التنمّر لدى الأطفال وانعكاساته على أقرانهم من ذوي الاحتياجات

التنمّر لدى الأطفال وانعكاساته  على أقرانهم من ذوي الاحتياجات

التنمّر‭ ‬فعل‭ ‬عدائي‭ ‬يتضمن‭ ‬سلوكًا‭ ‬يشير‭  ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬توازن‭ ‬التصرفات،‭ ‬وهو‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يتكرر‭  ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬ويأخذ‭ ‬سلوك‭ ‬التنمر‭ ‬أشكالًا‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬البدني‭ ‬المتعمد،‭ ‬منها‭: ‬الضرب‭ ‬أو‭ ‬الركل‭ ‬أو‭ ‬الدفع،‭ ‬أو‭ ‬العدوان‭ ‬اللفظي‭ ‬والمعنوي،‭ ‬مثل‭: ‬الإغاظة‭ ‬أو‭ ‬إطلاق‭ ‬مسميات‭ ‬غير‭  ‬لائقة،‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬التخويف‭ ‬باستخدام‭ ‬إشارات‭ ‬أو‭ ‬إيماءات‭ ‬أو‭ ‬التعبير‭  ‬بانفعالات‭ ‬تتسم‭ ‬بالتهديد‭ ‬والوعيد‭. ‬

تعد‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المدرسة‭ ‬الفترة‭ ‬التكوينية‭ ‬الحاسمة‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬وضع‭ ‬البذور‭ ‬الأولى‭ ‬لشخصيته‭ ‬وتحدد‭ ‬مستقبله‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬والأسرة‭ ‬هي‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬إكساب‭ ‬الطفل‭ ‬أنماط‭ ‬السلوك‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ويليها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬والمدرسة‭ ‬وجماعة‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يلقي‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطفولة‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭ ‬والتربية،‭ ‬حيث‭ ‬ينبغي‭ ‬توعية‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬وإرشادها‭ ‬لاختيار‭ ‬أفضل‭ ‬البيئات‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬النفسي‭ ‬السليم‭. ‬

وكان‭ ‬خبراء‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬قد‭ ‬لاحظوا‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬يمتلكون‭ ‬ميلاً‭ ‬قويًا‭ ‬للتقليد،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬سلوك‭ ‬الصغار،‭ ‬وتزداد‭ ‬احتمالات‭ ‬تقليد‭ ‬السلوك‭ ‬إذا‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬نموذج‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الجنس‭. ‬

وتعتبر‭ ‬الدراما‭ ‬الإبداعية‭ - ‬كما‭ ‬يؤكــد‭ ‬الباحـــــــثون‭ - ‬وسيلة‭ ‬تعلّم‭ ‬تنبثق‭ ‬عن‭ ‬اللعب‭ ‬التلقائي‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬المبكرة،‭ ‬حيث‭ ‬تمكن‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وعن‭ ‬انفعالاته‭ ‬ومشكلاته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬لفظيًا،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬اكتمال‭ ‬نموه‭ ‬اللغوي‭ ‬والمعرفي،‭ ‬فالطفل‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬يتعلم‭ ‬فهم‭ ‬نفسه‭ ‬والآخرين‭ ‬وثقافته‭ ‬وضبط‭ ‬ذاته‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬انفعالاته،‭ ‬وذلك‭ ‬أثناء‭ ‬ممارسة‭ ‬الدراما‭. ‬وبما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬التنمر‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال،‭ ‬سواء‭ ‬المتنمرين‭ ‬أو‭ ‬المعرضين‭ ‬لتنمر‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومنهم‭ ‬ذوو‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭. ‬

 

هدف‭ ‬سهل

اهتمت‭ ‬بعض‭ ‬بحوث‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬بموضوع‭ ‬التنمّر،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬أو‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬الذين‭ ‬يتعرضون‭ ‬لمخاطر‭ ‬تنمر‭ ‬أقرانهم،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوي‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬وعلاقتهم‭ ‬بالتنمر،‭ ‬وكانت‭ ‬دراسات‭ ‬سابقة‭ ‬قد‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬اضطراب‭ ‬الانتباه‭ ‬والنشاط‭ ‬الزائد‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لأن‭ ‬يكونوا‭ ‬ضحايا‭ ‬التنمر‭. ‬

