سعيد عقل بين اللغة والشعر المطابقة والمجانسة

سعيد عقل بين اللغة والشعر المطابقة والمجانسة

تسود‭ ‬المقابلة‭ ‬أو‭ ‬المطابقة‭ ‬والمجانسة‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬قصائد‭ ‬الشاعر‭ ‬سعيد‭ ‬عقل،‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الشاعر‭ ‬مغرم‭ ‬بالمحسّنات‭ ‬البلاغية‭ ‬وجماليات‭ ‬القصيدة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نلاحظه‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬ما‭ ‬نظمه‭ ‬من‭ ‬شعر،‭ ‬كما‭ ‬لقّب‭ ‬بشاعر‭ ‬الجمالية،‭ ‬ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬قصائد‭ ‬عقل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النسق‭ ‬البلاغي،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تعمر‭ ‬بمعظم‭ ‬الأنساق‭ ‬البلاغية‭ ‬التي‭ ‬أغنت‭ ‬المعاني،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬اهتمامات‭ ‬الشاعر،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬خادم‭ ‬المعاني‭ ‬والصور‭.‬

‭ ‬لا‭ ‬يظننّ‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬احتفاء‭ ‬عقل‭ ‬باللهجة‭ ‬اللبنانية‭ ‬ودعوته‭ ‬إليها‭ ‬كانتا‭ ‬عائقًا‭ ‬أمام‭ ‬بوحه‭ ‬الشاعري،‭ ‬فمناداته‭ ‬هذه‭ - ‬برأيي‭ - ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إلا‭ ‬زوبعة‭ ‬في‭ ‬فنجان،‭ ‬حتى‭ ‬هو‭ ‬لم‭ ‬يطرحها‭ ‬بديلًا‭ ‬عن‭ ‬الشعر‭ ‬الموزون‭ ‬المقفى‭ ‬وشعر‭ ‬التفعيلة،‭ ‬إنما‭ ‬كانت‭ ‬مزاجية‭ ‬خاصة‭ ‬عبّر‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬لون‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬لم‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إحلاله‭ ‬مكان‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭.‬

والدليل‭ ‬أن‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬وشهرته‭ ‬اللبنانية‭ ‬العربية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬دواوينه‭ ‬الشعرية‭ ‬المقفاة،‭ ‬وظهر‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬وأهم‭ ‬شعراء‭ ‬العربية‭. ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬بلاغي‭ ‬بامتياز،‭ ‬لا‭ ‬يرضى‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬الفكرة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلبسها‭ ‬حلّة‭ ‬جميلة،‭ ‬أو‭ ‬يزخرفها‭ ‬بسانحة‭ ‬حلوة‭ ‬وضمة‭ ‬شعر‭ ‬غضة،‭ ‬شغف‭ ‬بالأوزان‭ ‬القصيرة‭ ‬المعبّرة‭ ‬بأقل‭ ‬كلمات‭ ‬وأغنى‭ ‬معنى،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬من‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬أجمل‭ ‬منك‭ ‬لا‮»‬‭:‬

كالطيف‭ ‬أنا‭ ‬حسٌ‭ ‬مبهم‭ ‬

يعلمني‭ ‬الليل‭ ‬ولا‭ ‬يعلم

‭ ‬أو‭ ‬قوله‭ ‬بالديوان‭ ‬نفسه‭:‬

‭ ‬بأيما‭ ‬أحمر،‭ ‬كالنار‭ ‬كالوهلة،‭ ‬كمشتهى‭ ‬القبلة

ومن‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬فإن‭ ‬العيش‭ ‬بين‭ ‬دواوين‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬رحلة‭ ‬ماتعة‭ ‬وسفرة‭ ‬غنية،‭ ‬فهو‭ ‬يبحر‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬دون‭ ‬خوف،‭ ‬ويتناولها‭ ‬بثقة‭ ‬ومعرفة‭.‬

