محمد العيد آل خليفة شاعر المبدأ والدفاع عن الهُوية

محمد العيد آل خليفة  شاعر المبدأ والدفاع عن الهُوية

نضوتُ عن كاهلي أسمال الكسل الذي دهمني منذ أسابيع، وحال بيني وبين الكتابة وتطريس المقالات، وهي عادة حميدة درجتُ عليها منذ مرحلة الصبا، وعزمتُ على العودة إلى ديوان أمير شعراء الجزائر، محمد العيد آل خليفة، وأنا كثيرًا ما أفضّل إطلاق هذه التسمية عليه، حيث استقرتْ هذه القناعة في وجداني إبان مرحلة الدراسة الجامعية، ثم ازدادت رسوخًا مع الأيام والأعوام كلما سنحت لي الظروف والأوقات بمطالعة ديوانه الشعري الضخم، ثمّ تبيّن لي بعد ذلك أنّ هذا اللقب أطلقه عليه أدباء من جيل الراسخين في الأدب والتاريخ والعلم، ومنهم شيخ المؤرخين الجزائريين د. أبو القاسم سعدالله، يرحمه الله, الذي يقول: «آلت إمارة الشعر إلى محمد العيد فأخذها عن جدارة، غير أنّ الأصوات الأخرى لم تسكت، لكن طالت عليها الطريق، فاستحبت الراحة على العناء».

 

يضيف‭ ‬سعد‭ ‬الله‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يتخذ‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬هذه‭ ‬الإمارة،‭ ‬إذ‭ ‬تسلّمها،‭ ‬طريقًا‭ ‬إلى‭ ‬الشهرة‭ ‬والتهريج،‭ ‬ولم‭ ‬يَحِد‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬عبّده‭ ‬أسلافه‭ ‬ووضعوا‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬القناديل،‭ ‬بل‭ ‬شقّ‭ ‬الطريق‭ ‬نفسها‭ ‬وخاض‭ ‬عين‭ ‬الوحل،‭ ‬لكنّه‭ ‬استطاع،‭ ‬بقدرة‭ ‬عجيبة،‭ ‬أن‭ ‬يضيف‭ ‬مصابيح‭ ‬أخرى‭ ‬باهرة‭ ‬الضياء‮»‬‭ (‬دراسات‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الجزائري‭ ‬الحديث‭ - ‬ص‭ ‬4‭).‬

وتلخّص‭ ‬حياة‭ ‬الشاعر‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملحمة‭ ‬الكفاح‭ ‬الجزائري‭ ‬الأصيل‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬وسرقة‭ ‬مقومات‭ ‬الهُويّة‭ ‬من‭ ‬دين‭ ‬ولغة‭ ‬وتاريخ‭ ‬وأصالة‭ ‬وعادات‭ ‬وتقاليد،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬مطالعة‭ ‬فصول‭ ‬حياته‭ ‬وشعره‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬اختصار‭ ‬أمين‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬شمائل‭ ‬الجزائريين‭ ‬وسماتهم‭ ‬ومدى‭ ‬شعورهم‭ ‬واعتزازهم‭ ‬بدينهم‭ ‬وجذور‭ ‬أرومتهم‭ ‬الفكرية‭ ‬والثقافية‭ ‬والحضارية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التاريخ‭.‬

مولده‭ ‬ونشأته‭ ‬وتعلّمه

هو‭ ‬محمد‭ ‬رضا‭ ‬العيد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وُلد‭ ‬بمدينة‭ ‬عين‭ ‬البيضاء‭ ‬بالشرق‭ ‬الجزائري‭ ‬يوم‭ ‬27‭ ‬مايو‭ ‬1323‭ ‬هـ‭ ‬الموافق‭ ‬لـ‭ ‬28‭ ‬أغسطس‭ ‬1904م؛‭ ‬أصله‭ ‬من‭ ‬محامد‭ ‬منطقة‭ ‬كوينين‭ ‬بوادي‭ ‬سوف،‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الجزائرية‭ ‬الشرقية،‭ ‬وهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬معروفة‭ ‬بصفاء‭ ‬الفطرة‭ ‬وتميّز‭ ‬المواهب‭ ‬الشعرية‭ ‬والأدبية؛‭ ‬وفي‭ ‬عين‭ ‬البيضاء‭ ‬أدخله‭ ‬والدُه‭ ‬الكُتّاب‭ ‬فأتمّ‭ ‬حفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وهو‭ ‬دون‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة؛‭ ‬كما‭ ‬أخذ‭ ‬بعض‭ ‬أبجديات‭ ‬اللغة‭ ‬والإملاء‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الشيخين‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬ناجي‭ ‬ومحمد‭ ‬الكامل‭ ‬بن‭ ‬المكي‭. ‬

