المجر تعيش عصرها الثالث ماضي الخميس تصوير: سليمان حيدر

المجر تعيش عصرها الثالث

البرد القارس هو أول تحية تتلقاها في العاصمة المجرية بودابست، وإذا كنت من عشاق الشتاء والمشي تحت المطر فسوف تسعد بهذه التحية، إنها واحدة من أجمل العواصم التي تقع على نهر الدانوب، وبرغم ذلك الهدوء الظاهر الذي يبدو عليها فقد شهدت كل أعاصير وتقلبات السياسية في هذا القرن الذي نعيش فيه.

تذكرت ونحن في طريقنا ما قرأته عن هذه العاصمة الجميلة، قبل مجيئنا إليها. تذكرت وأنا في الطريق أن مساحة المجر تبلغ (030. 93) كيلومترا مربعا، وأن عدد السكان حسب آخر إحصائية في عام 1988 يقدر بـ (10.585.000) نسمة.

وأن (00. 172. 2) من هؤلاء السكان يقطنون في العاصمة (بودابست) وأن الدول المحيطة بها هي النمسا، وتشيكوسلوفاكيا، والاتحاد السوفييتي (سابقا،) ورومانيا، ويوغسلافيا (سابقا).

لم أشعر لا بالوقت ولا المسافة رغم أن المطار ليس قريبا من مقر إقامتنا، وصلنا حيث نريد، إنه فندق جميل يقع على نهر الدانوب في مدينة (بست) ويطل مباشرة على مدينة (بودا) وعلى قلعة الصيادين الشهيرة، وتمثال الحرية في أعلى جبل بودا وقلعة (سينابيلا).

بعد أن أخذنا حقنا من الراحة بدأنا يومنا بالتجوال في أسواق العاصمة المجرية، فإذا بي أفاجأ بما لم أكن أتوقعه، فقد كنت أظن أنني لن أجد في هذه الأسواق سوى بضائع قديمة أو صناعات، وذلك لما كنت أسمعه عنها، لكنني وجدت عكس ذلك تماما فقد وجدت أمامي أسماء لمحلات كبيرة وشهيرة وماركات عالمية قد فتحت أفرعا لها هنا، فهذه محلات (مارك آندسبنسر) البريطانية، و (أديداس) الألمانية، و(ليفز) الأمريكية و (إيف سان لوران) و (كريستيان ديور) الفرنسية،.. وغيرها.. كل شيء موجود هنا، حتى أن زميلي المصور سليمان حيدر قال لي أتصدق أنني جئت إلى هنا قبل ثلاث سنوات ولم يكن شيء مما نراه الآن موجودا في ذلك الوقت.

الستار الحديدي

إنها إذن سرعة الانطلاق، لمواكبة العصر، وتعويض ما فات، وهذه هي فعلا سمة الشعب المجري، وهذه هي السياسة التي اتبعتها الحكومة المجرية. إنك الآن عندما تسير في الشوارع، لا تظن أن هذه المدينة كانت قبل ثلاث سنوات قابعة ولمدة ستين عاما تقريبا تحت الحكم الشيوعي، وأنها حديثة عهد بالاقتصاد الحر.

لقد مرت على هنجاريا ثلاث مراحل رئيسية منذ قرابة الألف ومائة عام إلا ثلاث سنوات، تحديدا هاجرت سبع قبائل إلي تلك المنطقة واستوطنتها. وقد سميت الدولة بالمجرنسبة إلى إحدى تلك القبائل وأكبرها وهي قبيلة (مجر)، وكانت هذه القبائل السبع بقيادة شخص يدعى (أرباد) قد جاءت من بين جبال (يورال) الواقعة في نهاية أوربا وبداية سيبيريا عند نهر (فونجا)، وقد أسس (أرباد) العائلة الملكية المجرية الأولى، وقد ظهرت المجر كدولة قوية مستقلة ذات سيادة ومعالم حديثة كاملة في عهد الملك (ستيفان) والذي يعتبر أول ملك للدولة المجرية، وقد حكم في الفترة من (997- 1038) و (ستيفان) هو أحد أحفاد الملك (أرباد). ولقد أراد الملك (ستيفان) لشعبه أن يقف على قدم المساواة مع شعوب أوربا المتحضرة، وقد حول الشعب المجري من مجرد عبدة للأوثان إلى شعب يؤمن بالديانة المسيحية، وكان يؤمن بحرية الأديان وهذا أول الطريق إلى التطور.

وكان الملك (ستيفان) يحمل أفكارا عصرية ومتجددة حيث كان يدفع شعبه للرقى والتطور في جميع النواحي، وقد تبنى النظم الجديدة ليطبقها على شعبه.

إن الملك (سان ستيفان) له مكانة خاصة جدا في قلوب جميع المجريين، فهو ليس مجرد ملك جاء ورحل، إنما هو مؤسس الدولة المجرية الأولى، وهو الذي فتح المجال لتدفق المستوطنين من جميع الجهات والأجناس سواء ألمان، يونان، بولنديون.. وغيرهم. وقد كان لديه قول مأثور وهو "أنه لا يمكن لشعب يتكلم لغة واحدة ويمارس عادات واحدة، أن يرتقي ويتطور، ولكن بما تحمله الدماء الجديدة من لغات وعادات ونظم وأسلحة، يستخلص منها ما يفيد في وضع نظام متطور وجديد".

لهذا فنحن نجد أن المؤرخين المجريين الحاليين يحاولون دمج الماضي بالحاضر في تحليلاتهم السياسية، حيث إنهم كثيرا ما يطالبون البرلمان المجري الحالي بتبني سياسات (سان ستيفان) القديمة.

