الروائي المصري محمد العشري: ألهو بالكتابة كي أنجو من فخ الواقع

الروائي المصري محمد العشري:  ألهو بالكتابة كي أنجو من فخ الواقع

الكاتبُ‭ ‬والروائي‭ ‬المصري‭ ‬محمّد‭ ‬العشري‭ ‬عنوان‭ ‬الإخلاص‭ ‬للكتابة،‭ ‬المعادل‭ ‬المــوضــــوعـــي‭ ‬للـــــحياة‭! ‬وإبداعه‭ ‬الروائي‭ ‬والقصصي‭ ‬صورة‭ ‬واقع‭ ‬يراهُ‭ ‬تحت‭ ‬ميكروسكوب‭ ‬الكلمات‭ ‬فخًّا،‭ ‬ووفق‭ ‬ترمومتر‭ ‬الروح‭ ‬الظامئة‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬بعدَ‭ ‬الخيال،‭ ‬ووسيلته‭ ‬الأرقى‭ ‬والأعظم‭ ‬لمراوغة‭ ‬الواقع،‭ ‬ومقاومتهُ،‭ ‬والسخرية‭ ‬من‭ ‬مفارقاته‭ ‬بكل‭ ‬إيقاعها‭ ‬الغرائبي‭ ‬هي‭ ‬الكلمات‭ - ‬الكتابة‭ ‬جمر‭ ‬جسدٍ‭ ‬متشظٍ،‭ ‬يلهو‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬لعبة‮»‬‭ ‬برأي‭ ‬بورخيس‭ ‬الذي‭ ‬سبقهُ‭ ‬إلى‭ ‬كيميائها‭... ‬وكل‭ ‬حرف‭ ‬في‭ ‬أبجديتها‭ ‬متنفس،‭ ‬وخلاص،‭ ‬وحرية‭!‬

أول‭ ‬ألعاب‭ ‬الكتابة‭ ‬لدى‭ ‬العشري‭ ‬الرواية‭ - ‬الكيمياء‭ ‬الإلهية‭ ‬بتعبير‭ ‬ميلان‭ ‬كونديرا،‭ ‬وهي‭ ‬الملاذ‭ ‬لهُ،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬سلطة
احتواء‭ ‬شتى‭ ‬الفنون،‭ ‬وهي‭ ‬ضالته‭ ‬لأنها‭ ‬حياة‭ ‬مكتملة‭!‬

والعشري‭ ‬والصحراء‭ ‬حكاية،‭ ‬أيقــــونة‭ ‬حكاياته‭ ‬الممتعة‭ ‬بلذة‭ ‬جوهر‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬نصّه،‭ ‬لا‭ ‬يخفي‭ ‬علينا‭ ‬أمومتهــا،‭ ‬وهـــي‭ ‬ترضعه‭ ‬حليب‭ ‬وعسل‭ ‬الصبر‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭/ ‬الحياة،‭ ‬والواقع‭/ ‬الفخ‭... ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬الروايــــة‭ ‬عالمًا‭ ‬متكــــاملًا،‭ ‬بل‭ ‬هـــي‭ (‬سؤال‭ ‬العالم‭ ‬بكليته‭) - ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬هرمن‭ ‬بروخ‭. ‬

والرواية‭ ‬مغامرة،‭ ‬ليست‭ ‬تسلية،‭ ‬وهي‭ ‬برؤاه‭: (‬دأب،‭ ‬وخيال،‭ ‬وبحث،‭ ‬وتنقيب،‭ ‬وتقصٍ‭)‬،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬كلّ‭ ‬ذلك‭ ‬المخزون‭ ‬المعرفي‭ ‬والتاريخي‭ ‬والحياتي‭..‬‭. ‬وهو‭ ‬بهذا‭ ‬يستهجن‭ - ‬بأسلوبه‭ ‬المهذب‭ - ‬الكتابات‭ ‬السريعة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬على‭ ‬أغلفتها‭ ‬البراقة‭ ‬غير‭ ‬‮«‬ثرثرة‮»‬‭...! ‬وروايته‭ ‬‮«‬تفاحة‭ ‬الصحراء‮»‬‭ ‬أيقونة‭ ‬التعب‭ ‬والمغامرة،‭ ‬وعنوان‭ ‬السرد‭ ‬المتقن‭ ‬والكتابة‭ ‬الجادة‭ ‬والهادفة‭... ‬ولدى‭ ‬هذا‭ ‬الكاتب‭ ‬الكبير‭ ‬التأملي‭ ‬الحالم‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬إيقاع‭ ‬حميميّ‭ ‬خلاصة‭ ‬عطر‭ ‬روحه‭ ‬ووجدانه‭.‬

