نجيب محفوظ: لم أكتب رواية واحدة في «رمضان»

نجيب محفوظ:  لم أكتب رواية واحدة في «رمضان»

وُلد‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬11‭ ‬ديسمبر‭ ‬1911،‭ ‬بالمنزل‭ ‬رقم‭ ‬8‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬بيت‭ ‬القاضي‭ ‬بالجمالية‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬الحسين،‭ ‬وكان‭ ‬المنزل‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬قرمز،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬اعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الدرب‭ ‬مسكن‭ ‬للعفاريت،‭ ‬وكان‭ ‬الصبية‭ ‬يخشونه‭ ‬ويبتعدون‭ ‬عنه،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬حين‭ ‬يشرعون‭ ‬في‭ ‬اللهو‭ ‬والمرح‭.‬

يعتبر‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬بيت‭ ‬القاضي‭ ‬هو‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬حبو‭ ‬الطفولة‭ ‬وبواكير‭ ‬الصبا،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬بطابعه‭ ‬الخاص‭ ‬جداً‭ ‬محفوراً‭ ‬في‭ ‬ذاكرته‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬معالم‭ ‬ميدان‭ ‬بيت‭ ‬القاضي‭ ‬جدران‭ ‬المنازل‭ ‬التي‭ ‬شيدت‭ ‬من‭ ‬أحجار‭ ‬ضخمة‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬صلابة‭ ‬عصره‭ ‬وقوة‭ ‬بنيانه‭. ‬والقبو‭ ‬الذي‭ ‬تدلف‭ ‬من‭ ‬تحته‭ ‬حركة‭ ‬البشر،‭ ‬ونقطة‭ ‬الشرطة‭ ‬حصن‭ ‬الأمان‭ ‬لأهالي‭ ‬الحي‭ ‬الطيبين‭.‬

أما‭ ‬الجمالية‭ ‬فهو‭ ‬الحي‭ ‬الأرحب‭ ‬الذي‭ ‬يستوعب‭ ‬حركة‭ ‬الأحياء‭ ‬والنشاط‭ ‬الجمعي‭ ‬لأهلها‭ ‬وسكانها‭. ‬وهو‭ ‬نشاط‭ ‬لا‭ ‬يهدأ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬النهار،‭ ‬ومعظم‭ ‬ساعات‭ ‬الليل،‭ ‬حتى‭ ‬يتردد‭ ‬صوت‭ ‬مؤذن‭ ‬الفجر،‭ ‬فتسمع‭ ‬نقرات‭ ‬الأقدام‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬إلى‭ ‬أداء‭ ‬الصلاة‭. ‬

ويحكي‭ ‬محفوظ‭ ‬أن‭ ‬ميدان‭ ‬بيت‭ ‬القاضي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬فرح‭ ‬مستمر‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬كامل،‭ ‬فإذا‭ ‬جاء‭ ‬العيد‭ ‬وصل‭ ‬الفرح‭ ‬إلى‭ ‬ذروته،‭ ‬وعلت‭ ‬مباني‭ ‬الشارع‭ ‬زينات‭ ‬الأفراح،‭ ‬وكانت‭ ‬المنازل‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬تفتح‭ ‬أحواشها‭ ‬للناس‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬وكانت‭ ‬تأتي‭ ‬بالمنشدين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يقيمون‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬التوليد‭ ‬النبوي‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬حلقات‭ ‬الذكر‭ ‬تنشد‭ ‬فيه‭ ‬قصائد‭ ‬المديح‭ ‬في‭ ‬النبي‭ ‬‭[‬،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬المنازل‭ ‬تتبارى‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬تأتي‭ ‬به‭ ‬للإنشاد،‭ ‬وكنا‭ ‬ننتقل‭ ‬من‭ ‬منزل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬نستمتع‭ ‬بهذه‭ ‬الحلقات‭.‬

و«كانت‭ ‬القصائد‭ ‬الملقاة‭ ‬بديعة‭ ‬جداً،‭ ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬المنشدين‭ ‬له‭ ‬جوقة‭ ‬خاصة‭ ‬به،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يغني‭ ‬وترد‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬الجوقة،‭ ‬كنت‭ ‬وأنا‭ ‬طفل‭ ‬أستمتع‭ ‬جداً‭ ‬بسماع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المنشدين،‭ ‬وكان‭ ‬صوتهم‭ ‬أول‭ ‬صوت‭ ‬منغم‭ ‬أسمعه‭ ‬خارج‭ ‬منزلنا،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬الفونوغراف،‭ ‬لكن‭ ‬أصواتهم‭ ‬كانت‭ ‬تمتعني‮»‬‭.‬

