ياسمـين

ياسمـين

ماذا‭ ‬أقول‭! ‬

واللغاتُ‭ ‬لم‭ ‬تـَعـد‭ ‬بصيرة‭ ‬

تُتعتع‭ ‬اللغاتُ،‭ ‬والمداد‭ ‬كالدماء

كلَّما‭ ‬كتبتُ‭ ‬نَزًّتْ‭ ‬الحروفُ،‭ ‬بُحَّ‭ ‬صوتُها

ولونها‭ ‬الوضيء‭ ‬صار‭ ‬كالشتاتِ

كالرمادِ‭ ‬من‭ ‬حريق‭ ‬معبد‭ ‬قديم

كالرميم‭ ‬كالطلاسم‭ ‬المعلّقات‭ ‬في‭ ‬سديم

ليس‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬الطلول‭ ‬ما‭ ‬أقولُ

أقفرَ‭ ‬المكان‭ ‬والزمانُ

يَعرُب‭ ‬الجريح‭ ‬هام‭ ‬في‭ ‬العراءِ

والرحيل‭ ‬صار‭ ‬لي‭ ‬حكاية‭ ‬رتيبة‭ ‬تطول

غير‭ ‬أن‭ ‬مُزنة‭ ‬هناك‭ ‬ضَوّأَتْ

تلألأتْ،‭ ‬تَوهّجَت،‭ ‬تدفق‭ ‬الضياءُ

راحت‭ ‬السماء‭ ‬تعرش‭ ‬المقيل‭ ‬

ياسمين‭ ‬أنت‭ ‬ـــ‭ ‬طَلعة‭ ‬الصباح‭ ‬ــ‭ ‬ها‭ ‬هنا‭!‬

فعلمي‭ ‬اللسان‭ ‬ما‭ ‬يقولُ

والحياة‭ ‬في‭ ‬براحة‭ ‬الحبيب‭ ‬لا‭ ‬تزول‭                      

 

‭* * *‬

ياسمين‭ ‬كان‭ ‬نَعشها‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬هنا

وخَلفه‭ ‬الطيور‭ ‬تَسكب‭ ‬ارتعاشةَ‭ ‬الأصيلِ

تُعلن‭ ‬الحِداد‭ ‬تنشر‭ ‬السوادَ

تُنذر‭ ‬العباد‭ ‬باقتراب‭ ‬ساعة‭ ‬المعاد

ياسمين‭ ‬بالدماء‭ ‬عوّذت‭ ‬ركائب‭ ‬السحابِ

أحكمت‭ ‬حِصارها‭ ‬على‭ ‬الرقابِ

والرِقاب‭ ‬تنحني‭ ‬لطفلة‭ ‬نقية‭ ‬الثياب

ويل‭ ‬من‭ ‬طغى‭ ‬وطاش،‭ ‬يا‭ ‬لقوم‭ ‬هود‭!‬

يا‭ ‬لصيحة‭ ‬تحل‭ ‬في‭ ‬ثمود‭!‬

تستحث‭ ‬صالحاً‭ ‬لكي‭ ‬يهد‭ ‬ما‭ ‬بَنوهُ

يحرق‭ ‬البخور

في‭ ‬الصباح‭ ‬يُحمد‭ ‬السُرى

وتدرج‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬عقارب‭ ‬الشهور‭ ‬

 

‭* * *‬

دارنا‭ ‬مَناحة‭ ‬تَفتُّ‭ ‬عظم‭ ‬يومنا‭ ‬

فكم‭ ‬بكيت‭ ‬ساعة‭ ‬احتضارها‭ ‬

وساعة‭ ‬اللكيع‭ ‬ظل‭ ‬شامتاً‭ ‬يحز‭ ‬في‭ ‬الوريد‭ ‬

‭ ‬والقعيد‭ ‬ود‭ ‬لو‭ ‬يشم‭ ‬زنبق‭ ‬الصباح‭   

واللكيع‭ ‬يركل‭ ‬القعيد

كم‭ ‬بكيت‭! ‬والجبال‭ ‬لا‭ ‬يهدّها‭ ‬البكاء

كل‭ ‬ساعة‭ ‬بدارنا‭ ‬عزاء‭ ‬

والدموع‭ ‬توقد‭ ‬الشموع‭ ‬تُخصب‭ ‬اللقاء

كل‭ ‬ساعة‭ ‬تسحّ‭ ‬من‭ ‬عروقنا‭ ‬الدماء

تَرفع‭ ‬الأكف‭ ‬نعش‭ ‬سيد‭ ‬مبجلٍ

وصية‭ ‬السماء

بِضعة‭ ‬زكية‭ ‬تزف،‭ ‬ياسمين

والقرين‭! ‬يَحلف‭ ‬اليَمين‭ ‬أن‭ ‬يُقارع‭ ‬الفناءَ

والخلود‭ ‬رحلة‭ ‬الصعود‭ ‬في‭ ‬مدارج‭ ‬العطاء

موكب‭ ‬الشهيد‭ ‬قادم‭!‬

أتى‭ ‬النداء‭ ‬من‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ذُرى‭ ‬السماء

هبت‭ ‬القلوب‭ ‬طوّقت‭ ‬نظامه‭ ‬الفريد

بوركت‭ ‬أكف‭ ‬فتية‭ ‬تَعلّقت‭ ‬بكعبة‭ ‬الفداءِ

كالشموس‭ ‬رَصَّعت‭ ‬مَدارها

وللفداء‭ ‬في‭ ‬منازل‭ ‬الوجود‭ ‬موكبٌ

تُردد‭ ‬الدهور‭ ‬سره‭ ‬وغيبه

تُبارك‭ ‬الفقيدَ

والعهود‭ ‬تحفر‭ ‬السطور‭ ‬في‭ ‬الصخور

والقبور‭ ‬تُعلن‭ ‬النشور

تبعث‭ ‬السنين،‭ ‬تنفض‭ ‬التراب‭ ‬

آذنت‭ ‬قيامة‭ ‬الشهيد‭ ‬من‭ ‬جديد■