مَنْ قتل نظام الملك الطوسي؟
هو الحسن بن علي بن إسحاق بن العباس، الوزير أبو علي الطوسي الملقب بنظام الملك قوام الدين. وُلد في بلدة نوقان التابعة لمدينة طوس، إحدى مدن خراسان، يوم الجمعة في 11 ذي القعدة من عام 408هـ/1018 م.
ورد عدد من الروايات حول ولادة نظام الملك، وهي على الأرجح من نسج الخيال، وذلك لإضفاء هالة من القدسية على هذه الشخصية التي نادرًا ما عرفها التاريخ الإسلامي، ومن هذه الروايات:
1 - أن المطر تساقط على طوس بغزارة يوم مولده، بعد انقطاع طال مدة أربع سنوات، فتفاءل الناس بمولده.
2 - بعد مرور يومين على ولادته، رأت والدته في منامها السيدة فاطمة الزهراء، ابنة الرسول محمد ([)، وهي تجلس على كرسي، وبجانبها مصحف، وتحتضن طفلًا، فسلمت عليها، «وابتعدت احترامًا لها، وما إن رأتها من الصالحات، حتى أذنت لها، وأخذت ابنها، وأرضعته، مستفسرة عن اسمه، وما إن عرفت أنه لم يُسمَّ بعد، وأن اسم والده «علي حسن»، حتى قالت: سمّيه «حسنًا»، كولدي، لأن له أبًا اسمه علي».
3 - كل ما هو معروف من حياته في سن الطفولة والشباب أنه كان يحفظ القرآن الكريم ويقضي وقته في الكتّاب.
أما أسرته، فينقل ابن خلكان أن نظام الملك كان من أولاد الدهاقين، فكان والده جابيًا في مدينة طوس من قبل جغري بك داوود، شقيق طغرلبك السلجوقي (428-455هـ/1036 - 1063م)، حوالي عام 430هـ/1039م. أما شقيقه، فهو الشيخ عبدالله، وكان حينها من الفقهاء المعروفين.
هكذا نشأ نظام الملك في أسرة مثقفة ملتزمة دينيًا، كان لها أثر واضح في دفعه نحو التعلم وكسب المعارف، لذا نجده يتجه نحو تعلم القرآن منذ الصغر، كما الحديث النبوي الشريف، وفقه الشافعية.
ومع إتقانه العلوم الدينية والكتابة والسياسة تدرج في قصور الأمراء إلى أن أصبح الوزير الأول عند السلاجقة.
العلاقة بين نظام الملك والسلطان ملكشاه
ينقل المؤرخون أن العلاقة بين ملكشاه ووزيره نظام الملك قد أصابها الفتور في الأيام الأخيرة قبل مقتل نظام الملك، وسأحاول أن أورد أبرز ما ذكره المؤرخون حول العلاقة التي ربطت بين السلطان ووزيره:
1 - يذكر ابن الأثير: «لما جرح السلطان ألب أرسلان، أوصى بالسلطنة لابنه ملكشاه، وكان معه، وأمر أن يحلف له العسكر، فحلفوا جميعهم، وكان المتولي للأمر في ذلك نظام الملك... وقام بوزارة ملكشاه نظام الملك».
2 - تحت عنوان «تفويض الأمور إلى نظام الملك»، يذكر ابن الأثير أن ملكشاه فوض أمور الدولة إلى وزيره: «ثم إن عسكر ملكشاه بسطوا أيديهم في أموال الرعيّة، وقالوا: ما يمنع السلطان أن يعطينا الأموال إلا نظام الملك، فنال الرعية أذى شديد، فذكر ذلك نظام الملك للسلطان، فبيّن له ما في هذا الفعل من الوهن، وخراب البلاد، وذهاب السياسة، فقال له: افعل في هذا ما تراه مصلحة، فقال له نظام الملك: ما يمكنني أن أفعل إلا بأمرك.
فقال السلطان: قد رددتُ الأمور كلها كبيرها وصغيرها إليك، فأنت الوالد وحلف له، وأقطعه إقطاعًا زائدًا على ما كان، من جملته طوس مدينة نظام الملك، وخلع عليه، ولقّبه ألقابًا من جملتها: أتابك، ومعناه الأمير الوالد.
