الهندسة المعمارية الإسلامية الإبداع والعِلم

الهندسة المعمارية الإسلامية الإبداع والعِلم

تقدَّمت‭ ‬العمارة‭ ‬كعلمٍ‭ ‬ومهنةٍ‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والنَّاظرُ‭ ‬إلى‭ ‬تراث‭ ‬العمارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس،‭ ‬يدهشه‭ ‬بناؤها‭ ‬وهندستُها،‭ ‬وهو‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬العمارة‭ ‬علمًا‭ ‬وخبرة‭ ‬ومعرفة‭ ‬تراكمية،‭ ‬تستوجب‭ ‬علينا‭ ‬التأمل‭ ‬والإدراك‭. ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬ننطلق‭ ‬من‭ ‬تعريف‭ ‬العلماء‭ ‬المسلمين‭ ‬لعلم‭ ‬الهندسة،‭ ‬فهي‭ ‬عندهم‭: ‬‮«‬علم‭ ‬تُعرف‭ ‬به‭ ‬أحوال‭ ‬المقادير‭ ‬ولواحقها‭ ‬وأوضاع‭ ‬بعضها‭ ‬عند‭ ‬بعض،‭ ‬ونسبها‭ ‬وخواص‭ ‬أشكالها،‭ ‬والطرق‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬سبيله‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬بها،‭ ‬واستخراجه‭ ‬بالبراهين‭ ‬اليقينية‭. ‬وموضوعه‭ ‬المقادير‭ ‬المطلقة،‭ ‬أعني‭ ‬الجسم‭ ‬التعليمي‭ ‬والسطح‭ ‬والخط‭ ‬ولواحقها‭ ‬من‭ ‬الزاوية‭ ‬والنقطة‭ ‬والشكل‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬مخيلة‭ ‬العربي‭ ‬مخيلةً‭ ‬تعبيرية‭ ‬قوية،‭ ‬فاللغة‭ ‬عنده‭ ‬سلاح‭ ‬يعبّر‭ ‬به‭ ‬بدقة‭ ‬عن‭ ‬الأشياء،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬كلمة‭ ‬خطّة‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬المقريزي‭ ‬بصيغة‭ ‬الجمع‭ ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬المواعظ‭ ‬والاعتبار‭ ‬بذكر‭ ‬الخطط‭ ‬والآثار‮»‬،‭ ‬إنما‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأبعاد،‭ ‬فلننظر‭ ‬إليها‭ ‬لغويًّا‭: ‬‮«‬اخْتَطَّ‭ ‬يَخْتَطّ‭ ‬اخْتِطَاطًا،‭ ‬اخْتَطَّ‭ ‬خِطَّةً‭ ‬لنفسه،‭ ‬اتخذ‭ ‬أرضًا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لغيره،‭ ‬وجعل‭ ‬حولها‭ ‬خطوطًا‭ ‬لتكون‭ ‬مُعلمة‭ ‬ومفروزة‭ ‬للبناء‭ ‬فيها‭. ‬واختط‭ ‬البلدة‭ ‬رسم‭ ‬بناءها‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬الأمر،‭ ‬وبيَّن‭ ‬موقع‭ ‬أقسامها‭ ‬بالخطوط‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬يعني‭ ‬إدراكهم‭ ‬لفكرة‭ ‬التخطيط،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تقسيم‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬خططٍ‭ ‬للبناء،‭ ‬أو‭ ‬المخطط‭ ‬العام‭ ‬للبناء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نستحضر‭ ‬قدرة‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬الحضري‭ ‬للمدن‭ ‬والأبعاد‭ ‬ووضع‭ ‬قواعد‭ ‬لهذا‭ ‬التخطيط؛‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬المجتمع‭ ‬فاعلًا‭ ‬بقوة‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المخطط‭ ‬الحضري،‭ ‬لتتجاوز‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬كل‭ ‬الحضارات‭ ‬الأخرى‭.‬

يصف‭ ‬عبداللطيف‭ ‬البغدادي‭ ‬مباني‭ ‬الفسطاط‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ودقتها،‭ ‬كاشفًا‭ ‬عن‭ ‬تقدم‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬‮«‬وأما‭ ‬أبنيتهم،‭ ‬ففيها‭ ‬هندسة‭ ‬بارعة‭ ‬وترتيب‭ ‬في‭ ‬الغاية،‭ ‬ويجعلون‭ ‬منازلهم‭ ‬تلقاء‭ ‬الشمال‭ ‬والرياح‭ ‬الطيبة،‭ ‬وأسواقهم‭ ‬وشوارعهم‭ ‬واسعة،‭ ‬وأبنيتهم‭ ‬شاهقة،‭ ‬ويبنون‭ ‬بالحجر‭ ‬النحيت‭ ‬والطوب‭ ‬الأحمر،‭ ‬وهو‭ ‬الآجر،‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬طوبهم‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬طوب‭ ‬العراق،‭ ‬ويحكمون‭ ‬قفوات‭ ‬المراحيض،‭ ‬حتى‭ ‬إنه‭ ‬تخرب‭ ‬الدار‭ ‬والقناة‭ ‬قائمة‮»‬‭.‬

 

دورٌ‭ ‬مميز

كان‭ ‬للمهندس‭ ‬دورٌ‭ ‬مميز‭ ‬في‭ ‬العمارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وقد‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬مجهولًا‭ ‬لعدم‭ ‬إدراك‭ ‬الباحثين‭ ‬لطبيعته‭ ‬والافتراض‭ ‬المبدئي‭ ‬لتشابهه‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬المهندس‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحالي‭. ‬

