الأمراض الشتوية وكيفية الوقاية منها

الأمراض الشتوية وكيفية الوقاية منها

يطل علينا دائما فصل الشتاء الذي يمتاز  بطبيعة خاصة تجلب على النفس مزيدا من المتعة، فهو كالنسيم العابر  الجميل شرقيّ الخليج العربي وبالقرب من جنوب البحر  المتوسط، وهو أيضاً شديد البأس، بارد قارس في شمال الجزيرة العربية ومنطقة الشام. بانتهاء الصيف، نستذكر  أموراً صحية ألمت بالكثير من  المرضى، سواء من كانوا صغارا في السن وأيضاً عند الكبار  والمصابين بأمراض مزمنة، وفي فصل الصيف تزداد المشقة بسسب قلة الحركة، لأن طبيعة الطقس الحار لا تساعد على ذلك، فتحدث بعض المشكلات الصحية التي تصيب أعضاء الجسم كالكلى أو القلب إذا لم تراعَ فيه هذه الحالات.

فصل الشتاء له طبيعة خاصة من الناحية المرضية، وسأحاول في هذا المقال سرد بعض المعلومات التي من الممكن أن تساعد في توجيه القراء إلى الطرق السليمة للعناية بصحتهم، ومن هم أصحاب التخصصات المطلوب زيارتها واستشارتها في حال وجودها.
وأكثر ما يميز الأمراض المصاحبة لفصل الشتاء هي الأمراض التنفسية المعدية، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجراثيم الفيروسية والبكتيرية وهي لها درجة عالية من الانتشار ونقل العدوى بين الأفراد. الأمراض التنفسية المقصودة هي التي تحدث في الجهاز التنفسي، بدءاً من الجيوب الأنفية والحنجرة، وحتى الرئتين، فتحدث بها التهابات تسبب أعراضا متعددة وهي أمراض الإنفلونزا ونزلات البرد والتهابات الشعب الهوائية بالإضافة إلى الالتهابات الرئوية.

الفيروسات
من الجراثيم الشائعة المسببة لهذه الالتهابات الفيروسات، وفي فصل الشتاء تنشط هذه الفيروسات وتتسبب في إظهار أعراض تنفسية عدة، مثل التهابات الجيوب الأنفية، التهابات الحنجرة والشعب الهوائية وأيضاً التهابات الرئة. وأعراضها أحياناً تكون بسيطة كالإحساس بالتعب والإرهاق وحدوث الرشح وزيادة إفرازات الأنف، وأحيانا أخرى تتطور إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة وصعوبة في التنفس، مما يتطلب الدخول إلى المستشفى وتقديم العلاج بطريقة مكثفة. تشخيص الالتهابات الفيروسية يكفيه غالباً تاريخ الحالة والفحص السريري، وقليل جداً يتطلب فحوصات مخبرية كما في حالات التهابات فيروسية من أنواع محددة.
وتتطلب طرق الوقاية من الأمراض التنفسية المعدية عدة عوامل، أهمها الوقاية، وهذه أيضاً لها أكثر من طريقة. كمثال، مطلوب استشارة طبيب الجهاز التنفسي خصوصاً إذا كان الشخص يعاني أمراضا تنفسية مزمنة للتعرف على أفضل الطرق للوقاية من هذه الالتهابات التي تنشط في فصل الشتاء. الفيروسات تنتقل بين الأفراد، سواء عند الصغار أو الكبار، عن طريق الهواء من السعال أو العطس، وغالباً ما يحدث ذلك على مسافات قصيرة نسبياً، لكن الفيروسات عندما تكون خارج الجسم، فإنها تعيش على الأسطح، ومن ضمنها سطح جسم الإنسان، فهنا ينبغي غسل اليدين والأسطح للإقلال من تناقل هذه الفيروسات، وأيضاً ارتداء القناع الواقي على الأنف والفم، خصوصاً في وجود أفراد آخرين مصابين، يستطيع أن يقلل العدوى لغير المصابين.
 