صدر‭ ‬للعشري‭ ‬من‭ ‬الروايات؛‭ ‬غادة‭ ‬الأساطير‭ ‬الحالمة‭: (‬القاهرة‭ - ‬1999‭) ‬و‭(‬بيروت‭ - ‬2009‭)‬،‭ ‬ونبع‭ ‬الذهب‭  (‬القاهرة‭ - ‬2000‭)‬،‭ ‬وتفاحة‭ ‬الصحراء‭: (‬القاهرة‭ - ‬2001‭) ‬و‭(‬بيروت‭ - ‬2007‭)‬،‭ ‬وهالة‭ ‬النور‭: (‬القاهرة‭ - ‬2002‭) ‬و‭(‬بيروت‭ - ‬2012‭)‬،‭ ‬وخيال‭ ‬ساخن‭: (‬القاهرة‭ ‬والجزائر‭ ‬2008‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬قصصًا‭ ‬للأطفال،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬الجوائز‭ ‬الإبداعية‭ ‬والأدبية‭.‬

‭-‬إذا‭ ‬أردتَ‭ ‬أنْ‭ ‬تقدمَ‭ ‬نفسَكَ‭ ‬إبداعيًا،‭ ‬بلغةٍ‭ ‬مقتصدة‭ ‬مكثّفة،‭ ‬كيف‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬ترسمَ‭ ‬‮«‬بورتريهًا‮»‬‭ ‬سهلَ‭ ‬القراءة‭ ‬للروائي‭ ‬والمبدع‭ ‬الكبير‭ ‬محمّد‭ ‬العشري؟

‭- ‬رسم‭ ‬صورة‭ ‬للذات‭ ‬مهمة‭ ‬صعبة،‭ ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬التعرف‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الملامح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكتابة‭. ‬أنا‭ ‬ألهو‭ ‬بالكتابة،‭ ‬لأتسلى،‭ ‬وأنجو‭ ‬بروحي‭ ‬من‭ ‬فخ‭ ‬الواقع‭ ‬الأليم،‭ ‬الذي‭ ‬نحياهُ‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬المشتعلة‭ ‬بلا‭ ‬مبرر‭ ‬أو‭ ‬منطق‭. ‬أومنُ‭ ‬بأن‭ ‬التفكير‭ ‬العلمي‭ ‬مهم‭ ‬جدًا،‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬الأدب،‭ ‬كما‭ ‬أومنُ‭ ‬بأن‭ ‬الحياة‭ ‬روايات‭ ‬تكتبنا‭ ‬على‭ ‬هواها،‭ ‬لذلك‭ ‬عشقت‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية،‭ ‬وصارت‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية‭ ‬مشروعي،‭ ‬وهدفي‭.‬

 

الرواية‭ ‬حياة‭ ‬مكتملة

‭-‬قارئ‭ ‬سيرتك‭ ‬الإبداعية،‭ ‬سيُذهلُ‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الكمّ‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬المثيرة‭.. ‬هل‭ ‬الروايــــة‭ ‬حياة،‭ ‬كما‭ ‬يقولُ‭ ‬البعض‭ ‬أمْ‭ ‬أنّها‭ ‬موسيقى‭ ‬كونية،‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬ميلان‭ ‬كونديرا،‭ ‬أمْ‭ ‬ماذا؟‭ ‬ولماذا‭ ‬الرواية‭ ‬معشوقة‭ ‬العشري‭ ‬الأسمى‭ ‬دونَ‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الإبداع؟

‭- ‬ميزة‭ ‬الرواية‭ ‬أنها‭ ‬أتون‭ ‬مشتعل،‭ ‬يصهر‭ ‬كل‭ ‬الفنون‭ ‬في‭ ‬داخله،‭ ‬ويعيد‭ ‬إنتاجها‭ ‬بشكل‭ ‬روائي‭. ‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬بكتابة‭ ‬الشعر،‭ ‬والقصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬والنثر،‭ ‬وانتهيت‭ ‬إلى‭ ‬الرواية،‭ ‬التي‭ ‬وجدت‭ ‬فيها‭ ‬ملاذي،‭ ‬لترجمة‭ ‬انفعالاتي،‭ ‬ورؤيتي‭ ‬للحياة‭ ‬والكون‭.‬