قال‭ ‬عنه‭ ‬هنري‭ ‬زغيب،‭ ‬بعد‭ ‬ماراثون‭ ‬شعري‭ ‬أدبي‭ ‬لغوي‭ ‬دام‭ ‬خمسين‭ ‬ساعة،‭ ‬‮«‬خمسون‭ ‬ساعة‭ ‬معه،‭ ‬كأنها‭ ‬تبدأ‭ ‬الآن‮»‬،‭ ‬وقال‭ ‬فيه‭ ‬بولس‭ ‬سلامة‭:‬

ملك‭ ‬يراعك‭ ‬يا‭ ‬سعيد

والخلدُ‭ ‬أيسر‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬

كُتِب‭ ‬عنه‭ ‬الكثير،‭ ‬لكن‭ ‬ربما‭ ‬ليس‭ ‬بأكثر‭ ‬مما‭ ‬كتبه‭ ‬هو‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬وفي‭ ‬شعره‭ ‬فِقه‭ ‬العربية‭ ‬وبلاغتها،‭ ‬ولطالما‭ ‬حرص‭ ‬عليهما‭.‬

والمطابقة‭ ‬والمجانسة‭ ‬في‭ ‬شعر‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬أحد‭ ‬وجوه‭ ‬هذا‭ ‬الفقه،‭ ‬كان‭ ‬يستيقظ‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬قبل‭ ‬الشمس‭ ‬لكي‭ ‬يرسم‭ ‬مسيرتها‭ ‬من‭ ‬الظلمة‭ ‬إلى‭ ‬النور،‭ ‬ويكون‭ ‬أول‭ ‬موقّع‭ ‬على‭ ‬ولادتها‭.‬

ذات‭ ‬يوم،‭ ‬وخلال‭ ‬لقاء‭ ‬جانبي‭ ‬عقب‭ ‬الأفول‭ ‬من‭ ‬مهرجان‭ ‬شعري‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬بيروت،‭ ‬سألته‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الشعر،‭ ‬فقال‭ ‬لي‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭: ‬منذ‭ ‬ولد‭ ‬لبنان‭ ‬وُلد‭ ‬الشعر‭. ‬قالها‭ ‬ولوَّح‭ ‬لي‭ ‬مودعًا‭ (‬إلى‭ ‬اللقاء‭). ‬

سعيد‭ ‬عقل،‭ ‬كانت‭ ‬البلاغة‭ ‬أساس‭ ‬جماليات‭ ‬شعره،‭ ‬وأحدها‭ ‬المطابقة‭ ‬والمجانسة،‭ ‬أي‭ ‬الجناس‭ ‬والطباق‭. ‬وكان‭ ‬لبنان‭ ‬تاجه‭ ‬وزحلة‭ ‬ملهمته‭. ‬

يولي‭ ‬الشاعر‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬للجماليات‭ ‬في‭ ‬شعره،‭ ‬فهو‭ ‬يهندس‭ ‬القصيدة‭ ‬ويحقنها‭ ‬بمظاهر‭ ‬الأبّهة‭ ‬والجمال،‭ ‬وهي‭ ‬عماد‭ ‬التشبيه‭ ‬والاستعارة‭ ‬والكناية‭ ‬والمجاز،‭ ‬وسوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الجمالية،‭ ‬والمطابقة‭ ‬والمجانسة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬العناصر،‭ ‬وقد‭ ‬بُنِيَتْ‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬عليها‭ ‬قصائد‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭. ‬

وفي‭ ‬قصيدته‭ ‬‮«‬النهران‮»‬‭ ‬من‭ ‬ديوانه‭ ‬‮«‬الأعمدة‮»‬‭ ‬كَمٌ‭ ‬مُعبر‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬البلاغية‭ ‬تتصدرها‭ ‬المجانسة‭ ‬والمطابقة،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭:‬