واستمرت المرحلة الأولى في عهد الدولة المجرية تنتقل من ملك إلى ملك ومن أسرة مالكة إلى أسرة أخرى، إلى عصرنا الحديث وحتى خمسة وستين عاما مضت عندما دخلت الشيوعية المجر، ووضعت ما عرف بالستار الحديدي على الشعب المجري، هذا الستار الذي أبعد المجر عن أوربا وحضارتها.

وفي أواخر عام 1990 بدأت المرحلة الثالثة، مرحلة الانتفاضة ضد الوضع القائم، والانفجار من الاختناق الذي فرضه عليهم الستار الحديدي الملتف على أعناقهم. وفعلا استطاع الشعب المجري إزاحة هذا الستار والخروج إلى الدنيا، وكأنه مولود جديد يرى الدنيا لأول مرة.. ولكنه مولود مختلف، إنه مولود يحمل خلفه ألفا ومائة عام من التاريخ الزاهر والحضارة والحوادث، كل تلك السنوات بلا شك تعطي المجريين مقومات وركائز يستطيعون معها الانطلاق بقدم راسخة لتعويض ما فاتهم من حضارة. هذه هي المراحل الثلاث التي مرت بها الدولة المجرية يتخللها الكثير من الحوادث والمتغيرات، ولكن ما يهمنا الآن هو الانطلاقة الجديدة والعهد الجديد الذي تعيشه المجر، إن الذي يحدث في هنجاريا حاليا يعتبر نموذجا قيما لإرادة الشعوب، وتجسيدا واقعيا لما قاله شاعرنا العربي أبو القاسم الشابي:

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

فقد أراد المجريون الحياة، وأرادوا أن يواكبوا العصر الحديث في الحياة.

سياسة تخفيف الجروح

قلت لصاحبي: دعنا نعد إلى الفندق فنحن على موعد بعد قليل في وزارة الخارجية، مع مدير إدارة الشرق الأوسط. اتجهنا إلى وزارة الخارجية، الواقعة في (بودا) وهناك وجدنا شابا في الثلاثين من عمره يقول لنا بلهجتنا العربية: أهلا بكم في (بودابست). وعرفنا بنفسه أنه (كساب كروسبيه) وهو القائم بأعمال السفارة المجرية في "أبوظبي"، وأنه عندما علم بوجود بعثة مجلة العربي في بودابست أصر على مرافقتنا لتسهيل مهمتنا، خاصة أن الغالبية العظمى من الشعب المجري لا تتكلم سوى المجرية.

قادنا السيد "كساب" إلى حيث سنلتقي مع السيد "زيسموند دفروز سانكي" مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية المجرية الذي أخبرنا أن السياسة المجرية الخارجية طرأ عليها الكثير من التغيرات خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن جوهر هذه التغيرات وأهمها: "أن المجر وضعت حدا لأي تحالفات سابقة، إضافة إلى أننا أصبحنا عضوا في المجلس الأوربي، ووقعنا على اتفاقية مع السوق الأوربية المشتركة، كما أنشئت لدينا بعض المنظمات المحلية، ونحن حريصون جدا على العلاقات الطيبة والتعاون مع جميع دول العالم". وأشار إلى أن من أهم النقاط في السياسة المجرية الخارجية أننا نساند تقديم ضمانات للحقوق الشرعية للأقليات المجرية التي تعيش خارج المجر.

وأضاف أن المجر تنظر بعين الاهتمام إلى العلاقات مع الشرق الأوسط، ونحن حريصون على ضرورة وجود استقرار أمني وسياسي واقتصادي في تلك الدول، لأن أي توتر يوجد في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وفي الوطن العربي يؤثر تأثيرا مباشرا علي المجر.

وأوضح أن السياسة المجرية الآن تركز على تخفيف الجروح ووضع الحلول المناسبة للتطوير الاقتصادي الداخلي، وهذا يتطلب التصدي بحزم لجميع العوائق التي تقف أمام النمو الاقتصادي المجري، لو علمت أن (50%) من الدخل المجري يتحقق عن طريق التجارة الخارجية، لعرفت سبب اهتمامنا البالغ بالتجارة. وقد فتحت الأسواق المجرية أمام الاستثمارات الخارجية، وأنا أؤكد لك أن المجر ستصبح مركزا للنشاط الاقتصادي في أوربا الوسطى، وذلك وفقا للبرامج والخطط التي وضعت من أجل هذا الهدف. وقال: إننا كمجريين نعتقد أن إيجاد الحلول للقضية الأساسية في الشرق الأوسط لن يكون إلا بالطرق السلمية والمفاوضات، وهذا الأمر يحتاج إلى زيادة الصدق بين كلا الطرفين، وأن تكون الثقة هي الأساس الذي يتم فيه تطوير الحوار والمفاوضات، وبين أن العلاقات المجرية - العربية متينة، مشيرا إلى أن للمجر علاقات متنوعة وحميمة مع العديد من البلدان العربية. وركز في حديثه على احترامه الشديد للتوجه السياسي الكويتي قائلا: لقد استفدنا كثيرا من السياسة الكويتية، ونحاول أن، نطبق الأسلوب المتبع لديهم.