أتى هذا الموقف من السلطان ملكشاه، بعد إدراكه لمقدرة وزيره وحسن إدارته، وهو ما ظهر من خلال ابن الأثير نفسه الذي أورد: «في هذه السنة (473هـ/ 1080م) في شعبان، سار السلطان ملكشاه إلى الريّ، وعرض العسكر، فأسقط منهم سبعة آلاف رجل لم يرضَ لحالهم، فمضوا إلى أخيه تكش، وهو ببوشنج، فقوي بهم، وأظهر العصيان على أخيه ملكشاه، واستولى على مرو الروذ، ومرو الشاهجان، وترمذ، وغيرها، وسار إلى نيسابور طامعًا في ملك خراسان.
وقيل: إن نظام الملك قال للسلطان لما أمر بإسقاطهم: إن هؤلاء ليس فيهم كاتب، ولا تاجر، ولا خيّاط، ولا من له صنعة غير الجندية، فإذا أُسقطوا لا نأمن أن يقيموا منهم رجلًا، ويقولوا هذا السلطان، فيكون لنا منهم شغل، ويخرج عن أيدينا أضعاف ما لهم من الجاري إلى أن نظفر بهم، فلم يقبل السلطان قوله، فلما مضوا إلى أخيه، وأظهر العصيان، ندم على مخالفة وزيره، حيث لم ينفع الندم».
كما أورد ابن الأثير ردة فعل السلطان ملكشاه بعدما توفي ولده، ما أظهر ضعف ملكشاه، وعدم اتزانه:
«وفيها عام 474 هـ / 1081 م مات ابن السلطان ملكشاه، واسمه داوود، فجزع عليه جزعًا شديدًا، وحزن حزنًا عظيمًا، ومنع من أخذه وغسله، حتى تغيرت رائحته، وأراد قتل نفسه مرات، فمنعه خواصه، ولما دفن لم يُطق المقام، فخرج يتصيد، وأمر بالنياحة عليه في البلد، ففعل ذلك عدة مرات، وجلس له وزير الخليفة في العزاء ببغداد».
وفي قصة أخرى نقلها ابن الأثير، تظهر سوء العلاقة التي كانت بين السلطان وأولاد نظام الملك: «في هذه السنة (عام 475 هـ/1082 م)، في رجب، توفي جمال الملك منصور بن نظام الملك... وكان سبب موته أنّ مسخرةً كان للسلطان ملكشاه يُعرف بجعفرك يحاكي نظام الملك، ويذكره في خلواته مع السلطان، فبلغ ذلك جمال الملك، وكان يتولى مدينة بلخ وأعمالها، فسار من وقته يطوي المراحل إلى والده والسلطان، وهما بأصبهان، فاستقبله أخواه... فأغلظ لهما القول في إغضائهما على ما بلغه عن جعفرك، فلما وصل إلى حضرة السلطان، رأى جعفرك يسارُّه، فانتهره، وقال: مثلك يقف هذا الموقف، وينبسط بحضرة السلطان في هذا المجمع، فلما خرج من عند السلطان، أمر بالقبض على جعفرك، وأمر بإخراج لسانه من قفاه وقطعه فمات... «إلا أن ملكشاه كما يبدو لم يغض النظر عما حصل» فأحضر السلطان عميد خراسان، وقال له: أيما أحب لك رأسك أم رأس جمال الملك؟ فقال: بل رأسي، فقال (السلطان): لئن لم تعمل في قتله لأقتلنك، فاجتمع بخادم يختص بخدمة جمال الملك، وقال له سرًا: الأولى أن تحفظوا نعمتكم، ومناصبكم، وتدبّر في قتل جمال الملك، فإنّ السلطان يريد أن يأخذه ويقتله، ولأن تقتلوه أنتم سرًّا أصلح لكم من أن يقتله السلطان ظاهرًا، فظن الخادم أن ذلك صحيح، فجعل له سمًّا في كوز فقاع... فشربه، فمات، فلما علم السلطان بموته سار مجدًّا، حتى لحق نظام الملك، فأعلمه بموت ابنه، وعزّاه، وقال: أنا ابنك، وأنت أولى من صبر واحتسب».
