رسائل منقوشة لمعتقدات ودلالات منخرطة من ثنايا التاريخ الملابس الشعبية في دلتا مصر

 رسائل منقوشة لمعتقدات ودلالات منخرطة من ثنايا التاريخ الملابس الشعبية في دلتا مصر

الملابس الشعبية في كل بقاع الأرض على مر الزمان منارة للتراث والتاريخ وحضارات الشعوب، تحمل في طياتها انعكاسًا للمفاهيم والمعارف والمعتقدات وكذلك طرائق الحياة وطبيعة البيئة، تستوعب في داخلها جميع المؤثرات الخارجية القديمة والحديثة، وتُعد استجابة لطقوس الناس وعاداتهم التي نشأوا عليها، وتبوح في حالات كثيرة عن تفاصيل دقيقة لما تخفيه من معان ورموز. كما تحمل الكثير من الرسائل ثنائية التجلي والتخفي لتنقل المكانة أو البركة إلى مَنْ يلبسها، فتتراكب العناصر وتتحد من مكان إلى مكان آخر، وبين فاعل ومفعول به، وترسم مع التاريخ ملامح وتوثقها، كما تتضمن بين معانيها حيوية الطبيعة وتخفي أسرارها.

 

لا‭ ‬تقف‭ ‬الثياب‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬ستر‭ ‬الجسم‭ ‬أو‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬البرد‭ ‬والحر،‭ ‬بل‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬غسيل‭ ‬الثياب‭ ‬أو‭ ‬تفصيلها‭ ‬أو‭ ‬لونها‭ ‬وزخارفها‭ ‬وتطريزها،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬له‭ ‬معان‭ ‬وأسرار‭ ‬كثيرة‭ ‬عند‭ ‬المجتمع‭ ‬الشعبي‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الجماعة‭ ‬الواحدة‭.‬

 

أوجه‭ ‬الشبه‭ ‬بين‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬

تخص‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬القرويين‭ ‬أو‭ ‬سكان‭ ‬الريف‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬فتتوارث‭ ‬داخل‭ ‬جماعة‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الشعبية‭ ‬وتنسب‭ ‬إليها،‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مصمم‭ ‬فهي‭ ‬تبتدعها‭ ‬بذوقها‭ ‬الفطري‭ ‬الخاص،‭ ‬لتعكس‭ ‬أنماط‭ ‬الحياة‭ ‬وتطوّرها‭ ‬وتكشف‭ ‬روح‭ ‬العصر،‭ ‬وعموم‭ ‬الحياة‭ ‬المادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والفكرية‭ ‬وملامح‭ ‬الحياة‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬وذوق‭ ‬الشعوب‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭.‬

‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬المصرية‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬هيئتها‭ ‬وبنائها‭ ‬باختلاف‭ ‬الأماكن‭ ‬تبعًا‭ ‬للعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والمعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬فإن‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬فمهما‭ ‬اختلفت‭ ‬الأجناس‭ ‬والأقطار‭ ‬واللغات‭ ‬فهناك‭ ‬ظاهرة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬مظاهر‭ ‬هذا‭ ‬الذوق‭ ‬الفطري‭ ‬للشعوب‭ ‬كلها،‭ ‬كأن‭ ‬الثياب‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬تتحدث‭ ‬اللغة‭ ‬نفسها‭.‬