وأشارت‭ ‬أحدث‭ ‬الدراسات‭ ‬النفسية‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬بإعاقات‭ ‬جسيمة،‭ ‬كونهم‭ ‬ضحايا‭ ‬تنمر‭ ‬الآخرين‭ ‬عليهم،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬نوع‭ ‬ومستوى‭ ‬إعاقته،‭ ‬وبالمثل‭ ‬كان‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تتسع‭ ‬دائرة‭ ‬أصدقائهم،‭ ‬هدفًا‭ ‬سهلاً‭ ‬للتنمّر‭ ‬ممن‭ ‬لديهم‭ ‬صداقات‭ ‬متعددة،‭ ‬ويدخل‭ ‬في‭ ‬زمرة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المصابين‭ ‬بشلل‭ ‬الأطفال‭ ‬أو‭ ‬مرضى‭ ‬السكري‭ ‬الذين‭ ‬يعالجون‭ ‬بالأنسولين،‭ ‬فإنهم‭ ‬يعانون‭ ‬تنمّر‭ ‬أقرانهم‭. ‬ومن‭ ‬الثابت،‭ ‬كما‭ ‬تؤكد‭ ‬نتائج‭ ‬البحوث،‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬مضطربي‭ ‬الكلام‭ ‬بنسبة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬80‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬يكونون‭ ‬عرضة‭ ‬لتنمر‭ ‬أقرانهم‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬لهم‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الإحباط‭ ‬وانخفاضًا‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الذات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬شعور‭ ‬بعضهم‭ ‬بالصداع‭ ‬أو‭ ‬آلام‭ ‬المعدة‭ ‬أو‭ ‬فقد‭ ‬الشهية‭ ‬أو‭ ‬التعب‭ ‬والإرهاق‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬الانتحار‭. ‬

ويرى‭ ‬الخبراء‭ ‬امتداد‭ ‬التنمّر‭ ‬إلى‭ ‬العدوان‭ ‬البدني‭ ‬واستفزاز‭ ‬أصحاب‭ ‬الخصائص‭ ‬البدنية‭ ‬المغايرة‭ ‬لأقرانهم،‭ ‬كالشكل‭ ‬أو‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬الوزن‭ ‬عندما‭ ‬يكونون‭ ‬لافتين‭ ‬لنظر‭ ‬أقرانهم،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬يستخدمون‭ ‬طرقًا‭ ‬للكلام‭ ‬مغايرة‭ ‬أو‭ ‬أداء‭ ‬للسلوك‭ ‬غير‭ ‬متعارف‭ ‬عليه‭. ‬

وقد‭ ‬تتسع‭ ‬دائرة‭ ‬التنمر‭ ‬لتشمل‭ ‬عزل‭ ‬الطفل‭ ‬الضحية‭ ‬عن‭ ‬أقرانه‭ ‬أو‭ ‬مقاطعته‭ ‬أو‭ ‬تخويفه‭ ‬باستمرار،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬المسيرة‭ ‬الحياتية‭ ‬للطفل،‭ ‬ويجعله‭ ‬غير‭ ‬سعيد‭.‬

وأشارت‭ ‬دراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬سمعيًا‭ ‬والمعاقين‭ ‬عقليًا‭ ‬عرضة‭ ‬لسلوك‭ ‬التنمر،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬تعرضهم‭ ‬للتنمر‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬اعتبار‭ ‬الذات‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الذات‭ ‬وفهم‭ ‬انفعالات‭ ‬الوجه‭.‬

 

