بين «هل»؟ وممكن!

بين «هل»؟ وممكن!

بينما نحن في الربع الأخير من عام 2020، ويقبع معظمنا تحت سطوة الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كوفيد - 19، استرجعت بعض الأحاديث التي تدوولت مع بداية العام، وكانت أذني لها صاغية وذاكرتي لها حافظة. 
في بداية تفشي الوباء بالصين وارتفاع أعداد المصابين به، لم يكن يطرأ في بالي، ولو للحظات، ولم تتصور مخيلتي، ولو في الأحلام، اجتياحه لدولنا.
  وحين دهم أراضينا العربية وانتشر بين الشعوب واختلط بكل طبقات المجتمع، لم أظن، ولو للحظة، أنه سيدوم طويلًا ويمتد إلى عدة أشهر، وسنقضي شهر رمضان المبارك والأعياد في منازلنا منطوين. 
لكنّ حدوث ما لم يكن متوقعًا أثار جملة من التساؤلات بداخلي، تساؤلات تنتظر إجابات على هيئة جمل خبرية، ومن الضروري أن تكون جملًا خبرية ثريّة بالمعلومات العلمية والعملية حول المستقبل، فكانت التساؤلات بقيادة أداة الاستفهام «هل»:
هل سيستمر هذا الفيروس إلى نهاية العام؟ هل المنزل مكان آمن للاختباء منه؟ هل سنستمر في الخضوع لإجراءات التباعد الاجتماعي، فلا أحضان ولا تقارُب؟
هل سيصبح المنزل هو المدرسة والسوق ومقرّ العمل؟ هل سنكون تحت رحمة «الإنترنت» لقضاء احتياجاتنا؟ هل هناك فعلًا لقاح تحت التجربة للقضاء على «كوفيد - 19»؟ هل نعيش مؤامرة للقضاء على البشرية؟!  
لا أخفي عليكم أن هناك أسئلة أيضًا، لكن غير مصرّح بطرحها، تحتاج إلى المزيد والمزيد من الأخبار والأجوبة. 
ولأن الكون واسع وكريم ومتنوع، فقد أغدق عليّ بإجابة كافية ووافية، وما تتطلبه فقط هو القياس والموازنة والمرونة والتقبّل أيضًا. جاءتني على لسان د. صلاح الراشد، (أحد أساتذة التنمية البشرية في العالم العربي)، وجدت فيها ضالتي التي قد تغنيني عن طرح أسئلة «هل» على الملأ، ومضمونها: إذا كان سؤالك بـ «هل»، فاستعد لإجابة صريحة لا تحمل أي نوع من المجاملة، وهي «ممكن». 
تكمن إشكالية «ممكن»، في أنها تحمل في طياتها توقّعًا غير مرغوب به، إجابة لا نريد سماعها، إجابة مرفوضة مسبقًا. فعادة عندما نسأل بـ «هل»، فإننا نود سماع تأكيد لما نرغب به فقط، ونفي أو إضعاف ما لا نرغب، بينما تأتينا «ممكن» وهي محمّلة ومثقلة بآراء وتكهنات واحتمالات عديدة ولا حصر لها، منها ما نريده أن يكون، ومنها ما لا نريده وهو موجود وكائن. إذن السؤال بـ «هل» سؤال خطير جدًا، من وجهة نظري، لأنه يفتح علينا بابًا واسعًا من الفرضيات، وتختصر بـ «ممكن»! 
فحوى كل ما سبق، يدعو إلى أن نُخضع أسئلتنا الاستفهامية التي تبدأ بـ «هل» لأنفسنا، ونطلقها بداخلنا، ثم نستمع جيدًا لما تحتوي «ممكن» لنتقبله ونفعله على أرض الواقع لنتعايش معه إن حدث.  إذن، هل سيستمر فيروس كوفيد 19 للعام المقبل؟... ممكن! ■