ويعرّف‭ ‬القلقشندي‭ ‬المهندسَ‭ ‬بأنه‭: ‬‮«‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬ترتيب‭ ‬العمائر‭ ‬وتقديرها،‭ ‬ويحكم‭ ‬على‭ ‬أرباب‭ ‬صناعتها‮»‬،‭ ‬ويعرفه‭ ‬ابنُ‭ ‬خلدون‭ ‬بأنه‭: ‬‮«‬المشتغل‭ ‬بالهندسة‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬فهي‭ ‬علم‭ ‬المباني‭ ‬وبنائها‭ ‬واختلافها‭ ‬والأراضي‭ ‬ومساحتها‭ ‬وشق‭ ‬الأنهار‭ ‬وتنقية‭ ‬القنى‭ ‬وإقامة‭ ‬الجسور‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬ويطلق‭ ‬على‭ ‬المهندس‭ ‬المعمار‭ ‬أو‭ ‬البناء‭. ‬

تعد‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬مدخلًا‭ ‬جيدًا‭ ‬لفهم‭ ‬مركّب‭ ‬للعمارة‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭. ‬وقد‭ ‬قسَّم‭ ‬علماء‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬الهندسة‭ ‬إلى‭ ‬قسمين؛‭ ‬ظلا‭ ‬يتداولان‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬طوال‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهما‭:‬

‭-‬‮  ‬الهندسة‭ ‬العقلية‭: ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تُعرف‭ ‬وتُفهم،‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسمى‭ ‬الهندسة‭ ‬النظرية،‭ ‬وتدخل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬العلم‭ ‬الرياضي،‭ ‬وتعرف‭ ‬كما‭ ‬يلي‭: ‬‮«‬علم‭ ‬يُعرف‭ ‬منه‭ ‬أحوال‭ ‬المقادير‮»‬‭.‬

‭-‬‮  ‬الهندسة‭ ‬الحسية‭ ‬أو‭ ‬المادية‭ ‬أو‭ ‬العملية‭: ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تُرى‭ ‬بالعين‭ ‬وتُدرك‭ ‬باللمس،‭ ‬ويفاد‭ ‬منها‭ ‬عمليًّا،‭ ‬أي‭ ‬الهندسة‭ ‬التطبيقية،‭ ‬وتضم‭ ‬صناعة‭ ‬البناء،‭ ‬وعمارة‭ ‬المساكن‭ ‬والمساجد‭ ‬والمرافق‭ ‬وشق‭ ‬القنوات،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬التعمير‭.‬

يقول‭ ‬إخوان‭ ‬الصفا‭ (‬ق4هـ‭/ ‬10م‭) ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬القسم‭ ‬الرياضي‭ ‬‮«‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬وبيان‭ ‬ماهيتها‮»‬‭: ‬‮«‬فاعلم‭ ‬يا‭ ‬أخي،‭ ‬أيَّدك‭ ‬الله‭ ‬وإيَّانا‭ ‬بروح‭ ‬منه،‭ ‬أن‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬الحسية‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الحذق‭ ‬في‭ ‬الصنائع‭ ‬العملية‭ ‬كلِها،‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬العقلية‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الحذق‭ ‬في‭ ‬الصنائع‭ ‬العملية‮»‬‭.‬

 

الفارابي‭ ‬وعلم‭ ‬الهندسة

وقد‭ ‬فرَّق‭ ‬الفارابي‭ (‬ت‭ ‬339هـ‭/ ‬950م‭) ‬بين‭ ‬علم‭ ‬الهندسة‭ ‬وممارستها‭ ‬التطبيقية،‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬وأما‭ ‬علم‭ ‬الهندسة،‭ ‬فالذي‭ ‬يعرف‭ ‬بهذا‭ ‬العلم‭ ‬علمان؛‭ ‬هندسة‭ ‬عملية‭ ‬وهندسة‭ ‬نظرية‭. ‬فالعملية‭ ‬منهما‭ ‬تنظر‭ ‬في‭ ‬خطوط‭ ‬وسطوح،‭ ‬وفي‭ ‬جسم‭ ‬خشب،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الذي‭ ‬يستعملها‭ ‬نجارًا،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬حديد‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬حدادًا،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬حائط‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬بنَّاءً،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬سطوح‭ ‬أرضين‭ ‬ومزارع‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬ماسحًا،‭ ‬وكذلك‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬هندسة‭ ‬عملية،‭ ‬فإنه‭ ‬تصور‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬خطوطًا‭ ‬وسطوحًا‭ ‬وتربيعًا‭ ‬وتثليثًا‭ ‬وتدويرًا‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬المادة،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬موضوعة‭ ‬لتلك‭ ‬الصناعة‭ ‬العملية‭.‬

