الحلم بكويت حديثة قصة نشأة البلدية

الحلم بكويت حديثة قصة نشأة البلدية

أتيح لي أخيرًا قراءة كتاب «الحلم بكويت حديثة... قصة نشأة بلدية الكويت قبل النفط 1940 - 1930»، الذي حرره ووثقه الكاتب بدر ناصر الحتيتة المطيري، بناء على رواية المرحوم محمد صقر المعوشرجي، الذي كان مديرًا عامًا للبلدية، ثم نائبًا لرئيس المجلس البلدي، وأخيرًا وزيرًا للأوقاف والشؤون الإسلامية. 
الكتاب يتعلق بتأسيس البلدية عام 1930، وما سبق ذلك من طرح للأفكار والمقترحات من عدد من رواد ذلك الزمان، وعلى رأسهم المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي. وقد تأثر الكثير من أولئك الرواد بما شاهدوه من تنظيم ونظافة في مدن عدة، أقربها البحرين وأبعدها المدن الهندية آنذاك.

 

أهم ما أشير إليه في هذا الصدد هو ما ورد في عدد أغسطس 1928 من مجلة الكويت، التي كان يصدرها المرحوم عبدالعزيز الرشيد، مؤرخ الكويت المعروف، حيث نشر مقالًا للمرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، ذكر فيه القناعي ما يلي:
«وقدّر الله أن سافرت إليها في هذا العام في أواخر سنة 1348 هجرية، (1928 تقريبًا)، وأنا في ريب من صحة ما كنت أسمعه من تلك الأخبار، فما وطئت قدماي فيها حتى رأيت الأمر أكبر مما قيل... رأيت جوًا صافيًا ونسيمًا ينعش الروح، بعد أن كان غازًا خانقًا، ورأيت أرضًا بيضاء حميدة لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، وقد وسعت طرقاتها وأسواقها وأزيل ما فيها من مخلفات، وغرست الأشجار في طرقها العادية وانقطعت أمراضها وأوبئتها التي كانت تعتادها من قبل سنويًا، فظهرت البحرين في ثوب قشيب من الجمال والنظافة. 
حمل هذا التغيير المدهش الذي لا يعرف أهميته وقيمته إلا من زار البحرين قبل رفع منار، والحال أن البلدية حديثة العهد لم يمض عليها إلا نحو سبع سنين، فإن دامت هذه الروح النشيطة سائرة على ذلك المنوال، فستكون البحرين عروس بلاد الخليج العربي ولا ريب، وستزداد اتساعًا من كثرة المهاجرين إليها، إذ حركتها التجارية اليوم قائمة بجلب الناس إليها، فكيف إذا انضم إلى ذلك صحة ورفاهية؟»
لا شك في أن هذا الانبهار والاندهاش من حسن التنظيم والنظافة في البحرين، والذي انتاب المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى دفعه للترويج لمقترح إقامة البلدية في الكويت وتأسيس مجلس بلدي منتخب.