ببساطة‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬الرواية‭ ‬حيوات‭ ‬مكتملة،‭ ‬يعيشها‭ ‬الإنسان،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمر‭ ‬إضافي‭.‬

 

الرواية‭ ‬تفوز‭ ‬بمنجزها‭ ‬وكونِها‭ ‬الشعريّ

‭-‬يقولُ‭ ‬جان‭ ‬سكاسيل‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬مقطوعاتهِ‭ ‬الشعرية‭ ‬الجميلة‭:‬

‮«‬لا‭ ‬يخترعً‭ ‬الشعراءُ‭ ‬القصائدَ،

فالقصيدة‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬مكانٍ‭ ‬ما،‭ ‬هناك‭!‬

      ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬ٍ‭ ‬طويل‭ ‬ٍ‭ ‬جدًّا،‭ ‬هيَ‭ ‬هناك‭!‬

ولا‭ ‬يفعلُ‭ ‬الشاعرُ‭ ‬شيئًا‭ ‬سوى‭ ‬أنْ‭ ‬يكشفَ‭ ‬عنها‮»‬‭!‬

قلْ‭ ‬لي‭: ‬هلْ‭ ‬الرواية‭ ‬كذلك،‭ ‬أمْ‭ ‬أنها‭ ‬مخزونٌ‭ ‬تراكمي،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجمعُ‭ ‬بينَ‭ ‬الشعر‭ ‬والرواية،‭ ‬وما‭ ‬مدى‭ ‬التأثير،‭ ‬وهل‭ ‬تفوزُ‭ ‬الرواية‭ ‬بكونها‭ ‬الشعري،‭ ‬أمْ‭ ‬ماذا؟

‭- ‬لا،‭ ‬الرواية‭ ‬ليست‭ ‬كذلك،‭ ‬لأنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دأب،‭ ‬وخيال،‭ ‬وبحث،‭ ‬وتنقيب،‭ ‬وتقصٍّ،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬الهيكل‭ ‬الإنساني،‭ ‬وأن‭ ‬تكسوه‭ ‬لحمًا،‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تحييه‭ ‬الروح‭.‬

وبالتأكيد‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مخزون‭ ‬معرفي،‭ ‬وتجارب‭ ‬حياتية‭ ‬بشكل‭ ‬ما،‭ ‬يمكن‭ ‬الاتكاء‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬البدء،‭ ‬ثم‭ ‬التحامها‭ ‬بالخيال‭ ‬للتحليق‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬أوسع‭. ‬

الشعر‭ ‬ومضة،‭ ‬يمكن‭ ‬الإمساك‭ ‬بها،‭ ‬واقتناصها،‭ ‬وكتابتها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬زمني‭ ‬قصير،‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬الرواية‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬ممتد،‭ ‬حتى‭ ‬تدب‭ ‬فيها‭ ‬الروح‭. ‬نعم،‭ ‬تفوز‭ ‬الرواية‭ ‬بمنجزها‭ ‬وكونها‭ ‬الشعري،‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحققه‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬الشعري،‭ ‬والنثري،‭ ‬والفني،‭ ‬وكل‭ ‬الفـــنون‭ ‬الأخرى‭.‬

ألم‭ ‬تلاحظ‭ ‬أخيرًا‭ ‬هجرة‭ ‬الشعراء‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية؟‭ ‬ولم‭ ‬نلحظ‭ ‬هجرة‭ ‬روائي‭ ‬واحد‭ ‬إلى‭ ‬الشِّعر‭. ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬دوافعهم‭ ‬غير‭ ‬المعلنة،‭ ‬مثل‭ ‬تعاظم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالرواية،‭ ‬إعلاميًا،‭ ‬وماديًا،‭ ‬وتجاهل‭ ‬الشعر،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬ويرسخ‭ ‬لمنجز‭ ‬الرواية‭.‬

