صورة الضَرير في السينما المصرية

لم تبتعد السينما عن الواقع في تصويرها لشخصية الضرير وفي التعبير عن هواجسه وأحاسيسه، وما يمر به من ظروف مختلفة عمّا اعتاده في حياته اليومية وفي مختلف علاقاته. واستفادت السينما المصرية والعربية بشكل كبير من شخصية فاقد البصر، لما تتميز به من خصوصية شديدة، يفضي توظيفها إلى كثير من المفارقات الدرامية، فضلًا عما تمثله من حسّ إنساني مختلف؛ نتيجة لهذه النقيصة اللافتة التي تختلف عن أي إصابة بدنية أخرى.
من هنا جاء اهتمام السينما بتوظيف شخصية الضرير لما يفرزه وجودها من علاقات وأحداث ومفاجآت مدهشة.
وعبرت الأفلام الروائية عن الشخص المصاب بفقدان البصر بكثير من المصداقية، فالكفيف هو المحبوب، والمحبّ، والشاعر، والمعلم، والمغني، والشحاذ، والفقير، والثري، والعفيف، والأديب، والرومانسي... إلخ. وجسّد شخصية الكفيف في السينما كثير من النجوم القدامى والمعاصرين، أمثال: ليلى مراد، وفاتن حمامة، وعماد حمدي، ومديحة يسري، وسميرة أحمد، وعادل إمام، ومحمود عبدالعزيز، ومحمود ياسين، وأحمد زكي... وغيرهم. والكفيف هو فاقد البصر، والضرير هو من فقد البصر في حياته، بينما الأكمه من وُلد فاقد الإبصار.
تتناول السينما عادة حالة من فقدان البصر تمر بها الشخصية المحورية في طريقة من طرائق الحبكة الدرامية للفيلم، حيث تتعرض هذه الشخصية لمآزق ومواقف درامية، تقوم حولها الأحداث وتتخاصر حولها الشخصيات الأخرى داخل السرد الفيلمي، وقد تكشف هذه الأحداث عن جوهر المقربين ونواياهم، أو حب المحيطين وصدقهم، وقد يكتشف الشخص المصاب بنفسه ولاء الآخرين له، أو فسادهم الأخلاقي.
من أوائل الأفلام التي عبرت عن شخصية الضرير في السينما المصرية فيلم «ليلى في الظلام» (1944) من إخراج توجو مزراحي وبطولة ليلى مراد، وتتعرض ليلى لحادث يؤدي إلى فقدان بصرها، وتُخفي الأمر على خطيبها حسين (حسين صدقي) وتسعى جاهدة للابتعاد عنه والظهور بصورة مغايرة للحقيقة، فتوهمه أنها لا تحبه وأنها ستتزوج من شخص آخر، وذلك حتى لا يتورط في الزواج منها، لكنه يكتشف حيلتها ويرفض أن يبتعد عنها. يطرح الفيلم رؤية متكاملة عن ثيمة الحب الذي يقوم على الإخلاص والارتباط الروحي الذي يستمر مدى الحياة، وتظل السنوات الطويلة بكل ما بها مجرد اختبار للحبيبين، ويأتي الاختبار الأكبر بفقدان البصر، لذلك فالفيلم يؤكد على قيم الحب والتضحية مهما بلغت الظروف، وتم توظيف فكرة فقدان البطلة لبصرها، على اعتبار أن أكثر ما يمكن أن يصيب المرء هو فقدانه نعمة الإبصار، تأكيدًا على العلاقة المتينة التي تربط بين الشخصين. فعبّرت الأحداث عن هُيام المحب الذي لا يهجر محبوبه مهما بلغت به الظروف.
الأثر النفسي لفاقد البصر
على العكس من ذلك عبر فيلم «شمس لا تغيب» (1959) من تأليف وإخراج حسين حلمي، عن الأثر النفسي الذي يمكن أن يصيب فاقد البصر، فتتعرض سهى (زبيدة ثروت) لحادث إثر وقوعها من فوق ربوة عالية يؤدي إلى فقدانها البصر، فيتخلى عنها خطيبها، مما يجعلها تصدم في الناس وترفض إجراء العملية الجراحية التي يقنعها بها الطبيب (كمال الشناوي)، ومما يزيد من صدمتها تعرضها لموقف سيئ من خطيبها السابق، فترفض العملية مجددًا وترفض العالم، لكن الطبيب الذي أحبها ينجح في أن يجري لها العملية سرًا، وهكذا يسبر الفيلم أغوار الأساة من جوانب مختلفة، ويلقي النظر على ما يمكن أن يتعرض له المصاب بفقدان البصر من أناس معدومي الضمائر.
