عن العربي
اتصل بنا
قصص على الهواء
نجوم ساطعة في سماء الصيف الصافية
إذا نظرنا إلى السماء في ليلة صافية، فإننا نرى عددًا كبيرًا جدًّا من النجوم. يحتاج ضوء بعض النجوم إلى سنوات عدة للوصول إلى الأرض، ويحتاج ضوء بعضها إلى مئات أو آلاف أو حتى ملايين السنين للوصول إليها، ومع ذلك ونتيجة للمسافات الشاسعة، فإن العين ترى جميع النجوم وكأنها تقع على بُعد واحد. ترى العين النجوم وكأنها واقعة على سطح كرة ضخمة نسميها السماء، ويطلق عليها في علم الفلك اسم القبة أو الكرة السماوية.
يعتمد ما نشاهده من نجوم السماء على موقعنا فوق سطح الكرة الأرضية (خط عرض المدينة) وعلى وقت المشاهدة. ويمكن للراصد مشاهدة النجوم التي تقع فوق الأفق فقط، والأفق مستوى يمسّ سطح الأرض في النقطة الموجود عندها الراصد.
وبما أن الكرة الأرضية تشكّل نقطة صغيرة في مركز القبة السماوية، فيمكن لأي راصد مشاهدة النجوم الموجودة في نصف القبة السماوية تبعًا لأفقه. كما يمكن لراصد موجود عند القطب الشمالي (خط عرض 90 درجة) أن يرصد جميع نجوم النصف الشمالي من القبة السماوية، ولا يرى أي نجم من النصف الجنوبي، لأنها تقع تحت أفقه الذي ينطبق على الأفق السماوي. وكذلك الحال بالنسبة إلى راصد عند القطب الجنوبي (خط عرض -90 درجة)، حيث يشاهد أو يرصد نجوم النصف الجنوبي دون أن يتمكن من رصد أي من نجوم النصف الشمالي.
أما بالنسبة إلى راصد عند خط الاستواء (خط العرض يساوي الصفر) فإنه يتمكّن من رصد نصف القبة السماوية مناصفة بين الشمال والجنوب. ويمكن لهذا الراصد نظريًّا، وبسبب دوران الأرض، أن يرصد جميع نجوم القبة السماوية خلال 24 ساعة. وإذا كان الراصد عند خط عرض معيّن، فإنه يرصد نجوم نصف القبة السماوية من الشمال والجنوب، تبعًا لموقعه أو خط عرض مدينته وزمن المشاهدة.
اليوم الشمسي والنجمي
يعّرف اليوم الشمسي (24 ساعة شمسية) الذي نستخدمه في حياتنا اليومية بالزمن اللازم لعبور الشمس خط الزوال (أو خط الطول) مرتين متتاليتين. ويمكن للفلكي استخدام اليوم النجمي (24 ساعة نجمية)، الذي يعرف بالطريقة نفسها، أي الزمن اللازم ليعبر النجم خط الزوال مرتين متتاليتين.
إن قرب الأرض من الشمس (مقارنة مع النجوم) ودورانها حولها يجعل اليوم الشمسي أطول من اليوم النجمي بحوالي 4 دقائق. يتراكم الفرق على مدى شهر (30 يومًا) ليصبح 120 دقيقة أي ساعتين. فإذا شاهدنا نجمًا عند الساعة العاشرة مساء أول الشهر في مكان معيّن من السماء، فإننا نشاهده في المكان نفسه آخر الشهر، ولكن عند الساعة الثامنة، (أي قبل ساعتين). تساعد هذه الحقيقة في تتبّع نجوم السماء ومراقبتها.
كوكبات فصل الصيف
قسّم علماء الفلك القبة السماوية لمناطق بحدود وهمية سميّت كوكبات أو كوكبات نجمية، وهو ما يشابه تقسيم الأرض إلى قارات. إن الأبراج التي يتابعها البعض هي في الحقيقة كوكبات نجمية تقع خلف دائرة البروج (مسار الأرض حول الشمس أو المسار الوهمي للشمس)، ومع حركة الأرض حول الشمس فإننا نرى كأن الشمس تنتقل كل شهر من برج إلى آخر.
ويمكن لراصد عند خطوط العرض المتوسطة (مثل مدن القدس والقاهرة وبيروت والكويت وغيرها) مشاهدة كثير من كوكبات فصل الصيف، ومع الأسف فإن معظمها غير واضح المعالم وغير مشهور، ويمكن - مع ذلك - مشاهدة (4 ذ 6) كوكبات خلال ليالي الصيف الصافية بسهولة. والكوكبات التي يمكن مشاهدتها هي كوكبة العقرب، والقيثارة، والدجاجة أو البجعة، والعقاب أو النسر. ويمكن أيضًا مشاهدة كوكبتي التنين والقوس.
