ديكارت والانعطافة الكبرى في العلم والفكر والفلسفة

ديكارت والانعطافة الكبرى في العلم والفكر والفلسفة

‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الفيلـــسوف‭ ‬والعــــالم‭ ‬الكبــــيـر،‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬للفكر‭ ‬العقلاني،‭ ‬وهو‭ ‬الــقائل‭ ‬‮«‬أنــا‭ ‬أفكــر‭ ‬إذن‭ ‬أنــــا‭ ‬موجود‮»‬،‭ ‬وتوصل‭ ‬إلى‭ ‬الإيمان‭ ‬العمـــيــق‭ ‬بالله،‭ ‬كــمـــا‭ ‬ابـــتــكر‭ ‬الهندسة‭ ‬التحليلية‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬الأرضية‭ ‬الرياضية‭ ‬للبناء‭ ‬الصحيح‭ ‬للمعرفة‭ ‬العلمية‭. ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬ديكارت‭ ‬من‭ ‬مقال‭ ‬للدكتور‭ ‬زكريا‭ ‬إبـــراهيم‭ ‬بمجلة‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الستينيات،‭ ‬حيث‭ ‬شعرت‭ ‬أن‭ ‬فكر‭ ‬ديكارت‭ ‬يشكل‭ ‬شيئاً‭ ‬كنت‭ ‬أبحث‭ ‬عنه،‭ ‬وظل‭ ‬يشكل‭ ‬هاجساً‭ ‬لي‭.‬

من‭ ‬خلال‭ ‬تخصصي‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭ ‬والرياضيات‭ ‬عرفت‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬لديكارت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أسس‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬ويرجع‭ ‬إليه‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬الانتقالة‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬الفلسفة‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭ ‬التطبيقي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتحدث‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬مقالي‭ ‬هذا‭.‬

 

‭ ‬حياة‭ ‬ديكارت‭ ‬

ولد‭ ‬ديكارت‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬عام‭ ‬1596‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬النبلاء‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬هولندي،‭ ‬وتلقى‭ ‬تعليماً‭ ‬دينياً‭ ‬وفلسفياً،‭ ‬ثم‭ ‬درس‭ ‬الرياضــــيات‭ ‬والفيزياء‭.‬

وبعد‭ ‬تخرجه‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بواتييه،‭ ‬التحق‭ ‬عام‭ ‬1618‭ ‬بالجيش‭ ‬الهولندي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مدرسة‭ ‬أخرى‭ ‬له،‭ ‬ثم‭ ‬تفرغ‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬لعمله‭ ‬العلمي‭ ‬منذ‭ ‬1622،‭ ‬حيث‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬هولندا‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1943،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دانت‭ ‬جامعة‭ ‬أوتريخت‭ ‬فلسفته‭ ‬ضمن‭ ‬الحملة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الأرض‭ ‬ليست‭ ‬مركزاً‭ ‬للكون،‭ ‬فانتقل‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬ثم‭ ‬السويد،‭ ‬وتوفي‭ ‬عام‭ ‬1649‭ ‬في‭ ‬استوكهولم‭.‬

‭ ‬

انعطافة‭ ‬فكرية‭ ‬

إن‭ ‬دراسة‭ ‬ديكارت‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وولعه‭ ‬كانا‭ ‬باتجاه‭ ‬الرياضيات‭ ‬والعلوم‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وكان‭ ‬معجباً‭ ‬بالمنطق‭ ‬الرياضي‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬بدقة‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الخطأ،‭ ‬فأراد‭ ‬تطبيقه‭ ‬على‭ ‬الفلسفة‭.‬