‭ ‬يمتاز‭ ‬الزي‭ ‬الشعبي‭ ‬بالطابع‭ ‬الزخرفي‭ ‬ويحوي‭ ‬التركيب‭ ‬البنائي‭ ‬له‭ ‬أبجدية‭ ‬ذات‭ ‬معان‭ ‬نفعية‭ ‬وعقائدية،‭ ‬ويكشف‭ ‬عن‭ ‬مكنونات‭ ‬ومدلولات‭ ‬دنيوية،‭ ‬فالوحدات‭ ‬الهندسية‭ ‬والنباتية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬التطريز‭ ‬والنقوش‭ ‬والحليات‭ ‬والدلايات،‭ ‬وعناصر‭ ‬التكوين‭ ‬البنائي‭ ‬في‭ ‬الكرانيش‭ ‬والكسرات‭ ‬المتعددة‭ ‬وخاصةً‭ ‬عند‭ ‬نهاية‭ ‬الزي،‭ ‬والأكمام‭ ‬الطويلة‭ ‬وفتحة‭ ‬العنق‭ ‬والألوان‭ ‬الزاهية،‭ ‬تتشابه‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭. ‬فأصل‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬واحد‭ ‬واختلف‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬حسب‭ ‬احتياجات‭ ‬وتقاليد‭ ‬الشعوب‭. ‬وتعطي‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭  ‬طابعًا‭ ‬معينًا‭ ‬لمرتديها،‭ ‬وتكون‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬نوعه‭ ‬ذكرًا‭ ‬أم‭ ‬أنثى،‭ ‬وعمره‭ ‬ومكانته،‭ ‬وبيئته‭ ‬الثقافية،‭ ‬والمناسبة‭ ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬فيها،‭ ‬حيث‭ ‬تختلف‭ ‬ثياب‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الكَفر‭ ‬والمركز‭ ‬الذي‭ ‬تتبعه‭ ‬داخل‭ ‬المحافظة‭ ‬الواحدة،‭ ‬ولكل‭ ‬منهما‭ ‬طابع‭ ‬خاص،‭ ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬الخامات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬تبعًا‭ ‬للحالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

ولهذا‭ ‬تمثل‭ ‬القرى‭ ‬المصرية‭ ‬متحفًا‭ ‬مفتوحًا‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬الملابس‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬نرى‭ ‬فيها‭ ‬آثارًا‭ ‬لأثواب‭ ‬كان‭ ‬بعضها‭ ‬شفافًا‭ ‬وفي‭ ‬رقة‭ ‬النسيج،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬غليظ‭ ‬محدد‭ ‬في‭ ‬نسبه،‭ ‬والفضفاض‭ ‬الذي‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬الإسراف‭ ‬والبذخ،‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬آثاراً‭ ‬للثياب‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬الخشونة‭ ‬والجرأة‭ ‬والوحشية،‭ ‬وهذه‭ ‬الطباع‭ ‬العامة‭ ‬تتركها‭ ‬لنا‭ ‬كل‭ ‬حضارة‭. ‬فالمجتمع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عصر‭ ‬بخصوص‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬أشبه‭ ‬بممثلي‭ ‬المسرح‭ ‬حين‭ ‬تضطرهم‭ ‬مشاهد‭ ‬التمثيلية‭ ‬إلى‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬ثوب‭ ‬الشيخوخة‭ ‬حينًا‭ ‬والظهور‭ ‬في‭ ‬ثوب‭ ‬الشباب‭ ‬حينًا‭ ‬آخر،‭ ‬والعمر‭ ‬الذي‭ ‬يتحدد‭ ‬لكل‭ ‬مجتمع‭ ‬أو‭ ‬حضارة‭ ‬هو‭ ‬الزي‭ ‬الرسمي‭ ‬لها‭. ‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الزي‭ ‬الشعبي‭ ‬والذوق‭ ‬العام‭ ‬يتبعان‭ ‬كل‭ ‬تغير‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬سياسي،‭ ‬فالتغيرات‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬لأخرى‭ ‬ومن‭ ‬عقيدة‭ ‬لعقيدة‭ ‬جديدة‭ ‬إنما‭ ‬تشبه‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬تحدثها‭ ‬الطبيعة‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الفصول‭ ‬كالشتاء‭ ‬مثلًا‭ ‬إلى‭ ‬الربيع‭.‬

 

  ‬الأثر‭ ‬البيئي‭ ‬على‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الدلتا‭ ‬

