مجلة العربي رسالة الكويت لأمتها

مجلة العربي رسالة الكويت لأمتها

مجلة‭ ‬العربي‭ ‬ظاهرة‭ ‬صحفية‭ ‬كويتية‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬60‭ ‬عاماً،‭ ‬موجّهة‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأقطار‭  ‬العربية،‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬مختلفة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬المناخ‭ ‬قومياً‭ ‬عربياً‭ ‬بعد‭ ‬الوحدة المصرية‭ - ‬السورية،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬مجلة‭ ‬سياسية‭ ‬بل‭ ‬ثقافية‭ ‬شاملة‭ ‬كان‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬ومتعطشاً‭ ‬لها،‭ ‬وصدور‭  ‬المجلة‭ ‬حينها‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬المجلات‭ ‬والصحف‭ ‬محدوداً،‭ ‬ولهذا‭ ‬كان‭ ‬تأثير‭ ‬المجلة‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭. ‬

كان‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬متلهفاً‭ ‬للثقافة،‭ ‬ويهتم‭ ‬بالقراءة‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬اليوم،‭ ‬وهذه‭ ‬مفارقة‭ ‬عاشتها‭ ‬وتعيشها‭ ‬الثقافة،‭ ‬ويعيشها‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬المتعلمون‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬بالمرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬يتسابقون‭ ‬لاقتناء‭ ‬مجلة‭ ‬العربي،‭ ‬وقراءتها،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬القارئ‭ ‬أحياناً‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬ما‭ ‬يطرحه‭ ‬بعض‭ ‬كتّابها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مصرّاً‭ ‬على‭ ‬المتابعة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬مجلة‭ ‬بإخراجها‭ ‬الجميل،‭ ‬وسعرها‭ ‬والموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تطرحها،‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬اهتمامات‭ ‬أولئك‭ ‬الشباب‭. ‬

إن‭ ‬المتابعة‭ ‬لمجلة‭ ‬العربي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإصدارات‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬مؤسسات‭ ‬كويتية‭ ‬تؤكد‭ ‬حرص‭ ‬الكويت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬عائدات‭ ‬النفط‭ ‬يذهب‭ ‬للثقافة،‭ ‬وهي‭ ‬قيمة‭ ‬اهتمت‭ ‬بها‭ ‬الكويت‭ ‬منذ‭ ‬عصر‭ ‬التنوير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الخمسينيات‭ ‬وبداية‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

 

طبيعة‭ ‬المجلة

هي‭ ‬دورية‭ ‬شهرية‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬ابتعدت‭ ‬عن‭ ‬التوجهات‭ ‬السياسية،‭ ‬مركزة‭ ‬على‭ ‬التعريف‭ ‬بالوطن‭ ‬العربي،‭ ‬الدول‭ ‬والمدن‭ ‬والآثار‭ ‬وهموم‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وعلى‭ ‬المشتركات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬اهتمام‭ ‬المجلة‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬عليه،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وكذلك‭ ‬الوضع‭ ‬العالمي،‭ ‬ثقافياً‭ ‬وجغرافياً‭ ‬واجتماعياً‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬وضعت‭ ‬لنفسها‭ ‬منهجاً‭ ‬بأن‭ ‬تؤدي‭ ‬دورها،‭ ‬وتستمر،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬غير‭ ‬راضين‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬المستوى‭ ‬للمجلة،‭ ‬لكن‭ ‬طبيعة‭ ‬الأوضاع‭ ‬كانت‭ ‬تتطلب‭ ‬ذلك‭ ‬لضمان‭ ‬استمرارها،‭ ‬ودخولها‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

ويلاحظ‭ ‬عند‭ ‬مراجعة‭ ‬أعداد‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تخطيطاً‭ ‬جيداً‭ ‬قد‭ ‬وضع‭ ‬لها،‭ ‬وأن‭ ‬إمكانات‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬للمجلة،‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬زكي،‭ ‬كانت‭ ‬علمية‭ ‬وعقلانية‭ ‬وواقعية،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬مقالاته‭ ‬علمية‭ ‬عميقة،‭ ‬لكن‭ ‬بعدها‭ ‬ثقافي‭.‬