كان‭ ‬والدُه‭ ‬رجلًا‭ ‬صالحًا‭ ‬ورعًا‭ ‬يشتغل‭ ‬بالتجارة،‭ ‬وشاء‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬تكثر‭ ‬أرباح‭ ‬تجارته،‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬يبادر‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مسجد‭ ‬ويُسهم‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬الأطفال‭ ‬الناشئين،‭ ‬لكنّه‭ - ‬ولأمر‭ ‬غير‭ ‬معروف‭ - ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬بسكرة،‭ ‬وكأنه‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬أجداده‭ ‬الأصلية،‭ ‬إذ‭ ‬إنّ‭ ‬بسكرة‭ ‬مجاورة‭ ‬لوادي‭ ‬سوف؛‭ ‬وفي‭ ‬بسكرة‭ ‬تتلمذ‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬على‭ ‬جُلّة‭ ‬من‭ ‬الشيوخ‭ ‬أشهرهم‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬إبراهيم،‭ ‬أحد‭ ‬خريجي‭ ‬جامع‭ ‬الزيتونة‭ ‬المعمور‭ ‬في‭ ‬الجارة‭ ‬الشقيقة‭ ‬تونس،‭ ‬وقد‭ ‬حبّب‭ ‬إليه،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬علوم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬الدراسة‭ ‬الزيتونية،‭ ‬ولذلك‭ ‬عقد‭ ‬العزم‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬1921‭ ‬على‭ ‬شدّ‭ ‬الرحال‭ ‬والالتحاق‭ ‬بجامع‭ ‬الزيتونة،‭ ‬وهو‭ ‬جامع‭ ‬وجامعة‭ ‬منذ‭ ‬قرون‭ ‬الإسلام‭ ‬الأولى،‭ ‬علمًا‭ ‬بأنّ‭ ‬جيل‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬والجيل‭ ‬الذي‭ ‬قبله‭ ‬من‭ ‬الجزائريين،‭ ‬تلقّوا‭ ‬العلوم‭ ‬العربية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬جامع‭ ‬الزيتونة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُفسّر‭ ‬مدى‭ ‬التضييق‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬الاحتلال‭ ‬الفرنسي‭ ‬البغيض‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬العربي‭ ‬الأثيل‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬وعلى‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يمتّ‭ ‬بصلة‭ ‬إلى‭ ‬مقومات‭ ‬الهُويّة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعربية‭.‬

‭ ‬وبعد‭ ‬قضاء‭ ‬سنتين‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬قفل‭ ‬العيد‭ ‬عائدًا‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‭ ‬دون‭ ‬استكمال‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬الدراسة،‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬تتعلق‭ ‬بمرض‭ ‬ألمّ‭ ‬به،‭ ‬مصممًا‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬وطنه‭ ‬وخدمة‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬التعليم،‭ ‬وهو‭ ‬الحقل‭ ‬الذي‭ ‬يفضله‭ ‬على‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬والمجالات،‭ ‬خصوصًا‭ ‬عندما‭ ‬لاحت‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬فرصة‭ ‬مناسبة‭ ‬سنة‭ ‬1927‭ ‬عندما‭ ‬دعته‭ ‬مدرسة‭ ‬الشبيبة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الحرّة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬العاصمة،‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إليها،‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬مثلّت‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬مَعلمًا‭ ‬حيويًا‭ ‬بارزًا،‭ ‬حيث‭ ‬ظلّ‭ ‬
بها‭ ‬مدرّسًا‭ ‬ثم‭ ‬مديرًا‭ ‬مدة‭ ‬تُنيفُ‭ ‬على‭ ‬اثنتي‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭. ‬

 

مساهمة‭ ‬مبكّرة

هناك‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬مهم‭ ‬طبع‭ ‬حياة‭ ‬العيد‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬العامرة‭ ‬بالعمل‭ ‬والجد‭ ‬والعطاء،‭ ‬هو‭ ‬المساهمة‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬القصائد‭ ‬والمقالات‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬والجرائد‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الإصلاحي،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬النجاح‮»‬‭ ‬و«الشهاب‮»‬‭ ‬و«المنتقد‮»‬‭ ‬و‮«‬الإصلاح‮»‬‭ ‬و«صدى‭ ‬الصحراء‮»‬‭ ‬و«الصراط‮»‬‭ ‬وغيرها‭.‬

وفي‭ ‬سنة‭ ‬1940‭ ‬انضمّ‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بمدينة‭ ‬باتنة،‭ ‬وظل‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬1947،‭ ‬ثم‭ ‬مدرسة‭ ‬العرفان‭ ‬بمدينة‭ ‬عين‭ ‬مليلة،‭ ‬التي‭ ‬ظلّ‭ ‬نشطًا‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬1954‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬أحد‭ ‬رجالات‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬وجمعية‭ ‬العلماء‭ ‬المسلمين‭ ‬الجزائريين،‭ ‬فقد‭ ‬ضيّقت‭ ‬عليه‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الخناق‭ ‬وحاصرت‭ ‬نشاطه‭ ‬وتأثيره‭ ‬في‭ ‬الجماهير،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬اندلاع‭ ‬ثورة‭ ‬نوفمبر‭ ‬لتحرير‭ ‬الجزائر،‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬المباركة‭ ‬التي‭ ‬استبشر‭ ‬بها‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬خيرًا،‭ ‬ومدحها‭ ‬بقوله‭:‬