‭-‬يُؤكدُ‭ ‬تولستوي‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬أعمالهِ‭ ‬الروائية‭ ‬أخلاقية‭ ‬الرواية،‭ ‬وقد‭ ‬تجاوزتْ‭ ‬الرواية‭ ‬الحديثة،‭ ‬الأمريكية‭ ‬اللاتينية‭ ‬والأوربية‭ ‬والعربية‭ ‬المكتوبة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬وأنتَ‭ ‬سيّد‭ ‬العارفين،‭ ‬قلْ‭ ‬لي‭: ‬هلْ‭ ‬يشكلّ‭ ‬الثالوث‭ ‬المحرّم‭ (‬الجنس،‭ ‬الدين،‭ ‬السُّلطة‭) ‬إضافة‭ ‬كبيرة‭ ‬للرواية،‭ ‬أمْ‭ ‬التكنيك‭ ‬هو‭ ‬الأهم،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬صنع‭ ‬الله‭ ‬إبراهيم؟

‭- ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬أو‭ ‬الغاية‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬ذلك‭ ‬الثالوث‭ ‬هو‭ ‬الأهم،‭ ‬وإلا‭ ‬تصبح‭ ‬كتابة‭ ‬فجّة،‭ ‬رخيصة،‭ ‬لا‭ ‬نفع‭ ‬فيها‭. ‬ليست‭ ‬ضد‭ ‬تناول‭ ‬المحرمات‭ ‬والمسكوت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬ولكن‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬فني،‭ ‬يشكّل‭ ‬امتدادًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬السرد،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬

الرواية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬بمفهوم‭ ‬تولستوي،‭ ‬فعلًا‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬أنت،‭ ‬تم‭ ‬تجاوزها،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عصر‭ ‬وزمان،‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬يعيشها،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬أولوياته،‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬الرواية‭ ‬أن‭ ‬تلاحق‭ ‬ذلك،‭ ‬وأن‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬العصر،‭ ‬ومنجزه‭ ‬العلمي،‭ ‬وأن‭ ‬تعيد‭ ‬إنتاج‭ ‬تاريخه‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يتوافر‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬ومعطيات‭ ‬جديدة‭.‬

 

واقع‭ ‬يتجاوزَ‭ ‬الخيال

‭-‬كتبَ‭ ‬أندريه‭ ‬مالرو‭ ‬في‭ ‬‮«‬الإنسان‭ ‬العابر‭ ‬والأدب‮»‬‭ ‬يقول‭: (‬صارَ‭ ‬أحد‭ ‬طموحات‭ ‬الرواية‭ ‬هو‭ ‬الإمساك‭ ‬بالخبرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخيال‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬تأمّل‭ ‬يقودك‭ ‬إليه‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬الموضوعي‭ ‬الجميل؟‭ ‬أهو‭ ‬خيال‭/ ‬الواقع،‭ ‬أمْ‭ ‬الواقع‭/ ‬الخيال؟‭ ‬أهو‭ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬يُبنى‭ ‬السرد‭ ‬على‭ ‬خيالٍ‭ ‬منتج؟‭ ‬ماذا‭ ‬ترى؟

‭- ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعـــــترف‭ ‬أولًا‭ ‬بأن‭ ‬الواقع‭ ‬قد‭ ‬تجاوز‭ ‬الخيال‭ ‬بمراحل،‭ ‬وأصبح‭ ‬على‭ ‬الخيال‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬اللحاق‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يتعاظم‭ ‬بمقدرات‭ ‬خيالية‭ ‬أكبر،‭ ‬حتى‭ ‬تكــــــون‭ ‬هناك‭ ‬روافد‭ ‬تنهل‭ ‬منها‭ ‬الرواية‭ ‬الخيالية‭ ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬أن‭ ‬مع‭ ‬الاتكاء‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أول‭ ‬شذرات‭ ‬السرد،‭ ‬ثم‭ ‬إطلاق‭ ‬عنان‭ ‬الخيــــال‭ ‬لها،‭ ‬وتركـــــها‭ ‬لتأخذك‭ ‬إلى‭ ‬مداراتها‭ ‬الكونية‭ ‬الخيــــالية‭ ‬والواسعة،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬السرد،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬كـــــتابة‭ ‬في‭ ‬المطــــلق،‭ ‬وبعيدة‭ ‬عما‭ ‬بدأت‭ ‬به‭.‬

 

كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬كرحلة‭ ‬في‭ ‬النيل‭ ‬

‭-‬منذ‭ ‬روايتك‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬غادة‭ ‬الأساطير‮»‬‭ (‬1999‭) ‬بطبعتيها‭ ‬المصرية‭ ‬واللبنانية،‭ ‬ومرورًا‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬نبع‭ ‬الذهب‮»‬‭ (‬2000‭)‬،‭ ‬و«تفاحة‭ ‬الصحراء‮»‬‭ (‬2001‭)‬،‭ ‬و«هالة‭ ‬النور‮»‬‭ (‬2012‭)‬،‭ ‬وحتّى‭ ‬‮«‬خيال‭ ‬ساخن‮»‬‭ (‬2013‭)‬،‭ ‬قلْ‭ ‬لي‭: ‬أيّ‭ ‬مغامرة‭ ‬ورحلة‭ ‬شاقة‭/ ‬عذبة‭ ‬هذهِ؟‭ ‬ماذا‭ ‬أخذت‭ ‬منك؟‭ ‬وماذا‭ ‬أعطتك؟

‭- ‬لم‭ ‬أتأمل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬تأمله‭ ‬الآن‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭. ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬أشبه‭ ‬برحلة‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬النيل،‭ ‬وعلى‭ ‬فترات‭ ‬أركن‭ ‬القارب‭ ‬إلى‭ ‬الشاطئ،‭ ‬وأنزل‭ ‬أتجول‭ ‬في‭ ‬أرض،‭ ‬أو‭ ‬غابة،‭ ‬أو‭ ‬صحراء،‭ ‬لرواية‭ ‬من‭ ‬الروايات،‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬بكل‭ ‬زخمها،‭ ‬مغامراتها،‭ ‬ألهو‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وأستمتع‭ ‬أكثر،‭ ‬ثم‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬القارب‭ ‬وأكتب‭ ‬تلك‭ ‬الرواية،‭ ‬وبعدها‭ ‬أنطلق‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬أخرى،‭ ‬ورواية‭ ‬جديدة‭.‬

وأحاول‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬أتفادى‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬فيما‭ ‬قبلها‭. ‬سأسرد‭ ‬لك‭ ‬تجربتي‭ ‬مع‭ ‬روايتي‭ ‬‮«‬تفاحة‭ ‬الصحراء‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬دفعتني‭ ‬إلى‭ ‬المشي‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬ألغام‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬العَلَمين،‭ ‬بالصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬المصرية،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬كنت‭ ‬أتحسس‭ ‬نفسي،‭ ‬وأنا‭ ‬متأهب‭ ‬لانفجار‭ ‬لغم،‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة،‭ ‬وجعلتني‭ ‬أقرأ‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬وخلفية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية،‭ ‬وتفاصيلها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أبدأ‭ ‬في‭ ‬كتابتها‭.‬

ربما‭ ‬أعطتني‭ ‬شجاعة‭ ‬أن‭ ‬أعرّي‭ ‬نفسي،‭ ‬وأن‭ ‬أقرأها‭ ‬دون‭ ‬مواربة‭ ‬أو‭ ‬خجل،‭ ‬وأن‭ ‬أخلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬بحثه‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يمسك‭ ‬بأطراف‭ ‬روحه‭ ‬وأن‭ ‬يتعرف‭ ‬إليها،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يعيش‭ ‬معها‭ ‬وبها،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬دائمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

 

الكتابة‭ ‬للطفل‭ ‬تجربة‭ ‬ممتعة

‭-‬دخلتَ‭ ‬عالمَ‭ ‬الكتابة‭ ‬للطفل‭ ‬في‭ ‬‮«‬الحذاء‭ ‬الطائر‮»‬‭ (‬بيروت‭ ‬2013‭)‬،‭ ‬كيف‭ ‬رأيت‭ ‬الكتابة‭ ‬للأطفال‭ ‬كلون‭ ‬أدبي؟‭ ‬وكيف‭ ‬تفسّر‭ ‬قلّة‭ ‬مَن‭ ‬يكتبون‭ ‬فيه،‭ ‬ويخوضون‭ ‬هذهِ‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة؟‭ ‬أهم‭ ‬عاشوا‭ ‬الطفولة‭ ‬المفقودة‭ ‬أوْ‭ ‬المغيبة‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬عبقريّ‭ ‬الرواية‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬أمْ‭ ‬لكيمياء‭ ‬الكتابة‭ ‬للطفل‭ ‬شروطها‭ ‬العسيرة‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬توافرها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المبدعين؟

