ورحل راعي الثقافة والمثقفين

ورحل راعي الثقافة والمثقفين

بدايةً، أعزي أنفسنا وأعزي أسرة آل الصباح الكريمة والشعب الكويتي والعالم بأسره في وفاة سمو الشيخ صباح الأحمد، قائد العمل الإنساني، طيب الله ثراه.
وعزاؤنا في فقده بتسلّم سمو الشيخ نواف الأحمد مقاليد الحكم، فهو خير خلف لخير سلف، واختياره سمو الشيخ مشعل الأحمد عضيدًا وسندًا له، وهو الرجل القوي الأمين، نسأل الله سبحانه وتعالى لسموّهما التوفيق والسَّداد في قيادة دفة سفينة الكويت وإيصالها إلى برّ الأمان في ظل الظروف الدولية الشائكة، والتي لا تخفى على أحد.
لقد حظيت المؤسسات الثقافية في دولة الكويت برعاية سمو الأمير الراحل وبدعمه المعنوي، باعتبار هذه المؤسسات جزءًا من رسالة الكويت الثقافية... ومن هذه المؤسسات مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، التي كان سموه راعيًا لكثير من أنشطتها الثقافية.
ومن ذلك ملتقى محمد بن لعبون في أكتوبر 1997، فقد عقد هذا الملتقى على مسرح المعاهد الخاصة برعاية وحضور سموه، وبمعيته حضر عدد من الوزراء والشيوخ وأعضاء من مجلس الأمة وسفراء الدول الشقيقة والصديقة المعتمدين في الكويت وعدد كبير من كبار الشخصيات، وقد استهل حفل الافتتاح بكلمة لسمو لأمير الراحل جاء فيها «إن هذا الملتقى يذكرّنا بأولئك الشعراء النبطيين رجالًا ونساءً الذين أثروا حياتنا وثقافتنا الشعبية بما جادت به وأبدعته قرائحهم من جميل الشعر وأجزله، حيث كانت أشعارهم بمنزلة سجل مشرِّف لهذه المنطقة دوّنت به أحداثها وأرّخت به أمجادها».
وفي عام 2002 تم الاحتفال بوضع حجر الأساس لمكتبة البابطين المركزية للشعر العربي برعاية سموه - يرحمه الله - حيث كان وقتها رئيس مجلس الوزراء بالنيابة وزير الخارجية، وقد أناب سموه عنه بالحضور وزير الإعلام وقتها الشيخ أحمد الفهد. 
وتم افتتاح المكتبة بتاريخ 8/4/2006 برعاية وحضور الأمير الراحل، حيث دُعي لحضور حفل الافتتاح أكثر من مئتي شخصية عربية وأجنبية في المجالات الثقافية والفكرية والإعلامية والسياسية.
كما نظمت المؤسسة ملتقى الكويت الأول للشعر العربي بالعراق في شهر مايو 2005 برعاية وحضور سمو الشيخ صباح، يرحمه الله، وكان آنذاك رئيس مجلس الوزراء، وقد نظمته المؤسسة في إطار التواصل مع شعراء العراق وأدبائه ومثقفيه، بعد غياب قسري فرضه النظام العراقي السابق عليهم فترة طويلة.
وفي الدورة العاشرة للمؤسسة (دورة شوقي ولامارتين) التي عقدت في باريس خلال أكتوبر 2006 أرسل سموه، وقتها، رسالة تهنئة لنا بمناسبة افتتاح الدورة، أشاد فيها بالجهود المبذولة في الإعداد والتنظيم لهذه الدورة، وما حظيت به من اهتمام ومشاركة من العديد من الشخصيات السياسية عالية المستوى والعديد من المهتمين في مجالات الثقافة. وهذا يدل على متابعة سموه الكبيرة لأنشطة المؤسسة وبرامجها المتعددة.
وعقدت الدورة الحادية عشرة للمؤسسة (دورة معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين) في أكتوبر 2008 برعاية سموه، حيث أناب عنه سمو الشيخ صباح الخالد، الذي كان حينها وزيرًا للإعلام، وقد أشاد سموه - يرحمه الله - بدور المؤسسة الفعّال في فتح نوافد الحوار بين الثقافات، مؤكدًا دور المؤسسة البارز في خدمة الثقافة العربية، وأن الكويت عبر مؤسساتها الثقافية الرسمية والأهلية تخدم الثقافة العربية، إيمانًا منها بأنها الأصل والملاذ، ومشيدًا سموه كذلك بدور المؤسسة الرائد في نشر الثقافة العربية وتوسيع أطر الاهتمام بها من خلال الاحتكاك والتفاعل مع الثقافات الأخرى، لكي تسهم في تقريب الثقافة العربية لشعوب العالم، ولتفتح نوافذ في حوار الثقافات وتفاهمها وتصالحها.
  وقد تشرّفت بتقليده سموه - يرحمه الله - لي في عام 2005 «وسام الكويت ذو الوشاح من الدرجة الأولى» نيابة عن سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، الذي منحني إياه تقديرًا من سموه لدوري في خدمة الشعر العربي ونشر الثقافة العربية.

القطاع الخاص ودور سموه
عزز سمو الأمير الراحل دور القطاع الخاص في دعم التنمية الاقتصادية، فعمل على دعم الإصلاح ومحاربة الفساد وترسيخ دعائم التنمية بتنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات، وحفّز العمل لتحقيق رؤيته الهادفة إلى تحويل الكويت مركزًا ماليًا وتجاريًا عالميًا من خلال تأسيس البنية التحتية والتوسع في حركة العمران التي تحتاجها البلاد لهذا التحول، إضافة إلى تدريب الشباب وتأهيلهم ليصبحوا كوادر وطنية تقوم النهضة على كاهلها في جميع المجالات، فقد كان سموه يرى أن الكويت تمتلك كل مقومات النجاح من عقول وكفاءات اقتصادية مشهود لها بالتميز في كل أنحاء العالم.
أما خطة أو «رؤية الكويت 2035» فقد وُضِعت خطوطها وتفاصيلها وآليات تنفيذها بتوجيهاته - يرحمه الله - حتى من قبل تسلّمه سدة الحكم، ليقوم القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي وتحقيق التنمية البشرية، ويعمل على رفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز مؤسسي داعم لكلّ التحولات الاقتصادية المستقبلية من خلال البنية التشريعية الجيدة والنظام القضائي المتكامل والسياسة المتزنة.
وكان لسموه الدور الرئيسي في إنشاء صندوق لتمويل المبادرين من الشباب الكويتيين من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لما تشكّله هذه المشروعات من أهمية للاقتصاد الوطني، وقد استفاد من هذا الصندوق عدد كبير من أبناء الكويت، وتوجهوا للعمل في القطاع الخاص ليكونوا هم أصحاب أعمال بدلًا من الاعتماد على القطاع العام والتسابق للحصول على الوظائف، مما يزيد من الأعباء التي تتحملها الدولة ■