عندما نلقي
الأضواء على الألقاب عند العرب والمسلمين، فلابد من الرجوع إلى الوراء قرونا سابقة
إلى صدر الإسلام، فالألقاب عرفها العرب منذ صدر الإسلام، ومن الأمور التي أجمع
عليها المؤرخون أن أول لقب أطلق في الإسلام كان ذلك الذي أطلقته قريش على النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم قبيل بعثته، وهو "الأمين".
وقد استعملت
الألقاب أو النعوت الحسنة منذ القدم، فالخليل لإبراهيم عليه السلام، والكليم لموسى
عليه السلام، والمسيح لعيسى بن مريم عليه السلام، والأمين للرسول الكريم صلى الله
عليه وسلم.
ألقاب الخلفاء
الراشدين
بعد أن انتقل
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه في العام الحادي عشر للهجرة "632 م"
انتخب صاحبه وحموه أبو بكر الصديق أميرا على المسلمين، ولقب بخليفة رسول
الله.
ولما جاء عمر بن
الخطاب رضى الله عنه - بعد موت أبي بكر الصديق - لقب بلقب "خليفة خليفة رسول الله"
ثم أمر عمر بن الخطاب أن يستبدل بهذا اللفظ لقب "أمير المؤمنين"، لأن الأمير عند
العرب في الجاهلية كان يقصد به قائد الجيش.
وتلقب عثمان بن
عفان رضى الله عنه بهذا اللقب أيضا، كما تلقب به علي بن أبي طالب الذي تلقب أيضا
بلفظ "الإمام" الذي تتمثل فيه الصفة الدينية من حيث الإمامة في الصلاة التي ترتبط
ارتباطا وثيقا بالدين.
ألقاب الخلفاء
الأمويين
لم يخرج الأمويون
في الألقاب عن ألقاب الخلفاء الراشدين، فكان الخلفاء يلقبون بالخليفة وأمير
المؤمنين. وقد استمر هذا معمولا به بدءا من خلافة معاوية حتى آخر الخلفاء الأمويين
مروان بن محمد.
وقد درج بعض
الكتاب على وصف الخلفاء الأمويين بملوك بني أمية، استنادا إلى أنه بعد انقضاء عهد
الخلافة الراشدة وقيام الدولة الأموية، استحالت الخلافة إلى نظام الملك الذي يقوم
على "التوريث".
ألقاب الخلفاء
العباسيين
ما أن ولت أيام
الأمويين وأقبلت أيام العباسيين حتى أصبح لكل من هؤلاء لقب يرافق اسمه إلى جانب
"أمير المؤمنين" وأول من تلقب منهم كان أول خلفائهم "السفاح" أبو
العباس.
وبانتقال الخلافة
إلى العباسيين أصبح للألقاب شأن عظيم في الدولة.
وتلقب ثاني
الخلفاء العباسيين بالمنصور، وتلقب الخليفة الثالث بالمهدي، والرابع بالهادي،
والخامس بالرشيد، والسادس بالأمين، والسابع بالمأمون.
وفي تطور تاريخي
ملحوظ، بعد الخليفة المأمون أصبح اللقب مضافا إلى اسم الله تبارك وتعالى، مثل
المعتصم بالله، والواثق بالله، والمتوكل على الله، والمنتصر بالله، والمستعين
بالله، والمعتز بالله، وهكذا إلى آخرهم المستعصم بالله عبد الله بن المستنصر بالله،
قتيل التتار، الذي قتل سنة 656 هجرية.
ألقاب
الفاطميين
قامت الخلافة في
بلاد المغرب سنة 297 هجرية، ثم انتقلت إلى مصر في عهد المعز لدين الله الفاطمي سنة
362 هجرية. وقد كانت ألقاب الفاطميين بدءا من أولهم المهدي أبي عبدالله عبيد الله،
ثم القائم بأمر الله، ثم المنصور إسماعيل، ثم المعز لدين الله، ثم العزيز، والحاكم،
والظاهر، والمستنصر وهكذا حتى آخرهم العاضد أبي محمد عبد الله. وقد تميز الحكم
الفاطمي في مصر بالعناية البالغة بتنظيم المراسم المختلفة بما في ذلك الألقاب، وقد
اتخذ الخلفاء الفاطميون الألقاب العامة التي كانت مستعملة في الدولة العباسية كأمير
المؤمنين، والإمام. فضلا عن ألقاب الكناية المكانية مثل "الحضرة الشريفة"، وقد توسع
الفاطميون في الألقاب توسعا كبيرا لم يكن له ما يبرره.
ألقاب
الأيوبيين
تلقب الأيوبيون
بألقاب مثل الملك الأشرف، والملك الأفضل، والملك الأمجد، والملك الأوحد، والملك
الجواد، والملك الحافظ، والملك الزاهر، والملك السعيد، والملك الصالح، والملك
الظاهر، والملك العادل، والملك القاهر، والملك الكامل، والملك المظفر، والملك
المعظم، والملك المغيث وغير ذلك. ويلاحظ أن هذه الألقاب كثير منها مستمد من أسماء
الله الحسنى.
أما صلاح الدين
الأيوبي فقد تلقب بالسلطان، ويذكر كثير من المؤرخين أنه أول من اتخذ لقب السلطنة من
حكام مصر.
والسلطان هو اسم
خاص في العرف العام بالملوك. ويقال إن أول من لقب به "خالد بن برمك" وزير الخليفة
هارون الرشيد، لقبه به الرشيد تعظيما له، ثم انقطع التلقيب به إلى أيام "بنو بويه"
فتلقب به ملوكهم، فمن بعدهم من الملوك السلاجقة وغيرهم.
وأصل السلطان في
اللغة: الحجة، قال تعالى: "وما كان له عليهم من سلطان" يعني من حجة. وسمي السلطان
بذلك لأنه حجة على الرعية يجب عليهم الانقياد له.
ألقاب
المماليك
انتشرت الألقاب
في دولة المماليك كما لم تنتشر من قبل، وقد اهتم القوم بها كل الاهتمام، حتى رأينا
من الألقاب وكثرتها ما يصيب المرء بالدهشة وهو يقرؤها.
اتخذ المماليك
لقب "السلطان" من بعد الأيوبيين بمصر والشام. وكان السلطان في العهد المملوكي يعرف
باسم "سلطان الإسلام والمسلمين" وذلك يرجع إلى أن المماليك أكدوا في ألقابهم
اعتزازهم بشرعية ملكهم - الذي يباركه الخليفة العباسي - فتسموا بهذا الاسم وسموا
إمبراطوريتهم "المملكة الإسلامية". ومما يوضح ذلك أن السلطان قلاوون كان يتخذ في
معاهدته مع أهل "جنوه" لقب "سلطان جميع الإسلام".
وقد تلقبت سلاطين
المماليك وأولادهم بألقاب مختلفة مثل الملك المعز، والمنصور، والمظفر، والظاهر،
والسعيد، والعادل، والأشرف، والناصر، والصالح، والكامل ، والمؤيد.. وغيرها.
كما وجد في بعض
الكتابات التاريخية التي ترجع إلى آخر العهد المملوكي أن السلطان كان يتخذ لقب
"الإمام الأعظم" الذي كان يمثل سلطة الخليفة الدينية، وأقدم هذه الكتابات واحدة
ترجع إلى عهد السلطان جقمق نحو 815 هجرية.