وعن الأسس التي تتبعها المجر في سياستها الخارجية قال السيد (زيسموند): بعد تحرير المجر من النفوذ السوفييتي فإن السياسة المجرية تعمل على أساس الحرية والاستقلال، وفي الوقت نفسه نعمل وفق منطلق النمو السريع والتطور الذي ينقلنا إلى أوربا الموحدة، مع المحافظة على التقاليد المجرية كما نحافظ على مصالحنا. ولقد بقيت المجر الدولة الوحيدة التي  حافظت على استقرارها الداخلي بعد التخلص من الشيوعية.

وعن السياسة الخارجية المجرية قال إنها توضع وفقا للتفاهم بين الأحزاب داخل البرلمان.

وبعد أن انتهينا من لقائنا في وزارة الخارجية قال لي مرافقنا السيد (كساب): إننا على موعد بعد ساعتين في وزارة المالية ولدينا متسع من الوقت فأين تريد أن تقضيه؟ قلت له أريد أن أرى (هنجاريا). فأخذني إلى مكان وصفه بأنه مرتكز الدولة المجرية، وأنه بإمكاني من هذا المكان الذي يسمونه (الجندي المجهول) أو (ساحة الأبطال) أن أتعرف على المجر عن قرب، وصلنا إلى هناك وكان عدد من السياح قد توافدوا إلى هذه الساحة التي يوجد فيها واحد وعشرون تمثالا لواحد وعشرين ملكا مجريا، كما يوجد بها سبعة تماثيل لسبعة فرسان يمتطون الجياد، وهم قادة القبائل السبع التي هاجرت واستوطنت المجر.

لقد شعرت من خلال زيارتي لهؤلاء الملوك المجريين بالعمق التاريخي لهذه الدولة، وأنها دولة بنيت على أساس ثابت.

عصر الخصخصة

الوقت أدركنا، والملوك أنسونا أنفسنا ونحن نتحدث عن إنجازاتهم، وعلينا أن ننطلق الآن بسرعة لأننا في المجر نحترم المواعيد جدا، هذا ما قاله مرافقنا، وانطلقنا إلى مقر وزارة المالية، وهناك كان بانتظارنا السيد: (س. ريباس) مدير إدارة العلاقات الدولية بالوزارة، قلت له: أريد أولا أن تحدثني عن عملية الخصخصة التي تتبعها الحكومة المجرية حاليا، قال لدينا حاليا منظمة اسمها (منظمة تحويل الملكية العامة إلى خاصة) ومهمتها تحويل الملكية العامة إلى خاصة، وقد تم فعلا خصخصة عدد كبير من الشركات، ولدينا عدد من الشركات يطلق عليها (الشركات الاستراتيجية) والتي تود الحكومة أن تقوم بدور المراقب عليها، وهذه الشركات تعمل في الميادين الاستراتيجية، (كالطرق، والتطوير والألومنيوم)، وقد وصلنا حتى الآن إلى تخصيص حوالي (17%) من الشركات، ونحن الآن نعتمد في الإنتاج الاقتصادي بنسبة من (35%) إلى (40%) على القطاع الخاص.

ولقد واجهتنا العديد من المشكلات والعقبات خلال مسيرة الخصخصة، فالصعوبة الأولى كانت في كيفية تقدير الملكية العامة، وما هي قيمتها، والصعوبة الثانية هي: ما هو الأفضل هل نبيع الشركات التي تعمل بشكل سيئ أو نحسن من إنتاجها ونطور من عملها ونبيعها فيما بعد، والثالثة: محدودية رأس المال المجري، إذ إن غالبية الاستثمارات الجديدة تأتي من رأس مال خارجي.

والحكومة المجرية تقدم تسهيلات كثيرة للاستثمارات، أولها تسهيلات في الضرائب، وهذا يخص الشركات التي تقوم بالإنتاج ولديها كميات كبيرة من رأس المال، بشرط أن تكون نسبة الاشتراك الأجنبي في هذه الشركات (35%) على الأقل وبهذه الشروط لا تدفع الشركة الضرائب المفروضة الكاملة خلال عشر سنوات، وإذا كانت هذه الشركة تعمل في ميادين مهمة جدا بالنسبة للمجر، فإنها وخلال السنوات الخمس الأولى لا تدفع ضرائب، وفي السنوات الخمس الثانية تدفع الضرائب بنسب قليلة. وهذه التسهيلات سارية المفعول إلى نهاية عام 1993، وهذا يعني أنه إذا كان هناك من يريد أن ينشئ شركة في عام 1994 فإن هذه التسهيلات لن تكون موجودة بالمزايا نفسها. وجميع الشركات التي سيتم تأسيسها في عام 1993 ستستفيد من هذه المزايا إضافة إلى أن دخول الأموال إلى المجر حر، وهذا الأمر يميزها عن بعض الدول الأخرى، حيث إن دخول رأس المال الأجنبي إلى تلك الدول يحتاج إلى معاملة خاصة وإلى موافقة خاصة من الحكومة.

مشكلة الديون الخارجية

وفي رده على سؤال حول ارتفاع الأسعار في العاصمة المجرية بودابست قال السيد (س. ريباس): في المجر يوجد تضخم في الأسعار كما يوجد في أكثر بلدان العالم، فنفقات الإنتاج في ارتفاع، والأسعار في الأسواق العالمية في ارتفاع مستمر، مما يؤثر مباشرة على نفقات الاستيراد، وهناك نقطة مهمة جدا وهي أن مستوى الفائدة المصرفية مرتفع جدا، كما يوجد عامل مالي حيث إن (الفورنت) العملة المجرية كانت في هبوط حاد وقد كانت تحت المراقبة خلال السنوات الماضية، كذلك يوجد عامل (سيكولوجي) للتضخم وهو تفكير الناس أنفسهم باحتمالات حدوث تضخم مستقبلي. لذا نجدهم يقومون بشراء كل شيء من السوق، وهذا يؤثر أيضا في عملية التضخم، ولكن حاليا يمكننا القول إن هذا العامل (السيكولوجي) قد تغير.