‭ ‬

ثورةُ‭ ‬الشِّعر‭ ‬أنتجتْ‭ ‬ثورةَ‭ ‬الشَّعــ‭ ‬

ـبِ‭ ‬وعادتْ‭ ‬عليـه‭ ‬بالآلاءِ

أيّها‭ ‬الشعبُ‭ ‬أنتَ‭ ‬مُلهِمُ‭ ‬شعري

في‭ ‬كفاحي‭ ‬ومُلهِبُ‭ ‬الأحشاءِ

‭ ‬

‭ ‬وقد‭ ‬أُودع‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬السجن‭ ‬سنة‭ ‬1955،‭ ‬كما‭ ‬تعرّض‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬للمحاكمة‭ ‬والمساءلة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬على‭ ‬انتمائه‭ ‬ونشاطه،‭ ‬كما‭ ‬تذكر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬‮«‬وبعد‭ ‬محاكمته‭ ‬تمّ‭ ‬إطلاقُ‭ ‬سراحه،‭ ‬وفُرضت‭ ‬عليه‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬بمدينة‭ ‬بسكرة،‭ ‬وظلّ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬معزولًا‭ ‬عن‭ ‬الناس،‭ ‬كما‭ ‬خضع‭ ‬لرقابة‭ ‬ومتابعة‭ ‬صارمة‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬ثورة‭ ‬التحرير،‭ ‬حيث‭ ‬حُظر‭ ‬عليه‭ ‬مغادرة‭ ‬منزل‭ ‬إقامته،‭ ‬مع‭ ‬استنطاق‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‮»‬‭ (‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭... ‬دراسة‭ ‬تحليلية‭ ‬لحياته،‭ ‬تأليف‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سمينة،‭ ‬ص‭ ‬74‭).‬

ولم‭ ‬يشعر‭ ‬الشاعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬بنسمات‭ ‬الحريّة‭ ‬ولم‭ ‬يتذوّق‭ ‬عبق‭ ‬الانعتاق‭ ‬إلّا‭ ‬بعد‭ ‬جلاء‭ ‬المستعمر‭ ‬الفرنسي‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬الجزائر‭ ‬مطلع‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬1962م‭. ‬وكانت‭ ‬وفاته‭ ‬بمدينة‭ ‬باتنة،‭ ‬عاصمة‭ ‬الأوراس‭ ‬ومهد‭ ‬الثورة‭ ‬التحريرية،‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬7‭ ‬رمضان‭ ‬1399‭ ‬هـ‭ ‬الموافق‭ ‬31‭ ‬يوليو‭ ‬1979م،‭ ‬وقد‭ ‬نُقل‭ ‬جثمانه‭ ‬الطاهر‭ ‬إلى‭ ‬بسكرة‭ ‬ودُفن‭ ‬بمقبرة‭ ‬العزيلات‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬وفاته‭.‬

 

شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬

‭ ‬مَن‭ ‬يغلغل‭ ‬نظره‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬سوف‭ ‬يقتنع‭ ‬بأن‭ ‬شعره‭ ‬تناول‭ ‬مجمل‭ ‬الموضوعات‭ ‬والأغراض،‭ ‬سواء‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬القومية‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية‭. ‬

وقد‭ ‬قسّم‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬بوعدو،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬جمع‭ ‬شعر‭ ‬أستاذه‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬ضخم،‭ ‬كانت‭ ‬طبعته‭ ‬الأولى‭ ‬سنة‭ ‬1967‭ ‬م،‭ ‬قصائدَ‭ ‬الشاعر‭ ‬إلى‭ ‬الأقسام‭ ‬التالية‭: ‬الأدبيات‭ ‬والفلسفيات،‭ ‬والإسلاميات‭ ‬والقوميات،‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬والحِكميات،‭ ‬والاجتماعيات‭ ‬والسياسيات،‭ ‬واللزوميات،‭ ‬والإخوانيات،‭ ‬والثوريات،‭ ‬والمراثي،‭ ‬والذكريات،‭ ‬والمتفرقات،‭ ‬والألغاز،‭ ‬والأناشيد‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬الأستاذ‭ ‬باسم‭ ‬بلاّم‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بآخر‭ ‬عمل‭ ‬علمي‭ ‬تصدّى‭ ‬فيه‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬وتبويب‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬قسّم‭ ‬الديوان‭ ‬إلى‭ ‬ثمانية‭ ‬أبواب‭ ‬هي‭: ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬والغزل،‭ ‬وإسلاميات‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬وحِكميات،‭ ‬وفي‭ ‬الوطن‭ ‬والثورة‭ ‬والقومية‭ ‬العربية،‭ ‬واجتماعيات‭ ‬وإخوانيات،‭ ‬والمراثي،‭ ‬والألغاز،‭ ‬والأناشيد،‭ ‬والشعر‭ ‬المسرحي‭.‬

في‭ ‬مطلع‭ ‬ديوان‭ ‬العيد‭ ‬يطالع‭ ‬القارئ‭ ‬إهداءً‭ ‬بلغة‭ ‬القوافي،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإهداء‭ ‬يخاطب‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬نافخًا‭ ‬فيه‭ ‬روح‭ ‬الأمل‭ ‬والتوجه‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل،‭ ‬قائلًا‭: ‬

 

