كمال أبوالمجد... رمز الوسطية وسط الغيوم الملبّدة
عن عمر ناهز 89 عامًا، غيّب الموت المفكّر الكبير د. أحمد كمال أبوالمجد، تاركًا وراءه إرثًا كبيرًا من المؤلفات القانونية والإسلامية والمواقف السياسية، بعدما تعاقب على المناصب الرسمية والأكاديمية والمهنية منذ ستينيات القرن الماضي، ليصبح شاهدًا على تاريخ مصر الحديث.
ولد أبوالمجد في 28 يونيو 1930 بمحافظة أسيوط جنوب مصر، وبعد إكمال مراحل دراسته الأولى، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1950، وعلى درجة الماجستير في القانون المقارن من جامعة ميتشجان بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1959، ثم الدكتوراة عام 1960 من جامعة القاهرة، ، وكان أحد رواد التنظيم الطليعي الذي أنشأ ه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لإخراج كوادر سياسية بالبلاد.
يُعد د. أحمد كمال أبوالمجد رمزاً للوسطية، إلى جانب كونه مفكّرا قانونيًّا وإسلاميًّا تولى عددًا من المناصب، أبرزها عمله وزيرًا للإعلام والشباب، ونائبًا لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا، وعضوًا بالجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، وعضوًا في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وكان أحد أشهر المحامين والقانونيين في مصر والوطن العربي، وظل أستاذًا متفرغًا بكلية الحقوق في جامعة القاهرة.
تربى، رحمه الله، على مائدة العلم الشرعي والقانوني في بيت أبيه القاضي وبيت خاله؛ أعظم مُفتٍ في تاريخ مصر، العلّامة حسنين مخلوف. وبالرغـــم من أن أبوالمجـــد برز في علوم كثيرة، فإن أبرز إسهاماته كانت في نشر الوسطية ومحاربة التطرف، ومازالت كلماته وأطروحاته الرائعة تنبض بالحياة وتشع بالنور في ظلمات تكاد تكتنف أغلب العالم العربي الآن.
بدأ نجم أبوالمجد يظهر مع دخوله عالم السياسة والمناصب الرسمية في منتصف ستينيات القرن الماضي، بعد تعيينه مستشارًا ثقافيًا لمصر في العاصمة الأمريكية واشنطن، وتصادف أن المنصب جاء بعد فترة وجيزة من دخوله السجن الحربي مدة شهر واحد.
كان يرى أن المسلمين يحتاجون الآن، وهم يواجهون ما يعصف بهم من الداخل وما يُحدق بهم من الخارج، إلى أن تكون بين أيديهم أدوات ثلاث لا غنى لهم عنها؛ أولاً: خريطة للعالم الذي يعيشون فيه، تحدد قسماته، وتشير إلى القوى الكبرى صاحبة التأثير الأكبر في إدارة شؤونه، كما تحدد في النهاية مكانهم هُم فيه، وموقعهم من بين أممه وشعوبه.
ثانيًا: سجلّ موضوعي دقيق لتاريخهم البعيد، ولتاريخهم القريب، يحدد اتجاه مسارهم على امتداد الزمن، ويرصد ما عرض لهم من أسباب النهوض والارتقاء، وما طرأ عليهم في أيام أخر من التراجع والهبوط والانكسار، ليستخرج الذين يستنبطونه منهم، أسباب هذا النهوض وذلك التراجع.
ثالثًا: مصدر موصول ودقيق لأخبار العالم وأحوال الناس، يسجل كل حادثة وواقعة، ويرصد كل تطور، ويعني بذلك علماءهم وأصحاب الرأي فيهم، على أن يتحركوا إذا تحركوا، وهم على أرض صلبة وأساس متين من المعرفة بكل ما يدور حولهم، حتى لا تكون الدنيا في واد، وتكون حركتهم في واد آخر.