تميزت‭ ‬البيئة‭ ‬المصرية‭ ‬باتصالها‭ ‬بغيرها‭ ‬من‭ ‬البيئات،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬ثقافتها‭ ‬على‭ ‬الأخذ‭ ‬والعطاء،‭ ‬موفقة‭ ‬بين‭ ‬القديم‭ ‬والجديد،‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬الرؤية‭ ‬العامة‭ ‬للقرى‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الملابس‭ ‬بين‭ ‬الموروث‭ ‬القديم‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وبين‭ ‬الحداثة‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطور‭ ‬والتغير‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.  ‬وتؤثر‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬شخصية‭ ‬الفرد‭ ‬بما‭ ‬تحتوي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬ومناخ‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬إحساس‭ ‬الفنان‭ ‬الصانع‭ ‬والإنسان‭ ‬المستخدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ميولهم‭ ‬ورغباتهم،‭ ‬حيث‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬مواءمة‭ ‬أنفسهم‭ ‬مع‭ ‬بيئتهم‭ ‬للتكيف‭ ‬معها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬للبيئة‭  ‬تأثيراً‭ ‬كبيراً‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الزراعية‭ ‬مثلًا‭ ‬عن‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬أو‭ ‬الجبال،‭ ‬فيختلف‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬وخصائصه‭ ‬الاجتماعية‭ ‬واحتياجاته‭.‬

‭ ‬في‭ ‬البدء‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬النيل‭ ‬نبتت‭ ‬محافظات‭ ‬وقرى‭ ‬ظليلة‭ ‬وارفة،‭ ‬احتضنت‭ ‬أنامل‭ ‬رقيقة‭ ‬مبدعة‭ ‬تغذيها‭ ‬من‭ ‬جمال‭ ‬الطبيعة،‭ ‬ولما‭ ‬عاشت‭ ‬المرأة‭ ‬الريفية‭ ‬في‭ ‬ظلال‭ ‬النيل‭ ‬والنبات‭ ‬والطيور‭ ‬امتلأ‭ ‬بها‭ ‬السمع‭ ‬والبصر،‭ ‬فأبدعت‭ ‬فنًا‭ ‬رفيعًا‭ ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬شعارًا‭ ‬لها‭ ‬ترتديه‭ ‬وتتحلى‭ ‬به،‭ ‬تتألق‭ ‬به‭ ‬وتحتمي‭ ‬منه‭ ‬وبه‭. ‬فلخصت‭ ‬الأشكال‭ ‬المحيطة‭ ‬بها،‭ ‬وعبرت‭ ‬عنها‭ ‬برموز‭ ‬وتفاصيل‭ ‬تحمل‭ ‬معاني‭ ‬معينة‭.‬

‭ ‬فاستخدمت‭ ‬تعدد‭ ‬الطبقات‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬المدرجة‭ ‬واستلهمت‭ ‬منها‭ ‬الزخارف‭ ‬وتأثرت‭ ‬بنهر‭ ‬النيل‭ ‬الذي‭ ‬يجول‭ ‬ليرويها‭ ‬ويمنح‭ ‬زيها‭ ‬الشعبي‭ ‬الحيوية‭ ‬والحركة‭ ‬والحياة‭ ‬ويحصنها‭ ‬ببركته‭ ‬وخيره،‭ ‬واستلهمت‭ ‬منه‭ ‬الكشكشة‭ ‬في‭ ‬التركيب‭ ‬البنائي‭ ‬للزي‭ ‬والزخارف‭ ‬والزجزاج‭. ‬ليبدو‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬الثياب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬معانٍ‭ ‬أنه‭ ‬خِلعة‭ ‬برسم‭ ‬أحد‭ ‬الأولياء‭ ‬أو‭ ‬الأشراف،‭ ‬وأن‭ ‬لابسته‭ ‬حسنة‭ ‬محصنة‭ ‬ومحفظة‭. ‬وليميزها‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬الوجه‭ ‬القبلي‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المترامية‭ ‬الشاسعة‭.‬

وراحت‭ ‬البيئة‭ ‬تعلمها‭ ‬وتلقنها‭ ‬تراكيب‭ ‬الأشكال‭ ‬والألوان‭ ‬في‭ ‬الثياب‭ ‬والإكسسوار،‭ ‬وأخذت‭ ‬بنت‭ ‬النيل‭ ‬تتعلم‭ ‬وتفرز‭ ‬ما‭ ‬تعلمته‭ ‬وأضافت‭ ‬إليه‭ ‬ما‭ ‬توارثته‭ ‬من‭ ‬الثقافات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬لتخلق‭ ‬مزيجًا‭ ‬رائعًا‭ ‬من‭ ‬تراث‭ ‬الأجداد‭ ‬وجمال‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وما‭ ‬تكنه‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬المخزون‭ ‬الصادق‭. ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬تتضمن‭ ‬أشكالًا‭ ‬تعبيرية‭ ‬من‭ ‬البيئة‭ ‬تتفاعل‭ ‬مع‭ ‬حاجة‭ ‬المجتمع‭ ‬وتعبر‭ ‬عن‭ ‬خواصه‭ ‬النفسية،‭ ‬فهي‭ ‬إنتاج‭ ‬متميز‭ ‬بشعبية‭ ‬وأصالة‭ ‬وخبرة‭ ‬حرفية‭ ‬وأنماط‭ ‬جمالية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دلالتها‭ ‬الثقافية‭.‬