وعن كيفية معالجة مشكلة الديون الخارجية قال: تبلغ قيمة الديون الخارجية على المجر وبجميع فوائدها حوالي (21) مليار دولار، ومعاملة الديون الخارجية تتم عن طريق المصرف المركزي المجري الذي يعمل نشط في الأسواق العالمية، وإلى جانب ذلك فإنه في السنوات الثلاث الأخيرة كانت هناك زيادة كبيرة في الصادرات المجرية، فقيمة الصادرات كانت أكثر بكثير من قيمة الواردات، وميزانية الدفع في السنة الماضية كانت ثلاثمائة وخمسة وعشرين مليون دولار أمريكي، وأهم الصادرات المجرية للخارج هي: الماكينات، والإنتاج الزراعي والإنتاج الكيماوي والألومنيوم. وعلى سبيل المثال فالصادرات المجرية لدولة الكويت فقط في السنة الماضية كانت تقدر بحوالي 6. 25 مليون دولار أمريكي، بيد أنها كانت أكبر بكثير قبل الغزو العراقي لدولة الكويت.

وحول توقعاته لمستقبل الاقتصاد المجري قال: أنا متفائل جدا بمستقبل الاقتصاد فالتضخم في هبوط ونحن نأمل بأن تستمر عملية الدفع الإيجابية، وأعتقد أن النمو الاقتصادي سيبدأ في مطلع العام المقبل.

وأشار إلى أن هناك دولا عديدة تقدم مساعدات للمجر كي تنهض مثل السوق الأوربية المشتركة والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، كما أن منظمة (فار) (B.H.A.R) لها دور كبير في مساعدة المجر، فقد وضعت برنامجا مخصصا لتدريب الخبراء، ويسمى هذا البرنامج الأوربي بـ (فار) (B.H.A.R) لأنه كان مخصصا أساسا لـ (بولندا) و (هنجاريا) وبعد ذلك تم توسيعه ليشمل جميع الدول في أوربا الوسطى والشرقية. وتكمن أهمية هذا البرنامج الحقيقية في أن هذه الدول عندما تعاني من المشاكل الاقتصادية بسبب وجود قطاعات إنتاجية لا تنتج بالدرجة المطلوبة حيث تنقصها المعرفة، يقوم هذا البرنامج بتدريب الكوادر وتأهيلها، وهذا يحد من قضية البطالة ويفتح ميادين جديدة للعمل، وفي الوقت نفسه يتم تطوير الأداء.

ولكن رغم هذا كله فالدعم الذي جاءنا من الغرب أقل بكثير مما كان المجتمع المجري يتوقعه.

وأوضح أن الاستثمارات في المجر تتعدد وتتنوع ويوجد اهتمام كبير في السوق المجرية من قبل رأس المال الخارجي، وقد بلغت الاستثمارات الخارجية في عام (1992) (5، 4) مليار دولار، وهذا يؤثر بلا شك على نمو الاقتصاد وتطويره، كما يلعب دورا في إنعاش الاقتصاد، وعلى سبيل المثال يوجد لدينا استثماران مهمان جدا هما مصنعان للسيارات (سوزوكي) و (جنرال موتورز).

وإلى جانب الاستثمارات الإنتاجية، هناك استثمارات مالية، وهذه تلعب دورا مهما أيضا وهي (الديون المصرفية والودائع).

جميع هذه الأمور بالتأكيد ستؤدي إلى تحسين الأداء الاقتصادي، مما يؤدي إلى ارتفاع دخل المواطن ومن الأمور الجيدة أنه رغم التضخم والزيادة في الأسعار، فإن الأموال الموجودة في الأيدي الخاصة زادت بكثير في الآونة الأخيرة، وهذه الأموال موجودة قبل كل شيء في المصارف، وحاليا يتم تقليل الفائدة المصرفية من اجل أن تتحول هذه الأموال من المصارف إلى الاستثمار والإنتاج.

ما أن انتهينا من لقائنا مع السيد (ريباس) حتى قلت لصاحبي نريد أن نتجول قليلا في شوارع بودابست، وانطلقنا سيرا على الأقدام متنقلين من شارع إلى آخر، وأكثر ما يشدك في هذه الشوارع الجميلة كثرة محلات البيع وتنوعها الهائل، إضافة إلى أنك تجد الحديث والقديم في المحل الواحد، كما تجد أحدث الماركات وأشهرها، وهذا بالطبع ما لم يكن يتوقعه المجريون أنفسهم قبل ثلاثة أعوام.

القطار السويسري

استفقنا صباحا مبكرين فنحن على موعد في التاسعة مع السيد (جوزيف كيس) المدير التجاري لمصنع القطارات المجرية، انطلقنا إلى حيث يوجد هذا المصنع في مدينة (بورا) وصلنا في الموعد المناسب، وكان السيد (كيس) في انتظارنا، وبعد عملية الترحيب التقليدية التي يتقنها المجريون بشكل ممتاز، أخذنا في جولة في أرجاء المصنع الفسيحة وعرفنا على أقسام المصنع وطريقة الصنع وجهات الاستخدام، أي الجهات التي يتم تصدير هذه المقطورات إليها.

