فاتِنةُ الأَرض

في سالِفِ العُصُورْ
وقَبلَ أَن تُغرِّدَ الطُّيُورْ
كانَت هُناكَ جَنَّةٌ
تمُرُّ من خِلالِها الأَنهارْ
كانَت تَسُدُّ الأُفْقَ
بالنَّخِيلِ، والثِّمارْ
ولم تَكُنْ بحاجَةٍ
للحَرثِ، والفَلَّاحْ
فكُلُّ شَيءٍ مُخصِبٌ
الرَّملُ، والرِّياحْ
وكُلُّ وَقتٍ
مَوسِمٌ للتِّينِ، والتُّفَّاحْ
كانَ اسمُها الأَحشاءْ
يُقالُ: طِفلَةُ الحَنينِ لَثَغَت في نُطقِها
فصارَتِ الأَحساءْ
مَن يَنتمي لمَن؟!
إِذا استَبَدَّ بي هَوًى
فصِحْتُ: يا أَحشائِي!
أَأَنتِ، أَم أَنا؟
أَم أَنَّنا رُوحانِ
مِثلَما يَقُولُ (الجَسَدُ المُضاءْ)؟
يُقالُ: كانَت تَحتَسي قَهوتَها
في أَوَّلِ الخَلِيقَةْ
رَأَت خَيالَ (آدَمٍ)
فاحتَضَنَت غُربَتَهُ
وحَوَّلَت حَسراتِهِ حَديقَةْ
وقاسَمَتهُ نَشوَةَ الفِنجانِ
والتَّمرَةَ حتَّى خالَها عَشيقَةْ
كانَت تَطُوفُ
في المَدَى
وتُمطِرُ القُرَى
بالخَمرِ، والنَّدَى
تَقُولُ للرِّياحِ:
سافِرِي
بالتَّمرِ، والفَسِيلِ، والنَّوَى
ثُمَّ امنَحي
خَراجَكِ البَهيجَ
للسِّلالِ، والطُّيُورِ، والفَلا
تقُولُ للجَسَدْ:
كُن حَطَبًا
إِذا رأَيتَ امرأَةً
تَستَوقِدُ التَّنُّورَ بالوَلَدْ.
بَوَّابةً مُشرَعةً
إِن حُوصِرَت بَلَدْ.
أُرجُوحَةً لصِبيَةٍ
كي يَضحَكَ البَحرُ لَهُم
ويَرقُصَ الزَّبَدْ
كانَت
وكانَ في الجِوارِ أُفعُوانْ
وكانَ من طِباعِها أَلَّا تَرُدَّ زائِرًا
لأَنَّها إِنسانَةٌ تَحسَبُ كُلَّ كائِنٍ إِنسانْ
و(آدَمٌ) حَيرانْ
هل يَهجُرُ العَشيقَةَ الَّتي
قاسَمَها الفِنجانْ؟
أَم يَلعَنُ المَكانَ
والزَّمانْ؟! .