مجلة العربي منارة الثقافة الأصيلة

لا يمكن اختصار تاريخ مجلة العربي التي صدرت في دولة الكويت اعتباراً من ديسمبر 1958، في سطور محدودة. فهذه المجلة كانت - ولاتزال - منارة الثقافة الأصيلة، وشعلة الأمل العربي في مجال الثقافة والفن. كما أنها، منذ عددها الأول، حافظت على دعم كيان الأمة العربية، بالرغم من كل المآسي والمنغصات التي ألمّت بهذه الأمة، وظلت تبشّر بالتنوير، وحسر مساحات الظلام، التي اعترضت مسيرة الأمة العربية.
كبرنا وكبرت معنا «العربي»، وكم كنا نعتد ونستمتع ونحن نقرأ تحقيقاتها في الوطن العربي، وكانت بالنسبة إلينا، نحن جيل الستينيات، فضائية عربية نطل عبرها على العالم العربي، ونتعرّف على مدنه وشواطئه وتراثه.
دخلت «العربي» عامها الستين، ومازالت تختصر كثيراً مما يُنشر في العالم العربي، وتتفرّد في أسلوب النشر وطبيعته! ومازالت تقدّم لنا المدهش والثري والعجيب في دهاليز الآداب والفنون والتحقيقات الصحفية الراقية. لم تقترب «العربي» من دهشة المجاملة والممالأة، كما فعلت مجلات مماثلة، بل حافظت على رصانة مواضيعها ورزانة طرحها، بعيداً عن انفلاتات النزعات الأيديولوجية والانحياز السياسي.
لهذا، احترمها العقل العربي، وهي بذاتها احترمت نفسها، بتقديم الجاد والموضوعي، بعيداً عن التوجهات السياسية لهذا البلد أو ذاك. وهي إذ قامت بذلك، لأنها تصدر في دولة الكويت، المعروفة بديمقراطية الطرح، وقدسية الرأي الآخر، واحترافية احترام ذوق القارئ.
مجلة العربي، مازالت تحمل لنا الجميل والمدهش والغالي، لأنها عرفت مجاهل العقل العربي، وتوقه لأن يكون لهذا العقل موقع في الحياة اليومي، بعيداً عن الزيف السياسي، والإملاءات الإدارية.
وهي بذلك، كوّنت للقارئ العربي مكتبة ثرية، فضلاً عن رديفاتها مثل «العربي الصغير» و«كتاب العربي»، وكذلك موقعها الأثير على الإنترنت.
نهنئ كل القائمين على «العربي»، ونشد على أيديهم من أجل مزيد من الإضاءات في سمائنا العربية الحزينة! كما نشيد بدعم دولة الكويت لهذه المجلة الأثــــيرة، ولاستمرارها كل هذه السنين■