مشكلات‭ ‬سلوكية

فبالنسبة‭ ‬للمعاقين‭ ‬سمعيًا،‭ ‬يعاني‭ ‬75‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬المراهقين،‭ ‬ممن‭ ‬لديهم‭ ‬صمم،‭ ‬مشكلات‭ ‬سلوكية‭ ‬مع‭ ‬أسرهم‭ ‬ويبدون‭ ‬أقل‭ ‬سعادة‭ ‬وأكثر‭ ‬فضولاً‭ ‬للبيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬بهم،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الخيال‭ ‬لديهم‭. ‬

ويؤدي‭ ‬عدم‭ ‬تفسير‭ ‬الأحداث‭ ‬اليومية‭ ‬للطفل‭ ‬المعاق‭ ‬سمعيًا‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬إصابته‭ ‬بالقلق‭ ‬والخوف،‭ ‬ويؤثر‭ ‬الإحباط‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬الاتصال‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬غير‭ ‬المناسب‭ ‬على‭ ‬سلوكه‭ ‬ودافعيته،‭ ‬مما‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬المشكلات‭ ‬الانفعالية‭ ‬والسلوكية‭. ‬كذلك‭ ‬يُظهر‭ ‬التلاميذ‭ ‬المعاقون‭ ‬سمعيًا‭ ‬مشكلات‭ ‬سلوكية‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أقرانهم‭ ‬العاديين‭ ‬نتيجة‭ ‬نقص‭ ‬الخبرات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وعدم‭ ‬فهمهم‭ ‬للدور‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬السلوك‭ ‬المتهور‭ ‬وانعكاسه‭ ‬على‭ ‬نجاحهم‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬مشكلاتهم‭ ‬الاجتماعية‭.‬

أيضًا‭ ‬يعانون‭ ‬افتقارهم‭ ‬للمهارات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬مجاراة‭ ‬الآخرين‭ ‬والتفاعل‭ ‬معهم‭ ‬والاندماج‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬مهارات‭ ‬السلوك‭ ‬التكيفي‭ ‬وشيوع‭ ‬المشكلات‭ ‬السلوكية‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬السلوك‭ ‬العدواني‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬معاناتهم‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭. ‬ويقصد‭ ‬بالإعاقة‭ ‬السمعية‭ ‬فقد‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬السمع،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬لديهم‭ ‬صمم‭ ‬كامل،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الذين‭ ‬يستخدمون‭ ‬سماعات‭ ‬الأذن‭ ‬أو‭ ‬بجانبها،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يتصفون‭ ‬بالفشل‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتعليمات‭ ‬أو‭ ‬الأوامر‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬لهم‭. ‬

ويلاحظ‭ ‬قيامهم‭ ‬بتكرار‭ ‬السؤال‭ ‬عما‭ ‬يطلب‭ ‬منهم،‭ ‬راغبين‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الإيضاح‭. ‬ويلجأ‭ ‬الطفل‭ ‬المعاق‭ ‬سمعيًا‭ ‬إلى‭ ‬ملاحظة‭ ‬الآخرين‭ ‬حتى‭ ‬يتصرف‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يسلكون‭. ‬ويطلب‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬تكرار‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬له‭ ‬مرات‭ ‬عدة،‭ ‬حتى‭ ‬يستوعب‭ ‬المطلوب‭ ‬منه،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬يعانون‭ ‬صعوبات‭ ‬القراءة‭ ‬أو‭ ‬التهجي‭ ‬أو‭ ‬الكتابة،‭ ‬وكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬ينصرفون‭ ‬عن‭ ‬الاستماع‭ ‬للمعلم‭ ‬أثناء‭ ‬الدرس‭.‬

 