أحوال صعبة
يسرد الكاتب الأوضاع في مدينة الكويت قبل تأسيس البلدية بشكل يثير الأسى... كانت المدينة من المدن الصغيرة في أواسط عشرينيات القرن الماضي، وكما يذكر الكتاب «يغلب على مظهرها البساطة والقناعة والبُعد عن التعقيد، ويلحظ في شكل مبانيها وطرقاتها انعدام التخطيط والتنظيم العمراني المسبق، لأن أكثر المساكن بنيت لتوافر أدنى متطلبات الحاجة لأهلها بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة في تلك الفترة وما سبقها... «ويشير الكاتب أيضًا إلى تدني دخل السكان... أما المباني، فقد كانت متشابهة، ويعتمد في بنائها على الطين والصخور التي تجلب من السواحل البحرية وتغطى سقوفها بالجندل والباسجيل والبواري.
ويذكر الكاتب أن شوارع المدينة، أي في نهاية عشرينيات القرن الماضي، كانت ترابية وضيقة ومتعرجة وملتوية، ويشير إلى أن طرقات «فريج سعود» وهو من أقدم أحياء الكويت في القبلة، اشتهرت بضيقها وتعرجها. فبعض الطرق في هذا الحي لا يزيد عرضها عن متر واحد تقريبًا».
لم تكن هناك مجاري للأمطار أو مجاري للصرف الصحي، ولم توجد بواليع لصرف المياه في البيوت، وكانت مياه الصرف تتسرب إلى الطرقات. كما أن المدينة لم تتمتع بالنظافة المناسبة، حيث انتشرت فيها الحفر من أجل التخلص من النفايات والحيوانات النافقة. هذا ناهيك بإلقاء الحيوانات النافقة في مياه البحر، مما يزيد من تلوث المياه. 
وقد اعتمد السكان على حرق النفايات، مما زاد من انبعاث الروائح الكريهة في الأحياء السكنية الضيقة ورفع نسبة التلوث في الهواء... وكما هو معلوم أن سكان المدينة كانوا يربّون البقر والماعز والخراف والدجاج في منازلهم، مما يزيد من النفايات البشرية والحيوانية... ولم تكن هناك أنظمة للنظافة تفرض على الناس كيفية التعامل مع النفايات والمخلفات، وكيفية التعامل مع الطرق والسكيك، فقد تركت الأمور للبشر لتحديد مسارات حياتهم ومن دون أي تنظيم أو نظام. 
وربما دفعت هذه الأوضاع غير السوية العديد من المتنورين، الذين سبق لهم السفر إلى بلدان عدة، مثل الهند أو البحرين أو البصرة، إلى الاهتمام بإقامة نظام بلدي يكفل حسن التنظيم ويحقق النظافة للبلاد والعباد.

الأحوال المعيشية
من أهم ما ورد في الكتاب تلك التفاصيل المتعلقة بالأحوال المعيشية في البلاد. ويشير الكاتب إلى تلك الأوضاع بما يلي: «كانت الفترة الزمنية التي سبقت نشأة البلدية وتليها - أي طوال الأعوام من 1922 وحتى 1936 - عصيبة اقتصاديًا على الكويت ومنطقة الخليج والجزيرة العربية. وكانت فرص العمل الرئيسية المتوافرة وقتها في الكويت لا تتعدى الغوص على اللؤلؤ. وقد انهارت مهنة الغوص (بدءًا من عام 1926)، وتسبب توافر اللؤلؤ الياباني المزروع في القضاء عليها. كما أن تجارة السفر (الترانزيت) قد تأثرت سلبًا بظهور السيارات، وكادت تنتهي، وكذلك بسبب منع المسابلة مع نجد منذ عام 1922، لذلك فإن العمل في سفن السفر الكبيرة غير متوافر، وأعمال البناء قد توقفت بسبب الكساد الاقتصادي». 
إذًا تلك فترة معيشية مؤلمة وصعبة للكويتيين وانتشر فيها العوز والفاقة والأمراض. لكن الكويت يمكن أن توصف بأنها ولّادة، حيث إنها قد أقامت بجهود رجالها من الميسورين في عام 1911 المدرسة المباركية، بما رفع من أعداد المتعلمين، والذين كان يُطلق عليهم وصف المتنورين... هؤلاء، وقد قام عدد منهم بالسفر إلى الهند والبحرين والبصرة ومدن أخرى، قد تكون أبعد، تمكنوا من إثارة الاهتمام بتطوير الحياة فـي «الديرة»، وكان من تلك المسائل إقامة البلدية وانتخاب المجلس البلدي، الذي تحقق في عام 1930.
كان عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي امتد من عام 1921 وحتى عام 1950 من العهود المفصلية في تاريخ الكويت، حيث تم التعاقد مع شركة BP وGulf Oil للتنقيب عن النفط في الكويت، كما جرت محاولات لتنظيم الحياة السياسية، حيث تم انتخاب مجلس الشورى في عام 1921، ثم المجلس التشريعي في عام 1938، وأُسست البلدية في عام 1930، وأُسس مجلس المعارف في عام 1936.