ولدت‭ ‬سريري‭ ‬ضفة‭ ‬النهر‭ ‬فالنهر‭       

تآخى‭ ‬وعمري‭ ‬مثلما‭ ‬الورد‭ ‬والشهر‭ ‬

أبي‭ ‬كان‭ ‬كالموج‭ ‬يهدر‭ ‬مرة‭              

يُدحرج‭ ‬من‭ ‬صخر‭ ‬وأنا‭ ‬هو‭ ‬الصخر‭ ‬

ففي‭ ‬الصخر‭ ‬والصخر‭ ‬مجانسة‭ ‬لطيفة‭ ‬وكناية‭ ‬مستحبة‭ ‬عن‭ ‬القوة‭ ‬والبأس،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬التشبيه‭ ‬اللطيف‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬وكان‭ ‬أبي‭ ‬كالموج،‭ ‬واستعارة‭ ‬جميلة‭ ‬عندما‭ ‬استعار‭ ‬السرير‭ ‬للنهر،‭ ‬فالنهر‭ ‬هو‭ ‬السرير،‭ ‬بيتان‭ ‬صغيران،‭ ‬لكنهما‭ ‬غنيان‭ ‬بعناصر‭ ‬البلاغة‭ ‬عماد‭ ‬الجمالية‭ ‬في‭ ‬النصوص‭.‬

وسعيد‭ ‬عقل‭ ‬لا‭ ‬يفتأ‭ ‬يقدم‭ ‬أطباقه‭ ‬الجمالية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قصيدة‭ ‬من‭ ‬قصائده،‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬دواوينه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬العناصر‭ ‬البلاغية‭ ‬أهم‭ ‬ركائزها‭ ‬وعمارتها‭ ‬الجمالية‭.‬

وفي‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬دلزى‮»‬‭ ‬سياحة‭ ‬غنية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الجماليات‭:‬

‭ ‬وترتعشين‭ ‬أن‭ ‬أسكت‭ ‬

أحبكَ‭ ‬بعدي‭ ‬وقربي‭ ‬

كما‭ ‬الشوك‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬شكّي

كما‭ ‬الزهر‭ ‬في‭ ‬الريح‭ ‬هبّي‭ ‬

أنا‭ ‬أنت،‭ ‬أهمس‭ ‬سرًا‭ ‬

سماء‭ ‬وحفنة‭ ‬شهبِ

في‭ ‬هذه‭ ‬اللمحات‭ ‬الشعرية،‭ ‬جمع‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬الطباق‭ ‬والجناس‭ ‬والتشبيه‭ ‬والاستعارة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬صور‭ ‬جمالية‭ ‬خلابة‭ ‬تعيش‭ ‬التناقض‭ ‬والتواصل،‭ ‬والبعد‭ ‬والقرب‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬وارد،‭ ‬حيث‭ ‬وقعت‭ ‬المطابقة‭ ‬بين‭ ‬بُعدي‭ ‬وقربي،‭ ‬وبين‭ ‬أنا‭ ‬وأنت،‭ ‬وبين‭ ‬الزهر‭ ‬والشوك،‭ ‬وهناك‭ ‬مجانسة‭ ‬معنوية‭ ‬بين‭ ‬الهمس‭ ‬والسر‭.‬

وقلّما‭ ‬تمر‭ ‬قصيدة‭ ‬من‭ ‬قصائد‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للجماليات‭ ‬النصيب‭ ‬الأوفر،‭ ‬ففي‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬كما‭ ‬الأعمدة‮»‬‭ ‬محطات‭ ‬جمالية‭ ‬كثيرة‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬روح‭ ‬عقل‭ ‬المحبة‭ ‬للجمال،‭ ‬ومنها‭ ‬هذان‭ ‬البيتان‭: 

وأعز‭ ‬ربي‭ ‬الناس‭ ‬كلهم‭      

بيضًا‭ ‬فلا‭ ‬فرّقت‭ ‬أو‭ ‬سودا‭ ‬

لا‭ ‬قفرة‭ ‬إلا‭ ‬وتخصبها‭       

إلا‭ ‬ويعطي‭ ‬العطر‭ ‬لا‭ ‬عودا

وتقع‭ ‬المطابقة‭ ‬هنا‭ ‬بين‭ (‬بيض‭ ‬وسود،‭ ‬وبين‭ ‬قفرة‭ ‬وخصب‭ ‬وبين‭ ‬العطر‭ ‬وعودا‭ (‬دلزى‭ ‬37‭).‬