أما فيلم «قصة حب» (2019) من إخراج عثمان أبو لبن، ويعتبر أحدث الأفلام الروائية التي وظّفت شخصية الكفيف، فيتناول قصة يوسف (أحمد حاتم)، وهو شاب ضرير يلتقي جميلة (هنا الزاهد)، التي تهتم به وترعاه، وتبدأ خيوط قصة حب حقيقية بينهما، وتكشف المواقف التي يتعرضان لها عن عمق العلاقة، وهو فيلم رومانسي يضع المرأة في مواجهة ذاتها عبر سؤال فلسفي عن الحب والحياة، خاصة إذا كان الحبيب فاقدًا للبصر، هو الاختبار الأكبر لكليهما. ويتشكل عالم الفيلم بأجواء الرومانسية من خلال الألوان الناعمة وانتشار النباتات التي تفيض تفاؤلًا وحبًا، وفي الوقت نفسه كسب تعاطف المشاهد مع الشخصيات ومصائرها.
بين الفيلمين، «ليلى في الظلام» في الأربعينيات من القرن الماضي، و«قصة حب» قبل أشهر عدة، وما قام عليهما الفيلمان من رؤية رومانسية تتكئ على فقدان البطل لبصره، كاختبار عميق لمدى جديّة الارتباط وحقيقة الأحاسيس لدى الشخصيات، جاءت الأفلام الأخرى معبّرة بدرجة كبيرة عما يمر به الضرير أو المصاب بفقدان البصر من حب وضغائن، وحنو ومؤامرات، وتعاطف ومكر... إلخ، فقد تنوعت الأفلام المعنية بصورة الكفيف ولم تتوقف عند القصص الرومانسية، فتوزعت بين الأكشن، والفانتازيا، والصراع من أجل المال... إلخ. وعبرت عن الوجدان من خلال الحوار والصورة والموسيقى وغيرها من عناصر صاغت العلاقة بين الشخصيات.
صراع العلم والجهل والمرض
يتناول فيلم «قنديل أم هاشم» (1968) من إخراج كمال عطية، مشكلة فقدان البصر من خلال الصراع الذي ينشأ بين العلم، والجهل، والمرض، والمعتقد النفسي الذي يرتبط خطأ بالدين، وذلك من خلال شخصية إسماعيل (شكري سرحان)، الذي تعلم الطب في فرنسا، ويقيم في حي السيدة زينب الشعبي، ويتسم أهل الحي بحب آل البيت، ويجاورون مسجد السيدة زينب. يلاحظ إسماعيل كثرة إصابة الأهالي بأمراض الرمد، ويسعى لعلاجهم، فيكتشف أنها بسبب استخدامهم لزيت القنديل الذي يحصلون عليه من المسجد ويظنونه مبروكًا، وينجح في علاج فاطمة (سميرة أحمد)، وإعادة بصرها بعد أن يوهمها بعلاجها بهذا الزيت. والفيلم مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب يحيى حقي، وتم اختياره ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
تعرضت المرأة للاستغلال والانتهازية بسبب فقدان بصرها في فيلم «اليتيمتين» (1948) من إخراج حسن الإمام، وجسدت فاتن حمامة شخصية نعمة الفتاة البريئة التي يتم خطفها واستخدامها من قبل امرأة شريرة هي فضة (نجمة إبراهيم)، التي تستخدم مجموعة من الشحاذين في التسول وجمع المال. والفيلم من روائع المخرج حسن الإمام الذي شارك هنري بركات في كتابة السيناريو، ويعتبر أحد أهم أفلام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، يتناول صراع الخير والشر من خلال بنية فنية تقليدية، تقوم على تجاور الخير والشر في كل مكان وزمان، فهناك شاب ثري أحب فتاة فقيرة ويريد الزواج منها، وهناك امرأة شريرة تخطف الفتاة وتعمل على إذلالها لأنها لا ترضخ لمطالبها، كما أن لهذه السيدة ولدين، أحدهما لص وشرير هو عباس (محمد علوان)، والآخر حسونة الطيب (فاخر فاخر)، الذي يقف في وجه الشر رغم عجزه، ويعطف على نعمة ويحاول مساعدتها على الهرب. وحوى الفيلم كثيرًا من الإحالات والبنى الرمزية التي تشير إلى فلسفة الحياة.
