ألمٌ وقلم
مر زمن طويل منذ كتبتُ آخر قصة؛ فالأيام تمرّ بي دون حدث يستحق التدوين، أما الكتابة والتأليف فيحتاجان إلى تغيير في رتابة الحياة، ذلك ما أسرّ به إليّ قلمي الذي يتحين الفرص لكتابة شيء جديد.
أما الآن، فالآلام التي حصلتُ عليها بُعَيد زيارتي طبيبة الأسنان قد أدهشتني؛ فقد ظننت أن إزالة عصب السن ستُذهب الألم إلى الأبد، وإذ به يزداد ويتفاقم، لا في موضع الضرس فحسب؛ بل في وجنتي وعيني وأذني.
هاتفتُ الطبيبة بشأنه، فقالت مُطَمْئِنة: هذا أمر طبيعي، قد يمتد الألم عشرة أيام!
عشرة أيام! يا للهول!
ونصحتني بتناول عقار مسكن للألم، فلم يؤد تناوله إلى فائدة بيّنة.
وفي المساء، شرح لي أخي تأثير «كبش القرنفل» السحري في تسكين الألم، فجربته، لكن دون جدوى.
وفي الليل، شربت دواءً عجيبًا كُتب عليه: مسكن فعّال للألم، يتكون من الباراسيتامول والكافيين، وزال الألم أخيرًا. وبعدها حاولت النوم لكن عبثًا؛ فلم يتسلل النوم إلى جفوني إلا فجرًا، وكان هذا القدر الضئيل من الكافيين كفيلًا بانتزاع أحلامي مني.
أما في الصباح، فقد استيقظت لأجد ضرسي يؤلمني بشدة لا ينفع في تهدئتها إلا أن أقطع رأسي وألقي به بعيدًا.
هرعت إلى المطبخ؛ فمن الضروري تناول شيء من الطعام قبل شرب الدواء، فوجدت موزةً تنتظرني فوق الثلاجة، ثم ألقيت قرصي الدواء في جوفي وتجرعت كوب الماء، وحصلت على السلام بعد دقائق.
يا الله! ما أروع الذين اخترعوا الدواء المسكّن!
وبدأت أستعد للخروج؛ ففي برنامجي لهذا اليوم رحلة علمية. لكن فجأة، ودون سابق إنذار، اشتعل ضرسي مرة أخرى، لقد كان عليَّ أن أتأكد إن كان مفعول الدواء يدوم ست ساعات أم ست دقائق فحسب!
وأخذت دموعي تهطل بغزارة، وقد جلست أكتب ذكرياتي ممسكةً برأسي النابض بالألم. وسارت الرحلة من دوني، وتركتني هنا متألمة. أما قلمي فكأنه يقول: مصائب قوم عند قوم فوائد. وهمس في أذني: أرأيتِ كيف لعزقة تالفة أن تعطل آلة؟
وأنا أقول لكم: آلام الأسنان... لا أذاقها الله لأحد منكم .