غريب المدينة وقصيدة الحياة اليومية

غريب المدينة وقصيدة الحياة اليومية

إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شاعر‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬حياة‭ ‬عزلة‭ ‬عنها‭ ‬فهو‭ ‬محمود‭ ‬البريكان‭ (‬1931‭-‬2002‭). ‬والشعر‭  ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬كان‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شاعر‭  ‬يُفرد‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مشاغلات‮»‬‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭. ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬فقد‭ ‬عاش‭ ‬حياة‭ ‬اعتيادية‭ ‬بمساراتها‭ ‬كلها،‭ ‬باستثناء‭ ‬المسار‭  ‬الاجتماعي‭ - ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬عمومية‭ ‬العلاقات‮»‬‭.‬

‭ ‬دخل‭ ‬البريكان‭ ‬الجامعة‭ ‬وتخرّج‭ ‬فيها،‭ ‬وانخرط،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما،‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬فدخل‭ ‬السجن،‭ ‬وعمل‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬ونجح‭ ‬مدرّسًا،‭ ‬وأحبّ‭ ‬التجوال‭ ‬‭(‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬التسكع‭) ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬المدينة‭ ‬بحذر،‭ ‬وارتاد‭ ‬المقاهي،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬الوحدة‭.‬

كان‭ ‬البريكان‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬لنفسه‭ ‬بتفصيلات‭ ‬حياته‭ ‬الخاصة‭. ‬وأما‭ ‬ما‭ ‬تبنى‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬شعرية‭ ‬فكان‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬‮«‬المعنى‭ ‬في‭ ‬القصيدة‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬لهذا‭ ‬المعنى‭ ‬من‭ ‬دلالة‭ ‬حياتية‭... ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفوتنا‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المقابلة‭ ‬المبكرة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون،‭ ‬وقد‭ ‬كتبها‭ ‬أواخر‭ ‬أربعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬داعيًا‭ ‬فيها‭ ‬أدباء‭ ‬جيله‭ ‬إلى‭ ‬تأمّل‭ ‬ذواتهم،‭ ‬وتعهد‭ ‬مواهبهم،‭ ‬وإدراك‭ ‬أدوارهم‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وآدابه‭ ‬ومواكبة‭ ‬تطوره‭ ‬ـ‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬تتمثل‭ ‬فيه‭ ‬البوادر‭ ‬الأولى‭ ‬لمساره‭ ‬التجديدي،‭ ‬كما‭ ‬لوعيه‭ ‬النقدي‭ ‬الذي‭ ‬سيصوغ‭ ‬به‭/ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬قصيدته،‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬يسود‭ ‬العصر،‭ ‬عصره‭ ‬ذاك،‭ ‬من‭ ‬أنماط‭ ‬شعرية،‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬تجديديًا،‭ ‬أو‭ ‬متلمسًا‭ ‬بها‭ ‬مساره‭ ‬التجديدي‭.. ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مقلّدًا،‭ ‬ولا‭ ‬أراد‭ ‬اقتفاء‭ ‬طريق‭ ‬مألوفة‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬يستثني‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬‮«‬مشهد‭ ‬عام‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬كثيرين‭ ‬ممن‭ ‬عرفوه‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬من‭ ‬‮«‬مشاهد‭ ‬حياته‮»‬‭ ‬سوى‭ ‬الكتابة،‭ ‬مع‭ ‬جهلهم‭ ‬بطقوسها‭. ‬وفيما‭ ‬كتب‭ ‬ونشر‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتبيّن‭ ‬‮«‬هاجس‭ ‬الكتابة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يسكنه،‭ ‬فهو‭ ‬يكتب‭ ‬فيتحوّل‭ ‬بما‭ ‬يكتبه‭ ‬إلى‭ ‬نصوص‭ ‬ذات‭ ‬تفرّد‭. ‬وكان‭ ‬كمن‭ ‬يُصدرُ‭ ‬عن‭ ‬‮«‬جذور‭ ‬أسطورية‮»‬‭: ‬نُدرك‭ ‬معانيه،‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬تكوينات‭ ‬هذه‭ ‬المعاني‭. ‬وهو‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬بدا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬وكأنه‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الآخر‮»‬‭ (‬كما‭ ‬في‭ ‬قصيدته‭ ‬‮«‬سلوى‮»‬‭...)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬نفسه،‭ ‬ويعبّر‭ ‬عن‭ ‬إحساسه‭ ‬الشخصي‭ ‬بحركة‭ ‬الوجود‭. ‬وفي‭ ‬مستوى‭ ‬آخر‭ ‬تأتي‭ ‬قصيدته‭ ‬‮«‬حارس‭ ‬الفنار‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬حياته‭ ‬شاعرًا‭... ‬أما‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الشعر‭ ‬فنًا‭ ‬متحققًا‭ ‬بأبعاده‭ ‬الإبداعية،‭ ‬فنجده‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬الإتيان‭ ‬دائمًا‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬وجه‭ ‬آخر‭ ‬جديد‮»‬‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قوله‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬قصائده‭... ‬بل‭ ‬هو‭ ‬القائل‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬شعرية‭ ‬سائدة،‭ ‬أو‭ ‬بشعرية‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬المغامرة‭ ‬الفنية‮»‬،‭ ‬فهو‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬نحى‭ ‬منحىً‭ ‬بدا‭ ‬خاصًا،‭ ‬فإنه‭ ‬أدرك،‭ ‬مع‭ ‬إدراكه‭ ‬هذا،‭ ‬أن‭ ‬الشاعر‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬استحقاق‭ ‬من‭ ‬الاسم،‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتأمل‭ ‬مغزى‭ ‬وجوده،‭ ‬فهو‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الشعر‭ ‬كونه‭ ‬أهم‭ ‬تجليات‭ ‬الذات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬يُعبّر‭ ‬عن‭ ‬إشكاليات‭ ‬وجودها‭. ‬فهو،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬يومًا،‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬‮«‬بشعرية‭ ‬سائدة،‭ ‬أو‭ ‬بشعرية‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬المغامرة‭ ‬الفنية‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬هذا،‭ ‬فإن‭ ‬مفهوم‭ ‬الحداثة‭ ‬عنده‭ ‬قد‭ ‬انحصر‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬استيعاب‭ ‬المواقف‭ ‬الشاملة‭ ‬الأكثر‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكونية‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