قال لنا السيد (كيس): إن مصنع القطارات المجري أنشئ عام (1844) على يد رجل من أصل سويسري يدعي (إبراهام كانز) وأن هذا المصنع ينتج أنواعا مختلفة من الحديد والمعادن، وفي عام (1853) أصبح من أهم المصانع التي تزود أوربا بعجلات السكك الحديدية بعد أن تم تحسينها وتطويرها. ففي عام (1867) مثلا تم إنتاج ما يقارب (مائة ألف) عجلة للسكة الحديد، أما في عام (1898) فقد تم صنع عشرة ملايين عجلة.

واستمر هذا المصنع في العمل إلى عام (1864) حين تحول إلى مصنع للقطارات، وبدأ أول إنتاج له في عام (1869) حيث أنتج أول عربة قطار.

وتوالت عمليات التطوير في هذا المصنع عاما بعد عام، وقد أسس في عام (1878) القسم الكهربائي في المصنع، وقد حقق هذا القسم سمعة عالمية جيدة فنجد الأنظمة الكهربائية في كبرى المدن العالمية مثل (فيينا، وميلانو، وروما، وباريس، واستكهولم، وغيرها) قد بنيت من قبل هذا المصنع المجري.

ويقول السيد (كيس) إننا في عام (1994) سنحتفل بمرور (150) عاما على إنشاء المصنع وإننا خلال هذه. المدة قمنا بإنتاج (150000) عربة قطار، ويعمل في هذا المصنع (450) موظفا، إلى جانب (100) مهندس للتصميم، ويقوم المصنع بتصدير إنتاجه إلى (83) دولة.

ومن أهم الدول التي نتعامل معها جمهورية مصر العربية ونحن نستعد حاليا لتسليمها (12) قطارا.

تركنا مصنع (جانز وشركاه) لصناعة القطارات المجرية، وعدنا أدراجنا ننتظر مرافقنا ليقودنا إلى موعدنا المقبل مع السيد (جوزيف بارتا) مدير قسم تخصيص الشركات والتطوير التنظيمي في وزارة الاقتصاد بالمجر.

وصلنا مبنى وزارة الاقتصاد الواقع في مدينة (يست) مبنى جديد وضخم وجميل بخلاف باقي المباني الوزارية التي زرناها، وهي عبارة عن مبان أو قصور قديمة حولت إلى مبان وزارية، لكنها جميلة جدا وتملؤها الزخارف والمنحوتات، وتحتاج إلى شيء من الاهتمام والرعاية.

جلسنا نتحدث مع السيد (جوزيف) الذي أخبرنا أن الحكومة المجرية اتخذت قرارا بضرورة تحويل ما نسبته (50%) من القطاع العام إلى خاص قبل نهاية عام (1994)، وقد عمدت الحكومة لاتخاذ هذا القرار وهي تضع بعين الاعتبار حقيقة معينة وهي أن القطاع الخاص يعمل بشكل أفضل من القطاع العام، ودليل ذلك أن كثيرا من الشركات التي تمت خصخصتها في السنوات الماضية طورت من إنتاجها بنسبة (25%) ومع أن هناك جوانب إيجابية لعملية الخصخصة فإن الأمر لا يخلو من بعض السلبيات وأهمها، أن الشركات التي تمت خصخصتها قامت بإعادة التنظيم، وخلال عملية إعادة التنظيم هذه ازداد حجم البطالة، وهذا ما نعاني منه اليوم.

ورغم هذا فقد استفادت المجر من عمليات الخصخصة هذه، فالحكومة المجرية تستفيد من الأموال العائدة من بيع الشركات في سداد الديون، والاستفادة الثانية أن المالك الخاص يستطيع أن ينظم العمل في شركته بشكل أفضل من الدولة، وهدفنا الأساسي بناء المجتمع البرجوازي على أساس الملكية الخاصة.

وأضاف: إننا في المجر لا نضع أي شروط على المستثمرين ونرحب جدا بالرأسمال الخارجي، ووفقا لتجربتنا فإن قبول الاستثمارات الخارجية معناه قبول التكنولوجيا الحديثة وتوثيق وتطوير إمكانات التسويق والإنتاج المجري.

وعملية الخصخصة المجرية لها ما يميزها، فالميزة الأولى على سبيل المثال لا الحصر: الحجم الكبير للتخصيص، وقد لاحظنا من خلال برامج التخصيص في دول أخرى مثل إنجلترا والبرتغال واليابان، أنها ليست بحجم عمليات التخصيص الموجودة لدينا، فالعمليات التي تتم في المجر لا مثيل لها.

وقد وضعت الحكومة المجرية برامج لمنح قروض للأشخاص الذين بدأوا بخوض النشاط الاقتصادي، وكان لهذا البرنامج الحكومي أكبر الأثر في مسيرة الاقتصاد. وتمت مناقشات عديدة في الحكومة المجرية لإيجاد طرق جديدة للتخصيص كمنح المواطن تسهيلات يستطيع من خلالها شراء شركات حكومية على أقساط وبدون أي فوائد.