قصور‭ ‬ملموس

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإعاقة‭ ‬العقلية،‭ ‬فيلاحظ‭ ‬اتصاف‭ ‬إعاقتهم‭ ‬العقلية‭ ‬بالمحدودية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬العقلية‭ ‬والسلوك‭ ‬التكيفي،‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬المفاهيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومهارات‭ ‬التكيف‭ ‬العملية،‭ ‬وهذه‭ ‬الإعاقة‭ ‬تبدأ‭ ‬قبل‭ ‬سن‭ ‬الـثامنة‭ ‬عشرة‭. ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تعد‭ ‬الإعاقة‭ ‬العقلية‭ ‬حالة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬جوانب‭ ‬قصور‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬الحالي‭ ‬للطفل،‭ ‬وتتصف‭ ‬الحالة‭ ‬بداء‭ ‬عقلي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المتوسط‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬يكون‭ ‬متلازمًا‭ ‬مع‭ ‬جوانب‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬مجالين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬المهارات‭ ‬التكيفية،‭ ‬مثل‭ ‬التواصل،‭ ‬والعناية‭ ‬بالذات،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المنزلية،‭ ‬والمهارات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬واستخدام‭ ‬المصادر‭ ‬المجتمعية،‭ ‬والتوجيه‭ ‬الذاتي،‭ ‬والصحة‭ ‬والسلامة،‭ ‬والمهارات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الوظيفية،‭ ‬وقضاء‭ ‬وقت‭ ‬الفراغ‭ ‬ومهارات‭ ‬العمل‭.‬

‭ ‬ويمثّل‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوو‭ ‬الإعاقة‭ ‬العقلية‭ ‬البسيطة‭ ‬حوالي‭ ‬85‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬فئات‭ ‬الإعاقة‭ ‬العقلية،‭ ‬ويرتبط‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬التكيفي‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬بما‭ ‬يلقاه‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬معاملة‭ ‬أسرية‭ ‬أو‭ ‬مدرسية،‭ ‬أو‭ ‬التوقعات‭ ‬السلبية‭ ‬المسبقة‭ ‬عن‭ ‬استعداداته‭ ‬وسلوكه،‭ ‬ومدى‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬ومواقف‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬واستعداداته،‭ ‬مما‭ ‬يعرضه‭ ‬لمشاعر‭ ‬الفشل‭ ‬المتكرر‭ ‬والإحباط،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تكون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تفادي‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭.‬

فمعظم‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬العقلية‭ ‬البسيطة‭ ‬يستطيعون‭ ‬تحمّل‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬تجاه‭ ‬أنفسهم‭ ‬وتجاه‭ ‬أسرهم،‭ ‬إذا‭ ‬وجدوا‭ ‬الرعاية‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة،‭ ‬لكنهم‭ ‬يظلون‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬إرشاد‭ ‬وتوجيه‭ ‬الآخرين‭ ‬مدى‭ ‬الحياة،‭ ‬لأن‭ ‬نضوجهم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الرشد‭.‬

 

سلوك‭ ‬خطير

ويعد‭ ‬التنمر‭ ‬سلوكًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬المشاركين‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬إيقاع‭ ‬الأذى‭ ‬على‭ ‬طفل‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬بدنيًا‭ ‬أو‭ ‬نفسيًا‭ ‬أو‭ ‬عاطفيًا،‭ ‬وهو‭ ‬شكل‭ ‬متعمد‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬يتضمن‭ ‬التهديد‭ ‬بالأذى‭ ‬البدني‭ ‬أو‭ ‬الاعتداء‭ ‬بالضرب‭ ‬والتهديد‭ ‬والتحرش‭ ‬والإيذاء‭ ‬اللفظي‭ ‬والإذلال‭ ‬وإطلاق‭ ‬الألقاب،‭ ‬ويؤدي‭ ‬سلوك‭ ‬التنمر‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬الشائعات‭ ‬ونشرها،‭ ‬والرفض‭ ‬والاستقصاء‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬وعدم‭ ‬التوازن‭ ‬واختلال‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬بين‭ ‬الطفل‭ ‬المتنمر‭ ‬والطفل‭ ‬الضحية‭. ‬

ويعد‭ ‬الأطفال‭ ‬الأضعف‭ ‬بدنيًا‭ ‬والذين‭ ‬يتصفون‭ ‬بالخجل‭ ‬والإحساس‭ ‬بالخوف‭ ‬والألم‭ ‬والعجز،‭ ‬ولديهم‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للتنمر‭. ‬إن‭ ‬التنمر‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬إيذاء‭ ‬للطفولة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬إيذاء‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬يمر‭ ‬به،‭ ‬ويعد‭ ‬تحرشًا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إقصاء‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الثقافة‭ ‬أو‭ ‬الأصل‭ ‬أو‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬الإعاقة‭. ‬