و«كانت‭ ‬هناك‭ ‬بيوت‭ ‬أخرى‭ ‬تقيم‭ ‬حفلات‭ ‬ذكر،‭ ‬وكانت‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬الأنغام‭ ‬والأناشيد،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أمثالنا‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬الصغيرة‭ ‬الذين‭ ‬يملأون‭ ‬الشوارع‭ ‬بالفوانيس‭ ‬والأغاني،‭ ‬فيبدو‭ ‬الحي‭ ‬كله‭ ‬وكأن‭ ‬به‭ ‬فرحاً‭ ‬طوال‭ ‬الثلاثين‭ ‬يوماً،‭ ‬وكأننا‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬فني‭ ‬كبير‭ ‬يستمر‭ ‬حتى‭ ‬نسمع‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أذان‭ ‬الفجر‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬محمود،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬بصوت‭ ‬جميل‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬كانوا‭ ‬يأتون‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬لكي‭ ‬يستمعوا‭ ‬إلى‭ ‬أذان‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬محمود‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬مئذنة‭ ‬جامع‭ ‬الحسين،‭ ‬ثم‭ ‬يعودون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬محافظاتهم‮»‬‭. ‬

كان‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬يسكن‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬حارة‭ ‬‮«‬الوطاويط‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬الحسين،‭ ‬وكان‭ ‬يعبر‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬جامع‭ ‬الحسين‭ ‬يومياً‭ ‬لكي‭ ‬يرفع‭ ‬أذان‭ ‬الفجر‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬مئذنته‭.‬

 

شهر‭ ‬الحرية

ويرى‭ ‬محفوظ‭ ‬أن‭ ‬رمضان‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأطفال‭ ‬شهر‭ ‬الحرية،‭ ‬لأن‭ ‬الأهل‭ ‬كانوا‭ ‬يسمحون‭ ‬لهم‭ ‬بالأشياء‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ممنوعة‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬أيام‭ ‬السنة،‭ ‬مثل‭ ‬التغيب‭ ‬عن‭ ‬البيت‭ ‬طويلاً‭. ‬فيقول‭: ‬كنا‭ ‬نعود‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬للمذاكرة‭ ‬بالمنزل،‭ ‬وقد‭ ‬يحدث‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬يوم‭ ‬وآخر‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بالنزول‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬لملاقاة‭ ‬أصدقائنا،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬لعبنا‭ ‬تحت‭ ‬البيت‭ ‬كانوا‭ ‬يراقبوننا‭ ‬من‭ ‬الشبابيك،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬والدته‭ ‬تقول‭ ‬له‭: ‬‮«‬خليك‭ ‬قريّب‭ ‬تحت‭ ‬عيني،‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬الحدود‮»‬‭. ‬ويضيف‭: ‬‮«‬لكننا‭ ‬كنا‭ ‬سريعاً‭ ‬ما‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬حين‭ ‬يحل‭ ‬موعد‭ ‬النوم،‭ ‬أما‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬فلم‭ ‬نكن‭ ‬نخرج‭ ‬إلا‭ ‬بصحبة‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬منّا،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬يجيء‭ ‬رمضان‭ ‬حتى‭ ‬تفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬لكي‭ ‬نخرج‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الليل،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬لنا‭ ‬لا‭ ‬تتأخروا،‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬يذكرنا‭ ‬أحد‭ ‬بموعد‭ ‬للعشاء‭ ‬أو‭ ‬النوم‮»‬‭.‬