‭- ‬تجربتي‭ ‬مع‭ ‬الكتابة‭ ‬للطفل،‭ ‬وجدتها‭ ‬ممتعة‭ ‬للغاية،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬دفعني‭ ‬إلى‭ ‬الكتابة‭ ‬فيها‭ ‬مجددًا،‭ ‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬نشر‭ ‬عمل‭ ‬جديد،‭ ‬سيصدر‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬قريبًا،‭ ‬لا‭ ‬أخفي‭ ‬عليك،‭ ‬رغم‭ ‬متعتها،‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬سهلة،‭ ‬لكنها‭ ‬كتابة‭ ‬السهل‭ ‬الممتنع،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تقدمَ‭ ‬شيئًا‭ ‬لطفل‭ ‬يعيش‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية‭ ‬بكل‭ ‬منجزها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاتصالات‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والمعلومات‭.‬

الأمر‭ ‬محفوف‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬لكنها‭ ‬تجربة‭ ‬ممتعة‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬خيال‭ ‬طفل،‭ ‬وأن‭ ‬تكتب‭ ‬له،‭ ‬قصة‭ ‬تحفزه‭ ‬للقراءة،‭ ‬وتجعله‭ ‬متمسكًا‭ ‬بها‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬للطفل‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬والاطلاع،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التبسيط،‭ ‬لكي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تكتب‭ ‬له‭ ‬قصة‭ ‬تسليه،‭ ‬وتثقفه،‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬شخصيته‭.‬

 

جيش‭ ‬من‭ ‬النقّاد

‭-‬توّجتْ‭ ‬أعمالك‭ ‬الروائية‭ ‬بمقالاتٍ‭ ‬مهمةٍ،‭ ‬ولنقاد‭ ‬مصريين‭ ‬وعرب‭ ‬مهمين‭ ‬أيضًا،‭ ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬ما‭ ‬يُكتبُ‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬نقد؟‭ ‬وهل‭ ‬لدينا‭ ‬حركة‭ ‬نقدية‭ ‬جادة؟‭ ‬لمَن‭ ‬تشير‭ ‬بأصابعك‭ ‬للناقد‭ ‬الأمثل‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬ثقافتنا؟

‭- ‬حجم‭ ‬وكم‭ ‬الإبداع‭ ‬والكتابة‭ ‬المطروحين‭ ‬الآن،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جيش‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬لفرزه،‭ ‬ووضع‭ ‬الكتابة‭ ‬الإبداعية‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬الصحيح،‭ ‬أيضًا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬نقاد‭ ‬شباب،‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬نفسه،‭ ‬يستوعب‭ ‬قفزات‭ ‬الحياة،‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬ومعطيات‭ ‬الحياة‭ ‬الحديثة،‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬الرؤية‭ ‬النقدية‭ ‬أكثر‭ ‬التحامًا‭ ‬بالإبداع‭.‬

هناك‭ ‬أسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬يمكن‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬ممن‭ ‬يتابعون‭ ‬ويكتبون‭ ‬بشكل‭ ‬حيوي،‭ ‬وكذلك‭ ‬تروق‭ ‬لي‭ ‬تجربة‭ ‬مختبرات‭ ‬السرديات،‭ ‬وهناك‭ ‬مبدعون‭ ‬يتابعون‭ ‬ويرصدون‭ ‬الإبداع‭ ‬بشكل‭ ‬دؤوب،‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬الأسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬يصعب‭ ‬حصرها‭ ‬هنا‭.‬

 

الصحافة‭ ‬الثقافية‭ ‬ضحية

‭-‬كيفَ‭ ‬يرى‭ ‬الروائي‭ ‬محمد‭ ‬العشري‭ ‬صحافتنا‭ ‬الثقافية؟‭ ‬أهي‭ ‬بمستوى‭ ‬ما‭ ‬تنتجُ‭ ‬المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬ودور‭ ‬النشر‭ ‬من‭ ‬إبداع؟‭ ‬ولماذا‭ ‬هي‭ ‬متهــــمة‭ ‬دائمًا‭ ‬بأنها‭ ‬صحافة‭ ‬علاقـــات‭ ‬نفعية،‭ ‬ومجامــــلات،‭ ‬وترميــــم‭ ‬أسماء‭ ‬معيّنة؟‭ ‬ماذا‭ ‬تقتــــرح‭ ‬لصحافةٍ‭ ‬ثقافية‭ ‬مواكبة‭ ‬للإبداع‭ ‬المثير‭ ‬والجاد؟