ويكاد‭ ‬يكون‭ ‬لهذين‭ ‬العنصرين‭ ‬البلاغيين‭ (‬المطابقة‭ ‬والمجانسة‭) ‬نصيب‭ ‬وافر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ديوان‭ ‬من‭ ‬دواوين‭ ‬سعيد‭ ‬عقل،‭ ‬ففي‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬أجمل‭ ‬منك‭ ‬لا‮»‬‭ ‬سيل‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬البلاغية‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬القصيدة‭ ‬كلها،‭ ‬مزينًا‭ ‬مصورًا‭ ‬مهندسًا‭ ‬في‭ ‬وفرة‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬المتنوعة،‭ ‬ومنها‭ ‬المقابلة‭ ‬الضدية‭ ‬التي‭ ‬يسميها‭ ‬العرب‭ ‬‮«‬الطباق‮»‬،‭ ‬أولاهما‭ ‬حمراء‭ ‬قانية‭ ‬والثانية‭ ‬بيضاء،‭ ‬فالمطابقة‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬أولاهما،‭ ‬والثانية‭ ‬بين‭ ‬بيضاء‭ ‬وحمراء‭.‬

ويجتمع‭ ‬التجانس‭ ‬مع‭ ‬الطباق‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬أجمل‭ ‬منك‭ ‬لا‮»‬‭:‬

يبني‭ ‬على‭ ‬الغمام‭ ‬قصرًا،‭ ‬مَرَّ‭ ‬وما‭ ‬مرَّا‭ ‬في‭ ‬خاطر‭ ‬اليمام‭ ‬

اللون‭ ‬من‭ ‬علو،‭ ‬والحجر‭ ‬الصارع‭ ‬من‭ ‬عتو‭ ‬

أشبه‭ ‬بي‭ ‬أنور،‭ ‬يأخذ‭ ‬عني‭ ‬الجور‭ ‬

من‭ ‬صدري‭ ‬المرمر،‭ ‬من‭ ‬نهدي‭ ‬البلور‭ ‬

وقعت‭ ‬المجانسة‭ ‬والمطابقة‭ ‬مجتمعتين‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬مر‭ ‬وما‭ ‬مر،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬جناس‭ ‬وطباق،‭ ‬لما‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬المثل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مشابهة‭ ‬ضدية‭.‬

وتقع‭ ‬المطابقة‭ ‬أيضًا‭ ‬بين‭ ‬كلمتي‭ ‬نور‭ ‬وجور،‭ ‬لتشابههما‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحروف‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬حرف‭ ‬واحد،‭ ‬واستعمل‭ ‬الاستعارة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬خاطر‭ ‬اليمام،‭ ‬والأمر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬لأننا‭ ‬في‭ ‬الوجود‮»‬‭ ‬من‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬رندلى‮»‬،‭ ‬كمٌّ‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬المطابقة‭ ‬وألوان‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬البلاغة،‭ ‬خاصة‭ ‬الاستعارة‭ ‬والتشبيه‭ ‬والكناية،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬سعة‭ ‬فضاء‭ ‬الشاعر‭ ‬الدلالي‭ ‬والغني،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬‮«‬سألتك‭ ‬لا‭ ‬تسألي‮»‬،‭ ‬‮«‬روى‭ ‬ما‭ ‬روى‭ ‬حكاية‭ ‬الجمال‮»‬،‭ ‬‮«‬رائح‭ ‬حبنا‭ ‬وغاد‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تجلت‭ ‬صور‭ ‬المطابقة‭ ‬والمجانسة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬المثل‭ ‬الأول،‭ ‬وصورة‭ ‬المطابقة‭ ‬في‭ ‬رائح‭ ‬وغاد،‭ ‬وفي‭ ‬‮«‬بعض‭ ‬ما‭ ‬أنت‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬ديوانه‭ ‬‮«‬دلزى‮»‬‭ ‬كمٌّ‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬البلاغة‭ ‬تكاد‭ ‬تجدها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬من‭ ‬قصائده،‭ ‬يقول‭: ‬