وهناك‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الخصائص‭ ‬التي‭ ‬يتصف‭ ‬بها‭ ‬الأطفال‭ ‬ضحايا‭ ‬التنمر،‭ ‬مثل‭ ‬نقص‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬والقلق‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وذلك‭ ‬يجعلهم‭ ‬هدفًا‭ ‬سهلاً‭ ‬للتنمر‭. ‬وتعد‭ ‬السنّ‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسة‭ ‬لوقوع‭ ‬الطفل‭ ‬كضحية‭ ‬للمتنمر،‭ ‬فغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الأطفال‭ ‬صغار‭ ‬السن‭ ‬أو‭ ‬يتصفون‭ ‬بالقلق‭ ‬والحساسية‭ ‬وضعف‭ ‬الجسم‭ ‬والخجل‭ ‬وانخفاض‭ ‬تقدير‭ ‬الذات‭ ‬وندرة‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الذات،‭ ‬فيعتدي‭ ‬عليهم‭ ‬الأطفال‭ ‬المتنمرون،‭ ‬ويعانون‭ ‬أيضًا‭ ‬نقص‭ ‬التوافق‭ ‬الانفعالي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬ونقص‭ ‬المهارات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والشعور‭ ‬بضعف‭ ‬التكيف‭.‬

 

ضحايا‭ ‬التنمر

يمكن‭ ‬تصنيف‭ ‬ضحايا‭ ‬التنمر‭ ‬إلى‭ ‬نوعين،‭ ‬الأول‭: ‬ضحايا‭ ‬سلبيون‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يتعرضوا‭ ‬لهجوم‭ ‬أو‭ ‬إهانة،‭ ‬والثاني‭: ‬ضحايا‭ ‬استفزاز،‭ ‬وهم‭ ‬عادة‭ ‬اندفاعيون‭ ‬وعدوانيون‭ ‬تسهل‭ ‬استثارتهم‭. ‬

وقد‭ ‬أجريت‭ ‬دراسة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬بصريًّا‭ ‬وغيرهم‭ ‬العاديين‭ ‬طبقت‭ ‬على‭ ‬فئتين‭: ‬الطفل‭ ‬المعاق‭ ‬بصريًّا‭ ‬والطفل‭ ‬العادي‭. ‬

وأسفرت‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أشكالًا‭ ‬من‭ ‬التنمر‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقون‭ ‬بصريًا‭ ‬وغير‭ ‬المعاقين‭ ‬بصريًا،‭ ‬مثل‭ ‬إطلاق‭ ‬المسميات‭ ‬والاعتداء‭ ‬البدني‭ ‬والإغاظة،‭ ‬والتنمر‭ ‬اللفظي‭ ‬الحاد‭ ‬والعدوان‭ ‬اللفظي‭ ‬والتهديد‭ ‬ومحاكاة‭ ‬حركتهم،‭ ‬والسخرية‭ ‬من‭ ‬إعاقة‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬أقل‭ ‬شعبية‭ ‬من‭ ‬أقرانهم‭ ‬العاديين‭ ‬وأقلهم‭ ‬تكوينا‭ ‬للصداقة‭ ‬وأكثر‭ ‬معاناة‭ ‬بالإحساس‭ ‬بالوحدة‭ ‬النفسية‭.‬

وقد‭ ‬أشارت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الذكور‭ ‬من‭ ‬المعاقين‭ ‬بصريًا‭ ‬وغير‭ ‬المعاقين‭ ‬بصريًا‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للتنمر‭ ‬من‭ ‬الإناث‭. ‬وخلصت‭ ‬النتائج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سلوك‭ ‬التنمر‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬عقليًا‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬لدى‭ ‬العاديين‭ ‬والمعاقين‭ ‬سمعيًا،‭ ‬وأن‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬عقليًا‭ ‬ضحايا‭ ‬التنمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬العاديين‭ ‬والمعاقين‭ ‬سمعيًا‭.‬