تحرّرَ‭ ‬من‭ ‬أمسه‭ ‬القاهــــر

وهبَّ‭ ‬إلـى‭ ‬غــدهِ‭ ‬الزاهر

حليفُ‭ ‬نضالٍ‭ ‬حمى‭ ‬أرضه

وحرّرهــا‭ ‬بالـدّم‭ ‬الزاخر

وواصلَ‭ ‬ثوراته‭ ‬صامدًا

ففــاز‭ ‬بتــحـريره‭ ‬الباهـــر

هو‭ ‬الشّعبُ‭ ‬فانزلْ‭ ‬على‭ ‬حكمه‭ ‬

وأذْعنْ‭ ‬لإجماعه‭ ‬الباتر

إذا‭ ‬ما‭ ‬أصرّ‭ ‬على‭ ‬مطلبٍ

فـقـُــلْ‭ ‬أبرَمَـــتْه‭ ‬يدُ‭ ‬القـــادر

لقد‭ ‬بذرَ‭ ‬الشّعــرُ‭ ‬فيه‭ ‬الفدى

وحسبُك‭ ‬بالشّـعر‭ ‬من‭ ‬باذر

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬مجالات‭ ‬وأغراض‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية،‭ ‬كما‭ ‬يتّضح‭ ‬جليًّا‭ ‬في‭ ‬أبواب‭ ‬ديوانه،‭ ‬فعندما‭ ‬نشر‭ ‬روبير‭ ‬آشيل،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬غلاة‭ ‬المستعمرين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬المتعصبين،‭ ‬مقالات‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬كان‭ ‬الاحتلال‭ ‬يصدرها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الجزائري،‭ ‬تُسمى‭ ‬عند‭ ‬ترجمة‭ ‬اسمها‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬بريد‭ ‬قسنطينة‮»‬،‭ ‬تحامل‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬كما‭ ‬هاجم‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأنه‭ ‬كتاب‭ ‬محرّف‭ ‬مثير‭ ‬للحروب‭ ‬وكراهية‭ ‬الآخر‭ ‬الديني‭ ‬والحضاري‭. ‬

وقد‭ ‬أثار‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬المتعصب‭ ‬واستفزّ‭ ‬الشاعر‭ ‬العيد،‭ ‬فردّ‭ ‬عليه‭ ‬بقصيدة‭ ‬رائعة‭ ‬مُترعة‭ ‬بحرارة‭ ‬العقيدة‭ ‬ووضاءة‭ ‬الإيمان‭ ‬وسلامة‭ ‬التفكير،‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬هذيان‭ ‬آشيل‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬بعض‭ ‬أبياتها‭:‬

‭ ‬

هيهاتَ‭ ‬لا‭ ‬يعتري‭ ‬القرآنَ‭ ‬تبديلُ

وإنْ‭ ‬تبدّلَ؛‭ ‬توراةٌ‭ ‬وإنجيلُ

قل‭ ‬للذين‭ ‬رموا‭ ‬هذا‭ ‬الكتابَ‭ ‬بما

لم‭ ‬يتفق‭ ‬معه‭ ‬شرحٌ‭ ‬وتأويلُ

ماذا‭ ‬تقولون‭ ‬في‭ ‬سِفرٍ‭ ‬صحائفه

هَدْيٌ‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ممضٍ‭ ‬فيه‭ ‬جبريلُ؟

آياتُه‭ ‬بهُدَى‭ ‬الإسلام‭ ‬ما‭ ‬برحتْ

تهدي‭ ‬الممالك‭ ‬جيلًا‭ ‬بعده‭ ‬جيلُ

فآيةٌ‭ ‬ملؤها‭ ‬ذكرى‭ ‬وتبصرةٌ

وآيةٌ‭ ‬ملؤها‭ ‬حُكمٌ‭ ‬وتفصيلُ

ما‭ ‬بال‭ ‬آشيل‭ ‬يهذي‭ ‬في‭ ‬مقالته

كحاكمٍ‭ ‬راعه‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬تخييلُ؟

 

ردود‭ ‬مفحمة

ثم‭ ‬يُحيي‭ ‬الشاعر‭ ‬العيد‭ ‬رفيق‭ ‬دربه‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬والدعوة‭ ‬والصمود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عروبة‭ ‬الجزائر‭ ‬وإسلامها،‭ ‬الشيخ‭ ‬الإمام‭ ‬عبدالحميد‭ ‬بن‭ ‬باديس،‭ ‬رائد‭ ‬النهضة‭ ‬الفكرية‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬الذي‭ ‬أفحم‭ ‬آشيل‭ ‬بردود‭ ‬مفحمة‭ ‬مسنودة‭ ‬بالأدلة‭ ‬والبراهين‭ ‬الدامغة‭ ‬استغرقت‭ ‬سبع‭ ‬مقالات‭ ‬متتالية،‭ ‬فيقول‭: ‬

عبدالحميد‭ ‬رعاكَ‭ ‬اللهُ‭ ‬من‭ ‬بطلٍ

ماضي‭ ‬الشكيمة‭ ‬لا‭ ‬يلويكَ‭ ‬تهويلُ

دمغتَ‭ ‬أقوال‭ ‬آشيل‭ ‬كما‭ ‬دَمَغَتْ‭ ‬

أبطالَ‭ ‬أبرهـةٍ‭ ‬طـيرُ‭ ‬الأبابيلُ

عليك‭ ‬منّي‭ ‬وإنْ‭ ‬قصّرتُ‭ ‬في‭ ‬كلمي‭ ‬

تحيـة‭ ‬ملـؤها‭ ‬بِشرٌ‭ ‬وتهـليلُ

 

‭ ‬وفي‭ ‬موضع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬ديوانه‭ ‬نلفى‭ ‬العيد‭ ‬يحثّ‭ ‬الإنسان‭ ‬المسلم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتشبّث‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬بقوة‭ ‬الله‭ ‬القادر،‭ ‬وأن‭ ‬يستمسك‭ ‬بعزّه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُضام‭ ‬وبكنفه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُرام،‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬صعاب‭ ‬الحياة‭ ‬ومكابدة‭ ‬مشاقّها‭ ‬التي‭ ‬تُطبّق‭ ‬أحيانًا‭ ‬بلأوائها‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الناس،‭ ‬فتؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬إرادتهم،‭ ‬فيقول‭: ‬