حبي‭ ‬الذي‭ ‬رحت‭ ‬منذ‭ ‬الدهر‭ ‬أحجبه‭         

إلا‭ ‬عن‭ ‬العطر‭ ‬حبي‭ ‬اليوم‭ ‬مُعتلِنُ‭ ‬

فالمطابقة‭ ‬هنا‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬أحجبه‭ ‬وبين‭ ‬معتلن‭.‬

ويقول‭: ‬

أنت‭ ‬كذبت‭ ‬فقلت‭ ‬الفجر‭ ‬واحد

لِمَ‭ ‬أنا‭ ‬لي‭ ‬فجران؛‭ ‬ناه‭ ‬وناهد؟‭ ‬

وتسبح‭ ‬إحدى‭ ‬القصائد‭ ‬في‭ ‬صور‭ ‬المطابقة‭ ‬الجميلة‭ ‬والاستعارة‭ ‬الموحية‭ ‬في‭ ‬قوله‭: ‬

آخذها‭ ‬بيد،‭ ‬وبيد‭ ‬أنثرها‭ ‬أنثرها‭ ‬بدد‭ ‬

وأقحواتي‭ ‬تقول‭ ‬إنك‭ ‬لا‭ ‬تحبني‭ ‬للعمر‭ ‬للأبد

‭ ‬وفي‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬أجمل‭ ‬منك‮»‬‭ ‬كمٌّ‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬البلاغية‭ ‬الجميلة،‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬زهرة‭ ‬الزهور‮»‬‭:‬

كن‭ ‬أنت‭ ‬للبيض‭ ‬وللسمر‭ ‬

ما‭ ‬همني‭ ‬حبي‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬

سعيدة‭ ‬به‭ ‬وإن‭ ‬أشقى‭ ‬

تحبني‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تحب‭. ‬أنت‭ ‬أنت‭ ‬العُمْرُ

‭ ‬في‭ ‬سطرين‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬تبحر‭ ‬القصيدة‭ ‬بصورها‭ ‬البلاغية‭ ‬وهي‭ ‬فاتحة‭ ‬القصيدة،‭ ‬ويتجلى‭ ‬الطباق‭ ‬أو‭ ‬المطابقة‭ ‬بين‭ ‬البيض‭ ‬والسمر،‭ ‬والسعادة‭ ‬والشقاء،‭ ‬وتحبني‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تحب،‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المداميك‭ ‬البلاغية‭ ‬يبني‭ ‬الشاعر‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬قصوره‭ ‬الجميلة‭.‬

وفي‭ ‬الصفحة‭ ‬112‭ ‬مجانسة‭ ‬في‭ ‬المعنى‭ ‬ومطابقة‭ ‬في‭ ‬اللفظ‭ ‬‮«‬هواك‭ ‬أطيب‭ ‬وأشهى‮»‬،‭ ‬ألذ‭ ‬من‭ ‬الديوان‭ ‬نفسه‭ ‬هذه‭ ‬المطابقة‭ ‬المتوازية،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭: ‬

لا‭ ‬تنسني‭... ‬لا‭ ‬تنسنا‭ ‬

لي‭ ‬أنت‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬أنا‭ ‬لك‭ ‬

في‭ ‬لا‭ ‬تنسني‭... ‬لا‭ ‬تنسنا،‭ ‬مطابقة‭ ‬ومجانسة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭. ‬

كذلك‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬البيت‭: ‬لي‭ ‬أنت‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬أنا‭ ‬لك،‭ ‬شطران‭ ‬متناقضان‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المعنى‭ ‬ومتجانسان‭ (‬جناس‭) ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اللفظ،‭ ‬وهي‭ ‬صور‭ ‬رائعة‭ ‬في‭ ‬تشكيلها‭ ‬الموسيقي‭ ‬الجمالي‭. ‬

