غذاء بطيء

غذاء بطيء

‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬حركة‭ ‬وجمعية‭ ‬‮«‬غذاء‭ ‬بطيء‮»‬،‭ ‬Slow‭ ‬Food،‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الدولية‭ ‬غير‭ ‬الهادفة‭ ‬للربح،‭ ‬لاتزال‭ ‬تساهم‭ ‬بصورة‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭  ‬أساليب‭ ‬الحياة‭ ‬المستدامة‭ ‬والاستهلاك‭ ‬المعتدل،‭ ‬وحماية‭ ‬اقتصاديات‭ ‬الغذاء‭ ‬المحلي‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المعارضة‭ ‬لأساليب‭ ‬الحياة‭ ‬المتسارعة‭ ‬وممارسات‭ ‬مطاعم‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭ ‬وسلوكيات‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬والمعايير‭  ‬الموحدة‭ ‬التي‭ ‬جلبتها‭ ‬العولمة؛‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬فلسفتها‭ ‬وأنشطتها‭ ‬التوعوية‭ ‬فيما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬150‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬ويبحث‭ ‬مؤسسها‭ ‬الإيطالي‭ ‬كارلو‭ ‬بيتريني‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المناصرين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬مستقبل‭ ‬الغذاء‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يعاني‭ ‬فيه‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬والسمنة‭.‬

    ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بيتريني‭ ‬مؤسس‭ ‬حركة‭ ‬الغذاء‭ ‬البطيء،‭ ‬فإن‭ ‬أليس‭ ‬وترس‭ ‬هي‭ ‬الأم‭ ‬الحديثة،‭ ‬فهي‭ ‬ناشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الغذاء‭ ‬وطاهية،‭ ‬ألفت‭ ‬عديدًا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬لنشر‭ ‬التوعية‭ ‬الغذائية‭ ‬وطبقت‭ ‬مبادئ‭ ‬الغذاء‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬تملكه‭ ‬في‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬ودرست‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬كيف‭ ‬يزرعون‭ ‬غذاءهم‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المدرسة،‭ ‬وكيف‭ ‬يطبخونه‭ ‬ويستمتعون‭ ‬بتناوله،‭ ‬وأدركت‭ ‬أن‭ ‬تربية‭ ‬بيئيين‭ ‬وطهاة‭ ‬ومحبين‭ ‬للخضراوات‭ ‬بأدوات‭ ‬بسيطة‭ ‬كالمجرفة‭ ‬والتربة‭ ‬والبذور‭ ‬والماء‭ ‬أمر‭ ‬ممكن،‭ ‬ليتحول‭ ‬وقت‭ ‬راحة‭ ‬الغذاء‭ ‬إلى‭ ‬درس‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

   

جامعة‭ ‬التذوق

  ‬ألهم‭ ‬بيتريني‭ ‬الكثيرين‭ ‬وقدم‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬حول‭ ‬الغذاء‭ ‬البطيء،‭ ‬شرح‭ ‬فيها‭ ‬لماذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬غذاؤنا‭ ‬جيدًا‭ ‬ونظيفًا‭ ‬وبسعر‭ ‬عادل،‭ ‬طارحًا‭ ‬نموذجًا‭ ‬إيكولوجيًا‭ ‬لفنون‭ ‬وعلوم‭ ‬التذوق‭ ‬وتناول‭ ‬الطعام،‭ ‬مما‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬تكامل‭ ‬معرفة‭ ‬العلوم‭ ‬والمعرفة‭ ‬التقليدية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحضير‭ ‬الغذاء‭ ‬وتناوله‭. ‬

  ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬أسست‭ ‬جمعية‭ ‬غذاء‭ ‬بطيء‭ ‬جامعة‭ ‬لعلوم‭ ‬التذوق‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬كوسيلة‭ ‬لفهم‭ ‬تعقيد‭ ‬قضية‭ ‬الغذاء‭ ‬واستعادة‭ ‬قيمته‭ ‬الحقيقية‭ ‬والاحترام‭ ‬لمصنعيه‭ ‬ممن‭ ‬يعملون‭ ‬بانسجام‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬والنظم‭ ‬الإيكولوجية،‭ ‬وإيمانًا‭ ‬بأهمية‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأجيال‭ ‬الجديدة‭. ‬واعتبرت‭ ‬هذه‭ ‬الجامعة‭ ‬أول‭ ‬مؤسسة‭ ‬أكاديمية‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وحصلت‭ ‬أخيرًا‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬رسمي‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬الإيطالية‭. ‬