وعندما‭ ‬غادر‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬عام‭ ‬1619،‭ ‬التقى‭ ‬الطبيب‭ ‬والفيلسوف‭ ‬الألماني‭ ‬إسحق‭ ‬بيكمان،‭ ‬الذي‭ ‬اتفق‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬المنطق‭ ‬الرياضي‭ ‬على‭ ‬الفلسفة‭ ‬والميتافيزيقيا،‭ ‬وتطبيق‭ ‬الميتافيزيقا‭ ‬على‭ ‬المنطق‭ ‬الرياضي،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الكبير‭: ‬‮«‬هل‭ ‬الوجود‭ ‬حولنا»؟‭ ‬وكذلك‭ ‬نحن‭ - ‬بملَكة‭ ‬العقل‭ ‬التي‭ ‬نملكها‭ - ‬نعيش‭ ‬وجوداً‭ ‬حقيقياً،‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬يمثل‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬الحلم؟‭ (‬كما‭ ‬يقول‭ ‬دعاة‭ ‬الفلسفة‭ ‬المثالية‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬وجودنا‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬الحلم،‭ ‬هنا‭ ‬كانت‭ ‬محاولة‭ ‬ديكارت‭ ‬لإثبات‭ ‬أن‭ ‬وجودنا‭ ‬حقيقي‭ ‬وليس‭ ‬زائفاً‭ ‬كالحلم‭ ‬باستخدام‭ ‬المنطق‭ ‬الرياضي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬الخطأ،‭ ‬مبتدئاً‭ ‬من‭ ‬النقطة‭ ‬المحورية‭ ‬للفلاسفة‭ ‬المثاليين،‭ ‬وهي‭ ‬الشك‭ ‬بالوجود‭ ‬الحقيقي‭.‬

بدأ‭ ‬ديكارت‭ ‬بالشك‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬المادي،‭ ‬وبمصداقية‭ ‬ما‭ ‬تقول‭ ‬الحواس،‭ ‬وهكذا‭ ‬تجرد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬وجود‭ ‬واقعي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بالشك؟‭ ‬أليست‭ ‬ذاتاً‭ ‬حقيقية‭ ‬التي‭ ‬تشك؟‭ ‬نعم‭ ‬هناك‭ ‬وجود‭ ‬لذات‭ ‬تشك‭ ‬في‭ ‬وجودها،‭ ‬وهذه‭ ‬الذات‭ ‬هي‭ ‬أنا،‭ ‬نعم‭... ‬أنا‭ ‬أشك‭ ‬إذن‭ ‬أنا‭ ‬موجود‭... ‬ومن‭ ‬يشك‭... ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬العقل،‭ ‬ومادته‭ ‬الفكر‭... ‬إذن‭ ‬أنا‭ ‬أفكر‭... ‬إذن‭ ‬أنا‭ ‬موجود‭.‬

ذلك‭ ‬هو‭ ‬مبدأ‭ ‬الكوجيتو،‭ ‬وكوجيتو‭ ‬تعني‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬اللاتينية‮»‬‭ ‬أنا‭ ‬أفكر‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬توسع‭ ‬ليضع‭ ‬الأساس‭ ‬المتين‭ ‬لعلم‭ ‬الفلسفة‭ ‬الحديثة،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬تأملات‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬الأولى‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قدّم‭ ‬أسلوب‭ ‬التفكير‭ ‬المنطقي‭ ‬بشكل‭ ‬قواعد،‭ ‬وعرضه‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬مقال‭ ‬عن‭ ‬المنهج‮»‬‭: ‬

  - ‬قاعدة‭ ‬اليقين‭: ‬ألا‭ ‬أقبل‭ ‬شيئاً‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬حق،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬أعرف‭ ‬يقيناً‭ ‬أنه‭ ‬كذلك‭.‬

‭ - ‬قاعدة‭ ‬التحليل‭: ‬أن‭ ‬أقسّم‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المعضلات‭ ‬التي‭ ‬سأختبرها‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭.‬

‭ - ‬قاعدة‭ ‬التركيب‭: ‬أن‭ ‬أُسيِّر‭ ‬أفكاري‭ ‬بنظام،‭ ‬بادئاً‭ ‬بأبسط‭ ‬الأمور،‭ ‬ومنتقلاً‭ ‬إلى‭ ‬أصعبها،‭ ‬حتى‭ ‬أمتلك‭ ‬معرفة‭ ‬أكثر‭ ‬ترتيباً‭.‬

‭- ‬قاعدة‭ ‬الاستقراء‭ ‬التام‭: ‬أن‭ ‬أجري‭ ‬المراجعات‭ ‬الشاملة،‭ ‬ما‭ ‬يجعلني‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬بأنني‭ ‬لم‭ ‬أغفل‭ ‬شيئاً‭.‬

