العرب أمام منعطف فكري أم ثقافي؟

العرب أمام منعطف فكري أم ثقافي؟

تشهد المنطقة العربية مرحلة من التحولات المهمة التي تضعها على مفترق طرق جديد بعد عقود عجاف، منذ النصف الثاني من القرن العشرين، أعادتها إلى الوراء، وشهدت فيها تقلّبات وأحداثًا وقوى سياسية وسياسات وتحوّلات عالمية، ووصلت إلى حالة من التشرذم السياسي والطائفي والاجتماعي تخلّلته مظاهر من التطرف والعنف والإرهاب والتفكك الذي أصبح يعصف بكيان عدد من الدول العربية.
وهناك، بلا شك، أسباب عدة وراء الوصول إلى واقع الحال أشار إليها كثيرون من قبل، لكنّ هناك عددًا من المستجدات التي تعطي مؤشرات عدة عن إمكان حدوث تغيّرات تُخرج المنطقة العربية مما وصلت إليه، وتضع العالم العربي أمام مفترق طريق جديد ربما سيكون آخر مفترق طرق أو آخر فرصة أمل في إحداث تحوّلات إلى الأفضل.

 

هنالك مستجدات عدة على مستوى المنطقة العربية والعالم بالطبع، فالعالَم يمرّ بمرحلة تغيّرات نتج وينتج عنها تحوّلات وأزمات عدّة ألقت بظلالها على الواقع السياسي والاقتصادي، خصوصًا في الغرب، وامتدّت تداعياتها إلى مناطق عدة في أنحاء المعمورة. وسنركّز هنا على ما نراه أبرز المستجدات التي لها تأثير قويّ على المنطقة العربية، وربما الشرق الأوسط، ومستقبلها، وهي تراجُع الحركة الأصولية في أنحاء عدة من العالم العربي والتغيّرات الاجتماعية التي أخذت تطول عددًا من المجتمعات العربية التقليدية، وتراجع أسعار النفط ودخول منطقة الخليج العربي إلى مرحلة ما بعد النفط، وأخيرًا تأثير التطورات التكنولوجية على بنية المجتمعات وثقافتها.
فبعد نحو ستة عقود على انتشار الظاهرة الأصولية، أو ما أصبح يُعرف الآن بالإسلام السياسي، بدأ التراجع الواضح لهذه الظاهرة على الساحة السياسية.
وهذه الظاهرة في حقيقة الأمر ليست ظاهرة حضارية، أو تعكس تطوّر المجتمع الفكري والثقافي، بل هي ظاهرة سياسية مفتعلة، استخدمها الغرب في الحرب الباردة لصدّ تقدّم المعسكر الاشتراكي آنذاك، لكن كان لها بالطبع آثار فكرية وثقافية عميقة مع الأسف على الواقع العربي، نظرًا إلى تبنّي عدد من الدول العربية هذه القوى ودخولها في تحالف معها لعدة عقود.
لكن، وخلال العقدين الأخيرين، ظهرت بوضوح نتاج وآثار ممارسات تلك القوى التي شهد انتشارها تراجُع الأمة العربية في جميع المجالات والدخول بصراعات طائفية ودينية مزّقت كيانات مجتمعات ودول عربية، وعطّلت عجلة التحديث فيها بشتّى أشكاله. 

بدائل فكرية
فقد أجهزت الحركة الأصولية وحلفاؤها على الإنجازات الفكرية والثقافية لحركة التنوير العربية التي بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا، وحتى ما بعد منتصف القرن العشرين بقليل، وطَرحت بدائل فكرية وقيمًا ثقافية لا تتماشى مع روح العصر، تقوم على إلغاء العقل والتفكير العقلاني واحتكار الحقيقة الذي قاد للتعصب والتطرف ومن ثَمّ العنف ضد الآخرين، ونشرت قيمًا مثل الإقصاء وإلغاء الآخر وعدم التعايُش مع المختلف، ورفضت التعددية بكل أنماطها، ومارست قيم التسلط والوصاية على المجتمع، وحاربت الأفكار الأخرى كافة، سواء المدنية الحديثة أو الدينية المستنيرة وممثّليها. 
كما عرقلت تحوّل الدول العربية ومجتمعاتها إلى دولة ومجتمعات مدنية، ووقفت بقوة ضد تحديث الخطاب الديني، وإعطاء صورة عصرية للإسلام، وأفرزت خطابًا مليئًا بمفردات الكراهية والعنف، وساهمت في تشويه صورة الإسلام والمسلمين عندما وصل عدد من حركاتها إلى ذروة التطرف والإرهاب كـ «القاعدة» و«داعش»، وغيرها والممارسات التي قاموا بها، والتي راح ضحيّتها آلاف الأبرياء.