مقتل نظام الملك
هذه العلاقة التي أخذت تتوتر بين السلطان ووزيره نظام الملك، دفعت بعدد من المؤرخين إلى الاعتقاد بأن السلطان ملكشاه كان يقف خلف مقتل نظام الملك على يد «حدث ديلمي»، وذلك في عام 485هـ/1092م.
وفي التفاصيل نقلًا عن السبكي في طبقات الشافعية: «صلى نظام الملك المغرب في هذه الليلة، وجلس على السماط، وعنده خلق كثير من الفقهاء، والقراء، والصوفية، وأصحاب الحوائج، فجعل يذكر شرف المكان الذي نزلوه من أرض نهاوند، وأخبار الواقعة التي كانت به بين الفرس والمسلمين في زمان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (])، ومن استشهد هناك من الأعيان، ويقول: طوبى لمن لحق بهم. فلما فرغ من إفطاره خرج من مكانه قاصدًا مضرب حرمه، فبدر إليه حدث ديلمي مستميح أو مستغيث، فعلق به وضربه، وحُمل إلى مضرب الحرم.
فيقال إنه أول مقتول قتلته الإسماعيلية... فانبث الخبر في الجيش وصاحت الأصوات، وجاء السلطان ملكشاه حين بلغه الخبر مظهرًا الحزن والنحيب والبكاء، وجلس عند نظام الملك، وهو يجود بنفسه حتى مات، وكان قاتله قد تعثر بأطناب الخيمة، فلحقه مماليك الملك وقتلوه».
ويضيف السبكي مبيّنًا الأقاويل التي انتشرت حول من قتل نظام الملك، هل هم الباطنية من الإسماعيلية؟ أم هو السلطان ملكشاه نفسه؟
أسباب الجفاء
يضيف السبكي في هذا المجال مظهرًا أسباب الجفاء التي كانت بين السلطان ووزيره، والتي قد تكون دفعت بالسلطان إلى قتله، الآتي:
«ومن قائل إن السلطان هو الذي دس عليه هذا القاتل، وذكروا لذلك أسبابًا ظهرت على السلطان، حاصلها أنه كان بينهما وحشة من قبل نظام الملك، وأن ذلك يعود إلى رغبة ملكشاه في نزع الخليفة العباسي»، إلا أن «نظام الملك كان يعظم أمر الخليفة... وكلما أراد السلطان نزع الخليفة منعه النظام، وأرسل في الباطن إلى الخليفة ينبهه ويرشده إلى استمالة خاطر السلطان...».
ويضيف السبكي: «وفي حدود سنة سبعين (470 هـ/ 1077م) لما فهم النظام التغير من السلطان على الخليفة، أرسل إلى الخليفة، وأشار عليه بأن يخطب ابنه السلطان لينسج الود بينهما، فخطبها... فتزوج بها، ودخل بها... فاستمرت معه...» حتى أرسلت إلى والدها «تشكو من الخليفة كثرة أطراحه لها، فأرسل يطلب بنته منه، طلبًا لا بُدّ منه، فأرسلها الخليفة ومعها ولدها جعفر، فذهبت، فماتت بأصبهان» في العام نفسه.
يضيف السبكي: «توجه السلطان من أصبهان إلى بغداد عازمًا على تغيير الخليفة، وعرف أن ذلك لا يتم له ونظام الملك في الحياة، فعمل على قتله قبل الوصول إلى بغداد».
كما ورد سبب آخر، قد يكون هو من دفع بملكشاه إلى قتل وزيره، وهو الأرجح، كونه ورد عند معظم المؤرخين:
شحنة السلطان
يقول السبكي: «وكان من ذنوب نظام الملك عنده (ملكشاه)،... استيلاء أولاده على الممالك، وشدة وطأته، وأنه بالآخرة ولى ابنه مرو، فتوجه إليها، ومعه شحنة السلطان، فجرى بين شحنة السلطان بمرو وبين ولد نظام الملك ما أغضبه عليه، فعمل ابن نظام الملك، وقبض على الشحنة، فلما بلغ السلطان الخبر غضب وبعث جماعة إلى نظام الملك يعاتبه ويوبخه، ويقول: إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم، وهؤلاء أولادك قد استولى كل واحد منهم على إقليم كبير، ولم يكفهم حتى تجاوزوا أمر السياسة.