 

ملابس‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬

تعتبر‭ ‬القرى‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬بمصر‭ ‬نموذجاً‭ ‬لمجتمع‭ ‬له‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وتتميز‭ ‬ملابس‭ ‬النساء‭ ‬بمحافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬بأنها‭ ‬أكثر‭ ‬الثياب‭ ‬شهرة‭ ‬بمنطقة‭ ‬الوجه‭ ‬البحري،‭ ‬نظرًا‭ ‬لموقع‭ ‬القليوبية‭ ‬وتاريخها‭ ‬العريق،‭ ‬فالموقع‭ ‬المتميز‭ ‬والمناخ‭ ‬المعتدل‭ ‬والأرض‭ ‬الخصبة‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬بين‭ ‬قرى‭ ‬وكفور‭ ‬القليوبية‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬المعيشة‭ ‬وتحكمت‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬يرتدونها‭. ‬وكان‭ ‬للحضارات‭ ‬والديانات‭ ‬في‭ ‬الأزمنة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬محافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬ملامح‭ ‬التراث،‭ ‬فلا‭ ‬نكاد‭ ‬نفحص‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬تلبسها‭ ‬القرويات‭ ‬حاليًا‭ ‬حتى‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬جزءًا‭ ‬منها‭ ‬يشبه‭ ‬جزءًا‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الثياب‭ ‬التقليدية‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬وشكلت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬الزي‭ ‬وتفاصيل‭ ‬زخارفهم‭ ‬المطرزة‭ ‬والمضافة،‭ ‬وهكذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستكشف‭ ‬ارتباط‭ ‬هذه‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية‭ ‬بأنواع‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬الأزمنة‭ ‬القديمة‭. ‬ويعتقد‭ ‬أهل‭ ‬القليوبية‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬الحسد‭ ‬ويعملون‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعهم‭ ‬لتحصين‭ ‬أنفسهم‭ ‬بالتعاويذ‭ ‬والأحجبة،‭ ‬لذا‭ ‬خصصوا‭ ‬لها‭ ‬أماكن‭ ‬في‭ ‬ملابسهم،‭ ‬وتحلوا‭ ‬بها،‭ ‬وبالغوا‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬زخرفة‭ ‬وتطريز‭ ‬الملابس‭ ‬بالرموز،‭ ‬التي‭ ‬يضمنون‭ ‬بها‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬عين‭ ‬الحسود‭ ‬وبعثرة‭ ‬الروح‭ ‬الشريرة‭. ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يتفاءلون‭ ‬ببعض‭ ‬الرموز‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬لهم‭ ‬الحظ‭ ‬بأعدادها‭ ‬وأشكالها‭ ‬وأماكنها‭.‬

ويتكون‭ ‬التركيب‭ ‬البنائي‭ ‬لزي‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬من‭ ‬أبجدية‭ ‬الثياب‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬فالباحث‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬تصميم‭ ‬قديم‭ ‬جدًا‭ ‬نقلت‭ ‬إليه‭ ‬بنت‭ ‬النيل‭ ‬التطور،‭ ‬وظلت‭ ‬محتفظة‭ ‬بهيكله‭ ‬البنائي‭ ‬وبالتفاصيل‭ ‬والشارات‭ ‬والرموز‭ ‬نفسها،‭ ‬وزاد‭ ‬عليه‭ ‬الاتساع‭ ‬والاحتشام‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬العناصر،‭ ‬وكأنها‭ ‬فهمت‭ ‬الدلالات‭ ‬نفسها‭ ‬والمعاني‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الإنسان‭ ‬الأول،‭ ‬فحرصت‭ ‬على‭ ‬بقائها‭ ‬حية‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭.‬