كوكبة العقرب
يبدأ برج أو كوكبة العقرب بالظهور فوق الأفق في الجنوب الشرقي من السماء مع بداية شهر يونيو، ويرتفع فوق الأفق ويتجه جنوبًا مع مرور الأيام ليظهر بالجنوب في شهر يوليو حوالي التاسعة أو العاشرة مساء. وكوكبة العقرب من الكوكبات القليلة التي يتناغم اسمها مع شكلها الذي يتدلى مثل العقرب. يظهر رأس العقرب على شكل 3 نجوم لامعة ونجمين آخرين أقلّ لمعانًا على خط واحد تقريبًا، وتمتد النجوم الأخرى خلفها مشكّلةً جسم العقرب وذيلها.
يعتبر نجم قلب العقرب Antares ألمع وأشهر نجوم الكوكبة. واسم Antares مشتق من اللغة اليونانية، ويعني ضديد anti المريخ، وذلك لتشابه لونيهما لدرجة يصعب على البعض التفريق بينهما. ويقع نجم قلب العقرب بالقرب من المسار الوهمي للشمس، ويمكن لكوكب المريخ أو حتى القمر حجب ضوئه عن الأرض، كما حدث بتاريخ 25 مايو 2009، حيث حجب القمر الضوء الصادر منه تمامًا.
وقلب العقرب نجم مزدوج فوق عملاق (يظهر للعين المجردة كنجم واحد) لونه أحمر وتزيد كتلته عن كتلة الشمس بحوالي 12 مرة، ويزيد قطره عن قطرها بحوالي 80 مرة. أما النجم المرافق فهو أزرق، وكتلته تساوي ثلاثة أضعاف كتلة الشمس. يشبه هذا النجم نجم بيت القوس في كوكبة الصياد (من كوكبات فصل الشتاء)، إلا أنه أضخم وأقل لمعانًا.
ويبعد نجم قلب العقرب عن الأرض حوالي 600 سنة ضوئية، ويحتاج الضوء الصادر منه بالتالي إلى نحو 600 عام للوصول إلى الأرض. وعندما نراه فإننا نراه كما كان قبل 600 عام، أي في القرن الخامس عشر، ولا يمكن مشاهدة حاضر النجم بسبب بُعده الشاسع. ونجم قلب العقرب في نهاية مراحل تطور النجوم، وسوف ينفجر في المستقبل فيما يعرف بـ «السوبرنوفا»، مخلّفًا نجمًا نيوترونيًّا. أما نجوم الكوكبة الأخرى فأقل شهرة وغير معروفة لغير المتخصصين.
كوكبة القيثارة
هي كوكبة صغيرة نسبيَّا، وقد أطلق عليها هذا الاسم اليوناني تخليدًا لموسيقار يوناني قديم كان يعتقد بأن عزفه على القيثارة يُطرب حتى الشجر.
والقيثارة آلة وتريّة معروفة منذ القدم، وقد طورت لما يعرف الآن بالجيتار (أو الغيتار). نجوم هذه الكوكبة باستثناء نجم النسر الواقع (Vega) خافتة غير مشهورة.
ويعد النسر الواقع خامس نجوم السماء في اللمعان، وقد استخدمه علماء الفلك مرجعًا لقياس أقدار النجوم. ويمكن مشاهدته بوضوح في الناحية الشرقية من السماء في فصل الصيف بعد الغروب. وكان هذا النجم نجم القطب الشمالي قبل حوالي 12 ألف عام، بدلًا من نجم القطب أو نجم الجدي في الوقت الحاضر، لأنه كان واقعًا على امتداد محور الأرض.
ويعود هذا التغير إلى ترنّح الأرض وتغيّر اتجاه محورها مع الزمن. والنسر الواقع مثل الشمس من حيث التطور، إلا أنه أضخم منها، حيث تزيد كتلته بحوالي مرتين ونصف المرّة عن كتلتها.
ويلاحظ أن سطوع النجم أكبر من سطوع الشمس بحوالي 50 مرة، ويبعد عنها نحو 26 سنة ضوئية. ويبدأ النسر الواقع بالظهور شرقًا في فصل الصيف، ويمكن تحديد موقعه بسبب لمعانه الشديد ومثلث الصيف المشهور، كما سنرى.
كوكبة الدجاجة
يعتبر نجم ذنب Deneb ألمع وأشهر نجوم كوكبة الدجاجة (تعرف أيضًا بكوكبة البجعة)، ويمكن مشاهدة خمسة من نجومها اللامعة بسهولة. وتمثّل النجوم - تبعًا للأسطورة اليونانية القديمة - بجعة أو دجاجة تطير في مجرة درب التبانة نحو الجنوب (حيث رأس البجعة)، بينما يقع نجم ذنب في ذيلها شمالاً. ويمتد جناحا البجعة أو الدجاجة شرقًا وغربًا، يشبه الشكل العام للكوكبة الصليب، ويطلق عليها أيضًا اسم الصليب الشمالي، قياسًا على كوكبة الصليب الجنوبي في النصف الجنوبي من القبة السماوية.