كما‭ ‬أشارت‭ ‬النتائج‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬فروق‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬العاديين‭ ‬وبين‭ ‬المعاقين‭ ‬سمعيًا‭ ‬في‭ ‬اعتبار‭ ‬الذات،‭ ‬وأن‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬سمعيًا‭ ‬والمعاقين‭ ‬عقليًا‭ ‬أكثر‭ ‬دفاعًا‭ ‬عن‭ ‬ذواتهم‭ ‬من‭ ‬العاديين،‭ ‬كما‭ ‬أوضحت‭ ‬النتائج‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬الأطفال‭ ‬العاديين‭ ‬والمعاقين‭ ‬سمعيًا‭ ‬على‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬انفعالات‭ ‬الوجه‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬لدى‭ ‬المعاقين‭ ‬عقليًا،‭ ‬وأن‭ ‬الأطفال‭ ‬الأصغر‭ ‬سنًا‭ (‬9‭ - ‬12‭) ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للتنمر‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الأكبر‭ ‬سنًا‭ (‬13‭ - ‬15‭)‬،‭ ‬وأظهرت‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬الذكور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬تعرضًا‭ ‬للتنمر‭.‬

 

الدراما‭ ‬الإبداعية

من‭ ‬هنا‭ ‬تبدو‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬لخفض‭ ‬سلوك‭ ‬التنمر‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬المعاقين‭ ‬عقليًا‭ ‬والمعاقين‭ ‬سمعيًا،‭ ‬ويقترح‭ ‬الخبراء‭ ‬دعم‭ ‬برنامج‭ ‬يستخدم‭ ‬الدراما‭ ‬الإبداعية،‭ ‬وهي‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬تمثيل‭ ‬ومحاكاة‭ ‬وتقليد‭ ‬وارتجال‭ ‬درامي‭ ‬داخل‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬التربوية‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬قدراتهم‭ ‬الذاتية‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬المعلم‭ ‬أو‭ ‬المدرب‭ ‬أو‭ ‬المنشط‭. ‬

فقد‭ ‬أسفر‭ ‬برنامج‭ ‬عني‭ ‬بتوظيف‭ ‬الطاقة‭ ‬العدوانية‭ ‬عند‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬استنفاد‭ ‬تلك‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬نشاط‭ ‬مرغوب،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬لعب‭ ‬دور‭ ‬شخصيات‭ ‬القصة،‭ ‬أداء‭ ‬صامت‭ ‬لبعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬والمواقف‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬جلسات‭ ‬البرنامج‭ ‬بجلسة‭ ‬تمهيدية،‭ ‬ثم‭ ‬جلسة‭ ‬توجيه‭ ‬واتباع‭ ‬تعليمات،‭ ‬ثم‭ ‬كائنات‭ ‬حية،‭ ‬وأداء‭ ‬صامت،‭ ‬وتنمية‭ ‬الحواس‭ ‬من‭ ‬‮«‬أصوات،‭ ‬أحجام‭ ‬وألوان‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬تخيل‭ ‬وارتجال‭ ‬ومحاكاة‭ ‬ولعب‭ ‬الدور‭. ‬

كشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬تقدم‭ ‬ملحوظ‭ ‬عند‭ ‬الأطفال‭ ‬العدوانيين،‭ ‬بعد‭ ‬تعرضهم‭ ‬للبرنامج‭ ‬الذي‭ ‬انصبّ‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬ضبط‭ ‬الذات‭ ‬وتحسين‭ ‬تفاعل‭ ‬الطفل‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬وأسرته،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬التوصيات‭ ‬التي‭ ‬يدلي‭ ‬بها‭ ‬الخبراء‭ ‬تدريب‭ ‬معلمات‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬أنشطة‭ ‬الدراما‭ ‬الإبداعية‭ ‬داخل‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الاهتمام‭ ‬باستخدام‭ ‬الدراما‭ ‬الإبداعية‭ ‬كطريقة‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬التدريس‭ ‬لأنشطة‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال،‭ ‬وأيضًا‭ ‬ضرورة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتنوع‭ ‬الأنشطة‭ ‬المقدمة‭ ‬للأطفال‭ ‬العدوانيين،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬المتنمرون،‭ ‬وحبّذا‭ ‬بوساطة‭ ‬المشاركة‭ ‬المسرحية‭. ‬