 

تكوين‭ ‬ثابت

وزي‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬بنائي‭ ‬ثابت‭ ‬وعناصر‭ ‬مختلفة‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬لقرية‭ ‬أخرى‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬كفر‭ ‬لآخر،‭ ‬حيث‭ ‬تفرق‭ ‬الثياب‭ ‬بين‭ ‬أهالي‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭. ‬يبدأ‭ ‬الزي‭ ‬بفتحة‭ ‬عنق‭ ‬مستديرة‭ ‬ضيقة‭ ‬أو‭ ‬ذات‭ ‬شكل‭ ‬هندسي،‭ ‬فتكون‭ ‬أحيانًا‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬نصف‭ ‬سداسي‭ ‬مكونة‭ ‬رأس‭ ‬مثلث‭ ‬في‭ ‬المنتصف‭ ‬تجاه‭ ‬الصدر‭ ‬واسعة‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬ويتسم‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬باستخدام‭ ‬‮«‬السفرة‮»‬‭ ‬المربعة‭ ‬ذات‭ ‬الأصول‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬السفرة‭ ‬المستديرة،‭ ‬بانحناء‭ ‬خفيف‭ ‬أعلى‭ ‬الصدر‭ ‬أو‭ ‬بدون‭ ‬انحناء،‭ ‬ويختلف‭ ‬شكل‭ ‬السفرة‭ ‬الأمامية‭ ‬عن‭ ‬الخلفية‭ ‬في‭ ‬الزي‭ ‬الواحد،‭ ‬كما‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬لأخرى،‭ ‬وتُحلى‭ ‬بالتطريز‭ ‬بالخيط‭ ‬أو‭ ‬الأزرار‭ ‬والشرائط‭ ‬الملونة،‭ ‬أو‭ ‬بالقصات‭ ‬أو‭ ‬الكسرات‭ ‬والخياطات‭. ‬ويتشعب‭ ‬من‭ ‬السفرة‭ ‬كشكشة‭ ‬أسفل‭ ‬الثديين‭ ‬تكسو‭ ‬منطقة‭ ‬الصدر‭ ‬بطول‭ ‬الثوب،‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬انسيابية‭ ‬المياه‭. ‬ويظهر‭ ‬الغرض‭ ‬الوظيفي‭ ‬بجانب‭ ‬الغرض‭ ‬الجمالي‭ ‬واضحًا‭ ‬حين‭ ‬صمم‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭ ‬زي‭ ‬النساء‭ ‬بحمالات‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬الصدر‭  ‬تخفي‭ ‬جزءًا‭ ‬قليلًا‭ ‬من‭ ‬الصدر،‭ ‬لتتمكن‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬إرضاع‭ ‬طفلها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬استبدلته‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬ريف‭ ‬الدلتا‭ ‬اليوم‭ ‬بشق‭ ‬الرضاعة‭ ‬في‭ ‬الثياب‭ ‬والموجود‭ ‬بجوار‭ ‬الجيب‭ (‬السيالة‭) ‬أعلى‭ ‬الصدر‭ ‬مباشرةً،‭ ‬والذي‭ ‬يظهر‭ ‬من‭ ‬تحته‭ ‬قماش‭ ‬ذو‭ ‬زخارف‭ ‬براقة‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬الناحية‭ ‬الجمالية‭.‬

وفي‭ ‬منطقة‭ ‬الركبة‭ ‬عادةً‭ ‬أو‭ ‬أسفل‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الثوب‭ ‬يركب‭ ‬كورنيش‭ ‬يختلف‭ ‬طوله‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬داخل‭ ‬المحافظة‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قديمًا،‭ ‬ويصل‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬الساقين‭ ‬تقريبًا‭. ‬ويحلي‭ ‬الثوب‭ ‬أعلى‭ ‬كورنيش‭ ‬الذيل‭ ‬في‭ ‬الأمام‭ ‬وبالخلف‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكسرات‭ ‬الرفيعة‭ ‬والعرضية،‭ ‬تتقارب‭ ‬في‭ ‬شكلها‭ ‬مع‭ ‬شكل‭ ‬صفوف‭ ‬النبات‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬الأرض،‭ ‬تنحصر‭ ‬الكسرات‭ ‬الرفيعة‭ ‬أمام‭ ‬الثوب‭ ‬فقط‭ ‬وتكون‭ ‬دائمًا‭ ‬عددا‭ ‬فرديا‭ ‬بغرض‭ ‬جمالي‭ ‬وزخرفي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تخفي‭ ‬بعض‭ ‬الدلالات‭ ‬والمعتقدات‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬الكسرات‭ ‬العريضة‭ ‬فتكون‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬أو‭ ‬أسفل‭ ‬الكسرات‭ ‬الرفيعة‭ ‬وتمتد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأمام‭ ‬والخلف‭ ‬وتستخدم‭ ‬بغرض‭ ‬وظيفي‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬جمالي،‭ ‬حيث‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬إضفاء‭ ‬بعض‭ ‬الطول‭ ‬على‭ ‬الثوب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬قِصَره‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مجموع‭ ‬الكسرات‭ ‬جميعها‭ ‬عددا‭ ‬فرديا،‭ ‬مثل‭ ‬ثلاث،‭ ‬خمس،‭ ‬سبع‭ ‬كسرات،‭ ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬أعداد‭ ‬لها‭ ‬دلالات‭ ‬سحرية،‭ ‬يتخذها‭ ‬العامة‭ ‬وسيلة‭ ‬وقائية،‭ ‬أو‭ ‬لجلب‭ ‬غرض‭ ‬معين،‭ ‬فالعدد‭ ‬خمسة‭ ‬مثلًا‭ ‬يقي‭ ‬من‭ ‬العين‭ ‬ويبعد‭ ‬الحسد‭ ‬في‭ ‬قولهم‭ (‬الخمسة‭ ‬والخميسة‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬العدو‭)‬،‭ ‬والرقم‭ ‬سبعة‭ ‬مرتبط‭ ‬في‭ ‬العقائد‭ ‬الشعبية‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الديانات‭ ‬القديمة‭ (‬بالفأل‭ ‬الحسن‭ ‬والخير‭). ‬كل‭ ‬زي‭ ‬شعبي‭ ‬ينتمي‭ ‬لمنطقة‭ ‬معينة‭ ‬له‭ ‬عدد‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬الكسرات‭ ‬يفصل‭ ‬ويميز‭ ‬شكل‭ ‬الثوب‭ ‬بين‭ ‬منطقة‭ ‬وأخرى‭.‬