من جانب آخر قال السيد جوزيف إن المجر تسعى للحصول على الانضمام الكامل للسوق الأوربية المشتركة الذي بات قريبا، فالمجريون سيعتبرون أن الاقتصاد المجري اكتمل بعد انضمامهم لهذه السوق المهمة. ودعنا السيد (جوزيف) وكان قد تبقى حوالي نصف ساعة على موعدنا التالي مع مدير إدارة العلاقات العربية في وزارة الاقتصاد الخارجي السيد (برينو أبولس) فاعتقدت أنها فرصة لتحريك أرجلنا سيرا إلى موعدنا التالي خاصة بعد أن عرفت أنه قريب، ولكن تبددت رغبتي بعد أن وضعت رجلي في أول الطريق، فقد غامت السماء وأرعدت وانهمر المطر. قلت لمرافقي الأمر عجيب فقبل قليل كانت السماء صافية ولم تكن هناك أي مؤشرات لاحتمال سقوط الأمطار، فضحك صاحبي ونظر إلي وهو يهم بركوب سيارة الأجرة التي ستقلنا قائلا: إنها المجر يا سيدي. وصلنا إلى حيث نريد، وكان السيد (برينو أبولس) في انتظارنا وبعد تبادل التحية، سألته عن أهم المشاريع التي تقيمها المجر في الدول العربية فقال:

مشاركة عربية

يوجد عدد من المشاريع المجرية في العديد من الدول العربية تقوم شركات مجرية بإنجازها وتتنوع هذه المشاريع وتختلف من بلد إلى آخر، فقد أنشأنا العديد من المصانع والجسور، وفي مجالات متعددة كالنفط والكهرباء والحديد والصلب، والمواد الغذائية، وغيرها. وعن مصادر الطاقة المجرية قال: إن أكثرية الطاقة البترولية تأتي إلى المجر عن طريق روسيا والجمهوريات السوفييتية سابقا، ونحن الآن نبحث عن مصادر أخرى جديدة لاستيراد البترول بخلاف روسيا خوفا من التغيرات السياسية.

ومن جهة أخرى فلأول مرة في التاريخ المجري تمتلك المجر حق حفر آبار النفط، ولدينا الآن عدة عقود لحفر الآبار في تونس وسوريا، وتوجد مفاوضات أخرى لحفر آبار في ليبيا. كذلك نقوم بمد أنابيب مياه من تونس إلى المغرب. وفي السابق كان في المجر شركة نفطية واحدة فقط، والآن لدينا شركات كثيرة ومتعددة.

وقال إننا كذلك في المجر نحاول جاهدين وبشتى الوسائل تقوية وتطوير العلاقات السياحية مع العديد من دول العالم، فخذ على سبيل المثال زار (تونس) في عام (1988) (36) مجريا فقط أما في عام (1992) فقد زارها (6300) مجري، وقس على ذلك. إضافة إلى أن عدد السياح في المجر بلغ (37) مليون سائح خلال عام (1992) وحده، وبلغ مقدار ا لاستثمارات الخارجية في المجر لعام (1993) فقط (مليارا وسبعمائة مليون دولار) تأتي من جميع أنحاء العالم.

ونحن نستفيد من الأموال القادمة من الخارج مرتين. الأولى بأنهم يقومون بشراء شركات مجرية، والثانية أنهم يودعون أموالهم في مصارف مجرية. أضف إلى ذلك أن المجر عام (1992) أصبحت بلدا مصدرا للسيارات من إنتاج شركة (جنرال موتورز) التي صدرت (3000) سيارة (أوبل) للخارج مصنوعة في المجر، وتنوي (جنرال موتورز) إنتاج (000، 400) محرك سنويا تصدرها إلى جميع أوربا، وقد أنتج هذا المصنع خلال عام (1992) ثلاثة عشر ألف محرك، كما يوجد مصنع آخر لشركة (سوزوكي) وتطرق على الأبواب الآن شركة (أودي) التي تود إنشاء مصنع لها في المجر، كما توجد اتفاقية مع شركة (فورد) لإنشاء مصنع لقطع غيار السيارات.

انتهى لقاؤنا مع السيد (برينو) وكان لزاما علينا أن نعود لمقر إقامتنا، فالأمطار اشتدت، ولا مجال لقضاء أي مشوار في مثل هذا الجو الممطر.

تحركنا صباحا على بركة الله، الجو جميل، ولكن البرد كان قارسا، اتجهت السيارة خارج بودابست، ومشينا في طريق أشبه بلوحة جميلة لفنان مبدع، وهل أبدع مما خلق الله! السماء صافية، والشمس محتجبة، والخضرة ممتدة عن اليمين وعن الشمال، والأشجار باسقة، والأزهار متناثرة، إنه سحر الطبيعة وجمالها الخلاب.

وصلنا إلى مقر مصنع سامسونج وكان في استقبالنا السيد فيلموس سيرايد مدير عام المصنع في المجر، وأخذنا في جولة بأرجاء المصنع، وقال: إننا حاليا ننتج أجهزة (التلفزيون) فقط، لكننا نسعى لتنويع إنتاجنا، وقد اشترينا قطعة أرض بجانب المصنع للتوسعة.

أنشئ مصنع (سامسونج) في المجر في (13/ 12/ 1989) وافتتح في (13/ 4/ 1990) وقد شيد على قطعة أرض تبلغ مساحتها (4170) كم 2 ويبلغ العدد الإجمالي للعاملين (110) موظفين وتقدر إنتاجية المصنع السنوية بحوالي (165000) قطعة سنويا أي ما يعادل (450) قطعة يوميا وبوقت يعادل (235) يوما في السنة.

إكسبو 1996

انتهى كل شيء كنت أريد استطلاعه عن المجر، إلا شيئا واحدا كنت بانتظار الوقت المناسب لزيارته ولأخذ المعلومات الكافية عنه، إنه الحدث الأهم في المجر خلال هذه الحقبة التاريخية من الزمن بلا شك، فهذا الحدث الذي تنتظره المجر في عام (1996) وتستعد له منذ فترة طويلة، سوف يؤثر تأثيرا مباشرا ويؤدي إلى تغير كلي في الاقتصاد المجري.