تأسيس البلدية
أسست البلدية بعد موافقة الأمير، الشيخ أحمد الجابر، على قيامها، واجتمع ما لا يقل عن خمسين شخصية من المواطنين في المدرسة المباركية يوم 9 أبريل 1930، وجرى انتخاب 12 عضوًا للمجلس البلدي. وتشكل مجلس من السادة «يوسف بن عيسى القناعي، ومشعان الخضير الخالد، وسليمان العدساني، وسيد علي السيد سليمان، ومحمد أحمد الغانم، ونصف بن يوسف النصف، وأحمد الفهد الخالد، وعبدالرحمن البحر، وخليفة بن شاهين الغانم، ومشاري حسن البدر، وأحمد محمد حسين معرفي، ويوسف صالح الحميضي»، وتم تعيين الشيخ عبدالله الجابر - يرحمه الله - رئيسًا بموجب المادة 2 من قانون البلدية التي نصت على «الرئيس يكون من آل الصباح، وانتخابه من قبل الحاكم».
وقام المجلس البلدي الأول أيضًا بانتخاب المرحوم سليمان خالد العدساني مديرًا للبلدية، والسيد يوسف عبدالوهاب العدساني كاتبًا، وهو يمثل المحاسب وأمين الصندوق وأمين سر المجلس البلدي.
ويشير الكتاب إلى أن مقر المجلس البلدي كان في غرفة صغيرة بسوق التجار. ولم يزد عدد العاملين فيه، آنذاك، على ثلاثة محصلين وأربعة مراقبين، وعدد قليل من العمال للقيام بأعمال النظافة والصيانة. ومن هؤلاء الرواد من الموظفين، نذكر جاسم حمد السميط، وسليمان العبدالجليل، وعبدالله العتيقي - يرحمهم الله». 
بطبيعة الحال أن عمل أي مؤسسة يعتمد بدرجة كبيرة على إمكاناتها المالية، وعندما أسست البلدية في الكويت تقرر أن يكون تمويلها معتمدًا على رسم جمركي على البضائع كأحد المصادر الثابتة لميزانيتها. وحدد ذلك الرسم بنسبة 0.5 في المئة (نصف الواحد في المئة)، وهو كما يتضح رسم متواضع واتفق، برغبة من الأمير، أن يتم ذلك بمعرفة مدير الجمارك، الذي أوكل له توريد قائمة يومية بتلك الرسوم المتحصلة لمصلحة البلدية، ثم دفعها في نهاية كل شهر.

تنبيهات مهمة
استهلت البلدية إعلاناتها بالتنبيه على السكان بوضع القمامة في «أبياب» أو علب كبيرة تضعها البلدية. وكذلك الحال بالنسبة للتعامل مع جيف الحيوانات النافقة، إضافة إلى عدم وضع الصخر والطين مدة طويلة في الشوارع بعد انتهاء فترة البناء. كما نبّه الإعلان إلى أهمية عدم تسريب المياه القذرة إلى الطرق.
وهناك تنبيهات مهمة في ذلك الإعلان تتعلق ببيع اللحم والسمك والخضار المتعفنة وعدم بيعها، كذلك تحديد سرعة السيارات، بالرغم من محدودية أعدادها آنذاك. أهم من ذلك تحديد حمولة الدواب، الحصان والحمار تحديدًا، بما يدل على قيم متحضرة. أي أن ذلك الإعلان أراد واضعوه إحداث نقلة نوعية في طبيعة الحياة بمدينة الكويت، بشكل ثوري.
أثار المجلس البلدي الأول في شهر ديسمبر من عام 1931 أهمية التصدي لظاهرة الفقر في البلاد... وعمل المجلس على تنظيم حملة لجمع التبرعات من الداخل والخارج لمساعدة الكويتيين الفقراء... رصدت البلدية من ميزانيتها مبلغًا قدره 1.000 روبية، وتمكنت من جمع 6.000 روبية من المحسنين، بما رفع المبلغ إلى 7.000... لكن تبين للمجلس محدودية المبلغ مقابل عدد كبير من الفقراء، بما دفع إلى تبني البلدية قرارًا برصد 1.000 روبية سنويًا من حسابها للفقراء، والاستمرار بدعوة الأثرياء في الداخل والخارج لتقديم التبرعات لصندوق الفقراء. وبعد التداول في كيفية توزيع هذه الأموال المحدودة على الفقراء، ثم التشاور مع أمير البلاد المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، تقرر جمع المزيد من الأموال، ثم إيجاد صيدلية وطبيب وصيدلي، تمهيدًا لتأسيس مستشفى... ويدل ذلك على الاهتمام البالغ بصحة المواطنين بعد انتشار الأمراض والأوبئة، ومنها وباء الجدري الذي قضى على العديد من الأطفال في تلك الفترة.