واقعٌ مرير
كان المفكر الكبير د. أبوالمجد من كتّاب مجلة العربي الدائمين، ولعل من أبرز مقالاته ما كتبه في عددها الصادر بعد تحرير الكويت مباشرة من براثن الغزو العراقي الغاشم، وهو مقال بعنوان «العرب... هموم وآمال»، أكد فيه أن للعرب في هذا الزمان همومًا كثيرة، بعضها قديم وبعضها جديد، ومن دون مقدمات، فإننا نلمح في الأفق نُذرًا تبعث على القلق، ولا تسمح للعقلاء بالتفاؤل، ومع ذلك، نرى وسط الغيوم الملبّدة آمالاً تلوح من بعيد، لكنها جميعًا آمال مرهونة بشروط كثيرة ومعلّقة على أداء أعمال كبيرة لا تقطع بأننا مؤهلون لها أو قادرون عليها.
ويستطرد قائلاً: وعلى رأس الهموم الجديدة همّان كبيران؛ حيث إن الزلزال الذي هزّ البنيان العربي من قواعده يوم وقع الغزو العراقي للكويت لم يفلح - فيما نسمع ونرى - في أن ينبّه أكثر العرب من غفلتهم، أو أن يجذبهم من عالمهم الضيق الذي حبسوا أنفسهم فيه، عالم المصالح الضيقة، والمكاسب القريبة، عالم الذهول عن الواقع المرير بالأحلام الحلوة السعيدة، والاستغناء بالكلمة المنمّقة والعبارة المزخرفة، عن «الفعل» الذي يغيّر الواقع ويبدّل الحال.
أما الهمّ الثاني، فهو أن غبار حرب الخليج الثانية قد بدأ ينقشع عن واقع مرير، جوهره تآكل استقلال العرب وتعرّض دول عربية عديدة لصور متنوعة من صور التبعية لدول كبرى، وهي تبعية يرجع جانب كبير منها إلى اكتشاف العجز العربي عن حماية الأمن العربي، لا في مواجهة الأخطار الخارجية فحسب، بل في مواجهة قوى عربية شقيقة تمثّل طموحتها وأساليب عملها أخطارًا بالغة على أمن جاراتها وأمن المنطقة كلها.
وكان يدرك أن «هناك مظاهر سبعة لانحراف الخطاب الديني السائد الآن عن الإطار المرجعي الثابت للدين الإسلامي». فها هو يهتف «المتشددون في كل زمان يصدرون في تشددهم عن تصوّر خاطئ لمهمتهم وحدودها. فهم يتصورن أنفسهم وصاةً على الدين وعلى الناس، وهم لذلك في خوف دائم مقيم من أن التيسير على عباد الله قد يؤدي بهم إلى الخروج على حدود الله وتكاليف الشريعة».
وقد حذّر مرارًا من الوصاية على الناس، إذ يقول: «ينسى أكثر الدعاة أنهم مبلّغون وليسوا أوصياء على أحد من الناس، إذ تظل الطاعة والمعصية أمورًا منوطة باختيار الأفراد والمكلفين... يسألون عنها بين يدي خالقهم الذي علّمهم أنه «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ».
مداخل الخير والشر
وبيّن أن التشدد لا يغلق أبواب الشر، لكنه يفتحها فيقول: «يتصور المتشددون أن تشددهم من شأنه أن يقفل أبواب الشر والعوج، وأن يسد الذرائع في وجه الانفلات من تكاليف الشريعة، وينسون أن سد الذرائع طريق احتياطي من طرق التشريع والإفتاء، وأنه كما يسدّ مداخل الشر، فإنه يفتح أبواب الخير، كما ينسون أن المرجع في حل الأفعال والتصرفات وتحريمها إنما هو الخالق سبحانه، وأن الوصول في التشديد إلى الاقتراب من تحريم الحلال لا يقل إثمًا عن الوصول إلى تحليل الحرام، يشهد له ويقرره قوله سبحانه «وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ».