 

تجارب‭ ‬حية

إن‭ ‬الدراما‭ ‬الإبداعية‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬نشاط‭ ‬اللعب‭ ‬المحبب‭ ‬إلى‭ ‬الأطفال،‭ ‬والذي‭ ‬تظهر‭ ‬فيه‭ ‬اهتماماتهم،‭ ‬وتتحقق‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬حاجاتهم‭ ‬كجماعة‭ ‬وكأفراد،‭ ‬ويسهل‭ ‬بذلك‭ ‬التأثير‭ ‬فيهم،‭ ‬وتوجيه‭ ‬اهتماماتهم‭ ‬وهواياتهم،‭ ‬وإكسابهم‭ ‬الاتجاهات‭ ‬المرغوبة‭ ‬وغرس‭ ‬القيم‭ ‬والأفكار‭ ‬حول‭ ‬مختلف‭ ‬الموضوعات‭. ‬وبذلك،‭ ‬فإن‭ ‬ممارسة‭ ‬الأطفال‭ ‬للدراما‭ ‬الإبداعية‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬أنماط‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬وعواطف‭ ‬وأحاسيس‭ ‬وصور‭ ‬هي‭ ‬المادة‭ ‬الخام‭ ‬اللازمة‭ ‬لتفكيرهم‭ ‬الخلاق‭ ‬وأعمالهم‭ ‬الإبداعية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬النمو‭ ‬النفسي‭ ‬المستمر‭ ‬لخبراتهم‭ ‬العامة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬الحية‭ ‬التي‭ ‬تصقل‭ ‬إدراكهم‭ ‬للعلاقات‭ ‬والارتباطات،‭ ‬والتي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬المفاهيم،‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬استجاباتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المقبلة،‭ ‬التي‭ ‬يعبّر‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬آرائه،‭ ‬وبذلك‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تخدم‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬والتربوية،‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لسلوك‭ ‬التنمر‭ ‬عند‭ ‬الأطفال‭. ‬

إن‭ ‬التشارك‭ ‬المسرحي‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬تشجيع‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬طاقاتهم‭ ‬الاستكشافية‭ ‬والابتكارية‭ ‬والأدائية‭ ‬والاجتهادية‭ ‬والتمثيلية،‭ ‬عبر‭ ‬الأنسنة‭ ‬والتخييل‭ ‬والتشخيص‭ ‬والإبداع،‭ ‬وتبادل‭ ‬الأدوار‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية،‭ ‬وتشغيل‭ ‬تقنيات‭ ‬الارتجال‭ ‬والإلقاء‭ ‬العفوي‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وتقليد‭ ‬الآخرين‭ ‬وتقمص‭ ‬أدوارهم‭ ‬بروح‭ ‬درامية‭ ‬هادفة‭ ‬ومعبرة‭.‬

فالدراما‭ ‬الإبداعية‭ ‬طريقة‭ ‬مسرحية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬الطفل‭ ‬وإخراجه‭ ‬من‭ ‬عالمه‭ ‬الانعزالي‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬أرحب،‭ ‬عبر‭ ‬تشخيص‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأدوار‭ ‬الفردية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬تقليدًا‭ ‬وتخييلاً‭ ‬وإبداعًا،‭ ‬وأداء‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬التمثيلية‭ ‬الذهنية‭ ‬والوجدانية‭ ‬والحركية‭ ‬ارتجالاً‭ ‬ومحاكاة‭ ‬وتشخيصًا‭ ‬وإيهامًا‭ ‬ولعبًا‭ ‬‭.