‭- ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬على‭ ‬قلة‭ ‬وغياب‭ ‬المجلات‭ ‬والنوافذ‭ ‬الثقافية‭ ‬بما‭ ‬يوازي‭ ‬حجم‭ ‬الإبداع‭ ‬المطروح،‭ ‬نجد‭ ‬الصحافة‭ ‬الثقافية‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬يفكر‭ ‬فيه،‭ ‬رؤساء‭ ‬تحرير‭ ‬الصحف،‭ ‬وكلما‭ ‬احتاجوا‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬لإعلان‭ ‬ما،‭ ‬تكون‭ ‬الصفحة‭ ‬الثقافية‭ ‬هي‭ ‬الضحية،‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صحفيين‭ ‬حقيقيين‭ ‬ينتصرون‭ ‬للإبداع‭ ‬الجيد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬النفعية‭ ‬هي‭ ‬السائدة،‭ ‬تعلي‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الشللية‭ ‬والمجاملات،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الصفحات‭ ‬التي‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬كتّاب‭ ‬أو‭ ‬شعراء‭. ‬ربما‭ ‬تبدو‭ ‬الانتهازية‭ ‬سمة‭ ‬العصر‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه،‭ ‬ولا‭ ‬أعفي‭ ‬نفسي‭ ‬أو‭ ‬الكتّاب‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬أصابنا‭ ‬جميعًا،‭ ‬ولأن‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬ذيل‭ ‬اهتمام‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬عربي،‭ ‬وربما‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬نفسها‭ ‬لا‭ ‬تعنيه‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬ومكتسباتها‭.‬

الإصلاح‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬منهج‭ ‬إصلاحي‭ ‬شامل،‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والسياسة‭ ‬والثقافة،‭ ‬ربما‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬حين‭ ‬يصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬وكرامته‭ ‬هما‭ ‬مركز‭ ‬اهتمام‭ ‬المسؤول‭ ‬العربي‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬طويل،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬وأد‭ ‬الثورات‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬تطالب‭ ‬بالحرية‭ ‬والمساواة‭ ‬والعدل‭ ‬والكرامة‭.‬

‭-‬بعدَ‭ ‬روايتك‭ ‬‮«‬خيال‭ ‬ساخن‮»‬‭... ‬ماذا‭ ‬ينضج‭ ‬تحت‭ ‬أصابعك؟‭ ‬وماذا‭ ‬ينتظر‭ ‬القارئ‭ ‬منك‭ ‬في‭ ‬الأيّام‭ ‬القادمة؟

‭- ‬هناك‭ ‬رواية‭ ‬جديدة‭ ‬ستصدر‭ ‬قريبًا‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬ماء‭ ‬إله‭ ‬منسي‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬قصة‭ ‬للأطفال‭ ‬بعنــــوان‭ ‬‮«‬كنتمـــاني‭... ‬البركان‭ ‬الخامد‮»‬‭.‬

عشت‭ ‬سنواتي‭ ‬الحالية،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬وتلك‭ ‬التجربة‭ ‬الحياتية‭ ‬أضافت‭ ‬لي‭ ‬الكثير،‭ ‬وفتحت‭ ‬لي‭ ‬نوافذ‭ ‬أوسع‭ ‬لرؤية‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬بلاد‭ ‬يتوغل‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬وتراثها‭ ‬الأساطير،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تستسلم‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬القديم،‭ ‬بل‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تقفز‭ ‬إلى‭ ‬واجهة‭ ‬العصر،‭ ‬بالتعليم‭ ‬الجيد‭ ‬الحديث‭ ‬وبناء‭ ‬الإنسان،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬سليمة،‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وحقوقه‭. ‬وأعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ستظهر‭ ‬حتمًا‭ ‬في‭ ‬كتاباتي‭ ‬ورواياتي‭ ‬القادمة‭ ‬‭.