والنظرية‭ ‬إنما‭ ‬تنظر‭ ‬في‭ ‬خطوط‭ ‬وسطوح‭ ‬وفي‭ ‬أجسام‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬والعموم،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬يعمّ‭ ‬جميع‭ ‬الأجسام،‭ ‬ويتصور‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬الخطوط‭ ‬بالوجه‭ ‬الأعم،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يبالي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جسم‭ ‬كان،‭ ‬ويتصور‭ ‬المجسمات‭ ‬بالوجه‭ ‬الأعم،‭ ‬ولا‭ ‬يبالي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مادة‭ ‬كانت‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬محسوس‭ ‬كان‮»‬‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬كان‭ ‬دقيقًا‭ ‬وحاسمًا‭ ‬في‭ ‬تعريفه‭ ‬للمهندس‭ ‬المعماري،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬مهندسًا‭ ‬إنشائيًّا،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العصر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬التخصصان‭ ‬قد‭ ‬انفصلا،‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬الهندسة،‭ ‬هي‭ ‬علم‭ ‬المباني‭ ‬وبنائها‭ ‬واختلافها‭ ‬والأراضي‭ ‬ومساحتها،‭ ‬وشق‭ ‬الأنهار‭ ‬وتنقية‭ ‬القنوات‭ ‬وإقامة‭ ‬الجسور‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬ويطلق‭ ‬على‭ ‬المهندس‭ ‬المعمار‭ ‬أو‭ ‬البنَّاء‮»‬‭.‬

وللهندسة‭ ‬الحسية‭ ‬فروع‭ ‬علمية‭ ‬عدَّةُ،‭ ‬منها‭:‬

‭- ‬علم‭ ‬عقود‭ ‬الأبنية،‭ ‬وهو‭ ‬علم‭ ‬تُعرف‭ ‬منه‭ ‬أحوال‭ ‬الأبنية‭ ‬وأوضاعها،‭ ‬وكيفية‭ ‬شق‭ ‬الأنهار‭ ‬وتنقية‭ ‬القنوات،‭ ‬وسد‭ ‬البثوق‭ ‬وتنضيد‭ ‬المساكن،‭ ‬ومنفعته‭ ‬عظيمة‭ ‬في‭ ‬عمارة‭ ‬المدن‭ ‬والقلاع‭ ‬والمنازل،‭ ‬وفي‭ ‬الفلاحة‭.‬

‭-‬‮ ‬علم‭ ‬المساحة‭: ‬وهو‭ ‬علم‭ ‬تُعرف‭ ‬منه‭ ‬مقادير‭ ‬الخطوط‭ ‬والسطوح‭ ‬والأجسام،‭ ‬وما‭ ‬يقدرها‭ ‬من‭ ‬الخط‭ ‬والمربع‭ ‬والمكعب،‭ ‬ومنفعته‭ ‬جليلة‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬الخراج،‭ ‬وقسمة‭ ‬الأرضين،‭ ‬وتقدير‭ ‬المساكن‭ ‬وغيرها‭.‬

 

فقه‭ ‬العمران

كما‭ ‬أنه‭ ‬ارتبط‭ ‬بفقه‭ ‬العمران‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهو‭ ‬علم‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬مسح‭ ‬أو‭ ‬قياس‭ ‬الأراضي،‭ ‬وشق‭ ‬القنوات،‭ ‬وتعيين‭ ‬ارتفاعات‭ ‬الجبال،‭ ‬وأعماق‭ ‬الوديان،‭ ‬وحساب‭ ‬مساحات‭ ‬الأسطح‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أشكالها،‭ ‬كذا‭ ‬إيجاد‭ ‬حجوم‭ ‬المجسمات،‭ ‬وعن‭ ‬علم‭ ‬المساحة‭ ‬يقول‭ ‬إخوان‭ ‬الصفا‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬القسم‭ ‬الرياضي‭: ‬‮«‬واعلم‭ ‬يا‭ ‬أخي،‭ ‬أيّدك‭ ‬الله‭ ‬وإيانا‭ ‬بروح‭ ‬منه،‭ ‬أن‭ ‬علم‭ ‬الهندسة‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬الصنائع‭ ‬كلها،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المساحة،‭ ‬وهي‭ ‬صناعة‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬العمال‭ ‬والكتّاب‭ ‬والدهاقون،‭ ‬وأصحاب‭ ‬الضياع‭ ‬والعقارات‭ ‬في‭ ‬معاملاتهم‭ ‬من‭ ‬جباية‭ ‬الخراج،‭ ‬وحفر‭ ‬الأنهار‭ ‬وعمل‭ ‬البريدات‭ ‬وما‭ ‬شاكلها‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬تعددت‭ ‬مخطوطات‭ ‬علم‭ ‬المساحة‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ومن‭ ‬أبرزها‭ ‬مخطوط‭ ‬لأبي‭ ‬العباس‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬البناء‭ ‬المراكشي‭ ‬وعنوانه‭: ‬‮«‬الأشكال‭ ‬المساحية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مفيد‭ ‬للبنائين‭ ‬المعماريين،‭ ‬أو‭ ‬الموظفين‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬مسح‭ ‬الأراضي‭ ‬لفائدة‭ ‬الخراج،‭ ‬أو‭ ‬غيرهم‭ ‬ممن‭ ‬اهتم‭ ‬بالنواحي‭ ‬التطبيقية‭ ‬للقواعد‭ ‬الهندسية،‭ ‬ونستطيع‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬فقرةً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المخطوط‭ ‬ليتبين‭ ‬لنا‭ ‬منها‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬كمخطوط‭ ‬تعليمي،‭ ‬وهي‭ ‬قول‭ ‬ابن‭ ‬البناء‭: ‬‮«‬الأشكال‭ ‬المساحية‭ ‬على‭ ‬قسمين؛‭ ‬بسيطة‭ ‬ومجسمة،‭ ‬البسيطة‭ ‬تنقسم‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬أقسام‭ ‬باعتبارين؛‭ ‬أحدهما‭ ‬باعتبار‭ ‬حدودها،‭ ‬لتنقسم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬به‭ ‬خط‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬الدائرة،‭ ‬وما‭ ‬يحيط‭ ‬به‭ ‬خطان‭ ‬وهو‭ ‬المقوس،‭ ‬وما‭ ‬يحيط‭ ‬به‭ ‬ثلاثة‭ ‬خطوط‭ ‬وهو‭ ‬المثلث،‭ ‬وما‭ ‬يحيط‭ ‬به‭ ‬أربعة‭ ‬خطوط‭ ‬وهو‭ ‬المربع،‭ ‬وما‭ ‬عدا‭ ‬هذه‭ ‬الأربعة‭ ‬يرجع‭ ‬إليها‭ ‬بالتقطيع،‭ ‬والثاني‭ ‬باعتبار‭ ‬سطوحها‭... ‬إلخ‮»‬‭.‬