 

فيا‭ ‬أيُّها‭ ‬الإنسانُ‭ ‬دنياك‭ ‬صعبةٌ‭ ‬

فكن‭ ‬أنتَ‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬كفاحك‭ ‬أصعبا

وحولك‭ ‬آفاتٌ‭ ‬من‭ ‬الخَلْق‭ ‬جمّةٌ

تَنُوشُكَ،‭ ‬فاحذرِ‭ ‬أن‭ ‬تُصابَ‭ ‬وتُعطبا

ومن‭ ‬فرَّ‭ ‬من‭ ‬بعضِ‭ ‬العباد‭ ‬لبعضهم

فقد‭ ‬فرَّ‭ ‬من‭ ‬أفعى‭ ‬ليقْرُبَ‭ ‬عقربا

فكُن‭ ‬هاربًا‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬وحده

ولم‭ ‬أر‭ ‬غيرَ‭ ‬اللهِ‭ ‬للمرءِ‭ ‬مهربا

 

ولعلّه‭ ‬من‭ ‬العدل‭ ‬والإنصاف‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬شعر‭ ‬العيد،‭ ‬الذي‭ ‬غطّى‭ ‬جلّ‭ ‬الأغراض،‭ ‬يصدُق‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الأمير‭ ‬شكيب‭ ‬أرسلان‭ ‬عن‭ ‬شعر‭ ‬أمير‭ ‬الشعراء‭ ‬أحمد‭ ‬شوقي،‭ ‬يرحمه‭ ‬الله،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬قوله‭:‬

‭ ‬

يتمثّلُ‭ ‬العصرَ‭ ‬الحديثَ‭ ‬بشعره‭ ‬

حقَّ‭ ‬التمثُّلِ‭ ‬من‭ ‬جميعِ‭ ‬جهاتِهِ

ولَرُبَّ‭ ‬بيتٍ‭ ‬يستقلُّ‭ ‬بجملةٍ

تُغني‭ ‬عن‭ ‬التاريخِ‭ ‬في‭ ‬صفحاتِهِ

ما‭ ‬حلَّ‭ ‬بالإسلام‭ ‬حَيفُ‭ ‬مصيبةٍ‭ ‬

إلاّ‭ ‬وكان‭ ‬بها‭ ‬لســانَ‭ ‬شَكـاتِهِ

قد‭ ‬لازم‭ ‬الإنصافَ‭ ‬في‭ ‬أحكامهِ‭ ‬

لا‭ ‬فـرقَ‭ ‬بين‭ ‬صِحابِهِ‭ ‬وعِـداتِهِ

أشعارُهُ‭ ‬تحيا‭ ‬وتُحيي‭ ‬أمــةً

تجدُ‭ ‬الحيـاةَ‭ ‬الحـقَّ‭ ‬في‭ ‬كلمــاتِهِ

 

مؤلّفات‭ ‬وأطروحات‭ ‬عن‭ ‬العيد‭ ‬

كانت‭ ‬حياة‭ ‬الشاعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬وأدبه‭ ‬مجال‭ ‬احتفاء‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤلفين‭ ‬والكُتّاب‭ ‬والباحثين‭ ‬الأكاديميين،‭ ‬حيث‭ ‬تناوله‭ ‬بالبحث‭ ‬والتحليل‭ ‬عديد‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬ومرايا‭ ‬مختلفة،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أشهر‭ ‬المؤلفات‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬أدبه‭ ‬وشعره‭ ‬نذكر‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬

‭- ‬شاعر‭ ‬الجزائر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬لشيخ‭ ‬المؤرخين‭ ‬الجزائريين‭ ‬الدكتور‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬سعدالله‭.‬

‭- ‬لغة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬للدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬جودي‭.‬

‭- ‬البنى‭ ‬الأسلوبية‭ ‬في‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭... ‬دراسة‭ ‬تطبيقية‭ ‬على‭ ‬ديوانه‭ ‬للدكتور‭ ‬نصرالدين‭ ‬بن‭ ‬زروق‭.‬

‭- ‬الجملة‭ ‬الإنشائية‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭... ‬دراسة‭ ‬نحوية‭ ‬دلالية‭ ‬للدكتور‭ ‬بلقاسم‭ ‬دفة‭.‬

‭- ‬تكملة‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬للدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سمينة‭.‬

‭- ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬الجزائر‭: ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬تأليف‭ ‬سليمة‭ ‬كبير‭.‬

‭- ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أمير‭ ‬شعراء‭ ‬الجزائر‭ ‬والشمال‭ ‬الإفريقي،‭ ‬للأستاذ‭ ‬باسم‭ ‬بلّام‭.‬

‭- ‬معايير‭ ‬النصيّة‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬أطروحة‭ ‬جامعية‭) ‬للدكتور‭ ‬الطيب‭ ‬العزالي‭ ‬قواوة‭.‬

‭- ‬ملامح‭ ‬المقاومة‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬أطروحة‭ ‬جامعية‭) ‬للدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬لقان‭.‬

 