وكانت‭ ‬هدية‭ ‬رمضان‭ ‬الأولى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأطفال‭ ‬هي‭ ‬الفانوس‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يضاء‭ ‬بواسطة‭ ‬شمعة،‭ ‬لكن‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬أن‭ ‬الأهل‭ ‬كانوا‭ ‬يسمحون‭ ‬له‭ ‬بالخروج‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬ولقاء‭ ‬الأطفال،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬بنات‭ ‬أو‭ ‬صبياناً،‭ ‬وكان‭ ‬لهذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬وقع‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬نفوسهم،‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يجتمعون‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬ثم‭ ‬ينطلقون‭ ‬حاملين‭ ‬الفوانيس‭ ‬ذات‭ ‬الألوان‭ ‬الزاهية‭. ‬ويدورون‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬بيوت‭ ‬ميدان‭ ‬بيت‭ ‬القاضي،‭ ‬مرددين‭ ‬أغاني‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬فرحة‭ ‬شديدة،‭ ‬وكانوا‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬السهر‭ ‬والغناء،‭ ‬حتى‭ ‬يصيبهم‭ ‬الإعياء،‭ ‬فكان‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعيدهم‭ ‬إلى‭ ‬البيت،‭ ‬لا‭ ‬أوامر‭ ‬الآباء‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تجربته‭ ‬مع‭ ‬الصيام‭ ‬يقول‭: ‬كنت‭ ‬أبدأ‭ ‬بالصيام‭ ‬يوماً،‭ ‬لكن‭ ‬الأهل‭ ‬كانوا‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أفطر‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يضعف‭ ‬جسمي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صمت‭ ‬الشهر‭ ‬كله،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬السابعة،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬التحاقي‭ ‬بالكُتَّاب‭ ‬لحفظ‭ ‬آيات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬شديداً‭ ‬عليّ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭.‬

وكان‭ ‬الأهل‭ ‬يحاولون‭ ‬التخفيف‭ ‬عن‭ ‬الصبية‭ ‬فيقولون‭: ‬إن‭ ‬من‭ ‬صام‭ ‬أول‭ ‬الشهر‭ ‬وآخره‭ ‬فقد‭ ‬صام‭ ‬الشهر‭ ‬كله،‭ ‬فيقول‭: ‬كنا‭ ‬نرى‭ ‬الكبار‭ ‬لا‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك،‭ ‬وإنما‭ ‬يصومون‭ ‬كل‭ ‬أيام‭ ‬الشهر،‭ ‬فكنا‭ ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نفعل‭ ‬مثلهم‭. ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأيام‭ ‬أصل‭ ‬في‭ ‬اللحظات‭ ‬السابقة‭ ‬على‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬يرثى‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الجوع،‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بالتقلصات‭ ‬تعتصر‭ ‬معدتي،‭ ‬فكنت‭ ‬أصعد‭ ‬إلى‭ ‬سطح‭ ‬منزلنا‭ ‬الذي‭ ‬يطل‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬على‭ ‬‮«‬قرمز‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬‮«‬الحسين‮»‬،‭ ‬وكانت‭ ‬عيناي‭ ‬تتسمران‭ ‬على‭ ‬مئذنة‭ ‬جامع‭ ‬الحسين،‭ ‬فإذا‭ ‬شاهدت‭ ‬المؤذن‭ ‬يصعد‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬المئذنة‭ ‬وتظهر‭ ‬لي‭ ‬عمامته،‭ ‬نزلت‭ ‬جرياً‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬استعداداً‭ ‬للإفطار،‭ ‬قائلاً‭ ‬لنفسي‭: ‬جاء‭ ‬الفرج‭. ‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬محفوظ‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬الصيام‭ ‬سيكون‭ ‬أقصر‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬شاهد‭ ‬المؤذن‭ ‬قبل‭ ‬الآخرين‭. ‬وكان‭ ‬اجتماع‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭ ‬يضفي‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬المودة‭ ‬والدفء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬أفرادها‭.‬

وكانت‭ ‬للخشاف‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬محفوظ،‭ ‬فسائر‭ ‬المأكولات‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام،‭ ‬إلا‭ ‬الخشاف‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬رمضان‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬طبق‭ ‬الفول‭ ‬المدمس‭ ‬هو‭ ‬تاج‭ ‬المائدة‭ ‬الرمضانية‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬عدو‭ ‬الطعام،‭ ‬لأنه‭ ‬بمجرد‭ ‬ظهوره‭ ‬حتى‭ ‬يتجاهل‭ ‬الحضور‭ ‬بقية‭ ‬الأطعمة،‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يجيء‭ ‬طبق‭ ‬الفول‭ ‬إلى‭ ‬المائدة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬حتى‭ ‬يعطي‭ ‬الفرصة‭ ‬لبقية‭ ‬الأطعمة،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬يشبه‭ ‬الاتفاقات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها،‭ ‬فكان‭ ‬الجميع‭ ‬يتطلعون‭ ‬إلى‭ ‬طبق‭ ‬الفول؛‭ ‬سواء‭ ‬حضر‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أو‭ ‬النهاية‭.‬