‮ ‬

القسمة‭ ‬والقسام

القسمة‭ ‬لغةً،‭ ‬اسمٌ‭ ‬للاقتسام‭ ‬كالأسوة‭ ‬للاستواء،‭ ‬وشرعًا‭ ‬هي‭ ‬جمع‭ ‬النصيب‭ ‬الشائع‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬معيّن،‭ ‬وركنها‭ ‬فعل‭ ‬يحصل‭ ‬به‭ ‬التمييز‭.‬

وسببها‭ ‬طلب‭ ‬الشركاء‭ ‬أو‭ ‬أحدهم‭ ‬الانتفاع‭ ‬بحصته،‭ ‬وشرطها‭ ‬عدم‭ ‬فوت‭ ‬المنفعة،‭ ‬لذا‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬للقسام،‭ ‬خاصةً‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬التنازع‭ ‬أو‭ ‬المواريث‭ ‬أو‭ ‬بيع‭ ‬نصيب‭ ‬في‭ ‬عقار‭.‬

هذه‭ ‬الحالات‭ ‬تفيدنا‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتطور‭ ‬مفاهيمها‭ ‬واقتصادها،‭ ‬وتعكس‭ ‬طبيعة‭ ‬فقه‭ ‬العمران‭ ‬بها‭.‬

لذا‭ ‬كان‭ ‬القضاة‭ ‬يتخذون‭ ‬قسامًا‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الفقه‭ ‬والأمانة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يميل‭ ‬بأخذ‭ ‬الرشوة‭ ‬إلى‭ ‬البعض،‭ ‬واشترط‭ ‬في‭ ‬القاسم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عدلًا‭ ‬أمينًا‭ ‬عالمًا،‭ ‬ويحصل‭ ‬القاسم‭ ‬على‭ ‬أجره‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬المال،‭ ‬لأن‭ ‬القسمة‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬عمل‭ ‬القضاء،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬يتم‭ ‬به‭ ‬قطع‭ ‬المنازعة‭ ‬فأشبه‭ ‬رزق‭ ‬القاضي،‭ ‬ولأن‭ ‬منفعة‭ ‬نصب‭ ‬القاسم‭ ‬تعم‭ ‬العامة،‭ ‬فيكون‭ ‬لكفايته‭ ‬في‭ ‬مالهم‭ ‬غرمًا‭ ‬بالغنم‭.‬

ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬للقاضي‭ ‬أن‭ ‬يجبر‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يستأجروا‭ ‬قاسمًا،‭ ‬لأنه‭ ‬لو‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬لحكم‭ ‬القاسم‭ ‬على‭ ‬الناس،‭ ‬فإن‭ ‬اصطلحوا‭ - ‬يعني‭ ‬الشركاء‭ - ‬على‭ ‬قسمة‭ ‬غيره‭ ‬ولم‭ ‬يرجعوا‭ ‬إلى‭ ‬القاضي،‭ ‬فذلك‭ ‬جائز‭ ‬عليهم،‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬القسمة‭ ‬معنى‭ ‬المعاوضة‭ ‬وتميّز‭ ‬الملك،‭ ‬فيثبت‭ ‬بالتراضي‭ ‬كسائر‭ ‬المعاوضات‭. ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬فيهم‭ ‬صغير
‭ ‬وغائب،‭ ‬لم‭ ‬تجُز‭ ‬القسمة‭ ‬على‭ ‬الاصطلاح‭ ‬بينهما،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يأمرهما‭ ‬القاضي‭ ‬بقسمتها،‭ ‬لأن‭ ‬سبب‭ ‬ثبوت‭ ‬ولاية‭ ‬القسمة‭ ‬هنا‭ ‬أمر‭ ‬القاضي،‭ ‬وللقاضي‭ ‬ولاية‭ ‬الحفظ‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬الصغير‭ ‬والغائب‭.‬