استخدام الطعوم
 الحل الآخر لمنع انتشار العدوى والوقاية من هذه الأمراض التنفسية هو الطعوم ضد الفيروسات، وهي تعتبر طريقة فعّالة وآمنة لمنع انتشار الفيروسات، وأهمها فيروس الإنفلونزا. وخلال السنوات العشر السابقة، شاهدنا موجات عدة من انتشار نماذج متعددة من فيروس الإنفلونزا، وتم تطوير أنواع عدة من الطعوم لمنع انتشارها، كالطعم المخصص ضد إنفلونزا الطيور والذي انتشر في عام 2008 لكن في أماكن محددة وقليلة حول العالم، وأيضاً إنفلونزا الخنازير في عام 2015 الذي امتد إلى أماكن متعددة في الوطن العربي. ونسخة فيروس الإنفلونزا المستمر في الظهور هي الإنفلونزا الموسمية، وعلى الرغم من  انتشارها وإصابة العديد بها، فإن الغالبية العظمى من المصابين تكون حالتهم المرضية بسيطة وسهلة العلاج عن طريق علاج الأعراض، فليس مطلوبا استخدام دواء مضاد للفيروس عند أغلب المرضى. ويسبب فيروس الإنفلونزا الموسمية بشكل عام أعراضا عدة، مثل الإعياء وارتفاع الحرارة والرشح وضعف القدرة على التنفس، ومن الممكن أن تتطور هذه الحالة إلى فشل رئوي وخلل في أجهزة الجسم الأخرى، وهذا ما نراه عند المرضى المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة كمرضى السكر وأمراض القلب والكلى والكبد، ومن يعانون أمراض نقص المناعة أو المقيمين في المراكز الصحية ودور العجزة. ويعتبر فيروس الإنفلونزا الموسمية عند هؤلاء المرضى الضعاف في صحتهم ومناعتهم، عاملاً أساسياً ومهماً في التسبب بالإقامة في المستشفى ومضاعفات عدة وصولا إلى الوفاة أحياناً. 
استخدام الطعم ضد فيروس الإنفلونزا الموسمية فعال في تقليل نسبة الإصابة به، والمطلوب استخدامه بسبب قدرة فيروس على تجديد تكوينه الجيني سنوياً، لذلك يجب أن تكون الحماية سنوية، وأفضل وقت لأخذ طعم فيروس الإنفلونزا الموسمية هي قبل نهاية شهر أكتوبر وينصح بها لجميع الأفراد، ولكنها ضرورية عند فئات محددة مثل: الأفراد بعد سن 65 سنة، مرضى أمراض الدم والكبد والقلب والكلى والكبد والرئة والأعصاب المزمنة، مرضى السكر ومرضى نقص المناعة، الحوامل والمقيمين في المراكز والمصحات الطبية والعاملين فيها.

التهابات الرئة البكتيرية
جانب آخر من الأمراض التنفسية هو التهابات الرئة البكتيرية، وهي على الرغم من كونها موجودة طوال السنة، فإنها أيضاً تنشط في فترة الشتاء. والبكتيريا مخلوق يختلف عن الفيروس بأنه ممكن أن يسبب مرضا أشد، لكنه كالفيروس في اختيار ضحاياه، فأغلبهم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، كما ذكرنا سابقاً، وقليل أن يحدث في الأفراد الأصحاء. طريقة انتقال بكتيريا التهابات الرئة هي كطريقة انتقال الفيروسات، فهي تعتمد على الانتقال في الهواء عن طريق السعال من مسافات قريبة غالباً، لكن انتقالها من فرد لآخر قليل حدوثه وغالباً ما تكون أشد، ويصاحبها سعال ووجود إفراز لعاب. تشخيص التهابات الرئة البكتيرية يتم عن طريق الفحص السريري وأيضاً الأشعة السينية للرئة، وهذا يكفي عند أغلب الأفراد، والعلاج يكون دائماً باستخدام المضادات الحيوية. وهناك طعوم يمكن استخدامها ضد التهابات الرئة البكتيرية وهي موجهة ضد بكتيريا Pneumococcal، وهي من أكثر أسباب التهابات الرئة البكتيرية شيوعاً، والطعوم لها القدرة على تقليل فرص حدوث هذه الالتهابات، وهي ليست مخصصة للجميع ولكن عند الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بها، مثل المسنين ومرضى السكري والأمراض المزمنة للرئة والقلب وحالات أخرى ممكن استشارة الطبيب المعالج عنها.
خير علاج ضد الأمراض هو الوقاية منها، وهذا ينطبق حتى على الأمراض الفيروسية والبكتيرية، فتقليل مخالطة المرضى وغسل اليدين وارتداء القناع الواقي واستخدام الطعوم جميعها طرق فعالة لتقليل الإصابة بالأمراض التنفسية الشتوية■