تقوم‭ ‬قصيدة‭ ‬البريكان‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬عناصر‭ ‬تكوينية‭:‬

‭- ‬فهي‭ ‬قصيدة‭ ‬تتشكل،‭ ‬بداية،‭ ‬من‭ ‬لحظة‭ ‬إحساس‭ ‬يُجذّر‭ ‬الشاعر‭ ‬فيه‭ ‬وحدته‭ (‬عزلته‭)‬،‭ ‬جاذبًا‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬إلى‭ ‬الداخل،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الداخل‭ ‬يُعيده‭ ‬مصاغًا‭ ‬صياغة‭ ‬شعرية‭ ‬بارعة‭... ‬لنتلقاه‭.‬

‭- ‬ثم‭ ‬يتبلور‭ ‬هذا‭ ‬الإحساس‭ ‬عنده‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬تجتمع‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬تخص‭ ‬الشاعر،‭ ‬رؤية‭/ ‬رؤيا،‭ ‬وتجربة،‭ ‬والواقع‭ ‬الذي‭ ‬يعايشه،‭ ‬أو‭ ‬يعاينه،‭ ‬وتفصيلات‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬عليه‭/ ‬فيه‭ (‬كما‭ ‬في‭ ‬قصيدته‭: ‬أسطورة‭ ‬السائر‭ ‬في‭ ‬نومه‭). ‬وهنا‭ ‬نلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يتساءل‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يُصدر‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭  ‬قد‭ ‬نتمثّل‭ ‬فيها‭ ‬موقفًا‭.‬‭ ‬

‭- ‬ومن‭ ‬اجتماع‭ ‬هذين‭ ‬العنصرين،‭ ‬اجتماع‭ ‬تفاعل‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬البناء‭ ‬الشعري،‭ ‬تكون‭ ‬القصيدة‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬خصوصية‭ ‬التعبير‭ ‬الذي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يعتمد‭ ‬فيه‭ ‬ضربًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬السرد‭ ‬الشعري‮»‬‭ ‬فيجعل‭ ‬منه‭ ‬بنية‭ ‬بنائية‭ ‬للقصيدة‭... ‬كما‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬قصائد‭ ‬أخرى‭ ‬يعتمد‭ ‬المشهد‭ ‬فيما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تكوينات،‭ ‬وبتقنية‭ ‬إيقاعية‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تنامي‭ ‬البنية‭ ‬السردية‭ ‬للقصيدة‭ ‬التي‭ ‬يُعززها‭ ‬الإحساس‭ ‬والرؤيا،‭ ‬وإن‭ ‬جاءا‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬أفكار‭.‬

وما‭ ‬يستوقف‭ ‬قارئ‭ ‬البريكان،‭ ‬كذلك،‭ ‬هو‭ ‬المعاني‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬قصيدته،‭ ‬وهي‭ ‬معانٍ‭ ‬تتوالد‭ ‬من‭ ‬تصورات‭ ‬الذات‭ ‬الشاعرة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬بتمثيلات‭ ‬واقعية‭ ‬يستصفيها‭ ‬ببراعة‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭/ ‬وبها‭ ‬حداثته‭ ‬الشعرية‭ ‬المختلفة‭ ‬عن‭ ‬حداثة‭ ‬شعراء‭ ‬جيله‭. ‬فقصيدته‭ ‬تتمتع‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نُطلق‭ ‬عليه‭ ‬خصوصية‭ ‬اللحظة‭ ‬الوجودية،‭ ‬مقترنة‭ ‬بـخصوصية‭ ‬اللحظة‭ ‬الجمالية،‭ ‬وإن‭ ‬جاءت‭ ‬جمالية‭ ‬خشنة‭.‬

 

الحلم‭... ‬الخيال‭... ‬التخييل

يرى‭ ‬البريكان‭ ‬‮«‬شخصياته‭ ‬الشعرية‮»‬،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬قصائده،‭ ‬وكأنها‭ ‬تنحدر‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬متخيَّل‭ ‬يُداخل‭ ‬صورة‭ ‬حضورهم‭ (‬المتمثَّل‭)‬،‭ ‬لنجد‭ ‬‮«‬قوّة‭ ‬الخيال‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬يدفع‭ ‬من‭ ‬تصورات،‭ ‬تبدو‭ ‬متغلبة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬صوره‭ ‬الشعرية،‭ ‬على‭ ‬واقعيتها،‭ ‬صور‭ ‬منتزعة‭ ‬من‭ ‬الخيال،‭ ‬أو‭ ‬انتزعها‭ ‬الخيال‭ ‬مما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬‮«‬مدركات‭ ‬حسيّة‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬نصيب‭ ‬قصائده‭ ‬من‭ ‬الخيال‭ ‬هو‭ ‬النصيب‭ ‬الأوفر،‭ ‬وقد‭ ‬نجد‭ ‬الرومانسية،‭ ‬نزعة‭ ‬ذاتية،‭ ‬تُداخل‭ ‬معطيات‭ ‬هذا‭ ‬الخيال‭ ‬عنده،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬قصائده‭ ‬الأولى‭.‬

وهو‭ ‬شاعر‭ ‬عزف‭ ‬عن‭ ‬المنبر،‭ ‬وعزل‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬الجمهور‭ ‬فيما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬المواجهة‭ ‬المهرجانية‮»‬،‭ ‬فكان‭ ‬لهذا‭ ‬تأثيره‭ ‬فيما‭ ‬ابتنى‭ ‬من‭ ‬تقاليد‭ ‬شعرية‭ ‬خاصة‭.‬

هذا‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر؛‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معنيًّا‭ ‬بحل‭ ‬تناقضات‭ ‬العالم‭ ‬خارجه‭ ‬هو،‭ ‬وإنما‭ ‬نجد‭ ‬توجهه‭ ‬ينصبّ‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬تناقضاته‭ ‬الذاتية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يرى‭ ‬نفسه،‭ ‬والآخر‭ ‬فيه،‭ ‬بشفافية‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أدرك‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬بدا‭ ‬خاصًا،‭ ‬فإنه‭ ‬أدرك،‭ ‬معه،‭ ‬أن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬بروح‭ ‬المغامرة‭.‬

وهو‭ ‬يملأ‭ ‬لغته‭ ‬بموضوعها‭/ ‬محتواها‭ ‬المشحون‭ ‬بدلالات‭ ‬الانفصام‭ ‬بين‭ ‬الذات‭ ‬والواقع‭ - ‬أو‭ ‬فيما‭ ‬يتمثّل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭. ‬فهو‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أسطورة‭ ‬السائر‭ ‬في‭ ‬نومه‮»‬‭ ‬جعل‭ ‬‮«‬الشخصية‭ ‬الشعرية‮»‬‭ ‬فيها‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬حالتها‭ ‬الخاصة‭:‬

‮«‬اعتاد‭ ‬أن‭ ‬ينهض‭ ‬حين‭ ‬تقرع‭ ‬الساعه‭/ ‬دقاتها‭ ‬السبع،‭ ‬ويعلو‭ ‬صخب‭ ‬الباعه‭/ ‬يفتح‭ ‬مذياعه‭/.....‬‮»‬‭.‬