ويعد نجم ذنب من أضخم نجوم المجرة، وتساوي كتلته حوالي 25 كتلة شمس، أما قطره فيزيد على قطرها بحوالي 200 مرة ويزيد سطوعه بحوالي 54 ألف مرة عن سطوع الشمس.
ونجم ذنب، على العكس من نجم النسر الواقع، شاسع البعد عن الأرض، وتختلف المصادر في تحديد بعده عن الأرض الذي يتراوح بين 1600 و3200 سنة ضوئية. وهذا يعني أن الضوء الصادر منه يحتاج على الأقل إلى حوالي 1600 عام للوصول إلى الأرض.
أما نجم منقار الدجاجة فيقع في مقدمة رأس الدجاجة، وهو من أجمل نجوم السماء المزدوجة، ويتكون من نجمين؛ أحدهما أخضر بزرقة، والثاني بلون العنبر، وتعطي هذه الألوان شكلاً بديعًا في السماء. ومع الأسف، فإن العين لا تتمكن من فصل النجمين ويظهران كنجم واحد. ونجم صدر أو صدر الدجاجة من النجوم اللامعة في الكوكبة، ويوجد في منتصفها.
كوكبة النسر
مع تقدم أيام الصيف وارتفاع النسر الواقع وذنب الدجاجة في السماء، فإن نجوم الصيف اللامعة الأخرى، مثل نجم الطائر تبدأ في الظهور. وتشكّل النجوم الثلاثة النسر الواقع وذنب والطائر مثلث الصيف المشهور.
ويعتبر نجم الطائر هو ألمع نجوم كوكبة النسر (تعرف أيضًا بكوكبة العقاب)، وهي كوكبة صغيرة نسبيًّا ونجومها خافتة. ونجم الطائر مثل الشمس من حيث التطور، إلا أن سطوعه يفوق سطوعها بحوالي 10 أضعاف. وهو أقرب نجوم مثلث الصيف إلى الأرض، إذ إنه يبعده عنها حوالي 17 سنة ضوئية، وهو أقلها سطوعًا وحرارة.
تقع كوكبة التنين، وهو اسم لاتيني (وتسمى أيضًا كوكبة الأفعى أو الثعبان) في أقصى الشمال، وهي كوكبة كبيرة تلتف نجومها وتتلوى حول القطب السماوي الشمالي، مثل الأفعى الضخمة. ويمكن مشاهدة كثير من نجومها بسبب قربها من القطب السماوي الشمالي طوال العام (نجوم لا تغيب).
تقول الأسطورة اليونانية إن الأرض والنجوم كانت قبل حوالي 2800 عام تدور حول نجم ثعبان، لأنه كان قريبًا جدًّا من القطب السماوي الشمالي في ذلك الوقت. وقد انزعجت الآلة من ذلك، وخشيت أن يسيطر التنين على الأرض، فقتلته وخلدته في السماء بهذه الكوكبة. تعتبر نجوم ثعبان ورأس ثعبان (تم تشويه الاسم باللغة الإنجليزية في أثناء الترجمة)، والتنين من نجوم هذه الكوكبة المعروفة.
ويمكن مشاهدة كوكبة أو برج القوس صيفًا في منتصف درب التبانة أسفل كوكبة العقاب. وقد تصوّرها اليونانيون القدماء ككائن خرافي بنصف رجل ونصف حصان، ويحمل قوسًا ونشابًا. أما بالنسبة إلى الإنجليز فهي رامي السهام الذي يصوّب قوسه نحو قلب العقرب انتقامًا لقتله الصياد (كوكبة أخرى).
وقد تصوّر الفلكيون المعاصرون نجومها تصطف لتشكّل إبريقًا من الشاي. والكوكبة كبيرة وغنية بالنجوم غير المشهورة. ويعتبر نجم ركبة (يسمّى أيضًا الرامي) من ألمع نجومها، وهو نجم أزرق باهت يبعد عن الأرض حوالي 170 سنة ضوئية. ورغم أن اسمه العلمي يفترض أنه ألمع نجوم الكوكبة، فإنه ليس كذلك، وتصعب مشاهدته من داخل المدن. أما ألمع نجوم الكوكبة فهو القوس الجنوبي، واسمه مشتق من لغتين هما العربية (قوس) واللاتينية (الجنوب.
نجم ذنب من أضحم نجوم المجرة وشاسع البعد عن الأرض