ويصور‭ ‬القاسم‭ ‬ما‭ ‬يقسم،‭ ‬أي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يصور‭ ‬ما‭ ‬يقسمه‭ ‬على‭ ‬القرطاس،‭ ‬ليمكنه‭ ‬حفظه‭ ‬أو‭ ‬تعديله،‭ ‬أي‭ ‬تسويته‭ ‬على‭ ‬سهام‭ ‬القسمة،‭ ‬ليعرف‭ ‬قدره‭ ‬ويقوّم‭ ‬بناءه،‭ ‬إذ‭ ‬ربما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬بالآخر،‭ ‬ويفرز‭ ‬كل‭ ‬قسم،‭ ‬أي‭ ‬يميزه‭ ‬عن‭ ‬البقية‭ ‬بطريقة،‭ ‬لئلا‭ ‬يكون‭ ‬لنصيب‭ ‬بعضهم‭ ‬تعلّقٌ‭ ‬بنصيب‭ ‬الآخر،‭ ‬فيتحقق‭ ‬معنى‭ ‬التمييز‭ ‬والإفراز‭ ‬على‭ ‬الكمال‭.‬

وقد‭ ‬شدد‭ ‬القاضي‭ ‬كامي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬قيام‭ ‬القاسم‭ ‬بتقويم‭ ‬البناء،‭ ‬وعلّل‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬قيمته‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الساحة‭ ‬أي‭ ‬الأرض،‭ ‬وتقوم‭ ‬الأرض‭ ‬بالذراع‭ ‬والبناء‭ ‬بالقيمة،‭ ‬ويفرز‭ ‬كل‭ ‬نصيب‭ ‬عن‭ ‬الآخر،‭ ‬حتى‭ ‬تنقطع‭ ‬المنازعة‭ ‬على‭ ‬التمام،‭ ‬فيقول‭ ‬القاسم‭: ‬هذا‭ ‬لك‭ ‬وهذا‭ ‬له‭ ‬وهذا‭ ‬للآخر‭.‬

‮ ‬‭-‬‮ ‬علم‭ ‬استنباط‭ ‬المياه‭: ‬وهو‭ ‬علم‭ ‬تتعرف‭ ‬منه‭ ‬كيفية‭ ‬استخراج‭ ‬المياه‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬وإظهارها،‭ ‬ومنفعته‭ ‬إحياء‭ ‬الأرضين‭ ‬الميتة‭ ‬وإفلاحها‭.‬

‭-‬‮ ‬علم‭ ‬جر‭ ‬الأثقال‭: ‬هو‭ ‬علم‭ ‬تتبين‭ ‬منه‭ ‬كيفية‭ ‬جر‭ ‬الآلات‭ ‬الثقيلة،‭ ‬ومنفعته‭ ‬نقل‭ ‬الثقل‭ ‬العظيم‭ ‬بالقوة‭ ‬اليسيرة‭.‬

‭-‬‮ ‬علم‭ ‬البنكامات‭: ‬هو‭ ‬علم‭ ‬تتبين‭ ‬منه‭ ‬كيفية‭ ‬إيجاد‭ ‬الآلات‭ ‬المقدرة‭ ‬للزمان،‭ ‬ومنفعته‭ ‬معرفة‭ ‬أوقات‭ ‬العبادات،‭ ‬واستخراج‭ ‬الطوالع‭ ‬من‭ ‬الكواكب‭ ‬وأجزاء‭ ‬فلك‭ ‬البروج‭.‬

لذا‭ ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬المهندس‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التطبيقي‭ ‬‮«‬معمار‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬هذا‭ ‬اللقب‭ ‬على‭ ‬نقوش‭ ‬الآثار‭ ‬الإسلامية‭ ‬بدلالتين؛‭ ‬إحداهما‭ ‬تطلق‭ ‬على‭ ‬المهندس‭ ‬أو‭ ‬البنّاء،‭ ‬والأخرى‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يتولى‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬العمارة‭.‬

لذا،‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬المهندس‭ ‬المعماري،‭ ‬الذي‭ ‬يصمم‭ ‬المباني‭ ‬ويخططها،‭ ‬و«شاد‭ ‬العمائر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروعات‭ ‬المعمارية‭. ‬وهي‭ ‬التفرقة‭ ‬الوظيفية‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬بوضوح‭ ‬خلال‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

 

 

مهندس‭ ‬بالخدمة‭ ‬الشريفة

وقد‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬المهندسين‭ - ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬عملهم‭ - ‬بعمل‭ ‬شاد‭ ‬العمائر،‭ ‬أي‭ ‬يصبح‭ ‬هو‭ ‬المهندس‭ ‬المعماري‭ ‬مصمم‭ ‬المبنى،‭ ‬ويقوم‭ - ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ - ‬بالإشراف‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬بنائه،‭ ‬يؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬ابن‭ ‬إياس‭ ‬عن‭ ‬تجديد‭ ‬عمارة‭ ‬قبة‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعي‭ ‬بأمر‭ ‬السلطان‭ ‬قايتباي‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬885هـ،‭ ‬وكان‭ ‬شاد‭ ‬عمارتها‭ ‬الخواجا‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الزمن‭.‬

كان‭ ‬المهندس‭ ‬إذا‭ ‬التحق‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬العمائر‭ ‬السلطانية‭ ‬لقب‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬مهندس‭ ‬بالخدمة‭ ‬الشريفة‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬اللقب‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬المهندس‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي،‭ ‬والتي‭ ‬يؤكدها‭ ‬تعريف‭ ‬القلقشندي‭ ‬به‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬ترتيب‭ ‬العمائر‭ ‬وتقديرها،‭ ‬ويحكم‭ ‬على‭ ‬أرباب‭ ‬صناعتها‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬الألقاب‭ ‬التي‭ ‬لُقب‭ ‬بها‭ ‬المهندس‭ ‬المعماري‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي،‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬المعلم‮»‬‭ ‬وكان‭ ‬رئيس‭ ‬المهندسين‭ ‬يلقب‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬معلّم‭ ‬المهندسين‮»‬‭.‬