فأدوا الرسالة إلى نظام الملك، فيقال إنه قوّى نفسه، وأخذ يجيب بأمور، وأنه قال في آخر كلامه ردًا على ملكشاه): إن كان لم يعلم أني شريكه في الملك، فليعلم (يضيف السبكي حول ردة فعل السلطان: « فاشتد غضب السلطان وعمل عليه الحيلة سنين، حتى تمت له في هذه السنة».
أما الذهبي فأورد القصة على الشكل الآتي:
«وكان سبب قتله أن عثمان بن جمال الملك بن نظام الملك، كان قد ولاه جدّه رئاسة مرو، وأرسل السلطان إليها شحنة اسمه قودن، وهو من خواصه، فنازع عثمان في شيء، فحملت عثمان حداثة سنه، وطمعه بجده على أن قبض عليه، وأخرق به، ثم أطلقه، فقصد السلطان مستغيثًا شاكيًا، فأرسل السلطان إلى نظام الملك رسالة يقول له: إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم، وإن كنت نائبي، فيجب أن تلتزم حدّ التبعية والنيابة، وهؤلاء أولادك قد جاوزوا حدّ أمر السياسة، وطمعوا إلى أن فعلوا كذا وكذا.
فحضر المرسلون عند نظام الملك وأوردوا عليه الرسالة، فقال: قولوا للسلطان إن كنت ما علمت أني شريكك في الملك فاعلم، فإنك ما نلت هذا الأمر إلا بتدبيري، ورأيي، أما تذكر حين قتل أبوك فقمت بتدبير أمرك، وقمعت الخوارج عليك من أهلك وغيرهم، وأنت ذلك الوقت كنت تتمسك بي، فلما قدت الأمور إليك وأطاعك القاصي والداني، أقبلت تتجنّى لي الذنوب، وتسمع في السعايات، وقولوا له عني: إن ثبات تلك القلنسوة معذوق بهذه الدواة، وإن اتفاقهما سبب كل غنيمة، ومتى أطبقت هذه الدواة زالت تلك، ثم قال: قولوا للسلطان عني مهما أردتم، فقد أهمني ما لحقني من توبيخه وفتّ عضدي، فلما خرجوا من عنده، اتفقوا على كتمان ما جرى عن السلطان فقالوا له ما مضمونه العبودية والاعتذار، ثم أن واحدًا منهم أعلم السلطان بما جرى، فوقع التدبير عليه حتى قتل، مات السلطان بعده بخمسة وثلاثين يومًا، وانحلت الدولة ووقع السيف، وكان قول نظام الملك شبه الكرامة له».
لقد أحسّ ملكشاه بأنه أصبح الرقم الثاني في السلطنة، مع وجود نظام الملك الوزير القوي الذي كانت بيده السلطة الفعلية، وهو ما ذكره ابن خلكان بقوله: «فلما ملك ألب أرسلان... دبّر أمره نظام الملك فأحسن التدبير، وبقي في خدمته عشر سنين، فلما مات ألب أرسلان، وازدحم أولاده على الملك، وطد نظام الملك)، لولده ملكشاه، فصار الأمر كله لنظام الملك، وليس للسلطان إلا التخت والصيد، وأقام على هذا عشرين سنة».
حتى أطلق على نظام الملك لقب «بُرْزُك» ومعناها: العظيم.
كما أن هنالك عوامل أخرى ساهمت في توتر العلاقة بين السلطان ووزيره، وأبرزها:
ــ الخلاف مع تركان خاتون، زوج السلطان، التي سعت إلى أن ينتخب ولدها الصغير محمود وليًا للعهد، خلفًا لشقيقه الأكبر ملك أحمد الذي كان وليًا للعهد قبل أن يتوفى.
إلا أن نظام الملك كان يعمل على تنصيب بركياروق ابن زبيدة، وهو أكبر أبناء ملكشاه، ولياً للعهد، ما دفع بتركان خاتون إلى السعي للإطاحة بنظام الملك، والإتيان بتاج الملك، وهو إحدى الشخصيات التي كانت تحقد على نظام الملك، وتسعى للتخلص منه.
ــ ازدياد نسبة الساعين للإطاحة بنظام الملك، كونه سلم أتباعه وأعوانه مقاليد السلطة في البلاد، وذلك في محاولة منهم للحصول على مركز داخل الدولة، وكان هؤلاء دائمًا ما يحذرون ملكشاه من وزيره.