شهادات‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬وأدبه

الأدباء‭ ‬والأعلام‭ ‬الذين‭ ‬شهدوا‭ ‬للشاعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬بالموهبة‭ ‬والاستقامة‭ ‬والشجاعة‭ ‬والثبات‭ ‬على‭ ‬المبدأ‭ ‬كثيرون،‭ ‬ولذلك‭ ‬سأكتفي‭ ‬بهذه‭ ‬الشهادات‭: ‬

يقول‭ ‬الأديب‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬البشير‭ ‬الإبراهيمي‭: ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬شاعر‭ ‬الشباب،‭ ‬وشاعر‭ ‬الجزائر،‭ ‬بل‭ ‬شاعر‭ ‬الشمال‭ ‬الإفريقي‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭. ‬شاعر‭ ‬مستكمل‭ ‬الأدوات،‭ ‬خصيب‭ ‬الذهن،‭ ‬رحب‭ ‬الخيال،‭ ‬متّسع‭ ‬جوانب‭ ‬الفكر،‭ ‬طائر‭ ‬اللمحة،‭ ‬مشرق‭ ‬الديباجة،‭ ‬متين‭ ‬التركيب،‭ ‬فحل‭ ‬الأسلوب،‭ ‬فخم‭ ‬الألفاظ،‭ ‬مترقرق‭ ‬القوافي،‭ ‬لبق‭ ‬في‭ ‬تصريف‭ ‬الألفاظ‭ ‬وتنزيلها‭ ‬في‭ ‬مواضعها،‭ ‬بصير‭ ‬بدقائق‭ ‬استعمالات‭ ‬البلغاء،‭ ‬فقيه‭ ‬محقق‭ ‬في‭ ‬مفردات‭ ‬اللغة‭ ‬علمًا‭ ‬وعملًا،‭ ‬وقّافٌ‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬القواعد‭ ‬العلمية،‭ ‬محترم‭ ‬للأوضاع‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬اللغة‭ ‬كلها‭.‬

ثم‭ ‬يستتلي‭ ‬الشيخ‭ ‬الإبراهيمي‭ ‬باسطًا‭ ‬شهادته‭ ‬في‭ ‬أدب‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬على‭ ‬كثرته‭ ‬على‭ ‬شذوذ‭ ‬أو‭ ‬رخصة‭ ‬أو‭ ‬تسمُّح‭ ‬في‭ ‬قياس‭ ‬أو‭ ‬تعقيد‭ ‬في‭ ‬تركيب‭ ‬أو‭ ‬معاضلة‭ (‬تعقيد‭) ‬في‭ ‬أسلوب‭. ‬

بارع‭ ‬الصنعة‭ ‬في‭ ‬الجناس‭ ‬والطباق‭ ‬وإرسال‭ ‬المثل‭ ‬والترصيع‭ ‬بالنّكت‭ ‬الأدبية‭ ‬والقصص‭ ‬التاريخية‭. ‬ومن‭ ‬يعرف‭ ‬العيد‭ ‬ويعرف‭ ‬إيمانه‭ ‬وتقواه‭ ‬وتديّنه‭ ‬وتخلّقه‭ ‬بالفضائل‭ ‬الإسلامية،‭ ‬يعرف‭ ‬أنّ‭ ‬روح‭ ‬الصدق‭ ‬المتفشية‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬صدق‭ ‬الإيمان‭ ‬وصحة‭ ‬التخلّق‭.‬

رافق‭ ‬شعرُه‭ ‬النهضة‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحلها،‭ ‬وله‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬ناحية‭ ‬من‭ ‬نواحيها،‭ ‬وفي‭ ‬كلّ‭ ‬طور‭ ‬من‭ ‬أطوارها،‭ ‬وفي‭ ‬كلّ‭ ‬أثر‭ ‬من‭ ‬آثارها،‭ ‬القصائد‭ ‬الغرّ‭ ‬والمقاطع‭ ‬الخالدة‮»‬‭.‬

 

شكيب‭ ‬أرسلان

يقول‭ ‬عنه‭ ‬أمير‭ ‬البيان‭ ‬شكيب‭ ‬أرسلان‭ ‬‮«‬كلما‭ ‬قرأت‭ ‬شعرًا‭ ‬لمحمد‭ ‬العيد‭ ‬الجزائري،‭ ‬تأخذني‭ ‬عزّةُ‭ ‬طربٍ‭ ‬تملّك‭ ‬عليّ‭ ‬جميع‭ ‬مشاعري،‭ ‬فأقول‭: ‬لَإنْ‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬شاعٌر‭ ‬يصحّ‭ ‬أن‭ ‬يمثّل‭ ‬‮«‬البهاء‭ ‬زهيرًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬سلاسة‭ ‬نَظمه‭ ‬وخفّة‭ ‬روحه‭ ‬ودقّة‭ ‬شعوره‭ ‬وجودة‭ ‬سبكه‭ ‬واستحكام‭ ‬قوافيه‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬القارئ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إليها،‭ ‬فيكون‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬الذي‭ ‬أقرأ‭ ‬له‭ ‬القصيدة‭ ‬مرّتين‭ ‬وثلاثاً،‭ ‬ولا‭ ‬أملّ،‭ ‬وتمضي‭ ‬الأيام‭ ‬وعذوبتها‭ ‬في‭ ‬فمي‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬يُظنُّ‭ ‬أنّ‭ ‬القطر‭ ‬الجزائري‭ ‬تأخّر‭ ‬عن‭ ‬إخوته‭ ‬سائر‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الأدب،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الشّعر،‭ ‬ولعله‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭ ‬سيُعوّضُ‭ ‬الفرق،‭ ‬بل‭ ‬يسبق‭ ‬غيره‭ ‬بمحمد‭ ‬العيد‮»‬‭ (‬مجلة‭ ‬الشهاب،‭ ‬ج1،‭ ‬ع13،‭ ‬1937م‭)‬