ويضيف د. أبوالمجد قائلاً: إن النعمة قد تكون أحيانًا مطوية في ثنايا النقمة، وإن الأزمة الكبيرة التي يعيشها كل العرب هذه الأيام يمكن أن تكون بداية حركة واعية على طريق نهضة حضارية جديدة، خصوصًا إذا ذكرنا أننا نحمل للعالم حضارة تتوازن فيها جوانب الوجود الإنساني، وتعلو في ظلها قيم الإيثار وتقديم الفضل والعطاء على نوازع الإثرة وعبادة الذات والانشغال بـ «الأنا» عن سائر الناس، وهي قيم يعرف العقلاء في كل مكان أن الحاجة إليها ستشتد يومًا بعد يوم.
أملٌ مشروع
كان، رحمه الله، يرى أن الخطر على أمتنا كبير، وأن الأمل مع ذلك في النهضة الكبرى، وهو أمل قائم ومشروع، لكنه أمل تحيط به الشروط، والثمن الذي يدفعه كل منا وفاءً لهذه الشروط ثمن بخس وضئيل إذا قورن بالهوّة الهائلة التي تفصل بين خيارين؛ الأول خيار النهضة والصحوة، والثاني خيار الانتكاسة والسقوط، مؤكدًا أن مشكلة شباب الحركات الإسلامية الأساسية تكمن في: «أن بينهم وبين أكثر الناس فجوة، وبينهم وبين كل الحكومات جفوة، يبدأون، كما يبدأ الدعاة في كل عصر ومصر، يعظون ويجادلون، ثم لا تلبث صدور بعضهم أن تضيق بما حولهم ومن حولهم، فلا تلبث وجوههم أن تعبس وتكفهرّ، فإذا تمسكهم بما يؤمنون به يتحول بهم إلى عزلة، وإذا حوارهم مع غيرهم يستحيل إلى مشاحنة ومخاشنة ونفره، وإذا إنكارهم على مخالفيهم يجاوز القلب واللسان، ليصير حربًا ساخنة وصدامًا طابعه العنف والشدة، واتهامًا لا مواربة فيه بالكفر والجاهلية والردّة، ثم تأتي - ولا بد -لحظة صِدام ومواجهة مع الحكومات القائمة، وتراق دماء، ويسقط صرعى في لحظات غاضبة محمومة، ولا يرتفع مع ذلك للإسلام لواء».
ويرى أنه «لا أمل اليوم في صحوة، ولا رجاء في بعث، ولا جدوى من حديث عن تقدّم أو تنمية إلا إذا تحركت العقول في الرؤوس».
الوسطية ومحاربة التطرف
كانت له آراء في نشر الوسطية ومحاربة التطرف، ومازالت كلماته وأطروحاته الرائعة تنبض بالحياة وتشعّ بالنور في ظلمات تكاد تكتنف أغلب العالم العربي الآن. وفي مقال له بمجلة العربي في عددها الصادر في يونيو عام 1993، وجاء بعنوان «أما لهذا الإرهاب من آخر»؟ أكد د. أبوالمجد أن عالمنا العربي والإسلامي كله تجتاحه موجة عنف تهزّ أمنه وتزعزع استقراره، وتشغل الأمة كلها بنفسها عن غيرها، وبهذا الهمّ العارض عن همومها الكبرى المتأصلة.
والحكام إزاء هذه الموجة في حيرة وقلق وسياساتهم في التعامل معها غير واضحة ولا مستقرة، فهم تارة يفسحون الصدر ويحاولون الفهم ويفتحون أبواب الحوار، وتارة أخرى يقابلون العنف بمثله أو أشد، ويدخلون في مواجهات حادة يملكون بدايتها، لكنهم لا يتحكمون أبدًا في نهايتها.
الإسلام السياسي
وتحت عنوان «دعوة لفض الاشتباك بين الحركات الإسلامية والحكومات»، كتب أبوالمجد هذا المقال في عدد أكتوبر 1991 من «العربي» قال فيه:
ليست هذه السطور محاولة جديدة - تضاف إلى محاولات سابقة عديدة - لتحليل الظاهرة التي يسمّيها البعض «الإسلام السياسي»، ويسمّيها البعض في الغرب ظاهرة «الأصولية الإسلامية»، أو نسميها نحن في عالمنا العربي والإسلامي ظاهرة «الغلو في الدين»، أو ظاهرة التطرّف، ذلك أن الأمر - فيما نرى - قد تجاوز مرحلة الوصف والتحليل، وأوشك أن يدخل - في مستواه العملي - مرحلة الأزمة التي تستهلك الطاقة.