الاهتمام بالصحة
كان الاهتمام بالصحة طاغيًا لدى المجلس البلدي، وفي وقت نمرّ بجائحة كورونا، عند استعراض الكتاب، تبين لنا من الكتاب كيف أن الكويت مرت بتجربة مريرة مع داء الجدري الذي حصد الأرواح وشوّه الوجوه والأجساد وأصاب البعض بالعمى. يبين الكتاب أن مرض الجدري «انتشر في الكويت خلال الفترة من 15 يوليو وحتى نهاية ديسمبر 1932، وقد قدّرت الوفيات بسببه حوالي 3.000 شخص». وذلك كما يؤكد التقرير السنوي للوكيل السياسي البريطاني في الكويت عن عام 1932... وقد أصدر المجلس البلدي إعلانه رقم 27، وأكد للسكان أن التطعيم، أو التيتين، هو العلاج الوحيد من أجل حماية الأطفال، وإن ذلك سوف ينجح مع 95 في المئة من المطعمين.
كما أن الإعلان يؤكد أن البلدية قررت أن تجلب دواء جديدًا من البصرة، وحددت مركزًا للطبيبة التي ستقوم بعمليات التطعيم فيما كان يطلق عليه «المسافر خانة»، أو النزل أو الفندق الصغير آنذاك. 
ويذكر الكاتب أن البلدية تمكنت من جلب الدواء من البصرة، حيث قدم المرحوم السيد حامد النقيب المساعدة اللازمة في توفير الدواء. وقد أرسل مدير البلدية كتاب شكر للنقيب، مما يدل على أهمية التواصل بين الكويتيين وأقاربهم في البصرة من أجل دعم جهود ومكافحة ذلك الوباء. لا شك في أن هناك عددًا من الكويتيين الذين نال منهم الجدري، وعانوا فقدان الأحبة، الإخوة والأخوات، وربما غيرهم، وهم يتذكرون المآسي التي مرت بها البلاد في تلك الفترة العصيبة، حيث لا تتوافر إمكانات وقائية وعلاجية، ما عدا ما وفرته الإرسالية الأمريكية في المستشفى الأمريكاني.

سلطة تنفيذية مقتدرة
يتبين من الكتاب الدور المهم للمجلس البلدي في تلك الفترة، حيث كان بمنزلة سلطة تنفيذية مقتدرة... جاء في محضر الجلسة الرابعة والعشرين لمجلس البلدية، المنعقدة بتاريخ الأول من فبراير عام 1936 ما يلي:
«عرض العضو محمد الأحمد الغانم موضوع المعارف والحاجة الماسة لها، وبعد المداولة في الموضوع اتفق المجلس على أن يضع رسمًا على الأموال الواردة إلى الكمرك (الجمرك) بالمئة نصف روبية، ويوضع في صندوق البلدية وتصرف على المعارف. وقد عهد إلى الرئيس المفاوضة مع سعادة الشيخ أحمد الجابر في هذا الشأن».
وقد وافق المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، أمير البلاد، على ذلك الاقتراح، واعتمد كآلية لتمويل مجلس المعارف الذي جرى انتخاب لجنة المعارف، حيث تقرر أن أعضاء المجلس البلدية هم لجنة المعارف، وأن الشيخ يوسف بن عيسى القناعي مدير لتلك اللجنة. 
وتؤكد هذه الخطوة الأهمية التي أولاها الكويتيون لمسألة التعليم وضرورة توفير التنظيم المناسب والإدارة الحكيمة، وكذلك التمويل اللازم، وهكذا انطلقت مسيرة التعليم النظامي في البلاد بمعرفة المجلس البلدي المنتخب... كما يدل ذلك التطور التفاهم الملائم بين أمير البلاد وأعضاء البلدية على تطوير النظام التعليمي.
لم يقتصر دور البلدية على السعي لإنشاء مجلس المعارف، فقد عمل المجلس البلدي على تنظيم أنشطة أساسية في البلاد، فمثلًا أُسست شركة للنقل والتنزيـل عــام 1934 تحت اسم «حمالباشي»، حيث حصلت الشركة على امتياز احتكاري للقيام بالتفريغ والمناولة في الميناء.