‮«‬العربي‮»‬‭ ‬مجلة‭ ‬ثقافية‭ ‬تخاطب‭ ‬الشباب،‭ ‬وصاحب‭ ‬صدور‭ ‬المجلة‭ ‬ملحق‭ ‬للأطفال،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كلي‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬ندواتها‭ ‬السنوية،‭ ‬إذاً‭ ‬هي‭ ‬مؤسسة‭ ‬ثقافية‭ ‬مهمة‭ ‬لا‭ ‬تخاطب‭ ‬العامة‭ ‬ولا‭ ‬النخبة‭ ‬المفكرة،‭ ‬بل‭ ‬المثقف‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭.‬

لقد‭ ‬سدّت‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬فراغاً‭ ‬أحدثه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬غياب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالكتاب،‭ ‬ونعرف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحياة‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬والدولة‭ ‬الريعية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالثقافة‭ ‬من‭ ‬الأولويات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التماسك‭ ‬والصمود‭ ‬مطلوبان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬أمتنا‭. ‬

لقد‭ ‬وجد‭ ‬المتعلمون‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬زادهم‭ ‬الثقافي،‭ ‬لأن‭ ‬طرحها‭ ‬وأسلوبها‭ ‬والتشويق‭ ‬فيها‭ ‬كانت‭ ‬تجذبهم‭ ‬إليها،‭ ‬فوجدوا‭ ‬فيها‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬طموحهم‭ ‬وهمومهم،‭ ‬ومساهمة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الرؤية‭ ‬لديهم‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬موضوعات‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬تتجنب‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية،‭ ‬وتركز‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الثقافي،‭ ‬ومنه‭ ‬الثقافة‭ ‬السياسية،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجنب‭ ‬أهمية‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭.‬

 

محتوى‭ ‬المجلة‭ ‬ودورها‭ ‬الثقافي

يبدأ‭ ‬عدد‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬بكلمة‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير،‭ ‬وهي‭ ‬أقرب‭ ‬للدراسة،‭ ‬وتحمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬رسالة‭ ‬بطريق‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬لذكر‭ ‬أمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وكانت‭ ‬علمية‭ ‬وبأسلوب‭ ‬ملائم‭ ‬يجذب‭ ‬القراء‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬سن‭ ‬الشباب،‭ ‬واختلاف‭ ‬خلفياتهم‭ ‬الثقافية‭ ‬بهدف‭ ‬الارتقاء‭ ‬بتلك‭ ‬الثقافة،‭ ‬ثم‭ ‬تتميز‭ ‬أعداد‭ ‬المجلة‭ ‬بالاستطلاع‭ ‬الشهري‭ ‬الذي‭ ‬تجريه‭ ‬للمدن‭ ‬العربية،‭ ‬وأهم‭ ‬المراكز‭ ‬العلمية‭ ‬والآثارية‭ ‬والدينية،‭ ‬وبعض‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬كانت‭ ‬مجهولة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭. ‬

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تأتي‭ ‬المقالات‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭ ‬الثقافية‭ ‬الأدبية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأبواب‭ ‬الأخرى‭ ‬المتنوعة،‭ ‬مع‭ ‬متابعة‭ ‬عروض‭ ‬ملخصة‭ ‬للكتب‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬حديثاً‭. ‬

أما‭ ‬الدور‭ ‬الثقافي‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬العربي‮»‬،‭ ‬فكاتب‭ ‬هذه‭ ‬الأسطر‭ ‬أحد‭ ‬المتابعين‭ ‬للمجلة،‭ ‬ولا‭ ‬ينكر‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬ثقافته‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الستينيات‭ ‬والسبعينيات،‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬كاتباً‭ ‬في‭ ‬المجلة‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬

لقد‭ ‬عرَّفت‭ ‬استطلاعات‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬بمناطق‭ ‬عربية‭ ‬كانت‭ ‬معرفتهم‭ ‬بها‭ ‬محدودة،‭ ‬مثل‭: ‬العرب‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي،‭ ‬والمناطق‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬والمنافذ‭ ‬البحرية‭ ‬فيه،‭ ‬وغيرها‭.‬

وقد‭ ‬حدث‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬محتوى‭ ‬المجلة‭ ‬وإخراجها،‭ ‬ويعود‭ ‬ذلك‭ ‬مؤكدا‭ ‬في‭ ‬بعضه‭ ‬إلى‭ ‬اقتراحات‭ ‬القراء‭ ‬والمتابعين‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬ملتقياتها،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬تحولت‭ ‬اهتمامات‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬قطرياً،‭ ‬ومن‭ ‬واجب‭ ‬المجلة‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬ذلك‭ ‬التوجه‭ ‬والتحول‭ ‬في‭ ‬محتوى‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تطرحها،‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬واحدة‭ ‬إذاً‭ ‬في‭ ‬محتوى‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تطرحها،‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬واحدة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الانغلاق‭ ‬والتعصب،‭ ‬والمبالغة‭ ‬والغلو‭.‬

وقراء‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬مدعوون‭ ‬إلى‭ ‬نقد‭ ‬محتواها،‭ ‬واقتراح‭ ‬المناسب‭ ‬للنشر‭ ‬فيها،‭ ‬لأنها‭ ‬مجلتهم،‭ ‬ورسالة‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬أمتها‭ ‬العربية‭. 

 

‮«‬العربي‮»‬‭ ‬مجلة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬العربية

ومع‭ ‬المد‭ ‬القومي‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬مجلة‭ ‬العربي،‭ ‬تطورت‭ ‬القطرية‭ ‬في‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬للتيار‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ذلك‭ ‬التناقض‭ ‬كانت‭ ‬المجلة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬العربية،‭ ‬وتدخل‭ ‬كل‭ ‬قطر‭ ‬عربي‭.‬

وخلال‭ ‬رحلتها‭ ‬عبر‭ ‬عقود،‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬دولة‭ ‬عربية،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬ولاتزال‭ ‬فوق‭ ‬الخلافات،‭ ‬وتبتعد‭ ‬عن‭ ‬الموضوعات‭ ‬الخلافية،‭ ‬فهي‭ ‬بحق‭ ‬وسيلة‭ ‬وحدة‭ ‬للعرب‭ ‬في‭ ‬مشرقهم‭ ‬ومغربهم،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬عربية‭ ‬رائدة‭ ‬ومهمة‭ ‬في‭ ‬لم‭ ‬شمل‭ ‬العرب‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬مبدئية‭ ‬ثقافية‭ ‬أساسية‭ ‬تشكل‭ ‬أرضية‭ ‬اللقاء‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬الأشقاء‭. ‬هناك‭ ‬وسائل‭ ‬كثيرة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬العربية‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تستمر‭ ‬كما‭ ‬استمرت‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭. ‬والبعض‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬الحدود‭ ‬سدوداً‭ ‬بين‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية،‭ ‬ويفضلون‭ ‬أن‭ ‬تجمع‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬المشتركات‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬وصف‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭. ‬

والهموم‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬المشتركات‭ ‬العربية،‭ ‬لأننا‭ ‬كذلك‭ ‬نشترك‭ ‬في‭ ‬المشكلات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬ويرى‭ ‬بعضنا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬ويرى‭ ‬آخرون‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭. ‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬التفاعل‭ ‬الثقافي‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬اليوم،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬النزاعات‭ ‬الحدودية‭ ‬مادة،‭ ‬واليوم‭ ‬تزداد‭ ‬العراقيل‭ ‬والمعوقات‭ ‬للاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وليس‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭.‬

نعرف‭ - ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ - ‬أن‭ ‬المرحلة‭ ‬المعاصرة‭ ‬شهدت‭ ‬تحولات‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬أهمها‭ ‬وأخطرها‭ ‬القطرية‭ ‬المناطقية‭ ‬والإثنية‭ ‬الفئوية‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها،‭ ‬وهنا‭ ‬تكون‭ ‬رسالة‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬أخطر‭ ‬وأهم،‭ ‬وهي‭ ‬تتخطى‭ ‬الحواجز‭ ‬وتنفذ‭ ‬إلى‭ ‬العمق‭ ‬العربي،‭ ‬وتحمل‭ ‬مشعل‭ ‬التنوير‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المعوقات،‭ ‬ومصطلح‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬أعمق‭ ‬مما‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ ‬حول‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭.‬

لقد‭ ‬اكتشف‭ ‬العرب‭ ‬قيمة‭ ‬شعورهم‭ ‬وترابطهم‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬الأزمات،‭ ‬وتبقى‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬إحدى‭ ‬قنوات‭ ‬الاتصال‭ ‬العربية،‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬هويتها‭ ‬عربية،‭ ‬وليست‭ ‬مجلة‭ ‬إقليمية‭ ‬تجسد‭ ‬المادة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬الكويت‭ ‬بأن‭ ‬الكويت‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬وكانت‭ ‬تدير‭ ‬الندوات‭ ‬السنوية‭ ‬التي‭ ‬تعقدها‭ ‬المجلة‭ ‬مجالاً‭ ‬للحوار‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬يلتقى‭ ‬فيها‭ ‬مفكرون‭ ‬ومثقفون‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬ومنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭ ‬بصورة‭ ‬عامة،‭ ‬إدراكاً‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬لدورها،‭ ‬وأهمية‭ ‬الحوار‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬القضايا،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬الأمة،‭ ‬وتراجع‭ ‬التنوير‭ ‬فيها،‭ ‬فإن‭ ‬الكويت‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬رسالتها‭ ‬عبر‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإصدارات‭ ‬الثقافية‭. ‬

 

خلاصة‭ ‬القول‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬‮«‬العربي‮»‬

هي‭ ‬مجلة‭ ‬عربية‭ ‬عريقة،‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬الصدور‭ ‬لمدة‭ ‬60‭ ‬عاماً،‭ ‬وهي‭ ‬تتمتع‭ ‬باحترام‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أقطارهم‭. ‬هي‭ ‬مؤسسة‭ ‬ثقافية‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬ثقافية‭. ‬هي‭ ‬تعبير‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬النفطي‭ ‬لم‭ ‬يبخل‭ ‬بالصرف‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭. ‬هي‭ ‬المجلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجميع،‭ ‬ومستمرة،‭ ‬وميسرة،‭ ‬وبطباعة‭ ‬فاخرة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التطور‭ ‬الإعلامي‭ ‬الإلكتروني‭ ‬تتطور‭ ‬مجلة‭ ‬العربي،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعنى‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬ورقياً‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬الكتاب،‭ ‬والتحدي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬‮«‬العربي‮»‬،‭ ‬ويستمر‭ ‬نهجها،‭ ‬وتتطور‭ ‬كي‭ ‬تواكب‭ ‬ظروف‭ ‬المرحلة،‭ ‬وهذا‭ ‬نقد‭ ‬موضوعي‭ ‬لها‭ ‬وليس‭ ‬مجاله‭ ‬هنا،‭ ‬بل‭ ‬أردنا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أن‭ ‬نسجل‭ ‬انطباعاتنا‭ ‬عنها‭ ‬خلال‭ ‬رحلتها‭ ‬الطويلة‭ ‬الحافلة‭ ‬بالعطاء‭ ‬والإبداع  ■