ‬يطيقهم،‭ ‬لكن‭ ‬الممرضة‭ ‬اليتيمة‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬رعايته‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تخرجه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬وإعادته‭ ‬للحياة‭.‬

‭ ‬يطرح‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬عنبر‭ ‬والألوان‮»‬‭ (‬2001‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عادل‭ ‬الأعصر‭ ‬سؤالًا‭ ‬جوهريًا‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الألوان‭ ‬وأسمائها،‭ ‬ويجسّد‭ ‬حسين‭ ‬فهمي‭ ‬شخصية‭ ‬الأستاذ‭ ‬عنبر‭ ‬عازف‭ ‬العود‭ ‬ومدرس‭ ‬الموسيقى‭ ‬الأكمه،‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬فاقدًا‭ ‬للبصر،‭ ‬وطلبت‭ ‬منه‭ ‬الإدارة‭ ‬التعليمية‭ ‬أغنية‭ ‬للأطفال‭ ‬عن‭ ‬الألوان،‭ ‬فكيف‭ ‬يقدمها‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬الألوان‭ ‬في‭ ‬حياته؟‭ ‬تساعده‭ ‬هبة‭ (‬آثار‭ ‬الحكيم‭) ‬على‭ ‬فهم‭ ‬طبيعة‭ ‬الألوان‭ ‬وتفسر‭ ‬له‭ ‬جوهرها‭ ‬لكي‭ ‬يحسها‭ ‬ويستلهم‭ ‬مكنوناتها،‭ ‬وبالفعل‭ ‬يستطيع‭ ‬عنبر‭ ‬تلحين‭ ‬الأغنية‭ ‬وتنال‭ ‬إعجاب‭ ‬الجميع‭. ‬يتناول‭ ‬الفيلم‭ ‬سؤالًا‭ ‬وجيهًا‭ ‬حول‭ ‬مسألة‭ ‬الإحساس‭ ‬باللون‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يبصر‭ ‬أبدًا‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬أمير‭ ‬الظلام‮»‬‭ (‬2002‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬رامي‭ ‬إمام،‭ ‬يجسد‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬شخصية‭ ‬سعيد‭ ‬المصري‭ ‬أحد‭ ‬أبطال‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر،‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬بصره‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬للمكفوفين،‭ ‬لكنه‭ ‬يرفض‭ ‬الحياة‭ ‬النمطية‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬زملائه،‭ ‬فيأخذهم‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الحقيقية‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعاش‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬تقع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المفارقات‭ ‬الكوميدية،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يقررون‭ ‬السباحة،‭ ‬وخوض‭ ‬مباراة‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬أمام‭ ‬فريق‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المكفوفين‭. ‬

‭ ‬صورت‭ ‬السينما‭ ‬سيرة‭ ‬عميد‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬الدكتور‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬قاهر‭ ‬الظلام‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عاطف‭ ‬سالم‭ ‬وتأليف‭ ‬كمال‭ ‬الملاخ،‭ ‬ومن‭ ‬بطولة‭ ‬محمود‭ ‬ياسين،‭ ‬ويولاند‭ ‬فوليو،‭ ‬ويصور‭ ‬الفيلم‭ ‬كيف‭ ‬تغلب‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬على‭ ‬مصاعب‭ ‬عدم‭ ‬الإبصار،‭ ‬وكيف‭ ‬حقق‭ ‬النجاح‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‭ ‬في‭ ‬كُتاب‭ ‬القرية‭ ‬ودخوله‭ ‬الأزهر‭ ‬وحتى‭ ‬سفره‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وتعرفه‭ ‬على‭ ‬شريكة‭ ‬عمره‭ ‬سوزان،‭ ‬وكذلك‭ ‬معاركه‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬خاضها‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬والأدب‭ ‬الجاهلي‭ ‬ومجانية‭ ‬التعليم‭ ‬وتنصيبه‭ ‬وزيرًا‭ ‬للمعارف‭ (‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الآن‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬المحفزة‭ ‬على‭ ‬النجاح،‭ ‬استند‭ ‬مؤلفه‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الأيام‮»‬‭ ‬وقدمتها‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬بالاسم‭ ‬نفسه،‭ ‬وجسّد‭ ‬أحمد‭ ‬زكي‭ ‬شخصية‭ ‬عميد‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭. ‬

‭ ‬ظهر‭ ‬الكفيف‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬كدور‭ ‬ثانٍ‭ ‬مساندًا‭ ‬للشخصيات‭ ‬الرئيسة‭ ‬ودافعًا‭ ‬للحدث‭ ‬الدرامي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأفلام،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬وفاء‮»‬‭ (‬1953‭)‬،‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار،‭ ‬و«ليه‭ ‬يا‭ ‬بنفسج‮»‬‭ (‬1993‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬رضوان‭ ‬الكاشف،‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬يؤدي‭ ‬عمر‭ ‬الحريري‭ ‬دور‭ ‬عادل‭ ‬الشاب‭ ‬الكفيف‭ ‬الذي‭ ‬ترعاه‭ ‬أمينة‭ ‬مقابل‭ ‬مبلغ‭ ‬بسيط‭ ‬يساعدها‭ ‬على‭ ‬نفقات‭ ‬البيت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تدهورت‭ ‬أحوال‭ ‬زوجها‭ ‬المادية،‭ ‬لكن‭ ‬الزوج‭ ‬كمال‭ (‬عماد‭ ‬حمدي‭) ‬يشك‭ ‬في‭ ‬إخلاصها‭ ‬ويقوم‭ ‬بطردها‭ ‬من‭ ‬البيت،‭ ‬ومع‭ ‬تطور‭ ‬السياق‭ ‬الدرامي‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬عادل‭ ‬بصره،‭ ‬فيوضح‭ ‬الحقيقة‭ ‬لكمال‭ ‬الذي‭ ‬يبحث‭ ‬عنها‭ ‬ويسترضيها‭. ‬وفي‭ ‬الفيلم‭ ‬الآخر‭ ‬يجسد‭ ‬حسن‭ ‬حسني‭ ‬شخصية‭ ‬عيد،‭ ‬أحد‭ ‬الشخصيات‭ ‬المحورية‭ ‬للفيلم‭ ‬مع‭ ‬فاروق‭ ‬الفيشاوي،‭ ‬ونجاح‭ ‬الموجي‭... ‬وهو‭ ‬كفيف‭ ‬يحلم‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬مطربًا‭ ‬مشهورًا‭ ■