‮ ‬

المعماريون

أطلقت‭ ‬الوثائق‭ ‬المملوكية‭ ‬على‭ ‬طائفة‭ ‬المعماريين‭ ‬‮«‬أرباب‭ ‬الخبرة‭ ‬المعمارية‮»‬،‭ ‬وخصّت‭ ‬المهندسين‭ ‬بالذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أفرادها،‭ ‬ويعد‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي‭ ‬أبرز‭ ‬عصور‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬ازدهرت‭ ‬فيها‭ ‬العمارة‭ ‬كعلم‭ ‬وفن‭. ‬أما‭ ‬وثائق‭ ‬العصر‭ ‬العثماني،‭ ‬فقد‭ ‬أطلقت‭ ‬عليهم‭ ‬‮«‬طائفة‭ ‬البنائين‭ ‬والمهندسين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬طائفة‭ ‬المعمارجية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬طائفة‭ ‬المهندسين‭ ‬أو‭ ‬المعماريين،‭ ‬أو‭ ‬طائفة‭ ‬المعماريين‭.‬

ويأتي‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬هرم‭ ‬الطائفة‭ ‬شيخُها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يشكل‭ ‬النقباء‭ ‬وبقية‭ ‬الأعضاء‭ ‬جسم‭ ‬الهرم‭ ‬وقاعدته‭. ‬كان‭ ‬شيخ‭ ‬الطائفة‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي‭ ‬يلقب‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬كبير‭ ‬المعمارية‮»‬‭ ‬و«معلم‭ ‬المعمارية‮»‬‭ ‬ولقّب‭ - ‬أيضًا‭ - ‬بـ‭ ‬‮«‬معلم‭ ‬المعلمين‮»‬‭ ‬و«كبير‭ ‬المهندسين‭ ‬أو‭ ‬البنائين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬المهندسين‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬وثائق‭ ‬العصر‭ ‬العثماني‭ ‬فأطلقت‭ ‬على‭ ‬كبير‭ ‬طائفة‭ ‬المعماريين‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬شيخ‭ ‬المهندسين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬شيخ‭ ‬طائفة‭ ‬المهندسين‭ ‬بمصر‮»‬،‭ ‬ولقبته‭ ‬بعض‭ ‬الوثائق‭ -‬أيضاً‭- ‬بلقب‭ ‬‮«‬شيخ‭ ‬طائفة‭ ‬المهندسين‭ ‬والبنائين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لقبته‭ ‬وثائق‭ ‬أخرى‭ ‬بلقب‭ ‬‮«‬معمارجي‭ ‬باشا‮»‬‭ ‬أو‭ ‬معمار‭ ‬باشا‮»‬‭ ‬ومكانة‭ ‬المعمار‭ ‬باشا‭ ‬تشبه‭ ‬أو‭ ‬تعادل‭ ‬مكانة‭ ‬‮«‬كبير‭ ‬المعلمين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬المهندسين‮»‬‭.‬