أما‭ ‬الأكمام‭ ‬فهي‭ ‬طويلة‭ ‬منتفخة‭ ‬في‭ ‬أعلاها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مجموعة‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬الكشكشة،‭ ‬أو‭ ‬الكسرات‭ ‬الأفقية‭ ‬بانحناء‭ ‬تتشعب‭ ‬من‭ ‬حافة‭ ‬الكتف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬مُشعة‭ ‬منه،‭ ‬فتعطي‭ ‬شكلا‭ ‬زخرفيا‭ ‬وتضفي‭ ‬الاتساع‭ ‬إلى‭ ‬الكم،‭ ‬وتجعله‭ ‬يتحرك‭ ‬ويتمايل‭ ‬تبعًا‭ ‬لحركة‭ ‬الذراع‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬شكل‭ ‬آخر‭ ‬للثياب‭ ‬يُزخرف‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬الكتف‭ ‬بحلية‭ ‬تشبه‭ ‬شكل‭ ‬النباتات‭ ‬متعددة‭ ‬الطبقات‭ ‬المدرجة‭ ‬التي‭ ‬يتشعب‭ ‬من‭ ‬بدايتها‭ ‬كشكشة‭ ‬مُحدثة‭ ‬بارتفاع‭ ‬يعطي‭ ‬شكلاً‭ ‬جمالياً‭ ‬مميزاً،‭ ‬ويمتد‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬الكم‭ ‬في‭ ‬المنتصف‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬الذراع‭ ‬ثلاثة‭ ‬خطوط‭ ‬طولية‭ ‬وينتهي‭ ‬عند‭ ‬الرسغ،‭ ‬فيتجمع‭ ‬اتساع‭ ‬الكم‭ ‬بعدة‭ ‬صفوف‭ ‬عرضية‭ ‬من‭ ‬الأستك،‭ ‬والتي‭ ‬تشبه‭ ‬شكل‭ ‬النباتات‭ ‬المتشعبة‭ ‬المتراصة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭. ‬ويحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرمز‭ ‬المقصود‭ ‬من‭ ‬حلية‭ ‬الكتف‭ ‬تشبيه‭ ‬الذراع‭ ‬بالنبات‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬ويزدهر‭ ‬ويجلب‭ ‬الخير‭ ‬إلى‭ ‬اليد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخطوط‭ ‬الطولية‭ ‬الموجودة‭ ‬بطول‭ ‬الذراع،‭ ‬وينتهي‭ ‬الكم‭ ‬عادة‭ ‬بإسورة‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬عرضها‭ ‬من‭ (‬2‭: ‬3‭) ‬سم‭ ‬أو‭ ‬ينتهي‭ ‬بأستك‭. ‬والمعنى‭ ‬الذي‭ ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬الزي‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬أينما‭ ‬وضعت‭ ‬لابسة‭ ‬هذا‭ ‬الثوب‭ ‬ساقها‭ ‬أثناء‭ ‬السير‭ ‬تشع‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬قدميها‭ ‬الثريا‭ ‬الخضراء،‭ ‬أي‭ ‬النبات‭ ‬والخير‭ ‬الكثير،‭ ‬يجلب‭ ‬لها‭ ‬الرزق،‭ ‬ويكون‭ ‬لها‭ ‬واقيًا‭ ‬من‭ ‬العين‭ ‬والسحر‭.  ‬إن‭ ‬المرأة‭ ‬الريفية‭ ‬منذ‭ ‬القِدم‭ ‬استخدمت‭ ‬ثوبها‭ ‬كالرقاع‭ ‬لنقل‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬ويمكن‭ ‬تشبيهها‭ ‬أيضًا‭ ‬بمخطوطات‭ ‬متجولة‭ ‬بأسلوب‭ ‬مُقنع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشارات‭ ‬والرموز‭ ‬كالشعائر‭ ‬القديمة،‭ ‬والتي‭ ‬أصبح‭ ‬الناس‭ ‬اليوم‭ ‬يجهلون‭ ‬معانيها‭ ‬ودلالتها‭ ‬الاجتماعية‭. ‬فبعض‭ ‬الذين‭ ‬يصنعونها‭ ‬يجهلون‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬معنى‭ ‬الزخارف‭ ‬والحليات‭ ‬التي‭ ‬يطرزونها،‭ ‬وإذا‭ ‬سُئلوا‭ ‬عن‭ ‬معانيها‭ ‬قالوا‭ ‬إنها‭ ‬أحجبة،‭ ‬أو‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬البنائي‭ ‬بهذه‭ ‬الكيفية‭ ‬أجمل‭ ‬ويميزهم،‭ ‬أو‭ ‬إنهم‭ ‬تعلموا‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الزخارف‭ ‬ويخشون‭ ‬تغييرها‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دلالة‭ ‬سحرية‭ ‬قد‭ ‬تُسيء‭ ‬إليهم‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تفيدهم‭... ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إجابات‭ ‬قد‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬معاني‭ ‬القصائد‭ ‬المكتوبة‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬تلك‭ ‬الثياب‭. ‬ولذلك‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬دراستها‭ ‬وفهم‭ ‬أصولها‭ ‬قبل‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬نقدها‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬تطويرها،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬قد‭ ‬يتلاشى‭ ‬تدريجيًا‭ ‬وربما‭ ‬يأتي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تصبح‭ ‬فيه‭ ‬البقية‭ ‬الباقية‭ ‬منها‭ ‬نادرة‭ ‬بدرجة‭ ‬تشعرنا‭ ‬بأنها‭ ‬غريبة‭ ‬عن‭ ‬موطنها‭ ‬وأنها‭ ‬من‭ ‬التحف‭ ‬الفنية‭ ‬‭.

سيدات‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬الرجلات‭ ‬محافظة‭ ‬القليوبية‭ ‬يرتدين‭ ‬الملابس‭ ‬الشعبية