الأبناء وتوزيع المسئوليات أمينة شفيق

الأبناء وتوزيع المسئوليات

تميل قواعد التربية الحديثة إلى توفير فرصة واسعة أمام مشاركة الأبناء والبنات في إنجاز الأمور الحياتية للأسرة فلم نعد نعيش تلك الظروف أو الأوضاع القديمة التي كانت تباعد بين الأبناء والبنات وبين تلك المسئوليات قديما، كان للأبناء وللبنات حياتهم في المدرسة، في اللعب، ومع الأصدقاء وكان للآباء والأمهات حياتهم الأخرى في تحمل المسئوليات كلها وأعمال المتابعة بكاملها.

ربما تذكرنا، نحن أبناء وبنات الأجيال القديمة أننا كنا دائما ما نواجه الكبار بالسؤال " لماذا تفعلون هذا ولماذا لا تفعلون ذاك؟" وكان الجواب باستمرار "هذا من شأن الكبار، وليس من شأن الصغار!" وكنا كأطفال وكصبية نحاول من جانبنا الحصول على الجواب. كانت الإجابة تأتينا من مصادر غير مصادرها الأصلية كانت أحيانا إجابات سليمة وكانت في أحيان أخرى إجابات غامضة أو غير دقيقة.

لكن.. تغير الزمان وكذلك تغيرت الظروف، لم يعد الزمان هو الزمان القديم، ولم تعد الظروف هي الظروف القديمة، زاد انتشار التعليم وبالتالي زاد وعي الصغار ودخلت أجهزة الإعلام الحديثة كل منزل وبالتالي زادت اسئلتهم وأصبح من الضرورة منحهم مساحة للمشاركة الأسرية العامة. وبات من المطلوب، بل من الواجب شدهم إلينا حتى لا يشدهم الغير إليهم.

يقول التربويون: إن الأعمال الأسرية والمنزلية الصغيرة تمثل الخطوة الأولى نحو جذب الأبناء والبنات إلى المسئوليات الاجتماعية الكبرى، كما أنها وسيلة لأن تتيح لهم جميعا فرصة النمو الذاتي السوي وتأتي الأمثلة العديدة - لماذا لا يتعلم الأبناء والبنات، وبشكل متساو لا تفرقة فيه ترتيب حاجاتهم الشخصية بشكل يومي منظم.

- لماذا لا يتعود الأبناء والبنات على إعداد المأكولات الخفيفة التي يحتاجونها أثناء توجههم إلى المدرسة صباح كل يوم.

- إذ ما كان في البيت مولود صغير. ألا يمكن للأم أن توزع بعض الأعمال الخاصة به على إخوته الأكبر منه.

إثبات الذات

هذه بعض الأمثلة لمشاركة الأبناء والبنات في الأعمال اليومية الأسرية، وهي أعمال تبدو وكأنها بسيطة ولكنها ستساعد الصغار على إثبات الذات، كما تعطي لهم فرصة كي يشعروا بالمسئولية، ومع الوقت ومع مرور الأيام والأعوام ستنمو روح المشاركة فيهم وتتحول إلى عادة أصيلة من عاداتهم وإلى جزء من النسق القيمي الذي يسيرون عليه.

المحظورات

لكن هذا التوجه يحمل بعض المحظورات التي يجيب أن نراعيها:

أولا: يجب عدم التفرقة بين الذكر والأنثى من أبنائنا. علينا أن نتعامل مع النوعين بشكل يحقق المساواة ولا يدعم التفرقة. ويجب ألا نحمل البنات مسئوليات أكبر من مسئوليات الأبناء. وما دمنا نقدم على عصر جديد يلغي الفوراق في التعليم والعمل بين الجنسين فلا بد من وضع اللبنات الأولى للمساواة بين الأبناء والبنات لا تلغي من شخصية الأبناء كذكور لهم دور هائل في الحياة الاجتماعية العامة، وإنما تدعم فيهم روح الديموقراطية وأسس ومشاعر الإنسانية العامة.

ثانيا: يجب عدم تحميل الكبار كل المسئوليات وأن نحول الصغار منهم إلى عناصر مدللة لا تفعل شيئا.

مطالب الأبناء

ثم نأتي إلى ما كنا قديما نعتبره من الأمور الشديدة الحساسية، وهو الأمر الخاص بالإمكانات المادية والمالية للأسرة. في كل زمان وفي كل مكان لا تستطيع الأسرة المحدودة الدخل والتي تمثل الغالبية العظمى من عدد الأسر أن تستجيب لكل مطالب الأبناء. في القديم كان الآباء يرفضون مجرد إبداء الأسباب التي تمنعهم من تلبية كل الطلبات. كانت مجرد عبارة "لا" تكفي للرد على طلبات الأبناء. وكان الأبناء لا يتلقون الإجابة عن سؤالهم "لماذا لا؟" ولكن مع التطور العام وازدياد الوعي لم تعد الإجابة " لا " تكفي للرد على السؤال. في الوقت الحالي لا بد من إعطاء الإطار العام للوضع المالي للأسرة، وبالقطع ليس في مقدور الآباء شرح تفاصيل ذلك، ولكن يمكن أن نحدد الإمكانات العامة، يمكن أن نقول إن "الإمكانات لا تسمح بالالتحاق بالنادي الفلاني، ولكنها تسمح بالالتحاق بالنادي الآخر" فلنجرب دائما أن تعامل مع أبنائنا وبناتنا على أنهم يملكون قدرات تسمح لهم بالتقدير والعمل والإنجاز، وهي قدرات - لا شك - صغيرة محدودة، ولكنها موجودة، ولا بد من تنميتها ودفعها للنمو مع ازدياد سنوات عمرهم وتقدمهم في مراحل التعليم. في النهاية ستثمر جهودنا عندما يتحولون إلى مواطنين ومواطنات فاعلين في المجتمع.

 

أمينة شفيق