وبدلاً من وصف الظاهرة على النحو الذي شاركنا فيه من قبل مع أقلام كثيرة، فإننا ندخل إلى الموضوع مباشرة، لنحدد للقارئ المشكلة التي نتحدث عنها والاشتباك الذي ندعو إلى فضّه.
في العالم الإسلامي من أدنى مشرقه إلى أقصى مغربه، وبدوله العربية وغير العربية موجة تديّن متعاظمة، أكثر المشاركين فيها من الشباب، وإن كانت تضم جموعًا كثيفة ممن تجاوزوا تلك المرحلة، لا يتوقف تديّنهم عند حد الممارسة الشخصية لتعاليم الإسلام ومبادئه وشعائره، وإنما يتجاوزون ذلك إلى أمور ثلاثة يمارسون بعضها أو يمارسونها جميعًا:
الأمر الأول: الخروج من إطار الممارسة الذاتية الفردية إلى ميدان الدعوة، والعمل على الإصلاح العام عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو خروج ينقلهم من حالة الممارسة الشخصية إلى حالة العمل الاجتماعي العام.
برامج إصلاحية
الأمر الثاني: التصدي لنقد النظم السياسية والاجتماعية القائمة انطلاقًا من تصوّر إسلامي لما ينبغي أن تكون عليه تلك النظم، وبهذا النقد تدخل روافد عديدة من روافد التيار الإسلامي دائرة «المعارضة السياسية»، وإن كانت معارضة غير منظمة.
الأمر الثالث: تنظيم جماعات سياسية ذات برامج إصلاحية مستمدة من رؤية إسلامية، وتوجيه نشاط هذه الجماعات إلى محاولة الوصول إلى السلطة لممارسة التغيير الاجتماعي من مواقع تلك السلطة.
ووجّه أبوالمجد في نهاية مقاله نداء إلى الحكومات قال فيه بصوت عال لا تردد فيه ولا مجاملة ولا وجل: كفّوا عن استخدام «عصا الأمن» في مواجهة الأفكار مادام أصحابها لا يتجاوزون دائرة التعبير الهادئ والدعوة بالكلمة المقروءة والمسموعة، واذكروا أن «القانون» هو الضمان، وهو مصدر الأمان للحكام والمحكومين على السواء.
اذكروا أن تصويب الانحراف في صفوف بعض روافد التيار الإسلامي لا يجوز أن يكون إلا من موقف إسلامي، ومن أرض تؤمن بالله مرحّبة بنمو الظاهرة الإيمانية ومشجعة لها، أما حين يجري الصدام مع روافد الحركة الإسلامية من موقع الرفض للتديّن في عمومه، والخصومة المعلنة مع كل روافد التيار الإسلامي، فإن الحكومات - حينئذ - تقع في صدام مع جماهيرها الواسعة، وتدخل تلك الجماهير طرفًا في خصومة ما كان ينبغي لها أبدًا أن تقوم.
إن هذا المسلك يقضي على أكثر فرص الإصلاح والتقويم، ولابد أن يفضي إلى كوارث لا يعلم مداها إلا الله.
اذكروا أن أكبر خطأ تقعون فيه هو خطأ التعميم المتعمّد أو الصادر عن تبسيط للأمور.
وإذا كنتم تحاربون ظواهر العنف والإرهاب والعدوان على حريات الآخرين والتآمر على الأنظمة القائمة وعلى الحكومات، فحذار أن توجهوا الاتهام إلى جميع روافد التيار الإسلامي.
إنكم بذلك تقفون في خندق خاطئ وتفرضون الخصومة على الغالبية العظمى من روافد تيار الإصلاح الأسمى، وتخسرون تعاطف البحر الواسع من جموع المؤمنين، بينما هم - علم الله - لا يقلون عنكم إنكارًا لتشدّد المتشدّدين وغلوّ المغالين.