إكسبو (1996) الذي تشحذ المجر كل هممها وطاقاتها وإمكاناتها له، إن إكسبو (1996) بالنسبة للمجريين أحداث كثيرة جدا، وليس حدثا واحدا، قبل كل شيء سوف يكتمل عمر دولة المجر ويصبح (1100) عام وستكون الذكرى (1100) لتأسيس المجر، وهذه الذكرى تعتبر للمجريين مناسبة قيمة جدا، وتعطي الفرصة المناسبة لتعريف العالم بما هي (المجر) ومن هم (المجريون) بالإضافة إلى جانب آخر في الإكسبو يقرب (المجريين) من العالم، وفيه تعرض المجر أجمل أوجهها وأحلاها، كما أن المجريين يستغلون مناسبة الإكسبو للتطوير في ميادين مختلفة.

وستحتفل المجر أيضا في عام (1996) بمناسبة مرور (مائة عام) على إنشاء مبنى البرلمان المجري الحالي، هذا المبنى الضخم الذي تنافست على وضع تصاميمه عدة شركات كبرى، والذي يضم في أحد جانبيه مقر رئيس الدولة، وفي الجانب الآخر مقر رئيس الحكومة والوزراء، وفي الوسط مقر رئيس البرلمان وأعضائه.

عدة مناسبات بانتظار المجر في عام (1996)، وهي تنتظر عددا كبيرا من السياح لحضور هذه المناسبة، وستقوم الحكومة المجرية بتطوير وتوسعة العديد من المرافق كالمطار والفنادق والشوارع لاستيعاب السياح. إكسبو (1996) بلاشك مناسبة كبيرة جدا ومهمة بالنسبة للمجريين، فهي المحك الحقيقي لقياس قدرتهم على تنظيم المهرجانات والاحتفالات الدولية  الكبرى.

وقد حرصت على زيارة مقر الهيئة العليا المنظمة للإكسبو، ورأيت عن قرب الجهود المبذولة لهذا الحدث الضخم، وكان لي لقاء مع السيد بيتر كيرتزي مساعد المدير المسئول عن تنفيذ مشروع إكسبو 1996 الذي حدثني عن الاستعدادات المبذولة للإكسبو فقال:

إن البرلمان المجري وافق في ديسمبر عام (1991) على إقامة المعرض العالمي (إكسبو) في بودابست، وبناء على ذلك وافق المكتب الدولي للمعرض في الاجتماع العام الذي عقد في 27 فبراير 1992 على قيام الحكومة المجرية بإدارة المعرض كمعرض خاص في بودابست عام 1996.

وبناء على هذا بدأ المكتب التنفيذي بجمع المعلومات الخاصة بمساعدة شركة (بكتل) الدولية استعدادا للمعرض الذي سوف يفتتح رسميا من (11 مايو إلى 4 أكتوبر 1996) أي سيستمر (150) يوما.

وسيقام المعرض في الجزء الشمالي من بودابست في مدينة (بودا) المطلة على نهر الدانوب، وسيكون الموضوع الأساسي له (الاتصالات لعالم أفضل) وسيقام على أرض مساحتها (000. 60) متر مربع. وأضاف أننا نتوقع ما بين (10- 12) مليون زائر، خاصة أن المعرض سيشارك فيه قرابة (52) دولة وشركة ومنظمة.

وقد حرصنا على أن يكون الأثر واضحا على مدينة بودابست ليس خلال (150) يوما فقط والتي سيقام فيها المعرض، ولكن ليستمر أيضا بعد الانتهاء منه، لأننا حريصون على أن تكون هذه المدينة جذابة. كما أننا نقوم ببناء كل شيء من جديد، من طرق مواصلات وجسور ومبان وخدمات، إضافة إلى ترميم ما يحتاج إلى عناية من أجل أن يكون كل شيء على ما يرام للزوار، وقال إن شركة مصانع (سوزكي) تستعد الآن لصنع سيارة خاصة بهذه المناسبة، كما أن مصنع الأتوبيسات المجرية (الإيكاروس) يفكر جديا في صنع نوع جديد من الباصات لهذه المناسبة أيضا.

وأوضح أن الإكسبو كمشروع كبير وضخم مرتبط بمشاريع أخرى كإنشاء الطرق السريعة من وإلى بودابست إضافة إلى المنشآت الكبيرة في مكان الإكسبو نفسه.

وقد ذكر السيد (بيتر) أن رئيس هيئة السياحة المغربية، كان موجودا في بودابست قبل وقت وجيز، وأكد أن المغرب ستكون أول المشاركين في الإكسبو.

وأوضح أن الهدف الأساسى في موضوع المعرض (الاتصالات لعالم أفضل) هو الإعلان عن تأييد هذه القيم الإنسانية والتكنولوجية التي ترغب كل دولة أن تنتفع بها لتفتح أمامها أبوابا للمستقبل، وهذا المعرض يوفر فرصا كبيرة للمشاركين لإظهار أحسن ما لديهم من ثقافات وإنجازات تكنولوجية. وهدفنا ينقسم إلى قسمين:

أولا: الاتصال المباشر بين الناس..

وهدفنا الأساسي هنا (اللغة) كوسيلة للاتصال المباشر بين الناس، وهذه تأخذ أكثر من جانب مثل:

1 - اللغة المكتوبة والمتحدث بها وعلاقتها بالتقريب بين الثقافات.