الحشاشون ونظام الملك
ومع مقتل نظام الملك، عيّن ملكشاه تاج الملك وزيرًا، وكان من ألد أخصام نظام الملك سابقًا، فلما تسلم الوزارة عمل بداية على «إصلاح كبار النظامية، وفرّق فيهم مئتي ألف دينار» في محاولة منه لاستيعابهم، «وبلغ ذلك عثمان بن نظام الملك، فشغب عليهم سائر الغلمان الصغار، وقال: هذا قاتل أستاذكم، ففتكوا به، وقطّعوه».
وسرعان ما مات السلطان ملكشاه، وقيل إنه مرض «وكان سبب مرضه أنه أكل لحم صيد فحمّ فافتصد، ولم يستوف إخراج الدم، فثقل في مرضه، وكانت حمى محرقة، فتوفي».
يقول السبكي: «الحاصل أنه بعد نظام الملك لم يمتع بملكه، ولم يعش غير شهر واحد». ويضيف المؤرخ والمستشرق بروكلمن إلى ما ورد: «حتى إذا كانت سنة 1092م، أنفذ الحشاشون حكم الموت في نظام الملك، وإن يكن ثمة مجال للاعتقاد بأن السلطان نفسه كان على علم بالمؤامرة بعد أن بلغ سن الرشد وضاق ذرعًا بنفوذ وزيره المتعاظم، وسلطانه المطلق».
والجدير ذكره أن هناك قصة كانت منتشرة في خراسان، تقول إن حسن الصباح، مؤسس فرقة الحشاشين، والشاعر عمر الخيام، والوزير نظام الملك الطوسي، كانوا زملاء دراسة لأستاذ واحد، وقد تعاهد هؤلاء الثلاثة على أن «أي واحد منهم يحقق قبل زميليه نجاحًا أو ثراء في هذا العالم عليه أن يساعد الآخرين. ودارت الأيام وأصبح نظام الملك وزيرًا للسلطان، فتقدم منه زميلاه طالبين أن يبرّ بما تعاهدوا عليه، وعرض نظام الملك على كل منهما ولاية أحد الأقاليم، لكنهما رفضا وإن كان رفضهما لسببين مختلفين، فأما عمر الخيام فقد كره مسؤوليات الإدارة، وفضل الحصول على معاش يتيح له التمتع بمباهج الفراغ، وأما حسن فقد رفض أن يقنع بمنصب إقليمي وأصرّ على الحصول على منصب كبير في البلاط، وإذ تحققت رغبته لم يلبث أن أصبح مرشحًا للوزارة ومنافسًا خطيرًا لنظام الملك نفسه، ولذا فقد تآمر عليه الوزير واستطاع بخدعة أن يلحق به خزيًّا في عين السلطان، وشعر حسن بالعار والغضب ففرّ إلى مصر ليعد العدة للانتقام».
إلا أن هذه القصة هي على الأغلب من محض الخيال، ولكني أوردتها كي أظهر ما ذهب إليه بعض الناس في ذلك الزمان من تحليل لأسباب مقتل نظام الملك، ويبدو أن أتباع السلطان ملكشاه هم من قام بنشرها، لأن فرقة الإسماعيلية المعروفة بالحشاشين، لم تكن قد بدأت بعمليات الاغتيال للشخصيات المرموقة في زمانهم، وبالتالي فأصابع الاتهام وجهت إلى السلطان ملكشاه مباشرة. لذا، وضعت هذه القصة، ونشرت بين العامة، لتبرير مقتل نظام الملك على يد الحشاشين.
وبعد مقتل نظام الملك، اغتيل ولداه على التوالي طعنًا بالسكين. الأول وهو أحمد وقد أصيب بالفالج، وكان يلقب بلقب أبيه نظام الملك.
والثاني هو فخر الملك بن نظام الملك. وكان وزيرًا للسلطان تتش بن ألب أرسلان عام 487 هـ/1094م
تحرير كتاب يعود تاريخه إلى 15 ربيع الآخر من العام 656 عن أصول الهندسة والحساب، إقليدس، الطوسي، نصير الدين محمد بن محمد