سعدالدين وأبوالمجد
قال عنه د. سعد الدين إبراهيم التقيت د. أحمد كمال أبوالمجد، لأول مرة في منتصف ستينيات القرن الماضي، في العاصمة الأمريكية واشنطن، التي جاء إليها مستشاراً ثقافياً لمصر. وتزامن ذلك مع انتخابي رئيساً للطلبة المصريين (1963 /1964)، ثم رئيساً للطلبة العرب في الولايات المتحدة وكندا (1965/1966)، وهو ما انطوى على تفاعل مُكثف ومُمتد مع الرجل. وحوّلتني صراحة د. أبوالمجد في ذلك اللقاء الأول من مُتشكك لدود إلى صديق ودود، وهي صداقة نمت وتعمّقت خلال العقود الأربعة التالية.
وفي ثلاثة مواقف حرجة في حياتي كان د. أبوالمجد صادقاً أميناً نصوحاً. أولها حينما غضب علىّ النظام الناصري، رغم أنني كنت من أشد المؤمنين به، فأنهى بعثتي، وفرض عليّ الحراسة، وطبّق عليّ ما كان يُعرف وقتها بالعزل السياسي. أما الموقف الثاني فكان بعد زيارة للطلبة المصريين في الجامعة التي كنت أدرس فيها، ومُلاحظته لعدد من الزميلات الأمريكيات اللائي يتحلّقن حولي، وتوجّسه أن أقع في غرام إحداهن وأقترن بها، وهو الأمر الذي لا تُحمد عُقباه بالنسبة إلى شاب يتطلع لمستقبل في العمل العام في مصر. ورشّح لي هو فتاة مصرية من أسرة مُتدينة، وكان والدها بالفعل هو إمام المركز الإسلامي في واشنطن. وهو المشروع الذي أُجهض حينما وقعت الحراسة، وأصبح المستقبل بالنسبة لي غير مأمون.
أما الموقف الثالث فكان في أثناء قضية مركز ابن خلدون (2000/2003)، حيث تطوّع د. أبوالمجد لقيادة فريق الدفاع الذي تكوّن من 10 مُحامين. وأبلى بلاءَ حسنًا، أبكى في أثنائه الجمهور بقاعة المحكمة، وكان دوره حاسماً في الحصول على البراءة من أعلى محاكم الديار المصرية.
أبوالمجد ومحفوظ
كتب د. أبوالمجد مقدمة أول طبعة رسمية لرواية الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ الشهيرة «أولاد حارتنا»، التي ظلت ممنوعة عن الجمهور نحو نصف قرن منذ نشر فصول منها بجريدة الأهرام. وقال في المقدمة إن «الرواية أحدثت في حياتنا الثقافية دويًّا ظلت أصداؤه تتردد سنوات طويلة أساء البعض فهمها.
وكان المغزى الكبير الذي توّجت به أحداثها، أن الناس حين تخلّوا عن الدين ممثلاً في «الجبلاوي»، وتصوروا أنهم يستطيعون بالعلم وحده ممثلاً في «عرفة» أن يديروا حياتهم على أرضهم التي هي حارتنا، واكتشفوا أن العلم بغير الدين تحوّل إلى أداة شر، وأنه قد أسلمهم إلى استبداد الحاكم وسلبهم حريتهم، فعادوا من جديد يبحثون عن «الجبلاوي».
للمفكر الراحل العديد من المؤلفات العلمية، في مقدمتها الرقابة على دستورية القوانين في الولايات المتحدة ومصر، (القاهرة/ 1960)، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، (القاهرة/ 1964) النظام الدستوري لدولة الإمارات العربية المتحدة، (القاهرة/ 1978)، دراسات في المجتمع العربي، (القاهرة - 1962)، حوار لا مواجهة (القاهرة /1988،) رؤية إسلامية معاصرة، (القاهرة/1991)
العربي - العدد 415 - يونيو 1993 م