السينما ومؤامرات غير إنسانية
من الأفلام أيضًا التي عكست استغلال المرأة الضريرة، فيلم «مؤامرة» (1953) من إخراج كمال الشيخ، وتأليف علي الزرقاني، حيث تتعرض أمينة (مديحة يسري) لفقدان بصرها نتيجة لورم في المخ، ويتزوجها مراد (يحيى شاهين)، الذي يحبها رغم اعتراض والده (سراج منير)، لكن سامية التي ترغب في الارتباط به طمعًا في ثروته تتآمر ضدها وتنصب فخًا يجعل مراد يتوهم بوجود علاقة مع رشدي (رشدي أباظة)، وهي في كل ما تكيده تستغل فقدان أمينة لبصرها. ويُقتل رشدي في النهاية على يد سامية، لكنه يعترف بالحقيقة لمراد.
كذلك فيلم «أسوار القمر» (2015) من إخراج طارق العريان، حيث تتعرض زينة (منى زكي) لحالة إغماء تفقدها البصر وتجعل أمورها ملتبسة، فلا تفرق بين زوجها السوي رشيد (عمرو سعد)، وزوجها السابق أحمد (آسر ياسين)، الذي انفصلت عنه بسبب إهماله لها وإدمانه المخدرات، وتصبح في مركب بصحبة هذا المدمن الذي استغل فقدانها للبصر وحالة فقدها المؤقت للذاكرة ويقوم بخطفها، فتظن أنها مع زوجها، وتقع بين الاثنين - رشيد وأحمد - مطاردات ومشاجرات، وحينما تختلي بنفسها تحاول استرجاع ما مضى وتسعى أن تتذكر علاقتها بكل منهما. أما فيلم «نور عيني» (2010) من إخراج وائل إحسان، فقد أوقعت الظروف الفتاة الكفيفة سارة (منة شلبي) في حب أحمد (تامر حسني)، الذي لم يعبأ بعجزها وأحبها بكل وجدانه، لكنه تعرض لظروف قهرية ساعدت على وقوع حالة التباس أسفرت عن بعد سارة عنه، لتتعرف بعد ذلك على صديقه الذي عاد من أوربا بعد أن أنهى دراسة طب العيون، ويجري لها عملية جراحية تعيد لها بصرها وترتبط به، ثم تلتقي أحمد الذي أحبته في البداية.
وتعد سميرة أحمد أكثر الفنانات اللاتي جسدن شخصية الكفيفة في السينما المصرية قديمًا وحديثًا، فإلى جانب فيلم «قنديل أم هاشم» جسدت أيضًا شخصية الكفيفة في فيلم «أغلى من عينيه» (1955) من إخراج عز الدين ذو الفقار، وكانت رمزًا للحنو، وأحبت كمال (عمر الحريري)، الذي أراد أن يتخلص من حياته عندما عاد إليها بصرها خشية أن تبتعد عنه بسبب تشوّه وجهه، لكنها أكدت على حبها له. وهناك أيضًا «جسر الخالدين» (1960) من إخراج محمود إسماعيل، و«رجل في حياتي» (1961) من إخراج يوسف شاهين، والفيلمان مع شكري سرحان، و«العمياء» (1969) من إخراج ظافر داود أوغلو، مع محمد عوض. وفي هذه الأفلام تجسد سميرة أحمد شخصية الفتاة الرومانسية البريئة المحبة للخير، والتي يعود إليها بصرها في النهاية.
الرجل الضرير في السينما
ليست المرأة وحدها التي يتم استغلال فقدانها للبصر لأغراض المال، والتسول، والوقيعة بينها وبين زوجها، فقد عبرت السينما عن الرجل الضرير أيضًا حيث يتم استغلاله، كما في فيلم «عبيد المال» (1953) من إخراج كمال الشيخ، ويأتي الصراع من خلال شخصية جلال (عماد حمدي)، وهو رجل ثري كفيف، يثق في وحيد (فريد شوقي) وهو لص ومحتال يحاول قتل جلال عن طريق استدراجه إلى حافة سطح البيت، ويقوم بتوجيهه لكي يهوى، لكنه ينجو، ثم يحاول سرقة أمواله ومجوهراته التي ورثها عن أهله. لكن جلال يعود إليه بصره في النهاية ويستطيع الخلاص من أسر وحيد.