ثقافة تسلّطية
عملت هذه القوى على نقل المجتمعات العربية للماضي بدلًا من المستقبل، ونشرت ثقافة تسلطية تحارب العقل والإبداع، وتغتال الرموز الفكرية التي تختلف معها، فأصاب الجمود العقل والثقافة العربية، وأصبحنا في ذيل القائمة في مختلف مستويات ومظاهر الحياة المدنية، وما تتضمّنه من منجزات حضارية.
ولا شك في أن مضيّ أكثر من نصف قرن على هذه الظاهرة كفيل بإدراك أبعادها ونتائجها وأهدافها، ألا وهو الوصول إلى الحكم. فقد قطع عدد من الأنظمة العربية أخيرًا صلاته مع هذه القوى وحارب أطروحاتها، واتّخذ خطوات في تحديث الخطاب الديني، وسار في طريق نشر قيم التسامح والتعايش واحترام الآخر وتنقية مناهج التعليم في موضوعات ومفردات التطرف والإقصاء وغيرها.
وعلى الصعيد الشعبي كشفت قطاعات واسعة من الشعب العربي زيف ادعاءات تلك القوى وممارساتها وأهدافها الحقيقية وكيفية استغلالها للدين وللناس للوصول إلى أهدافها.
وبدأ تراجع القوى الأصولية يترك فراغًا فكريًّا وثقافيًّا بحاجة إلى التعامل السريع معه من أجل الدخول في مرحلة ثقافية وفكرية جديدة، فهي كانت العائق الرئيس في بناء المجتمع المدني والدولة الحديثة وتحقيق التطبيق الأمثل للمواطنة.
    
تحولات اجتماعية
تلعب الجوانب الاجتماعية دورًا مهمًّا في تشكيل الثقافة أو الثقافات في المجتمع العربي، فانتماء الفرد لبيئة اجتماعية أو لشريحة اجتماعية، مما يعني تشرّبه بقيمها وتشكيل وعيه الثقافي. 
وسبق أن أشرنا في مقالات سابقة إلى كيفية استغلال بعض الأنظمة للتشكيلات الاجتماعية وتسييسها، ومن ثمّ تسييس ثقافتها والمحافظة على منظومتها من أجل عزلها اجتماعيًا وثقافيًّا وتوظيف ذلك سياسيًّا.
كما تتميز الثقافات ذات الأبعاد الاجتماعية بطابعها السكوني بسبب طبيعة العادات والتقاليد والعقلية المحافظة التي يدعمها عدم تطور المجتمعات العربية، وعدم تغلغل العلم والثقافة العلمية فيها. وعلى الرغم من هذه المعطيات، فإنه في الفترة الأخيرة برزت بعض الظواهر والتحولات التي أخذت تساهم في تفكيك بعض جوانب المنظومات الثقافية الاجتماعية، علاوة على الانفتاح الداخلي في بعض المجتمعات المحافظة التي لها تأثير كبير على المجتمعات الأخرى المجاورة لها.
فهناك عمليات تحوُّل تمّت لتوطين فئات اجتماعية في المدن، وكذلك الهجرات من الأرياف للمدن واحتكاك هذه الفئات بالواقع المدني الحديث، الذي جاء أحيانًا بنتائج متناقضة خصوصًا في بداياته، إذ ساهمت بعض الهجرات للمدينة، خصوصًا ذات الأعداد الكبيرة، في تراجع القيم الثقافية المدنية فيها، لكن مع مرور الوقت تم إلى حد كبير استيعاب هذه الهجرات أو عملية التوطين، وأخذت مجاميع من الأجيال الجديدة منها بالقيم المدنية، بعد أن قطعت الصلة ببيئة الثقافة الأم وقيمها. 

بيئة جديدة
من جانب آخر، نجد قيام بعض الدول بالانفتاح الاجتماعي، بعد عقود من الانغلاق الفكري والثقافي الذي ساهم في جمود مجتمعاتها وتهميش جزء أساسي منها، وهو المرأة، عن المشاركة في عملية التنمية والبناء، علاوة على النظرة التي كانت تعطل الكثير من حقوقها وطموحاتها. 
ولا شك في أن نيل المرأة الكثير من حقوقها وفتح المجال لها بالعمل والوصول إلى أعلى المراتب العلمية يعبّر عن تغيير ثقافي، كما يمهّد الانفتاح الاجتماعي والتواصل مع الآخر المختلف بشتى الصور إلى خلق بيئة اجتماعية جديدة، ومن ثم قيم ثقافية جديدة تتجاوز العديد من الجوانب السلبية التي سبّبتها بعض القيم في الثقافات التقليدية.
ولا يقتصر الأمر على الانفتاح الاجتماعي، بل يُجمع الكل تقريبًا على التأثيرات التي جاءت بها التطورات التكنولوجية عبر وسائل الاتصالات ونقل المعلومة، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في إحداث تغيّرات ثقافية فعليّة خلال العقود الثلاثة الأخيرة. فقد خلقت التكنولوجيا المعاصرة جيلًا جديدًا يحمل ثقافة وأفكارًا مختلفة إلى حد كبير عن الجيل الذي أنجبه، يصل بعضها أحيانًا إلى حد القطيعة في العديد من الأمور. 
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة ليست في المنطقة فقط، بل ظاهرة عالمية، لكن كان أثرها ولايزال عميقًا على منطقتنا نتيجة للفراغ الثقافي الذي أحدثه تراجع الثقافات التقليدية وغياب عملية التحديث الثقافي، مما ترك قطاعات واسعة من المجتمع العربي تتقبّل العديد من القيم الثقافية الآتية من الآخر المختلف. 