المعمار‭ ‬باشا‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬طائفة‭ ‬المعمارية‭ ‬وهو‭ ‬رئيسها،‭ ‬وهو‭ ‬وإن‭ ‬تشابه‭ ‬مع‭ ‬كبير‭ ‬المعلمين‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬وضعه‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬هرم‭ ‬الطائفة‭ ‬وتوليه‭ ‬رئاستها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يختلف‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المكانة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فكبير‭ ‬المعلمين‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬المملوكي‭ ‬كان‭ ‬ذا‭ ‬مكانة‭ ‬عالية‭ ‬لدى‭ ‬السلطان،‭ ‬لأنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬عمائره،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬السلطان‭ ‬برقوق‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬مصاهرة‭ ‬كبير‭ ‬مهندسيه‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬الطولوني،‭ ‬فتزوج‭ ‬ابنته،‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬فإن‭ ‬المعمار‭ ‬باشا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬العثمانية‭ ‬كان‭ ‬موظفًا‭ ‬حكوميًّا‭ ‬بسيطًا‭. ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديه‭ ‬مهارات‭ ‬خاصة‭ ‬بشأن‭ ‬أعمال‭ ‬البناء‭ ‬أو‭ ‬العمارة،‭ ‬كان‭ ‬المعمار‭ ‬باشا‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬المسؤول‭ ‬تشتمل‭ ‬طائفته‭ ‬على‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬حرفة‭ ‬من‭ ‬حرف‭ ‬البناء،‭ ‬وتذكر‭ ‬الوثائق‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬طائفة‭ ‬المعمارية‭ ‬كانوا‭ ‬يختارون‭ ‬المعمار‭ ‬باشا‭ ‬لصفاته‭ ‬الحسنة،‭ ‬ولذلك‭ ‬كانوا‭ ‬يذهبون‭ ‬للقاضي‭ ‬يسألونه‭ ‬تنصيبه‭ ‬شيخًا‭ ‬عليهم،‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يحترم‭ ‬القواعد‭ ‬والقوانين‭ ‬والسنّة‭ ‬القديمة‭ ‬للطائفة،‭ ‬وكان‭ ‬القاضي‭ ‬يجيبهم‭ ‬إلى‭ ‬طلبهم،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬الطائفة‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المعمار‭ ‬باشا،‭ ‬فإن‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ - ‬أيضًا‭ - ‬في‭ ‬عزله‭ ‬وتنصيب‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مخالفته‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬منوط‭ ‬به،‭ ‬يؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬من‭ ‬المحرم‭ ‬1052هـ‭/ ‬1642م،‭ ‬حين‭ ‬تضرر‭ ‬المعلم‭ ‬أبوالنصر‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬محمد،‭ ‬الشهير‭ ‬بالدويك‭ ‬شيخ‭ ‬طائفة‭ ‬الدهانين،‭ ‬من‭ ‬خضوعهم‭ ‬لإشراف‭ ‬‮«‬معمار‭ ‬باشي‮»‬‭ ‬المتفرقة‭ ‬الأمير‭ ‬يوسف،‭ ‬وقدموا‭ ‬تظلمًا‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬للقاضي،‭ ‬وحينما‭ ‬مَثَلَ‭ ‬المعمار‭ ‬باشي‭ ‬أمام‭ ‬القاضي،‭ ‬أخبره‭ ‬بأمر‭ ‬التظلم‭ ‬وما‭ ‬يحويه‭ ‬من‭ ‬شكاية‭ ‬الدهانين‭ ‬من‭ ‬خضوعهم‭ ‬له،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قدَّم‭ ‬للقاضي‭ ‬وثيقةً‭ ‬صادرةً‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬العالي‭ ‬مؤرخة‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬من‭ ‬المحرم‭ ‬1037هـ‭/ ‬1637م،‭ ‬تثبت‭ ‬خضوع‭ ‬كل‭ ‬أرباب‭ ‬الصنائع‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البناء‭ ‬له،‭ ‬مثل‭ ‬المبيضين‭ ‬والجيّارين‭ ‬والنجارين‭ ‬والجباسين‭ ‬والحجارين‭ ‬والنحاتين‭ ‬والدهانين،‭ ‬ومن‭ ‬ثَمَّ‭ ‬حكم‭ ‬القاضي‭ ‬باستمرار‭ ‬خضوع‭ ‬أرباب‭ ‬تلك‭ ‬الحرف‭ ‬لإشراف‭ ‬المعمار‭ ‬باشي،‭ ‬فامتثل‭ ‬المعلم‭ ‬أبوالنصر‭ ‬عمر‭ ‬شيخ‭ ‬طائفة‭ ‬الدهانين‭ ‬ومن‭ ‬حضر‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬الدهانين،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الوثيقة،‭ ‬وقرروا‭ ‬عدم‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬طاعة‭ ‬المعمار‭ ‬باشي‭.‬

الوثيقة‭ ‬السابقة‭ ‬بها‭ ‬إشارات‭ ‬مهمة‭ ‬عدة،‭ ‬أولها‭ ‬اصطفاف‭ ‬كل‭ ‬طوائف‭ ‬الحرف‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬حرف‭ ‬البناء‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬المعمار‭ ‬باشي،‭ ‬ويعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحرف‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬أنظمة‭ ‬صارمة‭.‬

إنَّ‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬يذكرنا‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬متبعًا‭ ‬في‭ ‬الأندلس‭ ‬في‭ ‬المشروعات‭ ‬المعمارية،‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬شيخ‭ ‬العرفاء‭ ‬على‭ ‬طوائف‭ ‬البنائين‭ ‬وتنظيمه‭ ‬لعملهم،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يذكر‭ ‬ابن‭ ‬صاحب‭ ‬الصلاة‭ ‬حول‭ ‬بناء‭ ‬جامع‭ ‬وصومعة‭ ‬إشبيلية‭ ‬‮«‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ - ‬أي‭ ‬سنة‭ ‬567هـ‭ - ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ابتدأ‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين،‭ ‬ابن‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين،‭ ‬باختطاط‭ ‬موضع‭ ‬هذا‭ ‬الجامع،‭ ‬وأحضر‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬شيخ‭ ‬العرفاء‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬باسة‭ ‬ومعهم‭ ‬عرفاء‭ ‬البنائين‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬حضرة‭ ‬مراكش‭ ‬ومدينة‭ ‬فاس‭ ‬وأهل‭ ‬العدوة،‭ ‬فاجتمع‭ ‬بإشبيلية‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬النجارين‭ ‬والنشارين‭ ‬والفعَلة‭ ‬لأصناف‭ ‬البناء‭ ‬أعداد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صنف،‭ ‬صناع‭ ‬مهرة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأصناف‮»‬‭.‬

 

البنَّاؤون

هو‭ ‬اسم‭ ‬لمن‭ ‬يحترف‭ ‬مهنة‭ ‬البناء؛‭ ‬سواء‭ ‬بالحجر‭ ‬أو‭ ‬الطوب‭ ‬أو‭ ‬بغيرهما،‭ ‬وقد‭ ‬يمتد‭ ‬عمل‭ ‬البناء‭ ‬إلى‭ ‬نحت‭ ‬الأحجار‭ ‬وحفرها،‭ ‬وزخرفة‭ ‬الجدران‭ ‬والسقوف‭ ‬وكسوتها‭ ‬بالقاشاني،‭ ‬وربما‭ ‬إلى‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬أيضًا‭.‬