أما‭ ‬المسحراتي‭ ‬فكان‭ ‬يأتي‭ ‬عادة‭ ‬ومحفوظ‭ ‬يغط‭ ‬في‭ ‬سبات‭ ‬عميق،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يهتم‭ ‬به‭ ‬كثيراً،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬الاعتراف‭ ‬به،‭ ‬أي‭ ‬محفوظ،‭ ‬عندما‭ ‬ذكر‭ ‬اسمه‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة،‭ ‬كان‭ ‬يستيقظ‭ ‬حتى‭ ‬يسمع‭ ‬اسمه‭ ‬وهو‭ ‬يردده‭: ‬‮«‬قم‭ ‬يا‭ ‬سي‭ ‬فلان‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬كان‭ ‬محفوظ‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الكعك،‭ ‬حيث‭ ‬ينقشه‭ ‬مع‭ ‬والدته،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬الفرّان‭ ‬ليحمله‭ ‬إلى‭ ‬الفرن‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يتباهى‭ ‬بكعك‭ ‬والدته‭ ‬أمام‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬وكانوا‭ ‬يتبادلون‭ ‬الكعك‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭. ‬وكان‭ ‬محفوظ‭ ‬يهوى‭ ‬الكعك،‭ ‬لكنه‭ ‬أقلع‭ ‬عنه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬بعد‭ ‬إصابته‭ ‬بمرض‭ ‬السكر،‭ ‬فمنعه‭ ‬الأطباء‭ ‬من‭ ‬تناوله‭.‬

وعندما‭ ‬بلغ‭ ‬محفوظ‭ ‬سن‭ ‬التاسعة‭ ‬انتقلت‭ ‬الأسرة‭ ‬إلى‭ ‬العباسية،‭ ‬وكانت‭ ‬منطقة‭ ‬جميلة‭ ‬وجديدة‭ ‬غنية‭ ‬بالمساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬والأشجار،‭ ‬لكن‭ ‬علاقته‭ ‬بحي‭ ‬الحسين‭ ‬لم‭ ‬تنقطع،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬باستمرار‭ ‬مع‭ ‬والدته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تصحبه‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬عربة‭ ‬‮«‬كارو‮»‬،‭ ‬لزيارة‭ ‬أولياء‭ ‬الله‭ ‬الصالحين،‭ ‬ومنهم‭ ‬سيدنا‭ ‬الحسين‭. ‬

وكان‭ ‬يدعو‭ ‬أصدقاءه‭ ‬الجدد‭ ‬لزيارة‭ ‬الجمالية‭ ‬بصحبته،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬وكانوا‭ ‬يقطعون‭ ‬المسافة‭ ‬من‭ ‬العباسية‭ ‬إلى‭ ‬الجمالية‭ ‬مشياً‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭.‬‭ ‬ويمضون‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬المقاهي‭ ‬حتى‭ ‬السحور‭. ‬وأجمل‭ ‬السهرات‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يقضونها‭ ‬على‭ ‬مقهى‭ ‬الفيشاوي،‭ ‬حيث‭ ‬تعقد‭ ‬جلسات‭ ‬السمر‭ ‬وتبادل‭ ‬النوادر‭ ‬والمواقف‭ ‬الطريفة‭ ‬والقفشات،‭ ‬فإذا‭ ‬حل‭ ‬موعد‭ ‬السحور‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديهم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬مغادرة‭ ‬المقهى،‭ ‬فكانوا‭ ‬يطلبون‭ ‬السحور‭ ‬في‭ ‬المقهى‭ ‬من‭ ‬المطاعم‭ ‬المجاورة،‭ ‬وكانوا‭ ‬يطلبون‭ ‬‮«‬لحمة‭ ‬راس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬كباباً‮»‬‭ ‬أو‭ ‬كفتة‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬ثم‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬العباسية‭ ‬سيراً‭ ‬على‭ ‬الأقدام،‭ ‬وسط‭ ‬منطقة‭ ‬جبلية‭ ‬خالية‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬مكتظة‭ ‬بالسكان‭.‬