ويستمر‭ ‬ديكارت‭ ‬في‭ ‬استــخدام‭ ‬المنهج،‭ ‬ليتوصل‭ ‬إلى‭ ‬أكبر‭ ‬حقيقة‭ ‬نعيشها‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬وهي‭ ‬وجود‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬والتي‭ ‬ذكرها‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬تأملات‭ ‬في‭ ‬الميتافيزيقيا‮»‬،‭ ‬فيرى‭ ‬أن‭ ‬التيقن‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬الذات‭ ‬المفكرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبدأ‭ ‬الكوجيتو،‭ ‬هو‭ ‬بالتأكيد‭ ‬الذي‭ ‬سيقود‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬وجود‭ ‬خالق،‭ ‬لأن‭ ‬وجود‭ ‬الذات‭ ‬المفكرة‭ ‬النسبية‭ ‬الوجود،‭ ‬وهي‭ ‬المحدودة‭ ‬بالزمان‭ ‬والمكان،‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬حتمية‭ ‬وجود‭ ‬الذات‭ ‬المطلقة،‭ ‬وهو‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭.‬

يقول‭ ‬ديكارت‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إلهاً‭ ‬أعلى،‭ ‬أبدي،‭ ‬لا‭ ‬متناهٍ،‭ ‬كليّ‭ ‬العلم‭ ‬والقدرة‭ ‬وخالق‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭: ‬يجسّد‭ ‬حقيقة‭ ‬موضوعية‭ ‬في‭ ‬ذاته‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقارن‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭ ‬المتناهية‮»‬‭.‬

 

  ‬ديكارت‭ ‬وانعطافة‭ ‬العلم‭ ‬الكبرى

قدم‭ ‬ديكارت‭ ‬للمعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الإنجازات‭ ‬في‭ ‬تاريخها،‭ ‬وهو‭ ‬تأسيسه‭ ‬علم‭ ‬الهندسة‭ ‬التحليلية‭ ‬التي‭ ‬ربطت‭ ‬بين‭ ‬علمَي‭ ‬الهندسة‭ ‬الفراغية‭ ‬والجبر،‭ ‬بلفتة‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬ديكارت،‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬تبنيه‭ ‬فكرة‭ ‬منهج‭ ‬التفكير‭ ‬الذي‭ ‬ابتكره،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬أو‭ ‬تفكيك‭ ‬أي‭ ‬معضلة‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المعضلات‭ ‬الأبسط،‭ ‬وهكذا‭ ‬فإنه‭ ‬حلل‭ ‬أبعاد‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬هندسي،‭ ‬حيث‭ ‬يقع‭ ‬كل‭ ‬بُعد‭ ‬باتجاه‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬متغيرات‭ ‬جبرية،‭ ‬ثلاثة‭ ‬تصنع‭ ‬محاور‭ ‬متعامدة‭ (‬أو‭ ‬إحداثيات‭) ‬هي‭ (‬س‭) ‬أو‭ (‬x‭)‬،‭ ‬ص‭ ‬أو‭ (‬y‭)‬،‭ ‬ز‭ ‬أو‭ (‬z‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬في‭ (‬الشكل‭ ‬ب‭)‬،‭ ‬أما‭ (‬الشكل‭ ‬أ‭) ‬فهو‭ ‬يمثل‭ ‬الإحداثيات‭ ‬في‭ ‬بعدين‭. ‬

ثم‭ ‬نجري‭ ‬الحسابات‭ ‬لكل‭ ‬بُعد‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬باستخدام‭ ‬العمليات‭ ‬الجبرية‭. ‬إن‭ ‬الهندسة‭ ‬الفراغية‭ ‬التقليدية‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬النقطة‭ ‬والخط‭ ‬والمساحة‭ ‬والحجم،‭ ‬وكلها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعبّر‭ ‬عنها‭ ‬كرموز‭ ‬جبرية‭ ‬باستخدام‭ ‬الإحداثيات‭ ‬الديكارتية‭. ‬فموقع‭ ‬طائرة‭ ‬يحدد‭ ‬بنقطة‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ (‬ب‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬سفينة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬بنقطة‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ (‬أ‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬مسار‭ ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ (‬د‭)‬،‭ ‬وخزان‭ ‬أسطواني‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ (‬ج‭)‬،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬مبدأ‭ ‬التحليل‭ ‬أصبح‭ ‬شائعاً‭ ‬بكل‭ ‬فروع‭ ‬المعرفة‭.‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬أضافه‭ ‬ديكارت‭ ‬بابتكاره‭ ‬علم‭ ‬الهندسة‭ ‬التحليلية‭ ‬للمعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬أنه‭:‬

أولاً‭: ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬الأشكال‭ ‬الهندسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭ ‬بالمعادلات‭ ‬الجبرية،‭ ‬فإذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬عمارة‭ ‬أو‭ ‬برجاً،‭ ‬فإننا‭ ‬نُسقط‭ ‬شكل‭ ‬العمارة‭ ‬أو‭ ‬البرج‭ ‬على‭ ‬الإحداثيات‭ ‬الديكارتية،‭ ‬ونجري‭ ‬عليها‭ ‬حسابات‭ ‬الهندسة‭ ‬المدنية‭ ‬عليها،‭ ‬كعمق‭ ‬الأساسات‭ ‬ومقدار‭ ‬تأثير‭ ‬الرياح‭ ‬ومقاومة‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭.‬

ثانياً‭: ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حل‭ ‬أي‭ ‬مسألة‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وضعها‭ ‬ضمن‭ ‬الإحداثيات‭ ‬الديكارتية،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬الطائرات‭ ‬ومسارات‭ ‬الكواكب،‭ ‬مروراً‭ ‬بحركة‭ ‬الذرات‭.‬

ثالثاً‭: ‬شاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬تُظهر‭ ‬الصور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جعلها‭ ‬ذات‭ ‬إحداثيات‭ ‬ديكارتية‭ ‬ببعدين‭.‬

رابعاً‭: ‬من‭ ‬أهم‭ ‬نتائج‭ ‬ابتكار‭ ‬الهندسة‭ ‬التحليلية،‭ ‬ابتكار‭ ‬نيوتن‭ ‬وليبنز‭ ‬علمَي‭ ‬التفاضل‭ ‬والتكامل،‭ ‬وبواسطتهما‭ ‬أمكن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الكميات‭ ‬اللحظية‭ ‬كالسرعة،‭ ‬ويكون‭ ‬ديكارت‭ ‬قد‭ ‬قاد‭ ‬نيوتن‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬معضلة‭ ‬أخيل،‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬ألفي‭ ‬عام‭.‬

خامساً‭: ‬توصل‭ ‬ديكارت‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬زخم‭ ‬الجسم‭ ‬أو‭ ‬الاستمرارية‭ ‬والحركة‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬مستقيم،‭ ‬ليهيئ‭ ‬الأرضية‭ ‬لنيوتن‭ ‬ليصوغ‭ ‬أول‭ ‬قوانينه‭ ‬في‭ ‬الاستمرارية،‭ ‬كما‭ ‬درسناه‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭.‬

بذلك‭ ‬يكون‭ ‬ديكارت‭ ‬قد‭ ‬هيأ‭ ‬المسرح‭ ‬مع‭ ‬جاليليو‭ ‬لنيوتن،‭ ‬ليصوغ‭ ‬البناء‭ ‬الصحيح‭ ‬للفيزياء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استقراء‭ ‬الطبيعة‭ ‬واستجوابها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬حركة‭ ‬الأجسام‭ ‬المادية‭ (‬قوانين‭ ‬نيوتن‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والبناء‭ ‬الحضاري‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬والتي‭ ‬أجابت‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الإنسان‭ ‬لها‭ ‬إجابة‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬كحركة‭ ‬الكواكب‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭ ‬ومساراتها‭ ‬المعقدة‭. ‬

عانى‭ ‬ديكارت،‭ ‬الذي‭ ‬مثّل‭ ‬منارة‭ ‬باسقة‭ ‬أضاءت‭ ‬للإنسانية‭ ‬دروبها،‭ ‬جمود‭ ‬وتحجّر‭ ‬من‭ ‬وضعوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬أوصياء‭ ‬على‭ ‬الفكر‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬وأوشـــــك‭ ‬أن‭ ‬يحرق‭ ‬كتبــــه‭ ‬عندما‭ ‬حكمـــــت‭ ‬المحكمة‭ ‬بحرق‭ ‬نظيره‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬المعرفي‭ (‬جاليليو‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬يتنقل‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬الملاحقة،‭ ‬ليموت‭ ‬غريباً‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬وطنه‭  ■