جمال كامل دنيا من الإبداع بين الفنّ والصحافة

جمال كامل دنيا من الإبداع بين الفنّ والصحافة

كانت مؤسسة روزاليوسف من بدايتها مهيأة لأن تقود الريادة في الفن الصحفي بما يشتمل على الإخراج الفني والرسوم التعبيرية (الإليستريشن) وفن الكاريكاتير وحتى فن البورتريه الصحفي «الصورة الشخصية»، ليس هذا فقط، بل وامتدّ دورها إلى الإبداع التشكيلي. وكان وراء كل هذا سيدة نابهة من الشرق العربي، هي السيدة روزاليوسف، التي كانت تحمل درجة عالية من السطوع في الفكر والفن، مع نجوميتها في فن التمثيل، لذا ليس غريبًا أن يصدر العدد الأول من المجلة التي حملت اسمها في الاثنين من 26 أكتوبر 1925، متصدرًا لوحة لمصور عصر النهضة الفنان الإيطالي تيتيان.

 

 لوحة إلهة الربيع «فلورا» لفتاة حسناء، والعجيب أن جاء على الغلاف وأسفل الصورة «سنوالي نشر روائع فن التصوير في مختلف العصور تكملة لإحدى نواحي الثقافة الفنية»، وتضيف المجلة، «وكما نرى اللوحة صورة رمزية لفصل الربيع، حيث يزدهر الورد وتتدفق الحياة غزيرة في كل كائن حي، ومن هنا لم يغفل المصور النابغ أن يحمل يد الآلهة زهورًا يانعة، كما أنّه أسبغ عليها الأنوثة في نضوجها الفاتن». 
هكذا وُلدت المجلة من بدايتها، التي أصبحت مؤسسة صحفية علامة على الفن الصحفي، محتضنة ومعضّدة للإبداع التشكيلي، وتكمل مسيرتها بمجلة صباح الخير التي صدرت يوم 12 يناير 1956.
وتكتب السيدة روزا في افتتاحية العدد الأول: «إنه اسم أتفاءل به، لقد خُلقت بطبعي أحب الصباح وأكره الغروب مهما كانت الظروف، أشعر دائمًا مع كل صباح بأنني قوية مبتهجة مشرقة، وأشعر دائمًا مع كل غروب بوحشة وكسل وشحوب، بل وانقباض».
وكان الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس المسؤول الفعلي للمؤسسة التي ضمّت المجلتين، وحملت اسم السيدة والدته. 
ويعد الفنان جمال كامل أحد رموز تلك المدرسة وأحد روّاد الفن الصحفي، وقد ارتقى بالرسوم الصحفية إلى مستوى اللوحات المتحفيّة.
وشارك بقوة في إعلاء الذوق التشكيلي من خلال أعماله التي تألقت على صفحات مجلتي روزاليوسف وصباح الخير. عاش الحياة بلمسات فرشاته على اللوحة، عندما يلمس القماش أو الورق ترتسم الوجوه متطلّعة إلى الناظرين.
إذا تأمل وجه فتاة يرسمها, أدرك على الفور نوع الخامة التي تناسب تعبيراتها ومكنون روحها وجوهر شخصيتها، وألوان الباستيل في عالمه تختلف في ملامسها عن الزيت أو الجواش أو حتى الفحم.
كل ملمس له تعبير، وكل تعبير له منطق ونظام ونسَق لوني. يقول عنه صديقه الروحي الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس: «إنّي أضنّ دائمًا بلقب أستاذ، والذين يستحقون لقب أستاذ في نظري لم يتعدّوا أبدًا عدد أصابع اليد الواحدة، وقد يكون الإنسان فنانًا، لكن ليس معنى ذلك أنه أستاذ، وقد يكون كاتبًا أو رسامًا أو ممثلًا أو موسيقيًا، لكنه ليس دائمًا أستاذًا.
إذن مَن هو الأستاذ؟ إنه المبتكر، المخترع، صاحب المدرسة، وأحد القلائل الذين يحملون لقب أستاذ، هو الأستاذ جمال كامل».

بين الإسكندرية وبني سويف
في 13 نوفمبر 1927 ولد الفنان جمال كامل في أسيوط، وانتقل مع والده - بحكم عمله - إلى بني سويف، فعاش بها طفولته وصباه، وظهرت موهبته مبكرًا في الخامسة من العمر.
عندما علّموه أن يمسك بالقلم لكي يكتب حروف الهجاء، انتهز الفرصة وراح يرسم، وتعلّق بالرسم إلى حد أثار دهشة مَن حوله، وقررت الأسرة الاستسلام لهذا الهوى، بشرط أن يذاكر دروسه وينجح، ويتفوّق في الدراسة.
أصبحت حياة كامل موزّعة بين بني سويف والإسكندرية، وما إن ينتهي العام الدراسي حتى يصطحبه خاله معه طوال شهور الإجازة الأربعة، يقضيها هناك بمنزله في «محرم بك» بالإسكندرية.
ومع هذا العشق للبحر عندما كان يخطّ خطوطه على الورق لم يكن يظهر عليها سوى الإنسان، الإنسان الذي يتأمله على الشاطئ، والذي ظلّ محور اهتمامه ومصبّ فضوله.
وراح ينجذب إلى تلك الوجوه التي تحمل دنيا من المشاعر والأحاسيس.
ومن عام إلى عام يعود من الإسكندرية إلى بني سويف في نهاية الإجازة، ويفاجأ بأنه تعلّق بالمشاهد المثيرة التي تسجلها ملصقات الدعاية السينمائية، وخصوصًا من أفلام «رعاة البقر» التي تنساب بالعراك العنيف والتعبيرات الحادة والمسدسات المنطلقة مع الجياد المطهّمة الفاخرة، ومساحات الوجوه العملاقة التي تمثّل أبطال الفيلم، تبتسم وتتألم وتغضب. وبدأ يطربه هذا العالم المثير المفعم بالحيوية والحركة التي لا تهدأ في بني سويف، ويظل يداعب خياله طوال العام، لذلك فإن فرحته كانت لا توصف عندما نجح في عقد صفقة مع عامل سينما الأهلي في بني سويف، تتيح له تسلّم الملصقات الصغيرة للأفلام التي انتهى عرضها مقابل نصف قرش.
وفي ذلك الوقت كانت الدعاية للأفلام التي تعرضها دور السينما في الأقاليم تجري عن طريق عربة يجرّها حمار، ترتفع فوقها لوحتان خشبيتان تميلان على بعضهما، بحيث تلصق اللوحات الخاصة بالأفلام على اللوحتين، ويقوم العامل بسحب الحمار ويمضي في أنحاء المدينة، مناديًا بين الحين والآخر، ومعلنًا الجماهير بالأفلام الناطقة الجديدة التي تعرضها دار السينما. ورغم أنه بدأ يرسم من تلك الملصقات، فإنه بعد فترة أخذ ينتقي الأفضل فنيًا والأرقى ذوقًا، ولا ينسى من بين هذه الملصقات الملصق الفني لفيلم «جسر ووترلو».
يمضي الساعات الطويلة يتأمل الوجوه المرسومة على ذلك الملصق، والتي تؤكد براعة وحرفية مصممة، ويغرق في هوايته الدائمة: تأمّل الوجه الإنساني.

من الثانوية إلى «الفنون الجميلة»
رغبت أسرة جمال في أن يكون طبيبًا يمارس مهنة الجراحة، وعندما انتهى من الثانوية العامة لم يسمح مجموع درجاته بدخوله كلية الطب، وهنا ارتاح قلبه، فقد وجد مهربًا للالتحاق بكلية الفنون الجميلة. لكنّ والده أصرّ على أن يُعيد السنة، عسى أن يحصل على مجموع أكبر يتيح له الالتحاق بالطب، وخضع لرغبة العائلة وحقق مجموعًا أفضل، لكنّه في النهاية صمّم على تقديم أوراقه إلى كلية الفنون الجميلة.
وحتى تهدأ الأسرة، تعهّد أمام والده بالتنازل عن رغبته هذه إذا لم يكن ترتيبه الأول على جميع المتقدمين لامتحان القبول في الكلية.
وبالفعل، عندما تقدّم لامتحان القدرات، احتلّ المركز الأول على جميع المتقدمين، وهكذا انتهت معارضة الأسرة، بل تعاطفت مع أحلامه، وراح والده يردد أمام من يلتقي به: «لقد نجح جمال في امتحان الفنون الجميلة وترتيبه الأول على القُطر كله»!
وعندما التحق بكلية الفنون الجميلة انتظرته مفاجأة، فقد حصل في عامه الأول على أعلى الدرجات في النّحت لا في الرسم! 
وصمم عميد الكلية أن يدخل قسم النحت، ويتخصص في تشكيل التماثيل، في حين أصرّ جمال على دخول قسم التصوير، وأرجع سبب اختياره إلى حب الألوان، لكنّ التماثيل أعمال غير ملوّنة، ووافق العميد على مضض.
وظلّت فترة الدراسة بالكلية تتوافق وتنسجم مع حياته، وصار رسم الأشخاص والوجوه، هوايته المحببة، وأصبح بمهارته وقدراته يحقّق النجاح، ولفت إليه أنظار جميع الأساتذة، خصوصًا أستاذه رائد التأثيرية يوسف كامل. ومع الدراسة النظامية التحق بالقسم الحُرّ، حتى تتلمذ على يد الفنان الراحل أحمد صبري، أستاذ فن البورتريه (فن الوجوه أو الصورة الشخصية) في مصر، وأحد الروّاد الأوائل مع يوسف كامل وراغب عيّاد، وكان رئيسًا للقسم الحُر في ذلك الوقت وأصبح تأثيره عليه كبيرًا.
وفي هذا القسم بالذات تعرّف على أعمال الفنان العالمي فلاسكيز، وتعلّم عن أحمد صبري التعبير بالبُقع اللونية المحددة، في حين شغف بالتصوير الواقعي الذي تميزت به لوحات فلاسكيز، وتعلّم عنه الاستغناء عن الخلفيات السوداء التي يلتزم بها بتأثير من الفنان رمبرانت.

هو والفن الصحفي 
وعندما أنهى كامل دراسته بكلية الفنون الجميلة، كان من الطبيعي أن يتم تعيينه بالكلية، لأنه الأول على دفعته، ونال درجة الشرف والامتياز في مشروع الدبلوم، وكان حلمه الانضمام إلى هيئة التدريس بالكلية، حتى يظل طوال حياته في محيط الإبداع الفني الخالص، لكن ظروف الكلية واعتماداتها لم تسمحا له بالتعيين.
 وعرض عليه أستاذه، الفنان عبدالسلام الشريف، العمل بدار الهلال لحاجة مجلاتها إلى من يرسم القصص المنشورة بها، وأظهر جمال بعض التردد، خشية أن يؤثر هذا العمل على تحقيق حلمه بالعمل في الكلية.
وقال له الشريف: اذهب إلى هناك وجرّب إلى أن يتم تعيينك بالكلية، وهكذا بدأت قصة جمال مع الصحافة، كما يقول الناقد راجي عنايت، تلك القصة التي تواصلت بما فيها من انفعالات: «وعندما تسلّم القصة الأولى التي سيرسمها، اختار الموقف الذي يصوره، وعاد إلى مرسمه ليرسم لوحة كاملة بألوان الباستيل، واستعان فيها بنموذج بشَري (موديل)، ولم يكن يريد منذ البداية أن ينجرف في تيار العمل الصحفي السطحي، كما أراد أن يرتقي بالأداء إلى مستوى العمل الفني. وفي «دار الهلال» تعرّف إلى إحسان عبدالقدوس، ونشأ بينهما نوع من الصداقة منذ عام 1948، فور تخرجه.

خطوة جديدة
ومع دار الهلال عمل بمجلة روزاليوسف، وفي ذلك الوقت كان إحسان يكتب في مجلة المصور بتوقيع «سان»، أما هو فكان يوقّع على رسومه بتوقيع «آل»، وعندما أصبح إحسان رئيسًا لتحرير روزاليوسف عام 1950، أصرّ على أن يتفرغ جمال للعمل معه، فقد ربطتهما علاقة أبعد ما تكون عن علاقة صاحب عمل وموظف؛ فصارت علاقة تجمع بين اثنين من المبدعين، وبدت قيمة رسوم جمال كامل الفنية كبيرة، وإحسان يقدّر هذا جيدًا. يقول الكاتب الكبير: «كان عليّ أن أبحث لجمال عن خطوة جديدة في عالم الصحافة، لماذا يرتبط عمل الرسام دائمًا بعمل الكاتب؟ إن جمال يرسم لوحات لقصص يكتبها كاتب، وليس له فضل في اختيار موضوعها، وهو يرسم وجوهًا متعلّقة بالأخبار والحوادث التي يجمعها الصحفي، فلماذا لا يكون هو صاحب الحق في اختيار الموضوع؟!
 لماذا لا يكون للرسام الصحفي شخصية مستقلة وموضوع قائم بذاته وصفحة خاصة يعرفه القراء من خلالها؟!
وعرضت الفكرة على جمال، وطلبت منه أن يخصص صفحة لنفسه من صفحات روزاليوسف يبدو فيها وحده بلا شريك. 

لوحة الأسبوع
لم تنقض أسابيع حتى أصبحت معظم المجلات في مصر والعالم العربي تحاول تقليد جمال في لوحة الأسبوع، كما ترتّب على تلك اللوحة أن الرسام الصحفي أصبح شخصية قائمة بذاتها، وليست مرتبطة فقط بكاتب القصص أو المواضيع.
وتقوم «لوحة الأسبوع» على الرسم النقدي، والرسوم الانتقادية كانت وقتها مقصورة على فن الكاريكاتير، لكنّ جمال استطاع أن يبتكر فنانًا ناقدًا، ورغم ذلك ليس كاريكاتيريًا. والفرق بين الكاريكاتير ولوحة الأسبوع هو أن الكاريكاتير يتحدّى الطبيعة، أما رسوم جمال فهي تجسيم للطبيعة، وعندما تنظر إلى لوحة الأسبوع تحسّ بالناس كما هُم.
وضرب جمال المثل في لوحة الأسبوع بالإحساس المرهف بنبض المجتمع المصري والتعبير عن عاداته وتقاليده بأسلوب نقدي رقيق، إذ كانت مسحًا اجتماعيًا لقطاعات المجتمع المصري.
وقد لعب بتلك اللوحات دورًا أخلاقيًّا واجتماعيًّا وتربويًّا كالأدب والشعر والمسرح، كما قدمت للشباب الخبرة والعبرة بتعبير الناقد مختار العطار، فجمعت بذلك بين خصائص الرسم الإيضاحي والكاريكاتير.
ومع مئات الرسوم التي قدّمها جمال، وصاحبت روايات صديقه إحسان وفتحي غانم وصلاح حافظ وإسماعيل الحبروك وغيرهم، كانت آخر أعماله رؤية فنية بعنوان «المرايا»، وهي لوحة في صفحة كانت تجسّد إحدى الشخصيات في المجتمع، ومصحوبة ببعض الكلمات التي تصوّر الشخصية وتضيء عليها.

الفنان المصور
وجمال كامل يفكر باللون والبقعة والملمس والخطوط، ولا يفصل بين الشكل والمضمون، علّمته الصحافة التواصل والقرب من العقول والقلوب، يضفي على الوجوه روحًا من عنده، حتى تحولت الفتاة الشعبية ذات المنديل إلى ما يشبه باقة الورد، تموج بالحيوية وقوة التعبير والجمال الطبيعي، فهو حين كان يجلس إلى النموذج (الموديل) ويبدأ مشوار الإبداع، يغيب عن دنيا الواقع، فلا يفيق إلا على الفتاة الأخرى (الصورة)، وهي تنطق من فوق حامل الرسم فرحةً بميلادها، بتلك اللمسات التأثيرية التي تجسّد المشاعر والأحاسيس والظلال والأضواء. 
يقول فناننا: «أعتقد أن الوصول إلى الفضاء أسهل بكثير من الوصول إلى خبايا النفس البشرية، فالإنسان عالَم مازلنا نجهل من أمره الكثير».
رسم جمال مئات الوجوه لمشاهير المجتمع، منهم كوكب الشرق أم كلثوم، وتوفيق الحكيم، وأحمد رامي، وعبدالحليم حافظ، وفاتن حمامة، ونادية لطفي، ونجاة الصغيرة، وعادل إمام، وغيرهم. وجسّد خلالها روح الشخصية حتى كادت تنطق بالمشاعر والأحاسيس، وتبوح بمكنوناتها وما يعتمل بداخلها.
ومع كل هذا صوّر السيدة زوجته المخرجة منى مجاهد في أكثر من لوحة، كل منها تختلف عن الأخرى في الإيماءة والتعبير، ومن بينها لوحته التي صورها فيها بنظرة حالمة وعيون متطلعة برداء أبيض مشوب بالأصفر، جالسة على مقعد (كنبة) من الكحلي الداكن، تستند عليه بيدها اليمنى في حالة استرخاء، وقد أضاء الخلفية بألوان هادئة.

هو ودنيا البشر 
أقام كامل معرضًا ضمّ أعماله منذ عام 1948 وحتى عام 1981 بقاعة المركز المصري للتعاون الثقافي الدولي بالزمالك، كما أقام معرضًا آخر خارج مصر بالولايات المتحدة الأمريكية، وقتها أهداه عمدة مورجان سيتي مفتاح المدينة تقديرًا لأعماله.
وفي العام الماضي أقام المكتب الثقافي بالسفارة المصرية في العاصمة الألمانية برلين معرضًا له بعنوان «شاهد على العصر»، وانتقل بعدها إلى المركز الثقافي المصري بفيينا عاصمة النمسا، تأكيدًا على قيمته في الفن والصحافة. وليس أجمل مما قاله الناقد مختار العطار حول دنيا البشر عند كامل وعالمه التشكيلي:
هكذا اختار جمال الطريق الصعب، اختار أن يدخل من الباب الضيق، حيث لا مجال لطغيان الأساليب الفنية على إنسانية الإنسان، أجمل الكائنات جميعًا.
وكما يردد الفنان، فالإنسان في عيني جمال ليس هو تلك الملامح الظاهرية فقط، شأنه شأن الشجرة أو البرتقالة أو المنظر الطبيعي، كما يرى سيزان، وليس هو العينين والأنف والشفتين، كما يرى معظم مصوّري البورتريه، إنما هو سمات نفسية ووجدانية وآمال وأحلام.

البُعد الرابع
هذا هو البُعد الرابع الذي وضعه كامل في شخصياته التي تتسم دومًا بالرقة والهدوء واللياقة، وهي سمات يتصف بها الفنان نفسه، هكذا يختار هو نماذجه، ولا يترك لها أن تختاره. إنه لا يرى إلّا كل ما هو خير في الإنسان، معتقدًا أن كل ما هو غير ذلك من نقائص قدر لا يدخل لصاحبه فيه.
 إن ترجمة هذه الإنسانية إلى ألوان وخطوط وأشكال مهمة صعبة وعسيرة التحقيق، إلا إذا بلغ الفنان قدرة خارقة على التعبير، وقد أصبحت أدوات هذا التعبير لا تحتاج منه إلى لحظة تفكير، أعني بعد أن يصبح اختيار اللون المناسب والخامة المناسبة، سواء كانت الزيت أو الجواش أو الباستيل أو الخط والشكل المناسبين، بعد أن يصبح كل ذلك سهلاً هينًا مستجيبًا لأنامله بمجرد ورود الخاطر الفنّي على دنيا خياله».
تحية إلى جمال كامل بعمق التشكيل والتعبير واللمسة والوجدان، وما قدّم من ديوان بصري يفيض بالفرح والشجن والحبّ ■