شكاوى من الاحتكار
تزامن الترخيص للشركة المذكورة مع توقيع الكويت امتياز حق التنقيب عن النفط لشركة نفط الكويت، التي أسست شراكة بين شركتي BP البريطانية وشركة Gulf Oil الأمريكية.
وكما هو معلوم أن شركة نفط الكويت عملت على جلب معداتها الخاصة بالتنقيب والاستخراج من الخارج، مما مكّن شركة «حمالباشي» من العمل على تفريغ السفن الموردة وتحميل المعدات في وسائط النقل البرية، ونقلها إلى مواقع شركة نفط الكويت.
لكن الأمور لم تسر بما يمكن الشركة من احتكار هذه الأنشطة، وبالرغم من تأكيد المجلس البلدي للشركة أهمية توظيف الكويتيين في أعمالها، فقد راجت شكاوى في البلاد بشأن الاحتكار، وعندما شكّل المجلس التشريعي في منتصف عام 1938 أصدر سلسلة من القرارات، أهمها إلغاء امتياز شركة النقل والتنزيل (حمالباشي)، وتم تأميمها في وقت لاحق من ذلك العام.
ويتضح من التطورات أن البلاد أخذت تؤكد أهمية تنظيم الأعمال، بما يحقق توظيفًا للمواطنين، وإتاحة المجال للمنافسة من قبل أصحاب الأعمال الآخرين. وتؤكد هذه القرارات الحرص على مصالح المواطنين ومنع التمصلح من خلال الاحتكار، أو رفع أسعار السلع الأساسية. كذلك هناك إعلانات بشأن الهجرة غير الشرعية ومنع الصيادين الأجانب من مزاولة صيد السمك في المياه الكويتية.
يبين الكتاب تشكيل مجلس المعارف في 16 أكتوبر 1936 بالانتخاب، حيث فاز كل من يوسف بن عيسى القناعي، وأحمد خالد المشاري، وعبدالله حمد الصقر، ومشاري الحسن البدر، وسلطان إبراهيم الكليب، ونصف يوسف النصف، ومحمد أحمد الغانم، وسليمان خالد العدساني، ويوسف عبدالوهاب العدساني، والسيد علي السيد سليمان، ومشعان الخضير الخالد، ويوسف صالح الحميضي. لكن ذلك لم يستمر طويلًا، بعد أن قام أمير البلاد بحلّ مجلس المعارف بقرار صدر بتاريخ 8 يونيو 1937. ولذلك قرر عدد من أعضاء المجلس البلدي الاستقالة احتجاجًا على حلّ مجلس المعارف. ويؤكد هذا الأمر أن المجلس البلدي مر توترات محدودة منذ قيامه في عام 1930.

مسيرة مهمة
لا شك في أن أحداث المجلس التشريعي في عام 1938، أيضًا، أحدثت مشكلات لمسيرة المجلس البلدي إلى درجة ما، حيث إن عددًا من أعضاء المجلس البلدي أصبحوا أعضاء في المجلس التشريعي الذي جرى حلّه في عام 1939. ويمكن الزعم بأن مسيرة المجلس البلدي تظل ذات أهمية في مسيرة التطور السياسي والإداري في الكويت، وهي تؤكد أهمية دور المجتمع المدني بتعزيز التحولات الموضوعية والنوعية في الحياة السياسية والاجتماعية.
يظل الكتاب مهمًا للباحثين في الشأن الكويتي، ويعد نموذجًا للدراسة المتأنية والوثائقية، حيث يحوي الإعلانات التي صدرت عن البلدية أو المجلس البلدي، ويحوي كذلك ملاحق تشمل مقالات في مجلة الكويت، التي كان يصدرها المرحوم عبدالعزيز الرشيد، وكذلك قانون البلدية الصادر في عام 1930. 
يضاف إلى ذلك هناك قانون إدارة المعارف ومحاضر جلسات المجلس البلدي والمراسلات وصور من الكويت القديمة. ولا شك في أن الكتاب يستحق القراءة من أجيالنا الجديدة للتعرف إلى دور الرواد الذين أرسوا قواعد الحياة المدنية في البلاد وعززوا التحولات نحو الديمقراطية ■