‭ ‬وعندما‭ ‬أصبح‭ ‬نجل‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬البشير‭ ‬الإبراهيمي،‭ ‬د‭. ‬أحمد‭ ‬طالب‭ ‬الإبراهيمي،‭ ‬وزيرًا‭ ‬للتربية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬استقلال‭ ‬الجزائر،‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬طبع‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬وحقق‭ ‬أمنية‭ ‬والده‭ ‬وأمنية‭ ‬رجال‭ ‬الأدب‭ ‬والإصلاح‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬فكتب‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬وطبع‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬أمنية‭ ‬عزّ‭ ‬منالُها‭ ‬قبلًا،‭ ‬ولقد‭ ‬خامَرتْ‭ ‬هذه‭ ‬الأمنية‭ ‬نفوس‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬العلم‭ ‬والأدب‭ ‬والإصلاح‭ ‬بالجزائر،‭ ‬فمات‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬وفي‭ ‬نفوسهم‭ ‬حرقة‭ ‬وأسى‭ ‬عميق‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬نشر‭ ‬هذا‭ ‬الديوان،‭ ‬لأنّ‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬سايرَ‭ ‬نهضة‭ ‬الجزائر‭ ‬الحديثة‭ ‬وواكبها،‭ ‬فهو‭ ‬قلبها‭ ‬الخافق‭ ‬ولسانها‭ ‬الناطق‭ ‬وترجمانها‭ ‬الصادق،‭ ‬وهو‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬بلاغة‭ ‬التعبير‭ ‬وصدق‭ ‬التصوير‭ ‬يمثّل‭ ‬الإيمان‭ ‬بالدين‭ ‬والوطن‭. ‬

وعسى‭ ‬اللهَ‭ ‬أن‭ ‬يعين‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تخطو‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬خطواتٍ،‭ ‬وتثبَ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬وثباتٍ،‭ ‬فبعونه‭ ‬سبحانه‭ ‬تتم‭ ‬الصالحات‮»‬‭.‬

 

دورٌ‭ ‬كبيرٌ

يقول‭ ‬عنه‭ ‬الباحث‭ ‬د‭. ‬إبراهيم‭ ‬لقان‭: ‬‮«‬وقد‭ ‬كان‭ ‬للشاعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬دورٌ‭ ‬كبيرٌ‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدريسه‭ ‬لها‭ ‬بالمدارس‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬جمعية‭ ‬العلماء‭ ‬وهو‭ ‬طرفٌ‭ ‬فيها،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدبّجه‭ ‬من‭ ‬مقالات‭ ‬ينشرها‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والجرائد،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القصائد‭ ‬الغرّ‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يلقيها‭ ‬مطلع‭ ‬كلّ‭ ‬مناسبة‭ ‬في‭ ‬الأندية‭ ‬والمدارس‮»‬‭ (‬ملامح‭ ‬المقاومة‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭).‬

‭ ‬وكتب‭ ‬المفكر‭ ‬الألمعي‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬الهادي‭ ‬الحسني‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬شاعر‭ ‬الحكمة‭ ‬البالغة‭ ‬والوطنية‭ ‬الصادقة‭ ‬والتديّن‭ ‬الورع،‭ ‬والمعاني‭ ‬الجليلة‭ ‬والمبادئ‭ ‬النبيلة‭ ‬والمواقف‭ ‬الشريفة‭... ‬وقد‭ ‬أنحى‭ ‬الإمام‭ ‬الإبراهيمي‭ ‬باللوائم‭ ‬على‭ ‬الجزائريين‭ ‬الذين‭ ‬جهلوا‭ ‬قيمة‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬ولم‭ ‬يقدّروه‭ ‬حقّ‭ ‬قدره،‭ ‬فخطب‭ ‬فيمن‭ ‬حضر‭ ‬تدشين‭ ‬مدرسة‭ ‬بمدينة‭ ‬بسكرة‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬إنكم‭ ‬جهلتم‭ ‬قدر‭ ‬شاعركم،‭ ‬وواطأكم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الجهل‭ ‬الجزائريون‭ ‬جميعًا،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬في‭ ‬أمة‭ ‬غير‭ ‬الأمة‭ ‬الجزائرية‭ ‬لكان‭ ‬له‭ ‬شأنٌ‭ ‬يستأثر‭ ‬بهوى‭ ‬النفسِ‭ ‬وذِكْرٌ‭ ‬يسيرُ‭ ‬مسير‭ ‬الشمس‮»‬‭.‬