  ‬ومن‭ ‬أهداف‭ ‬هذه‭ ‬الجامعة‭ - ‬البالغ‭ ‬عدد‭ ‬طلابها‭ ‬2500‭ - ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬بحثي‭ ‬وتعليمي‭ ‬يخدم‭ ‬من‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬طرق‭ ‬الفلاحة،‭ ‬وحماية‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي،‭ ‬وبناء‭ ‬علاقة‭ ‬عضوية‭ ‬بين‭ ‬علوم‭ ‬التذوق‭ ‬والطهي‭ ‬وعلوم‭ ‬الزراعة،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬درجات‭ ‬علمية‭ ‬تمنح‭ ‬في‭ ‬تخصصات‭ ‬كعلوم‭ ‬التذوق‭ ‬والثقافات؛‭ ‬والتجديد‭ ‬الغذائي‭ ‬والإدارة؛‭ ‬وثقافة‭ ‬الغذاء‭ ‬والتواصل‭ ‬والتسويق؛‭ ‬والتذوق‭ ‬والإبداع‭ ‬والإيكولوجيا‭ ‬والتعليم؛‭ ‬والتذوق‭ ‬وثقافات‭ ‬العالم‭. 

‭ ‬

رفض‭ ‬الصيغ‭ ‬الجاهزة‭ ‬

    ‬رغم‭ ‬الواقع‭ ‬المجتمعي‭ ‬المفكك،‭ ‬وانشغال‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديدة؛‭ ‬يرى‭ ‬بيتريني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬الصيغ‭ ‬الجاهزة‭ ‬ويفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ناشطًا‭ ‬ومعارضًا‭ ‬على‭ ‬طريقته؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لتجاوز‭ ‬عوائق‭ ‬البيروقراطية‭ ‬وفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬لاستقبال‭ ‬الأفكار‭ ‬الجديدة‭ ‬ورعايتها‭ ‬لتكون‭ ‬الدافع‭ ‬المحرك‭ ‬للعمل‭ ‬الجماعي‭ ‬ولتحقيق‭ ‬الانتصارات‭ ‬المرجوة‭. ‬فالحرية‭ ‬مكفولة‭ ‬لفروع‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬غذاء‭ ‬بطيء‮»‬‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬للعمل‭ ‬وفقًا‭ ‬للسياقات‭ ‬المحلية،‭ ‬سواء‭ ‬للترويج‭ ‬للأطباق‭ ‬والمكونات‭ ‬المحلية‭ ‬وأساليب‭ ‬الطبخ‭ ‬والزراعة‭ ‬الحيوية‭ ‬والتجارة‭ ‬العادلة‭ ‬ورفع‭ ‬الوعي‭ ‬الغذائي‭ ‬وترشيد‭ ‬استخدام‭ ‬الموارد‭ ‬والحفاظ‭ ‬البيئي‭ ‬أو‭ ‬لمناهضة‭ ‬العولمة‭ ‬التي‭ ‬توحد‭ ‬المعايير‭ ‬وتتجاهل‭ ‬الخصوصية‭ ‬والتقاليد‭. ‬فنجد،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فرع‭ ‬القاهرة‭ ‬يعلن‭ ‬على‭ ‬صفحته‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬أسبوع‭ ‬لفنون‭ ‬الطهي‭ ‬باستخدام‭ ‬مكونات‭ ‬موسمية‭ ‬محلية،‭ ‬وافتتاح‭ ‬مطعم‭ ‬يطبق‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬مبادئ‭ ‬الحركة‭ ‬ويدعو‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬عالمية‭.  

  ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الطرق‭ ‬غير‭ ‬المستدامة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الغذاء‭ ‬وتوزيعه‭ ‬واستهلاكه‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬المتسببة‭ ‬في‭ ‬التغييرات‭ ‬المناخية‭ - ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الغذاء‭ ‬ضحية‭ ‬لهذه‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ - ‬يصبح‭ ‬تغيير‭ ‬نظام‭ ‬الغذاء‭ ‬غير‭ ‬السليم،‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬مواجهته‭ ‬مجتمعة‭. ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬بطيئًا‭ ‬ومتواضعًا،‭ ‬تستطيع‭ ‬الإنجازات‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬المطاف‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬تغيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحقيق‭ ‬مبادئ‭ ‬الغذاء‭ ‬البطيء‭. ‬فمبدأ‭ ‬الجودة،‭ ‬مثلاً،‭ ‬يعني‭ ‬طعامًا‭ ‬طازجًا‭ ‬ومغذيًا‭ ‬وحسن‭ ‬المذاق‭ ‬وموسميًا‭ ‬وجزءًا‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬المحلية؛‭ ‬ويتضمن‭ ‬مبدأ‭ ‬النظافة‭ ‬عمليات‭ ‬إنتاج‭ ‬واستهلاك‭ ‬لا‭ ‬تضر‭ ‬البيئة‭ ‬ولا‭ ‬تؤذي‭ ‬الحيوان‭ ‬ولا‭ ‬تعبث‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان؛‭ ‬ومبدأ‭ ‬السعر‭ ‬العادل‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المستهلك‭ ‬والمصنع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬أو‭ ‬مقابل‭ ‬مادي‭.‬

 

‭ ‬الغرب‭ ‬المسؤول‭ ‬الأكبر‭ ‬

  ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬وجود‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بين‭ ‬الغذاء‭ ‬والتغيير‭ ‬المناخي،‭ ‬أن‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬تناول‭ ‬اللحوم‭ ‬والأسماك‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬نصيب‭ ‬الحبوب‭ ‬والخضراوات‭ ‬في‭ ‬الوجبات‭ ‬وتشجيع‭ ‬نماذج‭ ‬الإيكولوجية‭ ‬الزراعية‭ ‬واحترام‭ ‬البيئة‭ ‬تخفض‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬بارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬بنحو‭ ‬درجة‭ ‬ونصف‭ ‬الدرجة‭ ‬مئوية‭ - ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬الخمسينيات‭ ‬القادمة‭ - ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية‭ - ‬وأربع‭ ‬درجات‭ ‬مئوية‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬2100،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التصحر،‭ ‬وسوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬التطرف‭ ‬المناخي‭ ‬حتى‭ ‬يبقى‭ ‬مليار‭ ‬شخص‭ ‬بدون‭ ‬ماء‭ ‬ويعاني‭ ‬مليارا‭ ‬إنسان‭ ‬الجوع‭ ‬وينخفض‭ ‬إنتاج‭ ‬الذرة‭ ‬والأرز‭ ‬والقمح‭ ‬بنسبة‭ ‬2‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬كل‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام،‭ ‬ويجبر‭ ‬187‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬منازلهم‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬ارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬البحر‭.‬

‭ ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬21‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬تقريباً‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭ ‬تأتي‭ ‬نتيجة‭ ‬لطرق‭ ‬إنتاج‭ ‬الغذاء‭ ‬غير‭ ‬المستدامة،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬طرق‭ ‬الزراعة‭ ‬العضوية‭ ‬إلا‭ ‬بـ‭ ‬3‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المخصصة‭ ‬لدعم‭ ‬الزراعة‭ ‬في‭ ‬أوربا،‭ ‬بينما‭ ‬يخصص‭ ‬الباقي‭ ‬للزراعة‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬المبيدات‭ ‬الكيماوية‭ ‬الضارة‭ - ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬صندوق‭ ‬الحفاظ‭ ‬البيئي‭ ‬2018‭ - ‬وأن‭ ‬استهلاك‭ ‬اللحوم‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬14‭.‬5‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات،‭ ‬والغرب‭ ‬المسؤول‭ ‬الأكبر،‭ ‬نظرًا‭ ‬لارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬استهلاك‭ ‬المواطن‭ ‬الأوربي‭ ‬الذي‭ ‬يتناول‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬80‭.‬6‭ ‬كيلوجرامًا‭ ‬سنوياً،‭ ‬بينما‭ ‬يكفيه‭ ‬25‭ ‬كيلوجرامًا،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬توصي‭ ‬به‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬لا‭ ‬يستهلك‭ ‬المواطن‭ ‬الإفريقي‭ ‬سوى‭ ‬17‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬الآمن‭ ‬للبروتين‭ ‬الحيواني‭. ‬كما‭ ‬تتسبب‭ ‬مخلفات‭ ‬الغذاء‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬بمليارات‭ ‬الأطنان‭ ‬في‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭.‬

  ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬غذاء‭ ‬بطيء‮»‬‭ ‬لتغيير‭ ‬العادات‭ ‬الغذائية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬تنظم‭ ‬فعاليات‭ ‬وتحديات‭ ‬تشجع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المناصرين‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الواقع‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الالتزام‭ ‬باستخدام‭ ‬مكونات‭ ‬محلية‭ ‬في‭ ‬تحضير‭ ‬الوجبات‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬استهلاك‭ ‬اللحوم‭ ‬أثناء‭ ‬الحملات‭ ‬الترويجية‭ ‬مع‭ ‬تفادي‭ ‬إنتاج‭ ‬المخلفات،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحسب‭ ‬البصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬لمعرفة‭ ‬مقدار‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭. ‬

 

الغذاء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير

‭ ‬‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬غذاء‭ ‬بطيء‮»‬‭ ‬آلاف‭ ‬المبادرات‭ ‬والأنشطة‭ ‬والمشروعات‭ ‬والفعاليات‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬سنوًيا‭. ‬ويشارك‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬المنتجين‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬مئات‭ ‬المشروعات‭ ‬والمعارض‭ ‬التي‭ ‬تروج‭ ‬لمنتجات‭ ‬معرضة‭ ‬لخطر‭ ‬الانقراض،‭ ‬دعماً‭ ‬للتنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬أنشطة‭ ‬تعليمية‭ ‬متعلقة‭ ‬بالغذاء،‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لتوعية‭ ‬المستهلك‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأغذية‭ ‬التقليدية‭ ‬والتراث‭ ‬الزراعي،‭ ‬وأنشطة‭ ‬أخرى‭ ‬كزراعة‭ ‬حدائق‭ ‬مدارس‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬دولة‭. ‬

  ‬وهكذا،‭ ‬أصبحت‭ ‬مهرجانات‭ ‬‮«‬غذاء‭ ‬بطيء‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحتفي‭ ‬بالأطباق‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬وتروج‭ ‬لفلسفة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬فعاليات‭ ‬سياحية‭ ‬منتظمة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬المشاركين‭ ‬لتناول‭ ‬وجبات‭ ‬صحية‭ ‬طبيعية‭ ‬طازجة‭. ‬ومن‭ ‬الفعاليات‭ ‬العالمية‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬الجمعية‭ ‬اجتماع‭ ‬‮«‬تيرا‭ ‬ما‭ ‬دري‮»‬‭ ‬بمدينة‭ ‬تورينو‭ ‬الإيطالية‭ ‬الذي‭ ‬يعقد‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬الإيطالية؛‭ ‬ويشارك‭ ‬فيه‭ ‬ناشطون‭ ‬وأكاديميون‭ ‬ومهتمون‭ ‬بشؤون‭ ‬الطبخ‭ ‬للنقاش‭ ‬والحوار‭ ‬حول‭ ‬شعار‭ ‬أو‭ ‬قضية؛‭ ‬كشعار‭ ‬‮«‬الغذاء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬طرح‭ ‬بآخر‭ ‬اللقاءات‭ ‬المنعقدة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2018‭.‬

‭ ‬

تنمية‭ ‬السياحة‭ ‬المستدامة

  ‬‭ ‬بينت‭ ‬دراسة‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬مرتادي‭ ‬مهرجان‭ ‬‮«‬التذوق‭ ‬البطيء‮»‬‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬أن‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬وسواها‭ ‬تأثيرًا‭ ‬إيجابيًا‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬المشاركين‭ ‬المتعلق‭ ‬باستهلاك‭ ‬الغذاء‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مجتمع‭ ‬الحركة‭ ‬ومبادئها‭ ‬الأخلاقية‭ ‬بكسب‭ ‬مناصرين‭ ‬جدد‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬كما‭ ‬خلصت‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬أجريت‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬حركة‭ ‬الغذاء‭ ‬البطيء‭ ‬قد‭ ‬حققوا‭ ‬من‭ ‬انضمامهم‭ ‬للجمعية‭ ‬منافع‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وشخصية،‭ ‬وخبروا‭ ‬سرور‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬وجبات‭ ‬لذيذة‭ ‬وصديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬واتباع‭ ‬أساليب‭ ‬حياة‭ ‬صحية؛‭ ‬كما‭ ‬ساهمت‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬السياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مفتاحاً‭ ‬من‭ ‬مفاتيح‭ ‬النجاح‭ ‬‭.