2 - طرق حديثة لتعليم وتدريس اللغة.

3 - تدريس اللغة للمعاقين.

4 - آلات الترجمة.

إضافة إلى الاهتمام بالتكنولوجيا الخاصة بالمعلومات الخاصة كالاتصالات المكتوبة، والتليفون والراديو وأنظمة الفيديو كاتصال شخصي.

ثانيا: الاتصالات بمساعدة الوسائل الإعلامية المتخصصة.. خاصة الطباعة وأنظمة الاستقبال ووسائل الإذاعة والتلفزيون كما أننا حريصون على تقديم الأفضل، وقمنا بعدة اتصالات مع العديد من المنظمات من أجل الحصول على اقتراحات في مجال الاتصال الثقافي سواء الشفوي أو المرئي أو السمعي أو الاتصال بالإشارات أو البيئي.

وأضاف: إننا أيضا حريصون على الاستفادة من الموقع الذي سيقام عليه الإكسبو بعد انتهاء الفترة المحددة له، وذلك عن طريق استغلال الأرض والأبنية لنلحقها بجامعة المجر.

وعن كيفية تغطية الحكومة المجرية لمصاريف الإكسبو، قال إنه يوجد جزء منفصل في ميزانية المجر كل سنة يخصص للإكسبو، وهذه بالتأكيد قضية صعبة جدا بالنسبة لنا، فنحن نعاني العديد من المشاكل في الميزانية إضافة إلى أن هناك العديد من المبادرات من مستثمرين خارجيين للمشاركة في تحمل تكاليف معرض إكسبو.

شكرنا السيد بيتر على ما حصلنا عليه من معلومات مفيدة، وقد كان واضحا على محيانا إعجابنا الشديد بهذه الجهود المبذولة. وقد أخبرنا السيد بيتر أنه عاش في الولايات المتحدة لمدة (25) عاما، وأنه استفاد كثيرا من تلك المدة التي قضاها هناك، وأنه عاد الآن ليخدم بلده ويساهم في إنجاح أهم مشروع تنوي المجر إنجازه في الفترة الحالية. انطلقنا مسرعين أنا وزميلي فالساعة الآن الثانية عشرة بعد الظهر، ونحن سنغادر بودابست في الساعة الرابعة أي بعد أربع ساعات.

المجر الآن أمامها أهم التحديات، كي تثبت قدرتها وفعاليتها، فإذا نجح المجريون في تنظيم وإدارة معرض إكسبو الدولي فسيعتبر هذا النجاح هو انطلاقتهم في الاتجاه الصحيح وهذا ما يحرص عليه المجريون فعلا، فهم الآن يستعدون لتوفير جميع سبل الراحة للسياح والزوار، إضافة إلى أنهم يقومون بتحديث جميع الوسائل والخدمات التي يحتاج إليها السائح ابتداء من (طيران الماليف) والطيران الهنجاري الذي باعوا (35) في المائة من أسهمه لشركة الطيران الإيطالية، ثم قيامهم بتحديث أسطول الطائرات التابع لهم والتخلص من الطائرات الروسية القديمة، إضافة إلى تحويل المطار العسكري الضخم الموجود في المجر إلى مطار مدني، وتطوير طريق السكك الحديدية والطرق العادية.. المجريون يقولون: لدينا آمال كبيرة، وأمامنا تحديات كثيرة حتى مطلع عام 1996.

وصلنا إلى المطار.. وأقلعت بنا الطائرة، ونحن في الجو، ودعت أرض بودابست بنظرة حانية، فهذا البلد يجعلك تشتاق له دائما، خاصة بعد أن تتعرف عليه عن كثب وتعرف أحواله وتاريخه، بلد يبلغ من العمر (1100) عام، مرت عليه أحداث عديدة، وعهود متعددة، ابتداء من العهد الملكي وانتقالا إلى العهد الشيوعي. وهاهي المجر الآن تعيش عصرها الثالث.

 

ماضي الخميس 







صورة الغلاف





المجر تعيش عصرها الثالث





إحدى الحارات الجميلة في مدينة سنتندرا





فتاتان من المدينة وإطلالة على المستقبل





أحد المحلات الحديثة في بودابست





تمثال الحرية على أعلى قمة في بودابست





خريطة المجر توضح موقعها وأهم المدن بها





قلعة الصيادين في بودابست





فتاة تعمل في مصنع سامسونج





لقطة داخلية لمصنع القطارات





أحد الشوارع التجارية في قلب العاصمة بودابست





ميدان الحصن في قلب العاصمة بودابست





طفل بالزي التقليدي القديم





إحدى الرقصات الفلكورية التراثية





زيسموند دفروز سانكي مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية المجرية





بيتر كيرتزي مساعد المدير المسئول عن تنفيذ مشروع إكسبو





فتاة تنقش على الدمى بالألوان الجذابة





سيدة من الجيل القديم تعرض بضاعتها





عجوز من الجيل القديم يطالع إحدى الصحف المجرية





عرض بيع للملابس الشيوعية القديمة





السبعة العظام وهي عبارة عن دمى للرؤساء الشيوعيين السابقين





تي شرت مكتوب عليه كارل ماركس مطلوب حيا أو ميتاً





إحدى الساعات والقبعات للشيوعيين السابقين معروضة للبيع





إحدى المقاهي على نهر الدانوب





في سوق الأحد أحد العازفين يعرض مهاراته في العزف





منظر عام لمدينة بودابست





منظر داخلى لصالة مطار بودابست