تأثيرات كبيرة
هناك قيم تغيّرت بالفعل وحدثت تأثيرات كبيرة على الهوية وتراجعت فنون وإبداعات شعبية ورموز ثقافية تقليدية، وانتشرت فنون غير محلية، وأحيانًا حلّت محلّ الفنون التقليدية، ناهيك - بالطبع - بانتقال العديد من الأفكار المتنوعة والكتب والأخبار عبر الشبكة العنكبوتية التي كسرت الطَّوق الفكري الذي تمت محاصرة الإنسان العربي فيه لفترة طويلة.
ونختم هذا الجزء بالتطورات الجارية أخيرًا في منطقة الخليج العربي، التي جاءت بعد تراجُع أسعار النفط. فالمرحلة النفطية جاءت بثقافة استهلاكية للمنطقة طغت على جوانب كثيرة من قيم وممارسات للأفراد، وخلقت طريقة حياة مختلفة عمّا سبق، وساهمت في جمود الفكر وطرق التفكير نتيجة للطابع الاستهلاكي للحياة.
لكنّ تراجع أسعار النفط سيخلق بالتدريج واقعًا مختلفًا نتيجة لتغيرّ الأوضاع الاقتصادية، فأيّ تغيير اقتصادي لا بد أن يجلب معه تغيرًّا ثقافيًا، حيث جار تحويل منطقة الخليج العربي إلى مراكز مالية وتجارية منفتحة على حركة السفر والتجارة العالمية، وهذا سيفتح الباب أمام تغيّرات ثقافية وفكريّة أيضًا.

هل البديل فكري أم ثقافي؟
إن ما جرى أخيرًا من تطورات يتطلب البحث عن بدائل البعض يرى، أو ربما الغالبية، الحاجة الماسة إلى بديل فكري، وهناك فئة قليلة ترى أن البديل لابد أن يكون ثقافيًّا، والثاني هو ما أميل إليه، لكن لا بد في البداية من مناقشة لماذا يكون البديل الفكري صعبًا؟
في كل أقسام الفلسفة بالوطن العربي يدرس مقرر «الفكر العربي المعاصر»، الذي يتناول القضايا والمشكلات الفكرية والثقافية في الواقع العربي، مع محاولة اقتراح حلول للخروج منها. 
وفي حقيقة الأمر أن ما يُطلق عليه «الفكر العربي المعاصر» ما هو، في معظمه، إلا مناقشة لعديد من النظريات والأفكار والمناهج في الفكر الغربي التي ظهرت منذ العصر الحديث فيما يخصّ الدولة والفكر وطرق التفكير والمشكلات الناتجة من عملية التحولات التي جرت في العالم. 
(يستثنى بالطبع ما طرحه روّاد الإصلاح الديني في منتصف القرن التاسع عشر الذين أرادوا التوفيق بين الإسلام والتقدم العلمي، كما كان العديد منهم يريد الاسترشاد في جوانب عدة بالنموذج الأوربي أيضًا).
ففي حقيقة الأمر لا وجود فعليًّا لفكر أنتجه العرب وحدهم، وتناولوا فيه تحليل ونقد واقعهم منهم للوصول إلى حلول للمعضلات الفكرية أو الثقافية. صحيح أن هناك نفرًا قليلًا يمكن أن نطلق عليهم الفلاسفة العرب، لكن لا يوجد فكر عربي خالص، بسبب عدم وجود فلسفة عربية أنتجت مذاهب ومناهج أو نظريات فلسفية مثّلت سجالًا فكريًّا خاصًّا بالعرب، ولم تقم أطراف أخرى بمناقشة ونقد تلك المذاهب والنظريات.