‭ ‬ليمضي‭ ‬بهذا‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭:‬

‭ ‬‮«‬يمرُّ‭ ‬بالناس‭ ‬الكثيرين‭ ‬وبالأشجارْ‭/ ‬فلا‭ ‬يرى‭ ‬شيئًا،‭ ‬وقد‭ ‬يبتاع‭ ‬في‭ ‬الطريقْ‭/ ‬جريدة‭ ‬يقرأ‭ ‬منها‭ ‬آخر‭ ‬الأخبار‭/ ‬وهو‭ ‬غريق‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬سباته‭ ‬العميقْ‮»‬‭.‬

و‭... ‬‮«‬وربما‭ ‬رأى‭ ‬صديقًا‭ ‬فروى‭ ‬نكاتٍ‭/ ‬وقهقها‭/ ‬وربما‭ ‬زارا‭ ‬معًا‭ ‬فتاة‭/ ‬تستقبل‭ ‬الزوّار‮»‬‭.‬

فهو‭ ‬كائن‭:‬

‮«‬يعرفه‭ ‬الظلامْ‭/ ‬تعرفه‭ ‬برودة‭ ‬الليل‭! ‬وقد‭ ‬يكونْ‭/ ‬أيّ‭ ‬امرئ‭ ‬ترونه‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬الطريقْ‮»‬‭.‬

فهو،‭ ‬هنا،‭ ‬يكتب‭ ‬بقوة‭ ‬يقظته،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مدركات‭ ‬حسيّة‭ ‬واضحة‭ ‬يكتبها‭ ‬بحسّ‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬بين‭ ‬الخيال‭ ‬والواقع‭. ‬إنها‭ ‬قصيدة‭ ‬تُعيّن‭ ‬نفسها‭ ‬بالمدى‭ ‬الذي‭ ‬تتدافع‭ ‬فيه‭ ‬رؤى‭ ‬الشاعر،‭ ‬وما‭ ‬نحتَ‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬من‭ ‬مدىً‭ ‬للأفكار،‭ ‬فهو‭ ‬يتحرك‭ ‬برؤية‭ ‬إنسان‭ ‬وجودي‭ ‬الحياة،‭ ‬والرؤية،‭ ‬والتكوين‭ ‬ذاتًا‭.‬

‭ ‬ورحلة‭ ‬‮«‬إنسانه‮»‬‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬فضاء‭ ‬المدينة‭ ‬ليست‭ ‬رحلة‭ ‬عبثية،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬رحلة‭ ‬تفكيك‭ ‬لواقع،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬لخطواته‭ ‬إيقاعها‭ ‬الذي‭ ‬وإن‭ ‬كــــــان‭ ‬‮«‬إيــقـــاعًـــا‭ ‬عـــروضــيًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظاهره،‭ ‬فهو‭ ‬إيقاع‭ ‬ذات‭ ‬تتــخـــذ‭ ‬مــســـارهــــا‭ ‬عــــلـــــى‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وتستجيب‭ ‬لهذا‭ ‬الواقع‭ ‬استجابات‭ ‬خاصة‭ ‬بها،‭ ‬هي‭ ‬نفسها،‭ ‬ناسجًا‭ ‬عالم‭ ‬حلم‭ ‬ـ‭ ‬وإن‭ ‬يكن‭ ‬واقعي‭ ‬التفاصيل‭ - ‬عبثيًا‭ ‬في‭ ‬أحيان‭... ‬وهو‭ (‬أو‭ ‬إنسانه‭) ‬يواجه‭ ‬هذه‭ ‬العبثية‭ ‬بنظيرتها‭: ‬عبثية‭ ‬فعل‭ ‬الذات‭ ‬وهي‭ ‬تستجيب‭ ‬لهذا‭ ‬الواقع‭ ‬استجابة‭ ‬‮«‬تفاعل‭ ‬عبثي‮»‬‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬بفعل‭ ‬حالة‭ ‬التكرار‭ ‬المرافقة‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬عادته‭ ‬اليومية‮»‬‭ (‬النهوض‭ ‬من‭ ‬النوم،‭ ‬دقات‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة،‭ ‬فتح‭ ‬المذياع‭ ‬وسماع‭ ‬نشرة‭ ‬الأخبار،‭ ‬النزول‭ ‬إلى‭ ‬الشارع،‭ ‬واتخاذ‭ ‬مسار‭ ‬فيه‭ ‬يستجيب‭ ‬للمصادفة‭).‬

فهو‭ ‬إنسان‭ ‬يستجيب‭ ‬لعبثية‭ ‬المصادفة،‭ ‬وكأنه‭ ‬يؤكد‭ ‬وجوده‭ ‬بها‭/ ‬ومن‭ ‬خلالها،‭ ‬فهو‭ ‬يأخذ‭ ‬الواقع،‭ ‬ويستجيب‭ ‬له‭ ‬بما‭ ‬يصادفه‭ ‬من‭ ‬وجوهه،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬أفقًا‭ ‬محدّدَ‭ ‬الهدف‭ ‬والغاية‭ ‬لمساره،‭ ‬وهنا‭ ‬يبدو‭ ‬الفكر‭ ‬الوجودي،‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬العبث‭ ‬فيه،‭ ‬واضح‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬نظرة‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة،‭ ‬وفي‭ ‬نظرته‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬تعاطيه‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭.‬

بينما‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬سلوى‮»‬‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬ويمضي‭ ‬بتداعياته‭ ‬إلى‭ ‬عالمه‭ ‬الداخلي‭:‬

فنحن،‭ ‬هنا،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬قصيدة‭ ‬حب‮»‬‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬شعورية‭ ‬يُحرّكها‭ ‬متخيّل‭ ‬يلبس‭ ‬لبوس‭ ‬الواقع‭. ‬فهو‭ ‬يُحبّها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراها،‭ ‬وإنما‭ ‬يتشكل‭ ‬هذا‭ ‬الحب‭ ‬عنده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حديث‭ ‬أخيها‭ (‬الذي‭ ‬يشاركه‭ ‬غرفة‭ ‬السجن‭) ‬عنها،‭ ‬فهي‭ ‬حضور‭ ‬بالاسم‭ (‬سلوى‭)‬،‭ ‬وبما‭ ‬لشخصيتها‭ ‬من‭ ‬أبعاد‭ ‬ينسج‭ ‬تكويناتها‭ ‬حديث‭ ‬أخيها‭ ‬عنها‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬هَيّمَهُ‮»‬‭ ‬بها،‭ ‬فإذا‭ ‬أخذنا‭ ‬هنا‭ ‬بقول‭ ‬الشاعر‭ ‬العربي،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬قبله‭: ‬‮«‬والأذن‭ ‬تعشق‭ ‬قبل‭ ‬العين‭ ‬أحيانا‭...‬‮»‬‭ ‬وجدناه‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬حالته‭ ‬في‭ ‬‮«‬عشق‭ ‬سلوى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتبدى‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬صور‭ ‬متخيَّلة،‭ ‬فهو‭ ‬حب‭ ‬يسوسه‭ ‬الخيال‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬محبوب‭ ‬متخيّل‮»‬‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭ ‬هنا‭: ‬هل‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬شغله‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة‭ ‬هو‭ ‬‮«‬حب‭ ‬سلوى‮»‬،‭ ‬أم‭ ‬الحب‭ ‬لذاته؟‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬سلوى‭ ‬في‭ ‬خياله،‭ ‬فرآها‭ ‬كما‭ ‬رآها‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬واقعًا‭. ‬لذلك‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬شاعر‭ ‬مشغوف‭ ‬بخياله،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يُقرّ‭ ‬بدءًا‭ ‬أن‭ ‬صلته‭ ‬بها‭ ‬‮«‬صلة‭ ‬تصوّر‮»‬‭ ‬يجمع‭ ‬تفاصيله‭ ‬حديث‭ ‬أخيها‭ ‬عنها‭... ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬اسمها‭ ‬وما‭ ‬يرشح‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬أخيها‭ ‬عنها،‭ ‬ليجعله‭ ‬يرتفع‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الحس‭ ‬والإحساس‭ ‬إلى‭ ‬الخيال،
الذي‭ ‬يكسوه‭ ‬بما‭ ‬يُسبغ‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬ذاته،‭ ‬هو،‭ ‬من‭ ‬صفات،‭ ‬وملامح،‭ ‬وتكوينات‭ ‬تلامس‭ ‬العاطفة‭ ‬منه‭ ‬وهذه‭ ‬العاطفة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يتحرّك‭ ‬بالقول‭ ‬عنده‭ ‬تحرّكًا‭ ‬غرائزيًّا‭.‬

وفي‭ ‬القصيدتين‭ ‬تواجهنا‭ ‬الذات‭ ‬في‭ ‬خصوصياتها،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬مدياتها،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬‮«‬سلوى‮»‬‭ ‬يركن‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬مفترضة،‭ ‬وإن‭ ‬جاءت‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أسميه‭ ‬‮«‬واقعية‭ ‬محاصرة‮»‬‭ ‬بجدران‭ ‬السجن،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬‮«‬أسطورة‭ ‬السائر‮»‬‭ ‬يعبر‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬واقعها‭ ‬الشخصي‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬تمثيلاتها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬أما‭ ‬الحركة‭ ‬عنده‭ ‬فيهما‭ ‬فهي‭ ‬حركة‭ ‬الذات‭ ‬باتجاه‭ ‬حلم‭ (‬أو‭ ‬وهم‭) ‬في‭ ‬‮«‬سلوى‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬إنها‭ ‬حركة‭ ‬زمانية‭... ‬بينما‭ ‬في‭ ‬‮«‬أسطورة‭ ‬السائر‭...‬‮»‬‭ ‬حركة‭ ‬باتجاه‭ ‬الواقع،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تحتكم‭ ‬إلى‭ ‬الوهم،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬أشبه‭ (‬لأنها‭ ‬حركة‭ ‬السائر‭ ‬في‭ ‬نومه‭).‬

وأما‭ ‬لغته‭ ‬فهي،‭ ‬في‭ ‬القصيدتين،‭ ‬لغة‭ ‬مباشرة،‭ ‬تصف‭ ‬حالة‭ ‬بما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬تعيينات‭ ‬واقعية،‭ ‬ذاتية‭ ‬الأبعاد‭ ‬في‭ ‬واقعيتها‭ ‬هذه،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لغة‭ ‬شعرية‭ ‬بامتياز‭.‬

 

تساؤلات‭ ‬ختامية

مرّت‭ ‬قصيدة‭ ‬البريكان‭ ‬بمرحلتين،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يبلور‭ ‬شكلًا‭ ‬فنيًّا‭ ‬خاصًا‭ ‬به،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬قصيدة‭ ‬مما‭ ‬كتب‭ ‬تبدو‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬الأخرى،‭ ‬كمن‭ ‬يُعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬ذاته‭ ‬الإبداعية‭ ‬بين‭ ‬قصيدة‭ ‬وأخرى،‭ ‬كما‭ ‬يبني‭ ‬وعيه‭ ‬بلغة‭ ‬تستبطن‭ ‬هذا‭ ‬الوعي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬ذاته‭ ‬مكتملة‭ ‬الحضور‭ ‬فيما‭ ‬كتب‭.‬

ولكن،‭ ‬هل‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬العزلة‭ ‬ما‭ ‬يُغذي‭ ‬طبيعة‭ ‬الشاعر‭ ‬فيه؟‭ ‬أم‭ ‬أنه،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العزلة،‭ ‬كان‭ ‬متاحًا‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتقابل‭ ‬ونفسه‭ ‬متى‭ ‬أراد؟‭ ‬وأن‭ ‬يرى‭ ‬صورة‭ ‬نفسه‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬صخب‭ ‬العالم؟‭ ‬وأن‭ ‬وسيلته‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬هي‭ ‬الكلمات؟‭ ‬أم‭ ‬كان‭ ‬يجد‭ ‬خلاصه‭ ‬ذاتًا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الوحدة‭ ‬وبشعور‭ ‬الوحدة؟‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬لأنه‭ ‬يألفها‭ ‬أُلفة‭ ‬فهم؟‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العزلة‭ ‬كان‭ ‬كمن‭ ‬يُقوّي‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬اختبارها،‭ ‬أمام‭/ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬واقع‭ ‬وجده‭ ‬يمضي‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬متواصل؟

إذا‭ ‬ما‭ ‬ذهبنا‭ ‬مع‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬جوهر‭ ‬الإنسان‭ ‬انعزالي،‭ ‬لا‭ ‬اجتماعي،‭ ‬ومما‭ ‬يكونه‭ ‬يكون‭ ‬به‭ ‬وحده‭... ‬فهل‭ ‬نفهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬شجاعة‭ ‬الشاعر‭ ‬على‭ ‬الإقدام‭ ‬بمثل‭ ‬الخُطى‭ ‬التي‭ ‬خطاها؟

في‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬جاء‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬انعزاله‭/ ‬عزلته‭ ‬أمر‭ ‬مجد،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬منتجًا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬تجربة‭ ‬شعرية‭ ‬متفردة‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬العربي‭ ‬الجديد‭ ‬‭.