 

رمضان‭ ‬1973

ويذكر‭ ‬محفوظ،‭ ‬في‭ ‬حواراته،‭ ‬أنه‭ ‬اصطحب‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الحرافيش‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬العباسية‭ ‬إلى‭ ‬مقهى‭ ‬الفيشاوي،‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يحبون‭ ‬رؤية‭ ‬هذا‭ ‬الجو‭ ‬الرمضاني،‭ ‬لكنهم‭ ‬كانوا‭ ‬ينظرون‭ ‬إليها‭ ‬بعين‭ ‬السياح،‭ ‬وأحياناً‭ ‬كانوا‭ ‬لا‭ ‬يطيقون‭ ‬أن‭ ‬يستمروا‭ ‬فيها‭ ‬طويلاً،‭ ‬فإن‭ ‬قضوا‭ ‬ليلة‭ ‬لا‭ ‬يكملون‭ ‬الأخرى،‭ ‬لأنهم‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬مقهى‭ ‬الفيشاوي‭ ‬مزدحم،‭ ‬وذلك‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الحرافيش‭ ‬اعتادوا‭ ‬الأحياء‭ ‬الهادئة،‭ ‬فلم‭ ‬يشهدوا‭ ‬الجو‭ ‬الرمضاني‭ ‬الذي‭ ‬عايشه‭ ‬محفوظ‭ ‬قديماً،‭ ‬قبل‭ ‬معرفته‭ ‬بهم‭.‬

ويذكر‭ ‬محفوظ‭ ‬أن‭ ‬أجمل‭ ‬رمضان‭ ‬مرّ‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المصريين‭ ‬كان‭ ‬رمضان‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬حيث‭ ‬ترك‭ ‬أعماله‭ ‬ونسي‭ ‬طقوس‭ ‬رمضان،‭ ‬وأصبح‭ ‬قارئاً‭ ‬للجرائد‭ ‬فقط،‭ ‬أو‭ ‬مستمعاً‭ ‬للإذاعة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكف‭ ‬عن‭ ‬إذاعة‭ ‬الأغاني‭ ‬الحماسية‭ ‬وأخبار‭ ‬العبور‭.‬

وكانت‭ ‬لمحفوظ‭ ‬عادة‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬وهي‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬باستثناء‭ ‬الأمر‭ ‬الضروري،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬الاستمتاع‭ ‬به،‭ ‬حيث‭ ‬يحمل‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬بداخله‭ ‬ذكريات‭ ‬جميلة‭.‬

ولم‭ ‬يكتب‭ ‬رواية‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يقضي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يسبق‭ ‬أذان‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬قراءات‭ ‬مختلفة،‭ ‬أكثرها‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬الطابع‭ ‬الديني،‭ ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬كتب‭ ‬كالسّيَر‭ ‬والتراجم‭ ‬الخاصة‭ ‬بمؤسسي‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وقراءات‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬والتصوف،‭ ‬واللقاء‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬التصوف‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬ابن‭ ‬عربي‭ ‬والسهروردي‭ ‬والنّفري،‭ ‬وغيرهم‭. ‬

كما‭ ‬كان‭ ‬يطالع‭ ‬الشعر‭ ‬الصوفي‭ ‬الذي‭ ‬يعشقه‭ ‬ويحفظ‭ ‬منه‭ ‬عشرات‭ ‬الأبيات‭. ‬ولم‭ ‬يترك‭ ‬ديواناً‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬الصوفي‭ ‬إلا‭ ‬وطالعه،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬عربياً‭ ‬أو‭ ‬مترجماً،‭ ‬وكان‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬قراءاته‭ ‬وقت‭ ‬الصيام،‭ ‬وتحديداً‭ ‬بين‭ ‬العصر‭ ‬والمغرب،‭ ‬حيث‭ ‬اكتشف‭ ‬محفوظ‭ ‬أن‭ ‬قراءة‭ ‬الشعر‭ ‬الصوفي‭ ‬أثناء‭ ‬الصيام‭ ‬تمثّل‭ ‬تجربة‭ ‬فريدة،‭ ‬حيث‭ ‬يحلّق‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ ‬لا‭ ‬توصف‭. ‬

ويعتبر‭ ‬محفوظ‭ ‬التصوف‭ ‬واحة‭ ‬جميلة‭ ‬يستريح‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الحرّ،‭ ‬حرّ‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬به؛‭ ‬فالمتصوفون‭ ‬حكماء،‭ ‬لكنهم‭ ‬ينسحبون‭ ‬من‭ ‬الحياة،‭ ‬نادمين‭ ‬عليها،‭ ‬فالتصوف‭ ‬الحقيقي‭ ‬رفض‭ ‬للحياة،‭ ‬ومحفوظ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرفض‭ ‬الحياة‭. ‬فكان‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الانغماس‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فمن‭ ‬العجيب‭ ‬أن‭ ‬نُمنح‭ ‬الحياة‭ ‬ونوجد‭ ‬فيها،‭ ‬فتكون‭ ‬فلسفتنا‭ ‬هي‭ ‬رفضها‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬روايات‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬فقد‭ ‬شغل‭ ‬مساحة‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أعماله‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الثلاثية‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬احتفظت‭ ‬به‭ ‬ذاكرته‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الطفولة‭. ‬ويرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬‮«‬الثلاثية‮»‬‭ ‬عن‭ ‬رمضان‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بعين‭ ‬الطفل‭ ‬وليس‭ ‬الشاب‭ ‬أو‭ ‬الرجل‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭. ‬وفي‭ ‬‮«‬خان‭ ‬الخليلي‮»‬‭ ‬كتب‭ ‬عن‭ ‬رؤيته‭ ‬لشهر‭ ‬رمضان‭ ‬بعين‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬الموظف‭.‬

أما‭ ‬لبس‭ ‬العيد‭ ‬فكان‭ ‬محفوظ‭ ‬يذهب‭ ‬مع‭ ‬والده‭ ‬لشراء‭ ‬بدلة‭ ‬العيد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تبيت‭ ‬في‭ ‬حضنه‭ ‬ليلة‭ ‬العيد،‭ ‬ويتذكر‭ ‬البدلة‭ ‬التي‭ ‬جاءته‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العاشرة،‭ ‬وظلت‭ ‬معه‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً،‭ ‬وارتبطت‭ ‬عنده‭ ‬بالعيد،‭ ‬وظل‭ ‬يحتفظ‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬بليت‭.‬

وكان‭ ‬والده‭ ‬يمنحه‭ ‬العيدية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬جنيه‭ ‬من‭ ‬الذهب،‭ ‬الذي‭ ‬يشعره‭ ‬بفرحة‭ ‬غامرة،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يساوي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬سوى‭ ‬سبعة‭ ‬وتسعين‭ ‬قرشاً‭ ‬ونصف‭ ‬القرش‭ ‬فقط،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الجنيه‭ ‬الورقي‭ ‬يساوي‭ ‬مئة‭ ‬قرش‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭. ‬لكن‭ ‬قيمة‭ ‬الجنيه‭ ‬الذهبي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬قيمته‭ ‬الشرائية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬ذهبه‭ ‬اللامع‭. ‬وفيما‭ ‬كان‭ ‬يرمز‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬سارة‭ ‬ليست‭ ‬كبقية‭ ‬أيام‭ ‬السنة‭.‬

وما‭ ‬إن‭ ‬يحل‭ ‬العيد‭ ‬حتى‭ ‬تعود‭ ‬به‭ ‬الذاكرة‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬حي‭ ‬الجمالية‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬فيه‭ ‬طفولته،‭ ‬فكم‭ ‬نظر‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬المشربية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تغطي‭ ‬شبابيك‭ ‬البيت‭ ‬القديم‭ ‬بحي‭ ‬الجمالية،‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الميدان‭ ‬الهادئ‭ ‬المليء‭ ‬بأشجار‭ ‬الصفصاف،‭ ‬والذي‭ ‬كانت‭ ‬تملأه‭ ‬الزينات‭ ‬كلما‭ ‬جاء‭ ‬العيد،‭ ‬فيلعب‭ ‬فيه‭ ‬الأطفال‭ ‬طوال‭ ‬النهار‭ ‬والليل‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬حوادث‭ ‬الطريق■