مساهمة فعالة
هناك فلسفة إسلامية إبّان الحضارة الإسلامية ساهم العرب فيها مساهمة فعالة، لكن لم يُكتب لها الاستمرارية نتيجة للتحولات الحضارية التي جرت في العالم منذ عصر النهضة وإلى اليوم. كما أنّ ما يتناوله اليوم عدد ممّن نطلق عليه بالفلاسفة العرب ما هو في أغلبّيته الساحقة، ليس إلا امتدادًا لمناقشات سابقة في الفكر الغربي. 
وعليه في حال غياب فكر عربي سيقود ذلك إلى البحث عن الفكر من الآخر، وتحديدًا الغرب، وستبرز إشكالية مدى ملاءمة هذا الفكر لبيئة غير بيئته، ومدى تقبّل بيئة لفكر آخر، كما لا تفوت الإشارة إلى تراجع الخطاب الفكري العالمي لمصلحة الخطاب الشعبوي، وتراجع الاهتمام بالفكر والأيديولوجيا في الفضاء العام وحتى الأكاديمي على مستوى العالم، وتغليب الجوانب العملية على النظرية.
والحديث عن الفكر يقود إلى التنميط بمعنى يقود إلى الأدلجة، وفي حال تبنى فكر معيّن، فهناك تساؤلات مثل: ما هو الفكر الذي نريده؟ وهل سيكون فكرًا واحدًا؟ وهل هذا الفكر قابل للتطبيق في الواقع العربي ككل؟ وما مدى مصداقية هذا الفكر من دون غيره؟ ومَن يحددها؟ وكيف يمكن حل إشكالية علاقة الفكر مع الواقع؟ وما هي طريقة أو طرق التفكير التي تأخذ به؟ وهل هو قابل للتطوير أو عبارة عن مسلّمات ثابتة؟ وهل من يؤمن به يقصي الطرف الآخر؟ وهل هناك إمكان لقبول التعددية الفكرية في المجتمع، وإطلاق الحريات فيه واحترام التباين بين الأفكار أيًّا كان نوعها؟ وهذا لا يمكن أن يطبّق في ضوء المعطيات الحالية التي يعيشها الإنسان في الواقع العربي.

التحديث الثقافي
هنالك مسألة مهمة يفتقر إليها الواقع العربي، والتي كان لا بد من حدوثها أو القيام بها متزامنة مع تحديث البنية المادية للمجتمعات العربية، ألا وهي التحديث الثقافي، وهي التي تسببت في الظواهر السلبية من التطرف والتعصب وإهدار الثروات وغيرها.
وفي حقيقة الأمر كانت هناك نهضة فكرية ثقافية قامت بها النخبة العربية المتعلمة والمثقفة منذ نهاية القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، لكنّ تمّ الإجهاز عليها سياسيًّا واجتماعيًّا. 
وإذا نظرنا إلى الواقع الأوربي خلال العصور الوسطى سنجد أن الثقافة ذات الطابع السكوني الإقطاعي السائدة فيه والتسلط الكنسي كانا العقبة أمام أيّ قيم وأفكار جديدة يمكن أن تطوّر من تفكير الإنسان وواقعه.
التغيير اللاحق الذي تم في أوربا أنجب ثقافة جديدة، هي ثقافة المدينة التي جاءت من خلال الإنتاج الصناعي والتغيّر الاقتصادي، وصاغ الإنسان قيمها بطريق حديثة، واستطاعت أن تنتج وتحتضن الأفكار الفلسفية الناتجة عن الواقع الجديد الذي أصبح الإنسان الأوربي يعيشه. فالثقافة هي التي تحتضن الفكر، وهي البيئة التي يمكن أن تنمو فيها القيم والأفكار.
إن ما نحتاج إليه في العالم العربي اليوم هو أخذ مسألة التحديث الثقافي مأخذ الجد، لأنه لا يمكن أن نتطور فكريًّا وحضاريًّا في ظل ثقافة أو ثقافات تقليدية لا تتماشى مع واقع العالم المعاصر، وهذه الثقافات هي المسؤولة عن الظواهر السلبية التي نعيشها، إذ تحتوي على قيم الإقصاء والعصبيات والتسلّط، ومهما حاولنا أن ننشر أفكارًا أو قيمًا حداثية، حتى لو أخذت شكل قوانين، فلن يمكن قبولها وتطبيقها إلا من خلال ثقافة منفتحة تمارس فيها هذه القيم.
في الختام، لا بد من تأكيد أن الثقافة أقوى من الفكر، فهي التي تحتضنه، وهي نتاج الواقع المادي وقيمها تمارس يوميًا بشكل عملي، بينما الفكر هو نتاج العقل ويصاغ نظريًا والربط بين أفكاره يتم عقليًّا لا واقعيًّا، ويدعو إلى ما يجب أن يكون، وكم من فكر أو أيديولوجيا خلال مسيرة التاريخ ذهبت أدراج الرياح، بينما لا تزال الثقافات حاضرة وبعضها منذ آلاف السنين! ■