وقد‭ ‬شاع‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬إطلاق‭ ‬لقب‭ ‬معلّم‭ ‬على‭ ‬البنائين،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬كان‭ ‬البنّاء‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬المهندس،‭ ‬يصمم‭ ‬المبنى‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬ببنائه‭ ‬والإشراف‭ ‬عليه،‭ ‬ولعل‭ ‬النقش‭ ‬الذي‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬بضريح‭ ‬الشيخ‭ ‬بايزيد‭ ‬المؤرخ‭ ‬بعام‭ ‬702هـ‭/ ‬1303م‭ ‬يوضح‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬ورد‭ ‬به‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬المهندس‭ ‬البناء‭ ‬الدمغاني‭ ‬وأخوه‭ ‬حاجي‮»‬‭. ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المهندسين‭ ‬كان‭ ‬يزاول‭ ‬حرفة‭ ‬البناء،‭ ‬وربما‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬بنائين،‭ ‬ثم‭ ‬درسوا‭ ‬الهندسة،‭ ‬ووصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬المهندسين‭.‬

وقد‭ ‬حفلت‭ ‬المخطوطات‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬التصاوير‭ ‬المختلفة،‭ ‬التي‭ ‬صورت‭ ‬فيها‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬بدقة‭ ‬وواقعية،‭ ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬هذه‭ ‬التصاوير‭ ‬أدق‭ ‬التفصيلات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬مشاهداتها‭ ‬أثناء‭ ‬تشييد‭ ‬أحد‭ ‬القصور‭ ‬أو‭ ‬القلاع‭ ‬أو‭ ‬البيوت‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬المساجد،‭ ‬التي‭ ‬لوحظ‭ ‬اهتمام‭ ‬الفنانين‭ ‬والمصورين‭ ‬بتصوير‭ ‬لحظة‭ ‬بنائها‭.‬

 

مراقبة‭ ‬الجودة

خضعت‭ ‬أعمال‭ ‬أفراد‭ ‬طوائف‭ ‬المعمار‭ ‬خلال‭ ‬العصر‭ ‬العثماني‭ ‬لإشراف‭ ‬دقيق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعمار‭ ‬باشي‭ ‬وشيوخ‭ ‬وعمد‭ ‬الطوائف،‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬مسؤولين‭ ‬جميعًا‭ ‬عن‭ ‬خروج‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬صورة،‭ ‬وعندما‭ ‬تصل‭ ‬شكوى‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬البناء‭ ‬ضد‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الطوائف‭ ‬المعمارية‭ ‬بسبب‭ ‬غشه‭ ‬في‭ ‬مواد‭ ‬البناء،‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬مراعاة‭ ‬أصول‭ ‬الصناعة،‭ ‬كان‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬محل‭ ‬العمل‭ ‬كبار‭ ‬رجال‭ ‬الطائفة‭ ‬ويعاينون‭ ‬العمل،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬ثبوت‭ ‬غش‭ ‬الصانع‭ ‬وعدم‭ ‬مراعاته‭ ‬لأصول‭ ‬وقواعد‭ ‬الصنعة‭ ‬كانت‭ ‬توقع‭ ‬عقوبة‭ ‬على‭ ‬الصانع،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬حادثة‭ ‬طريفة‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬محكمة‭ ‬مصر‭ ‬القديمة‭ ‬تذكر‭ ‬قيام‭ ‬شيخ‭ ‬طائفة‭ ‬الدهانين‭ ‬المعلم‭ ‬سليمان‭ ‬بن‭ ‬شرف‭ ‬الدين‭ ‬ونقيب‭ ‬الطائفة‭ ‬المعلم‭ ‬عبدالجواد‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬عمد‭ ‬ومعلمي‭ ‬الطائفة‭ ‬بالكشف‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬الدهانات‭ ‬والكتابات‭ ‬والنقوش‭ ‬التي‭ ‬نفذت‭ ‬بدير‭ ‬الدهان‭ ‬بالمسجد‭ ‬الذي‭ ‬أنشاه‭ ‬الخواجا‭ ‬إبراهيم‭ ‬المنصوري‭ ‬بمصر‭ ‬القديمة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تضرر‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الدهان‭ ‬المذكور‭ ‬بدهان‭ ‬سقف‭ ‬المسجد‭ ‬بألوان‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لائقةً‭ ‬بقوام‭ ‬الصنعة،‭ ‬وهي‭ ‬عادمة‭ ‬النفع‭ ‬لا‭ ‬يمكث‭ ‬وليس‭ ‬به‭ ‬أساس‭ ‬مونة،‭ ‬وصاروا‭ ‬يقلعون‭ ‬الدهان‭ ‬الذي‭ ‬بالسقف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬الصنعة‭ ‬عمل‭ ‬طبقة‭ ‬أو‭ ‬بطانة‭ ‬أسفل‭ ‬الدهان،‭ ‬وبوضع‭ ‬الغراء‭ ‬على‭ ‬الكتابات‭ ‬والنقوش‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬تماسكًا‭ ‬‭.

شق‭ ‬الأنهار‭ ‬وتنقية‭ ‬القنوات‭ ‬وسد‭ ‬البثوق‭ ‬وتنضيد‭ ‬المساكن‭ ‬من‭ ‬علم‭ ‬عقود‭ ‬الأبنية

الهندسة‭ ‬الحسية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬بالعين‭ ‬وتدرك‭ ‬باللمس‭ ‬كأعمال‭ ‬شق‭ ‬القنوات‭ ‬وعمارة‭ ‬المساكن‭ ‬والمساجد‭ ‬وغيرها