ومن‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬أزلف‮»‬‭ (‬ديوان‭ ‬دلزى‭) ‬صور‭ ‬نابضة‭ ‬بالحياة،‭ ‬تتلاقى‭ ‬فيها‭ ‬المجانسة‭ ‬بالمطابقة‭ ‬في‭ ‬انسياب‭ ‬شعري‭ ‬جميل‭:‬

بيتٌ‭ ‬قصيد‭ ‬هو‭ ‬فليقرأ‭ ‬

ويقرأ‭ ‬نبلُ‭ ‬

تقوله‭ ‬من‭ ‬كلماتي‭ ‬جزؤه‭ ‬والكل‭ ‬

كم‭ ‬مرة‭ ‬خفضت‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬

وكان‭ ‬يعلو

‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬البيتين‭ ‬صور‭ ‬مضيئة‭ ‬تتجلى‭ ‬فيها‭ ‬عناصر‭ ‬بلاغية‭ ‬جميلة،‭ ‬كالمجانسة‭ ‬والمطابقة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬فليقرأ‭ ‬ويقرأ،‭ ‬والمطابقة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬جزؤه‭ ‬والكل،‭ ‬وبين‭ ‬خفضت‭ ‬ويعلو،‭ ‬أي‭ ‬بين‭ ‬الجزء‭ ‬والكل‭ ‬وبين‭ ‬العلو‭ ‬والانخفاض‭.‬

والرحلة‭ ‬طويلة‭ ‬مع‭ ‬شاعر‭ ‬النغم‭ ‬الجميل‭ ‬والموسيقى‭ ‬العذبة‭ ‬والبلاغة‭ ‬الموحية،‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬عذوبة‭ ‬الانسياب‭ ‬وسلاسة‭ ‬المعنى‭ ‬مع‭ ‬قوته‭ ‬وروعة‭ ‬الموسيقى‭ ‬الحية‭ ‬التي‭ ‬تعم‭ ‬معظم‭ ‬القصائد،‭ ‬شعر‭ ‬يُقرأ‭ ‬ويُحب،‭ ‬وهو‭ - ‬أي‭ ‬الشاعر‭ - ‬لاعب‭ ‬لغوي‭ ‬ماهر‭ ‬يطوّع‭ ‬اللغة‭ ‬بين‭ ‬يديه،‭ ‬ولا‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬لفظة‭ ‬عامية‭ ‬أحيانًا‭ ‬أو‭ ‬اشتقاق‭ ‬ما‭ ‬نادر‭ ‬ولا‭ ‬يجوزه‭ ‬غيره،‭ ‬فاللغة‭ ‬عنده‭ ‬متعة‭ ‬وثقافة‭ ‬وحضارة‭ ‬وجماليات‭. ‬

وفي‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬كما‭ ‬الأعمدة‮»‬‭ ‬يقول‭: ‬

مثلما‭ ‬السهل‭ ‬حبيبي‭ ‬يندري

مثلما‭ ‬القمة‭ ‬يعلو‭ ‬ويغيب‭ ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬البيت‭ ‬الشعري‭ ‬مجموعة‭ ‬صور‭ ‬جميلة‭ ‬تتعاضد‭ ‬لتشكل‭ ‬هذا‭ ‬النسيج‭ ‬البلاغي‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬مقابلات،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬البلاغيون‭ ‬تضاد‭ ‬وطباق،‭ ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬يجمع‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬بين‭ ‬السهل‭ ‬والجبل،‭ ‬وبين‭ ‬العلو‭ ‬والغياب،‭ ‬وبين‭ ‬السهل‭ ‬والقمة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المطابقة‭ ‬واضحة‭ ‬جلية‭ ‬تشكّل‭ ‬روح‭ ‬البيت‭ ‬الجمالي‭.‬

وفي‭ ‬القصيدة‭ ‬نفسها‭ ‬يحلّق‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬اللغة‭: ‬