ثم‭ ‬يستتلي‭ ‬الأستاذ‭ ‬الحسني‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬من‭ ‬المعجبين‭ ‬بجهاد‭ ‬محمد‭ ‬العيد،‭ ‬الكبير،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬دينه‭ ‬ولسانه،‭ ‬وأرضه‭ ‬وعرضه‭ ‬ووطنه‭ ‬وشعبه،‭ ‬فاستحقّ‭ ‬وصف‭ (‬صوت‭ ‬الجزائر‭) ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬عليه‭ ‬المستشرق‭ ‬الألماني‭ ‬وِلهِيلهمْ‭ ‬هوينَرْباخ‭... ‬لستُ‭ ‬مؤهلًا‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬فنيًا،‭ ‬فما‭ ‬عٌلّمتُ‭ ‬الشعرَ،‭ ‬ولكنني‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬القول‭ ‬الجميل‭ ‬والعمل‭ ‬الجليل‭ ‬والرأي‭ ‬الأصيل‭ ‬والموقف‭ ‬النبيل،‭ ‬فأطرب‭ ‬لذلك‭ ‬وأهتز‮»‬‭ (‬الأعمال‭ ‬الكاملة‭ ‬لمحمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬صحيفة‭ ‬الشروق‭ ‬اليومي،‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ / ‬12‭ / ‬2018‭ ‬م‭).‬

ويقول‭ ‬عنه‭ ‬الأديب‭ ‬الشاعر‭ ‬سليمان‭ ‬جوادي‭: ‬‮«‬تولّدتْ‭ ‬لديَّ‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬العلاقة‭ ‬الروحية‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬محلّ‭ ‬إشادة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الوالد،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يُثني‭ ‬كثيرًا‭ ‬على‭ ‬أخلاقه‭ ‬الموسومة‭ ‬بالتواضع‭ ‬ونكران‭ ‬الذات،‭ ‬ويحدّثني‭ ‬عن‭ ‬زهده‭ ‬وورعه‭ ‬وتصوّفه‭.‬

 

ردّ‭ ‬جميلِ

إنّ‭ ‬الاهتمام‭ ‬بشخصية‭ ‬بحجم‭ ‬وقامة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬وبآثاره‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬ردّ‭ ‬لجميلِ‭ ‬جيلٍ‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬الجزائريين‭ ‬الذين‭ ‬سخّروا‭ ‬فكرهم‭ ‬وملَكتهم‭ ‬ومواهبهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أمّتهم‭ ‬وشعبهم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينتظروا‭ ‬مقابلًا‭ ‬ماديًا‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬معنويًا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬كلّ‭ ‬همّهم‭ ‬أداء‭ ‬رسالتهم‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬وتبليغها‭ ‬للأجيال‭ ‬في‭ ‬أبهى‭ ‬وأجمل‭ ‬وأصدق‭ ‬صورة‮»‬‭.‬

فهذا‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬الصحراء‭ ‬الجزائرية‭ ‬المترعة‭ ‬بالمواهب‭ ‬والعبقريات،‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرّف‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬العربي‭ ‬الغراء،‭ ‬كي‭ ‬يطمئن‭ ‬القارئ‭ ‬والمثقف‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬عروبة‭ ‬الجزائر‭ ‬وشموخها‭ ‬وشِماسِها‭ ‬بأصالتها‭ ‬وأرومتها‭ ‬الموغلة‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬يقول‭ ‬شيخ‭ ‬المؤرخين‭ ‬الجزائريين‭ ‬د‭. ‬أبوالقاسم‭ ‬سعدالله‭: ‬‮«‬يُخطئ‭ ‬مَن‭ ‬يظن‭ ‬أنّ‭ ‬العروبة‭ ‬قد‭ ‬اختفت‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬خطأ‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحسبون‭ ‬أن‭ ‬ضفاف‭ ‬المتوسط‭ ‬ومروج‭ ‬الأطلس‭ ‬لم‭ ‬تلد‭ ‬شعرًا‭ ‬ولا‭ ‬شعراء،‭ ‬ولم‭ ‬تمنح‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬سوى‭ ‬روافد‭ ‬من‭ ‬بجاية‭ ‬وتلمسان‭ ‬وقسنطينة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬على‭ ‬عهدها‭ ‬تضيءُ‭ ‬العبقرية‭ ‬وتبعث‭ ‬المواهب‭ ‬وتنتج‭ ‬الشاعرية‭ ‬وتزفّ‭ ‬إلى‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬معطيات‭ ‬جديدة‮»‬‭ (‬دراسات‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الجزائري‭ ‬الحديث‭ - ‬ص‭ ‬31‭).‬

‭ ‬وأنا‭ ‬أضيف‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬أنّ‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬تحديدًا،‭ ‬له‭ ‬خصائص‭ ‬وسمات‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬لدى‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬أدباء‭ ‬الجزائر‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وقد‭ ‬اطّلع‭ ‬على‭ ‬شعره‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬الأدباء‭ ‬والنقاد‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬هو‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬الخطراوي،‭ ‬يرحمه‭ ‬الله،‭ ‬فشُغف‭ ‬به‭ ‬وجعل‭ ‬شعره‭ ‬موضوعًا‭ ‬لأطروحته‭ ‬في‭ ‬الدكتوراه‭. ‬والغريب‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الشغف‭ ‬حدثني‭ ‬عنه‭ ‬كثيرون‭ ‬ممن‭ ‬أتيح‭ ‬لهم‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬ديوان‭ ‬محمد‭ ‬العيد‭. ‬فهل‭ ‬ستُسهم‭ ‬دراسات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬أسرار‭ ‬هذا‭ ‬الشاعر‭ ‬العبقري‭ ‬الموهوب؟‭ ‬