الاستغلال نفسه والانتهازية هما ديدن شخصيات فيلم «صباحو كدب» (2006) من إخراج محمد النجار، إذ يطرح الفيلم صورة أخرى من صور استغلال فاقد البصر، فيتعرض نعناع (أحمد آدم) معلم الموسيقى الكفيف لخداع مجموعة من المقربين منه، من أجل أن يبيع قطعة أرض يمتلكها بمقابل زهيد. ومن أجل تنفيذ مخططهم فإنهم يدفعون في طريقه فتاة ليل (أميرة فتحي) توهمه بالحب وتدعي عكس حقيقتها، ويكون عودة بصره كفيلاً بأن يكشف كل ما يدور حوله، بعد أن أخفى الخبر عن الجميع، ليدرك ما يحاك حوله، فيكتشف خداع خطيبته المزيفة، وخيانة خادمه الذي كان بمنزلة الأخ والصديق والعين التي يرى بها الدنيا كلها، ويستمر الفيلم في طرح الرؤية الفنية التي تقوم على سرد كثير من مظاهر الخداع التي يتعرض لها الكفيف نظير عجزه البصري.
يطرح فيلم «مرزوقة» (1983) من إخراج سعد عرفة صورة أخرى من صور الرجل الضرير (فريد شوقي) الذي يستغل عجزه في التسول وجمع المال محققًا ثروة كبيرة، وتكون الفتاة مرزوقة (بوسي) التي يرعاها سببًا في ضياع هذه الثروة، حيث يحتال عليها سرسق (فاروق الفيشاوي) ويستولي على كل شيء، والفيلم يطرح أفكارًا موضوعية من خلال طرح ثنائية الحق والباطل، والحقيقي والمزيف.
ويعد فيلم «الكيت كات» (1991) من إخراج داود عبدالسيد أحد أهم الأفلام التي تناولت شخصية الضرير، وتم اختياره ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، ويطرح صورة للرجل الضرير المتعايش مع عجزه ولا يعطي بالًا للمشكلة. وجسد محمود عبدالعزيز شخصية الشيخ حسني الرجل الضرير الذي يعشق الحياة ويعيشها بطفولة ولامبالاة وحب ومرح، دون أدنى اعتبار لفقدانه البصر، فيمارس حياته بصورة اعتيادية، ويلهو بالدراجة النارية، ويدخل السينما، ويتحدث على الملأ عن أسرار سكان الحي، ويبدو دائمًا شخصية مسالمة ومحبًا للحياة. وأظهر الفيلم الشيخ حسني أنه يرى بأذنه وإحساسه، فقد تحدث للعم مجاهد الذي لم يرد عليه غضبًا بعد بيعه للبيت، ثم تحدث إليه في مشهد آخر ولم يرد عليه أيضًا، لكنه أيقن أن العم مجاهد قد مات. أيضًا عندما تحدث لابنه في الفيلم يوسف (شريف منير) وشعر بقدومه. الفيلم مليء بالمشاهد الإنسانية، وهو مأخوذ عن رواية «مالك الحزين» للكاتب إبراهيم أصلان.
قد يكون فقدان البصر بسبب تضحية من أجل قضية كبرى كالإيمان، وهذا ما حدث في فيلم «هجرة الرسول إلى المدينة» (1964) من إخراج إبراهيم عمارة، حيث جسدت ماجدة شخصية حبيبة الجارية التي دخلت الإسلام في بدايات ظهوره وقبل الهجرة وعانت ويلات التعذيب من قبل المشركين حتى فقدت بصرها، ويصوّر الفيلم حبيبة كامرأة فضلت نور التوحيد على حياة الشِرك وظلمتها.
الشاعر الضرير في فيلمين
جاء الإحباط واليأس بسبب المرأة ملاذًا للضرير، كما في فيلم «أسير الظلام» (1947) من تأليف وإخراج عز الدين ذو الفقار، وبطولة سراج منير ومديحة يسري، ثم أعاد عز الدين ذو الفقار تقديم الفكرة نفسها عام 1962 في فيلم «الشموع السوداء» من بطولة صالح سليم ونجاة الصغيرة، وتقوم الفكرة على شاعر يتعرض لخداع حبيبته ويكتشف كذبها، ويقع له حادث يؤدي إلى فقدانه بصره، فيعيش منزويًا عن المجتمع، بصحبة أمه وصديقه الوحيد وكلبه كدلالة على الوفاء، وقد تولدت لدى الشاعر عقدة من النساء وأصبح لا يطيقهم، لكن الممرضة اليتيمة التي عملت على رعايته استطاعت أن تخرجه من هذه الحالة وإعادته للحياة.
يطرح فيلم «عنبر والألوان» (2001) من إخراج عادل الأعصر سؤالًا جوهريًا عن العلاقة بين الألوان وأسمائها، ويجسّد حسين فهمي شخصية الأستاذ عنبر عازف العود ومدرس الموسيقى الأكمه، الذي ولد فاقدًا للبصر، وطلبت منه الإدارة التعليمية أغنية للأطفال عن الألوان، فكيف يقدمها وهو لم ير الألوان في حياته؟ تساعده هبة (آثار الحكيم) على فهم طبيعة الألوان وتفسر له جوهرها لكي يحسها ويستلهم مكنوناتها، وبالفعل يستطيع عنبر تلحين الأغنية وتنال إعجاب الجميع. يتناول الفيلم سؤالًا وجيهًا حول مسألة الإحساس باللون لمن لم يبصر أبدًا.
وفي فيلم «أمير الظلام» (2002) من إخراج رامي إمام، يجسد عادل إمام شخصية سعيد المصري أحد أبطال حرب أكتوبر، الذي فقد بصره في الحرب ويعيش في دار للمكفوفين، لكنه يرفض الحياة النمطية المفروضة عليه وعلى زملائه، فيأخذهم إلى الحياة الحقيقية كما يجب أن تعاش من وجهة نظره، ونتيجة لذلك تقع كثير من المفارقات الكوميدية، خاصة عندما يقررون السباحة، وخوض مباراة في كرة القدم أمام فريق آخر من المكفوفين.
صورت السينما سيرة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في فيلم «قاهر الظلام» عام 1979 من إخراج عاطف سالم وتأليف كمال الملاخ، ومن بطولة محمود ياسين، ويولاند فوليو، ويصور الفيلم كيف تغلب طه حسين على مصاعب عدم الإبصار، وكيف حقق النجاح منذ بدايته في كُتاب القرية ودخوله الأزهر وحتى سفره للدراسة في فرنسا وتعرفه على شريكة عمره سوزان، وكذلك معاركه الفكرية التي خاضها في الشعر والأدب الجاهلي ومجانية التعليم وتنصيبه وزيرًا للمعارف (التربية والتعليم الآن)، وهو من الأفلام المحفزة على النجاح، استند مؤلفه فيه إلى السيرة الذاتية التي كتبها طه حسين بعنوان «الأيام» وقدمتها الدراما التلفزيونية بالاسم نفسه، وجسّد أحمد زكي شخصية عميد الأدب العربي.
ظهر الكفيف في السينما كدور ثانٍ مساندًا للشخصيات الرئيسة ودافعًا للحدث الدرامي في بعض الأفلام، مثل «وفاء» (1953)، من إخراج عز الدين ذو الفقار، و«ليه يا بنفسج» (1993) من إخراج رضوان الكاشف، في الأول يؤدي عمر الحريري دور عادل الشاب الكفيف الذي ترعاه أمينة مقابل مبلغ بسيط يساعدها على نفقات البيت بعد أن تدهورت أحوال زوجها المادية، لكن الزوج كمال (عماد حمدي) يشك في إخلاصها ويقوم بطردها من البيت، ومع تطور السياق الدرامي يعود إلى عادل بصره، فيوضح الحقيقة لكمال الذي يبحث عنها ويسترضيها. وفي الفيلم الآخر يجسد حسن حسني شخصية عيد، أحد الشخصيات المحورية للفيلم مع فاروق الفيشاوي، ونجاح الموجي... وهو كفيف يحلم بأن يكون مطربًا مشهورًا ■