قبلك‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬ظلمة‭ ‬

بعدك‭ ‬استولى‭ ‬على‭ ‬الشهب‭ ‬

هنا‭ ‬يقع‭ ‬التضاد‭ ‬أو‭ ‬المطابقة‭ ‬بين‭ ‬قبل‭ ‬وبعد،‭ ‬وبين‭ ‬الظلمة‭ ‬والشهب‭. ‬

أما‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬بالغار‭ ‬كللتِ‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬الجناس‭ ‬مع‭ ‬الطباق‭ ‬والمشابهة‭ ‬مع‭ ‬الاستعارة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭: ‬

بالغار‭ ‬كللتِ‭ ‬أم‭ ‬بالنار‭ ‬يا‭ ‬شام؟‭ ‬

أنت‭ ‬الأميرة‭ ‬تعلو‭ ‬باسمك‭ ‬إلهام‭ ‬

أواه‭ ‬بضع‭ ‬غمامات‭ ‬مشردةٍ‭ ‬

في‭ ‬الأفق‭ ‬بعض‭ ‬رؤى‭ ‬والبعض‭ ‬أحلام

والمطابقة‭ ‬هنا‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬الغار‭ ‬والنار،‭ ‬وبين‭ ‬رؤى‭ ‬وأحلام،‭ ‬أما‭ ‬المجانسة‭ ‬فقد‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬شام‭ ‬وهام‭ ‬لتشابههما‭ ‬بلفظتين‭.‬

وفي‭ ‬القصيدة‭ ‬نفسها‭ ‬‮«‬بالغار‭ ‬كللتُ‮»‬‭ ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المطابقة‭ ‬الجميلة‭:‬

‭ ‬ختام‭ ‬تشرين‭ ‬هل‭ ‬ناسٍ‭ ‬أوائله‭ ‬

إذ‭ ‬هَبَّ‭ ‬يعتصر‭ ‬العنقود‭ ‬كرام‭ ‬

يا‭ ‬شام‭ ‬ذقت‭ ‬مذاقًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إذا‭ ‬

بملء‭ ‬كفك‭ ‬دفقًا‭ ‬أفرغ‭ ‬الشام

‭ ‬والبلاغة‭ ‬متجلية‭ ‬هنا،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬المطابقة‭ ‬بين‭ ‬ختام‭ ‬وأوائل،‭ ‬‮«‬ويملأ‭ ‬كفك‭ ‬وأفرغ‮»‬‭ ‬صور‭ ‬لأداء‭ ‬جماليّ‭ ‬خلاب‭. ‬

وقصيدة‭ ‬ترحيب‭ ‬مليئة‭ ‬بصور‭ ‬الجماليات‭ ‬وعناصر‭ ‬البلاغة،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬بصدده؛‭ ‬أعني‭ ‬المطابقة‭ ‬والمجانسة‭:‬

‭ ‬أومئي‭ ‬تومئ‭ ‬الحياة‭ ‬

وتنهض‭ ‬بنا‭ ‬الذرى

‭ ‬فالمجانسة‭ ‬والمطابقة‭ ‬وقعتا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭ ‬بين‭ ‬أومئ‭ ‬وتومئ‭. ‬وفي‭ ‬قوله‭ ‬‮«‬اسمعيني‭ ‬مما‭ ‬حكى‮»‬‭ ‬مطابقة‭ ‬واضحة‭ ‬بينهما،‭ ‬أي‭ ‬السماع‭ ‬والحكي‭.‬

وفي‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬وجع‭ ‬الدلب‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬ورد‭ ‬وعطر‭ ‬ودلب‭ ‬وأطياب‭ ‬وجداول‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬كلمات،‭ ‬هكذا‭ ‬تتحول‭ ‬الأشياء‭ ‬عند‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬إلى‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬الخيال‭:‬

لا‭ ‬تمري‭ ‬هذا‭ ‬المساء‭ ‬على‭ ‬الدلب

انتهى‭ ‬أمس‭ ‬وانتهيت‭ ‬كتابي‭ ‬

أنا‭ ‬أنزلت‭ ‬فيه‭ ‬مُرَّك‭ ‬في‭ ‬الرو‭ ‬

ضِ،‭ ‬وكيف‭ ‬احلولت‭ ‬ورود‭ ‬الروابي‭ ‬

منْ‭ ‬عليها‭ ‬طفرت‭ ‬خلتك‭ ‬من‭ ‬رق

فراش‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬هبوب‭ ‬ضباب

تتجلى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأبيات‭ ‬روح‭ ‬البلاغة‭ ‬وجمالها،‭ ‬ونلاحظ‭ ‬هذه‭ ‬المجانسة،‭ ‬ففي‭ ‬قوله‭:‬

‮«‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الربيع‭ ‬تلمس‭ ‬العنصرين‭ ‬معًا،‭ ‬فهما‭ ‬متجانسان‭ ‬لفظًا‭ ‬متناقضان‭ ‬معنى‭.‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬قوله‭:‬

وردك‭ ‬ثوب‭ ‬مرهق‭ ‬الغوى

معلّق‭ ‬به‭ ‬عمر‭ ‬وموت‭ ‬

فالمطابقة‭ ‬هنا‭ ‬بين‭ ‬عمر‭ ‬وموت،‭ ‬وفي‭ ‬قوله‭ ‬‮«‬والكون‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬خاطري‭ ‬وعد‮»‬‭ ‬مجانسة‭ ‬واضحة‭ ‬لجهة‭ ‬تقارب‭ ‬الألفاظ‭.  

هذا‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬من‭ ‬الفرادة‭ ‬الشعرية‭ ‬والحضور‭ ‬الباهر‭ ‬والثقافة‭ ‬الجامعة‭ ‬والمزاج‭ ‬الأدبي‭ ‬الذي‭ ‬أغنى‭ ‬العربية‭ ‬وحملها‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬اللبنانية‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬خصائصه‭ ‬الذاتية‭. ‬وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬لا‭ ‬يخذلك‭ ‬سعيد‭ ‬عقل‭ ‬أنّى‭ ‬قصدته،‭ ‬ففي‭ ‬جعبته‭ ‬ما‭ ‬لذَّ‭ ‬من‭ ‬جميل‭ ‬الشعر‭ ‬وروعة‭ ‬المعاني‭.‬

صنع‭ ‬لنفسه‭ ‬مجدًا‭ ‬خاصًا‭ ‬وأغنى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بأجمل‭ ‬القصائد‭ ‬وأروع‭ ‬النثريات،‭ ‬وهو‭ ‬وإن‭ ‬تغنى‭ ‬باللبنانية‭ ‬حينًا‭ ‬وبغيرها‭ ‬أحيانًا،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يضعف‭ ‬إبداعه‭ ‬واحتضانه‭ ‬الفصحى‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬قاموسه‭ ‬الذي‭ ‬أنتج‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬ديوانًا‭ ‬شعريًا‭ ‬للأمة‭ ‬واللغة،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬حديث‭ ‬الصالونات‭ ‬والمنتديات‭ ‬والصحف‭ ‬والمجلات،‭ ‬ذلك‭ ‬لمزاجه‭ ‬الشخصي‭ ‬وفرادة‭ ‬أساليبه‭ ‬وحضوره‭ ‬الإعلامي‭ ‬اللبناني‭ ‬والعربي،‭ ‬وقد‭ ‬أغنت‭ ‬زحلة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬جميلة‭ ‬وأنهار‭ ‬وحدائق‭ ‬روح‭ ‬الشاعر‭ ‬وحِسّه‭ ‬الأدبي،‭ ‬فلم‭ ‬يترك‭ ‬فنًا‭ ‬بلاغيًا‭ ‬إلا‭ ‬وأجاد‭ ‬فيه‭ ‬وتحدث‭ ‬عنه،‭ ‬جاعلًا‭ ‬من‭ ‬قصائده‭ ‬مطارح‭ ‬سحر‭ ‬ودهشة‭.‬

سعيد‭ ‬عقل،‭ ‬شخصية‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬‭.